فضل صلاة التهجد - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1054 - عددالزوار : 125458 )           »          طريقة عمل ساندوتش دجاج سبايسى.. ينفع للأطفال وللشغل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          وصفات طبيعية للتخلص من حب الشباب بخطوات بسيطة.. من العسل لخل التفاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          طريقة عمل لفائف الكوسة بالجبنة فى الفرن.. وجبة خفيفة وصحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          وصفات طبيعية لتقشير البشرة.. تخلصى من الجلد الميت بسهولة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          هل تظل بشرتك جافة حتى بعد الترطيب؟.. اعرفى السبب وطرق العلاج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          استعد لدخول الحضانة.. 6 نصائح يجب تنفيذها قبل إلحاق طفلك بروضة الأطفال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          سنة أولى جواز.. 5 نصائح للتفاهم وتجنب المشاكل والخلافات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          طريقة عمل العاشوراء بخطوات بسيطة.. زى المحلات بالظبط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          طريقة عمل لفائف البطاطس المحشوة بالدجاج والجبنة.. أكلة سهلة وسريعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-04-2020, 10:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,663
الدولة : Egypt
افتراضي فضل صلاة التهجد


فضل صلاة التهجد(1)


الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل


الحمد لله العليم الحكيم؛ وفق من شاء من عباده للخيرات، واكتساب الحسنات، فكان سعيهم مشكورا، وعملهم مبرورا، نحمده على فضله ونعمه، ونشكره على آلائه ومننه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ اصطفى من خلقه عبادا تركوا الدنيا لأهلها، وأقبلوا بقلوبهم على الآخرة {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ الله وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح:29] وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ ما صام أحد كصيامه، ولا قام كقيامه، وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، خير صحب وآل، والتابعين لهم بإحسان.



أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وأحسنوا ختام شكركم، واستدركوا فيما بقي منه ما فاتكم، واعلموا أن هذه الليالي القلائل هي خير الليالي، وحريٌ أن تكون فيها ليلة القدر، وهي خير من ألف شهر، من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه؛ فلا تحرموا أنفسكم بركتها، واعملوا بخير ما عندكم فيها؛ فإن الجزاء فيها كبير، وهبات الرحمن عظيمة، والمحروم من حرم خير الله تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدُخان:3-4].




أيها الناس: في هذه الليالي العظيمة تعج مساجد المسلمين في أول الليل وآخره بالمصلين: قائمين راكعين ساجدين، يتلون كتاب ربهم، وينصتون إلى آيته خاشعين متدبرين، متبعين هدي نبيهم محمد عليه الصلاة والسلام الذي شرع لهم قيام رمضان جماعة في المساجد، كما شرع لهم قيام الليل طوال السنة في بيوتهم.



وأحيا عمر رضي الله عنه سنة النبي عليه الصلاة والسلام، وجمع الناس على أئمتهم في رمضان، وكان هذا دأب المسلمين بتتابع القرون، وتطاول السنون، يحيون ليالي رمضان في المساجد، ويخصون العشر الأخيرة منه بمزيد عناية واجتهاد؛ تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، فيزيدون في ركعات الصلاة، ويطيلون القنوت والركوع والسجود.



والصلاة من أفضل الأعمال البدنية، ومن خير ما يتطوع به المسلم لربه عز وجل، وهي صلة بين العبد وربه، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؛ فإذا كانت الصلاة في أفضل شهر كانت أعظم، فكيف إذن إن كانت في خير عشر، وفي أفضل وقت وهو ثلث الليل الآخر، حين ينزل الرب جل جلاله، يغفر للمستغفرين، ويجيب الداعين، ويعطي السائلين.



لقد اجتمعت في قيام هذه الليالي المباركة فضيلة العمل وهو الصلاة، وفضيلة الشهر وهو رمضان، وفضيلة عشره الأخيرة، وفضيلة الوقت وهو ثلث الليل الآخر. وهذا العمل الصالح الجليل الذي كان في أشرف الزمان وأشرف الأماكن، وبهيئات هي أشرف الهيئات، إنما كان لله تعالى الذي لا يستحق العبادة سواه، وهو الكريم الجواد الذي بيده خزائن كل شيء، ويُعْطِي عطاء جزيلا على قليل الأعمال، فما ظنكم -يا عباد الله- بعطايا ربكم للمتهجدين، ولا سيما إذا علمنا ما في التهجد من فضيلة!!



إن قيام الليل له من الفضل والمنفعة للمؤمن ما لا يعده العادون، ولا يحصيه المحصون، ومن عظيم فضله أنه كان فرضا في أول الإسلام، وخوطب به النبي عليه الصلاة والسلام في مكة، ولمَّا تكتمل بعدُ شرائع الإسلام، ولا أقيمت للمسلمين دولة.



بل إن الأمر بقيام الليل جاء في أوائل السور المكية نزولا، وهي سورة المزمل التي هي ثانية السور نزولا أو ثالثتها أو رابعتها على خلاف بين المفسرين، ولو كانت الرابعة على أبعد تقدير فهي متقدمة جدا، وهذا يدل على مكانة قيام الليل من شريعة الإسلام؛ إذ جاء فيما تقدم نزوله من القرآن {يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ القُرْآَنَ تَرْتِيلًا} [المزمل:1-4] وسأل سعد بن هشام رحمه الله تعالى عائشة رضي الله عنها عن قِيَامِ الرسول عليه الصلاة والسلام فقالت: (أَلَسْتَ تَقْرَأُ: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ؟ قلت: بَلَى، قالت: فإن اللَّهَ عز وجل افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ في أَوَّلِ هذه السُّورَةِ فَقَامَ نَبِيُّ الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ حَوْلًا وَأَمْسَكَ الله خَاتِمَتَهَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا في السَّمَاءِ حتى أَنْزَلَ الله في آخِرِ هذه السُّورَةِ التَّخْفِيفَ فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ) رواه مسلم.



وفي رواية لأبي داود والدارمي: (فَقَامَ أَصْحَابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ وَحُبِسَ خَاتِمَتُهَا في السَّمَاءِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ نَزَلَ آخِرُهَا فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ).



بيد أن قيام الليل وإن وُضع فرضه عن المسلمين؛ رحمة من الله تعالى بهم، وتخفيفا علىهم؛ لعجزهم وضعفهم؛ فإنه ظل فريضة على النبي عليه الصلاة والسلام؛ تعظيما لشأنه، وزيادة في رفعة درجاته، وتخصيصا له بفضائل الأعمال كما اختصه الله تعالى بأعلى المنازل والمقامات؛ وفي سورة الإسراء خوطب النبي عليه الصلاة والسلام بالفرائض، ثم خُوطب عقبها بقيام الليل {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء:79] أي لأجلك، وهذا دليل اختصاص النبي عليه الصلاة والسلام بفرض قيام الليل دون أمته.



والله تعالى لا يختار لخاتم رسله إلا ما هو أفضل وأكمل، ولا يفترض عليه إلا ما يقربه إليه، ولا سيما أن الله تعالى قد علَّلَ هذا الأمر لنبيه عليه الصلاة والسلام في فرض قيام الليل عليه بقوله سبحانه {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء:79].



والمقام المحمود مقام عظيم جليل يوم القيامة، وهو مقام الشفاعة للخلق بأن يُقضى بينهم، ولا يكون ذلك المقام إلا للنبي عليه الصلاة والسلام، حين يشفع عند الله تعالى فيقبل الله تعالى شفاعته، فيغبطه المرسلون عليهم السلام على ذلك المقام.



فكان المتأسي بالنبي عليه الصلاة والسلام في قيام الليل قد تأسى بما اختاره الله تعالى له، وفرضه عليه؛ ليعطيه المقام المحمود، وفي ذلك من الفضيلة ما لا يخفى.



وقيام الليل جاء الأمر به في القرآن كثيرا:


ففي سورة ق {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق:40].


وفي الطور {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطُّور:49].



وفي الإنسان {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا} [الإنسان:26].



وأثنى سبحانه وتعالى على المتهجدين فقال {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزُّمر:9].



وفي الأمم التي سبقتنا صالحون متهجدون يقومون بآيات الله تعالى والناس نيام فامتدحهم الله تعالى بذلك {مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ الله آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران:113].



وذكر سبحانه في الفرقان صفات عباده عز وجل، ومنها {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان:64]، ثم بين سبحانه أن مأواهم الجنة بقوله سبحانه {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} [الفرقان:75-76].



وفي مقام آخر ذكر سبحانه وتعالى ما أعد لعباده المتقين في الجنة من النعيم المقيم، وذكر من صفاتهم {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالقَانِتِينَ وَالمُنْفِقِينَ وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} [آل عمران:17].



وفي موضع ثالث أخبر عز وجل أن للمتقين جنات النعيم، وذكر من أعمالهم أنهم {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات:17].



وذكر سبحانه وتعالى أن المؤمنين بآيات الله تعالى تنتفع قلوبهم بها، فيخشعون عندها، وينقادون لها، ويتأثرون بمواعظها، فتزيدهم تعظيما لله تعالى وإجلالا، وخضوعا وإذعانا، ومحبة وخوفا ورجاء، ثم قال سبحانه في وصف حالهم بالليل والناس نيام {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السجدة:16] والجنوب لا تتجافى عن المضاجع إلا إذا تحركت القلوب، والقلوب إنما تهتم للأمور العظيمة المهمة، وهل شيء في الدنيا -بعد الإيمان- أعظم وأجلُّ وأهمُّ من مناجاة الله تعالى في هجعة الليل وسكون الخلق؟! ولا يدرك عظمة ذلك إلا أصحاب القلوب الحيَّة، والضمائر اليقظة، الذين عرفوا قدر ربهم، فعظموه حق التعظيم، وانتفضوا من فرشهم لجلاله في الليل البهيم، ذاكرين مسبحين مستغفرين.


عرفوا ضعف أنفسهم وعجزهم وهوانهم وحاجتهم إلى الله تعالى، وافتقارهم إليه؛ فسألوا حاجاتهم ممن يقضي الحاجات، واستغفروا من يغفر الذنوب {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ} [آل عمران:135].


وقراءة الليل أقوى حضورا للقلب، وأعظم تأثيرا في النفس، وأكثر خشوعا، وأحرى بالتدبر؛ فكانت صلاة الليل أفضل الصلاة بعد الفريضة {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل:6] وروى أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ الله الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ) رواه مسلم.



فخذوا حظكم -عباد الله- من هذه الليالي المباركة التي هي خير الليالي، وأحيوها بالقرآن قراءة وتدبرا وخشوعا، وانطرحوا فيها على باب ربكم عز وجل؛ فله فيها هبات عظيمة من حازها فاز وسعد في الدارين، ومن فاتته فوالله إنه المغبون {وَلله خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ المُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ} [المنافقون:7].



بارك الله لي ولكم في القرآن…..




الخطبة الثانية


الحمد لله الجواد الكريم؛ يعطي جزيلا على القليل، ويغفر الذنب العظيم، نحمده ونشكره ونتوب إليه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.


أما بعد فاتقوا الله تعالى، واعملوا صالحا؛ فلا يبقى للعبد في قبره وآخرته إلا عمله في الدنيا {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه: 112].



أيها المسلمون: قيام الليل سبب للقرب من الله تعالى، وما صام الصائمون، وتعبد المتعبدون إلا تقربا إلى الله تعالى، روى عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن) رواه الترمذي.



وقيام الليل سبب لمحبته عز وجل لعبده القائم القانت، ومَنْ مِنَ المؤمنين لا يرجو محبته سبحانه ؛ روى أبو الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم ….وذكر منهم: الذي له امرأة حسنة وفراش لين حسن فيقوم من الليل فيقول الله عز وجل: يذر شهوته ويذكرني ولو شاء رقد) رواه الطبراني وحسنه المنذري.



وجاء في حديث ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: أن رَبَّنَا عز وجل عَجِبَ من رَجُلٍ ثَارَ عن وِطَائِهِ وَلِحَافِهِ من بَيْنِ أَهْلِهِ وَحَبِّهِ إلى صَلاَتِهِ فيقول رَبُّنَا: أَيَا ملائكتي، انْظُرُوا إلى عبدي ثَارَ من فِرَاشِهِ ووطائه مِنْ بَيْنِ حَبِّهِ وَأَهْلِهِ إلى صَلاَتِهِ رَغْبَةً فِيمَا عندي وَشَفَقَةً مِمَّا عندي) رواه أحمد وصححه ابن حبان.



وفي رواية للطبراني: (فيقول اللَّهُ عز وجل لِمَلائِكَتِهِ: ما حَمَلَ عَبْدِي هذا على ما صَنَعَ؟ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا رَجَاءَ ما عِنْدَكَ وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدَكَ، فيقول: فَإِنَّي قد أَعْطَيْتُهُ ما رَجَا وَأَمَّنْتُهُ مِمَّا خَافَ) جاء مرفوعا وموقوفا، قال الدارقطني: والموقوف أصح.



أرأيتم يا عباد الله لو أن ملكا من ملوك الدنيا ضرب موعدا لأحد الناس في جوف الليل الآخر ليقابله وحده، ويسمع شكايته، ويقضي حاجته، بل ويكون لقاؤه به سبب قربه منه، ومحبته له، أتراه يهنأ بنوم تلك الليلة؟ كلا، بل لا ينام، وإن نام فنومُ متيقظٍ لا يكاد يخفق رأسه إلا فزع يخشى فوات موعده، فما ظنكم بمن سيناجي ربَّ العالمين، وملك الملوك، ومن خزائن الدنيا والآخرة بيده، ومن يقضي كل الحاجات، لا يعجزه شيء، ولا يستعظم عطاءً أعطاه؛ يناجيه لينال قربه ومحبته، ويسأله حاجته، ما ظنكم به!!



وكم أغدق ربنا جل في علاه على الخلق منذ خلقهم؟ وكم أعطاهم وهم يعصونه؟ وما أمسك عنهم رزقه، ولا أغلق دونهم خزائنه؛ بل يعطي ويعطي ويعطي {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ الله بَاقٍ} [النحل:96] {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} [ص:54].



فهنيئا لمؤمن يتوضأ في جوف الليل والناس نيام، فيخلو بربه يناجيه، يتلو كتابه، ويسأل حاجته، ويُلِّح عليه في سؤاله؛ فو الله ما خسر ولا خاب، ولا يردُّه الكريم الوهاب، وفي الليل ساعة إجابة قد يوافقها فينال حظه منها، فما أوفر حظه!وما أسعده! روى جَابِرٌ رضي الله عنه فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّ في اللَّيْلِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا من أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إلا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ) رواه مسلم.


فأين من وقفوا على أبواب الملوك والأغنياء، ينتظرون ساعات تلو ساعات؛ لحاجات يسألونهم قضاءها، أو لقليل من الدنيا يرجونه، ربما أدركوه وربما فاتهم.


أين هم عن أبواب الكريم الوهاب، وقيام الليل باب من أبوابه، وجوف الليل الآخر من أوسع أبوابه، وهذه الليالي الفاضلة هي أوسع الليالي لرحمته ومغفرته وعطائه، وفي ليلة القدر تكتب الآجال والأرزاق والمقادير؛ فليكونوا فيها حيث أمرهم الله تعالى في مساجدهم وخلواتهم، وليسألوا ربهم حاجاتهم؛ فإنهم لا يخيبون كما يخيبون عند أبواب أهل الدنيا، روت أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها فقالت: (اسْتَيْقَظَ النبي صلى الله عليه وسلم من اللَّيْلِ وهو يقول: لَا إِلَهَ إلا الله مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ من الْفِتْنَةِ؟ مَاذَا أُنْزِلَ من الْخَزَائِنِ؟ من يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ؟ كَمْ من كَاسِيَةٍ في الدُّنْيَا عَارِيَةٍ يوم الْقِيَامَةِ) رواه البخاري.



اللهم أغدق علينا من فضلك، وأوجب لنا رحمتك، وخذ بنواصينا إلى ما يرضيك عنا، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وافتح لنا أبواب مناجاتك، واجعلنا من عبادك المقربين السابقين، واقبل منا ومن المسلمين، آمين يا رب العالمين.



اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم....






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27-04-2020, 10:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,663
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فضل صلاة التهجد


فضل صلاة التهجد(2)


الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل




الحمد لله الغفور الودود، يَتَوَدَّد لعباده بالنِّعم والخيرات، ويضاعف لهم الأجور والحسنات، ويُكَفِّر عنهم الخطايا والسيئات، نحمده على عظيم نعمه، ونشكره على جزيل فضله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له في هذه الليالي هبات وعطايا، ورحمات ونفحات، مَن أصابته فاز فوزًا كبيرًا، ومَن حرمها حرم خيرًا كثيرًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، خير مَن صامَ وقام وعَبَدَ الله - تعالى - صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أما بعد، فاتَّقوا الله ربكم - أيها المسلمون - واغتنموا ما بقي من أعماركم فيما ينفعكم، وأَحْسِنوا ختام شهركم، واستعدوا لما أمامكم بالأعمال الصالحة؛ فإن الكَيِّس الفَطِن من عَمَّر آخرته في دُنياه، وسابق في مغفرة ربه ورضاه، ألا وإنَّ الأعمار مستودع الأعمال، وكلٌّ يجد غدًا ما استودعه فيها من خير وشر؛ {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالعِبَادِ} [آل عمران: 30].

أيها الناس:
هذه الليالي المُبَاركات من ليالي الرَّب - جل جلاله - تَتَنَزَّل فيها رحماته، وتَعْظُم هباته، ويعتق خلقًا كثيرًا من عباده من النار، وأحظى الناس بذلك من عمروا هذه الليالي بطول القنوت، والتَّدَبُّر والخشوع، وكثرة الركوع والسجود، وألَّحوا على الله - تعالى - بالدعاء في أوقات تجليه - سبحانه - لعباده، ونزوله إلى سماء الدنيا؛ ليعطي السائلين، ويغفر للمستغفرين، ويجيب دعاء الداعين، بينما غيرهم في سُبات ورقدة، أو لَهْوٍ وغَفْلة.

إنَّ هذه الليالي العظيمة هي ليالي الذِّكر، والقرآن، والدعاء، والقيام، وصلاة الليل هي أفضل الصلاة بعد الفريضة؛ كما جاء في الحديث، وثلث الليل الآخر هو أفضل أجزاء الليل؛ {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: 6]، وقد أمر الله - تعالى - بصلاة الليل ورَغَّبَ فيها، وحَضَّ العِباد عليها في كثيرٍ منَ الآيات؛ فقال - تعالى -: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79]، وفي آية أخرى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا} [الإنسان: 26].

وأثنى - سبحانه - على المُتَهَجِّدين، فقال في وصفهم: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السجدة: 16].

ولأهميَّة صلاة الليل في حياة المسلم، وأثرها في صلاح قلبه، واستقامة دينه، وثبات أمره؛ كانت فرضًا في أول الإسلام، وقام الصحابة - رضي الله عنهم - حتى تَوَرَّمَت أقدامهم من طول القنوت، ثم خَفَّفَ الله - تعالى - عن المسلمين فرفع فرضها وأبقى فضلها.

وفي هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - للمدينة كان قيام الليل من أوائل ما حَضَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه، ودعا الناس إليه، ورغبهم فيه؛ كما في حديث عبدالله بن سَلَام - رضي الله عنه - قال: لَمَّا قَدِمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة انْجَفَلَ الناس إليه، وقيل: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجئت في الناس، لأنظر إليه، فلما اسْتَبَنْتُ وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَرَفْتُ أنَّ وَجْهَه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء تَكَلَّمَ به أن قال: ((يا أيُّها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام))؛ رواه الترمذي وابن ماجه.

وأهل قيام الليل موعودون بِغُرَفٍ حسنة في أعالي الجنان؛ كما في حديث عَلِىٍّ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن في الجَنَّةِ لَغُرَفًا، يُرَى بُطُونُهَا من ظُهُورِهَا، وَظُهُورُهَا من بُطُونِهَا))، فقال أعرابي: يا رسول الله، لمن هي؟ قال: ((لِمَنْ أَطَابَ الكلام، وأطعم الطَّعامَ، وَصَلَّى لله بِالليل وَالنَّاسُ نِيَامٌ))؛ رواه الترمذي وصححه.

وجاء في حديث اختصام الملأ الأعلى: ((وَالدَّرَجَاتُ بَذْلُ الطَّعَامِ، وَإِفْشَاءُ السَّلاَمِ، وَالصَّلاَةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ))؛ رواه أحمد.

وأهل قيام الليل هم أهْلُ ذكر، وليسوا أهل غفلة؛ وقد قال الله - تعالى -: {وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنِ اسْتَيْقَظَ من اللَّيْلِ، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ جميعًا، كُتِبَا من الذَّاكِرِينَ الله كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ))؛ رواه أبو داود، وصححه ابن حبان.

وقد دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرحمة لكلِّ مَن قام من الليل، فأيقظ أهل بيته للصلاة؛ كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((رحم الله رجلاً قام منَ الليل، فَصَلَّى وأيقظ امرأته، فإنْ أَبَتْ نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامَتْ منَ الليل، فَصَلَّت وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء))؛ رواه أبو داود، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان.

والمُحافظة على قيام الليل من أعظم ما يُغبط عليه صاحبه؛ لأن أكثر الناس لا يطيقون الديمومة عليه، ويشغلون عنه بما هو دونه منَ النوم، أو اللهو، أو الاشتغال بالدنيا؛ ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لَا حَسَدَ إلا في اثْنَتَيْنِ، رَجُلٌ آتَاهُ الله القُرْآنَ، فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آناء اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ الله مَالًا، فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ))؛ رواه مسلم.

وقيام الليل سبب لترك الذنوب والمعاصي، والإقبال على الله - تعالى - كما جاء في القرآن: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45]، وقيام الليل هو أفضل صلاة التَّطَوُّع، وجاء في "المسند" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء رَجُلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن فُلاَنًا يصلي بِاللَّيْلِ، فإذا أَصْبَحَ سَرَقَ، قال: ((إنه سَيَنْهَاهُ ما تقول))؛ رواه أحمد، وصححه ابن حبان.

ومَن جاهد نفسه على قيام الليل، مع شدة الداعي إلى النوم والراحة، ومغالبة السَّهَر والتعب - فله ما سأل، جزاء من الله - تعالى - على جهاده لنفسه، وقيامه لربه - سبحانه وتعالى - كما في حديث عُقْبَة بن عَامِر - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((رَجُلاَنِ من أمتي يَقُومُ أَحَدُهُمَا مِنَ اللَّيْلِ، فَيُعَالِجُ نَفْسَهُ إلى الطَّهُورِ، وَعَلَيْهِ عُقَدٌ فَيَتَوَضَّأُ فإذا وضأ يَدَيْهِ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، وإذا وضأ وَجْهَهُ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، وإذا مَسَحَ رَأْسَهُ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، وإذا وضأ رِجْلَيْهِ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فيقول الرَّبُّ - عز وجل - لِلَّذِينَ وَرَاءَ الْحِجَابِ: انْظُرُوا إلى عَبْدِي هذا يُعَالِجُ نَفْسَهُ، ما سألني عبدي هذا فَهُوَ له))؛ رواه أحمد، وصححه ابن حبان.

ولما في قيام الليل من الفضائل والمنافع؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو أهله وآل بيته له، كما دعا إليه عليًّا وفاطمة - رضي الله عنهما.
وَأَوْصَت عائشة - رضي الله عنها - عبدالله بن أبي قيس بقيام الليل، ورغبته فيه، فقالت - رضي الله عنها -: لَا تَدَعْ قِيَامَ اللَّيْلِ، فإن رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان لَا يَدَعُهُ، وكان إذا مَرِضَ أو كَسِلَ صلى قَاعِدًا؛ رواه أبو داود، وصححه ابن خزيمة.

فكيف إذا أُضِيف إلى هذه الفضائل العظيمة لقيام الليل شرفُ الزمان والمكان، وفضيلةُ اجتماع المسلمين في المساجد على التَّهَجُّد في هذه الليالي الفاضلة؟ وقد جاء عن أبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن قام رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِهِ))؛ متفق عليه.

وعنه - رضي الله عنه - عنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن قام لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِهِ))؛ رواه الشيخان.

فهنيئًا لمن وَفَّقه الله - تعالى - لإحياء هذه الليالي الفاضلة بالصلاة، والقرآن، والدعاء، وهو مخلص لله - تعالى - في عمله؛ فإنَّه على خيرٍ عظيم، ويا خسارة مَن ضَيَّعَها في اللَّهو والغفلة، وواجب عليه أن يُبادرَ إلى التوبة، ويغتنم ما بقي من هذا الشهر الكريم، فعسى أن يعوضَ ما فاته منه.

أعوذ بالله منَ الشيطان الرجيم: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ} [الزُّمر: 9].

بارك الله لي ولكم.


الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه، كما ينبغي لجلال وجهه، وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومَنِ اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أما بعد، فاتقوا الله - تعالى - وأطيعوه، {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة: 281].

أيها الناس، منِ اعتاد على قيام رمضان، فإنه قادر بإذن الله - تعالى - على أن يحافظَ بعد رمضان على قدر من القيام في أول الليل، أو آخره وذلك أفضل، ولا يهجر قيام الليل إلى رمضان القابل؛ وقد جاء في حديث عبدالله بن عَمْرِو - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من قام بِعَشْرِ آيَاتٍ لم يُكْتَبْ من الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قام بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ من الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قام بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ من الْمُقَنْطِرِينَ))؛ رواه أبو داود.

واعلموا - عبادَ الله - أن الله - تعالى - قد شرع لنا زكاة الفطر؛ ترقع ما تَخَرَّق من صيامنا، وتنفع المساكين من إخواننا؛ كما روى ابن عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قال: فَرَضَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زَكَاةَ الفِطْرِ؛ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ منَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَن أَدَّاهَا قبل الصَّلَاةِ، فهي زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، ومن أَدَّاهَا بعد الصلاة، فهي صَدَقَةٌ منَ الصَّدَقَاتِ؛ رواه أبو داود.

وهي صاع من طعام، تُؤَدَّى قبل صلاة العيد، ويجوز تقديمها قبل العيد بيوم أو يومين؛ كما فعل الصحابة - رضي الله عنهم - روى ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُما - قَال: فَرَضَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ، مِنَ المسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بها أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلى الصَّلاةِ؛ رَوَاهُ الشَّيْخَان.

وَفي رواية لِلبُخَاري، قَالَ نَافِعٌ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى -: فَكَانَ ابن عَمَرَ يُعْطِي عَنِ الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ حَتَى إِنْ كَانَ يُعْطِي عَنْ بَنِيَّ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُما - يُعْطِيهَا الَّذِينَ يَقْبَلُونَها، وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَين.

أسأل الله - تعالى - أن يَتَقَبَّلَ منا ومن المسلمين، وأن يخلف رمضان علينا بخير، وأن يجعلنا من عباده الصالحين.

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 75.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 73.66 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (2.82%)]