|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() في التحذير من التكاسل عن العمل والاتِّكال على الغير الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل الحمدُ لله نحمَدُه، ونستَعِينه ونستهدِيه، ونستغفِرُه ونتوبُ إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفُسِنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحابته وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أمَّا بعدُ: فيا عباد الله، اتَّقوا الله - تعالى - واحذَرُوا من الغفلة والضعف، والخمول والاتِّكال على الغير في شُؤون حَياتكم والانغِماس في الملذَّات، والقُعود عن الأعمال النافعة لكم في دينكم ودُنياكم؛ فقد وصَلت الحال بالكثير إلى الميوعة والذَّوبان، وأصبح ما يحتاج إليه في حَياته بأيدي مستخدَمين من خارج بلاده؛ مسلمين أو مدَّعِي الإسلام أو غير مسلمين. أصبح الأكثر اتَّكاليًّا لا همَّ له إلا أنْ يَنظُر في صُورته وملابسه وأثاث منزله وسيَّارته، ومتى يُقدَّم له الطعام والشراب بواسطة الخدَم والمستقدَمين من خارج البلاد. ومتى قام من نومه وانتَبَه من غفلته هو وبقيَّة الأسرة امتَطَى السيارة الفارهة هو وبقيَّة الأسرة إنْ كان من المحافظين عليها، وإلا فالسائق الأجنبي هو المسؤول عنها للذهاب بها إلى ما تريد من أسواقٍ ومتنزهات وأماكن لهوٍ وغفلة وقتل أوقات، وإنفاق أموال في غير طرقها اللازمة والمشروعة. ومن المأسوف له أنَّ التعلُّم والتعليم قائمان، وثمرتهما ظاهرة، ولكنَّ التطبيق والاستفادة والاستغناء عن الغير غيرُ موجود؛ فالابن يدرس أمور دينه وما يحلُّ وما يحرم، وما يلزمه فعله وما يلزمه الابتعاد عنه، ولكنْ تجده يترُك بعض المأمورات ويرتَكِب بعض المنهيَّات، تجدُه يدرس الكثير من الأعمال ويمضي فيها السنين الطوال، فإذا انتهى من دراسته ذهب إلى عمل الراحة والخمول، وترك الأعمال التي درس لغيره من المستقدَمين من الخارج. والبنت تدرس أمور دِينها وما يحلُّ وما يحرم، وما يلزَمها فعله وما يلزَمها الابتعادُ عنه، ولكن تجدها تترُك بعضَ المأمورات وترتكب بعض المنهيَّات تجدُها تدرس الكثير من الأعمال الخاصَّة بها؛ كالطبخ والخياطة مثلًا، فإذا احتاجت إلى لباسٍ دخلت السوق وجابتْ محلات الأقمشة، فإذا وجدت الغالي اشترَتْه ثم ذهبت به إلى الخياط ليأخُذ طولها وعرضها، وربما كانا وحدَهما فيكونُ الشيطان ثالثهما، وإذا حصلت الوليمة عند زوجها ولو كانت صغيرةً ذهب بها إلى الطباخ وانتظر هو الضيفَ إحضار الطعام، والزوجة والبنات والخادمة والخادمات في البيت دون عمل، والجميع ينتظرون متى يأتي الطباخ بالطعام، فأين ثمرات التعلُّم للدِّين والدنيا؟ وما هذا الكسل والخمول والضعف الذي سَيْطر على النفوس والأجسام؟ وديننا الحنيف يحث على العمل للدين والدنيا؛ فقد كان نبينا - صلوات الله وسلامه عليه - سيد البشر يخصف نعله ويرقع ثوبه ويحلب شاته، ويخدم أهله ونفسه، وكان يبيع ويشتري، وقال - سبحانه وتعالى -: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [الجمعة: 10]. وقال عمر بن الخطاب - رضِي الله عنه -: إنِّي لأرى الرجل فيعجبني فأسأل عن عمله، فإنْ قيل: ليس له عمل، سقط من عيني. فديننا دِين عزَّة وكَرامة ورفعة وسمو، يحثُّ على العمل الصالح والنافع، ويأمُر بالقوة والاستعداد وأخْذ الحيطة، وينهى عن الكسل والخمول، ((واستعاذَ نبينا - صلَّى الله عليه وسلَّم - من العجز والكسل))[1]. ومن المأسوف له أنَّ بعضَ الناس يستَعِيب العمل ومُباشَرته بنفسه ولا يستَعِيب سؤال الناس وإراقة دم وجهه عندما يحتاج، وقد قال نبينا - صلوات الله وسلامه عليه -: ((لأنْ يأخذ أحدُكم أحبلةً، ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمةٍ من حطَب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهَه، خيرٌ له من أنْ يسأل الناس أعطوه أو منعوه))[2]. وكان داود - عليه السلام - لا يأكل إلا من عمل يده، فما هذا الضعف والاتِّكال على الغير والتباهي في جلب الخدم من رجال ونساء، حتى ممَّن يزاول البيع والشراء أو عملًا من الأعمال لا بُدَّ أنْ يحضر من يتولاه من الخارج، وربما تحيَّل وعصى ولاة الأمر بأنْ سلَّم هذا العمل أو المتجر لهذا المستقدَم من الخارج وأخَذ منه نسبةً أو شيئًا معينًا، وأخَذ هذا المستقدم يشتغل لنفسه باسم مستقدمه وكفيله؛ تحيُّلًا على الحصول على المادَّة دون عَناء أو مشقَّة، ومَن بنَى مسكنًا أسس في المخطط دكَّان الخياط واستحضره، وربما تحيَّل هو الآخَر وأصبح أولئك المستقدَمون يمتصُّون أموال هذا الشعب الذي ركَن إلى الخمول والبطالة، فأسعار الحاجات تُفرَض عليهم، وخياطة الثوب بمبلغٍ لا ينقص وإنْ كان يزيدُ على قيمة القماش أضعافها، والكلُّ مسلم الأمر راضٍ بالواقع والمستفيد من خارج البلاد. فيا عباد الله: اتَّقوا الله في أنفُسكم، وهبُّوا من رقدَتِكم، وتعاونوا على ما في صلاح دِينكم ودُنياكم. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قال الله العظيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 9-10]. بارَك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وتابَ عليَّ وعليكم إنَّه هو التوَّاب الرحيم. أقول قولي هذا، وأستغفِر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفِروه إنَّه هو الغفور الرحيم. واعلَمُوا أنَّ البلاد بشَعبها وأبنائها، فحيث تكون البلاد وقد أُصِيب أكثر أبناء بلادنا بالضعف والقعود عن العمل والاتِّكال في ذلك على الغير، وضَياع الأوقات فيما لا فائدةَ فيه بل وفيما يضرُّ، وعلى كلِّ حالٍ فالأجسام تمرض، ولكنَّ المهمَّ أنْ تُعالَج الأمراض قبلَ أنْ تستفحل ويتمكَّن الداء ويصعُب الدواء، والمفكِّر في وضع الكثير من أبنائنا يرى أنَّه قد أُصِيب بمرض العجز والكسل، وأصبح اتكاليًّا لا همَّ له إلا على بطنه ولو بواسطة الأيدي العاملة، وإشباع رغبته ولو بضياع أمواله وأوقات فراغه، وقد قلَّت الاستفادة من العلم والتعلُّم، وأصبح ذلك مجرَّد حُصول على الشهادة التي قد يتحيَّل بها على الحصول على عمل أو مادَّة بدون بذل مجهود. وصفوة الخلق وسيِّد البشر نبينا - صلوات الله وسلامه عليه - الذي لو أراد أنْ يقلب الله له الحجر ذهبًا لقلَبَه يحمل اللَّبِن في بناء، ويحفر الخندق مع أصحابه، ويعصب بطنه من الجوع، إنَّها الرفعة والعزَّة والكَرامة أنْ يعمَلَ العبد ويأكُل من عمل يده، ولا يكون اتكاليًّا على الغير ينتَظِر ماذا يأتيه عن طريق غيره، وماذا يناولونه بأيديهم. فاتَّقوا الله يا عباد الله، وتأمَّلوا كتابَ ربكم وسنَّة نبيكم. [1] أخرجه مسلم (2706). [2] أخرجه البخاري رقم (1471) - الفتح: 3 /393.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |