آداب تلاوة القرآن - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5034 - عددالزوار : 2184912 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4615 - عددالزوار : 1465549 )           »          الدعاء والذكر عند قراءة القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 1144 )           »          خمس عشرة فائدة في الاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          وقفات قرآنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 11041 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 48 - عددالزوار : 11917 )           »          حفر قناة السويس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 18 )           »          وِرْدُ الخَيْر أدعيةٌ وأذكار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          مع نبيين : هارون وموسى عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 06-07-2020, 03:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,223
الدولة : Egypt
افتراضي آداب تلاوة القرآن

آداب تلاوة القرآن


إن الحمد لله - تعالى -، نحمده، ونستعين به، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهدِ الله - تعالى - فلا مضل له، ومن يضلل فلا هاديَ له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:
فإنه لا شك أن هذا الكتاب هو حبل الله الممدود من ربنا إلينا، من تمسك به هُدي، ومن اعتصم به فاز، والفوز هو الجنَّة.
والله - عز وجل - قد أوصانا بكتابه في كتابه بوصايا كثيرة فيها الأمر بتلاوة القرآن وترتيله: (وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلاً)[المزمل:4]، وقال - سبحانه وتعالى -: (مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ)[آل عمران:113]، وقال - سبحانه وتعالى -: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ)[آل عمران:191]، وقال - سبحانه وتعالى -: (أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ)[الزمر:9] فمن يقرأ كتاب الله - عز وجل - لا شك أنه هو الفائز يوم القيامة.
فضل تلاوة القرآن الكريم:
قال - سبحانه وتعالى -: (الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)[البقرة:121]، وقال - سبحانه وتعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِراً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ)[فاطر:29].
ولقد ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - أمثلة للتالين لكتاب الله فقال: ((الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَيَعْمَلُ بِهِ؛ كَالأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَالْمُؤْمِنُ الَّذِي لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِهِ كَالتَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَلا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ أَوْ خَبِيثٌ وَرِيحُهَا مُرٌّ»، والتَّمْثِيل هنا وَقَعَ بِالَّذِي يَقْرَأ الْقُرْآن وَلا يُخَالِف مَا اِشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْر وَنَهْي، لا مُطْلَق التِّلاوَة.
والأترجة مِنْ الْفَاكِهَة الَّتِي تَجْمَع طِيب الطَّعْم وَالرِّيح كَالتُّفَّاحَةِ؛ لأَنَّهُ يُتَدَاوَى بِقِشْرِهَا، وَهُوَ مُفْرِح بِالْخَاصِّيَّةِ، وَيُسْتَخْرَج مِنْ حَبِّهَا دُهْن لَهُ مَنَافِع، وَقِيلَ: إِنَّ الْجِنّ لا تَقْرَب الْبَيْت الَّذِي فِيهِ الأُتْرُجّ، فَنَاسَبَ أَنْ يُمَثِّلَ بِهِ الْقُرْآن الَّذِي لا تَقْرَبهُ الشَّيَاطِين، وَغِلاف حَبّه أَبْيَض فَيُنَاسِب قَلْب الْمُؤْمِن، وَفِيهَا أَيْضاً مِنْ الْمَزَايَا كِبْر جُرْمهَا، وَحُسْن مَنْظَرهَا، وَتَفْرِيح لَوْنهَا، وَلِين مَلْمَسهَا، وَفِي أَكْلهَا مَعَ الالْتِذَاذ طِيب نَكْهَة، وَدِبَاغ مَعِدَة، وَجَوْدَة هَضْمٍ، وَلَهَا مَنَافِع أُخْرَى.
ذكر بعض فضائل تلاوة القرآن الكريم، وفضل من حفظ شيئاً من كتاب الله - تعالى -:
1- أن أهل القرآن هم أهل الله - عز وجل - وخاصته: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنَّ لله - عز وجل - أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ))، قَالَ قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: ((أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ الله وَخَاصَّتُهُ)).
2- أن ثواب تلاوة القرآن أعظم من أنفس أموال الدنيا: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ أَنْ يَجِدَ فِيهِ ثَلاثَ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ؟)) قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: ((فَثَلاثُ آيَاتٍ يَقْرَأُ بِهِنَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاتِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلاثِ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ)).
الْخَلِفَات: الْحَوَامِل مِنْ الإِبِل إِلَى أَنْ يَمْضِي عَلَيْهَا نِصْف أَمَدهَا، ثُمَّ هِيَ عِشَار.
وخَرَجَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه من أهل الصُّفَّةِ، فَقَالَ: ((أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ فِي غَيْرِ إِثْمٍ، وَلا قَطْعِ رَحِمٍ؟)) فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله نُحِبُّ ذَلِكَ، قَالَ: ((أَفَلا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمُ أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ الله - عز وجل - خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَثَلاثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنْ الإِبِلِ)) الْكَوْمَا مِنْ الإِبِل: الْعَظِيمَة السَّنَام.
3- أن كل حرف فيه بعشر حسنات: عن ابْن مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ قَرَأَ حَرْفاً مِنْ كِتَابِ الله فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ)).
4- أمر الله - عز وجل - نبيه - صلى الله عليه وسلم - بملازمة أهل القرآن: فالله - سبحانه وتعالى - أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالجلوس مع أهل القرآن، وإن كانوا أفقر الناس عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: جَلَسْتُ فِي عِصَابَةٍ مِنْ ضُعَفَاءِ الْمُهَاجِرِينَ، وَإِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَسْتَتِرُ بِبَعْضٍ مِنْ الْعُرْيِ، وَقَارِئٌ يَقْرَأُ عَلَيْنَا، إِذْ جَاءَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَامَ عَلَيْنَا، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سَكَتَ الْقَارِئُ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: ((مَا كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟)) قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّهُ كَانَ قَارِئٌ لَنَا يَقْرَأُ عَلَيْنَا، فَكُنَّا نَسْتَمِعُ إِلَى كِتَابِ الله.قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الْحَمْدُ لله الَّذِي جَعَلَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ أُمِرْتُ أَنْ أَصْبِرَ نَفْسِي مَعَهُمْ))، قَالَ فَجَلَسَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَسْطَنَا لِيَعْدِلَ بِنَفْسِهِ فِينَا، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، فَتَحَلَّقُوا، وَبَرَزَتْ وُجُوهُهُمْ لَهُ، قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَرَفَ مِنْهُمْ أَحَداً غَيْرِي، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ صَعَالِيكِ الْمُهَاجِرِينَ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَاءِ النَّاسِ بِنِصْفِ يَوْمٍ، وَذَاكَ خَمْسُ مِائَةِ سَنَةٍ)).
5- أنه يورث الإنسان الراحة والذكر الحسن: فورث الإنسان الراحة القلبية، ويزيده أن يذكر ذكراً حسناً في الأرض والسماء، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَجُلاً جَاءَهُ، فَقَالَ: أَوْصِنِي!! فَقَالَ: سَأَلْتَ عَمَّا سَأَلْتُ عَنْهُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ قَبْلِكَ: «أُوصِيكَ بِتَقْوَى الله فَإِنَّهُ رَأْسُ كُلِّ شَيْءٍ، وَعَلَيْكَ بِالْجِهَادِ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ الإِسْلامِ، وَعَلَيْكَ بِذِكْرِ الله، وَتِلاوَةِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ رَوْحُكَ فِي السَّمَاءِ، وَذِكْرُكَ فِي الأَرْضِ)).
6- أن كل آية يحفظها المسلم يرفعه الله بها درجة في الجنة: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ إِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ: اقْرَأْ وَاصْعَدْ، فَيَقْرَأُ وَيَصْعَدُ بِكُلِّ آيَةٍ دَرَجَةً، حَتَّى يَقْرَأَ آخِرَ شَيْءٍ مَعَهُ)).
7- أن الماهر بالقرآن يقرنه الله - سبحانه وتعالى - بأفضل الملائكة: عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ))، وفي رواية: ((الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ؛ لَهُ أَجْرَانِ)) السَّفَرَة: الرُّسُل، لأَنَّهُمْ يُسْفِرُونَ إِلَى النَّاس بِرِسَالاتِ اللَّه، وَقِيلَ: السَّفَرَة: الْكَتَبَة، وَالْبَرَرَة: الْمُطِيعُونَ، مِنْ الْبِرّ وَهُوَ الطَّاعَة، وَالْمَاهِر: الْحَاذِق الْكَامِل الْحِفْظ، الَّذِي لا يَتَوَقَّف، وَلا يَشُقّ عَلَيْهِ الْقِرَاءَة، بِجَوْدَةِ حِفْظه وَإِتْقَانه.
وكَوْنه مَعَ الْمَلائِكَة أَنَّ لَهُ فِي الآخِرَة مَنَازِل يَكُون فِيهَا رَفِيقاً لِلْمَلائِكَةِ السَّفَرَة، لاتِّصَافِهِ بِصِفَتِهِمْ مِنْ حَمْل كِتَاب اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، وعمل بِعَمَلِهِمْ، وَسَالِك مَسْلَكهمْ.
وَأَمَّا الَّذِي يَتَتَعْتَع فِيهِ فَهُوَ الَّذِي يَتَرَدَّد فِي تِلاوَته لِضَعْفِ حِفْظه فَلَهُ أَجْرَانِ: أَجْر بِالْقِرَاءَةِ، وَأَجْر بِتَتَعْتُعِهِ فِي تِلاوَته وَمَشَقَّته، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ الَّذِي يَتَتَعْتَع عَلَيْهِ لَهُ مِنْ الأَجْر أَكْثَر مِنْ الْمَاهِر بِهِ، بَلْ الْمَاهِر أَفْضَل، وَأَكْثَر أَجْراً؛ لأَنَّهُ مَعَ السَّفَرَة، وَلَهُ أُجُور كَثِيرَة، وَلَمْ يَذْكُر هَذِهِ الْمَنْزِلَة لِغَيْرِهِ، وَكَيْف يَلْحَق بِهِ مَنْ لَمْ يَعْتَنِ بِكِتَابِ اللَّه - تَعَالَى - وَحِفْظه، وَإِتْقَانه وَكَثْرَة تِلاوَته؛ كَاعْتِنَائِهِ حَتَّى مَهَرَ فِيهِ.
8- أن أفضل الناس هو من يتعلم القرآن ويعلمه: عَنْ عُثْمَانَ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ))، قَالَ وَأَقْرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي إِمْرَةِ عُثْمَانَ حَتَّى كَانَ الْحَجَّاجُ قَالَ: وَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا»، وعنه - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ)).
وعَنْ دُرَّةَ بِنْتِ أَبِي لَهَبٍ - رضي الله عنها - قَالَتْ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: ((خَيْرُ النَّاسِ أَقْرَؤُهُمْ، وَأَتْقَاهُمْ، وَآمَرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَأَوْصَلُهُمْ لِلرَّحِمِ)).
9- أن الله - سبحانه وتعالى - لا يعذب إنساناً حفظ القرآن، وعمل به: فعن عصمة بن مالك - رضي الله عنه - قالت: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لو جمع القرآن في إهاب ما أحرقه الله بالنار))، وفي رواية: ((مَا مَسَّهُ النَّارُ))، وعن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: ((لَوْ جُعِلَ الْقُرْآنُ فِي إِهَابٍ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ؛ مَا احْتَرَقَ))، وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - قال: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، وَلا يَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ الْمَصَاحِفُ الْمُعَلَّقَةُ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يُعَذِّبَ قَلْباً وَعَى الْقُرْآنَ».
10- أنه يأتي شفيعاً لأصحابه: فيشفع في أصحابه الذين كانوا يعملون به في الدنيا فعن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: ((اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ: الْبَقَرَةَ، وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ؛ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ)).
وعن بريدة بن الحصيب - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ، فَيَقُولُ لِصَاحِبِهِ: أَنَا الَّذِي أَسْهَرْتُ لَيْلَكَ، وَأَظْمَأْتُ نهارك))، وعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ؛ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ)).
11- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع صاحب القرآن إلى مراتب العلماء: فعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((مَنْ أَخَذَ السَّبْعَ الأُوَلَ مِنْ الْقُرْآنِ فَهُوَ حَبْرٌ)).
12- أن الله - عز وجل - يكرم أهله يوم القيامة: عن معاذ بن أنس - رضي الله عنه - عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: ((مَنْ قَالَ: "سُبْحَانَ الله الْعَظِيمِ" نَبَتَ لَهُ غَرْسٌ فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَكْمَلَهُ، وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ؛ أَلْبَسَ وَالِدَيهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَاجاً هُوَ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فِي بُيُوتٍ مِنْ بُيُوتِ الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ فِيهِ فَمَا ظَنُّكُمْ بِالَّذِي عَمِلَ بِهِ))، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ حَلِّهِ، فَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ زِدْهُ، فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ ارْضَ عَنْهُ، فَيَرْضَى عَنْهُ، فَيُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ، وَارْقَ، وَتُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةً)).
13- والقرآن من أعظم القربات لله - عز وجل - وأحبها إليه: عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَا أُذِنَ لِعَبْدٍ فِي شَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ يُصَلِّيهِمَا، وَإِنَّ الْبِرَّ لَيُذَرُّ فَوْقَ رَأْسِ الْعَبْدِ مَا دَامَ فِي صَلاتِهِ، وَمَا تَقَرَّبَ الْعِبَادُ إِلَى الله - تَعَالَى - بِمِثْلِ مَا خَرَجَ مِنْهُ يَعْنِي الْقُرْآنَ)).
14- سلامة أهل القرآن من الغفلة: عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنْ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْمُقَنْطِرِينَ))، وعن أبي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - قال: ((مَنْ قَرَأَ أَلْفَ آيَةٍ كُتِبَ لَهُ قِنْطَارٌ مِنْ الأَجْرِ، وَالْقِيرَاطُ مِنْ ذَلِكَ الْقِنْطَارِ لا يَفِي بِهِ دُنْيَاكُمْ، يَقُولُ لا يَعْدِلُهُ دُنْيَاكُمْ)).
15- القرآن أمنة للبيت الذي يقرأ فيه: أن البيت الذي يقرأ فيه القرآن تحصل فيه الخيرات والبركات، ويحفظ الله - تعالى - أهل هذا البيت من كل سوء فعن أبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أنه كَانَ يَقُولُ:"إِنَّ الْبَيْتَ لَيَتَّسِعُ عَلَى أَهْلِهِ، وَتَحْضُرُهُ الْمَلائِكَةُ، وَتَهْجُرُهُ الشَّيَاطِينُ، وَيَكْثُرُ خَيْرُهُ أَنْ يُقْرَأَ فِيهِ الْقُرْآنُ، وَإِنَّ الْبَيْتَ لَيَضِيقُ عَلَى أَهْلِهِ، وَتَهْجُرُهُ الْمَلائِكَةُ، وَتَحْضُرُهُ الشَّيَاطِينُ، وَيَقِلُّ خَيْرُهُ؛ أَنْ لا يُقْرَأَ فِيهِ الْقُرْآنُ".
وعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بِابْنٍ لَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله إِنَّ ابْنِي هَذَا يَقْرَأُ الْمُصْحَفَ بِالنَّهَارِ، وَيَبِيتُ بِاللَّيْلِ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَا تَنْقِمُ أَنَّ ابْنَكَ يَظَلُّ ذَاكِراً، وَيَبِيتُ سَالِماً))، وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: ((مَنْ قَرَأَ الآيَتَيْنِ الآخِرَتَيْنِ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ)).
آداب تلاوة القرآن الكريم:
1- الإخلاص لله - سبحانه وتعالى -: فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أخبرنا يوم القيامة عمن تسعر بهم النار، وهم ثلاثة، فمنهم: قارئ للقرآن، والسبب - ولا شك - في تسعير النار به يوم القيامة هو أنه لم يكن من الذين أخلصوا لله - سبحانه وتعالى - في ذلك، ولذلك هؤلاء الثلاثة الذين تسعر بهم النار قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم: ((إن الله إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم، وكل أمةٍ جاثية، فأول من يُدعى به رجلٌ جمع القرآن، ورجلٌ قتل في سبيل الله، ورجلٌ كثير المال، فيقول الله للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلتُ على رسولي؟ قال: بلى يا رب، قال: فماذا عملت بما علمت؟ قال: كنتُ أقوم به آناء الليل، وآناء النهار، فيقول الله له: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول الله له: بل أردت أن يقال: فلانٌ قارئ! فقد قيل ذلك، أخذت أجرك في الدنيا، ثم يسحب إلى النار)).
2- الطهارة: لا شك أن تلاوة القرآن على طهارة أفضل، وإن حصل الخلاف بين أهل العلم في حكم الطهارة لتلاوة القرآن، ولمس المصحف، أما بالنسبة للتلاوة فلا شك أن مجرد التلاوة بدون مس المصحف لا يشترط لها الطهارة، بمعنى زوال الحدث الأصغر والأكبر معاً، وإنما إذا كان على جنابة لا يقرأ حتى يغتسل، وعذره يزول، بخلاف عذر الحائض التي تمكث وقتاً لا تستطيع أن تزيل عذرها بيدها.
ولما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إني كرهتُ أن أذكر الله - عز وجل - إلا على طهرٍ)) لا شك أن أعلى ما يُتطهر له هو كلام الله - سبحانه وتعالى - قال الجويني - رحمه الله -: «لكن تجوز القراءة للمحدث حدثاً أصغر؛ لأنه صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كان يقرأ مع الحدث»، لكن هذا الحديث ليس بمعروف، والذي ورد: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يذكر الله على كل أحيانه»، ومن هنا قال بعض العلماء: ما دام أنه كان يذكر الله على كل أحيانه فقراءة القرآن من ذكر الله.
ولذلك يرى بعضهم جواز قراءة القرآن للجنب، لكن الأحوط أن الجنب لا يقرأ القرآن، والأفضل أن يتطهر الإنسان لقراءة القرآن، والراجح للحائض أنه يجوز لها قراءة القرآن لكن دون مس المصحف، فإن احتاجت إلى مسه بخشبةٍ، أو بقلمٍ، أو بقفازٍ، أو بخرقةٍ ونحو ذلك فلا مانع.
3- التسوك: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن أفواهكم طرقٌ للقرآن، فطيبوها بالسواك))، وقد جاء عدد من الأحاديث في هذا الموضوع، فمن ذلك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا تسوك أحدكم ثم قام يقرأ طاف به الملك يستمع القرآن حتى يجعل فاه على فيه، فلا تخرج آيةٌ من فيه إلا في فيّ الملك))، وهذا الحديث صححه الشيخ ناصر الدين الألباني وغيره.
من فوائد السواك للقراءة:
1- أنه لا يخرج من فم قائم الليل المصلي الذي يقرأ القرآن آية إلا دخلت في فم الملك.
2- أن الملك يضع فاه على فم قارئ القرآن، القائم في الليل.
3- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم: لأن الله - سبحانه وتعالى - قال: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)[النحل:98]، ومعنى «إذا قرأت» أي: إذا أردت القراءة، قال بعض أهل العلم: يجب التعوذ عند قراءة القرآن لظاهر الأمر، وجمهور العلماء على استحباب ذلك، ومن أفضل الصيغ: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه، ونفخه، ونفثه» كما ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
والاستعاذة ليست آية من القرآن، ولذلك لا ترتل ترتيلاً، وإنما تقال: بصوتٍ عال، فإذا بدأ يقرأ رتل الترتيل المعروف، وميَّز صوته بالتلاوة، ومن فوائد الجهر بالتعوذ: إظهار شعار القراءة، وأن السامع ينصت للقراءة، ويعلم ماذا سيقوله القارئ، وأن بعده قرآن قال ابن الجزري - رحمه الله -: «المختار عند أئمة القراءة الجهر بها»، وقال بعضهم: يُسر بها، وعلى أية حال إذا تعوذ يُسمع نفسه.
وهنا مسألة: إذا كان جماعة في مقام التعليم يقرءون، فتعوذ الأول وقرأ، ثم توقف ليقرأ الثاني؛ فلا يجب إعادة الاستعاذة، لأن القراءة هنا في حكم المتصلة، فلا يجب إعادة الاستعاذة من القارئ، والثاني، والثالث.
4- البسملة: فيحافظ على قراءة البسملة أول كل سورة غير براءة، فقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعرف انقضاء السورة وابتداء السورة التي تليها بالبسملة، إلا في موضعٍ واحد وهو ما بين الأنفال وبراءة، فإن الصحابة تركوهما بغير بسملةٍ بينهما، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - توفي ولم يبين لهم هل براءة والأنفال سورة واحدة أم لا؟ فلو وضعوا البسملة صارت سورتين منفصلتين، وإذا لم يضعوا البسملة في بداية السورة توهم الناس أنهما سورة واحدة، فتركوهما بهذا الشكل الموجود الآن.
وكذلك بما أن البسملة آية فالسنة ألا تُوصل بما بعدها، فيستعيذ بالله ثم يتوقف، ثم يقرأ البسملة ويتوقف، ثم يشرع في قراءة الآيات أو السورة، وبما أن البسملة هي في بداية كل سورة؛ فإذا بدأ من وسط سورة فإنه يكتفي بالاستعاذة.
5- الترتيل: لأن الله قال: (وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلاً)[المزمل:4]، ونعتت أم سلمة - رضي الله عنها - قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قراءةً مفسرةً حرفاً حرفاً، وعن أنس - رضي الله عنه - أنه سئل عن قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: «كانت مداً، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، يمد الله - أي: المد الطبيعي حركتين -، ويمد الرحمن، ويمد الرحيم».
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -: أن رجلاً قال له: إني أقرأ المفصل في ركعةٍ واحدة، فقال: «أهذاً كهذِّ الشعر» ينكر عليه، أي: الإسراع بالقراءة: «إن قوماً يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع».
وفي الأثر عن ابن مسعود كما أخرجه الآجري: «لا تنثروه نثر الدقل - أي: التمر الرديء -، ولا تهذُّوه كهذِّ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكون همَّ أحدكم آخر السورة».
6- الاجتماع لمدارسة القرآن: كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)) فالاجتماع لتلاوة القرآن ومدارسته من السنن والمستحبات العظيمة، ولا يعني قوله: ((يتلون كتاب الله)) أي: يتلونه بصوت واحد، ولا يعني أن كل واحد يقرأ وراء الآخر مقطعاً مقطعاً، كما يفعل كثيرٌ من الناس، لأنه قد ثبت عن الصحابة - رضوان الله عليهم - أنهم كانوا إذا جلسوا أمروا واحداً منهم أن يقرأ، ويستمع الباقون.
حكم طريقة الإدارة في التلاوة:
والإدارة هي أن يقرأ كل واحد مقطعاً، ثم يقرأ الآخر، فهذه طريقةٌ مكروهة، وبعضهم يقول: مبتدعة إلا في مقام التعليم، أي: التعليم عند شيخ يأمر شخصاً أن يقرأ، ثم يأمر الآخر، وهكذا الثالث، والرابع في التحفيظ، مثلاً يسمع الأول، ثم الثاني، ثم الثالث، لكن إذا اجتمعوا مجموعة في المسجد أو في غيره ما هي السنة؟ أمروا واحداً منهم أن يقرأ، مثل أن يكون أنداهم صوتاً، أو أفضلهم قراءةً، والباقون يستمعون.
7- تحسين الصوت بالقراءة: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((حسنوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً))، وفي رواية: ((حُسن الصوت زينة القرآن)) فتحسين الصوت: تجميله، وتزيينه، والاعتناء به، والإبداع فيه، وسيأتي لهذا مزيد من الشرح - إن شاء الله -.
8- أن يُتغنى بالقرآن: وهذا تابع لما ذكرناه من تحسين الصوت به فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن))، وكذلك حديث: ((ما أذن الله لشيءٍ ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يتغنى به))، فالتغني بالقرآن من آداب التلاوة ومستحباتها، وهذا معنى التغني: تحسين الصوت.
9- عدم الجهر بالقراءة على الآخرين: فلا يجهر شخصٌ على شخصٍ بالقراءة فيرفع صوته، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن))؛ لئلا يكون ذلك سبيلاً إلى التشويش».
10- قطع القراءة عند النعاس والتثاؤب: فمن نعس كف عن القراءة فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه فلم يدرِ ما يقول فليضطجع)) أي: يذهب وينام حتى لا يخلط القرآن بغيره، أو تلتبس عليه الآيات، فيُقدم ويُؤخر، أو يهذي ويذكر حروفاً ليست فيه ونحو ذلك مما يفعله النعسان، فإذا نعس فعليه أن يذهب وينام.
11- الاعتناء بالسور التي لها فضل: فيُكثر من قراءتها فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة! فإنه من قرأ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ)[الإخلاص:1-2] في ليلة فقد قرأ في ليلته ثلث القرآن))، وفي رواية أنه قال: ((احشدوا فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن))، ثم قرأ عليهم سورة: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ).
12- عدم القراءة في الركوع أو السجود: لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: ((أيها الناس! إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له، ألا وإني نهيتُ أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمنٌ أن يستجاب لكم)).
ومن أسباب هذا وعلته: ما ذكره شيخ الإسلام - رحمه الله - من أن الركوع والسجود من مواضع الذل، فلا ينبغي أن يقرأ القرآن في مواضع الذل، وإنما فيه تسبيح الله - سبحانه وتعالى -، وذكر أهل العلم أنه إذا قرأ شيئاً من القرآن في الركوع أو السجود، وأتى بدعاء من القرآن بقصد الدعاء؛ فإنه لا بأس به كأن يقول: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة:201]، أو: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)[الفرقان:74]، (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ)[نوح:28]، ونحو ذلك مما ورد من الأدعية في القرآن على سبيل الدعاء فلا بأس به.
13- الصبر على الصعوبة في القراءة: فيصبر الشخص الذي يجد صعوبةً في التلاوة عليها مثل العامي الذي يتعب في القراءة؛ لأنه لم يدرس ذلك، أو لم تتهيأ له الفرصة لذلك، أو الشخص الذي في لسانه شيء، أو في تركيبة أسنانه شيء، قد يكون يشق عليه القراءة؛ فيصبر على ذلك، وأجره عظيم، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الذي يقرأ القرآن وهو ماهرٌ به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ وهو عليه شاق له أجران))، فلو صبر على هذه المشقة، وحاول أن يتعلم ما استطاع؛ فلا شك أنه يؤجر أجراً عظيماً.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 137.44 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 135.72 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.25%)]