أم شيخ الإسلام ابن تيمية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 510 - عددالزوار : 125060 )           »          شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 593 - عددالزوار : 199624 )           »          المرور بين يدي المصلي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          نصيحة لمن ترك الجمعة والجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          الزيادة في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3093 - عددالزوار : 353473 )           »          تحريم الخوف دون الطبيعي من غير الله تبارك وتعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          الصدقات تطفئ غضب الرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          السلام النفسي في فريضة الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          الدرس السابع والعشرون: حقوق الزوجة على زوجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام > ملتقى أعلام وشخصيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-03-2020, 04:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,393
الدولة : Egypt
افتراضي أم شيخ الإسلام ابن تيمية

أم شيخ الإسلام ابن تيمية
أحمد الجوهري عبد الجواد




وراء كلِّ عظيمٍ أمٌّ (2)

أمُّ شيخ الإسلام ابن تيمية


يَقيني أنَّ المرحلة التي نعيشها ستُحذف مِن تاريخ أمتنا ولن تُسَجَّل فيه؛ ذلك لأنها مرحلة شاذَّة، ليس لها فيما مَرَّ مِن أدوارها مثيلٌ، أما أمتنا فهي في كل وقت تفي فيها لدِينها أمةٌ ذات عطاء مدرار، على المستوى الجمعي والفردي.

وأحيانًا تُبهر أمتُنا متابعيها بحجم عطائها، حتى إنه يُخَيَّل إلى مَن يرقبه أنه كنزٌ مُدَّخرٌ، أو عطاءٌ مِن نوع خاص، وهو كذلك فعلًا حين يريد الله تجديد الدين في قلوب أبنائها، فيَمُن عليها بمَنْ يضع فيه الأهلية لذلك، ويضع فيمَن حوله القدرة على صناعته وتأهيله.

ومحور حديثنا في هذه السطور حول شخصية تجديدية أسهمتْ في صناعة إمام مجتهد مجددٍ، شاء الله له أن يحملَ راية الدين في القرن السابع الهجري في نواحٍ كثيرة، ليست علمية فحسبُ، بل علمية وعملية، تُثْبِت مدى حاجة المسلمين في هذا القرن إلى ظهور هذا الإمام الذي كان لا بد مِن ظهوره؛ لإعادة استثارة العالم مِن جديد إلى دين الله، بعد أن غَطَّاه ظلام البُعد عنه.

احتَلَّ ابن تيميَّة رحمه الله في العلوم الشرعية مكانةً عظيمةً سوَّغَتْ - بحقٍّ - لعارفي قدره مِن الذين عاصروه أو جاؤوا بعده - تلقيبه بلقب "شيخ الإسلام"، وقد أورد ابنُ ناصر الدمشقي في كتابه الرد الوافر (87) ترجمة لأكابر العلماء في عصر ابن تيمية وبعد عصره، ممن أطلقوا هذا اللقب عليه[1]، ورأينا جِهبذًا مِن جَهَابِذة العلماء المعاصرين، وهو الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله يدرس حياة ابن تيمية وآثاره بعد دراسته حياة الأئمة الأربعة، ويُنَوِّه إلى سبب ذلك فيقول: "برز إلى الخاطر إمام شغل عصره بفكره ورأيه ومسلكه، فدوى صوته بآرائه في مجتمعه، فتقبلتها عقول واستساغتها، وضاقت عنها أخرى وردتها، وانبرى لمنازلته المخالفون، وشد أَزْرَه الموافقون، وهو في الجمعينِ يصول ويجول، ويجادل ويناضل، والعامة من وراء الفريقين قد سيطر عليهم الإعجاب بشخصه وبيانه، وقوة جَنانه وحِدَّة لسانه، واعترتهم الدهشة لما يجيء به من آراء يجدد بها أمر هذه الأمة، ويعيد إليها دينها غضًّا قشيبًا كما ابتدأ.

ذلكم الإمام الجريء هو تقي الدين بن تيمية صاحب المواقف المشهودة، والرسائل المنضودة، اتجهتُ لدراسته مستعينًا بالله سبحانه؛ لأن دراسته دراسة لجيل، وتعرف لقبس من النور أضاء في دياجير الظلام، ولأن آراءه في الفقه والعقائد تعتنقها الآن طائفة من الأمة الإسلامية تأخذ بالشريعة في كل أحكامها وقوانينها، ولأننا نحن المصريين في قوانين الزواج والوصية والوقف قد نهلنا من آرائه؛ فكثير مما اشتمل عليه القانون رقم 25 لسنة 1929م مأخوذ من آرائه، مقتبس من اختياراته، وشروط الواقفين والوصايا اقتبست أحكامها في قانوني الوقف والوصية من أقواله.

ثم إن دراسة ذلك الإمام الجليل تعطينا صورة للفقيه قد اتصل بالحياة، وتعلق قلبه وعقله وفكره بالكتاب والسنَّة والهَدْي النبوي، والسلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، فهو يأتي بفكر سلفي آخذ بأحكام القرآن الكريم، والسنة النبوية، يعالج به مشاكل الحياة الواقعة بالقسطاس المستقيم، بل يلقي في حقل الحياة العاملة الكادحة المتوثبة بالبذرة الصالحة التي استنبطها من الكتاب والسنَّة، فتنبت الزرع، وتخرج الثمر، وتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.

وإنا وقد اتجهنا إلى دراسة ذلك العالم الكاتب الخطيب المجاهد الذي حمل السيف والسنان، كما حمل القلم والبيان، سنجتهد في دراسة حياته، ومجاوبتها لروح عصره، وتأثيرها فيه، ثم ندرس آراءه كعالم من علماء الكلام، وآراءه كفقيه، واجتهاده والأصول التي تقيد بها، ومقدار الصلة التي تربطه بالفقه الحنبلي"[2].

ومناقب ابن تيمية رحمه الله كثيرة، والنقول حولها موفورة، وشهرته - كما يقول الحافظ ابن رجب -: تغني عن الإطناب في ذكره، والإسهاب في أمره[3]، وليس غرضنا هنا إلا الإشارة، ومن أراد المزيد فعليه ببحور تراجمه، ومظانُّها معلومة، وبحسبنا أن يلمح القارئ الكريم شيئًا من رفيع مقامه لنقول:
إن ذلك المجد الرفيع قد شاركت بقوة في تأسيسه أمُّ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمها الله وعظَّم مثوبتها، وإن لم تذكر لنا الكتب شيئًا كثيرًا عنها، فإن البعض المذكور يخبرنا عما لم يذكر، ومن ذلك: الرسائل التي تناوبت بينهما حينما كان في مصر وهي - قدَّس الله روحها - في الشام، ومن ذلك أنه كتب إليها مرة رسالة يعتذر فيها عن إقامته بمصر؛ لأنه يرى ذلك أمرًا ضروريًّا لتعليم الناس الدِّين، فقال رحمه الله: مِن أحمد بن تيمية إلى الوالدة السعيدة، أقر الله عينها بنعمه، وأسبغ عليها جزيل كرمه، وجعلها من خيار إمائه وخدمه، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنا نحمَد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، وهو للحمد أهل، وهو على كل شيء قدير،ونسأله أن يصلي على خاتم النبيين، وإمام المتقين محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا.

كتابي إليكم عن نعمٍ من الله عظيمة، ومِننٍ كريمة، وآلاء جسيمة، نشكر الله عليها، ونسأله المزيد من فضله، ونِعم الله كلما جاءت في نمو وازدياد، وأياديه جلَّتْ عن التعداد.

وتعلَمون أن مقامنا الساعة في هذه البلاد إنما هو لخدمة الدين، ولأمور ضرورية، متى أهملناها فسد علينا أمر الدين والدنيا، ولسنا والله مختارين للبعد عنكم، ولو حملتنا الطيور لسرنا إليكم، ولكن الغائب عذره معه، وأنتم لو اطلعتم على باطن الأمور فإنكم - ولله الحمد - ما تختارون الساعة إلا ذلك، ولم نعزم على الإقامة والاستيطان شهرًا واحدًا، بل كل يوم نستخير الله لنا ولكم، وادعوا لنا بالخير، فنسأل الله العظيم أن يخير لنا ولكم وللمسلمين ما فيه الخيرة في خير وعافية.

ومع هذا، فقد فتح الله من أبواب الخير والرحمة والهداية والبركة ما لم يكن يخطر بالبال، ولا يدور في الخيال، ونحن في كل وقت مهمومون بالسفر، مستخيرون الله سبحانه وتعالى، فلا يظن الظان أنا نؤثر على قربكم شيئًا من أمور الدنيا، بل ولا نؤثر من أمور الدين ما يكون قربكم أرجح منه، ولكن ثم أمور كبارٌ تهم الإسلام والمسلمين، نخاف الضرر الخاص والعام من إهمالها، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب.

والمطلوب كثرة الدعاء بالخير؛ فإن الله يعلم ولا نعلم، ويقدر ولا نقدر، وهو علام الغيوب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كثيرًا كثيرًا، وعلى سائر من في البيت من الكبار والصغار، وسائر الجيران والأهل والأصحاب واحدًا واحدًا، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

ويظهر من الرسالة: أن والده الإمام عبدالحليم بن عبدالسلام بن تيمية كان قد توفي رحمه الله، وهو ما تُثبته التواريخ قبل ذلك بقريب من خمس وعشرين سنة.
ويظهر منها أيضًا: بر ابن تيمية البالغ بأمِّه، وحبه الجم لها، وإجلاله وإكباره العظيمين لها رضي الله عنهما.

ويظهر منها أيضًا: حسن ظن ابن تيمية بأمه، وثقته بدقيق فهمها وإخلاص قصدها وإرادتها، حتى ليخبر في يقين أنها لا تختار غير مراد الشرع المحبب إلى الرب سبحانه، ويعتمد في بلوغ غرضه على تقريره وتأكيده، لا طلبه والحث عليه.

ويظهر منها أيضًا: أن رسالة ابن تيمية إلى أمه - وإن رقت عبارتها وسهلت لغتها - قد اشتملت على خطاب علمي، يخبر فيه ابن تيمية أمه عن أمور علمية؛ فهو يتحدث إليها عن شؤون تتعلق بالدين، وأخرى تتعلق بالدنيا، ويتحدث فيه عن الراجح وغيره، والمصلحة والمفسدة، والعام والخاص، ويذكر الشاهد والغائب، وأعمق من هذا لو أننا غصنا في تحليل رسالته، وهذا معناه أن أمه - رفع الله درجتها - كانت على وعي بهذه الاصطلاحات، ولمَ لا وهي بين هؤلاء العمالقة: ابن تيمية الأب والجد والحفيد ومعهم جمع من أعمامه وإخوته كانوا يشكلون معهدًا علميًّا لدراسة علوم الدين الحنيف في بيتهم؟ لله هم!

ويظهر من الرسالة التي أرسلتها أمه ردًّا على رسالته ما يؤكد هذه الدروس التي استظهرناها من رسالته؛ فإنها - رحمها الله تعالى - ردت عليه بالجواب التالي: ولدي الحبيب الرضي أحمد بن تيمية، وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه، فإنه والله لمثل هذا ربيتك، ولخدمة الإسلام والمسلمين نذرتك، وعلى شرائع الدين علمتك، ولا تظنن يا ولدي أن قربك مني أحب إليَّ من قربك من دينك وخدمتك للإسلام والمسلمين في شتى الأمصار، بل يا ولدي إن غاية رضائي عليك لا يكون إلا بقدر ما تقدمه لدينك وللمسلمين، وإني يا ولدي لن أسألك غدًا أمام الله عن بُعدك عني؛ لأني أعلم أين وفيمَ أنت؟ ولكن يا أحمد، سأسألك أمام الله وأحاسبك إن قصرت في خدمة دين الله وخدمة أتباعه من إخوانك المسلمين!

رضي الله عنك، وأنار بالخير دربك، وسدَّد خطاك، وجمعني الله وإياك تحت ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته[4].

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ما هذا؟ إن كل ما قدمناه من دروس في رسالة ولدها استظهارًا ينطق هنا في رسالتها جهارًا، بل وبزيادة، فهو:
يخبر عن أي نوع من النساء كانت؛ وَعْيَ قلبٍ، وحُسن فهم، ورجاحة عقل، ونُبْل هدف.

ويخبر عن أي منزلة يتبوؤها المرء حين يكون الحق ملء جَنانه، ومطمح أمله، ودافع أقواله وأعماله.

ويخبر أية عزة يكتسبها المرء ثمرة لحُسن قصده، وإخلاص طويته، ونقاء سريرته، فإذا أعماله الظاهرة تَشِي بما بينه وبين الله من أعمال الباطن ومجاهدات الخفاء، وأنه يرزق بنيَّته وعلى قدرها، ما أظنها ترى ثوابها في مكانها أقل من ثوابه في رحلاته، وظني بها أنها منذ ولدته تحتسب عمرها في رباط، وأنها منذ خرجته من مدرستها احتسبته مجاهدًا في سبيل تحقيق هدفها، يخرج فيجاهد، ثم يجيء فيفيء إليها متحيزًا، كل حين ومين، و"المرأة الذكية إذا كانت أمًّا أو زوجة لطالب علم، لا تحسب من عمرها إلا يومًا يسطر هو فيه حرفًا - أو يقرأ حرفًا - يخدم دينه، فهي في الحقيقة اليراع والقرطاس، وهي دافع البنان والفؤاد، فعمره عمرها، ورباطه رباطها، وخروجه راحتها، وجهاده منيتها، وفَيْئه مكافأتُها"، كما تقول بعض أولئك الذكيات.

ويخبر عن نظرة صاحب الهمة والعزيمة إلى الأشياء من حوله، وبصيرته بما وراء الحواجز والعوائق والغيوم، وأنه يرى الفرج قريبًا في بعده، والأمل متحققًا في شدة الحلكة، واليسر حاصلًا في شدة العسر.

وعن نظر اللبيب العاقل إلى كبريات الأمور، وتعاليه على سفاسفها، فلا المصلحة مصلحة الأنا، ولا الحق في تحقيق المنافع الشخصية، ولا الخير فيما يعجل ويقدم من حوائج ومتطلبات الدنيا، بل المصلحة مصلحة المسلمين، والحق هو ما يضمن سلامتهم وسلامة دينهم قبل ذلك، والخير في العاجل والآجل هو ما يدل عليه الشرع ويرضاه منزِّله، ويأجر صاحبه الخير عليه يوم القيامة.

إن أم شيخ الإسلام لتخبره وتخبر العالمين من ورائه أنها ربَّتْه ليكون خادمًا لهذا الدين، ساعيًا فيما يحقق له الصيانة والرفعة والغلبة والنصرة، وأنها قد أعدته لهذا حين أقامت حياته على أساس من شرائع الدين، فعلمته إياها، وأقامتها في طريقها؛ ولهذا فإنها تنتظر اليوم منه إذا استطاع نفع الدين ألا يتردد عن تقديم نفعه على كل شيء، مهما تكن التضحيات، ولو كان قربه منها؛ فإن قُربه منها وإن كان حبيبًا إلى قلبها فإن قربه من ربه ودينه أحب إليها، وخدمته للإسلام والمسلمين في شتى الأمصار أقرب إلى قلبه من أي شيء سواها؛ ولذلك فإنه لن يحصل غاية رضائها عليه إلا بذلك، ولن يكون ذلك الرضا منها عليه إلا بقدر ما يقدمه لدِينه وللمسلمين، فذلك هو مقياس رضائها الذي ينبغي أن يراعيه، وميزان العلاقة التي تربط بينهما، لا عاطفة الأمومة والبنوة، ولا غيرها.

لله هذه الهمم التي تنجب لأجل غاية، وتربي على هدف، وتسلك السبيل القويم في مراحل الوصول، وتقيم على المطالبة بحقوقها حين تكتمل لها الأدوات، وتنتظر النصر والظَّفَر حين تؤدي دورها، ويحين وقت الوفاء لها، فتنتظر الثمرة الحُلوة للجهد والمشقة والبذل الذي قدمته.

وإن القلب ليقف عن دقاته أمام قول أم شيخ الإسلام له: وإني يا ولدي لن أسألك غدًا أمام الله عن بُعدك عني؛ لأني أعلم أين وفيمَ أنت؟ ولكن يا أحمد، سأسألك أمام الله وأحاسبك إن قصرت في خدمة دين الله وخدمة أتباعه من إخوانك المسلمين!

رباه!
إن بعض العبارات تحته من الدروس العظيمة والعِظات النافعة ما لا تكشف عنه الكلمات، مهما تكن دقيقة محكمة، بل تحتاج إلى تدبُّر القلب ويقظته بجمعيته ليفهمها، وهذه العبارة منها، فلا نتعرض لها ببيان، وليَحُمْ قلبُك أيها القارئ حول أنوارها، وليطوِّف في سماء معانيها، وحسبنا أن نقول: مثل هذه حريٌّ بابنها أن يكون شيخ الإسلام.

وبعد، فلعلَّ في سيرة أم ابن تيمية هذه السيرة العملية القصيرة جدًّا من النفع ما لا تفي به المجلدات الضخمة النظرية لتنبِئنا عن عِظم الجزاء الذي ينتظر المرابطات على ثغور التربية، وينبههن إلى أهمية دورهن المهمَل في تربية وتنشئة الأجيال.
رحم الله ابن تيمية وأمَّه، ورزقنا بمن يقوم بمهماتهما في الدِّين، والنهوض بأمة خير النبيين، آمين.


[1] الرد الوافر على من زعم أن من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر، تأليف ابن ناصر الدين الدمشقي، حققه الشيخ زهير الشاويش، ونشره المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى عام 1400 هـ.

[2] ابن تيمية حياته وعصره - آراؤه وفقهه (6، 7).

[3] الذيل على طبقات الحنابلة (2 /387).

[4] مجموع الفتاوى (28 /48).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 60.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.64 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.77%)]