ابنتي لا تريد الذهاب إلى المدرسة

[ابوالوليد المسلم]

ابنتي لا تريد الذهاب إلى المدرسة


أ. زينب مصطفى





السؤال



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.




أُعاني من مشكلة مع ابنتي، فعمرها 8 سنوات، وهي في الصف الثالث الابتدائي، بدأتْ مشكلتُها في السنة الماضية في آخر أسبوع مِن السنة الدراسية من الصف الثاني، عندما بدأتْ تشكو مِن ألمٍ في البطن، علمًا بأنها متفوِّقة في المدرسة، وتعيش في جَوٍّ أُسَرِيٍّ طبيعيٍّ بعيدٍ عن المشاكل، وأيضًا لا تُعاني من أي مشاكل صحية - والحمد لله.




مع بداية السنة الدراسية - وتحديدًا في اليوم الثاني - بدأتْ تشكو مِن أَلَمٍ في البطن، وتذهب للمُمَرِّضة لأخْذِ الدواء على مدى أيام متتاليةٍ، ثَمَّ أخْبَرَتْني أنَّ إحدى المُدرِّسات لا تسمح للطلَبة بالذهاب إلى دورة المياه، وناقشتُ المعلِّمة وانتهى الأمر!




بعدها وجدتُها تبكي، وتُصِرُّ على عدم الذهاب إلى المدرسة، ثم علمتُ أن هناك زميلًا لها في الفصل يشتم ويضرب ويُحدِث الكثير مِن الفوضى! وتَمَّ إخبار المختصَّة الاجتماعية وحُلَّت المشكلة.




حاليًّا هي لا تُريد الذهاب للمدرسة، وتَتَحَجَّج بحجَجٍ واهيةٍ، لا أعرف كيف أتصرَّف معها؟!







الجواب



أختي الحبيبة، بدايةً أُهنِّئك؛ فأنتِ أُمٌّ رائعةٌ لاهتمامك بالبحث عن مشكلة ابنتك حينما عجزتِ عن إيجاد الحل بنفسك بعد عدة محاولات، فسَعْيُ الإنسان لمساعدة أبنائه وإيجاد الحلول لمشكلاتهم هو أهم شيءٍ لنُحافظَ على حالتهم النفسية ومُساعدتهم؛ ليعيشوا في راحة وسعادة، سواء صحيًّا ونفسيًّا - بإذن الله تعالى، ونشكرك على حُسن ظنك بنا - شبكة الألوكة - ونسأل الله أن ينفعك بما سننصحك به.



أولًا: عليك بالبحث في أسباب المشكلة:

1- يجب علينا ألاَّ نتجاهَل شكاوى الأطفال الصحية، فربما يكون سببُها الأصلي نفسيًّا، ولكنها تُؤَثِّر فيهم عضويًّا؛ فَأَلَمُ البطن قد يُراودها فقط في المدرسة دون المنزل؛ بسبب الاضطرابات التي تشعُر بها مِن رفضِها للمدرسة، والتي قد تُؤَثِّر في القولون، أو تجعلها مثلًا تمتنع عن الأكل في المدرسة؛ مما يُؤَدِّي بها إلى آلامٍ في البطن، فلا تُهَمِّشي هذه النقطة، وأشعريها بتَصْديقك لها حينما تتحدَّث عنها، وأخْبِريها أنها حينما تكون سعيدةً في المدرسة فسترتاح بطنُها، فالجسمُ يتأثَّر بما نشعُر به.



2 - مِن الواضح أن ابنتك تُعاني خوفًا شديدًا مِن المدرسة؛ بسبب بعض المواقفِ التي ذكرتها، والتي تعرَّضتْ لها في المدرسة، وغيرها مِن مشاعرَ مؤلمةٍ، ربما لم تحْكِها لك حتى وإن كان قد تَمَّ حلُّها ظاهِريًّا، إلا أنها أحدثتْ بداخلها خوفًا أو عدمَ أمان، فالطفلُ يعجز كثيرًا عن التعبير عن مَشاعرِه، وهنا يجب عليك أن تمنحيها هذا الأمانَ، وتشجعيها على أن تحكي لك باستمرارٍ عن كلِّ ما يحدُث في المدرسة، وعن مَشاعرها تجاه المدرسة والمعلمين والطلاب، وتُساعديها في حلِّه، وتسأليها عن اقتراحاتها، فمثلًا إن طلبتْ منك أن تقومي أنتِ بتوصيلها لفترة إلى المدرسة - بدلًا من الباص - والاطمئنان عليها، ثم العودة لأَخْذِها بنفسك، فقد يمنحها هذا ثقةً في نفسها وأمانًا، فَتَحَدَّثي معها، واقترحي عليها الحلول، وهي ستُعطيك أفكارًا ستكون بحاجة إليها.



3 - يجب عليك مُقابلة مدرساتها على انفرادٍ، ومحاولة التوصُّل للسبب الذي يُشْعِر الفتاة بذلك؛ فقد تكون شخصيةً انطوائيةً، أو تشعر بأنها غير محبوبة، أو تعجز عن تكوين صداقات، أو...، فالمدرساتُ لهن دورٌ كبير جدًّا في تحبيب الطفلة في المدرسة، وفي تقريب الأطفال من بعضهم وحل أزماتهم.



ثانيًا: عليك دورٌ لكي تحببيها في المدرسة، وإليك بعض الاقتراحات:

1- مثلًا لتنزلي معها للمكتبة، وتجعليها تقوم بشراء كل الأشياء الجميلة التي تخص المدرسة؛ مِن أقلامٍ عليها صوَر جميلة، أو نحوها، فتشعر بالسعادة والثقة في النفس، ثم تذهب بها إلى المدرسة وتراها صديقاتها.



2 - من الممكن أن تقترحي عليها مرة أخرى أن تُحْضِرَ لجميع الصف هدايا، على أن تشترياها معًا، وتقومَا بتغليفِها، وبالتنسيق مع مُعلِّمة الفصل تذهبين معها وتُوَزِّعها هي على الفصل.



3 - من الممكن أن تخبريها بأنك ستقومين بعملِ حفلة كبيرة في منزلكم، وتختار هي مِن صديقاتها مَن تودُّ أن تعزمها، وتُزَيِّني البيتَ وتحضري ما يُسعدهم مِن مُسابقات وألعاب وهدايا.



4 - ومن الممكن أن تُحْضِرَ هدايا لمعلماتِها.



5 - لا مانع من أن تُحضري أنت لها هديةً تحبها، وبدون علمها تعطينها لمعلمتها كي تمنحها إياها.



حينما تزيلين أسباب خوفها ستشعر بالبهجة في المدرسة، وسترى أن في المدرسة أشياءَ تُحبها.. وهو الهدفُ الذي تسعين إليه.




ولا تنسَيْ قبل كلِّ شيء أن تدعي الله تعالي أن يُوفِّقك، وأن يمنحها الطمأنينة والأمان والحب للمدرسة.



وفقك الله، ويسَّرَ لك ولها كل خيرٍ