عرفة والأضاحي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1249 - عددالزوار : 135369 )           »          إنه ينادينا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 24 - عددالزوار : 5493 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 8168 )           »          ميزة جديدة لمتصفح كروم بنظام أندرويد 15 تتيح إخفاء البيانات الحساسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          كل ما تحتاج معرفته عن ميزة الصورة المستطيلة بإنستجرام.. اعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتفى iPhone 14 Plus وGoogle Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          احمِ أطفالك من الإنترنت.. احذر ألعاب الفيديو لحماية أبنائك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أبل تعمل على جهاز بشاشة تشبه شاشة الآيباد مع ذراع آلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          طفلك يستخدم تطبيقات الموبايل سرا دون علمك.. كيف تكتشف ذلك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          أدوات مهمة هتساعدك للحد من استخدام طفلك للإنترنت.. جربها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 17-03-2021, 08:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,985
الدولة : Egypt
افتراضي عرفة والأضاحي

عرفة والأضاحي


الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي




الْـخُـطْبَةُ الْأُولَى
إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا. أمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

عِبَادَ اللهِ، لَاْ نَزَالُ نَتَقَلَّبُ فِي َهِذَهِ الأَيَّامِ المُبَارَكَةِ الَّتِي عَظَّمَ اللهُ شَأْنَهَاْ، وَرَفَعَ مَكَاْنَتَهَا، أَلَا وَهِيَ أَيَّامُ عَشْرِ ذِيْ الْحِجَّةِ، تِلْكَ الْأَيَّامُ الفَاْضِلَةُ الَّتِيْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ الْعَمَلَ الصَّاْلِحَ فِيْهَاْ أَحَبُّ إِلَىْ اللهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيْ غَيْرِهَا، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» رَوَاهُ أَحْـمَدُ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.

وَقَدْ مَضَىْ جُلُّ هَذِهِ الْأَيَّامِ، فَمَنْ كَانَ فِيْهَاْ مُحْسِنًا؛ فَلْيَزْدَدْ مِنَ الإِحْسَانِ وَلَيَسْأَلِ اللهَ القَبُوْلَ، وَمْن كَاْنَ فِيْهَا مُقَصِّرًا وَمُفْرِطًا؛ فَلْيَتَدَارَكْ مَاْ بَقِيَ مِنْهَا، فَقَدْ بَقِيَ مِنْهَا أَفْضَلُ أَيَّامِها وَأَكْرَمُهَا عَلَىْ اللهِ تَعَالَى، َهَذا الْيُوْمُ هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ، ذَلِكَ الْيَوْمُ الْعَظِيْمُ الَّذِيْ أَكْمَلَ اللهُ فِيْهِ الْدِّيْنَ، وَأَتَمَّ عَلَيْنَا بِهِ الْنِّعْمَةَ؛ حَيْثُ نَزَلَ فِيْهِ قَوْلُهُ تَعَاْلَى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].

يَوْمُ عَرَفَةَ الَّذِيْ هُوَ رُكْنُ الْحَجِّ الْأَعْظَمُ، وَمَنْ لَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ فَلَا حَجَّ لَهُ، يَوْمُ عَرَفَةَ الَّذِيْ تُغْفَرُ فِيْهِ الزَّلَاْتُ، وَتُكَفَّرُ فِيْهِ الْسَّيِّئَاتُ، وَيَعْتِقُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ شَاْءَ مِنْ عِبَاْدِهِ مِنَ الْنَّارِ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟ " رَوَاهُ مُسْلِمُ.

يُشَرَّعُ فِيْهِ لِلْحُجَّاجِ كَثْرَةُ الْدُّعَاءِ وَقَوْلُ: "لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَىْ كُلِّ شَيءٍ قَدِيْرٌ"، قَاْلَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" رَوَاْهُ الْتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ.

أَمَّاْ مَنْ لَمْ يَكُنْ حَاجًّا فَإِنَّهُ يُشَرَّعُ لَهُ صِيَاْمُ يَوْمِ عَرَفَة، فَفِيْ ذَلِكَ الْأَجْرُ الْعَظِيْمُ، فَقَدْ قَاْلَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عِنْدَمَا سُئِلَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَة: (أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ َ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْصِّيَامُ لَهُ أَجْرٌ عَظِيْمٌ قَاْلَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ، بَاعَدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا»؛ فَكَيْفَ بِصِيَامِ يَوْمِ عَرَفَة؟

وَيَشَرَّعَ فَيْ هَذِهِ الْأَيَّاْمِ الْمُبَاْرَكَةِ الْتَّكْبِيْرُ الْمُقَيَّدُ اْلَّذِيْ يَكُوْنُ بَعْدَ الْصَّلَوَاْتِ الْمَكْتُوْبَةِ، فَيُكَبِّرُ الْمُسْلِمُوْنَ بَعْدَ الْصَّلَاْةِ وَيَرْفَعُوْنَ أَصْوَاْتَهُمْ بِهِ، وَصِفَتُهُ أَنْ يَقُوْلَ: "اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَاْ إِلَهَ إَلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ".

عِبَاْدَ اللهِ، كَذَلِكَ بَقِيَ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّاْمِ الْمُبَاْرَكَةِ يَوْمُ الْنَّحْرِ؛ الَّذِيْ هُوَ أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ تَعَاْلَىْ، رَفَعَ اللهُ قَدْرَهُ، وَأَعْلَى ذِكْرَهُ، وَأَقْسَمَ بِهِ فِيْ كِتَاْبِهِ الْكَرِيْمِ، قَاْلَ تَعَاْلَى: ﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 1، 2] وَسَمَّاْهُ: يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، قَاْلَ تَعَاْلىَوَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ)، وَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الجَمَرَاتِ فِي الحَجَّةِ الَّتِي حَجَّ بِهَا، وَقَالَ: «هَذَا يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ» رَوَاْهُ الْبُخَاْرِيُّ. وَجَعَلَهُ عِيْدًا لِلْمُسْلِمِيْنَ، فَبِهِ يَنْتَظِمُ عِقْدُ الْحَجِيْجِ عَلَىْ صَعِيْدِ مِنَى، َوَيَفْرَحُ الْمُسْلِمُوْنَ بِهِ فِيْ شَتَّىْ بِقَاْعِ الْأَرْضِ.

فِيْ هَذَاْ الْيَوْمِ الْعَظِيْمِ يَتَقَرَّبُ الْمُسْلِمُوْنَ إِلَىْ رَبِّهِمْ بِذَبْحِ ضَحَاْيَاْهُمْ اِتِّبَاْعًا لِسُنَّةِ الْخَلِيْلَيْنِ مُحَمْدٍ وَإِبْرَاْهِيْمَ عَلَيْهِمَا الْصَّلَاْةُ وَالْسَّلَامُ، فَالْأَضَاْحِيْ - عِبَاْدَ اللهِ - شَعِيْرَةٌ عَظِيْمَةٌ، وَسُنَّةٌ قَوِيْمَةٌ؛ قَدْ وَرَدَ الْفَضْلُ الْعَظِيْمُ لِمَنْ أَدَّاهَا.ْ

وَاِعْلَمُوْا - عِبَاْدَ اللهِ - أَنَّ لِلْأَضَاْحِيْ شُرُوْطًا وَأَحْكَامًا لَاْ بُدَّ أَنْ تَسْتَكْمِلْهَا حَتَّى تَكُوْنَ مَقْبُوْلَةً تَاْمَّةً، فّمِنْ شُرُوْطِ الْأَضَاْحِيْ: أَنْ تَبْلُغَ الْسِّنَّ الْمُعْتَبَرَةَ شَرْعًا، فَمِنَ الْإِبِلِ مَاْ تَمَّ لَهُ خَمْسُ سَنَوَاْتٍ، وَمِنَ الْبَقَرِ مَاْ َتَّم لَهُ سَنَتَاْنِ، وَمِنَ الْمَعِزِ مَاْ تَمَّ لَهُ سَنْةٌ كَاْمِلَةُ، وَمِنَ الْضَّأَنِ مَاْ تَمَّ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ. وَمِنْ شُرُوْطِ الْأَضَاْحِيْ: أَنْ تَكُوْنَ سَلِيْمَةٌ مِنَ الْعُيُوْبِ الَّتِيْ تَمْنَعُ الإِجْزَاءَ، وَقَدْ بَيَّنَهَا الْنَّبِيُّ صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: " أَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ فِي الْأَضَاحِيِّ: الْعَوْرَاءُ، الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ، الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ، الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالْكَسِيرَةُ، الَّتِي لَا تُنْقِي " رَوَاْهُ اِبْنُ مَاْجَه بِسَنَدٍ صَحِيْح. ٍ وَمَعْنَى الْكَسِيرَةُ، الَّتِي لَا تُنْقِي؛ أَيْ: الَّتِي لَا تَقُومُ، وَلَا تَنْهَضُ مِنَ الْهُزَالِ. وَيُقَاْسُ عَلَى هَذِهِ الْعُيُوْبِ مَاْ كَاْنَ مُسَاْوِيًا لَهَا أَوْ أَعْظَمُ مِنْهَا، مِثْلُ: مَقْطُوْعَةُ الْرِّجْلِ وَالْعَمْيَاءُ.

وَمِنْ شُرُوْطِ الْأَضَاْحِيْ: أَنْ تُذْبَحَ الْأُضْحِيَةُ فِيْ الْوَقْتِ الْمُحَدَّدِ شَرْعًا، وَيَبْدَأُ وَقْتُ ذَبْحِ الْأُضْحِيَةِ مِنْ َبْعِد صَلَاْةِ الْعِيْدِ، لِقَوْلِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاَةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَيَمْتَدُّ وَقْتُ ذَبْحِ الْأُضْحِيَةِ إِلَى ِغِيَاْبِ الْشَّمْسِ مِنْ ثَاْلِثِ أَيَّاْمِ الْتَّشْرِيْقِ، وَهُوَ الْيَوْمُ الْثَّاْلِثَ عَشَرْ مِنْ شَهْرِ ذِيْ الْحِجَّةِ، وَعَلَىْ هَذَا فَيَكُوْنُ وَقْتُ ذَبْحِ الْأُضْحِيَةِ أَرْبَعَةُ أَيَّاْمٍ: يَوْمُ الْعِيْد وَثَلَاْثَةُ أَيّاْمٍ بَعْدَهُ، وَهِيَ أَيَّاْمُ الْتَّشْرِيْقِ. وَالْأَفْضَلُ أَنْ تُذْبَحَ نَهَارًا، وَيَجُوْزُ ذَبْحُهَا لَيْلًا، وَتُجْزِئُ الشَّاةُ فِيْ الْأُضْحِيَةِ عَنْ الْرَّجُلِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَأَمَّا الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ فَتُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةِ َأْشَخْاصٍ. وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَـخْتَارَ الْأَكْمَلَ مِنَ الْأَضَاحِي فِي جَـمِيعِ صِفَاتِـهَا، وَأَنْ تَكُونَ مِنْ مَالٍ طَيِّبٍ، فَإِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّــبًا. وَمِنَ الْأُمُورِ الَّتِـي يَنْبَغِيَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُرَاعِيَهَا عِنْدَ ذَبْحِ أُضْحِيَتِهِ: التَّسْمِيَةُ وَالتَّكْبِيـرُ عِنْدَ الذَّبْحِ، وَإِحْسَانُ الذَّبْحِ بِـحَدِّ الشَّفْرِةِ، وَإِرَاحَةِ الذَّبِيحَةِ، وَالرِّفْقِ بِـهَا، وَإِضْجَاعِهَا عَلَى جَنْبِهَا الْأَيْسَرِ مُتَّجِهَةً إِلَى الْقِبْلَةِ. وَالأَفْضَلُ فِي تَوْزِيعِ الأَضَاحِي أَنْ تَكُونَ أَثْلَاثًا: يَأْكُلُ ثُلُثًا، وَيَتَصَدَّقُ بِثُلُثٍ، وَيُهْدِي ثُلُثًا. فَلَا تَـحْرِمُوا أَنْفُسَكُمْ ثَوَابَ اللهِ وَأَجْرَهُ فِي هَذِهِ الأَيَّاِم الْـمُبَارَكَةِ، فَاِسْتَكْثِرُوا مِنَ الطَّاعَاتِ وَالأَعْمَالِ الصَّالِـحَاتِ، وَسَلُوا اللهَ الْقَبُولَ وَالتَّمَامِ.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، وَلِـجَمِيعِ الْمُسْلِمِـيـنَ فَاِسْتَغْفِرُوهُ.

الخُطْبةُ الثَّانيةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً. أمَّا بَعْدُ:
فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

عِبَادَ اللَّهِ، قَدْ أَظَلَّنَا عِيدُ الْأَضْحَى الْمُبَارَكُ، جَعَلَهُ اللهُ يَوْمَ نَصْرٍ وَعِزٍّ لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ فَاِعْلَمُوا أَنَّ لِلْعِيدِ آدَابًا وَأَحْكَامًا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُرَاعِيَهَا وَيَتَأَدَّبَ بـِهَا، مِنْهَا: الْمُحَافَظَةُ عَلَى صَلاَةِ الْعِيدِ مَعَ الْـجَمَاعَةِ، فَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِالْخُرُوجِ إِلَيهَا، وَدَاوَمَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَيهَا، وَلَمْ يَتْرُكْهَا فِي عِيدٍ مِنَ الأَعْيَادِ، حَتَّى أَنَّهُ أَمَرَّ بِخُرُوجِ: النِّسَاءِ، وَالْعَوَاتِقِ، وَذَوَاتُ الْخُدُورِ، وَالْـحُيَّضِ، وَأَمَرَ الْـحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ الصَّلاَةَ، وَيَشْهَدْنَ الْخَـيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ؛ فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُحَافِظَ عَلَيهَا؛ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ، وَلَا يُفَرِّطُ فِيهَا، فَيَشْهَدُ الصَّلاَةَ وَالْخَيْرُ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ. وَمِنْ آدَابِ الْعِيدِ: أَنْ يَخْرُجَ إِلَى صَلاَةِ الْعِيدِ عَلَى أَحْسَنِ هَيْـئَهٍ مُتَطِـيِّــبًا لَابِسًا أَحْسْنَ الثِّيابِ تَأَسِّيًا بِالنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَّا النِّسَاءُ فَيَخْرُجْنَ إِلَى صَلاَةِ الْعِيدِ بِغَيْرِ زَينَةٍ، وَلَا طِيبٍ.

وَمِنْ آدَابِ الْعِيدِ: أَنْ يَخْرُجَ إِلَى صَلاَةِ الْعِيدِ مَاشِيًا، وَأَنْ يُخْرُجَ مِنْ طَرِيقٍ وَيَرْجِعَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ. وَمِنْ آدَابِ الْعِيدِ: أَنْ يُكْثِرَ مِنَ التَّكْبِيرِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ، قَالَ الإِمَامُ الزُّهْرِيُّ رَحِـمَهُ اللَّهُ: كَانَ النَّاسُ يُكْبِّـرُونَ بِالْعِيدِ حِينَ يَـخْرُجُونَ مِنْ مَنَازِلِـهِمْ حَتَّى يَأْتُوا إِلَى الْمُصَلَّى، وَحَتَّى يَخْرُجَ الإِمَامُ، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ سَكَتُوا، فَإِذَا كَبَّرَ كَبَّرُوا.

وَمِنْ آدَابِ عِيدِ الْأَضْحَى خَاصَّةً: أَلَّا يَأْكُلَ شَيْئًا حَتَّى يُصَلِّيَ الْعِيدَ، فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ.

وَمِنْ آدَابِ الْعِيدِ: صِلَةُ الأَرْحَامِ، وَزِيارَةُ الأَقَارِبِ وَالأَصْدِقَاءِ، فَإِنَّ صِلَةَ الأَرْحَامِ مِنْ أَجَلِّ الأَعْمَالِ وَأَفْضَلِهَا، قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ؛ تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنَ الجَنَّةِ مَنْزِلًا» رَوْاهُ التِّـرْمِذِيُّ وَاِبْنُ مَاجَه بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ وَهُوَ يَعِيشُ فَرْحَةَ الْعِيدِ مَعَ أَهْلِهِ وَأَقَارِبِهِ أَلَّا يَنْسَى الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ الَّذِينَ فَقَدُوا الأُبُوَّةَ وَعَطْفَهَا؛ فَيَرْعَى الْيَتَامَى وَيَعْطِفُ عَلَى الْمَسَاكِينَ مَا اِسْتَطَاعَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا.

أَلَا وَصَلُوا وَسَلِّمُوا عَلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى، وَالْحَبِيبِ الْمُرْتَضَى؛ فَقَدْ أَمَرَنَا الُهِ بِذَلِكَ؛ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

اللَّهُمَّ صِلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَاِرْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، الَّذِينَ قَضَوا بِالْـحَقِّ، وَبِهِ كَانُوا يَعْدِلُونَ، أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلَيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجمعِيـنَ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بـِجُودِكَ، وَكَرَمِكَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِيـنَ.

الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، ونَسْتَعِيذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 87.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 85.51 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.97%)]