|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تأملات إيمانية في اسم الودود فهد بن سعد أباحسين الحمد الله، أما بعد: فمن أسماء الله جل وعلا (الودود)، وله معنيان عند بعض أهل العلم: المعنى الأول: أن الودود هو الذي يحب أنبياءه ورسله وأولياءه وعباده المؤمنين. والمعنى الثاني: أن الودود بمعنى المحبوب الذي يستحق أن يُحب الحُب كله، وأن يكون أحب إلى العبد من سمعه وبصره وجميع محبوباته؛ (انظر للفائدة كتاب جهود ابن القيم في تقرير عقيدة الأسماء والصفات 2/1354)، والصحيح أنه يعم كلا القولين؛ كما ذكر ابن القيم والسعدي (التوضيح المبين ص107). وقد فسَّر بعض أهل العلم الودَّ تفسيرًا أدقَّ؛ حيث جعلوه نوعًا من أنواع المحبة؛ قال ابن القيم: والود خالص الحب وألطفه وأرقُّه، وهو من الحب بمنزلة الرأفة والرحمة؛ (روضة المحبين لابن القيم ص62). فنخلص من هذا كله إلى أن الله سبحانه يُحِبُّ ويُحَبُّ، يحب أنبياءه ورسله وأولياءه، وكذلك يُحَبُّ، يُحبُّه عبادُه سبحانه، فإذا علمت أن الله سبحانه هو الودود الذي يُحِب ويُحَب سبحانه، فاعلَم أن الله سبحانه وضع الأسباب التي يتوددون بها إليه، وجلب وجذب قلوب عباده إلى وُدِّه، فذكر الله سبحانه لعباده من أسمائه وصفاته وأفعاله الجليلة والحميدة ما يأسر القلوب لحبه سبحانه، فلو جهِلها العباد لَما كان لهم من الود له مثل ودِّهم لَمَّا علِموا بأسمائه وصفاته، فأسماء الله وصفاته الكاملة تجذب القلوب السليمة والأفئدة المستقيمة، فإن القلوب والأرواح الصحيحة مجبولة على محبة الكمال، ومعرفة العباد لأسماء الله وصفاته من أعظم الأسباب التي يتودد بها العباد إلى ربِّهم، فإذا علمت أن الله سبحانه هو الودود، فاعلم أن أولياءه وعباده المؤمنين يحبونه حبًّا عظيمًا، فحبه هو رُوحهم وحياتهم وسرورهم، بمحبته قاموا بعبوديته، وبها حمدوه وشكروه، وبها لهجت ألسنتُهم بذكره، وبها كفُّوا قلوبهم عن التعلُّق بغيره وخوفه ورجائه، وكفوا جوارحهم عن مخالفته. وبودِّهم وحبهم له صارت جميع محابِّهم الدينية والطبيعية تبعًا لهذه المحبة، فلما أحبُّوا الله أحبُّوا أنبياءه ورسله وأولياءه، وأحبُّوا كل عمل يقرِّب إليه، وأحبُّوا ما أحبَّه من زمان ومكان وعمل وعاملٍ، فكما أن الله سبحانه ليس له مثيل في ذاته وصفاته، فمحبته في قلوب أوليائه ليس لها مثيل ولا نظير في أسبابها وغاياتها، ولافي قدرها وآثارها، ولا في لذتها وسرورها، ولا في بقائها ودوامها؛ انظر للفائدة فتح الرحيم الملك العلام (ص 49). فتبارك الذي أودع محبَّته في قلوب عباده المتقين، ثم لم يزَل ينمِّيها ويقوِّيها حتى وصلت إلى حالة تتضاءل عندها المحابُّ، وتُسليهم عن المألوفات، وتُهون عليهم المصيبات، وتُلذِّذ لهم مشقة الطاعات. فنسألك اللهم حبَّك وحبَّ مَن يُحبك، وحب العمل الذي يقرِّبنا إلى حبِّك، اللهم اجعل حبَّك أحبَّ إلينا من أنفسنا وأهلنا وأولادنا، ومن الماء البارد، واجعل كل محبة تعلَّقت منَّا بغيرك تابعة لمحبتك؛ (انظر للفائدة: التوضيح المبين للشيخ عبدالرحمن السعدي ص 110). قال ابن القيم: وهو الودود يُحبهم ويحبُّه ![]() أحبابه والفضلُ للمنانِ ![]() وهو الذي جعل المحبة في قلو ![]() بهم وجازاهم بحبٍّ ثان ![]() هذا هو الإحسان حقًّا لا مُعا ![]() وضةً ولا لتوقع الشكران ![]() لكن يحب شكورهم وشكورهم ![]() لا لاحتياج منه للشكران ![]() أما الطريق إلى محبة الله، وكيف تحب الله سبحانه، فقد قال ابن تيمية رحمه الله: من أحب الله أحبه الله، ومن ودَّ الله ودَّه الله؛ مجموع الفتاوى (10/306). وأما الأسباب الجالبة لذلك التي تَنال بها محبة اللهِ لك، فنذكر منها عشرة أسباب: أولًا: قراءة القرآن بتدبُّر، وتفهُّم معانيه. ثانيًا: التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض. ثالثًا: دوام ذِكره على كل حال باللسان والقلب والعمل والحال. رابعًا: إيثار محابِّه على محابك عند غلبات الهوى. خامسًا: مطالعة القلب لأسمائه وصفاته، فمن عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله، أحبَّه لا محالة. سادسًا: مشاهدة برِّه وإحسانه وآلائه ونعمه الظاهرة والباطنة. سابعًا: انكسار القلب بكليته بين يديه سبحانه وتعالى. ثامنًا: الخلوة به وقت النزول الإلهي لمناجاته وتلاوة كلامه، والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبودية بين يديه، ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة. تاسعًا: مجالسة المحبين الصادقين، والتقاط أطايب ثمرات كلماتهم كما ينتقي أطايب الثمر. عاشرًا: مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله؛ (مدارج السالكين لابن القيم 4/2799). الخطبة الثانية الحمد لله، أما بعد: ومِن تودُّده سبحانه أن العبد يشرد عنه، فيتجرَّأ على المحرَّمات، ويقصِّر في الواجبات، والله يستره ويحلم عنه ويمده بالنعم، ولا يقطع عنه منها شيئًا، ثم يقيِّض له من الأسباب والتذكير والمواعظ والإرشادات ما يَجلبه إليه، فيتوب إليه ويُنيب، فيغفر له تلك الجرائم، ويمحو عنه ما أسلفه من الذنوب العظائم، ويعيد عليه ودَّه وحبَّه، "وهو الغفور الودود"؛ (فتح الرحيم الملك العلام للسعدي ص50)، وآثار حبه لأوليائه وأصفيائه لا تخطر ببال، فالحمد لله أن ربَّنا هو الودود. ونَختم الحديث عن هذا الاسم العظيم بفائدة حول اقتران اسم (الغفور) بـ(الودود)، قال تعالى ﴿ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ﴾ [البروج: 14]، فالعبد إذا تاب غفَر الله له وأحبَّه مع ذلك، أما الإنسان في الدنيا فقد يعفو ويغفر لمن أساء إليه ولا يُحبه، وكذلك قد يرحم مَن لا يحب، أما الله جل وعلا، فإنه يغفر لعبده إذا تاب إليه ويرحمه ويُحبه، فإنه سبحانه يُحب التوابين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |