|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الطاقة المعطلة د. أحمد بن حمد البوعلي إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونسغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾[1] ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾[2]. إن الوقت هو الحياة، وهبه الله لنا لنحقق الغاية من الخلق وهي "العبادة"، فقد قال سبحانه: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾[3]. ولكن لما تحققت الغفلة في القلوب وسكنت الذنوب في الأرواح، كانت النتيجة "قتل الوقت" وبالتالي كثرة الذنوب، لأن النفس إذا لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية.. مع أن الوقت هو عمرك، فكلما انقضى يوم انقضى بعضك واقتربت من الموت، وستُسأل عن هذا اليوم، فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: «لا تزولُ قَدَمَا ابنِ آدَم يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن خَمْسٍ: عن عُمْرِهِ فيما أَفْنَاهُ، وعن شبابِهِ فيما أبلاهُ»[4]. فالوقت هو الحياة، وسوف نُسأل عنه في يوم عسير، فلنعد له إجابة تنجينا من سخط الله عز وجل. وكما قيل: الوقت من ذهب، فمن ذا الذي يفرط في الذهب ويلقي به هباء دون أن يستفيد منه!، وقيل الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، فاحرص ألا يقطعك هذا السيف الماضي وتجد نفسك بلا وقت، أي بلا حياة. وقد مر أحد العلماء على أناس يجلسون في ناديهم يضيعون أوقاتهم هباء، فلما رآهم قال: والله لو كان الوقت يُشترى لاشتريت وقت هؤلاء المغبونين، ولكن هيهات، أنى له ذلك!. الوقت هو فرصتك لبناء مستقبلك ومستقبل أمتك، وهو المدة المحدودة لك لتغرس فيه أعمالًا صالحة تنفعك في قبرك، ويوم حشرك ونشرك، وهو الوعاء الذي إن لم تملأه بالخير والنفع، فسيمتلئ بالشر والضياع والغفلة، فإن الإناء إذا لم تملأه بشيء مُلئ بالهواء وشغل فراغه بما لا قيمة له. وإن من عظيم شأن الوقت أن الله أقسم به كما قال تعالى: (والضحى - والليل - والعصر). الإجازة الصيفية على الأبواب، وبعض العائلات تكرر نفس البرنامج الترفيهي أو السياحي كل عام، ثم يشتكون في نهاية الإجازة من الملل والتكرار، ربما هذا حال كثير من العائلات، ولكن يمكننا تحويل هذه السلبية إلي ايجابية، ويكون الصيف ممتعًا وأنيسًا ومختلفًا عن كل صيف مضى إذا راعينا أربعة أمور: 1- التنمية والتدريب 2- الرقي الروحي 3- الترفيه عن النفس 4- السفر والتجارب وهذه هي القواعد الذهبية الأربعة التي ينبغي أن نراعيها ونحن نضع خطتنا الصيفية لأبنائنا. أولًا: الترفيه أيها الشباب الذي ليس فيه مخالفة لأمر الله ورسوله: والمنهج التربوي في الإسلام يتميز بأنه يراعي سائر الجوانب في النمو الإنساني الروحيَّة منها، والأخلاقية، والطبيعية، والعلمية. إن حقكم في الترويح عن أنفسكم بعد إرهاق العام الدراسي أمر لا نزاع فيه، وإنما الكلام في أوجه النشاط الترفيهي غير الضارة التي يمكن أن تعين على تحقيق التوازن، أو الاسترخاء المطلوب للإنسان في ضوء القيم والمبادئ الإسلامية. ففي ديننا العظيم، وفي سنة النبي فسحة من الترويح، تمثلها حياة النبي مع أهله وأصحابه وأطفالهم، فقد حفظت لنا السُّنَّة في هذا الجانب سجلاًّ مشرقًا من التربية المتزنة، وإنك تجد فيها مزاحه مع بعض أصحابه. فقد كان يمزح ولا يقول إلا صدقًا، كما ترى مداعبته لبعض الأطفال، عندما لقي غلام فقال له: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَل النُّغَيْرُ»[5] ومداعبته للعجوز حين قال لها: «إن الجنَّةَ لا يَدْخُلُها العُجَّزُ فَوَلَّتْ تَبْكي، قال: أَخْبِروها أنَّها لا تَدْخُلُها وهيَ عَجُوزٌ، إنَّ اللَّهَ تعالى يقولُ[6]: ﴿ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا ﴾[7]. فها هو النبي كان يمزح ولا يقول إلا حقًا، فلنا فيه قدوة في هذا النوع من الترويح والمزاح. ومسابقته لعائشة - رضي الله عنها - ومشاهدتها الحبشة يلعبون بحرابهم في مسجده، وليس لعب الحبشة من تعطيل الطاقات أو إضاعةللوقت، بل كان ذلك يفيد في التدريب على القتال الذي يحتاجه المسلمون في غزواتهم. وإذنه للجواري أن يغنين بكلام حسن معبرين عن ابتهاجهن بالعيد. فنخطط لعمل برامج ترفيهية مثل زيارة الملاهي والمدن الترفيهية والسيرك أو الاشتراك بالأندية الرياضية أو الذهاب للبحر دون أن نتعرى أو ننظر إلى ما حرم الله، وإلا فلا يجوز الذهاب للبحر. أو المشي بين الجبال واليسر في الأسواق، ليس للتسوق ولكن كما كان يفعل أحد السلف، كان يذهب للأسواق ولما سئل قال: حتى أنظر إلى الإبل كيف خُلقت وأتفكر في خلق الله تعالى. إن الترويح عند الشاب المسلم الواعي يعني استرخاء عارضًا مباحًا، ومثاقفة ماتعة مع صحبة خيرة عاقلة تتبسط بغير إسفاف، وتمرح بغير كذب أو استخفاف، بل تلهو في أدب وحياء ومودة صادقة، وتتبادل من الأفكار والمعارف ما يفتح لها أبوابًا من النجاح والإبداع والأمل. أهمية الاستجمام: وعلى الرغم من أن الإسلام أكد على الوقت وأهميته إلى أنه لم ينس حاجات الإنسان إلى الراحة والاستجمام والترويح عن النفس. «عن حنظلة الأسدي قال: لقيني أبو بكر رضي الله عنه فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة. قال: سبحان الله ما تقول؟! قال: قلت: نكون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكرنا بالجنة والنار حتى كَأَنَّا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرًا. قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر رضي الله عنه حتى دخلنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قلت: نافق حنظلة يا رسول الله قال: "وَمَا ذَاكَ؟ قلت: يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ونسينا كثيرًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدومُونَ عَلَى مَا تكونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحْتكمُ الْمَلاَئِكَةُ عَلى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً" ثلاث مرات»[8]. فالاستجمام يجدد نشاط الإنسان ويخرجه من حالة الملل الذي قد تصيبه، فكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ساعة وساعة، ولكن لا نجعلها ساعة معصية وساعة طاعة، ولكن ساعة نعبد فيها الله عز وجل، وساعة نُروِّح فيها عن أنفسنا بما يحل. ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾[9] 1- الرقي الروحي 2- الترفيه عن النفس 3- السفر والتجارب ثانيا: السفر التجارب، وللسفر فوائد كثيرة لاكتساب الخبرات والتعبد، كما قال تعالى في كتابه الكريم: ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ﴾[10]. وقال تعالى: ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ ﴾[11]. ومن فوائده أيضًا: اكتساب الخبرات من الآخرين، وتكون من خلال الاشتراك في أندية لتنمية المواهب والقدرات وتنظيم الرحلات المفيدة، أو حضور برامج تنمية الذات أو التدريب على أعمال يدوية أو مهنية. أحد التجار وظف ولده المراهق عاملًا في فندق لخدمة النزلاء وقال حتى يتعلم كيف يتعامل مع الناس ويخدمهم، فيكتسب خبرة وتجربة جديدة في الحياة. أيا كان البرنامج المعتمد من قبل العائلة في الصيف سواء كان في داخل البلد أو خارجه فهو مفيد لو استخدمنا هذه القواعد الأربع، وقد كان الأنبياء يستثمرون السفر ويستفيدون منه. فإبراهيم عليه السلام سافر إلى مكة وترك زوجته وولده فيها فأكرمهما الله بماء زمزم وإقبال الناس عليهما، وموسى عليه السلام سافر لمدين من أجل الأمن والعمل والزواج، وسافر حتى يلقى الخضر عليه السلام ليتعلم منه بعض ما يجهل. قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ﴾[12] وكانت رحلته لطلب العلم وهو نبي من أولي العزم من الرسل. ونبينا الكريم سافر للشام قبل البعثة مرتين، الأولى برفقة عمه والثانية من أجل التجارة، وكلتا الرحلتين كانتا إضافة وخبرة وتجربة تم استثمارهما في نصرة الدين والدعوة. ثالثا: التنمية والتدريب والتعلم من خلال زيارة المواقع السياحية أو المتاحف أو السفر لدول جديدة أو تعلم لغة جديدة أو رياضة الغوص أو صيد السمك أو ركوب الخيل أو تعلم صنعة أو مهنة أو غيرها. رابعا: الإيمان والرقي الروحي: ويكون من خلال المحافظة على الصلاة والذكر والدعاء، وجميل أن يكون لأطفالنا برنامج في الصيف مثل قراءة الأربعين النووية أو حفظ 50 حديثا نبويًا أو حفظ جزء واحد من القرآن أو التسجيل في حلقة علمية أو السفر للاطلاع على أحوال المسلمين أو عمل رحلة خيرية تطوعية عائلية، فيكفلون يتيما ويساهمون في تعليم الأطفال ومساعدة الفقراء. كما نستطيع أن ندرب أطفالنا على التفكر والتأمل أثناء السفر، وهذا جانب إيماني مهم جدا، وفي هذا العام يأتي رمضان في منتصف الإجازة، وهذه فرصة ذهبية إيمانية لو أحسنَّا استغلالها. حفظ القرآن: إن الحياة مع القرآن الكريم تلاوة وتدبرًا وحفظًا نعمة عظيمة، فلا يفوتك هذا الخير في إجازتك الصيفية، فلك بكل حرف تقرأه عشر حسنات. وإن المراكز التي تقوم على هذا العمل الرائع كثيرة، ومتواجدة في كل حي، وستجد من المشرفين والمعلمين والزملاء من الطلاب خير عون لك على النجاح والتقدم. دروس العلم: حلقات العلم هي رياض الجنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في شأن طلاب العلم: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَلَكَ طريقًا يطلبُ فيهِ عِلمًا سَلَكَ اللَّه به طريقًا من طُرق الجنّةِ، وإنَّ الملائكةَ لتضعُ أجنحتها رِضًا لطالبِ العلمِ، وإنَّ العالمَ ليستغفرُ لهُ مَنْ في السَّماواتِ وَمَنْ في الأرضِ والحيتانُ في جَوْفِ الماءِ، وإنَّ فَضْل العالمِ على العابِدِ كفضلِ القمرِ ليلةَ البَدْرِ على سائرِ الكواكِبِ، وإِنَّ العُلماء وَرَثَةُ الأنبياءِ، وإنَّ الأنبياء لم يُوَرثوا دينارًا ولا دِرْهمًا، وإنَّما ورَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أخذَ بحظٍّ وافِرٍ»[13]. فالعاقل الموفق يحرص على حظه الوفير منها، فليس أضر على الإنسان من الجهل، لا سيما الجهل بما لا يسع المسلم جهله، من مسائل التوحيد ومعرفة صور الشرك لاجتنابه، وتعلم العبادات على السنة الصحيحة، ومنهج السلف الصالح. وتعلم أحكام الشرع، عسى أن يشرح الله صدرك، ويحبب إليك العلم وييسر لك طلبه، فتكون من الدعاة إلى الله على بصيرة، وتنتفع بك أمتك. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |