شعبان.. الشهر المغفول عنه! - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1059 - عددالزوار : 125881 )           »          طريقة عمل ساندوتش دجاج سبايسى.. ينفع للأطفال وللشغل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          وصفات طبيعية للتخلص من حب الشباب بخطوات بسيطة.. من العسل لخل التفاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          طريقة عمل لفائف الكوسة بالجبنة فى الفرن.. وجبة خفيفة وصحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          وصفات طبيعية لتقشير البشرة.. تخلصى من الجلد الميت بسهولة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          هل تظل بشرتك جافة حتى بعد الترطيب؟.. اعرفى السبب وطرق العلاج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          استعد لدخول الحضانة.. 6 نصائح يجب تنفيذها قبل إلحاق طفلك بروضة الأطفال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          سنة أولى جواز.. 5 نصائح للتفاهم وتجنب المشاكل والخلافات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          طريقة عمل العاشوراء بخطوات بسيطة.. زى المحلات بالظبط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          طريقة عمل لفائف البطاطس المحشوة بالدجاج والجبنة.. أكلة سهلة وسريعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 03-05-2020, 11:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,668
الدولة : Egypt
افتراضي شعبان.. الشهر المغفول عنه!

شعبان.. الشهر المغفول عنه!
أحمد بن عبد الله الحزيمي





الْحَمْدُ للَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]...

أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ خَيْرَ الْكَلَامِ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ


عِبَادَ اللهِ.. أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ الْعَلِيِّ الْقَدِيرِ الْقَائِلِ فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج: 77].
إِخْوَةَ الإِسْلامِ...هَا هُوَ شَهْرُ شَعْبَانَ يَهِلُّ عَلَيْنَا هِلالُهُ، مُبَشِّراً بِقُرْبِ شَهْرِ رَمَضَانَ، شَهْرُ الْخَيْرِ والطَّاعَةِ والْغُفْرَانِ.

هَذَا الشَّهْرُ - عِبَادَ اللهِ - يَغْفُلُ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، هَكَذَا قَالَه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ.

عِبَادَ اللهِ... اسْتَنْبَطَ الْعُلَمَاءُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ" اسْتِحْبَابَ عِمَارَةِ أَوْقَاتِ غَفْلَةِ النَّاسِ بالطَّاعَاتِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مَحبُوبٌ عِنْدَ اللهِ عزَّ وَجَلَّ، لِأَنَّهُ أَخفَى لِلْعَمَلِ وَأَدْعَى للإِخْلَاصِ وَالْقَبُولِ.

لَقَدْ ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَبَيْنِ لِتَفْضِيلِ هَذَا الشَّهْرِ، فَأَوَّلُهُمَا أَنَّهُ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ لِوُقُوعِهِ بَيْنَ شَهْرَينِ عَظِيمَيْنِ، والثَّانِي أنَّهُ تُرْفَعُ فِيهِ أَعْمَالُ الْعِبَادِ إِلَى اللهِ تَعَالَى, فَأَرَادَ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلُهُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَهَذَا الْعَرْضُ لِلْأَعْمَالِ هُوَ الْعَرْضُ السَّنَوِيُّ؛ فَإِنَّ عَرْضَ الْأَعْمَالِ عَلَى اللهِ يَوْمِيٌّ وَأُسْبُوعِيٌّ وَسَنَوِيٌّ؛ فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ عَمَلُ اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ بِاللَّيْلِ، وَالْأُسْبُوعِيُّ يُعْرَضُ عَلَيْهِ يَوْمَيِ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ؛ وَلِذَلِكَ نَدَبَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَى صِيَامِهِمَا، وَأَمَّا الْسَّنَوِيُّ فتُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِي شَعْبَانَ؛ فَاسْتُحِبَّ صِيَامُ أَكْثَرِهِ.

أيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ... إِنَّ صِيامَ أَكْثَرِ شَعْبَانَ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ أُمُّنَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: "لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّهْرِ مِنَ السَّنَةِ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: "كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ"، وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: "مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ إِلَّا شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ"، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ، قَالَ الإِمَامُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ: "صَوْمُ شَعْبَانَ كالتَّمْرِينِ عَلَى صِيَامِ رَمَضَانَ؛ لِئَلَّا يَدْخُلَ في صَوْمِ رَمَضَانَ عَلَى مَشَقَّةٍ وَكَلَفَةٍ، بَلْ يَكُونُ قَدْ تَمَرَّنَ عَلَى الصِّيَامِ واعْتَادَهُ وَوَجَدَ بِصِيَامِ شَعْبَانَ قَبْلَهُ حَلاوَةَ الصِّيَامِ ولَذَّتَهُ، فَيَدْخُلُ فِي صِيَامِ رَمضَانَ بِقُوَّةٍ وَنَشَاطٍ" انتهَى كَلامُهُ رَحِمَهُ اللهُ.

فَلَا تُفَرِّطُوا فِي صِيَامِ مَا تَسْتَطِيعُونَ مِنْ أَيَّامِهِ اغْتِنَامًا لِلْأَجْرِ، كَأَيَّامِ الاثْنَيْنِ والْخَمِيسِ وَأَيَّامِ الْبِيضِ... وَحُثُّوا أَبْنَاءَكُمْ وَدَرِّبُوهُمْ عَلَيْهِ؛ حَتَّى لا يُصَابُوا بِثِقَلٍ أَوْ تَعَبٍ فِي رَمَضَانَ.

عِبَادَ اللهِ... مُشْكِلَتُنَا أَنَّنَا فِي كُلِّ عَامٍّ يَأْتِينَا رَمَضَانُ وَنَحْنُ غَافِلُونَ، فَنَبْدَأُ فِي الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ مِنَ الصِّفْرِ، ثُمَّ نَرْقَى شَيْئاً فَشَيْئاً فَلَا نَكَادُ نَجِدُ طَعْمَ الْعِبَادَةِ وَحَلاَوَةَ الطَّاعَةِ إلَّا وَقَدْ انْقَضَى رَمَضَانُ، وَانْطَوَتْ صَحَائِفُهُ فَنَنْدَمُ وَنَتَحَسَّرُ وَنَتَأَلَّمُ، وَنَقُولُ: نُعَوِّضُ فِي الْعَامِ الْقَادِمِ، وَيَأْتِي الْعَامُ الْقَادِمُ فَلَا يَكُونُ أَحْسَنَ حَالاً مِنْ سَابِقِهِ، وَهَكَذَا حَتَّى يَحِقَّ الْحَقُّ وَيُغَادِرُ الْإِنْسانُ دُنْيَاهُ وَهُوَ كَمَا هُوَ! وَلَوْ أَنَّنَا تَذَكَّرْنَا مَا كَانَ يُقَالُ عَنْ أَسْلافِنَا، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَقْبِلُونَ رَمَضَانَ قَبْلَ مَجِيئِهِ بِسِتَّةٍ أَشْهُرٍ، لَوْ تَذَكَّرْنَا هَذَا لَعَرَفْنَا لِمَاذَا كَانُوا يَجِدُونَ لِرَمَضَانَ طَعْمَا رُبَّمَا لَا نَجِدُهُ نَحْنُ، الْقَضِيَّةُ إِذَنْ قَضِيَّةُ اسْتِعْدَادٍ لِهَذَا الشَّهْرِ بِالْعِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ وَالْبِرِّ. الْقَضِيَّةُ إِذَنْ قَضِيَّةُ اغْتِنَامِ أَوْقَاتِ شَهْرِ شَعْبَانَ الْمُبَارَكِ حَتَّى لَا يَأْتِي رَمَضَانُ إلَّا وَقَدْ ارْتَقَى الْإِنْسَانُ مَنَازِلَ عَالِيَةً مِنَ الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ.

عِبَادَ اللَّهِ... وَمِمَّا يُسْتَفَادُ مِنَ الْإِكْثَارِ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ مِنَ الصِّيَامِ وَالطَّاعَةِ، هُوَ تَطْهِيرُ النَّفْسِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي، والتَّوْبَةُ إِلَى اللهِ تَعَالَى، حَتَّى لَا يَدْخُلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ إلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ نَقِيٌّ، فَإِنَّ رَمَضَانَ عِطْرٌ، وَلَا يُعَطَّرُ الثَّوْبُ حَتَّى يُغْسَلَ، وَهَذَا شَهْرُ الْغُسْلِ، غُسْلِ النَّفْسِ مِنْ دَرَنِ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايا.

إِخْوَةَ الإِسْلامِ... وَإِنَّ مِنَ الطَّاعَاتِ الَّتِي دَرَجَ السَّلَفُ الصَّالِحُ عَلَيْهَا فِي شَهْرِ شَعْبَانَ قِرَاءةُ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، فَقَدْ كَانُوا يَجِدُّونَ فِي شَعْبَانَ، وَيَتَهَيَّؤونَ فِيهِ لِرَمَضَانَ بِكَثْرَةِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "كَانَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا دَخَلَ شَعْبَانُ أَكَّبُوا عَلَى الْمَصَاحِفِ فَقَرَؤُوهَا وأَخْرَجُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ تَقْوِيَةٍ لِضَعِيفِهِمْ عَلَى الصَّوْمِ". وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ -أَحَدُ التَّابِعِينَ - رَحِمَهُ اللهُ -: "كَانَ يُقَالُ: شَهْرُ شَعْبَانَ شَهْرُ الْقُرَّاءِ"، وَكَانَ عَمْروُ بْنُ قَيْسٍ–وهوَ مِنَ التَّابِعِينَ أَيْضًا - إِذَا دَخَلَ شَهْرُ شَعْبَانَ أَغْلَقَ حَانُوتَهُ - أَيْ دُكَّانَهُ - وَتَفَرَّغَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. وَلَمَّا كَانَ شَعْبَانُ تَقْدِمَةً لِرَمَضَانَ فَحَرِيٌّ بِالْمُسْلِمِينَ أَنْ يَجْتَهِدُوا فِيهِ بِشَيْءٍ مِمَّا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ... وَيَجْدُرُ التَّذْكيرُ إِلَى وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّوْمِ لِمَنْ كَانَ قَدْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ الْمَاضِي، فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ إِلَى مَا بَعْدَ رَمَضَانَ الْقَادِمِ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَلْيُذَكِّرْ كُلٌّ مِنَّا أَهْلَ بَيْتِهِ بِذَلِكَ. وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الْقَضَاءِ قَبْلَ رَمَضَانَ وَلَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ آثِمٌ وَيَلْزَمُهُ أَمْرَانِ: الأَوَّلُ التَّوْبَةُ، والثَّانِي الْقَضَاءُ، وَأَمْرٌ ثَالِثٌ يَلْزَمُهُ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ إِطْعَامُ مِسْكِينَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ يَقْضِيهِ.

وَمِمَّا يَحْسُنُ التَّنْبِيهُ إِلَيْهِ أَيْضًا أَنَّهُ يَحْرُمُ تَقَدُّمُ رَمَضَانَ بِالصِّيَامِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، بِنِيَّةِ الاِحْتِيَاطِ، فَلَا يُصَامُ إلاَّ بِرُؤْيَةِ هَلاَلِ رَمَضَانَ، أَوْ إِكْمَالِ عِدَّةِ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، فَصَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ مَنْهِيٌّ عَنْه قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. فَلَيْسَ دَاخِلاً فِي التَّحْرِيمِ مَنْ كَانَ لَهُ عَادَةُ صَوْمٍ، فَصَادَفَ قَبْلَ رَمَضانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ صَامَ قَضَاءً. فَلْنَحْرِصْ - رَحِمَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ - عَلَى الْإكْثَارِ مِنَ الطَّاعَاتِ وَاجْتِنَابِ السَّيِّئَاتِ، وَلْنَغْتَنِمْ فَرَاغَنَا قَبْلَ شُغُلِنَا، وَصِحَّتَنَا قَبْلَ سَقَمِنَا، وَحَيَاتَنَا قَبْلَ مَوْتِنَا، وَغِنَانَا قَبْلَ فَقْرِنَا. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمِ لِي وَلَكُمْ.

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ...

أمَّا بَعْدُ:
فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ الْهُدَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَفِي بِهَذَا الشَّهْرِ بِأَعْمَالٍ خَاصَّةٍ غَيْرَ الصِّيَامِ، فَلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِالْبَرَكَةِ فِي هَذَا الشَّهْرِ، أَمَّا مَا يُرْوَى عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَجَبٍ قَالَ: "اللهمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ، وَبَلِّغْنَا رَمَضانَ"، فَقَدْ ضَعَّفَهُ الْحُفَّاظُ.

وَمِنْهَا تَعْظِيمُ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَإِظْهَارُ الْفَرَحِ وَالزِّينَةِ، وَالاِحْتِفَاءُ بِهَا بِالصَّلاَةِ وَالذِّكْرِ وَالاِجْتِمَاعِ فِي الْمَسَاجِدِ وَإِنْشَادِ الْقصَائِدِ وَالْمَدَائِحِ، أَوْ صَوْمِ نَهَارِهَا، كُلُّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا مِنْ فِعْلِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَلَمْ يَرِدْ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ خَصُّوا هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِصَلاَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَلَوْ كَانَ خَيْرًا لِسَبَقُوا غَيْرَهُمْ إِلَيهِ، قَالَ سَمَاحَةُ الشَّيْخِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ بَازِ رَحِمَهُ اللهُ: "مِنَ الْبِدَعِ الَّتِي أَحْدَثَهَا بَعْضُ: بِدْعَةُ الْاِحْتِفَالِ بِلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَتَخْصِيصُ يَوْمِهَا بِالصِّيَامِ، وَلَيْسَ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي فَضْلِهَا أَحادِيثُ ضَعِيفَةٌ لَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيهَا، أَمَّا مَا وَرَدَ فِي فَضْلِ الصَّلاَةِ فِيهَا فَكُلُّهُ مَوْضُوعٌ" انتهَى كَلامُهُ رَحِمَهُ اللهُ.

وَخَيْرٌ مِنْ هَذَا كُلِّهِ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ: "يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَهَذَا مِنْ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى وَكَرَمِهِ وَرَحْمَتِهِ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ أَنْ جَعَلَ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، فَلَهُ الْحَمْدُ أَوَّلاً وآخِرًا.


نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلا أَنْ يَرْزُقَنَا اغْتِنَامَ شَعْبَانَ، وَأَنْ يُبَلِّغَنَا رَمَضانَ، وَأَنْ يَكْتُبَ لَنَا فِيهِ الرَّحْمَةَ وَالرِّضْوانَ وَالْعِتْقَ مِنَ النِّيَرانِ.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 81.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 79.98 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.11%)]