|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() التحذير من عقوق الوالدين الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز الدهيشي الحمد لله الذي خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه وهو أقرب إليه من حبل الوريد، أحمده – سبحانه - وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله اللهم، صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم من صالح العبيد، أما بعد: فيأيها الناس، اتقوا الله تعالى بفعل ما أمركم به من العبادات والطاعات، ومن تلك العبادات بر الوالدين وصالة الأرحام قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1] وقال - تعالى- في الآية الأخرى: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [محمد: 22، 23] روى أبوهريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن فقال تعالى: مه، فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة فقال تعالى: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب قال فذاك)[1]. وقالت - صلى الله عليه وسلم -: (ما من ذنب أحرى أجدر أن يجعل الله - تعالى - لصاحبه فيه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم)[2]. والأرحام هم الأقارب وأولادهم، وأقربهم رحمًا الأبوان، وأولاهما الأم، قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (يا رسول الله من أحق الناس بحسب الصحبة؟ قال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك ثم أدناك أدناك)[3]. وروى الحافظ أبوبكر بسنده إلى أبي بردة عن أبيه - رضي الله عنه - أن رجلًا كان يطوف بالبيت حاملًا أمه يطوف بها فسأل ابن عمر - رضي الله عنهما - فقال: هل أديت حقها فقال - رضي الله عنه - ولا زفرة من زفراتها[4]. وقال - صلى الله عليه وسلم - إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء قيل وما هن يا رسول الله قال: إذا كان المغنم دولًا والأمانة مغنمًا والزكاة مغرمًا وأطاع الرجل زوجته وعق أمه وبر صديقه وجفا أباه وارتفعت الأصوات في المساجد وكان زعيم القوم أرذلهم وأكرم الرجل مخافة شره وشربت الخمور ولبس الحرير واتخذت القينات والمعازف ولعن آخر هذه الأمة أولها فليرتقبوا عند ذلك ريحًا حمراء أو خسفًا أو مسخًا[5]. عباد الله، يوشك أن تكون هذه الخصال قد فعلت في مجتمعنا- ولا حول ولا قوة إلا بالله - والرسول - صلى الله عليه وسلم - لا ينطق عن الهوى ونحن بانتظار ما وعدنا به من أنواع العقاب نستغفر الله ونتوب إليه، فعلينا - معشر المسلمين - الرجوع إلى الله والتوبة النصوح مما اقترفناه من الذنوب ما دام باب التوبة مفتوحًا ونتدارك بقية وقتنا ونفعله ما أمرنا الله به من بو الوالدين وصلة الأرحام، فلقد قرن الله تعالى حق الوالدين مع حقه في القرآن في عدة مواضيع فقال تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23] إلى قوله: ﴿ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23]، والآية الثانية بعدها، وأخبر - صلى الله عليه وسلم - أن رضا الله في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما، فمن أدرك والديه أو أحدهما فليبرهما، وليحذر عقوقهما ولا يؤثر عليهما أحدًا من أولاده وزوجاته وأصدقائه ليفوز بخيري الدنيا والآخرة، قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا يدخل الجنة عاق ولا منان ولا مدمن خمر)[6]. وروي في الأثر: لو علم الله شيئًا أدنى من أف لنهى عنه فليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة[7]. واعلموا - رحمكم الله - أن عقوق الوالدين سبب لدخوله النار وسبب لسوء الخاتمة، روي أنه كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل يدعى علقمة وكان كثير الاجتهاد في طاعة الله فلما حضرته الوفاة أبى أن ينطق ب لا إله إلا الله فأرسلت زوجته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تخبره بذلك فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمارًا وصهيبًا وبلالًا وأمرهم أن يلقنوه لا إله إلا حدثه وأبى لسانه أن ينطق بها فأخبروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال - صلى الله عليه وسلم - هل من والديه أحد حي؟ قالوا: أم كبيرة السن، فأرسل إليها رسول الله فجاءت تتوكأ على عصى، فقال لها رسول الله يا أم علقمة اصدقيني وإن كذبتيني جاء الوحي من الله كيف حاد ولدك علقمة؟ قالت يا رسول الله، كثير الصلاة كثير الصيام كثير الصدقة فقال - صلى الله عليه وسلم -: فما حالك معه؟ قالت: يا رسول الله، أنا عليه ساخطة، قال: ولم؟ قالت: كان يؤثر زوجته على ويعصيني، فقال - صلى الله عليه وسلم -: إن سخط أم علقمة حجب لسانه عن الشهادة ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: انطلق يا بلاد واجمع لي حطبًا كثيرًا أحرق علقمة بين يدي أمه، قالت: يا رسول الله لا يستطيع قلبي أن تحرق ابني بين يدي، فقال - صلى الله عليه وسلم - : يا أم علقمة عذاب النار أشد وأبقى فإن سرك أن يغفر الله لابنك علقمة فارضي عنه، فوالدي نفسي بيده لا ينتفع علقمة بصلاة ولا بصيام ولا بصدقة ما دمت عليه ساخطة، فقالت: يا رسول الله إني أشهد الله وملائكته ومن حضرني من المسلمين أني قد رضيت عن ولدي علقمة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: انطلق يا بلال إليه فانظر هل يستطيع أن يقول لا إله إلا الله أم لا، فلعل أم علقمة تكلمت بما ليس في قلبها حياء مني، فانطلق بلال فسمع علقمة من داخل الدار يقول لا إله إلا الله فقال - صلى الله عليه وسلم -: يا هؤلاء إن سخط أم علقمة حجب لسانه عن الشهادة وإن رضاها أطلق لسانه ثم مات علقمة من يومه فحضره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصلى عليه وحضر دفنه ثم قام على شفير قبره وقال: يا معشر المهاجرين والأنصار من فضل زوجته على أمه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا إلا أن يتوب إلى الله عز وجل فيحسن إليها ويطلب رضاها فرضى الله في رضاها وسخطه في سخطها[8]. نسأل الله جميعًا أن يوفقنا لرضاه وأن يجنبنا سخطه إنه جواد كريم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ﴾ [الأحقاف: 15]. والحمد لله رب العالين. [1] صحيح البخاري (4552) ومسلم (2554). [2] المستدرك (7290) وقال: صحيح الإسناد. [3] صحيح مسلم (2548) ج:4 ص: 1974. [4] مكارم الأخلاق ح (235) ابن أبي الدنيا. [5] سنن الترمذي (2210) وقال: حديث غريب، وضعفه الألباني. [6] صحيح ابن حبان (3384). [7] الفردوس بمأثور الخطاب ح 30 ص: 353. [8] كتاب الكبائر ج 1 ص 45- 46.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |