|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() آيات من سورة الطلاق بتفسير الإمام الزركشي د. جمال بن فرحان الريمي ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ﴾ [الطلاق: 1] قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ﴾، افتتح الخطاب بالنبي صلى الله عليه وسلم والمراد سائر من يملك الطلاق[1]. وقد يعبر بالنبي في مقام التشريع العام لكن مع قرينة إرادة التعميم كقوله: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ ولم يقل طلقت[2]. ﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2] قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ﴾، يحتمل أن يكون الخيار في الأجل أو بعده، والظاهر الأول، لكنه يحمل على أنه مفارقة الأجل[3]. قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ ﴾ أي: قاربن بلوغ الأجل، أي انقضاء العدة؛ لأن الإمساك لا يكون بعد انقضاء العدة، فيكون بلوغ الأجل تمامه، كقوله تعالى: ﴿ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ ﴾ [البقرة: 232] [4]، أي: أتْمَمْن العدة وأردْن مراجعة الأزواج، ولو كانت مقاربته لم يكن للولي حكم في إزالة الرجعة؛ لأنها بيد الزوج، ولو كان الطلاق غير رجعي لم يكن للولي – أيضًا - عليها حكم قبل تمام العدة، ولا تسمّى عاضلاً حتى يمنعها تمام العِدّة من المراجعة[5]، وقوله تعالى: ﴿ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ﴾، فالأول للمطلّقين والثاني للشهود[6]. ﴿ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4] قوله تعالى ﴿ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ... ﴾، قد أشكل معنى هذا الشرط على بعض الأئمة، وقد بينه سبب النزول؛ روي أن ناسًا قالوا: يا رسول الله قد عرفنا عدة ذوات الأقراء، فما عدة اللائي لم يحضن من الصغار والكبار؟ فنزلت[7]، فهذا يُبَيّن معنى ﴿ إِنِ ارْتَبْتُمْ ﴾، أي إن أشكل عليكم حُكْمُهُن، وجهلتم كيف يعتددن، فهذا حُكْمُهُن. ﴿ ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5] قال القاضي أبو المعالي عزيزي بن عبدالملك رحمه الله: وسمَّاه - أي القرآن – أمرًا، فقال: ﴿ ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ ﴾[8]. ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 7] قال ابن فارس: كل شيء في القرآن من ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286] [9]، يعني عن العمل، إلا التي في قول الله: ﴿ إِلَّا مَا آتَاهَا ﴾ يعنى النفقة[10]، واللام في قول الله ﴿ لِيُنْفِقْ ﴾، اللام للتكليف[11]. ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا ﴾ [الطلاق: 8] قال رحمه الله: تأتي "كأين" بمعنى "كم" للتكثير؛ لأنها كناية عن العدد، قال تعالى: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ ﴾، وفيها قراءتان: "كائن" على وزن قائل وبائع، و"كأيّن" بتشديد الياء، قال ابن فارس[12]: سمعت بعض أهل القرية يقول: ما أعلم كلمة تثبت فيها النون خَطًّا غير هذه[13]. ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطلاق: 12] قال رحمه الله: حيث ورد ذكر "الأرض" في القرآن فإنها مفردة، كقوله تعالى: ﴿ خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ﴾، وحكمتُه أنها بمنزلة السُّفْل والتحت، ولكن وصف بها هذا المكان المحسوس، فجرت مجرى امرأة زَوْر وضيف، فلا معنى لجمعهما كما لا يجمع الفوق والتحت، والعلو السُّفْل، فإن قَصَد المخبر إلى جزء من هذه الأرض الموطوءة وعيّن قطعة محدودة منها خرجت عن معنى السُّفْل الذي هو في مقابلة العلو، فجاز أن تُثنَّى إذا ضممت إليها جزءًا آخر، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ"[14]. فجمعها لمّا اعتمد الكلام على ذات الأرض، وأثبتها على التفصيل والتعيين لآحادها، دون الوصف بكونها تحت أو سفل في مقابلة علو، وأما جمع السموات فإن المقصود بها ذاتها دون معنى الوصف، فلهذا جمعت جمع سلامة؛ لأن العدد قليل، وجمع القليل أولى به، بخلاف الأرض، فإن المقصود بها معنى التحت السُّفْل دون الذات والعدد. وحيث أريد بها الذات والعدد أُتِى بلفظ يدل على التعدد، كقوله تعالى: ﴿ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ﴾، وأيضًا فإن الأرض لا نسبة إليها إلى السموات وسعتها، بل هي بالنسبة إليها كحصاة في صحراء، فهي وإن تعددت، كالواحد القليل، فاختير لها اسم الجنس. وأيضًا فالأرض هي دار الدنيا التي بالنسبة إلى الآخرة، كما يُدخل الإنسان إصبَعه في اليمّ، فما يعلق بها هو مثال الدنيا، والله تعالى لم يذكر الدنيا إلا مُقلّلاً لها، وأما السموات فليست من الدنيا على أحد القولين، وإذا أريد الوصف الشامل للسموات وهو معنى "العلو والفوق" أفردته كالأرض، بدليل قوله تعالى: ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ ﴾ [الملك: 16] [15]، ﴿ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ﴾ [الملك: 17] [16]، فأفرد هنا لما كان المراد الوصف الشامل وليس المراد سماء معينة[17]. [1] البرهان: وجوه المخاطبات والخطاب في القرآن - خطاب الخاص والمراد به العموم 2/ 137. [2] المصدر السابق: خطاب المدح 2/ 144. [3] المصدر السابق: معرفة تفسيره وتأويله – الظاهر والمؤول 2/ 131. [4] سورة البقرة: 232. [5] البرهان: بيان حقيقته ومجازه - إطلاق الفعل والمراد مقاربته ومشارفته لا حقيقته 2/ 181. [6] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة – فوائد التكرير 3/ 19. [7] أسباب النزول للواحدي، ص/ 458. [8] البرهان: معرفة أسمائه واشتقاقاتها 1/ 193. [9] سورة البقرة: 286. [10] أفراد كلمات القرآن العزيز، لابن فارس ص/ 14. البرهان: جمع الوجوه والنظائر 1/ 88. [11] البرهان: الكلام على المفردات من الأدوات – اللام العاملة جزمًا 4/ 213. [12] الصاحبي في فقه اللغة لابن فارس ص/ 132 باب "كأين". [13] البرهان: الكلام على المفردات من الأدوات – كأين 4/ 193. [14] رواه البخاري من حديث سعيد بن زيد ت، كتاب المظالم – باب إثم من ظلم شيئًا من الأرض، ص/ 593، رقم الحديث (2452)، ومسلم، كتاب المساقاة والمزارعة- باب "تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها، ص/ 756، رقم الحديث (1610). [15] سورة الملك: 16. [16] سورة الملك: 17. [17] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - قاعدة فيما ورد في القرآن مجموعًا ومفردًا 4/ 7.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |