أفغانستان .... قدر الله في الامبراطوريات العظمى - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1109 - عددالزوار : 128171 )           »          زلزال في اليمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14 - عددالزوار : 4750 )           »          ما نزل من القُرْآن في غزوة تبوك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          أوليَّات عثمان بن عفان رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          القلب الطيب: خديجة بنت خويلد رضي الله عنها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          رائدة صدر الدعوة الأولى السيدة خديجة بنت خويلد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          طريق العودة من تبوك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          ترجمة الإمام مسلم بن الحجاج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          مسيرة الجيش إلى تبوك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > الحدث واخبار المسلمين في العالم
التسجيل التعليمـــات التقويم

الحدث واخبار المسلمين في العالم قسم يعرض آخر الاخبار المحلية والعالمية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-09-2009, 12:11 AM
رياض123 رياض123 غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
مكان الإقامة: ........
الجنس :
المشاركات: 1,868
افتراضي أفغانستان .... قدر الله في الامبراطوريات العظمى

أفغانستان


قدر الله في الامبراطوريات العظمى


د. أكرم حجازي

28/7/2009





ما يجري في مقبرة الامبراطوريات « ورطة» أمريكية أوروبية إقليمية عالمية لا مخرج منها ولا قدرة على إعادة ترميمها. مقبرة كأنها قدر الله في الجبابرة! فما توانت في يوم ما من التاريخ عن مواراة الغزاة الثرى رغما عنهم، ومهما طغوا، ابتداء من الإسكندر الأكبر والبريطانيين وانتهاء بالسوفيات. ولعل أعجب ما في الأفغان أن الناظر إليهم يحسبهم بدائيين وهم يصارعون أعظم القوى المدججة بالعلم والتكنولوجيا، وما أن يبدأ النزال حتى يكتشف الخصم أن عقولهم أشد تطورا وتعقيدا وفتكا مما لديه من أسلحة. فما العمل مع هكذا أناس؟

مع ذلك فالمنطق والعقل فقط يفرضان على كل مراقب التأني في الحكم على مدى نجاح أو فشل الاستراتيجية الأمريكية في أفغانستان في ضوء الأداء العسكري لقوات الناتو والإيساف من جهة، وفي ضوء الخسائر الجسيمة التي منيت بها هذه القوات منذ شرعت بهجوم واسع النطاق على إقليم هلمند جنوب أفغانستان أوائل الشهر الجاري. لكن العقل والمنطق أيضا يفرض علينا التساؤل في العمق عما إذا كان هناك حقا استراتيجية أمريكية؟ أم أن المسألة لا تعدو أن تكون « فعفلة روح» لامبراطوريات هزم بعضها سابقا لكنها هذه المرة قد لا تقوم لها قائمة لأمد بعيد.

هذا التساؤل نطرحه بعد الرصد والتحقق والتحليل لمئات التصريحات والآراء والتحليلات والمقترحات والتعليقات منذ أن أفصح المرشح الرئاسي الأمريكي باراك أوباما، في حملته الانتخابية، عن نيته تغيير « قواعد اللعبة» عبر نقل عشرات الآلاف من القوات الأمريكية في العراق والزج بها في أفغانستان. ولّكَم كان مذهلا أن نكتشف حجم الخوف والقلق والتخبط والنقد والتناقض وحتى الصراخ والعويل واللوم والسخرية مما آل إليه الحال في أفغانستان، ومما أسمي بالاستراتيجية الأمريكية الجديدة.

في أعقاب الهجوم على هلمند غدت أفغانستان قضية رأي عام أمريكي وأوروبي وبريطاني على وجه الخصوص، وبدأت الخفايا تتكشف وأصبحت النقاشات عن الفشل في متناول العامة، وحتى الاستراتيجية وتفاصيلها باتت موضع تراشق إعلامي وسياسي على مستوى الدول والدبلوماسيين والخبراء والمحللين والعسكريين. الجميع يقرّ بعظمة الكارثة، والكل مدعو لِأنْ يدلي بدلوه أملا في الخروج من المأزق، لكن الكثير يتعنت أو يكابر وتأخذه العزة بالإثم غير آبه بأية نتائج وكأنه يسابق الزمن فيما يفعل. كل هذا يجري و«الفعفلة» ماضية والمقبرة تتهيأ لاحتضان الضحايا.


الاستراتيجية الأمريكية في أفغانستان

(1)


قبل أن يأتي رجل ما بحجم الرئيس الأمريكي أوباما ويأمر: « بمراجعة تشترك فيها عدة وكالات للسياسة الأميركية بشأن أفغانستان وباكستان قبل انعقاد قمة حلف شمال الأطلسي في بولندا خلال شهر أفريل/ نيسان 2009»؛ لم يكن أحد يتحدث عن الحاجة إلى استراتيجية جديدة في أفغانستان. كل ما كنا نسمعه عبارات وتصريحات قلقة من خطورة الوضع وضرورة معالجته. ولم يكن المحللين ولا الصحفيين ولا المسؤولين ولا العسكريين ليتفوهوا بأمر من هذا القبيل. لكن بعد توجهات أوباما الجديدة صار الحديث عن الاستراتيجية مهرجانا يتسع فيه الكلام لمن هبّ ودب. بل أن كل التصريحات الأمريكية والغربية أجمعت على الحاجة إلى استراتيجية جديدة تعالج الوضع المزري في أقغانستان. لكن الأطروحات المقدمة تتباين ما بين الإجماع وصولا إلى الافتراق على ما يجب القيام به. والأعجب أنها تتناقض وتدعو إلى استراتيجيات جديدة حتى بعد الإعلان عن استراتيجيا أوباما وبدء فعالياتها العسكرية في هلمند! فما الذي يستدعي استراتيجيات جديدة بعد سبع سنوات من الحرب في أفغانستان؟ وفي أية ظروف سياسية وإعلامية ولدت الاستراتيجية الجديدة؟

في المقالة موضع النظر سنقتصر فقط على بعض من الفوضى العارمة وحالة الفزع التي عبرت عنها التصريحات السياسية والعسكرية والإعلامية، والتي سبقت الإعلان عن الاستراتيجية بصيغتها النهائية. لكن في المقالات اللاحقة سنتابع مناقشة الاستراتيجية وتفكيك عناصرها ثم نتطرق إلى ردود الفعل الأمريكية والغربية على الاستراتيجية الجديدة، ولعلنا نتوج هذه السلسلة برصد للوضع الميداني ما أمكننا ذلك.

1) قبل الإعلان عن الاستراتيجية

في بحر الأسبوع الثاني من شهر شباط 2009 قال الرئيس الأمريكي: « لا شك في أن الإرهابيين يعملون في أماكن آمنة في مناطق القبائل في باكستان والولايات المتحدة تريد أن تتأكد من أن إسلام آباد حليف قوي في محاربة ذلك التهديد». في 9/2/2009 قالت صحيفة الغارديان البريطانية: « أن إدارة الرئيس الأميركي تسعى جاهدة لمعالجة الشأن الباكستاني أو ما تصفه بالدولة النووية المتجهة نحو الفوضى، وما تعتبره أكبر تحد لسياستها الخارجية، مشيرة إلى أن باكستان تشكل هاجسا كبيرا لأوباما الذي يعتبرها الدولة التي تخيفه أكثر من أي بلد آخر في العالم ». ونقلت الصحيفة ما وصفتها بـ « تسريبات عسكرية أميركية»، إثر تقييمات بإدارة الجنرال ديفد بتريوس، أفادت بأن باكستان هي « القضية الملحة» التي تواجه السياسة الأميركية الخارجية وليس العراق أو أفغانستان أو إيران، أو بلغة لوس أنجلوس تايمز (24/2/2009) « أم المشاكل » التي: « تنتظر واشنطن على الحدود الباكستانية الأفغانية، وهي التي تثير الفزع لدى الرئيس الأميركي».

إذن ثمة معادلة تثير« فزع أوباما » ولا يجد لها حلا. وقد لخصها هنري كيسنجر في بداية مقالة له في الواشنطن بوست (27/2/2009) حين قال: « إن أميركا لا يمكن أن تسحب قواتها من أفغانستان الوقت الحالي، ولا هي تستطيع الاستمرار في تطبيق الإستراتيجية التي أوصلتها إلى ما هي عليه الآن من ورطة ... وانتصار طالبان سيعطي دفعة هائلة للجهاد على المستوى الدولي, مما يهدد باستيلاء المجاهدين على باكستان وربما ... الهند، وسيطال ذلك الخطر روسيا والصين وإندونيسيا التي كانت كلها هدفا للجهاد الإسلامي في السابق». وذات «الفزع» عبر عنه نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن في بروكسل خلال اجتماعه مع سفراء 36 دولة في الناتو (11/3/2009) من أن: «الوضع المتدهور في المنطقة يشكل تهديدا أمنيا ليس للولايات المتحدة فحسب وإنما لكل دولة حول هذه المائدة ».

وبصورة أكثر قربا إلى واقع الصراعات الدولية قارن صانع اتفاقية دايتون في حرب البوسنة ريتشارد هولبروك بين «الفزع» الأفغاني و«الفزع» الفيتنامي قائلا بأن: « الفرق الأساسي هو أن الفيتكونغ أيام حرب فيتنام لم يكونوا يشكلون تهديدا للأراضي الأميركية بخلاف القاعدة ». وفي تصريحات له، وافقه عليها ديفيد بتريوس قائد القيادة المركزية الأميركية، وأدلى بها في مؤتمر أمني في ميونيخ (9/2/2009)، وصف هولبروك حالته من «الفزع» الأفغاني كخبير مخضرم في النزاعات الدولية: « أنه لم يشهد قط في عمله السياسي أي موقف أصعب من الموقف المتعلق بباكستان وأفغانستان». وأشار إلى أنه: « لا وجود لمعادلة سحرية» لحل مشكلة أفغانستان. وأضاف: «لا وجود هنا لدايتون ... ستكون أصعب كثيرا من العراق ... ستكون معركة صعبة وطويلة ».

في 26/1/2009 قال جوزيف بايدن نائب الرئيس خلال حوار تلفزيوني عما إذا كان على الأمريكيين أن ينتظروا عددا أكبر من الضحايا بالنظر إلى إرسال المزيد من القوات: « أكره قول ذلك، لكن فعلا أعتقد أنه سيكون هناك ارتفاع ». ورأت صحيفة الغارديان البريطانية من جهتها أن: « تورطا أكبر لأميركا في أفغانستان سيمثل خطرا على أوباما ... على أساس أن ارتفاع عدد الضحايا قد يجعل الحرب أقل شعبية من تلك التي في العراق».

ولما أرجأ الرئيس الأمريكي إرسال قواته إلى أفغانستان قبل أن يحصل على إجابات محددة من جنرالاته؛ فلأن صحيفة الصنداي تايمز كشفت في 9/2/2009: « أن أوباما يشعر بالقلق بسبب عدم وجود إستراتيجية محددة»، وخلال اجتماعه مع وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان المشتركة الشهر الماضي في البنتاغون سأل أوباما قادته العسكريين « ما هي نهاية اللعبة؟» لكنه لم يتلق ردا مقنعا. هكذا بدا الوضع مخيفا إلى الدرجة التي يضطر فيها الرئيس الأمريكي إلى إرجاء إرسال القوات. فالحرب حتى وإنْ كانت: « تحرز بعض النجاحات الميدانية » بحسب صحيفة الواشنطن بوست (3/3/2009) لكنها: « تواجه هزائم على المستوى الإستراتيجي». ولعل هذا كان سببا لاعتراف الرئيس لاحقا (8/3/2009) في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز الأميركية بـ: « أن بلاده لا تحقق أي نصر في الحرب على أفغانستان ».

ومع أن جوزيف بايدن نائب الرئيس الأميركي حاول أن يكون أكثر دقة وتفاؤلا من رئيسه «الفزع» في كلمة ألقاها أمام سفراء الدول الـ 36 في بروكسل (11/3/2009) حين قال: « نحن لم نحقق الآن نصرا في الحرب, ولكننا لم نخسرها أيضا»، إلا أن صحيفة بوسطن غلوب الأميركية بدت محقة أكثر حين عبرت عن تيار قوي جدا في أمريكا يرى: « أن التحدي في أفغانستان هو أشبه ما يكون بالمستنقع الفيتنامي » حيث « لا يبدو أن أي انتصارات تتحقق على قوات حرب العصابات هناك».

في خضم المناقشات والاستشارات الأمريكية للقوى المعنية أدلى الأفغان والباكستانيون بدلوهم. ففي 30/1/2009 أعلنت الحكومة الأفغانية عبر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية الجنرال محمد ظاهر عظيمي تقديمها لرسالة إلى حلف الناتو تتضمن أحد عشر بندا حول فاعلية إستراتيجية الحرب على ما وصفته بالإرهاب في أفغانستان. وأوضح عظيمي أن أهم هذه البنود (الشق الأول) يتعلق بوقف قتل المدنيين وتفتيش البيوت والاعتقالات العشوائية التي تقوم بها قوات التحالف. وقال إن: « أكبر تحد نواجهه هو قتل المدنيين وهذا يسيء إلى سمعة القوات الأجنبية وسيادة أفغانستان ويجعل الناس لا يثقون بهذه القوات». وأشار المتحدث العسكري إلى تصريحات سابقة للرئيس الأفغاني حامد كرزاي قال فيها « إن الحكومة الأفغانية لم تعد تطيق قتل مزيد من المدنيين. ويتحتم علينا أن ننسق مع قوات التحالف لوضع حد لهذه المشكلة». أما (الشق الثاني) من الرسالة فيتعلق بوجود القوات الأجنبية، وفي السياق يقول عظيمي: « يجب الوصول إلى توافق مع قوات التحالف حول تحديد الأماكن التي يجب أن توجد فيها هذه القوات, ومن وجهة نظرنا فإنه يجب أن تتمركز في المناطق الأكثر تضررا وهي مناطق الحدود».

وفيما بدا توافقا أفغانيا باكستانيا في المطالب والرؤى؛ قال وزير الخارجية الباكستاني شاه مسعود قرشي في 12/2/2009 أن: « الهجمات الصاروخية التي تشنها طائرات أميركية من دون طيار لتصفية أعضاء في القاعدة في الأراضي الباكستانية تأتي بنتائج عكسية»، مشيرا إلى أن: «الخسائر البشرية في صفوف المدنيين الناجمة عن هذه الهجمات تثير المشاعر المعادية للولايات المتحدة».

بطبيعة الحال لا بد وأن يكون لروبرت غيتس وزير الدفاع الأمريكي كلمته فيما يجري من بحث عن استراتيجيات جديدة. ففي 27/1/2009 أدلى غيتس بشهادته أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ قائلا: « ليس هناك شك بأن أكبر تحد عسكري في الوقت الحالي هو أفغانستان». وأوضح أنه: « بينما ستكون هناك معركة طويلة عصيبة فإن بمقدورنا الوصول إلى ما أعتبره من ضمن أهدافنا الإستراتيجية، وهو (1) ألا يقدِّم الشعب الأفغاني ملاذا آمنا للقاعدة، و (2) أن يرفض حكم طالبان و (3) يؤيد الحكومة الشرعية التي انتخبها».

لكن قبل يوم واحد فقط من تسرب الملامح الأولى للاستراتيجية الجديدة (19/3/2009) فجر القائد الميداني السابق لقوات التحالف في أفغانستان الجنرال إيريك أولسون قنبلة طالت شظاياها الرئيس الأمريكي والاستراتيجية المنتظرة ووزير الدفاع. فقد دعا (1) الرئيس الأمريكي إلى: « إعادة التفكير بشأن الوضع المتدهور في أفغانستان». إذ (2) « شكك في نجاح أي عملية عسكرية حتى وإن صاحبتها إصلاحات سياسية ما لم يتم التعامل بشكل مباشر مع مناطق قبائل البشتون على الحدود الباكستانية»، مشيرا إلى أن: « الولايات المتحدة غير قادرة على ضبط حدودها مع المكسيك، فكيف بالحدود الأفغانية الباكستانية؟» وتساءل الجنرال الأميركي في مقال نشرته صحيفة كريسيتان ساينس مونيتور الأميركية (18/3/2009) عن: « المهمة التي تنتظر طليعة القوات الإضافية المتمثلة في 17 ألف جندي سيتوجهون إلى أفغانستان». ووجه صفعة شديدة لوزير الدفاع حين أشار إلى أنه اعترف (3) أن: « أولئك الجنود يجري إرسالهم دون استراتيجية واضحة»، مضيفا أن: « استراتيجية واشنطن تبدو أنها مبنية على الأمل أكثر منه على الواقع الملموس».

2) أهم نقاط الإستراتيجية الأميركية الجديدة في أفغانستان

مع ذلك أعلن الرئيس الأميركي بارك أوباما يوم 27 مارس/ آذار 2009 استراتجيته الجديدة للحرب على حركة طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان. أما الهدف الرئيس المعلن بحسب الرئيس الأمريكي فهو: « القضاء على تنظيم القاعدة في أفغانستان وباكستان وتفكيكه ومنعه من العودة إلى أي من البلدين في المستقبل». وفيما يلي ملخصا لأهم النقاط الواردة فيها بحسب ما نشرته وسائل الإعلام:

• زيادة المخصصات الشهرية لمهمة القوات الأميركية في أفغانستان - التي تقدر في الوقت الحالي بملياري دولار- بمقدار ما يقرب من 60%.
• زيادة عدد القوات الأفغانية وتدريبها، ومساعدة السلطات على إمساك زمام الأمن في البلاد تمهيدا لسحب الجنود الأميركيين منها، وقد قرر أوباما نشر 4000 جندي إضافي لتدريب قوات الأمن الأفغانية ابتداء من خريف 2009.
• تسريع العمل لبناء جيش أفغاني قوامه 134 ألف عنصر وشرطة من 82 ألف عنصر لكي نتمكن من تحقيق أهدافنا بحلول العام 2011.
• وقد أعلن أوباما أنه للمرة الأولى ستعمل كل وحدة أميركية في أفغانستان بالتعاون مع وحدة أخرى أفغانية، وأشار إلى أن الولايات المتحدة ستستعين بمدربين من حلف شمال الأطلسي (الناتو) للتأكد من أن لكل وحدة عسكرية أفغانية شريكا من قوات التحالف.
• حث الأمم المتحدة على لعب دور أكبر في أفغانستان وباكستان، وعلى دعم الأهداف الأميركية هناك.
• إنشاء منتدى إقليمي للتعاون الاقتصادي والأمني يضم جيران أفغانستان وباكستان، بما فيهم إيران، من أجل أن يساعد على مواجهة طالبان والقاعدة.
• مواجهة الحملات الدعائية للقاعدة وطالبان باستراتيجية إعلامية وتواصلية جديدة تسعى لتحسين صورة الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في أفغانستان.
• إرسال مهندسين وخبراء زراعيين ومدنيين إلى أفغانستان لمساعدة نظرائهم الأفغان في مجالات التنمية المحلية، وتعتزم الولايات المتحدة أيضا أن تطلب من حلفائها ومن الأمم المتحدة إرسال خبراء لنفس الغرض.
• تشجيع الحكومة الأفغانية في جهودها الرامية إلى الحوار مع من تُعدّهم غير متشددين من أعضاء حركة طالبان، وإقناعهم بإلقاء سلاحهم، والانخراط في العملية السياسية بالبلاد، والعمل مع القادة المحليين والحكومة الأفغانية والشركاء الدوليين، لإقامة مصالحة في كل إقليم بأفغانستان.
• دعم التنمية وحقوق الإنسان الأساسية في أفغانستان، وتشجيع حقوق النساء والفتيات.
• السعي للقضاء على إنتاج وتجارة المخدرات في أفغانستان، التي تعدها الولايات المتحدة أحد أهم مصادر تمويل طالبان، وتقترح الاستراتيجية الجديدة تشجيع المزارعين الأفغان على زرع بدائل لمخدر الأفيون.
• التركيز أكثر على مواجهة القاعدة وطالبان على الأراضي الباكستانية، خاصة في منطقة القبائل الحدودية مع أفغانستان، وهي المنطقة التي تقول الإدارة الأميركية إنها أصبحت ملاذا آمنا للمسلحين.
• دعم جهود بناء قوات الأمن الباكستانية ومساعدتها على مواجهة مسلحي طالبان والقاعدة، وتزويد باكستان بمزيد من المروحيات وأجهزة الرؤية الليلية.
• دعم الاقتصاد الباكستاني عبر تشجيع التجارة والزراعة، ودعم مشاريع البنية التحتية.
• طلب الدعم المادي في أفغانستان وباكستان من شركاء الولايات المتحدة وحلفائها ومن الأمم المتحدة ومنظمات المعونة الدولية.
• تقديم دعم اقتصادي لباكستان بالتنسيق مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وتقديم مساعدات مالية أكبر لهذا البلد بمبلغ 7.5 مليارات دولار إضافية على مدار الأعوام الخمسة القادمة لبناء المدارس والمستشفيات.

يتبع « تفكيك الاستراتيجية - 2»



نشر بتاريخ 28-07-2009
  #2  
قديم 17-09-2009, 12:15 AM
رياض123 رياض123 غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
مكان الإقامة: ........
الجنس :
المشاركات: 1,868
افتراضي رد: أفغانستان .... قدر الله في الامبراطوريات العظمى

أفغانستان قدر الله في الامبراطوريات العظمى


تفكيك الاستراتيجية


(2)


د. أكرم حجازي

31/7/2009






رغم كل ما تمتلكه الولايات المتحدة من علوم وتكنولوجيا وتسلح واقتصاد وتفوق استراتيجي سياسي ودبلوماسي واقتصادي وأمني؛ ورغم أنها وريثة شرعية لأعتى القوى الاستعمارية في التاريخ، إلا أن التمعن في العقلية الأمريكية يحيلنا إلى نمط تفكير وحياة لعقلية إمبيريقية رأسمالية متماثلة متغطرسة وشريرة لا تفكر إلا في الربح دون الخسارة وبأقل التكاليف، ولأنها عقلية لا تاريخية فلا تعتبر بما يوفره لها التاريخ من رصيد معرفي ضخم يمكن أن يساعدها في قراءة الواقع والتنبؤ في المستقبل.

ببساطة! إذا كانت الاستراتيجية القديمة قد فشلت فليس هناك ما يدعو للقلق. فقط؛ «إقلب الصفحة»! وابحث عن أخرى جديدة حتى وإنْ كانت مخالفة لها في المقدار ومعاكسة لها في الاتجاه. هذا هو ملخص الاستراتيجية الأمريكية الجديدة بزعامة الرئيس أوباما. لذا ليس غريبا أن يكون الذين أجمعوا على فشل الاستراتيجية القديمة هم أنفسهم الذين دعموا الجديدة. هذه الوضعية، بالذات، هي التي أثارت حفيظة أحد كتاب صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية الذي كتب في 23/5/2009 مقالا بعنوان: « ماذا كسبنا في أفغانستان؟»، والذي تساءل فيه عن المعايير التي تحدد « النجاح من عدمه» في الحرب الأفغانية. أما الآن فلنبدأ بتفكيك ما يمكن تفكيكه من الاستراتيجية القديمة والجديدة.

منطق الاستراتيجية الجديدة

في بحر الأسبوع الثاني من شهر شباط 2009 نقلت رويترز للأنباء عن الرئيس الأمريكي قوله: « لا شك في أن الإرهابيين يعملون في أماكن آمنة في مناطق القبائل في باكستان »، الأمر الذي عنى للرئيس الأمريكي حين الإعلان عن الاستراتيجية، أن الهدف الرئيس منها هو: « القضاء على تنظيم القاعدة في أفغانستان وباكستان وتفكيكه ومنعه من العودة إلى أي من البلدين في المستقبل». لكن إلى أي مدى يمكن لهدف بهذا الوزن الثقيل جدا أن يتحقق؟ فلو قيل أن: « الهدف هو إضعاف القاعدة واختراق طالبان سياسيا لإجبارها على التفاوض » لقلنا ثمة وجهة النظر تستحق النقاش. أما حين يستعمل الرئيس بشحمه ولحمه مفردات من قبيل: « القضاء ... التفكيك ... المنع » فليس لنا من القول إلا ما قاله القائد الميداني السابق لقوات التحالف في أفغانستان الجنرال إيريك أولسون: « استراتيجية واشنطن تبدو أنها مبنية على الأمل أكثر منه على الواقع الملموس». فالرئيس السابق ارتكب مذبحة بحق القاعدة وطالبان حتى شارفت الجماعتان على الانقراض ولم ينجح حتى في القبض على أحد رموزهما، بل عادت الجماعتان إلى العمل، مما يشبه العدم، أقوى وأشد شراسة وصلابة وخبرة من أي وقت مضى.

وعليه فإن هدفا من هذا النوع؛ لو كان ممكنا تحقيقه لكان من الأولى أن ينطبق على الساحة العراقية الأسهل في الاحتواء من جبال الهندوكوش لأكثر من سبب. كما أن تنظيم القاعدة ليس تنظيما وطنيا أو حزبا سياسيا تحكمه جغرافيا معينة. وإذا افترضنا جدلا وعبثا القدرة على « تفكيكه » في أفغانستان وباكستان فهل يمكن فعل ذلك في مناطق أخرى؟!! بعض الكتاب المطالبين بالانسحاب من أفغانستان لم يعد يصدق فكرة أن القاعدة تشكل خطرا استراتيجيا يهدد الولايات المتحدة وأوروبا انطلاقا من باكستان وأفغانستان. فالقاعدة موجودة في بلاد العالم أجمع وإذا ما كانت تشكل تهديدا فعليا فستكون كذلك سواء كانت في باكستان أو أفغانستان أو أي مكان آخر في العالم.

من الطريف حقا أن يتصرف الأمريكيون والغرب مع التيار الجهادي العالمي وكأنهم في حلبة مصارعة. والواقع يقول بأن الصراع بين الجانبين بات صراعا مصيريا حتى بالنسبة للجمهور. وبحسب أطروحات التيار الجهادي العالمي فقد انتهى عصر الصراعات الوطنية والقومية واليسارية وحتى الإسلامية ذات الطابع الوطني إلى غير رجعة. إذ ما من قضايا وطنية يجري الحديث عنها، ولا مفاوضات أو مساومات، ولا مصالح مشتركة، ولا قانون دولي أو وضعي، ولا استقلال وطني، ولا مقاومة للاستعمار، ولا مكاسب وامتيازات شخصية مغرية أكثر من «الله أكبر». إنها باختصار أطروحة عقدية أُفلتت من عقالها. هذه هي الحقيقة التي يتوجب على العالم أن يعيها جيدا. ولعل أسوأ ما فيها أن القوى العظمى لن يعود بمقدورها مجرد التفكير بأية مغامرات عسكرية أو احتلال مباشر لأراض أغلب سكانها مسلمون. لكن إذا ما فعلت؛ فعليها أن تتوقع عواقب وخيمة كون الذين سيواجهونها هذه المرة لن يكونوا على شاكلة الجيوش العربية المدجنة ولا من ذوي « الإسلام هو الحل » أو «الوحدة العربية» أو «القرار الوطني المستقل» أو «الأممية العالمية».

هكذا يبدو هدف الرئيس الأمريكي دعائيا أكثر منه حقيقة ولو بحدودها الدنيا. مشكلة الأمريكيين أنهم يظلون صامتين قابلين بما يفعله الرئيس حتى إذا ما جاء آخر أقاموا الدنيا على القديم وأقعدوها على الجديد. فماذا لو فشل الرئيس الجديد بتحقيق ما وعد به؟ كيف سيتصرف الأمريكيون حينذاك؟ وماذا سيكون عليه موقفهم؟

لكن فيما خلا تصريحات الرئيس الأمريكي فثمة من يتحدث من السياسيين والعسكريين والخبراء عن إحداث « تغيير» في غضون سنة كما يأمل وزير الدفاع روبرت غيتس. ولعلها مفردة مقبولة استراتيجيا بما أن مسألة تفكيك القاعدة أو القضاء عليها مستحيلة في الأمد القريب والمتوسط إنْ لم تكن عبثية من أصلها. لكن في أي المستويات يقع «التغيير»؟ لعله جهد يقع في ثلاثة مستويات كبرى هي:

• المستوى العسكري
• المستوى المدني
• المستوى السياسي

قبل أن نعرض بالتفصيل لمضامين المستويات المذكورة لا بد من التوقف قليلا عند ما يسمى بـ « الاستراتيجية الأمريكية» القديمة أو الجديدة. فواقع الأمر لا وجود لأخلاق عسكرية أمريكية أو غربية كي نتحدث عن فوارق. حتى صحيفة الأوبزرفر البريطانية (5/7/2009) في افتتاحيتها عن «حرب أفغانستان العبثية» لا ترى غضاضة من الإقرار بأن الغرب: « يفكر بطريقة تتناسب مع الحقب الماضية وتقوم على قاعدة الغزو والتدمير لتحقيق السيطرة ». وبلغة الجنرال ستانلي مكريستال (25/6/2009) القائد الجديد للقوات الدولية في أفغانستان أن معظم القوات مدربة على خوض قتال: « باستخدام كافة الإمكانيات المتاحة». فما فعله حلف الناتو في أفغانستان وغيرها هو التفكير والعمل بموجب ما تتيحه الآلة العسكرية من تدمير كي يمكن السيطرة على البلاد المستهدفة. فإنْ كان ثمة منطق استراتيجي فهو القتل والتدمير ليس إلا، وهذه همجية وليست استراتيجية.

هذا المنطق الهمجي هو ما طبقته الولايات المتحدة وحلفائها في محاولات محمومة لانتزاع القاعدة وطالبان من الحاضنة الشعبية عبر استهداف المدنيين جوا حيثما كانوا، سواء في الأعراس أو المنازل أو القرى أو المزارع أو المساجد أو المناسبات ... أو عبر الاقتحامات الليلية لمنازل المواطنين وما تخلفه من قتل مروع في جنح الظلام لحملهم على الانقلاب على المجاهدين وتحميلهم مسؤولية القتل الواقع عليهم. لكن بعد سبع سنوات من الفشل وما خلفته الحملات الدموية من نتائج عكسية تماما كما يقول الباكستانيون وحكومة كرازاي حان وقت التغيير. لكن بـ «شرط» أن يكون على النقيض تماما! فما تراه الاستراتيجية الجديدة هدفا جديرا بالدفاع عنه هو: « تأمين الحماية للمدنيين» بدلا من قتلهم! أو كما تقول صحيفة التايمز البريطانية في تساؤلاتها عن أهداف الحملة البريطانية: « مساعدة الحكومة الأفغانية في فرض سيطرتها على هلمند، وعدم تمكين طالبان من التشويش أو تخويف سكان المنطقة خلال الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في البلاد يوم 20 أغسطس/آب القادم».

أكثر ما يميز الاستراتيجية القديمة أنها قليلة العدد والعدة، ولم تهتم بشيء يذكر في أفغانستان. كل ما هنالك مسمى لحكومة مركزية لا تملك من أمرها شيئا. ثمة فساد عظيم في أوساط الحكومة ابتداء من الرئيس وانتهاء بقطاع الطرق من الجيش والشرطة. فلا وجود لمؤسسات ولا بنية تحتية ولا تمثيل شعبي ولا رقابة ولا جيش ولا كفاءات ولا تعليم ولا صحة. أما أكثر ما يميز الاستراتيجية الجديدة فهي سد الفراغات في الاستراتيجية القديمة، إنْ وجدت، دون زيادة أو نقصان. فمن يصدق أن الأمريكيين بصدد إعمار أفغانستان وهم الذين قدّموا نفس العروض للمعارضة في الشمال عشية غزو أفغانستان؟ بل أنهم خيروهم بين التعاون معهم وكسب إعمار البلاد أو عدم التعاون وتدمير البلاد؟ فعن ماذا يجري الحديث: عن مقالة استراتيجية؟ أم عن حقل تجارب؟

أولا: المستوى العسكري

يمكن اعتبار الجانب العسكري في الاستراتيجية هو الأشد تعقيدا والأكثر طرافة سواء من جهة الأمريكيين أو الأفغان أو من جهة الأوروبيين. ومبدئيا ثمة ثلاث قوات تعمل في أفغانستان منذ غزوها سنة 2001 تتكون من 23 دولة على الأقل. وهي: (1) قوات حلف شمال الأطلسي و (2) قوات الأمم المتحدة العاملة تحت قيادة الحلف باسم «إبساف» وما تم تشكيله من (3) قوات أفغانية تابعة لحكومة كرازاي. أما عن عدد القوات العاملة فثمة قرابة 75 ألف جندي أفغاني تأمل أمريكا بزيادتهم إلى نحو 134 ألفا و 82 ألف شرطي بحسب الاستراتيجية، على أمل أن يرتفع إجمالي قوات الأمن إلى 400 ألف جندي وضابط شرطة بحسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية 19/3/2009 خلال السنوات القادمة. ومن جهتها رفعت الولايات المتحدة عدد قواتها بمقدار 17 ألف جندي بالإضافة إلى 32 ألف يعملون فعليا في أفغانستان، على أن يصل العدد الإجمالي لقواتها بحدود 68 ألفا.

في الجانب الإقليمي ضغطت واشنطن على باكستان كي تتولى الوضع في مناطق سوات ووزيرستان. لكن حتى تبدأ أية عملية باكستانية وتؤتي ثمارها كان على باكستان أن تجري تغييرات واسعة النطاق في قيادة الجيش من جهة وفي الوكالات الأمنية من جهة أخرى، وهذا ما حصل، ومهد الطريق لحرب الحكومة على وادي سوات ليس بهدف إسقاط اتفاقها مع الجماعات الإسلامية فيما يتعلق بتطبيق الشريعة بل لعزل المنطقة برمتها عن أفغانستان ومنع الحراك بين المناطق الحدودية للبلدين والحيلولة دون أية مساعدة من طرف لآخر وأخيرا لحرمان القاعدة مما يعتبره الأمريكيون ملاذا آمنا لها في باكستان.

بعد الإعلان عن الاستراتيجية الجديدة استضافت قناة الجزيرة الأدميرال مايكل مولن رئيس أركان الجيوش الأمريكية (5/4/2009) في أول حلقة من برنامج «من واشنطن»، حيث أجاب على سؤال حول مدى نشاط الجيش الباكستاني في منطقة الحدود فقال: «الحقيقة أن الجيش لم يكن نشطا هناك على الحدود قبل عام»، أما الآن فقد: « حصلوا على قيادة جديدة. والمسؤول العسكري الجديد يسعى لتقديم الدعم لقواته بشكل أفضل، والنتيجة أن القوات أصبحت أكثر نشاطا». وهذه التصريحات تفند ما أشاعته بعض التصريحات المتشائمة، (4/5/2009 ) وهي تتحدث عن هاجس أمريكي يخيم على لقاء القمة المنتظر بين أوباما والرئيسين الباكستاني والأفغاني يوم 6/5/2009 لجهة: « إقناع باكستان منع طالبان من استخدام الأراضي الباكستانية لشن هجمات على أفغانستان». وهكذا يكون الأمريكيون قد حصلوا من باكستان على ما أرادوه.

أما فيما يتعلق بالساحة الأفغانية فهي أشد تعقيدا من مثيلتها الباكستانية. فالبلاد خالية من الطرق المعبدة إلا ما نسبته 20% فقط. وهي نسبة من شأنها، كما يقول القائد الميداني السابق لقوات التحالف في أفغانستان الجنرال إيريك أولسون، إبطاء تحرك القوات المهاجمة وصعوبة التواصل بين مئات القرى والمناطق فضلا عن مشكلة إخلاء الجرحى. ومع نقص المعدات اللازمة فمن الطبيعي تَوقُّع إصابات خطرة جدا إن لم تكن قاتلة. ولا شك أن الحاجة إلى تدريب قوات أفغانية سببه عدم وجود قوات مؤهلة أصلا، وهذا يفسر إلى حد كبير العدد المحدود للقوات المشاركة في الحملة على هلمند. فقط 650 جندي. بينما القادة العسكريون يتحدثون عن استحالة تحقيق تقدم ما لم تكن هناك قوات أفغانية تعرف الطرق والمسالك وتتقدم الصفوف. لذا فإن زيادة عدد القوات الأفغانية من شأنها أن تحدث فارقا نوعيا في الحرب لاسيما وأن سكان البلاد يعرفون الطرق جيدا ويجيدون فهم بعضهم البعض. فمثل هؤلاء سيكونون في المستقبل القريب بمثابة «عيون وآذان» للقوات الأجنبية بحسب ما نقله وود ورد، أحد أبرز الصحفيين الأميركيين، في 1/7/2009 عن مسؤول مدني أفغاني. إذ: «إنهم في أمسّ الحاجة لمن يستطلع لهم أنباء العدو وينبههم إلى تحركاتهم». وهو ما أشارت إليه الاستراتيجية بوضوح في أحد بنودها: « ستعمل كل وحدة أميركية في أفغانستان بالتعاون مع وحدة أخرى أفغانية ».

لكن، في الوقت، الحالي (5/4/2009) فإن الرقم الملح بحسب المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس: « سيتضمن ثلاثة آلاف جندي إضافي بشكل مؤقت للمساعدة في توفير الأمن أثناء الانتخابات المزمع إجراؤها في أغسطس/آب المقبل».

كل هذا الاستعداد لإعادة بناء الجيش الأفغاني وزيادة القوات يهدف إلى الاحتفاظ بالمناطق التي يجري السيطرة عليها. فالأعداد القليلة من القوات غالبا ما تسببت بأمرين: (1) فقدان السيطرة، مقابل (2) سيطرة طالبان التي نجحت في سد الفراغ كما تقول صحيفة النيويورك تايمز في 23/1/2009، وتمكنت من السيطرة على شريط حدودي بطول 550 ميلا تستعمله للتسلل مع باكستان. والعجيب أن وزير الدفاع الأمريكي لم يتذكر هذا الأمر حين كان يعمل وزيرا للرئيس السابق جورج بوش إلا بعد فوز أوباما وإعلانه عن الاستراتيجية الجديدة. ففي 24/2/2009 نسبت لوس أنجلوس تايمز له القول أثناء اجتماع لحلف شمال الأطلسي: « إن بإمكان القوات إنشاء قواعد ثابتة لهم في مراكز المناطق المأهولة»، مشيرا أن: «العمليات العسكرية السابقة تعثرت بسبب انتقالها إلى مناطق أخرى».

ورغم كثرة التصريحات التي ترى النموذج العراقي صالحا لإسقاطه على أفغانستان، لأكثر من سبب كاختلاف البيئة والجغرافيا والتاريخ فضلا عن التقسيمات الإدارية غير الكائنة في بلاد الأفغان، إلا أن الجنرال ديفيد بتريوس ظل حاضرا في قلب الاستراتيجية الجديدة بوصفه صانع صحوات العراق والقائد العام للقيادة الأميركية الوسطى. فهو يعارض الدفع بقوات ضخمة العدد إلى أفغانستان على غرار ما فعلته الولايات المتحدة في العراق (15/3/2009) لـ: «عدم توفر البنية التحتية الكافية على الأرض، إضافة إلى أن نظرة الأفغان لقوات التحالف وعدم اعتبارهم فاتحين» فضلا عن « صعوبة الأوضاع» وتوقعه أن: « تزداد سوءا ». لكنه ما زال يدعو إلى تشكيل مجالس للصحوات رغم اعترافه (9/2/2009) أن: «لاشيء سهل في أفغانستان». بل أنه يجد الدعم حتى من القائد السابق لقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان الجنرال ديفد ماكيرنان الذي نسبت له صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية (24/2/2009) القول: « يمكن للقوات الجديدة تطبيق المتغيرات الإستراتيجية المختلقة بشأن \"المتمردين\" التي ثبت نجاحها في العراق، والمتمثلة في فحص منطقة معينة أولا ثم تطهيرها من المسلحين».

بطبيعة الحال يحيلنا كلام الجنرالين، بتريوس وماكيرنان، إلى ما يسمى برنامج: « قوة حماية الشعب الأفغاني» الذي بدئ العمل به في خضم شهر آذار/ مارس الماضي في إقليم ورداك. فقد أوردت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور (14/4/2009) بعض الملامح للبرنامج الذي تسعى الولايات المتحدة من خلاله إلى إنشاء صحوات على شاكلة الوضع في العراق. فهو برنامج ينشط به أعضاء في مجالس المناطق المحلية في الإقليم يقومون بترشيح عناصر محليين، من مختلف القرى، للانضمام لقوة الحماية ثم إخضاعهم لثلاثة أسابيع من التدريب على أيدي أفغان ومستشارين أميركيين، على أن يعودوا إلى مناطقهم براتب 125 دولارا شهريا. وإذا ما نجح البرنامج فإن التفكير يتجه إلى تعميمه على أكثر من 40 منطقة في جنوب وشرق البلاد.

بيد أن الصحيفة تحدثت عن انتقادات وتشكيك في مدى نجاح البرنامج خاصة وأن هذه «القوة» تتشكل في نهاية المطاف بموجب معايير قبيلة أو عرقية توطئ لحرب أهلية وخطر على الأمن والاستقرار. وتدلل على ذلك بحالة البرنامج في منطقة جالرز التابعة لورداك. إذ أن 38 شخصا فقط من أصل 128 مشارك في البرنامج ينتمون إلى قبيلة البشتون ذات الأغلبية الساحقة في صفوف طالبان، والأكثرية السكانية في منطقة جالرز. أما البقية الغالبة فهي من أعراق وقبائل مختلفة. وهذه وضعية من شأنها أن تثير القبائل ضد بعضها البعض. لكن رغم ذلك، خرج القائد الجديد للقوات الأمريكية والناتو في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال ليتحدث في تصريحات له: « عن إمكانية تكوين قوات صحوة سنية في أفغانستان، مثلما حدث في العراق».

ثانيا: المستوى المدني

لا يقل المستوى المدني تعقيدا عن المستوى العسكري. ومبدئيا يمكن القول أنه لأول مرة يشعر الأمريكيون وحلفاءهم بالورطة الكبيرة التي وقعوا بها في أفغانستان. لذا تراهم يتخلون عن استراتيجية القتل ويستبدلونها على الفور باستراتيجية حماية المدنيين.

كتب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي جون كيري مقالة في الواشنطن بوست (11/2/2009) بعنوان: «سباق مع الزمن في أفغانستان» قال فيها أن: «الوجود الأجنبي لم يعد مرحبا به في تلك البلاد»، وعليه فلا بد من: «الشروع بإستراتيجية جديدة كليا: (1) تقرّ بتاريخ أفغانستان من الحكم اللامركزي و (2) إدراك قدرات حلف شمال الأطلسي و (3) حلفائنا الأفغان». والحقيقة أن الأمريكيين ليسوا سليلي حضارة أو تاريخ حتى يدركوا تاريخ الأمم وحضاراتها. واستعمالهم لمعيار القوة في التعامل مع الآخرين لم يعد يصلح للأمم العريقة ولا للشعوب الحية وذات العزيمة التاريخية كالشعب الأفغاني. لذا فإنْ كان ثمة «إقرار حقيقي» فلا بد من أن يشمل تاريخ الأفغان سواء في الحكم كما يريد «كيري»، أو في الشخصية الأفغانية، وفيما تستبطنه من تراث ضخم في التعامل مع الغزاة، أو في عقيدة الأفغان، وهو ما لا يريد الأمريكيون والأوروبيون الإقرار به حتى الآن.

هذه هي المشكلة في العقلية الأمريكية. ففي تصريحات (25/6/2009) ذات دلالة للجنرال ستانلي مكريستال قال فيها: « في رأيي ما يتعين علينا أن نفعله هو أن نُعدّ رأيا ثقافيا». لكن هذا الرأي يخص القوات الأجنبية التي تحتاج بحسبه إلى «تحول ثقافي» يمكّنها من التركيز على كسب الأفغان. ذلك أن معظم قواته مدربة، كما قال، على خوض قتال: «بالغ الشدة، وتقليدي يهدف إلى تدمير العدو واستخدام كافة الإمكانيات المتاحة»، وهذا: « يتناسب مع ميدان المعركة التقليدي حيث يواجه الجيش جيشا، لكنه غير مناسب لميدان معركة لمواجهة تمرد».

وفي مقالة نشرها الموقع الإلكتروني لمجلة فورين بوليسي (1/6/2009) بعنوان: «هل تجرؤ أميركا على التورط في مواجهة المتمردين ثانية؟»، نقل الكاتب روبرت هاديك شهادة لأحد أعضاء الفرق الإنسانية العاملة في العراق وردت في دراسة. أما الشهادة فتتضمن فكرة تستهوي الأمريكيين، وهي تقول بأن: «اعتذارا يمكنه تحقيق ما تعجز القاذفة عن تحقيقه B2 ». لكن إنْ لم يتحقق «مفعول الاعتذار» ونفذت صلاحيته؛ فهل ستستعمل أمريكا القوة ضد كل من يعارضها؟ وهل هذا يشمل المدنيين الذين جاءت لحمايتهم؟!

قبل الإعلان عن الاستراتيجية؛ أشار وزير الخارجية البريطاني ديفد ميليباند في مقالة مبكرة له كتبها في صحيفة الاندبندت (25/2/2009) بعنوان: « الجيش وحده عاجز عن هزيمة طالبان» إلى أن مزيدا من الجنود لن يكون كافيا لتوطيد الاستقرار في البلاد. ولكن فقط عبر : « (1) ممارسة الضغط على أولئك الذين يرفضون التعاون مع الحكومة الأفغانية، و (2) بتوفير الحماية لمن يبدي التعاون». وهذا الموقف لم يتغير بعد إعلانها (الاستراتيجية) بقدر ما أكده روبرت غيتس وزير الدفاع الأمريكي. بل أن غيتس نفسه، بعد نحو شهر من الإعلان عن الاستراتيجية الجديدة، خرج ليحذر من وجود ثغرات في الاستراتيجية الخاصة بأفغانستان مشيرا إلى: « تخلف الجانب المدني في أفغانستان عن الجانب العسكري»!

أما لماذا تحدث غيتس بلغة «التخلف» وليس بلغة «الغياب»، فلأن الولايات المتحدة كانت حريصة على إرسال جيوشها العسكرية قبل أن ترسل خبراءها المدنيين، ولما شعرت بالحرج، وخشية أن تفقد مصداقيتها، سارع غيتس إلى الإدلاء بتصريحاته هذه مشيرا إلى أنه: « سيطلب من جنود الاحتياط أصحاب المهارات مثل الأطباء البيطريين والمحاسبين والمهندسين الزراعيين التطوع لتقديم مساعدات التنمية للشعب الأفغاني إلى أن يحل محلهم أفراد من وزارة الخارجية الأميركية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية». وقد بالغ في تصريحاته كي يظهر بمظهر «الحريص» فيما يقترح ويسعى إليه: « أمامنا وقت محدود لنظهر فيه أننا نحقق تقدما في أفغانستان, ولا أريد أن يحدث أي تأخير سواء كان ذلك على الجانب العسكري أو على الجانب المدني». لكن هل يعقل أن يسقط الجانب المدني من استراتيجية تدعو إلى كسب قلوب السكان وتركز على جوانب التنمية والإعمار ثم يجري استدراكه بهذه الحمية؟

المستوى السياسي

كل هذه العجلة التي نلحظها في السياسة الأمريكية تجاه باكستان وأفغانستان على وجه الخصوص سببها الانتخابات الأفغانية القادمة التي تأجل إجراؤها، لـ: «دواع أمنية»، إلى 20/8/2009 بدلا من 20/5/2009. فهي تريد تحقيق بعض الاستقرار لتأمين الانتخابات، وتريد التفاوض مع الطالبان، وتريد حكومة جديدة وتغيير الوجوه القديمة، وتريد مساعدة الشعب الأفغاني وكسب ثقته، وتريد تحسين صورتها، وتريد تحقيق «التغيير». وكل هذا وغيره في بضعة شهور قليلة! والحقيقة أن أمريكا تتصرف كمن يُحضِّر للسفر وقد فاته القطار. فما الذي يجعل الولايات المتحدة «تسابق الزمن» في موضوع الانتخابات؟

إنها تريد باختصار، وبدون لف أو دوران، تغيير الطابع الإداري المركزي للبلاد وتفكيكه إلى نسخة أمريكية تسمح بتوطين بذور النزاع المحلي مستقبلا ولا تسمح بالتعافي أبدا. هذا الأمر تقدمه الولايات المتحدة في صيغة «نظام حكم لامركزي» كما يقترحه كيري وغيره من المسؤولين الأمريكيين.

فقد أوصى جون كيري (11/2/2009) في مقالته، كما سبق وأشرنا، إلى جانب زيادة القوات، بـ: «الشروع بإستراتيجية جديدة كليا تقرّ بتاريخ أفغانستان من الحكم اللامركزي». فالاستراتيجية الأمريكية القديمة ذات المواصفات الفردية، استندت على ما يسميه، هنري كيسنجر، (27/2/2009) بـ: «التكتيك التقليدي» الذي يقوم على تنصيب حكومة مركزية ثم دعمها وتمكينها تدريجيا من بسط سيطرتها على كامل أنحاء البلاد عبر إشاعة « البيروقراطية» أو العمل الإداري كأسلوب لتدجين الناس من شأنه أن يساعد في التنافس على المكاسب والغنائم. لكن هذا النظام لم يعد مجديا في مواجهة «التمرد»، والأولى، والكلام لكيسنجر، إقامة: «نظام لامركزي يحول دون عودة طالبان نهائيا». أي نظام خاص بكل ولاية وكأنها دولة مستقلة.

هذه الأطروحات الجديدة فعلا؛ وجدت لها صدى أوسع، حتى لدى خصوم الديمقراطيين كالسناتورة الجمهورية وعضو في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب دانا روراباتشر في مقالة لها صدرت في صحيفة الواشنطن تايمز في 4/3/2009 بعنوان: «خطة بديلة في أفغانستان». ففي مقالتها قدمت الكاتبة تفصيلا أكثر وضوحا لما تأمله الولايات المتحدة من مصطلح «اللامركزية».

تقول الكاتبة: « إن أميركا نقضت وعودها بعد أن دحر الشعب الأفغاني الشجاع الجيش السوفياتي وساعد في إنهاء الحرب الباردة. كما أخلفت وعدها مرة ثانية بعد هزيمة طالبان». لذا فإن: « التوصل إلى التزام حقيقي بقوة وسلطة لامركزية في أفغانستان هو جزء من الحل. وهذا ما لا يدركه القادة العسكريون». وعليه فإن: «أفغانستان بحاجة إلى انتخابات على مستوى الولايات. أما التعليم والشرطة والخدمات المحلية فسيديرها حينذاك الفائزون في الانتخابات».

وكي تتضح المسألة أكثر؛ تعرض السناتورة الجمهورية جوهر اللامركزية بالمنظور الأمريكي الصرف. فبالنسبة (1) للدولة فهي: « بحاجة إلى جيش محلي قوي. ويجب أن تكون المليشيات، والقوات القبلية، وأمراء الحرب، جزء من الخطة». وبالنسبة (2) للقوات الجديدة تقترح: «أن تدمج في النسخة الأفغانية لحرسنا الوطني»، أما عن (3) حاكم الولاية فيكون بمثابة: « رئيس الأركان»، بحيث يكون (4) حرس الولايات: « جزء من الجيش الأفغاني الكلي». وهكذا فمن شأن هذا النظام إذا ما طُبق: «أن يُقوِّض انبعاث طالبان من جديد مثلما أضعفت \"الصحوة العشائرية\" التمرد السني في العراق».

لكن مكافأة «المتعاونين» وضرب «المتمردين» ستعيد الأمريكيين إلى نقطة الصفر. وحينها لن ينفع كثيرا: « تجنيد 300 حمار للمساعدة في الانتخابات الأفغانية ». والحقيقة أنه ما من جهة إقليمية أو دولية أو عربية إلا ودعت إلى وجوب التفاوض مع طالبان لحل المشكلة. وبالنسبة للرئيس الأفغاني حامد كرزاي، المنبوذ أمريكيا، والذي تبادل التهم مع نائبه أحمد ضياء مسعود، لمدة عشر دقائق، على خلفية كونهما «ألعوبة بيد الأمريكيين» كما نقلت صحيفة الديلي تليغراف البريطانية (22/2/2009) فما من جدوى للمصالحة والإعمار إلا بالتفاهم مع طالبان، وهو ما أشارت إليه الحكومة أكثر من مرة لعل آخرها كان في 21/4/2009. لكن الناطق باسم طالبان ذبيح الله مجاهد نفاه في بيان للحركة في 22/2/2009 قائلا: « لم تكن هناك محادثات مع طالبان، هذه مجرد دعاية للتأثير على الرأي العام ليظهروا أنهم راغبون في السلام وأننا لا نرغب فيه».

الطريف في قصة التفاوض مع طالبان هو ذلك التذبذب في ماهية القوى المعنية به من طالبان. فتارة لا تكون ثمة شروط، وتارة يجري الحديث عن «المعتدلين» ممن يقبلون بالدستور ويلقون السلاح ويعترفون بالحكومة القائمة ويقرون بالوضع السائد في البلاد. ورغم رفض الحركة لمبدأ التفاوض إلا أنها تتساءل عن المعنى والمغزى لمثل هذا التمييز بين «المعتدلين» و «غير المعتدلين». ففي 11/3/2009 رفضت طالبان الأفغانية اقتراح الرئيس الأمريكي بالتحاور مع من يسمون بالإسلاميين المعتدلين, معتبرة أن خروج القوات الأجنبية هو الحل الوحيد. وتعليقا على الاقتراح الرئاسي قال المتحدث باسم طالبان قاري محمد يوسف إن: «هذا لا يستوجب أي رد أو رد فعل لأنه غير منطقي». وأكد أن: «طالبان متحدة، ولها زعيم واحد، وهدف واحد، وسياسة واحدة .. لا أعرف لماذا يتحدثون عن طالبان المعتدلة؟ وماذا يعني ذلك؟».

أما الأطرف في المسألة فهي شهادة مرويس ياسيني نائب رئيس البرلمان الأفغاني لما سئل عن «المعتدلين» في طالبان في برنامج «من واشنطن» على قناة الجزيرة في 1/4/2009 فقال ( مع بعض التصرف في ضبط اللغة): « والله عندما نتحدث عن طالبان فهذا الاصطلاح، المعتدلين أو غير المعتدلين، ليس موجود هنا في داخل أفغانستان. لكن يوجد في طالبان، المسلحين وغير المسلحين. ومن الطبيعي أن يكون غير المسلحين منهم أكثر استعدادا للحوار مقارنة بمن يحملون السلاح. إذن ليس هناك معتدلين وغير معتدلين، وإنْ كانْ؛ فلا بد أن نعرفهم ونعرف عنوانهم».

أخيرا

هذه أهم مضامين الاستراتيجية الأمريكية الجديدة، والتي ركزنا فيها على الوضع في أفغانستان بعيدا قليلا عن الغوص في الشأن الباكستاني. والذي يرقب ردود فعل طالبان الأفغانية سيلاحظ أن الحركة كانت تراقب بدقة التصريحات الأمريكية والغربية وحتى السياسات ذات الطابع المدني على الأرض. فقد أعلنت الحركة عن زيادة في عدد قواتها ردا على زيادة عدد القوات الأمريكية والأطلسية، وأعلنت عن «شبكة الحديد» ردا على «طعنة الخنجر» الأمريكية و«مخالب النمر» البريطانية، وقتلت عشرات الجنود، وضابط كبير في الجيش البريطاني، وأسرت أحدهم، وأسقطت عديد الطائرات المروحية.

وفي ذروة الهجوم الغربي على جنوب أفغانستان وجهت طالبان ضربة مزدوجة شديدة الأثر (21/7/2009) ضد أجهزة الأمن والاستخبارات في ولاية ننجرهار ومدينة جرديز مركز ولاية بكتيا، حيث تجري التحضيرات للانتخابات الأفغانية القادمة، وحاولت اغتيال قسيم فهيم مساعد الرئيس كرزاي في الانتخابات القادمة (26/7/2009) في هجوم على قافلة سيارات تواكبه في ولاية قندوز.

وردا على محاولات اختراق الجانب الاجتماعي عبر تقديم المساعدات والحماية للسكان سارعت الحركة لتحصين المجتمع الأفغاني وأصدرت في 27/7/2009 ما عرف بـ «لائحة طالبان». وهي دستور طالبان الإمارة الذي كان الملا محمد عمر قد أمر بإعادة النظر به وإعداده ليتلائم مع النصوص الشرعية بحيث يحذف منه كل ما يخالف الشريعة. وقد كشفت الديلي تلغراف البريطانية هذا الأمر في 29/9/2007 مشيرة إلى أنه يأتي في إطار: « الصعود السياسي الواضح للحركة». ونقلت الصحيفة آنذاك عن فتح الكبير أحد قادة طالبان في ولاية غزني قوله: «إن هدف نشر الدستور الآن هو محاولة ضمان أن تصل نسخه إلى كل مواطن أفغاني». ولا شك أن هذا التصريح أولى أن يجري الحديث عنه الآن في سياق ما يجري التحضير له من انتخابات قادمة.

قريبا في الحلقة القادمة « مأزق بريطانيا وفضائح الناتو»


نشر بتاريخ 31-07-2009
  #3  
قديم 17-09-2009, 12:17 AM
رياض123 رياض123 غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
مكان الإقامة: ........
الجنس :
المشاركات: 1,868
افتراضي رد: أفغانستان .... قدر الله في الامبراطوريات العظمى

أفغانستان قدر الله في الامبراطوريات العظمى

المأزق الاستراتيجي وفضائح الناتو

(3)


د. أكرم حجازي

3/8/2009







... ولأن الاستراتيجية الجديدة ليست إلا تعبيرا عن سلسلة من المآزق الاستراتيجية في أفغانستان على مختلف المستويات فلم تفلت من النقد: (1) بعد صدورها و (2) خلال العمليات الأولى و (3) حتى هذه اللحظة! فهي مقبولة ومرفوضة .. وهي واقعة بين الوهْم والحقيقة .. وبين الصدق والكذب .. وبين حقائق الواقع والأمل المنتظر .. وبين النجاح البعيد والفشل القريب ..

في هذا الجزء من السلسلة سنعرض لمسألتين تشهدان على حقيقة الاستراتيجية وما تنطوي عليه من خداع وتضليل كبيرين مارسته القوى المتورطة في الحرب على الرأي العام. ردود الفعل الأمريكية والبريطانية ومعطيات الواقع العسكري معززا بأرقامه. فقد كشفت حقائق الواقع والعجز في الميدان عن الكثير من المعلومات التي جرى إخفاؤها طوال السنوات الماضية. لذا لم يكن من باب الصدفة أن تسرب مصادر صحفية على ذمة صحيفة الجارديان البريطانية (29/7/2009) معلومات تفيد بأن: «الأمر في لندن وواشنطن تطور، فيما يتعلق بالشأن الأفغاني، ووصل إلى حد الحديث عن إستراتيجية للانسحاب من أفغانستان»‏. والسؤال الآن: هل يمكن النظر إلى الاستراتيجية الجديدة بوصفها جزء من المشكلة؟ أم جزء من الحل؟


أولا: الاستراتيجية بعيون أهلها



1) عيون أمريكية

تخيم على المؤسسات الإعلامية ودوائر الأمن والقرار في الولايات المتحدة بما فيها الكونغرس الأمريكي مخاوف حقيقية من أن تتحول «أطول الحروب في تاريخ الولايات المتحدة» كما تصفها صحيفة الواشنطن بوست (22/7/2009) إلى «فيتنام جديدة». صحيح أن الأمريكيين يدركون مدى الحاجة إلى استراتيجية جديدة للعمل في أفغانستان. لكنهم غير واثقين البتة لا في الاستراتيجية المطروحة ولا فيما يمكن إنجازه. لهذا وصف الكاتب الأميركي جيرالد سيب في مقالة له في صحيفة وول ستريت (10/7/2009) إدارة الرئيس أوباما بأنها: « تحارب على جبهتين، الأولى: ضد حركة طالبان، والثانية في الكونغرس الذي: "يكاد صبره ينفد" بشأن الدعم المالي للحرب»، لافتا الانتباه إلى أن: « حرب إدارة الرئيس ضد الكونغرس تكاد تكون مستمرة على مدار الساعة». ولأن الكونغرس «لم يعد صبورا» إزاء التكاليف المالية للحرب فقد: « أمهل وزارة الدفاع والبيت الأبيض إلى أوائل العام القادم ليرى تطورا ملموسا على أرض الميدان قبل أن يتخذ قرارا بتخفيض الميزانية العسكرية». فالكونغرس لم تعد تعنيه استراتيجيات جديدة أو قديمة، ولا مقترحات ولا آراء ولا هذا ولا ذاك. فكل ما يثق به الآن إنجاز يتحقق على الأرض وإلا.

هذا التحذير الحاسم من الكونغرس أجبر وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس على الإقرار في 19/7/2009: «بصعوبة الأوضاع في أفغانستان»، والتحسب من: « خسارة التأييد الشعبي للحرب» خاصة وأن: « القوات تعبت .. والشعب الأمريكي متعب جداً»، والأهم أنه: «بعد تجربة العراق، لا أحد على استعداد لرحلة طويلة لا يبدو أننا نتقدم فيها» . فالحديث عن الانتصار «في غضون سنة» بالنسبة لغيتس: « احتمال بعيد المدى »، والمأمول فقط: «أن تحرز تقدما بحلول الصيف المقبل»، أما لماذا هذه العجلة؟ يقول غيتس: « لتفادي تشكيل تصور لدى الرأي العام بأنه أصبح من المستحيل الانتصار في الصراع».

المؤكد أن الولايات المتحدة ما زالت تتخبط كحلفائها في أفغانستان. وعلى الرغم من الإعلان عن الاستراتيجية الجديدة وبدء العمل بها فقد ظهر تقرير جديد في أوج الحملة العسكرية على جنوب أفغانستان يتحدث عن الحاجة إلى استراتيجية جديدة! ففي 23/7/2009 كشف تقرير استراتيجي بعنوان: « حملة أفغانستان..هل يمكننا الفوز؟» عن الحاجة إلى: « استراتيجية جديدة للحرب على أفغانستان». فما الذي يستدعي البحث عن استراتيجية أخرى أكثر حداثة إلا أن يكون «الفشل» بعينه؟

هذا ما يقوله صاحب التقرير أنطوني كوردسمان كبير خبراء مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية. لذا لا يمكن، بحسب كوردسمان، أن تكون هناك استراتيجية ناجحة قبل أن تجيب الإدارة الأمريكية أولا على السؤال: « هل يمكننا الفوز؟ .. وإذا الجواب بنعم؛ لابد أن يكون النصر محدداً وواقعياً وعملياً »، وثانيا: « أن تتصرف الإدارة الأمريكية بشكل "سريع وحازم" في صياغة هذه الإستراتيجية الجديدة». كل هذا بداية، ويا للطرافة، من أجل: « وقف الارتفاع القياسي لمعدل القتلى في صفوف جنودها»!

لكن مشكلة كوردسمان كمشكلة إدارته في التعامل مع التيار الجهادي العالمي. إنها عقلية حلبة المصارعة. فهو يظن أن كسب الحرب ممكن: « إذا قامت بأفعال "سريعة وحاسمة" مع حلفائها لهزيمة طالبان، ليس فقط بشكل تكتيكي، ولكن عن طريق القضاء على سيطرتهم، ونفوذهم على السكان في غضون السنوات القليلة المقبلة، وبعد ذلك بشكل منتظم، والقضاء على شبكاتهم، وعلى أية قدرة لديهم للعمل كحكومة ظل».

لغة الغطرسة هذه كان قد فضحها كاتب أمريكي لم يستمع إليه أحد حين طرح ما هو أهم من تساؤل كوردسمان. ففي مقالته الطريفة في صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية قي 23/5/2009 بعنوان: «ماذا كسبنا في أفغانستان؟» حذر ديفيد بيك: «القادة العسكريين من مغبة عدم تقديم الصورة الواقعية والحقيقية لأداء القوات الأميركية في الميدان». ولأن الكذب وإخفاء المعلومات والتضليل والتخويف هو سيد الموقف في الإعلام والسياسة الأمريكية فقد تساءل الكاتب عن: « حق الأميركيين العاديين في معرفة المعايير المتبعة لتوجيه قرارات الحرب التي يتخذها القادة، في ظل كون الولايات المتحدة دولة ديمقراطية؟» مشيرا إلى أنه: « إذا كان بالإمكان الإفادة من دروس التاريخ فلا يبدو أن الوجود الأميركي في أفغانستان أقرب إلى الانتصار منه إلى الهزيمة». وهكذا لا تبدو المشكلة في الحاجة إلى استراتيجيا تلعن ما قبلها بقدر ما تبدو الولايات المتحدة بحاجة إلى: «مقاييس جادة لمعرفة النجاح من عدمه .. مقاييس واضحة لسير الأوضاع في أفغانستان و"محاسبة أنفسنا" ... وضرورة إيجاد معايير واضحة أيضا لحالة الجمود والفشل». لكن مطالب من هذا النوع تبدو بعيدة المنال سواء تعلق الأمر في أفغانستان أو غيرها. لذا يختتم الكاتب مقالته بتحدي إدارة بلاده أن: «تبادر إلى توجيه أسئلة أصعب إلى نفسها بشأن الوضع الراهن للوجود الأميركي في أفغانستان، هل هو رابح أم خاسر أم يتطلب الرحيل؟، وأن تبقى تسأل نفس الأسئلة في الحروب والصراعات المستقبلية قبل أن تطأ قدم المرء أي ميدان».

2) عيون بريطانية

من جهتهم لم يكن البريطانيون أقل تشاؤما من الأمريكيين، بل أكثر ردحا وبؤسا وهم يكشفون المزيد من الحقائق والخداع. ففي 3/2/2009 اعترف رئيس هيئة الأركان البريطانية السير جوك ستيراب أن: « الولايات المتحدة لن تتمكن من إلحاق الهزيمة بحركة طالبان في أفغانستان حتى لو زادت عدد قواتها هناك»، ورأى في مقابلة مع صنداي تايمز أن: «السياسة وحدها هي القادرة على إحلال السلام». ومن جهتها نسبت صحيفة ديلي تلغراف (22/3/2009) إلى وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند قوله: « إن طالبان تمكنت من توريط القوات الأجنبية بمأزق إستراتيجي في أفغانستان» واصفا قواتها بأنها: « إرهابية وقادرة على إلحاق أضرار خطيرة وجسيمة بقواتنا وغيرها».

من العجيب أن مثل هذه التصريحات السابقة على إعلان الاستراتيجية الجديدة صدرت عن أصحاب القرار في واشنطن ولندن. لكن لم يكشف هؤلاء والقريبون منهم عن حقائق الواقع بما يكفي لإعادة النظر إلا في خضم الحملة العسكرية على هلمند حين قال الخبير العسكري البريطاني اللورد بادي آشداون والزعيم السابق لحزب الديمقراطيين الأحرار في بريطانيا في 1/7/2009: « إننا نواجه الهزيمة ورجالنا يموتون هناك لأن السياسيين لا يودون التحرك مع بعض »، ولا شك أنهم كانوا على علم بما صرح به آشدوان بأن: «اختلاف الأولويات أكبر خطر في أفغانستان»، مبينا أن: « القوات البريطانية، مثلا، تركز على هلمند في جنوب أفغانستان وتراها المعضلة الأكبر، في حين تركز القوات الهولندية على أوروزغان، والكنديون على قندهار والألمان على منطقة أخرى في الشمال، بينما للقوات الأميركية أولويات أخرى مختلفة ». وفي تقرير من 143 صفحة أعده بالتعاون مع فريق يضمه والأمين العام الأسبق للناتو جورج روبرتسن، والسفير البريطاني السابق بواشنطن جريمي غرينستوك، قال اللورد آشدوان بالحرف الواحد: « إذا لم نعالج الغياب التام للتنسيق الفعال للجهد الدولي في أفغانستان، سيظل التقدم بطيئا وسندفع الضريبة بحياة جنودنا وبحياة المدنيين الأفغان».

وفي 22/7/2009 عاد اللورد آشداون في مقالة جديدة له نشرتها صحيفة الإندبندنت اللندنية بعنوان: «ماذا علينا أن نفعل لنكسب الحرب في أفغانستان؟» ليؤكد أن: «ثمن الفشل سيكون باهظا». أما لماذا؟ فلأنه يعني: « انهيار باكستان واحتمال بروز أول حكومة جهادية في العالم تمتلك سلاحا نوويا, وإعادة إحياء لفضاء جامح لا يخضع لسلطة القانون في أفغانستان، ويكون مفتوحا للتخطيط للإرهاب الدولي وتصديره».

باختصار! فإن: « حرب أفغانستان غلطة .. والانتصار فيها مستحيل .. وأوضاع القوات الأجنبية صعبة ». هذا ما خلص إليه النائب البريطاني السابق ماثيو باريس في مقالة نشرتها له صحيفة التايمز في 4/7/2009 اشتكى فيها من كون: « الحقائق على الأرض مُرّة وقاسية»، داعيا إلى: «عدم المراوغة أو استخدام أساليب التورية للتغطية على الواقع». أما لماذا هي بهذه المرارة والقسوة فلأن: « جنود البلاد يلقون مصيرهم في أفغانستان دون جدوى» بحسب صحيفة الغارديان (4/7/2009) التي كتبت تقول في افتتاحية لها بعنوان: «أفغانستان يقودها الحمير»: «لا يبدو أن لبريطانيا أهدافا واضحة إزاء الحرب»، كما أنها: «لم تضع إستراتيجية لبلوغ تلك الأهداف المفترضة». وبما أن: « صبر الشعب البريطاني قد بدأ بالنفاد ... (وأن) الحرب خاسرة (لأن) القوات الأجنبية تتكبد عشرين مليار دولار شهريا في عملياتها العسكرية بأفغانستان» في ظل ما وصفته الصحيفة بـ: «إستراتيجيات تسير على غير هدى» فـ :« ما هي الفائدة المرجوة من تعريض الجنود البريطانيين للقتل مقابل تأمين الانتخابات في ولاية هلمند الأفغانية؟»، ومن سيجيب الكاتب كون كوغلين الذي انتقد سياسة بلاده عن سؤاله في صحفية ديلي تلغراف: «من لجنودنا المخدوعين في أفغانستان؟» والذين « يصارعون البقاء هناك»؟

ومثل كوردسمان، فقد صب البريطانيون جام غضبهم على الاستراتيجية الجديدة وكأنهم لم يسمعوا بها من قبل. لكن بما أنه لم يعد ثمة هدف يمكن الركون إليه أو الثقة بتحقيقه فـ: « لا بد من أن نعيد تحديد أهدافنا». هذا ما تراه صحيفة الأوبزرفر البريطانية في افتتاحيتها 12/7/2009، إذ تقول أن: « المتمردين هناك يتميزون على قوات حلف شمال الأطلسي بكونهم يعرفون كيف يكون شكل الانتصار ... (بينما) حياة الجنود البريطانيين تزهق سدى. وعليه فإن الإستراتيجية المتبعة هناك بحاجة إلى مراجعة»، نظرا لـ: «عدم توفر الإرادة السياسية للخروج من المأزق». ومن جهتها سخرت الكاتبة ماري ريديل من تَكبُّد خسائر فادحة من أجل: «أهداف مثل رعاية الانتخابات الأفغانية "المزورة" ». وفي مقالها بصحيفة الديلي تلغراف قالت أنه: « لا ينبغي لأية أمة متحضرة أن تطلب من أبنائها الموت في سبيل أهداف عسكرية غامضة»، مشيرة إلى: «أننا نسكب دماء وأموالا في حفرة سوداء» ليس لها قرار.

ومن جهتها دعت صحيفة ذي إندبندت أون صنداي البريطانية في افتتاحيتها (12/7/2009) إلى الانسحاب من أفغانستان معترفة بأن: «قوات التحالف تواجه ورطة كبيرة هناك»، وأنها: « تسير على غير هدى وبلا خطط واضحة وأنها تغرق في المستنقع». أما صحيفة الفايننشال تايمز التي دعت رئيس الحكومة البريطانية إلى إعادة التفكير بشأن مهمة قواته في هلمند (14/7/2009)، فقد طرحت تساؤلين دقيقين: (1) «عما إذا كانت الإستراتيجية التي يتبعها الغرب عموما في الحرب هي الصائبة؟» و (2) «عما إذا كانت القوات البريطانية التي تمثل ثاني أكبر تعداد بعد الأميركية في أفغانستان مجهزة بالمعدات اللازمة للمهمة؟» فأجابت عن الأول بـ: «نعم مشروطة بانتظار النتائج» وعن الثاني بـ: «لا صريحة».

أما أحدث تفاعلات المأزق البريطاني، على المستوى الرسمي، فقد تجلى في تقرير لجنة الشئون الخارجية في مجلس العموم الصادر في 2/8/2009 فقد تضمن خلاصة مدهشة جاء فيها أن: « المهمة العسكرية الدولية في أفغانستان لم تحقق بعد النتائج المرجوة بسبب انعدام الإستراتيجية المبنية على الحقائق التاريخية لهذا البلد». والأهم ذهاب التقرير لأبعد ما ذهب إليه اللورد بادي آشدوان حين أقرّ بأن: « الانتشار البريطاني في إقليم هلمند تم عبر تخطيط يتسم بانعدام الواقعية على أعلى المستويات، وانعدام التنسيق بين أجهزة الحكومة، والعجز عن إعطاء العسكرييين توجيهًا واضحًا». وهكذا فليس حلف الأطلسي وحده من يستحق اللوم فيما يتعلق بغياب التنسيق.

3) فشل الناتو

وهكذا يكون مجلس العموم قد فضح، في تقريره، لأول مرة سياسات بلاده بهذه القسوة غير المسبوقة. والحقيقة أن كل ما في الحرب الأفغانية يبعث على العجب والدهشة. فالقوات الموجودة في أفغانستان تقاتل بصيغة «نفسي ومن بعدي الطوفان »! هذه هي الحقيقة التامة. فما من قوة ترغب في الاشتباك مع طالبان وجها لوجه، وما من قوة تنسق مع الأخرى، وما من قوة مستعدة لمناصرة قوة حليفة. فما قيمة وجود أربعين دولة في أفغانستان؟ وماذا تفعل بقواتها هناك؟ حقا! إنه أمر يبعث على السخرية.

في 9/2/2009 قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيمس جونز خلال مشاركته في مؤتمر أمني في ميونخ ضمن وفد يقوده نائب الرئيس الأميركي: «إن التنسيق الدولي الضعيف والفشل في تبني منهج إقليمي لإعادة بناء أفغانستان حال دون نجاح الحلفاء في البلاد». وهو ذات الكلام الذي فصل به اللورد بادي آشدوان في 1/7/2009، لاسيما حين تحدث عن: « الغياب التام للتنسيق الفعال للجهد الدولي في أفغانستان». لكن في مقالته عن: « ماذا علينا أن نفعل لنكسب الحرب في أفغانستان؟ - 22/7/2009» تحدث آشدوان عن مخاطر الفشل قائلا بأنه: « سيشكل ضربة قاتلة لحلف الناتو ».

ومن جهته بدا الأمين العام لحلف الناتو ياب دي هوب شيفر كمن يقدم التعازي والمواساة لبريطانيا خلال كلمته التي ألقاها أمام مركز أبحاث « تشاثام هاوس» للشئون الخارجية البريطانية في 21/7/2009 مشيرا إلى أن: «الحرب على أفغانستان "فترة مأساوية" لبريطانيا ... هناك 14 دولة تحارب في الجنوب الأفغانى إلى جانب البريطانيين، وإلى جانب القوات الأفغانية، لقد فقد مئات الجنود من الناتو أرواحهم، وهذا قياس محزن للاشتراك في التضحية ولكنه حقيقي». وأقر هوب شيفر أن: « هناك نقاش عام حول ما إذا كان هناك ما يكفي من قوات ومروحيات في أفغانستان أم لا؟». لكن تصريحاته في المركز لم تخل من المراوغة والتبرير والابتزاز، حتى وإنْ انطوت على حقيقة بقدر ما، لاسيما حين تطرق إلى احتمال الانسحاب من أفغانستان معبرا عن خشيته أن: « تقع في قبضة طالبان» مما « سيعطي تنظيم القاعدة القدرة على التحرك بحرية أكبر». حتى في: « آسيا الوسطى حيث سيكون للقاعدة حرية الحركة مرة أخرى، وكذلك فإن طموحاتها الإرهابية ستصبح عالمية».

لذا فهو يشدد على أن أعضاء الحلف عليهم أن يدركوا أن المهمة «جوهرية» بالنسبة إلى أمن دولهم. لكنه حين يتحدث عن حرض دول الناتو على: «تحقيق رادع أمني مثلما كان الحال خلال الحرب الباردة» فالمؤكد أن هكذا تصريحات تكشف بوضوح عن عجز تام في قدرات الناتو. فهو حتى هذه اللحظة ليس قادرا على الانتصار في أفغانستان. فكيف به يتحدث عن الردع؟ إلا أن يكون كما يتمنى شيفر نفسه: «التزام يحمل مخاطر، ومكلف، ونهايته مفتوحة، بحيث ليس هناك ضمانة بالنجاح في المهمة». فهل هذا هو الحلف الذي كان يصارع في ظل الحرب الباردة؟!!

الأمر الأكثر إثارة ودهشة في مثل هذه التصريحات يكمن في الجدوى من بقاء حلف الناتو ومدى فاعليته في مواجهة الأزمات. فقد تعرض هو الآخر لفضيحة عظمى لا تقل عن فضيحة الرأسمالية حين كشفت أزمة الرهن العقاري عن خواء النظام من الداخل. ويبدو أن الناتو كذلك. فلا هو قادر على حشد القوات المناسبة، ولا هو قادر على توفير ما يلزم من معدات، ولا هو قادر على صياغة الاستراتيجيات، ولا هو قادر حتى على تحديد الأهداف، ولا هو قادر على حسم حرب ضد مقاتلين كل ما يمتلكونه أسلحة بدائية تسببت متفجراتها بقتل ثلث ضحايا جنوده. فما الذي باستطاعة الحلف أن يقوم به؟

ليست هذه هي المرة الأولى التي يفشل فيها الناتو بحشد القوة أو القدرة على التصرف. فطوال شهور من التحضير لغزو العراق فشل الناتو في حشد أكثر من 25 ألف جندي، وبعد معاناة شاقة من المفاوضات، فشل في استخدام الأراضي التركية لغزو العراق من الشمال، علما أن تركيا عضو في الحلف. وها هو يفشل في حشد الحد الأدنى من القوات في أفغانستان، ويفشل في التنسيق ما بين قواته، ويفشل في حماية جنوده. والسؤال: هل من جدوى في بقائه خاصة أنه لم يعد يخيف أحدا؟


ثانيا: أوروبا تتمنع وبريطانيا تغرق



1) خسائر أوروبا


قبل الإعلان عن الاستراتيجية الجديدة دعت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية في 24/2/2009 إدارة أوباما لإدراك أمرين هامين، أولهما: «عدم رغبة بعض الحلفاء الأوروبيين في إرسال المزيد من القوات». لكن حتى الدول الأوروبية الأشد تحالفا مع الولايات المتحدة لم تلبّ الرغبة الأمريكية إلا بحدودها الدنيا. ففي 5/4/2009 قال المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس: «أن الرقم المنتظر سيتضمن إرسال ثلاثة آلاف جندي إضافي بشكل مؤقت مشيرا أن بريطانيا ستساهم بـ 900 جندي وألمانيا وإسبانيا بـ 600 لكل منهما». وكمثال على ذلك اكتفت بريطانيا بإرسال 700 جندي فقط من بين توصية بإرسال 2500 جندي. والسؤال هو: لماذا تتمنع الدول الأوروبية عن إرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان؟

كما يقولون في المثل الشعبي: «إذا عرف السبب بطل العجب»، لكنه هذه المرة عجب من نوع ثقيل، وثقيل جدا، لا يمكن للأروربيين أن يحتملوه، ولا يمكن لبريطانيا خاصة أن تستمر فيه دون أن تدفع ثمنا باهظا جدا أقله انهيارها كدولة عظمى! إذا ما فشلت. لنتابع جدولي قتلى القوات الأجنبية أدناه واللذين يعكسان مدى التخبط الذي تعيشه دول الناتو وقواتها.





بقطع النظر عن مدى مصداقية الأرقام الواردة في الجدول؛ لنركز فقط على النسب المئوية للقتلى. فبالإجمالي العام، وحتى نهاية شهر تموز الماضي من السنة الجارية، فإن نسبة قتلى الناتو من الأوروبيين بلغت 68.2% مقارنة بنسب القتلى الأمريكيين. وإذا تجاوزنا السنوات الأولى من الاحتلال حتى سنة 2005 حيث بدأت طالبان تُحدثُ فارقا ملحوظا في الأداء القتالي، فإن السنوات اللاحقة أظهرت تقاربا مفزعا في النسب تراوحت ما بين 90% إلى 98%. بمعنى أن نسبة عدد القتلى الأوروبيين مقارنة بالأمريكيين تكاد تكون متطابقة إلا قليلا جدا.

ثمة في الجدول ما هو أكثر إثارة. إذ يلاحظ أن الطالبان والقاعدة استطاعتا ضرب جميع القوى الأجنبية دون أن تفلت إحداها ولو من قتيل أو قتيلين. ومن باب التوضيح فإن أعداد القوات الأمريكية ومثيلتها الأوروبية متقاربة جدا. لكنها متوزعة على مناطق مختلفة من أفغانستان. وما يدهش المراقب أن العمليات القتالية لطالبان طالت جميع القوى حيث تواجدت. وبحسب جدول التمثيل البياني الذي يوضح عدد القتلى بحسب الجنسية فلا تكاد تفلت دولة من خسائر في الجنود والضباط مع ملاحظة التعاظم في عدد القتلى بالنسبة لأعتى القوى الأوروبية قوة. ففيما خلا الأمريكيين الذين حظيوا بحصة الأسد من الخسائر فالبريطانيون يتصدرون القائمة بخسائر بلغت 191 قتيلا يليهم الكنديين بواقع 125 ثم الألمان - 33 والفرنسيين - 28 والأسبان - 25 والدنمركيين - 24 و 11 قتيلا لكل من أستراليا ورومانيا و 9 قتلى لبولندا. فلماذا تخوض أوروبا حربا ليست حربها فضلا عن أن الرئيس الأمريكي ذاته يعتبرها حربا أمريكية؟


2) «سرّ» الهيجان البريطاني





صحيح أنه لأول مرة تتحول أفغانستان إلى قضية رأي عام في بريطانيا، وتتكشف حقائق ظلت طي الكتمان لسنوات طويلة، وتصبح «فجأة» حديث العامة والخاصة في وسائل الإعلام والشوارع والمقاهي والبيوت وصالونات السياسة وحتى المواخير. وصحيح أيضا أنه لأول مرة ينفجر الخبراء والعسكريون البريطانيون «قهرا» على ما بدا وكأنها مصيبة عظمى حلت في القوات البريطانية في أفغانستان خاصة بعد مقتل العقيد روبرت ثورنيلو أكبر ضابط لها منذ حرب جزر الفوكلاند سنة 1982 وثمانية آخرين من جنودها خلال 24 ساعة بين 10 و11 تموز/ يوليو الماضي.

لكن إذا كان من الطبيعي والمألوف أن يقتل الجنود في المعارك فالأصح من الصحيح أنها ليست المرة الأولى التي يقتل بها جنود بريطانيون سواء في أفغانستان أو في العراق، كما أنها لن تكون الأخيرة. فلماذا إذن هاجت بريطانيا، بين عشية وضحاها، على بضعة جنود، وتحولت إلى ساحة صراع تجندت فيها الصحف لأيام متتالية في حملات انتقاد عنيفة للحكومة وكأنها تعيش انقلابا سياسيا على الملكية؟ باختصار: هل ثمة سر في هذا الهيجان البريطاني غير المعتاد؟

لا شك أن الطامة الكبرى وقعت على رأس البريطانيين الذين فقدوا 22 جنديا وضابطا في العمليات الأخيرة على هلمند، أي قرابة نصف ما فقده الأمريكيون. وليت الأمر توقف عند هذا الحد. فالبريطانيون يعانون من عجز في ميزانية الدفاع يقدر بـ 20 مليار جنيه، وإذا ما أضفنا تداعيات الأزمة المالية العالمية فإن بريطانيا في وضع مزري اقتصاديا وعسكريا لا يؤهلها لخوض حروب خارجية. فقد كتبت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية (10/7/2009) تقول: « أن الإمبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس ما انفكت تواجه خيارات صعبة في أفغانستان ...إن الحرب والأزمة المالية قد تضطران بريطانيا إلى تخفيض أو وقف الكثير من برامجها العسكرية ... وإلى مراجعة خططها في الشأن العسكري لتشمل قواتها في الميادين الخارجية وبرامجها لبناء حاملات الطائرات، متسائلة عن مدى بقاء البلاد محتفظة بالترسانة النووية؟».

لا شك أن دولة تحارب بلا معدات وتلجأ إلى استئجار الطائرات المروحية من هولندا وروسيا وأستراليا وأوكرانيا لإخلاء جرحاها هي فضيحة بكل المقاييس لدولة تحسب أنها عظمى بينما هي مهددة بخسارة عضويتها في مجلس الأمن الدولي وهو ما لم تذكره الصحيفة الأمريكية. ولعل في هذا ما يفسر سر جنون بريطانيا والانتقادات الشنيعة ضد الحكومة وتحوُّل القضية الأفغانية إلى قضية رأي عام واسع النطاق. فماذا لو قتل بضعة عشرات آخرين من القوات البريطانية؟ فكم ستصمد بريطانيا في أفغانستان؟

إلى هنا، من يجرؤ على القول أن استراتيجيا الرئيس الأمريكي أوباما جاءت لتكون جزء من الحل؟ ومن يستطيع أن يتنكر لتصريحات أبو اليزيد مسؤول القاعدة في أفغانستان لقناة الجزيرة حين توقع أن يكون العام الجاري هو عام الحسم؟

يتبع في الحلقة الأخيرة: «وقائع حرب الطالبان»





نشر بتاريخ 02-08-2009
  #4  
قديم 21-09-2009, 02:34 AM
رياض123 رياض123 غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
مكان الإقامة: ........
الجنس :
المشاركات: 1,868
افتراضي رد: أفغانستان .... قدر الله في الامبراطوريات العظمى

ننتظر الدكتور اكرم حجازي لاكمال السلسله
يبدو انه ينتظر اعلان الصليبيين هزيمتهم رسميا بما ان الموعد حان ولا مناص امامهم



  #5  
قديم 20-10-2010, 09:49 AM
الصورة الرمزية رائد الصعوب
رائد الصعوب رائد الصعوب غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2006
مكان الإقامة: jordan
الجنس :
المشاركات: 1,958
الدولة : Jordan
افتراضي رد: أفغانستان .... قدر الله في الامبراطوريات العظمى

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رياض123 مشاهدة المشاركة
ننتظر الدكتور اكرم حجازي لاكمال السلسله
يبدو انه ينتظر اعلان الصليبيين هزيمتهم رسميا بما ان الموعد حان ولا مناص امامهم



بارك الله فيك واعجبني ردك
__________________
  #6  
قديم 20-10-2010, 06:57 PM
رياض123 رياض123 غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
مكان الإقامة: ........
الجنس :
المشاركات: 1,868
افتراضي رد: أفغانستان .... قدر الله في الامبراطوريات العظمى

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رائد الصعوب مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك واعجبني ردك
وفيك بارك الله
  #7  
قديم 20-10-2010, 01:47 AM
الصورة الرمزية غراس الجنه
غراس الجنه غراس الجنه غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: May 2010
مكان الإقامة: الدولة الإسلامية في العراق والشام
الجنس :
المشاركات: 4,283
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أفغانستان .... قدر الله في الامبراطوريات العظمى

لي عوده ان شاء الله ....بارك الله فيك اخي الفاضل رياض
  #8  
قديم 22-10-2010, 12:47 AM
الصورة الرمزية غراس الجنه
غراس الجنه غراس الجنه غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: May 2010
مكان الإقامة: الدولة الإسلامية في العراق والشام
الجنس :
المشاركات: 4,283
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أفغانستان .... قدر الله في الامبراطوريات العظمى


من الطريف حقا أن يتصرف الأمريكيون والغرب مع التيار الجهادي العالمي وكأنهم في حلبة مصارعة. والواقع يقول بأن الصراع بين الجانبين بات صراعا مصيريا حتى بالنسبة للجمهور. وبحسب أطروحات التيار الجهادي العالمي فقد انتهى عصر الصراعات الوطنية والقومية واليسارية وحتى الإسلامية ذات الطابع الوطني إلى غير رجعة. إذ ما من قضايا وطنية يجري الحديث عنها، ولا مفاوضات أو مساومات، ولا مصالح مشتركة، ولا قانون دولي أو وضعي، ولا استقلال وطني، ولا مقاومة للاستعمار، ولا مكاسب وامتيازات شخصية مغرية أكثر من «الله أكبر». إنها باختصار أطروحة عقدية أُفلتت من عقالها. هذه هي الحقيقة التي يتوجب على العالم أن يعيها جيدا. ولعل أسوأ ما فيها أن القوى العظمى لن يعود بمقدورها مجرد التفكير بأية مغامرات عسكرية أو احتلال مباشر لأراض أغلب سكانها مسلمون. لكن إذا ما فعلت؛ فعليها أن تتوقع عواقب وخيمة كون الذين سيواجهونها هذه المرة لن يكونوا على شاكلة الجيوش العربية المدجنة ولا من ذوي « الإسلام هو الحل » أو «الوحدة العربية» أو «القرار الوطني المستقل» أو «الأممية العالمية».
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 130.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 126.08 كيلو بايت... تم توفير 4.85 كيلو بايت...بمعدل (3.70%)]