|
ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() سحر أبي عماد حجازي أبي مختلفٌ؛ لأنه يعاملني كأني في مثلِ عمره، ويشعر بي ويفهمني كأنه في مثل عمري. أبي ينشغل لنا وينشغل بنا، لكنه أبدًا لا ينشغل عنا، لا يشغَلُه عملُه ولا أصدقاؤه عن هموم بيته وشؤون أسرته، فعلى رغم انشغالاته الكثيرة وكدِّه في الحياة لتوفير قُوت يومنا، فإنه دائمًا يجد الوقت الذي يقضيه معنا يوميًّا، إنكم لا تدرون كم السعادة التي أشعر بها أنا وإخوتي ونحن بجواره، أو في حضنِه، يحكي لنا عن يومه وعمله وأصدقائه، إنه حقًّا يُشجِّعنا أيضًا أن نحكي عن يومنا وحياتنا وهمومنا وطموحاتنا. أبي يفهمني، يفهم ما أفكِّر فيه، وما أخطِّط له، لا أدري كيف؟! ربما لأنه يستمع إليَّ كثيرًا، فحينما نتكلم يحيِّرني صمتُه، غير أن أسئلته ومداخلته تُوحي بتركيزه واهتمامه العميق بما أقول، إنه فعلًا يُجِيد الإنصات، وهذا يشعرني بأهميتي بشكل غير عادي. أبي صديقي، بل أقرب أصدقائي: أحكي له وأنا مطمئنٌّ تمامًا؛ فهو يحفظ سرِّي، ويشعر بي، ربما أيضًا لأنه كان يومًا ما طفلًا ومرَّ بما أمرُّ به، فهو يضع نفسه مكاني؛ وهذا ما يجعل الحوار معه مريحًا، فلا أخاف ترصدًا ولا انتقادًا. أحيانًا يدعوني للخروج أنا وهو فقط - كم هذا رائع - فنتناول الطعام في مطعم، أو نسير في الممشى، أو نزور أحد أصدقائه. أبي ما أروَعَه في تواضعه؛ فهو يعتذر إليَّ عن أي خطأ صغُر وكبُر، بينما لا أتوقع منه اعتذارًا؛ فلأبي رصيد في قلبي يجعلني أعفو عنه، وألتمس العذر له ألف مرة. أبي يحبني جدًّا، نعم أشعر بذلك: إنه يفاجئني بحضنِه العميق، وأنا لا أخجل من ذلك، فهو يحضنني كصديقه وحبيبه، وليس مجرد طفله، أبي يفاجئني بهدايا في مناسبات كثيرة غير متوقَّعة، أعتزُّ جدًّا بها على بساطتها، إنَّ درج مكتبي مليءٌ بالوريقات المكتوبة بخطِّه الجميل، بعبارات كتبت بماء القلب: "أحبك يا ولدي الغالي"، "هذه الورقة لأخبرك أني اشتقتُ إليك"، "يا بُني أنت فخري"، "أنت رَجُلي"...، إلى آخرها من العبارات التي تشحنني وتمدُّني بطاقة ليومِي وغدي. أبي يثق بي: فعلى صغر سني لا أشعرُ بمراقبته اللصيقة، ولا محاسبته الدقيقة، مع أني في بعض المواقف أكتشف معرفتَه بأدقِّ تفاصيل حياتي، يبدو أنه يتابعني من بعيدٍ، وهذا يطمئنني، فلا يتدخَّل كثيرًا في شؤوني الخاصة، وهو يعرف أصدقائي جيدًا، ويسألني دائمًا عن أخبارهم، ويدعوهم في المنزل، ويعرف معلِّمِيَّ ويقدِّم لهم الهدايا، إنه يفوِّض لي بعض مهام المنزل والأسرة، لا تدرون كم لهذا مِن أثر في شعوري بنفسي، أُحِسُّ بأن لي دورًا في الحياة، إنني أنجز وأكتسب خبرات الحياة بفضلِ دعمِ أبي ومساندته لي، إنه يُؤهِّلني ويعدُّني لمهام الحياة، لا يكلِّمني كثيرًا عن طموحه لي بقدر ما يكلمني عما أستطيع فعله وتحقيقه! أبي قدوتي: ما أمرني بشيء ولا نهاني عن شيء إلا وجدتُه أمامي، إنه يترجم لي المبادئ والأخلاقياتِ في سلوك، ولا يلقِّنني إياها نصوصًا فحسب، تذكَّرت معه وصف السيدة عائشة للنبي محمدٍ صلى الله عليه وسلم: "كان قرآنًا يمشي على الأرض". أبي يحترمني: ما ضربني ولا عاقبني عقابًا أهانني، إنه يراعي مشاعري، ويحفظ ماء وجهي أمام الآخرين، وحتى أمام نفسي، أبي يشاورنا في أمور المنزل والقرارات التي تخصُّنا وغيرها، أختلف معه أحيانًا كثيرة في الرأي، ويحاول إقناعي ولا يفرض عليَّ رأيه، فإذا ثبَت بالتطبيق صدقُ رأيه، لا يأتي يؤنِّبني ويلومني؛ إنما يتجاوز مكتفيًا بأني تعلمت الدرس. الحقيقية أني لا أستطيع ترجمةَ كلِّ ما يفعله معي أبي، أشعر وكأنه يسحرني، يجعلني دائمًا مشدودًا إليه، أتلهف لرؤيته، وأتوق لرأيه وحكمته، وأنتظرُ لقاءه انتظارَ الظمآن لشربة الماء. كثيرًا ما أسمع أصحابًا لي يحكون عن آبائهم وتسلُّطهم عليهم، وآخرين آباؤهم يُهمِلونهم، وأشعر في داخلي بزهو وفخرٍ؛ وذلك لأن أبي مختلف! إلى هنا انتهى مقالي، وانتهت قائمةُ أمنياتي في أبي، تُرى هل يمكن أن يوجد أبٌ؛ كالذي في الصورة المرسومة أعلى؟! إن لم يوجد، فكن أنت هو لأولادك!
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |