خطبة عن فضل الأمانة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1249 - عددالزوار : 135407 )           »          إنه ينادينا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 24 - عددالزوار : 5497 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 8168 )           »          ميزة جديدة لمتصفح كروم بنظام أندرويد 15 تتيح إخفاء البيانات الحساسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          كل ما تحتاج معرفته عن ميزة الصورة المستطيلة بإنستجرام.. اعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتفى iPhone 14 Plus وGoogle Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          احمِ أطفالك من الإنترنت.. احذر ألعاب الفيديو لحماية أبنائك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أبل تعمل على جهاز بشاشة تشبه شاشة الآيباد مع ذراع آلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          طفلك يستخدم تطبيقات الموبايل سرا دون علمك.. كيف تكتشف ذلك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          أدوات مهمة هتساعدك للحد من استخدام طفلك للإنترنت.. جربها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 04-09-2020, 02:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,985
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة عن فضل الأمانة

خطبة عن فضل الأمانة


الشيخ أحمد أبو عيد









عناصر الموضوع:

1 - تعريف الأمانة.

2 - فضل الأمانة.

3 - الأمانة من خلق الرسل الكرام.

4 - صورها.

5 - قصص الأمانة.



الموضوع

أولًا: تعريف الأمانة:

الأمانة لغة:

الأمانة مصدر قولهم: أمِن يأمَن أمانة؛ أي: صار أمينًا، وهو مأخوذ من مادَّة (أ م ن) التي تدلُّ على سكون القلب، ويقال: أمنت الرجل أمنًا وأمنَة وأمانًا، وآمنني يؤمِّنني إيمانًا، ورجل أمنة: إذا كان يأمنه النَّاس ولا يخافون غائلته، وأمنة بالفتح: إذا كان يصدِّق ما سمع ولا يكذِّب بشيء، وقال الجوهريُّ: الأمنة: الذي يصدِّق بكلِّ شيء، وكذلك الأمنة مثال الهمزة، واستأمن إليه دخل في أمانه.



واصطلاحًا:

قال الكفويُّ: الأمانة: كلُّ ما افترض اللَّه على العباد فهو أمانة؛ كالصلاة والزكاة والصيام وأداء الدَّين، وأوكدُها الودائع، وأوكد الودائع كتْم الأسرار، وقال في موضع آخر: كل ما يؤتمن عليه من أموال وحرم وأسرار فهو أمانة.



فضل الأمانة:

1- أمر الله بأداء الأمانة إلى أهلها:

والأمر في كتاب الله يَقتضي الوجوب، فقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58].



قال تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103]، قال الطيبي: الحبل: العهد والأمانة والذمَّة.



عن يوسف بن ماهك المكي قال: حدثني أبي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أدِّ الأمانة إلى مَن ائتمنَك، ولا تخن من خانك))؛ السلسلة الصحيحة.



2- ونهى عن ضد الأمانة؛ وهي الخيانة، فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27].



قال البيضاوي رحمه الله: وأصل الخون: النقص، كما أنَّ أصل الوفاء التمام، واستعماله في ضد الأمانة لتضمُّنه إياه.



الخيانة آية المنافق، ودليل نفاقه وعصيانه، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلـم قال: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذبَ، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خـان))؛ متفق عليه.



3- الأمانة من أوصاف المؤمنين، الذين أفلحوا في الدنيا والدين، قال الله رب العالمين: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1 - 8].



عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنَه الناس على دمائهم وأموالهم))؛ تحقيق الألباني: حسن، صحيح الترمذي (2775).



عن أنس بن مالك قال: ما خطَبنا نبي الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: ((لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له))؛ صحيح الجامع.



4- وصف الله الإنسان بشدة الهلع وقوَّة الجزع، واستثنى من ذلك المصلين، الذين من أبرز أوصافِهم، وأسمى مزاياهم: مراعاة العهد، وأداء الأمانة، فقال تعالى جلَّ شأنه: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المعارج: 19 - 32].



5- بأداء الأمانة يأمن الناس بعضهم بعضًا، وتتيسَّر أمورهم في قضاء حوائجهم وإنجاز معاملاتهم؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 283].



6- ضياع الأمانة مِن أمارات قرْب الساعة؛ عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: بينما النبيُّ صلى الله عليه وسلم في مجلس يُحدِّث القوم، جاءه أعرابيٌّ فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدِّث، فقال بعض القوم: سمعَ ما قال، فكرَهَ ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمَع، حتَّى إذا قضى حديثه قال: ((أين - أُراه - السائلُ عن الساعة؟))، قال: هأنا يا رسول الله، قال: ((فإذا ضُيِّعتِ الأمانة، فانتظر الساعة))، قال: كيف إضاعتها؟ قال: ((إذا وسِّد الأَمرُ إلى غير أهله، فانتظر الساعة))؛ البخاري.



7- الأمانة صفة عظيمة، وخصلة من خصال الخير الكريمة، وصاحبها محل اهتمام الناس، عن حذيفة قال: "حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين، قد رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر، حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم نزَلَ القرآن، فعَلِموا من القرآن وعَلموا من السنَّة، ثم حدثنا عن رفع الأمانة قال: ((ينامُ الرجل النومة فتُقبَض الأمانة من قلبه، فيظلُّ أثرُها مثل الوكت، ثم ينام النومة فتُقبَض الأمانة من قلبه، فيظلُّ أثرُها مثل المجْلِ، كجمر دحرجته على رجلك فنَفِطَ فتراه مُنتبرًا وليس فيه شيء))، ثم أخذ حصى فدحرَجه على رجله، ((فيُصبح الناس يتبايَعون لا يكاد أحد يؤدِّي الأمانة؛ حتَّى يُقالَ: إن في بني فلان رجلًا أمينًا، حتَّى يقال للرجل: ما أجلَدَه! ما أظرَفَه! ما أعقَلَه! وما في قلبه مثقال حبَّة مِن خردل من إيمان))، ولقد أتى عليَّ زمان وما أبالي أيكم بايعتُ، لئن كان مسلمًا ليردنَّه عليَّ دينه، ولئن كان نصرانيًّا أو يهوديًّا ليردنَّه عليَّ ساعيه، وأما اليوم، فما كنتُ لأبايعَ مِنكم إلا فلانًا وفلانًا"؛ متفق عليه.



عن قزعة قال: قال لي ابن عمر: هلمَّ أُودِّعك كما ودعني رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أستودع الله دينَك، وأمانتَكَ، وخواتيم عملك))؛ السلسلة الصحيحة.



8- ليس بمقدور كل إنسان حملها؛ عن أبي ذرٍّ قال: قلتُ يا رسول الله، ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي ثمَّ قال: ((يا أبا ذرٍّ، إنَّك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها))؛ مسلم.



الأمانة من خلق الرسل الكرام:

1- صور من أمانة سيد الخلق وسيد الأمناء صلى الله عليه وسلَّم:

أ- لا يأكل تمرة ربما سقطت من الصدقة؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((والله إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطةً على فراشي - أو في بيتي - فأرفعها لآكلها، ثم أخشى أن تكون صدقةً - أو من الصدقة - فأُلقيها))؛ السلسلة الصحيحة.



ب- رد الأمانات إلى أهلها عند الهجرة: عن عائشة رضي الله عنها في هجْرة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: وأمَر - تعني رسول الله - عليًّا رضي الله عنه أن يتخلَّف عنه بمكة؛ حتى يؤديَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بمكة أحدٌ عنده شيء يُخشى عليه إلا وضعه عنده؛ لما يعلم من صدقه وأمانته، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثلاث ليالٍ وأيامها، حتَّى أدَّى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس، حتى إذا فرغ منها لَحِق برسول الله صلى الله عليه وسلم.



وهذه من أروع الصور في أمانة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث إن الكفار كانوا يُعادُونه ويؤذونه، ودبَّروا مؤامرة لقتله وهو ذاهب إلى مكة، ومع ذلك أعاد الأمانات إلى أهلها، وكلَّف ابن عمه رضي الله عنه بذلك، وما كانوا ليضعوا الأمانات عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لعلمهم ويقينهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلَّق بأحسن الأخلاق عليه الصلاة والسلام التي لا توجد في غيره، حتى إنَّهم لقبوه بالصادق الأمين، كما ذكر، فكانوا يضعون ما يخافون عليه عنده صلى الله عليه وسلم، وقد قال رب العزة والجلال: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159]، فعلم عليه الصلاة والسلام بأنه سيكسب الخَلْقَ بأخلاقه الكريمة، فعاملهم بالحُسنى، فهُدِي كثير من الصحابة بذلك الهدي الرباني.



ج- رد مفتاح الكعبة إلى عثمان بن طلحة؛ عن ابن جريج قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، قال: نزلتْ في عُثمان بن طلحة بن أبي طلحة، قَبض منه النبي صلى الله عليه وسلم مفتاحَ الكعبة، ودخلَ به البيت يوم الفتح، فخرج وهو يَتْلو هذه الآية، فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح.



د- لقد أتى يهوديٌّ ليَشتري منه ثوبين إلى الميسرة، فانتهزها اليهودي لينال من جنابه العظيم، وقال: قد علمت ما يريد، إنما يريد أن يذهب بمالي أو بدَراهمي، فقال رسول الله: ((كذب، قد علم أني مِن أتْقاهم لله، وآدَاهم للأمانة)).



هـ- تبليغه جميع ما أمره الله من تبليغ الرسالة والنُّصح للمسلمين، ونشر هذا الدين العظيم للأمة كافة، حتى صار عليه الصلاة والسلام لا ينفكُّ اسمه عن هذا المديح الذي هو أهل له: "مبلِّغ الرسالة، ومؤدي الأمانة"؛ حيث أدى الأمانة التي كانت عليه، وأرشدنا إلى الطريق المستقيم، فجزاه الله خير ما جزى نبيًّا عن أمته.



ز- عُرف النبي صلى الله عليه وسلَّم بالأمانة والصِّدق، حتَّى لقِّب بالصادق الأمين، وكانوا إذا ذهب أو جاء يَقولون: جاء الأمين، وذهب الأمين، ويدلُّ على ذلك قصة الحجر الأسود عند بناء الكعبة المشرَّفة بعد تنازُعِهم في استِحقاق شرف رفعه ووضعِه في محلِّه، حتَّى كادوا يقتتلون لولا اتفاقهم على تحكيم أول من يدخل المسجد الحرام، فكان الداخل هو محمدًا صلى الله عليه وسلم، فلمَّا رأوه قالوا: "هذا الأمين؛ رضينا، هذا محمد"، فلما أخبَروه الخبر، قال صلى الله عليه وسلم: ((هلم إليَّ ثوبًا))، فأُتي به، فأخذ الركن فوضعه بيده الطاهرة ثم قال: ((لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعًا))، ففعلوا حتى إذا بلَغوا به موضعه، وضعه هو بيده الشريفة ثم بُني عليه، قال ابن هشام: "وكانت قريش تسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل الوحي: الأمين".



ط- شهد بأمانة الرسول صلى الله عليه وسلَّم أعداؤه قبل أصدقائه وصحابته، فها هو أبو سفيان زعيم مكة قبل إسلامه يقف أمام هرقل ملك الروم ويَعجِز عن نفْي صفة الأمانة عن النبي صلى الله عليه وسلم، رغم حرصه عندئذٍ أن يطعُنَ فيه، ولكن ما أن سأله هرقل عن ما يدعو إليه النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أجاب أبو سفيان: "يأمر بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة".



أما أصدقاؤه وصحابته، فلم يَختلف أحد على أمانته صلى الله عليه وسلم، ومِن أمثلة ذلك:

ما قالته عنه خديجة رضي الله عنها عند بداية نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم: "فواللهِ إنك لتؤدِّي الأمانة، وتصل الرحم، وتَصدُق الحديث...".



وما قاله جعفر بن أبي طالب للنجاشي ملك الحبشة رضي الله تعالى عنه حين سأله عن الدين الذي اعتنقوه، فأجاب: "حتى بعث الله إلينا رسولًا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفَّته...".



ولا غرو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مثالًا للأمانة، وكيف لا وقد ائتمنه الله تعالى على رسالته الخاتمة، فكان خير من أدى هذه الأمانة إلى حد الكمال؟ فقد قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].



2- نوح عليه السلام: قال تعالى: ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾ [الشعراء: 105 - 110].



قال ابن عاشور: "وجملة: ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ تعليل للإنكار أو للتَّحضيض؛ أي: كيف تستمرون على الشرك وقد نهيتُكم عنه وأنا رسول لكم أمين عندكم؟ وكان نوح موسومًا بالأمانة لا يُتَّهم في قومه، كما كان محمد صلى الله عليه وسلم يلقب الأمين في قريش، قال النابغة:

كذلك كان نوح لا يخون".



3- هود عليه السلام: قال تعالى: ﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ [الأعراف: 65 - 68].



4- صالح عليه السلام؛ قال تعالى: ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾ [الشعراء: 141 - 144].



5- موسى عليه السلام؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ * أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ﴾[الدخان: 17 - 19]، وقال تعالى: ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص: 26].

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 130.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 128.48 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.32%)]