|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الحج أشهر معلومات عبدالرحمن بن بشير الهجلة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، أما بعد: ففي أرض المشاعر اجتماع عالمي عظيم في صعيد واحد، اجتمعوا وجاؤوا من كل فج عميق؛ ليذكروا الله في أيام معدودات، جاؤوا ملبين نداءه، طالبين رضاه، وهدفهم واحد ومقصد واحد، وهتفوا جميعهم بصوت واحد: لبيك اللهم لبيك. مشهد مهيب اتحدوا فيه فسقطت الفوارق والفواصل، وانتفت الأعراق والقبائل. فقد كتب الله على عباده حج بيت الله الحرام مرة واحدة في العمر؛ ليشهدوا منافع لهم من عبادات فاضلة لا تكون إلا فيه في تلك الأماكن الفاضلة والأزمنة التي لا تكون تلك العبادات إلا فيها، ومما أباحه الله لهم من الكسب الدنيوي في تلك الأيام. وليذكروه في أيام معدودات، فيذكروه عند الميقات وعند البيت الحرام، وفي المشاعر المقدسة، يذكروه موحدين له في إحرامهم، وفي نحر هديهم، وفي استجابتهم لندائه، ومفارقة أوطانهم وأبنائهم وذويهم، كل هذا من ذكرهم لهم تبارك وتعالى. أذن ابراهيم في الناس بالحج فأسمعهم حتى من كان منهم في الأصلاب، فاتوا مشاة وركبانًا، أتوا من قريب ومن أقاصي الأرض، فأتوه رجالًا وعلى كل ضامر أتى من كل فج عميق. وأمرهم تعالى بالتزود لهذا الحج، لئلا يكونوا عالة على غيرهم، ولا يتعرضوا للسؤال، وبيَّن لهم أن أفضل الزاد وخيره وهو زاد التقوى، فهو أحد مقاصد الحج العظام. ونهاهم تعالى عن تدنيس إحرامهم وكل ما ينقصه أو يفسده، وأمرهم بتعظيمه، فلا جماع ولا ما يفضي إليه، ولا معاصي في إحرامهم، ولا مماراة ولا خصام. وفي الحج دروس كثيرة لا يستشعر معانيها إلا من عاش لحظاتها؛ لأنه سوف يرى ويطبق هذه الدروس بنفسه. ومن هذه الدروس تربية النفس وتزكيتها، فالنفس لا بد من مخالفة أهوائها؛ ففي ذلك نجاتها وفلاحها؛ قال الله تعالى: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 40، 41]. وفي الحج مدرسة للتقوى، فقد حرم عليهم حلالًا في غير زمان الحج ولا مكانه، حرم عليهم الطيب والجماع والمخيط، وغيرها من محظورات الإحرام؛ لتتجلى في عباده حقيقة التقوى، ولتصبح صفة من صفاتهم بعد الحج. ومن دروس الحج أيضًا التربية على طاعة الله، فها هم الحجاج يلبون ويقولون: لبيك اللهم لبيك؛ أي: استجابة لك بعد استجابة، فيتعلمون الطاعة المطلقة لله تعالى من غير سؤال عن الحكمة، فحجر يطاف عليه، وحجر يقبل، وحجر يرمى وحجر يرمى به، وأيام لا بد أن يكون الحاج موجودًا فيها في أماكن محددة، وليال لا بد أن يبيتها في أماكن معينة، وأمور يحرم عليه فعلها قبل أزمنة مؤقتة. ومن دروس الحج التربية على الصبر والتحمل والقناعة والرضا؛ ففي الحج الأكل من أي طعام سواء كان لذيذًا أم غير لذيذ، وسواء كان مالحًا أو غير مملوح، وسواء كان الطعام حارًّا أو باردًا، وفي الحج الجلوس في أي مكان والنوم في أي مكان. ومن دروس الحج التذكير بالآخرة، فالإحرام يذكر بالكفن، فها هو الحاج وقد تجرَّد من ثيابه، ولبس ثوبين أبيضين لم يعتد على لُبسهما، لم يلبس تحتهما ثيابًا غيرهما. وفي زحام الحج الشديد الذي تكاد معه أن تزهق الأرواح تذكير بضيق القبر وضمَّته، وفي اجتماع الجموع الغفيرة تذكير بيوم الحشر، في مشهد اتحد فيه الجميع، فالثياب واحدة، والمكان واحد، مكان ضيق، لا تفاضل بينهم، فالجميع سواسية، الغني والفقير، والصغير والكبير، والذكر والأنثى. وفي الحج تذكير بطريقي الجنة والنار، الطريق الذي تريده تصد عنه، والطريق الذي لا تريده تجبر عليه. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. الخطبة الثانية الحمد لله على توفيقه وامتنانه، وفي عرفات حيث تسكب العبرات وتغفر الزلات، هناك حيث انكسار العصاة وتوبة المذنبين، والإقرار والاعتراف بالخطيات، هناك حيث يباهي بهم الرب ملائكته، ويغفر لهم ويجزل لهم الهبات. في روابي وشعاب منى نتذكر كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يتجول على قبائل العرب يدعوهم لنصرته ويبلغهم رسالة ربه، بعد أن أظهرت قريش له العداء، وأبت قبول دعوته، ونفرت منها، ونفَّرت الناس عنها. وهناك في منى نتذكر تلك اللقاءات التي حصلت في العقبة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين الأنصار (الأوس والخزرج)، ونتذكر كيف كانت تلك اللقاءات هي نقطة التحول الهامة في تاريخ البشرية وفي تاريخ دعوته صلى الله عليه وسلم، فمن المدينة ظهر شأن الإسلام حتى بلغ مشارق الأرض ومغاربها. وفي منى أيضًا نتذكر كيف أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم بالدعوة وتبليغ هذا الدين للناس أجمعين، فما ترك الصحابة رضي الله عنهم صقعًا من أصقاع الأرض استطاعوا الوصول إليه إلا أوصلوه هذا الدين. ومن المناظر السلبية عند بعض الحجاج: انتشار ظاهرة التدخين بينهم، ومما يسوء أيضًا افتتان الحجاج بالتصوير وانشغالهم بتصوير أنفسهم في الطواف، وعند الجمرات وفي الطريق إليها، وفي عرفات وليلة مزدلفة، وأيام وليال منى، مع ما يسببه هذا التصوير من زحام في بعض الأحيان، وكذلك التدافع والتزاحم بين الحجاج، فلا كبير يوقر ولا صغير يرحَم لدى البعض. وكذلك الغفلة التي عمَّت الكثيرين، فرفع الصوت بالتلبية قليل ما تسمعه والتكبير يكاد يفقد إلا من البعض، متناسين أن هذه الأيام هي أيام ذكر لله؛ كما بيَّن لنا ذلك رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال:إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار، لإقامة ذكر الله. وأعظم مكاسب الحج لمن لم يرفث أو يفسق هو رجوعه من حجه كيوم ولدته أمُّه خاليًا من الذنوب والآثام، قد حُطَّت عنه ذنوبه، فالحج يجب ما قبله؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)). هذا وصلُّوا وسلِّموا على مَن أمركم الله بالصلاة والسلام عليه...
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |