أمة في خطر - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1109 - عددالزوار : 128346 )           »          زلزال في اليمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14 - عددالزوار : 4765 )           »          ما نزل من القُرْآن في غزوة تبوك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          أوليَّات عثمان بن عفان رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          القلب الطيب: خديجة بنت خويلد رضي الله عنها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          رائدة صدر الدعوة الأولى السيدة خديجة بنت خويلد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          طريق العودة من تبوك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          ترجمة الإمام مسلم بن الحجاج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          مسيرة الجيش إلى تبوك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > الحدث واخبار المسلمين في العالم
التسجيل التعليمـــات التقويم

الحدث واخبار المسلمين في العالم قسم يعرض آخر الاخبار المحلية والعالمية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-12-2009, 01:02 AM
رياض123 رياض123 غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
مكان الإقامة: ........
الجنس :
المشاركات: 1,868
افتراضي أمة في خطر

أمة في خطر
د. أكرم حجازي
2008/5/31
كل الكتاب والمفكرين الأمريكيين خاصة والغربيين عامة وحتى الزعماء الذين تحدثوا عن حرب صليبية
ضد الإسلام وأهله لم يكذبوا أو يهولوا أو يبالغوا حتى لو تراجع بعضهم عن كتاباته أو تصريحاته لضرورات
تمليها ظروف العداء. بل أن المعادلة الصريحة الوحيدة المعمول بها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي إلى يومنا
هذا والمعروضة على العالم هي معادلة شريرة وذات طابع رقمي بامتياز "إما معنا أو ضدنا"، ولم يعد خافيا
على أحد حقيقة هذه المعادلة التي أدركها حتى العرب وهم في أوهن حالاتهم، ومن العبث أن نخدع أنفسنا
ونبرئ كتابات فوكوياما وهنتنغتون أو دانييل بايبس والقس جيري فالويل وجيري فاينز وبات روبرتسون
وفرانكلين جراهام وأمثالهم فضلا عن تصريحات بابا الفاتيكان بينديكت السادس عشر وزعامات العالم الكبرى
أمثال مارغريت تاتشر وبيرلوسكوني وجورج بوش عن التمهيد لهذا الصدام القادم وهو مح  صن بأبشع أدوات
الفتك والدمار والحقد والضغائن المتراكمة منذ قرون ضد الإسلام والمسلمين، بل من البلاهة والجبن أن نعايش
كل أشكال العداء ابتداء من وسائل الإعلام والضغوط الدبلوماسية والاقتصادية وانتهاء بالآلة العسكرية
الأمريكية التي تضرب في أمة الإسلام حيث تواجدت ناهيك عن الترسانة الأمنية والاستخبارية التي تعمل في
شتى أنحاء العالم على مدار الساعة ثم نقول أن ما يجري هي زلات لسان أو دواعي الحرية أو ضرورات
أمنية! فما هي مبررات هذا الصدام وغاياته؟ وما هي آلياته وتحالفاته؟ وما هي تداعياته؟ وما هي خيارات
الأمة ودفاعاتها في مواجهته؟ وهل أن المشروع الأمريكي – الغربي – الصهيوني منفصلا عما يسمى
بالمشروع الإيراني الصفوي؟
وحدة المشروع الأمريكي – الغربي – الصهيوني
(1)
وحشية العلم وتوحش البشرية
بدا واضحا منذ البواكير الأولى للرأسمالية وولادة عصر الآلة في مطلع القرن التاسع عشر أن البشرية
مقدمة على توحش ضد بعضها، فمن يمتلك العلم والمعرفة سيمارس الغزو والقتل والنهب ضد من لا يمتلكها،
منذ ذلك الحين ثبتت معادلة لم تتغير إلى يومنا هذا مفادها أن البشرية تزداد توحشا كلما تقدمت علميا، بل أن
الحضارة الراهنة لم تسبقها أو تجاريها أيا من الحضارات الإنسانية وحشية ضد كل الكائنات الحية حتى ضد
طوبوغرافيا الطبيعة وجيولوجيتها التي لم تسلم من التدمير والتخريب المتعمد. لا شك أنها مفارقة عجيبة حين
يتحول العلم من منقذ إلى مدمر ومن بشير إلى نذير كلما خطا خطوة إلى الأمام. فما أن اخترعت الآلة حتى
2
بشرنا العلم بعهد استعماري مباشر، وما أن تََقدم قليلا حتى انهارت أسلحة الدمار الشامل على البشر لتفتك
بعشرات الملايين منهم، وها هو العلم، مع نهاية العقد الأخير من القرن العشرين، ينفجر في سلسلة من
الثورات المعرفية أبرزها:
-1 ثورة العولمة، والتي انفجرت بعد انهيار الحرب الباردة محيلة الاقتصاد العالمي فقط إلى معايير
السوق صاحب السلطة الوحيدة والمطلقة في تحديد سعر السلعة. ولأن القرن الراهن هو قرن الخدمات
والتجارة الحرة فعلينا القبول بتوسيع مفهوم السلعة ليشمل سائر العلوم الوضعية وسائر قطاعات الأمن
والعسكر وسائر المنظومات الأخلاقية والعقائد والأديان وسائر الحضارات والثقافات وسائر السلوك الإنساني
وكل ما يخطر على البال. ويكفي إسقاط العولمة على أي فعل إنساني أو آلي لنكتشف بالنهاية أنه لم يعد أكثر
من مجرد سلعة يجري تداولها بين البشر. ويكفي أن نلاحظ أن العولمة نظام اقتصادي جائر يخلو من أية
عدالة أو احترام لخصوصية الآخرين مثلما أنها لا تحفظ حقا لأحد طالما أنها بالمحصلة صناعة رأسمالية
متوحشة ليست الطبقة الوسطى حتى في قلب الدول الرأسمالية إلا أحد أشد ضحاياها ناهيك عن الفقراء في
شتى أنحاء الأرض والذين ستطحنهم العولمة طحنا.
-2 الثورة المعلوماتية (الرقمية)، وهي الثورة التي سيهاجر فيها العالم الاجتماعي إلى الفضاء الافتراضي
أو الحيز الذي ولدته العلوم الرقمية مولدا قارة سادسة تنضاف إلى القارات الخمس. وهي تمثل أضخم مشروع
سرقة عرفه التاريخ الإنساني منذ ولد آدم وإلى يومنا هذا، وأضخم مشروع أمني جعل من التجسس على
البشر أفرادا وجماعات ودول موضة العصر، فلا خصوصية ولا حرمة ولا حصانة لأي كائن حي طالما قبل
بأن يكون جزء من منظومة الاتصال والتواصل مع هذه العلوم وإلا فما عليه إلا اعتزالها. أما ما تقدمه
الصناعات الرقمية من عروض على منتجاتها ففيها من الإغراء والحاجة ما يصعب على الفرد تجاهله بالنظر
إلى سرعة تقدمها وسرعة شيخوختها، فما يصلح اليوم ليس بذي فائدة بعد بضعة أسابيع أو أشهر.
-3 الثورة الجينية، أو الهندسة الوراثية، وقد لدت في أعقاب الإعلان العالمي عن اكتشاف 90 % من
أو أسرار الجينوم في شهر أيار / مايو 2002 . وهي ثورة تمكن من الاطلاع على ( DNA ) خريطة الحياة
أسرار الحياة والتحكم الفسيولوجي والبيولوجي في الكائن الحي.
-4 ولا شك أنها المقدمة التمهيدية لأكثر الثورات العلمية صدمة للبشر وهي ثورة تكنولوجيا النانو
الأمريكية، وسيباشر العمل بها بعد عشر سنوات IBM التي تقود مشروعها شركة Nanotechnology
من الآن. فما الذي نفهمه من هذه التكنولوجيا التي يساوي "النانو الواحد" فيها 1/ مليار من المتر؟
تنطلق من Nanotechnology إذا كانت العولمة تنطلق من مفهوم السلعة في السيطرة على العالم ف
الجزيء وليس من المادة، فالبشرية سبق لها وأن ط  وعت المادة في مرحلة اكتشاف الآلة (ق 19 )، ومع ذلك
فقد احتاجت لأكثر من مائة عام حتى انفجرت الثورة الصناعية في منتصف القرن العشرين، ثم عشر سنوات
لتدشن بدايات العصر الرقمي وثلاثين عاما لتصبح بعض منتجاته في متناول العامة من الناس، لكننا الآن على
أبواب تطويع الجزيء نفسه بحيث يمكن التلاعب به وإعادة صياغته وابتكاره في بضع سنين والاستفادة من
منتجاته بمواصفات فائقة الدقة. وكي نتحسس بعض الأهمية فيما يجري على الصعيد العلمي يكفي ملاحظة أن
تطويع المادة قد نجح في نقل البشرية من طور إلى طور بحيث لم يعد ممكنا ولا بأي منطق العودة إلى
3
الوراء. فهذا ما يتوقع حصوله في السنوات القادمة، فالتكنولوجيا المنتظرة وهي تركز على صناعة الأجهزة
الدقيقة من جزيئات مجهرية سيكون بمقدورها التدخل في شتى صنوف الحياة وإحداث قطيعة مادية
وابتسمولوجية (= معرفية) مع الماضي، وستنقلب سائر العلوم الوضعية خاصة الصحيحة رأسا على عقب،
فلن يكون الطب الذي نعرفه هو الطب القادم ولا الفيزياء التي نتعلمها ولا الأحياء ولا الكيمياء ولا الهندسة
بشتى فروعها بما فيها هندسة الجزيء ذاته ولا الزراعة ولا الطاقة ولا المواصلات والاتصالات ستشابه
مثيلاتها مما مضى، وتبعا لذلك ستتغير منظومات العلاقات الإنسانية وأنماط الاجتماع الإنساني والاقتصادي،
وستتغير معها حكما منظومة العلاقات الدولية وقوانينها وتقسيماتها وأنماط الصراع والسيطرة والتحالفات
والعداوات.
هكذا إذن، وبحدود مائتي عام، استطاعت البشرية أن تحقق قطيعة مع الماضي وهي تبدأ من الصفر، لكنها
الآن في قمة التطور والتقدم العلمي، وتحقيق القطيعة الثانية لن يستغرق سوى بضع سنين وهو ما يثير الهلع
والرعب من هكذا علوم، إذ أن السيطرة على المادة لتحقيق سعادة البشرية ورفاهيتها خّلف آلاما لم تشهدها
البشرية فيما مضى من حروب فتاكة وسحق للكائن الحي وتدمير للبيئة بصورة وحشية وظواهر مقيتة
كالاستعمار والاستعلاء والعنصرية والإلحاد والفقر والجوع والجهل وتكدس للثروة واستغلال للشعوب ونهب
للثروات وتدمير للحضارات والثقافات وحروب إثنية وطائفية ودينية لا حدود لها، فهل سيكون التحكم بالجزيء
وهو يختصر على البشرية من الوقت مئات السنين أقل وحشية وأكثر رحمة بالبشر؟
آن وقت الحصاد
الأرجح أن الثورات الجديدة التي من المفترض أن تضع حدا لمعاناة القرنين الماضيين ستكون وبالا على
البشرية، وستجعل من الشعوب المتخلفة وجغرافيتها وبيئتها أكبر مخبر للتجارب ومخلفات العلوم الجديدة،
فمعادلة التوحش لم تستنفذ أغراضها بعد وهي محملة بأحقاد وضغائن وثقافة الكراهية، وعلى العكس من ذلك
فإن كل ما نراه هو إرهاصات لاستعمار جديد. باختصار فإن أقوى الحروب القادمة ستكون مع العلم، فالعلم
هو المفجر للحروب على جبهة الغرب فيما الجهل هو المتلقي لها على الجانب الآخر. ويبدو أن الغرب وفي
مقدمته الولايات المتحدة باتوا على قناعة بأن الوقت قد حان لقطف الثمار عبر:
السيطرة على مصادر الطاقة التي تحتاجها الثورات القادمة، فهي السبب الرئيس في استهداف المناطق ·
الحاوية لها كالخليج العربي والسودان وآسيا الوسطى، إذ أن الثورات الكبرى تتسارع بشكل جنوني والسكان
يتضاعفون بمعدل متوالية هندسية تستدعي معها الحاجة إلى متوالية مماثلة في الطاقة، ولأن هذا مستحيل
فلنتصور حجم الصراع الدولي على الطاقة في العالم.
تصفية ما يعتبرونه ثارات قديمة ليس مع العرب بل مع الإسلام والمسلمين بحيث تبدأ من "خيبر" لتنتهي ·
بتدمير العقيدة الإسلامية وتنصير أهلها. وعليه فالنظرة إلى الدعوات المتكررة عن تقارب الأديان أو حوار
الحضارات أو تعميم ثقافة التسامح ليس سوى خضوع لشروط الخصم ومفاهيمه ليست من فراغ، فمن جهة لا
نجد في مضمون الدعوات إلا إنكارا للإسلام ولنبوة محمد صلى الله عليه وسلم فضلا عن الإساءة إليه وطعنا
في العقيدة وضرورة إصلاحها بما يتلاءم ومعتقدات "الكتاب المقدس" بعهديه القديم والجديد وتعديل في كتب
الله والتخلي عن التراث الديني من كتب الأولين وتقديم تفسيرات جديدة للكثير من الآيات مع الالتزام بالتخلي
4
عن بعضها إن لزم الأمر، فضلا عن استخدام وسائل الإعلام للتشهير بالإسلام والمسلمين على نطاق واسع.
ومن جهة أخرى يشعر الغرب أن لديه من القوة الآن ما يكفيه وزيادة، قبل تفكيك دولهم، لإجبار المسلمين
على الاعتذار عما يسمونه جرائم المسلمين في التاريخ ضد المسيحيين واليهود ابتداء من الدعوة النبوية
وإخراجهم من المدينة خاصة والجزيرة العربية عامة وإلى يومنا هذا، بل سيذهبون إلى ما هو أبعد من ذلك
في المطالبة باستعادة ما يعتبرونه ممتلكات القياصرة وعروشهم التي استولى عليها المسلمين في فتوحاتهم أو
غزواتهم، وبالتأكيد فقائمة المطالب طويلة لمن رغب في تتبعها وقائمة التصريحات العدائية ذات المحتوى
الصليبي أوسع، ولما يقولون بأنها حرب صليبية فهم يدركون ما يقولون ويعملون على ذلك. لذا ليس غريبا أن
تنقلب الأمور رأسا على عقب حين يغدو المطلوب من العرب هو الاستجابة للشروط الإسرائيلية للسلام وليس
العكس كما كان شائعا قبل عقدين حين كان اليهود يتذمرون من رفض العرب لهم ووضعهم "شروطا
تعجيزية"! للتفاوض مع إسرائيل.
والأهم من كل هذا أن ما يجري هو مشروع أمريكي – غربي – صهيوني، وبالتالي فمن العبث القول
باختلاف الموقف الأوروبي أو تميزه عن الموقفين الأمريكي والصهيوني، وليس صعبا على العامة وليس
الخاصة فحسب ملاحظة وحدة المشروع في ضوء تقاسم العمل والمهام، فالأمريكيون وبعض الدول الأوروبية
تكفلوا مباشرة في شن الحروب على ديار المسلمين في أفغانستان والعراق والصومال وغيرها من البلدان،
واليهود في فلسطين عمدوا إلى تصفية كافة القيادات الفلسطينية وأفقدوا الفلسطينيين من أي رمز حتى ولو كان
وطنيا سواء داخل فلسطين أو خارجها، وأحكموا حصارا خانقا ومهينا عليهم بفعل أدائهم السياسي
والأيديولوجي هيأ لتواطؤ عربي إما صمتا وتجاهلا أو قولا وفعلا، أما الأوروبيون، ابتداء من بابا الفاتيكان
ومستشاروه وانتهاء بالصحف الدنماركية والأوروبية، فهم من دشن حملات الكراهية والحقد للمسلمين
والإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم والعقيدة وتحدوا المسلمين في عقر ديارهم عبر حملات التنصير
المحمومة التي وصلت إلى بلدان الخليج العربي عبر افتتاح الكنائس والدعوة إلى حرية الاعتقاد في السعودية
معتبرين أن المشكلة مع المسلمين في كونهم يعتبرون القرآن كلام الله!
عقبات في الطريق
لا ريب أنه من الأهمية وجوب مراقبة التصريحات الأمريكية خاصة حول العراق وأفغانستان فيما يتعلق
بسحب جزئي للقوات من البلدين أو استخدام تكنولوجيا الحروب على نحو متزايد أو الإيهام بأن الأمريكيين
على وشك الهزيمة، نعم، فإن كل ما يجري الحديث عنه فيما يخص الصعوبات التي تواجه الأمريكيين في
العراق وأفغانستان صحيح، لكن بحدود، فالصراع سيتواصل وسنة التدافع ماضية لا محالة، لكن لا بد من
ملاحظة أن الأمريكيين خاصة والغرب عامة يجهدون في التكيف مع ما يستجد من ظروف، فالفشل في هذين
البلدين ظاهر جلي لا يخفى على مراقب، والملاحظ أن الأمريكيين يحاولون تعديل استراتيجياتهم بسرعة بعد
الخبرة التي اكتسبوها في السنوات القليلة الماضية حيث لم يكن متوقعا أبدا أن يواجهوا حربا طاحنة كادت أن
تتسبب بكارثة محققة في العراق أسوأ من كارثة فيتنام لولا أن وجدت الولايات المتحدة من ينقذها ويسهل
عليها الأمر من بعض أهل السنة سواء داخل العراق أو خارجه، وهذا باعتراف الأمريكيين وفي مقدمتهم
الرئيس جورج بوش بنفسه. لذا فهم يتحدثون الآن عن القوة الذكية كمصطلح جديد مهمته الدمج بين القوة
5
المسلحة والعمل الدبلوماسي وعدم تقديم قوة الآلة على ذكاء العقل في خوضه للحروب أو إدارتها، وفيما بعد
سيتبين لنا ماهية هذه الإستراتيجية القادمة ومدى خطورتها خاصة فيما يتعلق بصياغة التحالفات.
المهم أن الأمريكيين اكتشفوا، في ضوء تجربتي العراق وأفغانستان، أن تعريض أعداد ضخمة من السكان
لاحتلال مباشر وسط تطور حضري معقد أثبت فشله الذريع، فالشعوب المستهدفة اليوم ليست شعوب الأمس
البسيطة والمسالمة والغارقة في الجهل والتذمر. واستعمال ذات السياسات القديمة وأدواتها في مجتمعات اليوم
لن يحقق أهدافهم لا هم ولا الغرب عموما، ويبدو أن الشيخ أسامة بن لادن كان محقا لما قال في رسالته
للأمريكيين بأن قادتهم يفكرون بعقلية العصور الوسطى، فالعربة الاستعمارية الأوروبية لما انطلقت في القرن
التاسع عشر حرصت بداية، فيما عدا الهند، على تفكيك الدول الكبرى إلى تجمعات صغيرة حظيت فيما بعد
بامتياز الدولة المستقلة على بضعة ملايين أو أقل من السكان بحيث يمكن تحقيق احتلال مريح وهيمنة
مستقبلية ممكنة لبضعة عشرات من السنين، لكن هذه الدول خرج سكانها على الأقل من طور الأمية وحصلوا
على قدر من التعليم يمكِّنهم من التمييز وبناء المواقف، كما أنها الآن ذات كثافة سكانية ليست بالقليلة، فالدولة
30 مليون، ومن الجدير أن نتذكر – 5 مليون باتت اليوم تؤوي ما بين 20 – التي كانت تعد نحو 2
تصريحات وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد بعد احتلال العراق بعام وهو يكرر القول في كل مناسبة
ردا على إخفاقات جيشه أمام هجمات المجاهدين: "أن العراق دولة كبيرة سكانا ومساحة، ويصعب علينا
السيطرة بسهولة عليه"! فكيف سيكون الأمر سهلا مع دول أخرى ذات كثافة سكانية أعظم في مناطق شديدة
التوتر عالميا وذات تراث حضاري عريق ومنبع ديانة حية كالإسلام؟ كيف يمكن إيقاع الاحتلال مثلا على
دول بحجم مصر والسعودية وسوريا فضلا عن الجزائر والمغرب؟
لهذا ينبغي ألا ينظر إلى الحديث الطويل والمتكرر منذ أوائل تسعينات القرن العشرين عن "تفيكيك المفكك
وتجزئة المجزأ" والمرور على هكذا عبارات مرور الكرام، بل ينبغي أن يوضع في الاعتبار أنه ما من دولة
عربية أو إسلامية بمنأى عن التفكيك والتجزئة ابتداء من أندونيسيا وانتهاء بالمغرب، أما متى فتلك مسألة
أخرى. المهم أن الولايات المتحدة بصدد تغيير استراتيجياتها كي تتمكن من تفكيك الكتل السكانية أو إضعافها
أو اختراقها للقبول بعروض الانفصال أو الاستقلال:
إما عبر إصابتها بفيروس الفتن الطائفية أو القومية والإثنية كاستخدامها للعنصر الشيعي مثلا في العراق؛ ·
وإما عبر العولمة كآلية ملائمة في ضرب القدرة الشرائية للسكان وإفقارهم وتجويعهم وتهيئتهم لاستقبال ·
القهر والألم الشديدين تمهيدا لزرع فكرة ضرورة التغيير حتى لو كان التفكيك والترحيب بالاستعمار هو الثمن
المطلوب تماما كما كان الحال بعد الحرب العالمية الأولى كنتيجة للظلم العثماني من جهة والتحريض
الأوروبي للمجتمعات والنخب العربية على ضرورة التخلص من الإمبراطورية المتخلفة من جهة ثانية.
بطبيعة الحال فإن استخدام العولمة كإحدى آليات التفكيك سيعني توقع انخفاض خطير في سقف الحريات
في البلدان العربية والإسلامية خاصة وأن السلطة ستشعر أنها مستهدفة وبالتالي ستضطر إلى الدفاع عن
نفسها بشراسة عبر المزيد من تغولها على المجتمع أمنيا، وهذا من شأنه ترقية الوضع المتأزم ليصل إلى حالة
من الانفجار في صورة صدامات بين الدولة والمجتمع باعتبار الدولة مسؤولة عن تردي الأوضاع وسوء
6
المعيشة، فكيف ستواجه الدولة مثلا تصريحات لمدير البنك الدولي وهو يهمس في أذن الحكام محذرا بأن
؟ موجات الغلاء ستواصل ارتفاعها حتى سنة 2015
لكن احتمالات التفكك ومعاداة الأنظمة العربية مستبعد بنظر البعض بما أن أغلب الأنظمة السياسية العربية
على وفاق مع الولايات المتحدة، فلماذا تغامر أمريكا بحلفاء "أوفياء" لن تجد أفضل منهم في تمرير السياسة
الأمريكية ابتداء من التعاون الأمني في مجال مكافحة الإرهاب وانتهاء بقبول الأطروحة الأمريكية فيما يتعلق
بالصراع العربي الإسرائيلي وشروط السلام مع إسرائيل بل والمساهمة في حمايتها أمنيا والبحث عن مخارج
عقدية تُشرع وتؤسس لعلاقات واسعة النطاق معها؟ لا شك أنه اعتراض وجيه لو أن العرب شركاء في
المشروع الأمريكي ولو بنسبة مراقب، لكن الحقيقة أنهم ليسوا كذلك، فهم في أحسن الأحوال جسر عبور، ولم
يعد بيدهم سوى ورقة يتيمة يمكن أن يلعبوها إذا ما شعروا أنهم مهددون بالاقتلاع من أية جهة كانت كأن
يحتموا بشعوبهم مثلا، لكنها مع ذلك ورقة يصعب التنبؤ بحسن استخدامها في الوقت المناسب أو بمدى
فاعليتها. فكلما اشتد الجوع والقهر كلما قلت فرص المصالحة وانعدمت الثقة.
استدراك
ذكر تقرير واشنطن (العدد 24 ،160 مايو 2008 ) أنه: "بسبب غياب الرؤية الإستراتيجية لكيفية
مواجهة التحديات الآنية والمستقبلية التي تواجها الولايات المتحدة" فقد "دشن مركز الدراسات الإستراتيجية
(Smart Power) مشروع القوة الذكية (Starr foundation) وبدعم من مؤسسة (CSIS) والدولية
ويرأس ،"(Hard power) والقوة الصلبة (Soft Power) القائم على الدمج بين مفهومي القوة الناعمة
أحد أعمدة السياسة والأمن والدفاع في (Armitage .Richard L) المشروع كل من ريتشارد أرميتاج
الأستاذ بجامعة هارفارد، والعميد السابق لكلية كيندي (Nye .Joseph S) الولايات المتحدة وجوزيف ناي
للعلوم الحكومية في الجامعة.
ويقول التقرير أن المركز: "دعا إلى اجتماعات ومناقشات ضمت أعضاء من الإدارة الأمريكية الحالية
من بينهم: أعضاء من المكتب الانتخابي، الجيش، المنظمات غير الحكومية، وسائل الإعلام، أكاديميين،
وكذلك أفراد من القطاع الخاص. وقد اجتمعت اللجنة ثلاثة مرات خلال عام 2007 ؛ لتطوير مخطط تفصيلي
لإنعاش القيادة الأمريكية الإلهامية على أساس مجموعة من الأبحاث والدراسات أعدها خبراء بالمركز، والتي
تمخض عنها توصيات لتقوية مكانة وتأثير الولايات المتحدة عالميا".
ويضيف بأن: [اللجنة أصدرت تقريرها عن التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة بعنوان "التوقع
security challenges of Global Forecast the top" " العالمي لتحديات الأمن العليا لعام 2008
2008 "، وتقرير أخر عن القوة الذكية كسياسة لاستعادة مكانة الولايات المتحدة عالميا بعنوان "القوة الذكية،
.["Secure America Smarter, More" " أمن أكثر لأمريكا
بطبيعة الحال حضرت القاعدة وإيران في التقرير الذي يتحدث عن التحديات، وفيما يتعلق بمحور إيران
يشير التقرير إلى اتجاهين في الولايات المتحدة حول هذه المسألة، ينادي أحدهما بضرورة تصعيد لهجة
الخطاب ضد إيران عبر تحرك تقوم به "الشعوب المحافظة"، لكن ثمة وجهة نظر أخرى لا تقل قوة عن الأولى
ترى أن الكثير من هذه الشعوب تخشى من تكرار نموذج العراق 2003 ، وفي المحصلة تبدو الولايات المتحدة،
7
بحسب التقرير، عاجزة عن مهاجمة إيران خلال السنة القادمة إلا في حالة تعرضها لحدث لا يمكن السيطرة
عليه أو استفزاز عسكري، وعليه فإن أقصى ما تتمناه لا يتعدى الحراك الدبلوماسي ومحاولة فرض عقوبات
اقتصادية لا تحظى بأي دعم أوروبي خاصة وأن معظم الدول تفضل تجاهل الوضع في إيران.
والحقيقة أن قيمة التقرير لا تكمن فيما احتواه بل في تثبيته لتوجهات سبق وأن أق  ر بها دبلوماسيون
وعسكريون أمريكيون تقضي بضرورة التفاهم مع إيران حول ملف العراق، خاصة وأن مسؤولي "الشعوب
المحافظة" خيبوا أمل نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني ورفضوا الدخول فيما أسماه أحدهم ب "حرب المائة
عام"، بل أنهم استدعوا إيران كعضو مراقب في قمة مجلس التعاون الخليجي، أما الأمريكيين فقد عقدوا جولات
من المفاوضات المشتركة حول أمن العراق ومستقبله وما يمكن أن تقدمه إيران في سبيل هذه الغاية! وفي هذا
السياق بالذات من الصعب فهم زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى العراق واستضافته في قلب المنطقة
الخضراء ببغداد بعيدا عن التفاهمات الأمنية الأمريكية الإيرانية.
إذن القوة الذكية قد تفصح عن المزيد من التحالفات والسياسات في المنطقة والعالم، أما أنها ذكية فلأن
السياسة الأمريكية لم تكن تؤمن بغير فرض إرادتها السياسية على العالم بمن فيهم حلفائها، ولم تكن ترى غير
الآلة العسكرية أداة في تحقيق أهدافها، ولما فشلت اضطرت إلى التراجع خطوة كي تعيد ترتيب أوراقها من
جديد. ولمزيد من الفهم لا بد من الانتباه إلى أن "مشروع القوة الذكية" برمته هو مشروع آني، بمعنى أنه لا
تغير في الاستراتيجيات والمشروع الأمريكي بقدر ما هو احتواء للإخفاقات فرضتها ظروف وعقبات تستدعي
التعامل معها بحذر وذكاء! ولا شك أن الولايات المتحدة تعلمت من حربي العراق وأفغانستان الكثير، ولعلها
اقتنعت أخيرا أن الأشجار الباسقة يمكن أن تنحني ريثما تمر العاصفة، فإن فعلت فهي ثقافة جديدة في السياسة
الأمريكية ستكون أخطر على المنطقة من ذي قبل، لكن إذا كابرت وانحنت واقفة فستكون أشبه بالنعامة التي
تضع رأسها في التراب لتحمي جسدها، وحينها ستواجه المزيد من العقبات.
يتبع …
  #2  
قديم 11-12-2009, 01:03 AM
رياض123 رياض123 غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
مكان الإقامة: ........
الجنس :
المشاركات: 1,868
افتراضي رد: أمة في خطر

أمة في خطر
(2)
المشروع الإيراني الصفوي
د. أكرم حجازي
2008/6/3
قبل الحديث عن فتنة سنية شيعية يلزم القول أن الذين يحذرون من مشروع صفوي ضد السنة حيثما كانوا
هم أولئك الذين يتشاركون العيش تاريخيا في الحيز الجغرافي مع نسبة لا بأس بها من الشيعة كما هو الحال
في السعودية والعراق ولبنان والكويت والبحرين واليمن والباكستان وأفغانستان ومناطق أخرى مشابهة. لكن،
وفيما عدا نفر محدود جدا عبروا عن مخاوف جدية لديهم، بعد احتلال العراق، مما أسموه بخطر التمدد
8
الشيعي فإن مواقف عامة السنة في بلدان مثل مصر والشام والمغرب العربي، تبدو أبعد ما تكون عن الاعتقاد
بأية فتنة أو الشعور بخطر شيعي يتهدد معتقداتها، والأصح أن بعضها أبدى تعاطفا أشد سواء مع إيران فيما
يتعلق بحقها في امتلاك السلاح النووي أو مع حزب الله كرمز للمقاومة التي رفعت، بالنسبة إليهم، رأس
العرب عاليا.
وهكذا يكون السنة على طرفي نقيض فيما يتعلق بالموقف مما يسمى بالمشروع الصفوي، فثمة طرف يشكو
بمرارة ما يتعرض له السنة على أيدي الشيعة في العراق وأفغانستان بالدرجة الأساس ودونهما في إيران
ولبنان وطرف يشكل الغالبية الساحقة لا يأبه لأي موقف نقدي أو عدائي ضد إيران أو حزب الله بما أنهما
يخوضان صراعا مع من يفترض أنهم أعداء الأمة ... بطبيعة الحال العربية وليس الإسلامية، بل تراه ينق  ض
بشراسة على أبناء طائفته منددا بمواقفهم ومستنكرا أفعالهم لكونهم يصطفون في خندق العداء للمقاومة، بقصد
أو بدون قصد. ولكن بما أنه لا خلاف، نظريا على الأقل أو حتى إعلاميا، بين وجهتي النظر على اعتبار
المشروع الأمريكي – الغربي – الصهيوني هو مشروع احتلال وتسلط وحرب على الإسلام والمسلمين سواء
في المنطقة العربية أو في العالم؛ فما هي مبررات العداء للمشروع الإيراني؟ وهل هو حقيقة مشروع مقاومة
وتحرير يستحق المراهنة عليه؟ أم أنه مشروع صفوي يستهدف العقيدة؟
الحقيقة أن تصريحات د. أيمن الظواهري حين أشار إلى جدية الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية
وإيران، وكذا تصريحات بن لادن وهو يصف حرب تموز في لبنان بين إسرائيل وحزب الله بأنها حرب للدفاع
عن النفس لا أكثر ولا أقل، هي تصريحات بالغة الأهمية كونها: ( 1) تُسقط المشروع الإيراني كمشروع مقاومة
على مستوى الأمة وَتعرِض لفكرة جديرة بالاهتمام حين ترى بأن ( 2) كِلا المشروعين الأمريكي – الغربي
والإيراني، بالأساس، منفصلين عن بعضهما، وكل ما في الأمر أنهما يتساكنان ويتصارعان على (وليس في)
مناطق نفوذ واحدة، وأن ( 3) تقاطعهما في مواضع عدة ليس سوى تعبير عن الحاجة إلى تبادل المنافع التي قد
تتمظهر، بحسب الحاجة، في صيغة تحالف علني تارة أو بغض الطرف تارة أخرى. لكن إن لم يكن المشروع
الإيراني مشروع مقاومة فماذا سيكون؟
م  ن هو عدو إيران؟
إن أفضل تقييم لملف التسلح الإيراني ينبغي أن تكون مصادره من داخل إيران ذاتها كي نتجنب محاولات
التضليل أو التضخيم للقوة الإيرانية كما سبق وحصل بالنسبة للعراق حينما صنفت المصادر الغربية العراق
بوصفه يمتلك رابع أقوى جيش في العالم لتبرير تدميره وإزالة خطره على المحيط والعالم. لكن بالنسبة لإيران
فالمهمة سهلة بما أن الإعلام ومسؤولي الدولة هم أنفسهم من يصرح ببعض ما تمتلكه إيران من قوة
وتكنولوجيا عسكرية أو مدنية. أما لماذا يفعلون ذلك فلأنهم يرسلون رسائل التعبير عن القوة الفعلية لديهم
للحيلولة دون مهاجمة إيران التي باتت تمتلك تكنولوجيا عسكرية فضلا عما لديها من تكنولوجيا مدنية، وبالتالي
على الغرب أن يفهم جيدا أن: ( 1) أي هجوم يستهدف إيران سيكون بالغ الخطورة على أمن العالم برمته وليس
فقط على منطقة الخليج العربي، وأن يفهم أيضا أن ( 2) لإيران الحق في امتلاك التكنولوجيا وليس استيرادها
ولا الوصاية عليها بما في ذلك التكنولوجيا النووية على وجه الخصوص.
9
في هذا السياق بالضبط تنشط الدبلوماسية الإيرانية دوليا مثلما نشطت وما تزال، إعلاميا، في الكشف عن
بعض مصادر القوة العسكرية لديها برا وبحرا وجوا، فقد أدهشت إيران الخبراء العسكريين في أكثر من
استعراض لقدراتها في تكنولوجيا التسلح سواء في صناعة الطائرات والرادارات والصواريخ البحرية المضادة
للسفن والقوارب الطيارة أو في مجال صناعة الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى أو في القدرة على إنتاج
القضبان النووية وتخصيب اليورانيوم فضلا عن بعض مشاهد إذلال البحرية البريطانية والفرنسية في مياه
الخليج.
لا شك إذن أن إيران دولة تراهن، ليس فقط، على العلم والمعرفة، بل، وعلى امتلاك التكنولوجيا
واستخدامها والدخول في منافسة محمومة حتى مع الدول الكبرى بخلاف الدول العربية وأغلب الدول الإسلامية
التي أضاعت حتى لغتها الوطنية وأخرجت المراهنة على العلم من حيز التفكير والاهتمام لتجعل منه القيمة
الأدنى في سلم القيم الاجتماعي، ويكفي تصور ما لدى إيران من قدرات علمية ملاحظة تصريحات سعيد
سركار مدير لجنه الكوادر الإنسانية في هيئه تكنولوجيا النانو أن بلاده انتقلت من المرتبة 36 عالميا سنة
2005 إلى المرتبة 32 في هذا النوع من التكنولوجيا، أما على المستوى الإسلامي فقد احتلت إيران المرتبة
الأولى متفوقة بذلك على تركيا النشطة في هذا الحقل العلمي، وأشار سركار إلى أن إيران، إذا ما استمرت
. بذات السرعة فستقفز إلى المرتبة 24 عالميا، وستكون قادرة على بلوغ المرتبة 15 بحلول العام 2015
والمدهش أن تَوجه إيران نحو هذه التكنولوجيا بدأ فقط في شهر سبتمبر سنة 2003 حين أعلنت إيران عن
تأسيس اللجنة الخاصة لتطوير تكنولوجيا النانو بإشراف مباشر من رئيس الجمهورية.
وفيما يخص البحث العلمي فقد كشف النقاب عن 1400 متخصص يعملون في هذا الحقل حاليا في
مرحلتي الماجستير والدكتوراه، وأن إيران أحرزت تقدما لافتا على صعيد نشر المقالات العلمية في المجلات
، العالمية المعتمدة حيث بلغت 250 مقالة خلال العام 2005 بينما كانت لا تتجاوز 53 مقالة خلال سنة 2004
وأوضح سركار أن متوسط الرجوع إلى المقالات الإيرانية العلمية في هذا الحقل تفوق المتوسط العالمي حاليا
حيث تبلغ 22 لكل مقالة بينما يبلغ المتوسط العالمي 2 لكل مقالة.
وعلى الصعيد الاقتصادي لتكنولوجيا النانو تنشط في إيران 40 شركة. وبالنظر إلى تطبيقاتها الواسعة فإن
حجم الصادرات الإيرانية سيبلغ 20 مليار دولار لغاية عام 2015 فيما لو استطاعت البلاد حيازة 1% فقط
من حصة السوق العالمية مشيرا إلى أن إيران أبرمت عقدا مع روسيا في تحضير العقاقير الطبية الذكية.
من الطبيعي أن يكون لإيران ولغيرها من البلدان كل الحق في امتلاك ناصية العلم أو بعضه والدفاع عن
نفسها، وما من أحد له الحق في أن ينازعها في ذلك أو يضيق عليها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان
من المألوف أن يكون لكل الدول في العالم وكل الأمم أعداء وأصدقاء؛ وإذا كان المسلمون من ضمن
الأصدقاء؛ فمن هو العدو بالنسبة لإيران؟
إننا نطرح السؤال على فرض أن المشروع الإيراني هو مشروع مقاومة أو على الأقل داعما لها مما
يستدعي تمييزا صارما بين الأصدقاء والأعداء، أما لو طرحناه في سياق مصير الأمة فسيكون على إيران أن
توضح أكثر فيما يتعلق بالعدو الاستراتيجي ناهيك عن سلسلة الأعداء المحتملين ومدى ما يشكله كل عدو من
مخاطر وما إذا كان من الممكن احتواءه والتعايش معه أو الحذر منه ووجوب مواجهته عند اللزوم. لكن حتى
10
الآن لم تجب إيران بوضوح قاطع عن هوية العدو خاصة وأنها تراجعت رسميا وعلى أعلى المستويات عن
كون الولايات المتحدة هي "الشيطان الأكبر"، فضلا عما اعترفت به إيران من خدمات جليلة قدمتها لواشنطن
في أفغانستان والعراق. وعليه فمن العبث الركون إلى التخمينات مثلما هو من العبث القول أن التسلح
التكنولوجي عامة ومحاولات التسلح النووي خاصة والتطور العلمي السريع هو غاية بحد ذاتها أو هواية بلا
هدف.
لهذا فإن قطاعات السنة الغاضبة من إيران أظهرت قدرا كبيرا من الشك والريبة وهي تشعر أن الولايات
المتحدة غضت الطرف فعليا عن التسلح الإيراني وهي تعلم به، لكنها لم تفعل الشيء ذاته فيما يتعلق بالعراق
لما سمحت بالمقابل بتدمير مفاعله النووي سنة 1981 ودعمت جواسيسها في تدمير بعض مجمعات التصنيع
العسكري فيه منتصف الثمانينات من القرن العشرين ثم ورطته باحتلال الكويت وأخضعته لحصار انتهى ليس
بإسقاط النظام بل بتدمير البلد برمته. ومن باب التساؤل: ل  ما يكون الأمريكيون يعترفون بأنهم كانوا على علم
بخطورة التسلح الإيراني فلماذا لم يهاجموا إيران كما هاجموا العراق؟ ولماذا تنجو إيران وتوجهاتها وترساناتها
وتكنولوجيتها من أية تهديدات أمريكية أو إسرائيلية حقيقية فيما لم ينج السلاح العراقي ولا حتى العراق ولا
سنته من التدمير والقتل والتشريد مثلما لم تنج أفغانستان من السحق؟ أليس من المفارقات أن يكون السنة في
العراق وأفغانستان هدفا مباشرا فيما يكون الشيعة حلفاء؟
إذا كان من البديهيات القول أن المراهنة على العلم وامتلاك التقنية تتطلب استقرارا طويل المدى وابتعادا
عن الحروب والتوتر غير المبرر، فالأولى من ذلك التسليم بأن إيران ليست موضوعيا بوارد أية مواجهة لا
مع الولايات المتحدة ولا مع إسرائيل ولا مع الغرب الذي ينأى بنفسه حتى عن تهديد إيران بعقوبات اقتصادية
ودبلوماسية. وعليه ففي أي سياق يمكن توصيف المشروع الإيراني بأنه مشروع مقاومة وتحرير؟ وفي أي
سياق من العقل يمكن المراهنة على أن إيران يمكن أن تغامر بما لديها من قوة ونفوذ بمصالحها وإنجازاتها من
أجل العرب والفلسطينيين؟ وفي أي سياق يمكن تفسير العلاقات الأمريكية الإيرانية وهي تبدو حتى قبل هجمات
11 سبتمبر والعراق على وفاق تام تجاه ما ما يتراءى للكثيرين كما لو أنه العدو المشترك للجانبين؟ وفي أي
سياق يمكن فهم صفقات التسلح الإيراني مع إسرائيل فيما عرف آنذاك بفضيحة "إيران غيت"؟
مؤشرات صفوية
حتى الآن ترفض إيران رفضا قاطعا الاعتراف بعروبة الخليج العربي أو بحقوق عربية فيه، لذا يبقى
السؤال عن عدو إيران مبررا، وكذلك الأمر فيما يتصل بالتسلح الإيراني بأسلحة دمار شامل، لكن السؤال
الثاني الذي لا يقل أهمية عن هوية العدو هو: لأية أهداف تتسلح إيران؟
هنا بالضبط يكمن جانب آخر من المخاوف السنية المعارضة للنهج الإيراني. فقد يكون مفهوما أن يتوسع
نفوذ الدول ويصبح لها تطلعات إقليمية أو دولية، وتسعى جاهدة إلى المطالبة بمزيد من الحقوق والمكاسب
وتقاسم النفوذ بما يتناسب وقدراتها العلمية أو حجم القوة العسكرية والاقتصادية، لكن ما ليس مفهوما هو التمدد
الإيراني خارج الحدود بصورة تبعث على الريبة المصحوبة بقلق كبير. فمنذ الاحتلال الأمريكي للعراق، بدأت
مؤشرات التمدد خارج الحدود أبعد ما تكون عن المصالح السياسية، والأهم أنها مؤشرات شمولية الشكل
وبمضمون عقدي ظهر معه السنة كمخدوعين طوال عقود وهم يحاولون الظن، عبثا، بأن إيران تخلت عن مبدأ
11
"تصدير الثورة" منذ سنة 1984 ، والحقيقة أن الإيرانيين أجلوا العمل به، لينطلق مجددا مع الغزو الأمريكي
للعراق وأفغانستان، ولينشط في كافة البلدان العربية بلا استثناء. ومن هنا بالضبط بدأ الحديث عن مشروع
صفوي مجوسي.
مع ذلك فقد لا يبدو غريبا أن يتقاطع المشروع الصفوي مع المشروع الأمريكي، فكثيرا ما تتقاطع المصالح
في السياسة وهذا ليس معيبا، لكنه من المثير حقا أن يتقاطع المشروعين ليس في مستوى المصالح بقدر ما
يتقاطعان فعليا في مستوى الأهداف، فكلاهما يستهدف السنة وكلاهما يسعى إلى التبشير بمعتقداته وكلاهما
يمتلك القوة والأدوات لتحقيق أهدافه وكلاهما ذو طابع احتلالي وكلاهما يقدم تنازلات للآخر كلما دعت
الضرورة. ومما لا شك فيه أن ما من شيء يخيف السنة كما يخيفهم التشيع حتى أنهم باتوا يعبرون عن
ترقيتهم لهذا الخوف فيما يقيمونه من مقارنات بين خطر الشيعة وخطر اليهود والغرب على الإسلام والمسلمين
مستعينين في ذلك بتراثهم العقدي في كتب الأولين وفتاوى بعض العلماء المعاصرين وهم يقدمون الخطر
الشيعي على ما عداه من أخطار، فما الذي يبرر كل هذه المخاوف؟
لو حاولنا التفتيش عن جذور المخاوف فليس صعبا العثور عليها سواء في التاريخ الشيعي أو في المحتوى
العقدي أو في التحالفات العجيبة لهم مع أعداء الأمة. وليس صحيحا أن السنة والشيعة عاشوا بوئام طوال
قرون، فالكوارث أكثر من الشواهد على سوء علاقة ابتدأت من فجر الإسلام وليس من عند ظهور الدولة
الفاطمية ولا الدولة الصفوية علاوة على ما يراه السنة من غدر وخيانة لعبوه بامتياز حين الغزو التتري لديار
المسلمين لا يقل عن دورهم الراهن في العراق. أما الدولة الصفوية التي أزعجت الدولة العثمانية وتحالف مع
الفاتيكان الذي استنجد بها لفك الحصار الإسلامي عن أسوار العاصمة النمساوية قائدة العالم المسيحي آنذاك،
فقد امتازت بكونها دولة توسعية في شتى الاتجاهات، ولم يكن لها من هدف غير التشييع، وعن تحالفاتهم فقد
أثبتت على مدار التاريخ أنهم ما كانوا في يوم ما إلا في صف أعداء الأمة، ومع ذلك فقد يقال أن من السنة من
هم حلفاء أمريكا وحتى اليهود في عصرنا الراهن وهذا صحيح نسبيا، لكن حدة المخاوف والعداء من المشروع
الصفوي ليست واقعة فقط في إطار الخيانة التاريخية للشيعة وغدرهم وتحالفهم مع أعداء الأمة إلا إذا تم وضع
كل السلوك السياسي الشيعي في سلة العقيدة؛ عندها يمكن تلمس المخاوف السنية على حقيقتها وفي جواهرها.
فالمشكلة عند السنة إذن تقع في مستوى العقيدة أولا وليس في مستوى الفعل التاريخي للشيعة الذي يمكن
اعتباره أحد إفرازات الشعور بالاضطهاد تماما كعقدة اليهود وهذه مشكلتهم وليس السنة مسؤولين عنها. فالسنة
يتحدثون عما يسمونه بعقيدة كفرية ليست من الإسلام في شيء خاصة وأنها تقع على النقيض تماما من أية
أصول عقدية؛ وليس فروع كما يروج حلفاء الشيعة من السنة، وفي السياق من المثير الاطلاع على نموذج من
تصورات العقيدة الشيعية وردت عبر تصريحات سابقة للرئيس الإيراني أحمد نجاد أوردها الموقع الرسمي
لأهل السنة والجماعة نقلا عن وكالة مهر للأنباء وهي تعبر عن ذروة الانحراف العقدي لدى الشيعة:
"إن فاطمة الزهراء كانت أسوة لجميع الأنبياء والأئمة والصالحين، وأضاف: إن الله تعالی مع أسمائه قد
تجّلی في صورة فاطمة الزهراء وإنه تعالی يع  رف نفسه إلی العالمين عن طريق فاطمة. وتابع قائلاً: إن
مصير العالم والكون في اختيار فاطمة وهي التي تتصرف في العالم كيف تشاء. وأكد أحمدي نجاد علی أن
العالم لم يتحمل مصيبة مثل مصيبة فاطمة، وأن الأشقياء هم الذين ظلموها، لأنها خلاصة الكون. وأضاف
12
بالقول: إن الذين ظلموها هم الذين لا يؤمنون بالنبي ولا بالرسالة ولا بالإمامة ولا بالله تعالی، والظلم
بالنسبة إلی فاطمة ظلم إلی الله تعالی"!
لا شك أن مثل هذه المعتقدات تثير الفزع لدى السنة كلما أوغل الشيعة في علاقاتهم مع أعداء الأمة وتمددوا
باتجاه حصون السنة، فهم لم يتحركوا بهذه القسوة إلا حين نشط المشروع الغربي في استهداف الإسلام السني
بالتحديد والذي يصفه الأمين العام السابق لحزب الله صبحي الطفيلي بأنه بحر الإسلام الهادر. فما الذي يدعو
الشيعة للخروج من حدودهم باتجاه العراق وسوريا والجزيرة العربية وشمال أفريقيا ومصر والسودان
وأفغانستان وباكستان وحتى جورجيا؟ ولأية أهداف؟
يغلب الظن على الكثيرين من أهل السنة أن جذر المشكلة يقع في نطاق المشروع الغربي الذي يستفيد من
المشروع الإيراني في إثارة الفتنة بين السنة والشيعة محققا اختراقا ملحوظا. وهذا صحيح بدرجة كبيرة. أما
الإيرانيون فيستفيدون أيضا من المشروع الأمريكي عبر تخويف السنة وتقديم أنفسهم كمشروع مقاومة للأمة
ضد الخطر الصهيوني مستغلين في ذلك حالة انعدام الوزن في العالم العربي. لكن المسألة تشبه بالضبط حالة
الصورة في المرآة، وهي تبدو حقيقية، إلا أنها في الواقع معاكسة تماما. إذ يستحيل على العقل أن يتقبل
المنطق الإيراني في لبنان بينما هو على النقيض منه في العراق وأفغانستان، علما أن العدو من المفترض أنه
ذاته هنا أو هناك. فكيف يمكن تفسير العلاقات الحميمة بين إيران مع الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان
بينما تكون ذات العلاقات عدائية في لبنان؟
لعل إيران كالغرب تشعر أنها ذات قوة تكفي للدعوة إلى التشيع ونشر المذهب على أوسع نطاق بما يمكنها
من قيادة العالم الإسلامي، إذ من الصعب فهم التمدد الإيراني، على محدوديته، خارج هذا السياق. وكل
المؤشرات الآن تدل على نجاح إيران في خداع السنة المناصرة لها مستغلة القضية الفلسطينية بالتحديد للتعمية
شبه التامة على ما ترتكبه القوى الموالية لها من جرائم بحق السنة في العراق وأفغانستان، فبرزت حاضنة
لمشروع المقاومة. بل أنها دفعت السنة، بدهاء، إلى الاختيار بين المقاومة والعقيدة من حيث يدرون أو لا
يدرون.
هكذا يبدو السنة على طرفي نقيض فيما يتعلق بالموقف من إيران ومشروعها متجاوزين بذلك مرحلة
التوافق، فالمجتمعات العربية الخالية من التواجد الشيعي، والتي لم تعاني من (أو تشعر بأية) مخاطر فارسية
اختارت المقاومة على العقيدة اعتقادا منها بأنها تنأى بنفسها عن الاصطفاف في خانة المشروع الغربي
الصهيوني، أما المجتمعات الحاضنة للطائفة الشيعية فقد اختارت العقيدة اعتقادا منها أنها مستهدفة في عقيدتها
وفي مصيرها إذا ما نجح المشروع الصفوي في الاستيطان بين جنباتها، وحجة هذه الأخيرة أن الغرب واليهود
قلما نجحوا في التأثير على عقيدة الأمة، والثابت أن اليهود مثلا طوال قرن من الزمن نجحوا في تهويد
الأرض لكنهم لم ينجحوا قط في تهويد البشر ولم يكن لهم هدفا من هذا النوع.
أما لماذا يخسر السنة فيما يكسب الشيعة؟ فلأن السنة كالشيعة في تحالفاتهم، كلاهما اختار عدو الأمة طوعا
أو كرها، لكن الفرق يكمن في أن السنة عملوا ضد المذهب وضيقوا على العقيدة وأوكلوا أمرها للحاكم بينما
الشيعة عملوا، من أعلى المستويات السياسية والدينية إلى أدناها، في خدمة المذهب وسخروا له كافة إمكانياتهم
وطاقاتهم. ولما يتجرأ بعض العلماء على التحذير من المشروع الصفوي ويدعون لمحاربته فغالبا ما يواجهون
13
بالتشكيك وعدم الثقة كونهم تجرؤوا على المشروع الصفوي وجاهروا في التحذير منه والتصدي له لكنهم لم
يتجرؤوا على التشريع للجهاد بذات الحماسة فضلا عن أن بعضهم ينكره من الأصل؟ إذ كيف يمكن التوفيق
بين وجوب مقاومة المشروع الإيراني وإغفال المشروع الأمريكي؟ سؤال استنكاري ولا شك. لكن لو سألنا
بصيغة أخرى لقلنا: بغض النظر مؤقتا عن مخاطر التقاطع مع المشروع الأمريكي؛ كيف السبيل لإحداث ثقة
في خطاب العلماء غير المتوازن في صراحته تجاه المشروعين بحيث يدرك السنة أن ملاذهم يكمن في العقيدة
الأقدر على مواجهة شتى صنوف المخاطر وليس المقاومة ذات الحسابات السياسية؟
  #3  
قديم 11-12-2009, 01:04 AM
رياض123 رياض123 غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
مكان الإقامة: ........
الجنس :
المشاركات: 1,868
افتراضي رد: أمة في خطر

أمة في خطر
(3)
آليات المشروع الصفوي
د. أكرم حجازي
2008/6/6
... هكذا إذن ثمة مشروعين يتهددان الأمة والمنطقة ويسعيان إلى التسلط عليها أو على الأقل تقاسم النفوذ
فيهما، ولأننا بصدد معالجة بقايا المشروع الإيراني يمكن ملاحظة أن الشواهد على صفوية المشروع أكثر من
الشواهد على كونه مشروع مقاومة. ولمزيد من المعاينة والتثبت يمكن التوقف عند بعض الآليات المستعملة في
بناء ما يسمى بأكثر من "الهلال الشيعي".
أولا: تأسيس أدوات ضاربة
فالإيرانيون، في تأسيسهم، للحرس الثوري جعلوا منه كتلة عسكرية وأمنية ومالية ذات صلاحيات
وامتدادات واسعة في شتى أنحاء العالم. ولا شك أن المطلعين على بنية هذه المؤسسة يدركون حتما أنها قوة
تفوق قوة الجيش الإيراني ذاته خاصة وأنها تتكفل بمهمات حماية الثورة والقدرة على التدخل والحسم فضلا
عن الأذرع الأمنية والتجسسية العاملة في أسخن المناطق وأبردها. هذه المؤسسة تكفلت، مبكرا ، في تأسيس
قوى سياسية وعسكرية ضاربة لإيران في أكثر من منطقة خاصة تلك التي يتواجد فيها ديمغرافيا شيعية، مثل
حزب الدعوة وقوات بدر وميليشيات جيش المهدي في العراق وحزب الله في لبنان وجماعة بدر الدين الحوثي
في اليمن بالإضافة إلى هزارة أفغانستان وشيعة الباكستان وغيرها. فما الذي تريده إيران من هذه القوى؟
الحوثي في اليمن
ففي اليمن لم يكن المذهب الزيدي شيعيا إلا في كونه يقدم حب آل البيت على ما عداهم دون أن يمس من
إيمان الصحابة ومكانتهم أو يروج لأية معتقدات مغايرة لما عليه أهل السنة، ولم يتغير هذا الحال ابدأ إلا حين
14
تدخلت إيران بوسائل مختلفة تجلت أخيرا في صورة تحريفات واضحة في الزيدية تمخض عنها صدامات بين
الدولة وما يعرف بجماعة بدر الدين الحوثي. ومعروف أن الصراعات القبلية في اليمن مع الدولة وقعت
جميعها على خلفية مطالب اجتماعية واقتصادية وخدمات غالبا ما كانت تنتهي بالمصالحة ما أن تحصل القبائل
على بعض المطالب، لكن مع جماعة الحوثي فقد تكررت الصدامات الدموية عدة مرات بحيث صار السؤال
المطروح هو: إذا كانت جماعة الحوثي حركة احتجاج سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي فلماذا لم تحظ
بمناصرة بقية القطاعات الاجتماعية؟ ومن أين تستمد قدرتها على الاستمرارية خاصة وأن أحداثا من هذا النوع
تحتاج ولاشك إلى جهة داعمة لها ماليا وعسكريا وإلا ما كان لها أن تصمد في أكثر من جولة دامية؟ أما
السؤال الأكثر أهمية فهو: لما يكون علماء الزيدية أنفسهم قد نبذوا حركة الحوثي ونزعوا عنها أي غطاء ديني،
فلأية أهداف تقاتل؟ ولمصلحة من؟
الحقيقة أن الإيرانيين يعرفون أن حركة الحوثي ليست حركة انقلابية ولا استئصالية لنظام سياسي
واجتماعي ينخره الفساد من رأسه حتى أخمص قدميه، فالذي يعرف البلاد يدرك أن الفساد في اليمن، بخلاف
الغالبية الساحقة من الدول التي تعاني منه، ضرب المجتمع والدولة على حد سواء، وبالتالي فحركة الحوثي
ليست حركة احتجاجية ولا إصلاحية بقدر ما هي أداة لا أكثر ولا أقل. لكن لمصلحة من؟ ولأية أهداف؟
الأرجح أن الهدف الإيراني من مشروع الحوثي هو خلخلة التصور الزيدي وتحويره من الأساس ليصير
جزء من التصور الشيعي. بمعنى أن الإيرانيين الذي استطاعوا اختراق الزيدية يجهدون اليوم، عبر جماعة
الحوثي، في تثبيت فكرة أن الزيدية في اليمن هي بذرة صالحة للتحوير يمكن البناء عليها لاحقا بحيث تصير
طائفة شيعية في خدمة المشروع الصفوي ونقطة ارتكاز حاسمة في محاصرة الجزيرة العربية من الجنوب.
حزب الله في لبنان
بعيدا عن الملف العراقي الذي لم يعد خافيا حجم المشروع الصفوي فيه فإن حزب الله في لبنان يلعب دورا
مثيرا بوصفه رأس الحربة في إصابة القسم الأعظم من السنة بفيروس الصمم عبر ما يسمى بمشروع
المقاومة. لكن الواقع يقول أنه لا إيران ولا حزب الله يمثلان خيارا سنيا على مستوى الأمة، أما على مستوى
لبنان فالمسألة عويصة خاصة وان انقسامات السنة تجاه الموقف من حزب الله، فيما عدا بعض القوى السلفية
أو ذات الطابع السلفي، أفرادا وجماعات، تبعث على العجب. إذ نجد:
فئات سنية من بينها الجماعة الإسلامية بقيادة فتحي يكن، وأغلب الشخصيات السنية البارزة تقع في ·
نطاق محور الحريري – السنيورة – جعجع. وميزته امتلاك المال. ويحظى بدعم عربي ويراهن على
الموقف الأمريكي. أما أهدافه فهي وضع حد لسلاح حزب الله بوصفه سلاح يقع فوق سلطة الدولة وليس
تحتها.
فئات سنية حليفة لمحور حزب الله – حركة أمل - ميشيل عون. وهو محور يرفع شعار المقاومة ·
ويحظى فقط بالدعم الإيراني والسوري. وقد يبدو ضعيفا من الناحية السياسية لكنه، ميدانيا، هو الأقوى على
الإطلاق.
ففي التاسع من شهر أيار/مايو الماضي كانت بيروت الغربية مسرحا لتدخل عنيف من حزب الله، تبعها في
اليومين اللاحقين إحكام القبضة على المدينة والتوجه نحو حصار منطقة الجبل حيث يتحصن وليد جنبلاط
15
ومقاتلو الحزب التقدمي الاشتراكي. وقد تفجرت الأوضاع على خلفية قرارين اتخذتهما حكومة فؤاد السنيورة
"بناء على نصيحة خاطئة" كما يقول السنيورة دون أن يحدد الجهة المعنية. أما القرارين فيتعلق أحدهما بشبكة
الاتصالات الهاتفية لحزب الله والتي تشمل لبنان وتضم نحو 90 ألف خط خارج سيطرة الدولة، والآخر يتعلق
بإقالة رئيس جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير من مركزه.
ومن تابع وقائع الأحداث لا بد وأنه لاحظ عبارات من نوع حزب الله: "يجتاح بيروت" أو "يسيطر على
بيروت" أو "يغتال بيروت" أو "يحتل بيروت" أو "سقوط بيروت"، وكل واحدة من هذه العبارات وأمثالها تعكس
في الحقيقة جزء من الصورة، وفي المقابل سادت عبارات من جانب الحزب أو المؤيدين له من نوع: "انتصار
المقاومة" أو "هزيمة العملاء" أو عبارات طائفية تحمل شحنة عاتية من الاستفزاز للسنة مثل: "ناموا على
عمر وأصبحوا على علي". ولا شك أن السنة أصيبوا بالإحباط من السرعة التي جرت بها الأحداث وتمخضت
عن حسم الموقف لصالح حزب الله. لكن هل هذا النجاح عائد لضعف الأداء السني؟ أم لقوة الحزب على
الأرض؟
لا أحد ينكر الدور العربي وخاصة السعودي في إنشاء وتعزيز محور الحريري الذي استطاع في فترة
وجيزة تحقيق سيطرة سياسية على بيروت وغالبيتها السنية فيما عدا الضاحية الجنوبية ذات الكثافة الشيعية،
ناهيك عن التمدد نحو بيروت الشرقية حيث الغالبية المسيحية من السكان. وفي الحقيقة فإن النفوذ الحريري
في لبنان بلغ مبلغا قويا سواء في مدينة صيدا الجنوبية أو طرابلس شمالا وحتى البقاع شرقا. ومع ذلك فقد
هزم التيار المسمى الآن قوى 14 آذار شر هزيمة في بضع ساعات. واستسلم عناصره أو فروا أو سلموا
أسلحتهم للجيش اللبناني. أما لماذا؟
فلأن التحشيد والاستقطاب وقع، شكليا، على أساس طائفي بينما حقيقة المراهنات السنية على التيار ·
الحريري لم تكن كذلك ولم تكن حتى سياسية بقدر ما كانت مصالح ومكاسب مالية وانتهازية.
ولأن الجيش اللبناني تواطأ مع حزب الله مما يشير إلى اختراقات واسعة النطاق ليس في صفوف ·
المسلمين منه بل في صفوف المسيحيين على وجه الخصوص. وهذا الأمر بالذات أثار غضب السنة الذين
راهنوا على الجيش والدولة في حمايتهم من الشيعة.
ولأن تيار الحريري لا يمكن له، بأي حال، أن يشكل مشروعا للسنة فضلا عن أنه لا يمتلك أية ·
توجهات إسلامية أو عربية أو حتى وطنية! بل أن السنة أنفسهم لا يمتلكون أي مشروع كان سوى
الاصطفاف، بلا هدف، مع هذه القوة أو تلك.
ولأن الاستقواء بالأمريكيين والأوروبيين كان علنيا ورسميا واستفزازيا وغارقا في لعب أدوار مشبوهة ·
حتى مع إسرائيل ذاتها، الأمر الذي أدى إلى فقدانه أية مشروعية من أي نوع.
ولأن الغالبية الساحقة من سنة لبنان نموا وترعرعوا في بيئة علمانية طائفية معقدة، ووسط خليط من ·
الثقافات الدهرية الأبعد ما تكون عن أية صلات بالعقيدة أو حتى الوطنية، وعليه فليس غريبا أبدا أن يكون
الجيش اللبناني بنظر الكثير منهم صمام أمان الوحدة الوطنية! ويحظى بالتكريم البالغ سواء استضاف مئات
الجنود في ثكنة مرجعيون خلال حرب تموز 2006 أو دمر مخيم نهر البارد ومن قبله عديد المخيمات أو فتك
بالكثير من الطوائف خلال سنوات الحرب الأهلية.
16
والأطرف فيما حدث أن القوى الحليفة والداعمة لتيار الحريري تخلت عنه بشكل سافر ابتداء من
الأمريكيين وانتهاء بعدد من الشخصيات القريبة من التيار والتي اكتشف الكثير منها مدى هشاشة التيار ونفاق
التحالفات الدولية التي حرضت على مواجهة حاسمة دون أن تتحرك ساكنا حين وقوعها. وكم كان مضحكا
تصريح الرئيس الأمريكي وهو يعقب على الأحداث مطالبا حزب الله بأن يختار في أن يكون حزبا سياسيا أو
قوة مسلحة لأن الاثنين معا أمر غير مقبول! هذا في وقت كان فيه سعد الحريري، الذي ظهر كسير النفس في
خطابه، محاصرا في قصره فيما يعلن جنبلاط أنه لن يغادر منزله! والسنيورة يتأتئ لا يلوي على شيء
وجعجع يغوص عميقا ليكتشف استحالة حكم لبنان دون توافق.
بل أن الأحداث أثبتت بالقطع أنه لا الولايات المتحدة ولا الأوروبيون على استعداد لخوض حرب في لبنان
من أجل الحريري والسنيورة وجعجع. وأثبتت أن القوة على الأرض هي صاحبة القول الفصل في الأحداث
الساخنة، وأثبتت أن التيارات السياسية المبنية على تحالفات مشبوهة، بلا أية عقيدة أو مشروعية أيديولوجية أو
وطنية أو حتى سياسية، ليست سوى أداة مرشحة للخسارة أكثر مما هي مرشحة لتحقيق أية مكاسب بما أنها
أصلا خارج القدرة على إدارة الأحداث وحسم المواقف. وبالتالي لا يمكن أن تكون رقما في المعادلة حتى لو
حظيت بشتى أنواع الدعم السياسي والأمني والعسكري. فإذا كان لحزب الله قضية أو عقيدة يدافع عنها فما
هي قضية تيار الحريري؟ ومن هم مناصروه؟ وما هو مشروعهم؟
لقد كانت التصريحات الإسرائيلية هي الأكثر دقة في التعقيب على الأحداث، وبصريح العبارة قال رئيس
الحكومة الإسرائيلية أولمرت: "لم نستغرب ذلك، فقد كنا نعلم أن باستطاعة حزب الله السيطرة على بيروت
بسهولة". أما لماذا ب "سهولة" وليس ب "بصعوبة" فلأن حزب الله كان يعمل فيما سنة لبنان مشغولون إما:
1) بإغراءات المال أو ( 2) بدنيا سوبر ستار وستار أكاديمي فرحين بما آتاهم الحريري من ملاهي وملذات )
جعلت من لبنان بلدا لطلب المتعة أو ( 3) بنشوة النصر الذي حققه الجيش على مقاتلي فتح الإسلام في مخيم
نهر البارد بتواطؤ من رموز السنة أنفسهم. هذه هي الحقيقة. لكن كيف استطاع حزب الله أن يحسم الموقف
سريعا وبصورة مذهلة؟
ثانيا: آليات التشييع
في التاسع عشر من الشهر الماضي أطلق الشيخ ناصر العمر من مسجد خالد بن الوليد بحي الروضة في
العاصمة السعودية (الرياض) تحذيرا مما أسماه ب: "مخطط ثالوثي تتضافر فيه الجهود الصهيونية
والصليبية والشيعية ... يجري تنفيذه بسرعة لتطويق المملكة العربية السعودية عن طريق الاضطرابات
الطائفية التي باتت تحيط البلاد من كل جانب" مشيرا إلى: "النفوذ النامي في صعدة للحوثيين وأحداث نجران
والاضطرابات الشيعية وأعمال الشغب في البحرين، والسيطرة الشيعة على العراق، واستيلاء حزب الله على
بيروت الغربية". لكن المثير في تصريح العمر هو حديثه عن الآليات التي يستعملها الشيعة في اختراق
المناطق السنية، مشبها إياها: "بما كان يفعله اليهود في فلسطين الذين اشتروا أراضي الفلسطينيين بأضعاف
أسعارها حتى تمكنوا في الأخير من الاستيلاء على فلسطين"، أما الأكثر إثارة فيتعلق ب: "انتباه المسؤولين
إلى هذا الأمر بعدما زادت الشكوى منه". فما الذي يجري في السعودية؟
17
يقول د. العمر إن: "مشروع شيعي يجري تنفيذه داخل المملكة يقضي بشراء مخططات سكنية بأضعاف
أسعارها بغية التوطين في أماكن استراتيجية بالبلاد، ودلل على ذلك بشهادات وردت إليه تتحدث عن أن
أسعار بعض المخططات العمرانية التي لا تزيد أسعارها مثلاً عن عشرين مليون ريال، يضاعف التجار
الشيعة أسعارها لتتجاوز سقف الأربعين مليون ريال أحياناً"، ويضيف العمر: "إذا أخفقت مساعيهم في
شرائها يوعزون إلى ضعاف النفوس من أهل السنة للقيام بدور الوسيط في ذلك عبر شرائها وإعادة بيعها
إليهم".
تُرى، من سيتوقف عند تصريحات العمر من حلفاء الشيعة دون أن يتهمها ب "تصريحات الوهابيين" أو
يطعن بها أو يهمشها أو يتجاهلها؟ لكنها أهم الآليات التي يجري استعمالها على نطاق واسع في شتى مناطق
التدخل الإيراني، بل وأشدها خطرا على مستقبل السنة إن هم تجاهلوها. إذ أن ما جرى في لبنان ويجري حتى
اللحظة هو بالضبط ما يجري في السعودية ومناطق التواجد الشيعي. والاختراق، عبر المال، يجري ثقافيا
وإعلاميا وسياسيا وتجاريا واقتصاديا وديمغرافيا وحتى عسكريا وفي مناطق حساسة توفر القدرة على المراقبة
وإحكام السيطرة حين تدعو الحاجة كما حصل في بيروت بسرعة قياسية.
وفي مناطق أخرى كسوريا مثلا يجري التركيز على الطائفة العلوية خصوصا حيث نجحوا في نقل أزيد من
الخمسين ألفا إلى المذهب الجعفري الإثنى عشري، ومؤخرا صدر كتاب عن المعهد الدولي للدراسات السورية
2007 ) يرصد حركة التشيع بدقة إحصائيا وجغرافيا وبين - بعنوان: "البعث الشيعي في سوريا 1919
مختلف الطوائف، حيث يبلغ عدد المتشيعين في طائفة العلويين 52700 بنسبة 70 % و 16 ألف في أوساط
السنة بنسبة 21 % ولدى الإسماعيلية 7400 بنسبة 9%. وميزة النشاط الشيعي في الساحة السورية يكمن في
كون الطائفة العلوية هي الحاكمة، لذا يشير الكتاب إلى نوعية المتشعيين والدور الذي يلعبوه وسط تكون
عشرات الحوزات العلمية علاوة على الدور السياسي والأمني.
لا شك أن هناك آليات أخرى تستعمل عبر العودة إلى جذور العائلات لمعرفة أصولها المذهبية والتحرك
باتجاه إعادة تشييع من تسنن منها فيما مضى من الزمن، وثمة وسيلة قديمة جديدة باستخدام رؤوس حربة من
السنة يجري تشييعهم وإسقاطهم بشكل تام عبر دفعهم إلى تأليف كتب يتحدثون فيها عن سيرتهم في التشيع
بحيث يقطعوا عليهم خط الرجعة بعد أن يكونوا قد ولجوا في الطائفة وثقافتها حتى النخاع، وفي هذا السياق
يمكن ملاحظة أكثر من نموذج يجري الترويج له مثل كتب التونسي محمد التيجاني وأشهرها كتاب "ثم
اهتديت"، وكتاب الأردني مروان صلاح خليفات "وركبت السفينة"، وكتب المصري صالح الورداني خاصة
كتابه "الخدعة: رحلتي من السنة إلى الشيعة"، والكاتب السوداني عبد المنعم حسن "بنور فاطمة عليها السلام
اهتديت".
و من بين الوسائل التي يستعملونها في نشر التشيع إنشاء المؤسسات كالمكتبات ودور النشر وجمعيات آل
البيت والحوزات العلمية فضلا عن الحسينيات، ولا يتوقف نشاطهم على التشييع بقدر ما يروجوا لاستفزازات
علنية ضد السنة كما حصل في السودان خلال معرض الكتاب أو في مصر مؤخرا حيث حصلت صحيفة
المصريون على كتاب لمؤلف يدعى نجاح الطائي بعنوان: "هل اغتيل النبي محمد؟"، وقالت أنه يجري تسويقه
عن طريق "شيوخ وشباب في محطات مترو أنفاق جمال عبد الناصر ومبارك والسيدة زينب والعتبة ودار
18
السلام، وفي أتوبيسات النقل العام بمنطقة شبرا والسيدة زينب ورمسيس والعتبة وخلوصي"، وأشارت
الصحيفة إلى أن الكتاب الذي يبلغ سعره جنيها مصريا: "يتضمن افتراءات بحق الصحابيين أبو بكر الصديق
وعمر بن الخطاب – رضي الله عنهما- زاعما قيامهما بمحاولة لاغتيال النبي صلى الله عليه وسلم، ومبرئا
يهود المدينة من دس السم له"، بدعوى أن: "الفارق الزمني كان طويلا وأن الرسول لم يأكل الطعام
المسموم".
ومع كل الاختراقات التي نجح الإيرانيون في تحقيقها يبقى اختراقهم السياسي للساحة الفلسطينية هو الأشد
تأثيرا لأكثر من سبب. وعلى أهمية ما نجحوا فيه فيما يتعلق بحركة الجهاد الإسلامي إلا أن اختراقهم لحركة
حماس وفر لهم شرعية واسعة النطاق ليس على مستوى الساحة الفلسطينية بل على مستوى جماعة الإخوان
المسلمين من جهة وعلى مستوى السنة المؤمنين بكون حزب الله يمثل مشروع مقاومة من جهة أخرى. يحدث
هذا وسط جدل، ليس بالقليل، يجري في إيران على خلفية جدوى العلاقة مع الفلسطينيين إن لم يتشيعوا! هذه
تصريحات القوم وليست تجنيا. أما عن تصريحات قادة حماس في الانتصار لإيران فهي أكثر من تصريحاتهم
للانتصار لأهل السنة ابتداء من الشيشان وانتهاء في العراق وحتى في غزة. ويبدو أن القوم لا يجدون
غضاضة حتى في التشيع وإلا ما كان لمحمد يوسف أن يتغنى بالشيعة كونهم "ع  ز الدنيا في هذا الزمان"! بل
أكثر من ذلك خاصة وأنهم أصيبوا بغرام بالغ فتراهم يهاجمون كل من يقترب من حزب الله في النقد أو
الرأي.
لا بأس. إذا كانت إيران تمثل مشروع مقاومة فليكن؛ وإن كان هذا صحيحا ويسعد حماس فلماذا لا تستفيد
منه بدلا من أن تتراجع باحثة عن مفاوضات، وقابلة باستفتاء، وبأقل من سعر التكلفة، على أرض يعتبرها
الميثاق فضلا عن فتاوى العلماء أرض وقف إسلامي؟ وإذا كان المشروع الإيراني وحزب الله مشروع
مقاومة؛ فعلى أي مستوى يكون المشروع؟ ومن سيشمل؟ المسلمين أم العرب؟ وما هو مداه؟ ولما يكون
مشروع مقاومة؛ فلماذا يبدو مشروع احتلال في العراق وأفغانستان؟ أو مشروع اضطرابات وفتن حيث
يتواجد؟ وما علاقة جماعة الحوثي بمشروع المقاومة؟ وما الذي تريده إيران من السوري والمصري
والسوداني والسعودي والأفغاني والعراقي والباكستاني والتونسي والجزائري والمغربي؟
الأكيد أن أحدا لن يطلب من إيران خوض حرب ضد إسرائيل أو الولايات المتحدة نيابة عن العرب
والفلسطينيين، وليس هذا من الموضوعية ولا الإنصاف، لكن من الحق والموضوعية أن نتساءل بكل شفافية
وصراحة: إذا كانت إيران قد عملت على تحويل حزب الله إلى قوة ضاربة استطاعت في حرب تموز 2006
أن تلحق ضررا بالغا في إسرائيل وأن تمنع قواتها من اختراق الحدود لأكثر من كيلومتر واحد هي مساحة
المواجهة الميدانية؛ فلماذا لم تفعل الشيء ذاته مع حلفائها الفلسطينيين كحركتي حماس والجهاد الإسلامي؟ بل
ما هو أقصى ما يمكن أن تقدمه إيران لهما؟ إذا كان الدعم المالي فستكون نهايتهما كنهاية تيار الحريري، ذلك
أن المال قد يصنع نفوذا إلى حين لكنه لا يصنع مشروعا في أي حين.
المشكلة ليست في إيران ولا في تصريحات قادة حماس بل في عدم ثبات الموقف والتحالفات التي تقيمها،
وفي ضوء اعتبار برنامج الحكومة هو برنامج حماس فالسؤال المهم: هل ما زال ميثاق حماس صالحا للبناء
عليه أو الانطلاق منه في التحليل؟ الثابت أن الجواب بالنفي. بل أن خطابات القادة وتصريحاتهم منذ دخولهم
19
العملية السياسية، على الأقل، خلت من أية مفردات إسلامية أو دينية، وتوجهت نحو مفردات التسوية والسلام
والتهدئة والوحدة والوطنية والرقم الصعب وأهل مكة والحكمة البريطانية والمفاوضات ... إلى آخر القائمة.
والمثير أن حماس دخلت العملية بوصفها "شريك" وفي "كل شيء"، وكأنها قد حسمت أمرها مسبقا بأنها لا
ترغب في الانفراد بالسلطة حتى لا يطالبها أحد من أتباعها خاصة بتطبيق الشريعة، والحقيقة أنها ذهبت أبعد
من ذلك فأعلنت أنها ليست بصدد إقامة إمارة ولا تطبيق للشريعة ولا إجبار للنساء على ارتداء الحجاب ولا
... ولا ...، ولم يضِرها أن تخسر أصدقاء الأمس حتى المتعاطفين منهم معها أو تقصي المخالفين بل تعاملت
مع المجتمع الفلسطيني والقوى الأخرى كما لو أنهم متمردين ينبغي أن يخضعوا لسلطة ورضى وتوجيهات
الحركة الإسلامية ذات الامتدادات العالمية الراسخة الجذور حتى لو كان شيخا على منبر في يوم جمعة، وإلا
فالتشويه والإقصاء سيكون بانتظار كل من تعتبره الحركة خارجا عن إرادتها. هذا هو التصور الشائع بين من
كانوا قريبين من الحركة إلى حين، فإذا بهم اليوم يبدون قدرا عاليا من التذمر والتهكم.
يبقى القول أن الأمة عندما تصاب بالصمم ولا ترى إلا بعين فرعونية فلن تكون بمنأى عن إلحاق الأذى
بنفسها، وهذه محصلة تنطبق على كافة القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية. أما
المراهنات الخاسرة فغالبا ما ستؤدي إلى البحث عن البديل ... وإلى ذلك الحين ستبقى الأمة في خطر لكنها لا
تغفر.
يتبع ...
  #4  
قديم 11-12-2009, 01:06 AM
رياض123 رياض123 غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
مكان الإقامة: ........
الجنس :
المشاركات: 1,868
افتراضي رد: أمة في خطر

أمة في خطر
(4)
سآوي إلى جبل يعصمني!
د. أكرم حجازي
2008/6/21
قبل نحو ستة سنوات مضت قال لي رجل من العامة ليس له من السياسة أي نصيب: "لقد ثبت أننا أمة
عاجزة عن حكم نفسها بنفسها، وهي الآن تحتاج إلى وصاية". واليوم كل المؤشرات والملامح تدل على أننا
قاب قوسين أو أدنى من الخضوع لما هو أسوأ من نظام الوصاية. إنه باختصار "نظام الحماية" المعدل كي
يتناسب مع العصر الذي نعيش. والحقيقة أن الأمر لا يبدو مثيرا للنظام السياسي العربي ولا يبدو كذلك حتى
للعامة من الناس الذين يفكر الكثير منهم بمنطق اللامبالاة التامة فيما يجري من حوله أو بمنطق: "سآوي إلى
جبل يعصمني"!
20
ما يجري في المنطقة حقا وحقيقة هو إعادة ترتيب سايكس بيكوي لها مطابق بالتمام والكمال لما جرى لها
في بدايات القرن العشرين. فالظروف هي هي لم تتغير، فساد ... فقر ... جوع ... غياب للطموح ... أمة بلا
مشروع ... احتلالات مباشرة وغير مباشرة تسبق التقسيم الجديد للمنطقة ... تهديدات من كل حدب وصوب
... قوى عالمية جارفة تتصارع علينا كالفرائس أو الطرائد الهائمة في القفار ... وكما كنا في خضم الحرب
العالمية الأولى نفاوض بريطانيا وفرنسا ونتآمر على الإمبراطورية العثمانية ونحيك الدسائس الكفيلة بهدها
ترانا اليوم في نفس الزمن وكأن شيء لم يتغير. قبل سايكس بيكو ( 1916 ) كانت معظم البلدان العربية محتلة
وخاضعة لنظام الحماية، ثم جاءت سايكس بيكو لتثبت ما فعلته طوال قرن مضى وتكمل التقسيم عبر صكوك
الانتداب، ولتهدم في الأساس نظام الخلافة. أليس هذا هو حالنا الآن؟
لو ألقينا نظرة على قضايا المنطقة سنرى أنها تشهد نشاطا سياسيا محموما يستهدف من جهة ضبط الساحة
اللبنانية وفكفكة قضية الجولان السوري المحتل عبر المفاوضات السرية الجارية بين إسرائيل وسوريا،
ومحاولة ترتيب البيت الفلسطيني عبر التهدئة ووقف المقاومة تمهيدا لحل سياسي معين وفقا لمعطيات المرحلة
الراهنة بحيث تقبل به الأطراف الفلسطينية كافة بقطع النظر إن كان مرحليا أو دائما، فالنشاط المصري
والتنسيق مع إسرائيل والقوى الفلسطينية ليس من المستبعد أن ينتهي بتأميم قطاع غزة ووضعه تحت الوصاية
المصرية، أما تصريحات مستشار جون ماكين المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية باعتبار الأردن وطنا
بديلا فليست خارج هذا السياق من الترتيب.
إذا وسعنا الدائرة أكثر فالقوات الأمريكية نزلت في الجزائر وموريتانيا وركزت قواعد ضخمة لها في
العديد من الدول العربية سرا أو علانية، وما زالت تحتل أو تهاجم في أفغانستان والصومال والعراق، أما
سياسيا فالأمريكيون فرضوا الاتفاقيات الأمنية بعيدة المدى على السعودية ودول الخليج وهم في الطريق إلى
فرضها على العراق وليس اليمن أو سوريا أو مصر أو ... عن الأهداف الأمريكية ببعيدة. وقبل أن نبدي أي
قدر من الريبة في حقيقة هذا الانتشار العسكري الساحق وأهدافه، لنتساءل عن ماهية نظامي الحماية
والوصاية؟
فيما يتعلق بنظام الحماية فليس المقصود أبدا ذاك الذي طبقته الأمم المتحدة ومجلس الأمن، بعد الحرب
الثانية، على بعض الدول الأوروبية (ألمانيا وإيطاليا) والآسيوية(كوريا الجنوبية واليابان) لأهداف سياسية
وأيديولوجية. بل هو النظام الذي فرضته فرنسا وبريطانيا على بلدان عربية كمصر وتونس سنة 1882 أو
غير عربية كالهند دون مبرر إلا من الرغبة في السيطرة والاستعمار، وبلا تحديد لأي سقف زمني أو شروط
تتيح تعديل المعاهدة للدولة المحمية. وجلي أنه نظام لا يحظى أبدا بأية مشروعية سياسية أو قانونية تذكر ولا
يتصل بأية أغراض دفاعية وليس له أية علاقة بمصالح مباشرة بدولة الحماية. وميزة النظام هذا أنه يجري
إقامته بين دولتين قائمتين أو ما يشبه الأقاليم المستقلة، وقد يسمح حتى ببقاء الأحزاب والجمعيات والمؤسسات
كما هي، لكن السياسة العليا والاستراتيجية والدفاع والأمن والاقتصاد ليست بيد الدولة المحمية، والأسوأ أن في
ثنايا النظام بذرة فرنسية خبيثة ترى في الدولة المحمية جزء من التراب الوطني للدولة الحامية، وهو ما فعلته
فرنسا وطبقته على نطاق واسع في الجزائر لما كانت تحتلها منذ سنة 1832 وتعتبرها "فرنسا ما وراء
البحار".
21
هذا النظام كان مقدمة تمهيدية لنظام استعماري وتسلطي مباشر هو نظام الانتداب الذي صاغته فرنسا
وبريطانيا وأقرته عصبة الأمم المتحدة، بدعوى أن الشعوب المتخلفة "أمانة في عنق الحضارة المدنية"! التي
تتحمل مسؤولية نقلها إلى طور التقدم والتنمية. وبناء عليه تقوم القوة المنتدبة على أي بلد بتأسيس حكومة
انتداب لها مطلق الصلاحية أن تفعل في البلاد ما تشاء.
وفي التطبيقات التاريخية تبين أن النظام الإنجلو ساكسوني لم يمس ثقافة السكان كثيرا، لكنه، على الصعيد
الاقتصادي، لم يبقي ولم يذر، فما من دولة خضعت لحماية أو استعمار بريطاني على وجه الخصوص إلا
وتركتها صحراء قاحلة يتضور سكانها جوعا، وبطبيعة الحال لا يعني هذا أن الاستعمار الفرنسي أقل وطأة
لكنه ترك في البلاد بنية تحتية قوية جدا ليس لأنه يحبها ويخشى عليها بل لأنه كان يطبق سياسة فرنسا العابرة
للحدود ويعتبر كل إقليم خاضع لسيطرته جزء من التراب الوطني، لهذا نجد أن الاستعمار الفرنسي ركز على
المسألة الثقافية، ويكفي ملاحظة أن الكثير من المصريين، إلى يومنا هذا، يتلفظون بعبارات ترحيب فرنسية
رغم أن حملة نابوليون على مصر لم تزد كثيرا عن السنوات الثلاث.
المهم أن معاهدات الحماية أو الاستعمار المباشر أسلوبان طُبقا فيما مضى بشكل مباشر على الشعوب
والدول الضعيفة، ولا تكاد دولة ضعيفة في العالم إلا وخضعت لأحدهما في مرحلة من الزمن، وفي حين خلف
الأسلوبين دمارا ونهبا منقطعي النظير، وفقرا مدقعا لهذه الشعوب، نرى الدول الأوروبية على العكس أصيبت
بتخمة الثراء الفاحش على حساب الدول الفقيرة والمستعبدة. وكنا قد أشرنا إلى أن العرب والمسلمين قد نالهم
القسط الأعظم من الضرر جراء الحركة الاستعمارية المباشرة التي اجتاحتهم مخلفة وراءها تجزئة وانهيارا
للإمبراطورية العثمانية أو مصادرة لنظام الحكم الإسلامي وإهمالا متعمدا للعقيدة والدين وضربا في الصميم
للبنية الثقافية وجرها عنوة إلى الثقافة الغربية والتغريبية بوسائل محلية على الأرجح. لكن ثمة ميزتين بارزتين
لم تتغيرا منذ مطالع القرن التاسع عشر هما:
أن الدول الناشئة بفعل الحركة الاستعمارية لم تفلت من المطاردة والحصار والحروب إلى يومنا هذا. ·
وحكاية الاستقلال والسيادة قد يشعر بها الأفريقي واللاتيني والآسيوي أما العربي فالمسألة بالنسبة له تبدو
أسطورية في أحط محتوياتها.
أن الغرب لا يتعامل مع الكيانات العربية هذه كدول أو أوطان كما أنه لا يتعامل معها كشعوب أو أمم ·
بعكس ما تعتقده هذه الدول التي صدقت ومعها قطاعات واسعة من السكان أنها سليلة أمم أو شعوب وصاحبة
دول مستقلة وذات سيادة وتاريخ عريق!
الحقيقة الساطعة اليوم تقول أن الدول العربية تحديدا منذ نشأت هي دول تابعة ومرتبطة بالمركز شاءت أم
أبت. بل أن الدول التي تحالفت مع المنظومة الشرقية بقيادة موسكو لم تخلف لشعوبها سوى الفقر والقمع بينما
الدول التي تحالفت مع المنظومة الليبرالية مهددة اليوم بمعاهدات حماية فضلا عن المجاعة التي تنتظرها، وفي
كلتا الحالتين ما من دولة عربية قادرة على حماية نفسها أو شعبها أو نظامها أو حدودها، وغير قادرة على
التنمية وبناء اقتصاد محلي، وغير قادرة على مواجهة التحديات بقدر ما هي بارعة في تفعيل قطاع الأمن
ليصل إلى الذروة، فعن أي استقلال أو سيادة يجري الحديث؟ وعن أي وحدة وطنية يجري البحث عنها وكل
شريحة سكانية تتربص بالأخرى الدوائر؟ وهل يمكن لهذا الضعف والعجز أن يمر دون كوارث جديدة تصيب
22
الأمة؟ لكن السؤال الجوهري: لماذا تحتاج الولايات المتحدة إلى توقيع معاهدات حماية في المنطقة العربية على
وجه الخصوص؟
ربما تبدو إثارة مشكلة الاتفاقات الأمنية إعلاميا على هذا النحو نوعا من التخويف، فالاستنفار الإعلامي
المشغول بكل صغيرة وكبيرة وعقد اللقاءات والندوات وإثارة الجدل حول مضمون وأهداف المشاريع الأمنية
أشبه ما يكون زوبعة في فنجان لاسيما وأن مثل هذه الاتفاقات موجودة وقائمة منذ زمن بعيد، كما أن الكثير
من الدول العربية حليفة للولايات المتحدة، وبالتالي فما الفائدة من عقد اتفاقات مع أنظمة سياسية هي أصلا
تدور في فلك المنظومة الأمريكية منذ نشأتها؟ وعليه يعتقد البعض أن الهدف من الاستنفار الإعلامي وجعله
يعمل بأقصى طاقاته ليس سوى عملية تخويف للقوى المعارضة للوجود الأمريكي في المنطقة بما فيها القوى
الجهادية. لكن هذه القراءة محدودة الرؤية وضعيفة الحجة لأكثر من سبب سنتوقف عند أبرزها تاليا.
فحين انطلقت العربة الاستعمارية في القرن التاسع عشر لم يكن التحكم بمصادر الطاقة سببا كافيا لأن
النفط لم يكن بتلك الأهمية التي هو عليها الآن. لكن اليوم فالسبب الرئيسي يكمن في: ( 1) تمايز القوى العالمية
و ( 2) نهوض قوى أخرى خاصة الصين التي قد تزيح من الواجهة قوى عظمى كالولايات المتحدة التي بدأت
. تستسلم للنمو الصيني المندفع تكنولوجيا واقتصاديا، بلا هوادة، ليحتل المرتبة الأولى في العالم سنة 2042
فالصينيون يشغلون نصف قوتهم العاملة البالغة 800 مليون عامل، ويسجلون نموا مرتفعا جدا تجاوز نسبة
%10 ، كما أنهم قادرون على زيادة النمو لولا الصراخ الدولي والتوسل إلى الصين بضرورة إبطاء نموها
حتى لا تقع الكارثة في العالم.
هذا هو التحدي الكبير الذي يواجه الولايات المتحدة مستقبلا، وهو تحدي شديد الخطورة لأنه ينذر
بخروج الصين من حدودها عبر العالم إذا ما زادت من نسبة نموها وشغلت ما تبقى لها من أيدي عاملة، مما
يعني أن مناطق الطاقة ستكون موضع صراع وتنافس محموم بين القوى الكبرى في وقت تكون الولايات
المتحدة فيه مجرد قوة عظمى مرشحة لِأن تفقد القدرة على لعب دور الشرطي العالمي. وقد يكون هذا سببا
كافيا كي يدق ناقوس الخطر ويدفع الولايات المتحدة إلى سرعة تأمين مناطق التحكم في الطاقة والممرات
الإستراتيجية والأسواق قبل فوات الأوان، وعبر معاهدات أمنية طويلة الأمد كي تحتفظ بما تعتبره منجزات
الإمبراطورية في حالة تعرضها لتهديدات القوى الصاعدة.
في مثل هذه الحالة تبدو الدول العربية وكذا حركات المقاومة أشبه ما يكونوا بشاة تتربص بها الوحوش
المفترسة من كل صوب وحدب، وعليه لا يبدو لافتا للانتباه أن تنخفض سقف المطالب إلى حدود الصفر مقابل
البقاء، بل وأكثر من ذلك أن تدافع القوى الرسمية والمعارضة عن الدور الوحيد المتاح أمامها بحيث لم يعد
لديها من دور تلعبه ولا وظيفة تؤديها سوى الوظيفة الأمنية التي تضمن لها البقاء.
مشروع معاهدة حماية على العراق
ولا شك أن مشروع الحماية المقترح على العراق هو أفضل نموذج للمعاينة ليس لأنه أقل شأنا من
الاتفاقيات الموقعة مع دول أخرى عربية بل لأن بعض مضامينه انكشفت على العامة لأسباب سنذكرها في
حينه. لذا سننطلق من النموذج العراقي لمعاينة مثل هذه الاتفاقيات.
23
فما يجري الحديث عنه هو إعلان مبادئ وقعه الأمريكيون مع العراقيين يسمح بالتفاوض على اتفاق أمني
مشترك بين البلدين، أما ما لم يجر الحديث عنه هو اتفاق آخر طويل الأمد يجري التفاوض بشأنه ويعرف ب:
" اتفاق إطار عمل استراتيجي سيحدد بشكل عام العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين".
على أن الأهم يكمن في رفض الولايات المتحدة ترقية الاتفاق المقترح إلى مستوى معاهدة، فضلا عن أنها لا
تحتاج إلى موافقة الكونغرس الأمريكي! بل أن ديفيد ساترفيلد المستشار الأول لوزيرة الخارجية الأميركية
والذي يقود التفاوض مع الحكومة العراقية كان حريصا على توصيف الاتفاقية بصريح العبارة مشيرا أنها
ستكون: "تنفيذية وقانونية دولية بين طرفين، ولن تحوي بنوداً تتطلب موافقة مجلس الشيوخ الأميركي
عليها"، مما يوحي بأن الاتفاقية أشبه ما تكون بين عصابتين تختلسان شيء ما على حين غرة بحيث لا يكون
هناك ثمة مرجعية تذكر في احتمال إعادة النظر في الاتفاقية أو تعديلها سوى الأمزجة والضغوط. فما هو
مضمون الاتفاقية؟ وما هي ردود الفعل عليها؟
تسعى الولايات المتحدة لتوقيع اتفاقية أمنية مع الحكومة العراقية على المدى البعيد مهمتها: "رسم الأساس
القانوني لبقاء القوات الأمريكية في العراق"، على أن يتم إنجازها بحلول نهاية شهر تموز/ يوليو القادم،
فالوقت يداهمها تجاه الانتخابات القادمة في تشرين الثاني/ نوفمبر، أما لماذا تصر الولايات المتحدة على سرعة
توقيع الاتفاق فلأن التفويض الذي تمنحه الأمم المتحدة للقوات الأمريكية المحتلة في العراق سينتهي مع نهاية
العام الجاري، لذا يهدد وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس ب: " أن البنتاغون ليس مستعدا لِا  ن يطلب من
الأمم المتحدة تجديد التفويض على رغم الاختلافات مع الحكومة العراقية". وفي هذا السياق تناقلت وسائل
الإعلام نبأ خلافات شديدة حول مشروع الاتفاق تتعلق بثلاثة نقاط مركزية هي:
1) الحصانة التي يتمتع بها موظفو شركات الحماية الأجنبية من المقاضاة بموجب القوانين العراقية، وهذا
يشير إلى أن مصدر الخلاف لا يقع في مستوى الحصانة بل في مستوى من يتمتع بها.
2) التنصل من التعهدات بالمساهمة في إعمار البلاد.
3) إقامة 400 قاعدة ومعسكر دائم وليس 58 كما تداولته بعض وسائل الإعلام. والحقيقة أن المشكلة ليست
في عدد القواعد والمعسكرات بقدر ما هي في الاتفاقية التي تجعل من العراق جزء من الولايات المتحدة
الأمريكية بحيث يمكن تصعيد الوجود العسكري في البلاد ليصل إلى الذروة في أي حين أو تقليله بحسب
الحاجة دون أية قيود تذكر.
بطبيعة الحال تشتمل البنود السرية لمشروع الاتفاقية على ما هو أشد وطأة من البنود الثلاثة أعلاه.
وأحسب أن المزيد من التحليل سيكون من باب العبث لأن ما ورد فيها لا يحتاج إلى تعليق ولا تحليل من أي
نوع كان.
والحقيقة أن الأمريكيين كانوا واضحين في مطالبهم، ولا أظن أنهم سيتخلون عنها، بدليل أن وزير
الخارجية العراقي هوشيار زيباري رد على تصريحات المالكي بأن المفاوضات لم تصل إلى طريق مسدود
مع الأمريكيين مشيرا إلى أ  ن المفاوضين الأمريكيين أظهروا "مرونة" في المسائل الحيوية مثل حجم السلطة
التي يتعين على الجنود الأمريكيون أن يتمتعوا بها خارج قواعدهم، وكذا مسألة استخدام تلك المنشآت لش  ن
عمليات ضد أي دولة مجاورة في المنطقة. ولعل الأميركيون كانوا أكثر وضوحا وهم يعبرون عن حاجتهم
24
لهذا الكم الهائل من القواعد العسكرية ولهذه الحصانة التي ستجعل منهم فوق أي قانون فيما يحق لهم اعتقال
حتى رئيس الجمهورية إذا ما رأوا فيه تهديدا للسلم والأمن. لكن لماذا يحتاج الأمريكيون إلى كل هذه القوة
والصلاحيات والحصانة التي لا يتمتعون بها حتى في بلدهم؟ ولماذا يحشدون في سفارتهم ببغداد من
الدبلوماسيين والمستشارين ورجال الأمن والخبراء والعلماء قرابة الخمسة آلاف شخص وهو عدد يزيد عن
ضعفي عدد دبلوماسييهم في موسكو خلال الحرب الباردة؟ فضلا عن أنه إجراء يتنافى والعرف الدبلوماسي
الذي يفرض تمثيلا متوازنا بين أي بلدين في حجم البعثة الدبلومسية؟
الأكيد أن الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين كان محقا لما صرح بأن الأمريكيين جاؤوا إلى العراق
لينفذوا احتلالا بعيد المدى، مما يعني أن المشروع الأمريكي يستدعي وجود قوات مباشرة في المنطقة لأمد
طويل، وقادرة على التدخل. لكن واقع الأمر يقول أن المنطقة لم تعد بحاجة إلى وجود قوات بهذا الحجم
والصلاحيات، ولم تعد بيئة لأعداء استراتيجيين خاصة وأنها واقعة اليوم تحت الهيمنة الأمريكية المباشرة،
وليس هناك ما يشير إلى تهديد للمصالح الأمريكية كالنفط. لكن الأمريكيين يتخوفون من المستقبل ويجهدون في
تأمين المنطقة، وبلسان البنود السرية للاتفاقية، فالأمريكيون بصدد التدخل في المنطقة وإخضاعها بالقوة
العسكرية المباشرة إن لزم الأمر، أما تصريحات ساترفيلد بأن: "بلاده تؤمن بوجوب عدم استخدام الأراضي
العراقية منصة لضرب الدول المجاورة" فليست من باب التصريحات المضللة أو المطمئنة بل من باب الإيحاء
بأن الاتفاقية الأمنية مع العراقيين ليست سوى مقدمة لنماذج اتفاقيات مماثلة إما أنها عقدت فعلا أو أنها في
الطريق للإنجاز.
ومع ذلك يبقى الجانب الأكثر إثارة يتعلق بقيامة المالكي التي قامت على الاتفاقية والرفض الشيعي لها
كونها تمس السيادة وتلحق أضرارا بالغة في الأجيال القادمة! وما الذي يفسر الرفض الشيعي لمشروع الاتفاقية
والتحريض الإيراني السافر عليها؟
لا شك أن السبب الرئيس يكمن، على الأرجح، في جوهر الحكم القائم في العراق وأهدافه. فهو حكم طائفي
مرتبط بمشروع صفوي بالدرجة الأساس، وليس الرفض الشديد للاتفاقية إلا خشية من أن تؤدي إلى فرملة
اندفاع المشروع الصفوي في المنطقة برمتها، وإلا فمن يصدق أن المالكي والطرف الشيعي تحول فجأة إلى
طرف يتمتع بعراقة وطنية ونضالية وهو الذي قدم على ظهور الدبابات الأمريكية؟ واحتمى بالمشروع
الأمريكي لتمرير مشروعه؟ فهل سيكون أمام الشيعة إلا القبول "المح  سن" بالأطروحات الأمريكية؟ وإذا ما
أصر الأمريكيون على مطالبهم فهل سيعلن الشيعة في العراق عن تمرد ضد القوات الأمريكية؟
المهم في كل ما يجري هو الموقف اللامبالي للعرب تجاه الاتفاقية المقترحة، وقد يكون مفهوما هذا الموقف
في سياق الضغوط أو في سياق التفاقات الموقعة أصلا مع الأمريكيين، لكن ما ليس مفهوما أبدا هو إصرار
السنة على تدمير ذاتهم في حين يصر الشيعة على حماية مشروعهم ولو بالرفض. يحدث كل هذا والبعض ما
زال يجادل بأن المنطقة لا تتحمل كل هذه القواعد الأمريكية. فهل ستكون النهاية كمن قال :"سآوي إلى جبل
يعصمني"؟ لكن من سيقود السفينة؟
************************************************** ****************
25
ملحق نص إعلان المبادئ والبنود السرية
إعلان مبادئ علاقة تعاون وصداقة طويلة الأمد
بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الأميركية
أكد القادة العراقيون في بيانهم الصادر في 26 أغسطس / آب عام 2007 الذي أيده الرئيس بوش، أن
الحكومتين العراقية والأميركية ملتزمتان بتطوير علاقة تعاون وصداقة طويلة الأمد بين بلدين كاملي السيادة
والاستقلال ولهما مصالح مشتركة، وأكد البيان أن العلاقة بين البلدين سوف تكون لصالح الأجيال المقبلة وقد
بنيت على التضحيات البطولية التي قدمها الشعبان العراقي والأميركي من أجل عراق حر ديمقراطي تعددي
فيدرالي موحد.
إن العلاقة التي تتطلع إليها جمهورية العراق والولايات المتحدة الأميركية تشمل آفاقا متعددة يأتي في
مقدمتها التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية انطلاقا من المبادئ التالية:-
أولا. المجال السياسي والدبلوماسي والثقافي.
-1 دعم الحكومة العراقية في حماية النظام الديمقراطي في العراق من الأخطار التي تواجهه داخليا وخارجيا.
-2 احترام الدستور وصيانته باعتباره تعبيرا عن إرادة الشعب العراقي، والوقوف بحزم أمام أية محاولة
لتعطيله أو تعليقه أو تجاوزه.
-3 دعم جهود الحكومة العراقية في سعيها لتحقيق المصالحة الوطنية، ومن ضمنها ما جاء في بيان 26 آب
.2007
-4 دعم جمهورية العراق لتعزيز مكانتها في المنظمات والمؤسسات والمحافل الدولية والإقليمية، لتلعب دورها
الايجابي والبناء في محيطها الإقليمي والدولي.
-5 العمل والتعاون المشترك بين دول المنطقة والذي يقوم على أساس من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في
الشؤون الداخلية، ونبذ استخدام القوة في حل النزاعات، واعتماد لغة الحوار البناء في حل المشكلات العالقة
بين مختلف دول المنطقة.
-6 تشجيع الجهود السياسية الرامية إلى إيجاد علاقات ايجابية بين دول المنطقة والعالم، لخدمة الأهداف
المشتركة لكل الأطراف المعنية وبما يعزز أمن المنطقة واستقرارها وازدهار شعوبها.
- 7 تشجيع التبادل الثقافي والتعليمي والعلمي بين الدولتين.
ثانيا. المجال الاقتصادي:
26
-1 دعم جمهورية العراق للنهوض في مختلف المجالات الاقتصادية وتطوير قدراتها الإنتاجية ومساعدتها في
الانتقال إلى اقتصاد السوق.
-2 المساعدة في دعم الأطراف المختلفة على الالتزام بتعهداتها تجاه العراق، كما وردت في العهد الدولي مع
العراق.
-3 الالتزام بدعم جمهورية العراق من خلال توفير المساعدات المالية والفنية لمساعدتها في بناء مؤسساتها
الاقتصادية وبناها التحتية وتدريب وتطوير الكفاءات والقدرات لمختلف مؤسساتها الحيوية.
4. مساعدة جمهورية العراق على الاندماج في المؤسسات المالية والاقتصادية والإقليمية والدولية.
-5 تسهيل وتشجيع تدفق الاستثمارات الأجنبية وخاصة الأميركية إلى العراق للمساهمة في عمليات البناء
وإعادة الإعمار.
-6 مساعدة جمهورية العراق على استرداد أموالها وممتلكاتها المهربة وخاصة تلك التي هربت من قبل عائلة
.2003/4/ صدام حسين وأركان نظامه، وكذلك فيما يتعلق بآثارها المهربة وتراثها الثقافي قبل وبعد 9
-7 مساعدة جمهورية العراق على إطفاء ديونها وإلغاء تعويضات الحروب التي قام بها النظام السابق.
-8 مساعدة العراق ودعمه للحصول على ظروف تجارية تشجيعية وتفضيلية تجعله من الدول الأولى بالرعاية
في السوق العالمية واعتبار العراق دولة أولى بالرعاية من قبل الولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى
مساعدته في الانضمام إلى منظمة التجارة الدولية.
ثالثا. المجال الأمني:
-1 تقديم تأكيدات والتزامات أمنية للحكومة العراقية بردع أي عدوان خارجي يستهدف العراق وينتهك سيادته
وحرمة أراضيه أو مياهه أو أجوائه.
-2 مساعدة الحكومة العراقية في مساعيها بمكافحة جميع المجموعات الإرهابية، وفي مقدمتها تنظيم القاعدة
والصداميون وكل المجاميع الخارجة عن القانون بغض النظر عن انتماءاتها والقضاء على شبكاتها اللوجستية
ومصادر تمويلها وإلحاق الهزيمة بها واجتثاثها من العراق على أن تحدد أساليب وآليات المساعدة ضمن اتفاقية
التعاون المشار إليها أعلاه.
-3 دعم الحكومة العراقية في تدريب وتجهيز وتسليح القوات المسلحة العراقية لتمكينها من حماية العراق
وكافة أبناء شعبه واستكمال بناء منظوماتها الإدارية حسب طلب الحكومة العراقية.
تتولى الحكومة العراقية تأكيدا لحقها الثابت بقرارات مجلس الأمن الدولي طلب تمديد ولاية القوات المتعددة
الجنسيات للمرة الأخيرة واعتبار موافقة مجلس الأمن على اعتبار الحالة في العراق لم تعد بعد انتهاء فترة
التمديد المذكورة تشكل تهديدا للسلام والأمن الدوليين وما ينتج عن ذلك من إنهاء تصرف مجلس الأمن بشأن
الحالة في العراق وفق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بما يعيده إلى وضعه الدولي والقانوني السابق
لصدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 661 في آب 1990 ليعزز الاعتراف والتأكيد على السيادة الكاملة
27
للعراق على أراضيه ومياهه وأجوائه وسيطرة العراق على قواته وإدارة شؤونه واعتبار هذه الموافقة شرطا
لتمديد القوات.
اعتمادا على ما تقدم تبدأ وبأسرع وقت ممكن مفاوضات ثنائية بين الحكومتين العراقية والأميركية للتوصل
2008 إلى اتفاقية بين الحكومتين تتناول نوايا التعاون والصداقة بين الدولتين المستقلتين وذاتي /7/ قبل 31
السيادة الكاملة في المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية والأمنية.
أما البنود السرية في الاتفاق:-
-1 يحق للقوات الأميركية بناء المعسكرات والقواعد العسكرية، وهذه المعسكرات سوف تكون مساندة
للجيش العراقي، وعددها خاضع للظروف الأمنية، التي تراها الحكومة العراقية، وبمشاورة السفارة الأميركية
في بغداد، والقادة الأمريكان، والميدانيين وبمشاورة وزارة الدفاع العراقية والجهات المختصة.
-2 ضرورة أن تكون اتفاقية و ليس معاهدة.
-3 لا يحق للحكومة العراقية ولا لدوائر القضاء العراقي محاسبة القوات الأميركية وأفرادها، ويتم توسيع
الحصانة حتى للشركات الأمنية والمدنية والعسكرية والإسنادية المتعاقدة مع الجيش الأميركي.
-4 صلاحيات القوات الأميركية لا تح دد من قبل الحكومة العراقية، ولا يحق للحكومة العراقية تحديد الحركة
لهذه القوات، ولا المساحة المشغولة للمعسكرات ولا الطرق المستعملة.
-5 يحق للقوات الأميركية بناء المراكز الأمنية بما فيها السجون الخاصة والتابعة للقوات الأميركية حفظا
للأمن .
-6 يحق للقوات الأميركية ممارسة حقها في اعتقال من يهدد الأمن والسلم دون الحاجة إلى مجوز من
الحكومة العراقية و مؤسساتها .
-7 للقوات الأميركية الحرية في ضرب أي دولة تهدد الأمن والسلم العالمي والإقليمي العام والعراق حكومته
ودستوره، أو تستفز الإرهاب والميليشيات، ولا يمنع الانطلاق من الأراضي العراقية والاستفادة من برها
ومياهها وجوها.
-8 العلاقات الدولية والإقليمية والمعاهدات يجب أن تكون للحكومة الأميركية العلم والمشورة بذلك حفاظا
على الأمن والدستور.
-9 سيطرة القوات الأميركية على وزارة الدفاع والداخلية والاستخبارات العراقي ولمدة 10 سنوات، يتم
خلال هذه المدة تأهيلها وتدريبها وإعدادها حسب ما ورد في المصادر المذكورة، وحتى السلاح ونوعيته
خاضع للموافقة والمشاورة مع القوات الأميركية.
-10 السقف الزمني لبقاء القوات هو طويل الأمد وغير محدد وقراره لظروف العراق ويتم إعادة النظر بين
الحكومة العراقية والأميركية في الأمر، إلا أن الأمر مرهون بتحسن أداء المؤسسات الأمنية والعسكرية
العراقية وتحسن الوضع الأمني وتحقق المصالحة والقضاء على الإرهاب وأخطار الدول المجاورة وسيطرة
الدولة وإنهاء حرية وتواجد الميليشيات ووجود إجماع سياسي على خروج القوات الأميركية.
  #5  
قديم 11-12-2009, 01:10 AM
رياض123 رياض123 غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
مكان الإقامة: ........
الجنس :
المشاركات: 1,868
افتراضي رد: أمة في خطر

أمة في خطر
صراع محموم بين القاعدة وحزب الله على كسب السنة
(5)
د. أكرم حجازي
2008/9/22
لا ريب أن أية مقاربة في العلاقة بين الجماعتين ستبدو ضربا من الخيال سواء على مستوى القيادة أو على
مستوى القاعدة. فلا حزب الله مستعد لتقبل وفاق مع القاعدة التي ينظر لها كجماعة تكفيرية، ولا القاعدة على
استعداد للتنازل قيد أنملة عما تعتبره راية عمية. ومع أن الجماعتين تقعان على طرفي نقيض عقديا إلا أنهما
تتصارعان، في منطقة حساسة، على كسب جمهور سني يبدو أقرب إلى حزب الله من قربه للقاعدة. وهذا
يؤشر على معادلة قائمة تفيد بأن تقدم أحدهما يعني بالضرورة تراجع الآخر. وعليه فالسؤال المطروح هو: ما
هي الآليات التي تستعملها القاعدة لفك الارتباط بين السنة وحزب الله بحيث يمكن لتيارات السلفية الجهادية أن
تجد لها موطئ قدم راسخ في المنطقة؟
الجانب العقدي
يلزم القول بداية أن القاعدة، على المستوى السني، ليست هي الجهة الوحيدة التي تعادي حزب الله. ويلزم
القول أن التجربة أثبتت بالقطع أن فروع القاعدة أظهرت قدرا من التشدد، كما في الجزائر والعراق، أكثر مما
أظهره التنظيم الأم. ففي العراق قدم أبو مصعب الزرقاوي تأصيلا شرعيا للمسألة الشيعية تفوق ما قدمته أية
قوة أخرى سواء كانت شرعية أو جهادية أو وطنية عبر سلسلته الشهيرة: "هل أتاك حديث الرافضة" وكذا:
"وعاد أحفاد ابن العلقمي"، وأعلن حربا على الطائفة، فكفر عوامها واستباح دماءهم. بل أن أبو عمر البغدادي
أمير دولة العراق الإسلامية ذهب أبعد من ذلك حين أعلن حربا على إيران الشيعية لم يوقفها إلا مشروع
الصحوات وحصارها للمشروع الجهادي. لكن هل كان هذا هو موقف قادة القاعدة؟
الحقيقة أن حسابات التنظيم الأم بما في ذلك الموقف العقدي هي غير حسابات الفروع ومواقفها. فلا مواقف
بن لادن ولا الظواهري ولا أي رمز من رموز القاعدة كفر عموم الشيعة. أما الزرقاوي فكان يحتج باستحالة
التمييز بين المحارب وغير المحارب في الحالة العراقية. وبالتالي فتكفيره لعموم الطائفة ربما يكون بضغط
الواقع وليس رغبة منه بمخالفة علماء السنة، وهو ما احتج به على فتوى أبي محمد المقدسي. هذا مع العلم أن
بن لادن ترك للزرقاوي، بعد إلحاح في مراسلاتهما، حرية تقدير الموقف الميداني بشرط أن يعمل على تحييد
الصراع مع الشيعة ما وسعه ذلك في هذه المرحلة على الأقل حيث الأولوية لقتال قوات الغزو الأمريكية
وحلفائها.
29
المهم أننا، وبخلاف موقف العامة من أنصار المجاهدين، لم نقع في خطابات القاعدة، على مستوى القيادة،
على أية استعمالات لمصطلحات تطعن في حزب الله من نوع "حزب اللات" أو "نصر اللات". بل أن القاعدة
تصر على تجنب الدخول في معارك شرعية مع الطائفة الشيعية أو حتى مع إيران وحزب الله رغم أنها أكثر
من يدرك حقائق المسألة الشيعية شرعيا وسياسيا وتاريخيا.
في الخامس من شهر آب/ أغسطس 2008 نشرت مؤسسة السحاب كتابا لأحد منظري القاعدة الشيخ
عطية الله بعنوان: "حزب الله اللبناني والقضية الفلسطينية - رؤية كاشفة". وهو الكتاب الذي لاقى رواجا
واسعا في وسائل الإعلام بالرغم من أنه لم يتطرق إلى الموقف العقدي من الشيعة الذي اعتبره من المسلمات
التي لا تحاج إلى بيان. وفي الكتاب عبارة طريفة تستحق التوقف عندها حيث يقول الكاتب فيها: "لست بصدد
البحث عن حقيقة هذا الحزب ومّلته، فهي عندنا معلومة مستيقنة لا تخفى، بل المقصود من الكتابة هو تجلية
حقيقة هذا الحزب للناس بالطرق المنطقية والدلائل العقلية، التي تقنع المسلمين بخطره وفساده العظيم".
لا شك أنها فقرة حاسمة وذات دلالة لمن أمعن في البحث والتقصي عن الأسباب التي تجعل من القاعدة
تصر على تحييد الموقف الشرعي من خطاباتها تجاه الحزب ومن ورائه الطائفة برمتها. للوهلة الأولى يبدو
اندفاع الزرقاوي في تكفير الشيعة قد أفسد على القاعدة خططها في التعامل مع الطائفة. لكنه من جهة أخرى
دفع بالكثير من علماء السنة في البلدان الإسلامية إلى إصدار فتاوى شديدة ضد ما اعتبروه مشروعا صفويا
يهدد الإسلام والمسلمين حتى أنهم أجازوا لأهل السنة في العراق الدفاع عن أنفسهم ورد اعتداءات الشيعة
عليهم. ولا شك أن مثل هذه المواقف الصادرة عن أهل العلم تروق للقاعدة وتكفيها مؤونة الرد على خصومها
الشرعيين.
هكذا يبدو موقف القاعدة من الشيعة بالغ الحذر من جهة أنه لا يجوز، شرعيا، تكفير عوامهم، لذا فقد بدت
حريصة على استعمال الوسائل العقلية ( سياسة، منطق، تاريخ، وقائع وأحداث ... ) لإسقاط المراهنة السنية
على حزب الله والطائفة الشيعية، إذ تمكنها هذه الطريقة من:
إحالة المسألة الشيعية إلى العلماء للاضطلاع بمهمة التصدي الشرعي للشيعة، مستفيدة من تأثيرهم على ·
العامة أكثر مما تفعله القاعدة.
والإفلات من رميها بتهمة التكفير. ·
وبالتالي الخروج من الفخاخ بأقل الأضرار. ·
الجانب السياسي
من المعلوم أن حزب الله يستأثر وحده بورقة المقاومة في لبنان على الرغم من وجود عشرات القوى
السياسية والتنظيمات المسلحة سواء كانت لبنانية أو فلسطينية. وفيما خلا بضعة عمليات مسلحة ضد إسرائيل
أو قوات اليونيفيل الدولية أفلتت من مراقبة الحزب لم تستطع أية قوة اختراق الحظر الأمني الذي يفرضه
الحزب على القوى الأخرى في مقاتلة إسرائيل. وفي المقابل استطاع الحزب أن يعوض هذا الخلل الذي يطعن
بمصداقيته بالدخول في معارك طاحنة ضد إسرائيل في مناسبات عديدة انتهت بانسحاب إسرائيل من لبنان
وإهانتها عسكريا في حرب تموز سنة 2006 بصورة لم يسبق لها مثيل في كافة الحروب العربية السابقة.
30
وهكذا فعلى امتداد سنوات الصراع مع إسرائيل استوطن الحزب في عقول العامة بوصفه حزب مقاوم شديد
البأس ومدافع عن القضايا العربية والإسلامية ونصير كبير للفلسطينيين وخصم عنيد في مواجهة اليهود ومثال
في العدة والإعداد والانضباط والمصداقية، بل أنه أعاد للعرب جزء من كرامتهم المفقودة ورفع رأسهم عاليا
ونجح في إعادة الثقة والأمل وأثبت أنه بالإمكان هزيمة إسرائيل. لكن من الأهمية بمكان ملاحظة أن هذا
التصور، على أهميته، لا يمكن إسقاطه على إجمالي أهل السنة. إذ أن موقف السنة ينقسم بين من يؤيد الحزب
بشدة كما هو الحال في مصر وبلاد الشام والمغرب العربي وبين من يعارضه بشدة كما هو الحال في الجزيرة
العربية. وبصيغة أخرى يمكن القول أن تأييد الحزب يتراجع في البلدان ذات الحضور الشيعي فيما يتزايد
بصورة مثيرة في البلدان ذات الكثافة السنية، وهنا بالضبط تقع المشكلة التي تواجه القاعدة.
فلو قمنا بعملية استكشاف دقيقة سنلاحظ أن القاعدة نجحت في الحضور الفعال في المغرب العربي
والجزيرة والعراق لكنها حتى اللحظة لم تنجح في استيطان بلاد الشام ومصر. ولعل السبب الرئيس في ذلك
يكمن في وجهة الرأي العام الشعبي في هذه المنطقة والذي يميل إلى تأييد حزب الله بشكل ظاهر ومؤثر. وهذا
يفسر إلى حد كبير غياب الموقف الشرعي من خطابات القاعدة تجاه الحزب والاكتفاء بما أسماه عطية الله ب
"الطرق المنطقية والدلائل العقلية" ل: " تجلية حقيقة هذا الحزب للناس" كون الدلائل الشرعية قلما تشكل
فارقا عند العامة من سكان هذه المناطق. فالناس تقيس الموقف من أية جماعة ليس بموجب عقيدتها بل بمقدار
ما توقعه من أذى في الدولة اليهودية. وإذا ما تعلق الأمر بحزب الله فهذا موقف طبيعي بما أن الفكر
الماركسي خاصة والعلماني عامة أعمل أثره عميقا في عقل أمة لم تر على مدى عقود نصرا واحدا. فلا
الجماعات الإسلامية ولا فصائل منظمة التحرير شكلت نضالاتها على امتداد عقود أي فارق يذكر في الصراع
العربي الإسرائيلي، فلماذا لا يؤيدون حزب شكل هذا الفارق؟
إذن يمكن القول أن القاعدة معنية بالدرجة الأساس بالتعامل مع أمزجة الناس وليس مع عقائدهم. ولما يكون
الحال هكذا فمن الصعب توقع ظهور فعال للقاعدة قبل تغير معايير القياس أو المزاج العام. لهذا تبدو خطابات
رموز القاعدة وهي تتوجه، بكثافة، نحو حركة حماس بالذات وحزب الله كمن يحاول إشاعة ثقافة جهادية
بمواصفات قاعدية ما من هدف لها في هذه المرحلة إلا خلخلة ما تجذر من تصورات لا تتمتع بأية مشروعية
عقدية. لكن كيف؟
يصر رموز القاعدة على التأكيد أن الخلاف الإيراني مع الولايات المتحدة هو خلاف حقيقي، وكذا الأمر
فيما يتعلق بحزب الله حيث تعتقد القاعدة أن حربه ضد إسرائيل هي حرب حقيقية. لكنهم، ومعهم الكثير من
علماء السنة، يؤمنون أن العداء الشيعي لأمريكا هو عداء طائفي وليس عداء إسلامي. فالأمركيون واليهود
والغرب عموما لهم مشروعهم ضد الأمة، والإيرانيون وأدواتهم الضاربة لهم مشروعهم الصفوي ضد السنة.
وأنه ما من علامات تدل على أن مشروع إيران هو مشروع مقاومة ينتصر لإجمالي الأمة وليس لطائفة كما
هو الحال. وكي تدعم القاعدة أطروحتها سياسيا نراها تؤكد على أربعة مسائل بالغة الأهمية في تفكيك
تصورات العامة تجاه مصداقية المشروع الإيراني أو حزب الله:
الأولى: أن الإيرانيين، وباعترافاتهم، هم من س  هل على الأمريكيين احتلال أفغانستان والعراق.
31
الثانية: أن الإيرانيين نشطوا في إثارة الفتن الطائفية حيثما تواجد الشيعة وأنفقوا المليارات على برامج التشيع
كما يقول د. يوسف القرضاوي الذي سبق وحذرهم من أن تصرفهم هذا سيؤدي إلى كره الناس لهم.
الثالثة: إن شيعة العراق نشطوا في تصفية أهل السنة ومحاربتهم عبر ميليشياتهم المسلحة كجيش المهدي
وقوات بدر دون أن تصدر أية إدانة لا من الإيرانيين ولا من حزب الله الضالع في تدريبهم ولا من المراجع
الشيعية التي رفضت حتى اللحظة إدانة الغزو الأمريكي للبلاد أو إصدار فتوى تقضي بمقاتلته.
الرابعة: أن حزب الله هو من يتحكم بحجم ونوعية وتوجهات المقاومة في لبنان.
هذه المسائل الأربعة تطرح تساؤلات كبيرة ليس لدى القاعدة بل وعلى مستوى العامة من السنة. لذا يرى
فهناك إذن ظاه  ر ،« الباطنية » صاحب الرؤية الكاشفة أن حزب الله هو: "حزب رافض  ي فيه حظ وافر من
وباطن، وهناك قدر كبير من الغموض والخداع والتمويه والكذب والدجل"، وهو توصيف أولى بأن ينطبق
على الإيرانيين. فإذا كان المشروع الإيراني يقع في مستوى الأمة بحيث تكون التكنولوجيا العسكرية والتسلح
النووي في خدمة الأمة فلم يطلب أحد من إيران التضحية بمصالحها وجهودها في البناء والتنمية والتسلح، لكن
بأي منطق يبرر الإيرانيون مساعدتهم للأمريكيين في العراق وأفغانستان؟ وبلسان القاعدة: كيف يكون قتال
الأمريكيين واليهود في لبنان مقاومة وفي غيرها إرهابا؟ ومتى تكون أمريكا شيطانا أكبر؟ ومتى تكون
وإسرائيل أصدقاء تاريخيون للشعب الإيراني؟ وعلى أية أسس؟ وبأية مشروعية؟
هذه إحدى الآليات التي تسعى القاعدة في ضوئها إلى سحب البساط من تحت الآلة الإعلامية الضخمة
للإيرانيين وعبرها رفع الغطاء الشعبي عن حزب الله. لكن ما هو أخطر من ذلك هو سعي القاعدة إلى توريط
الحزب بحروب مدمرة مع إسرائيل في محاولة منها لضرب عصفورين بحجر واحد.
فالقاعدة تستفيد من قوة حزب الله في التصدي لإسرائيل. لأن هذا يساعدها على إظهار إسرائيل ضعيفة،
ومن الممكن هزيمتها بشروط هي تحسب نفسها قادرة على الوفاء بها. وحتى اللحظة فشلت الفصائل الفلسطينية
العلمانية والإسلامية والدول العربية في تحقيق أي انكشاف حقيقي لإسرائيل مثلما نجح حزب الله في ذلك خلال
حرب تموز 2006 . وهذا مؤشر على أن دخول القاعدة للمنطقة ربما يكون مرهونا بتحقيق المزيد من
الانكشاف العسكري والأمني لإسرائيل. لكن ثمة شرط آخر وهو ضرورة انكشاف حزب الله وإزاحته عن
الواجهة عبر إظهار تغوله على الدولة والمجتمع في لبنان كما حصل في فخ سيطرته على بيروت حيث كان
واضحا امتناع القاعدة عن التعقيب على الأحداث وكذا امتناع التيارات السلفية الجهادية عن الدخول في
المعركة ضد الحزب. إذ أن تصاعد التوتر والانقسام الاجتماعي والسياسي واحتقان أهل السنة "غيظا" على
شيعة لبنان؛ كلها مسائل من شأنها أن توفر الأرضية المناسبة لضرب الحزب وإضعافه كي تتسع الساحة لغيره
وكي يتغير مزاج الناس، وفي هذا السياق يستحضرنا تصريح زعيم الحزب الشيخ حسن نصر الله حينما هزئ
من خصومه خلال معركة نهر البارد مع فتح الإسلام وهو يقول: "هل تريدون أن تأتوا لنا بالقاعدة؟".
هذه الآلية بدت واضحة منذ الأيام الأولى لحرب تموز والخطاب الملغوم للظواهري تعليقا على الحرب، فقد
تجنب الظواهري إدانة الحزب حتى لا يقال بأن موقف القاعدة يصب في المحصلة في صالح الموقف الأمريكي
أو الإسرائيلي بشكل مباشر بينما ظهرت ردود الفعل لدى المشايخ والأنصار، حينذاك، على النقيض من
الخطاب. بل أن خطابات القاعدة تجاه حزب الله تنصلت من الطعن في حقيقة الحروب التي يخوضها والخسائر
32
الفادحة التي كبدها لإسرائيل مكتفية بتوصيفها بالحروب الدفاعية كما ورد على لسان بن لادن! وليس
مسرحيات كما يحلو للأنصار أن يصنفوها. ومن الواضح أن القاعدة مصرة على استفزاز حزب الله لخوض
حروب طاحنة ضد إسرائيل علّ وعسى أن "يضرب الله الظالمين بالظالمين".
يبقى القول أن معالجة استراتيجيات الطرفين تنطوي على مفارقات عجيبة تمس حال الأمة ماضيا مثلما
تمس حاضرها في ضوء تحالفاتها الهجينة، ونقصد بهذه الأخيرة غياب التوصيف الدقيق (الشرعي أو السياسي)
للعدو والصديق في هذا المكان أو ذاك. أما السبب الجوهري لمثل هذه المفارقات حيث تختلط الأمور على
العامة فيكمن في غياب المرجعية الشرعية أو السياسية للأمة. هذه المرجعيات الغائبة هي من يتحمل وزر هذا
التخبط. وحتى اللحظة لا شك أن القاعدة لم تنجح، بعد، في التواجد العسكري الحاسم في المنطقة، لكنها بالتأكيد
حققت مكاسب باتت فيها تيارات السلفية الجهادية ظاهرة مرئية وحديث العامة خاصة في فلسطين ولبنان.
وهكذا لا مفر من إعادة النظر فيما سبق واعتبرناه عجلة القاعدة.
  #6  
قديم 11-12-2009, 01:12 AM
رياض123 رياض123 غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
مكان الإقامة: ........
الجنس :
المشاركات: 1,868
افتراضي رد: أمة في خطر

أمة في خطر
استيقظ أيها العالم؛ نحن في حرب
(6)
د. أكرم حجازي
2008/10/7
إذا كان هناك أزمة مالية في العالم فلأنها حرب عالمية وليست مجرد أزمة تضرب النظام الاقتصادي
الرأسمالي برمته ابتداء من رأس المال وانتهاء بالعقيدة اللبرالية وكل منتجاتها من قيم ومفاهيم ومصطلحات
ومعتقدات وموجودات مادية أو معنوية، ولأنها منظومة ربوية شيطانية غير قابلة للحياة إلا لأمد معين لا بد أن
يحين أجلها. وها هو الأجل قد حان، وها هي الأصوات تتعالى، شرقا وغربا، أن لا بديل عن النظام
الاقتصادي الإسلامي بوصفه الوحيد الذي يحول دون الانهيار والدمار.
وفي سياق الأزمة الراهنة تستحضرنا قصة الأديب الإنجليزي الشهير وليام شكسبير في "تاجر البندقية" حين
فضح العقلية الربوية الجشعة لليهود. وجوهر القصة أن تاجرا من مدينة البندقية (فينيسيا) وقع في أزمة تمويل
لتجارته عبر البحار فاستنجد بتاجر يهودي ليقرضه مبلغا من المال. أما اليهودي فاشترط في عقد الإقراض بندا
33
يضمن فيه حقه في الدين في حالة فشل التاجر سداد ما عليه في الوقت المحدد. أما البند فيقضي بحق اليهودي
أن ينتزع قلب التاجر إذا عجز عن السداد لما يحين أوانه. ووافق التاجر الذي تأخرت تجارته عن موعدها بيوم
أو يومين، فما كان من اليهودي إلا أن تقدم للمحكمة مطالبا بالدين. وكاد القاضي يحكم لصالح اليهودي بموجب
العقد بين الطرفين، ولم تنفع كل الوساطات والمداخلات لثني اليهودي عن إشباع رغبته العدوانية، وفي وسط
المعمعة تدخل محامي (محامية)، متنكرا، ليوضح للقاضي أنه لا يمانع في تطبيق الاتفاق الوارد في العقد
بشرط انتزاع قلب التاجر فقط دون إسالة قطرة دم واحدة! وبهذه الطريقة فقط نجا التاجر.
في نعومة أظفارنا كانوا يقولون لنا أن الربا هو أن أعطيك دينارا وترده لي بعد عام دينارين، لكنهم لم
يعلمونا إياه بوصفه قيمة شريرة يمكن أن تتولد عنها منظومة حياة تأكل الأخضر واليابس، وأنها تنذر بش  ر
مستطير، وأنه لا بد أن تمحق من جذورها قبل أن تستفحل وتمحقنا. لهذا قَلّ من تَجّنب الوقوع في الربا رغم
أننا لو تتبعنا آياته في القرآن فسنجد أنها وردت مقرونة بالتوبة أو الحرب أو العذاب أو المحق في الدنيا قبل
الآخرة. أما الأحاديث النبوية فحدث ما استطعت. فقد شبه الرسول صلى الله عليه وسلم المتعامل بأقل درجات
الربا كناكح أمه تحت ستار الكعبة، وحين سئل صلى الله عليه وسلم عن الحلال؟ قال: يذهب. قالوا: والحرام؟
قال: هو وأهله. هذه هي سنة الله في خلقه. فحتى الحلال يذهب فكيف بالحرام؟
لكن هل تتقبل عقلية المرابين الكف عن الجشع والاعتراف بحقوق الغير للخروج من هذا المأزق الذي
أوصلوا البشرية إليه؟ أكاد أجزم أنه من المستحيل عليهم أن يتداركوا الأمر، فهم لم يفعلوا ذلك منذ فجر
تاريخهم ولن يفعلوه اليوم ولن يفعلوه غدا. ولا ريب أن مثل هؤلاء القوم وهذه العقلية وهذا النظام الذي صنعوه
أقرب ما يكون إلى العقلية الفرعونية وفتنة السامر  ي. هذه العقلية انتهت بحرب من الله ورسوله، وانشق البحر،
وانهار الفرعون وأغرق جيشه ونجا موسى عليه السلام ومن معه. وكما علا فرعون في الأرض علت أمريكا
فضلت وأضلت معها خلقا كثيرا، وفسدت وعاثت في الأرض الفساد، وها هي الأزمة تضرب العالم من أقصاه
إلى أقصاه، ولم يعد ثمة فرد إلا وهو مستعبد، ولا دولة إلا وطالها الشرر، وما من مؤسسة إلا ويشوبها الخوف
والرعب من القادم، والكل يترقب ويتهيأ للأسوأ.
لنتعمق قليلا في تداعيات الأزمة على الناس خاصة في اللحظة التي ستعقب انهيار الدولار. فالتدخل
الحكومي الأمريكي هو تدخل لصالح كبار المرابين واللصوص والفاسدين، وكل ما فعلوه لا يتعدى حقيقة كسب
الوقت لترتيب أوضاعهم والخروج ببعض المكاسب قبل الانهيار التام. وبدلا من معالجة المشكلة شرعوا بعقد
المزيد من صفقات الفساد والسمسرة والابتزاز فيما بينهم بعد أن أفقروا الناس وسرقوا مواردهم وثرواتهم
وثروات بلادهم ماضيا وحاضرا ومستقبلا حتى بدؤوا يسرقون أنفسهم. ومن الطريف حقا أن يفرض هؤلاء
اللصوص على الدول الفقيرة التي لا تساوي دبوسا في حجم الاقتصاد العالمي التخلص من القطاع العام فيما
هم يقومون بتأميم القطاعات الخاصة أو، بمعنى أدق، سرقتها. ومن الطريف أن يشيعوا الفساد في العالم
ويبتكروا وسائل شيطانية للسرقة والنصب والاحتيال كالمضاربات المجنونة في بالبورصات المالية ثم يفتحون
34
بنوكهم لاستقبال الأموال المنهوبة والتغطية على عملائهم ممن يدركون أو لا يدركون حقيقة الجريمة التي
يرتكبونها بحق أنفسهم وبلدانهم وأهليهم وعائلاتهم.
أما موجات الغلاء الكاسحة التي هاجموا فيها الأفراد في شتى أنحاء العالم فلم يكن لها ما يبررها سوى
الاستحواذ على لقمة الغالبية الساحقة من الناس، فلم يكن ثمة نقص في الأرز ولا في القمح ولا في الزيوت ولا
في البقوليات ولا في الأدوية ولا في الطاقة ولا في هذه السلعة أو تلك، لكن كان هناك جشع وجنون وترهيب
وتخويف واستعباد وحروب وقتل وتدمير وسلب وتهديد. هكذا انهالوا على العامة من البشر في ليلة مظلمة
برفع أسعار المواد الأساسية التي بالكاد تطعم مليارات الفقراء والجوعى. فلا يستغربن أحد أن الانهيار القادم
من المرجح أن يكون وليد لحظة مفاجئة ودون أية مقدمات قد لا تبقي ولا تذر، ولا يستعجبن أحد إن استيقظ
ووجد ثمن رغيف الخبز عشر دولارات أو ثمن سيارته مائة دولار أو أن المدارس أقفلت أو أن الشوارع تعج
بالفوضى أو .... .
أغلب دول العالم مربوطة بالعملة الأمريكية، وإذا ما انهارت فسيعني ذلك خسائر لا تعويض عنها، ولن
يكون اليورو أو غيره من العملات العالمية أوفر حظا في القيمة، فكلها تتناغم فيما بينها على وقع النظام
الرأسمالي الربوي سواء كان في اليورو أو بالدولار. أما الرأسماليين ذوي الأرصدة المحلية في العالم الثالث
فعليهم أن يتوقعوا أن حالهم سيكون الأسوأ من بين كبار الخاسرين لأن ملايينهم حينها لن تساوي ثمن الورق
الذي طبعت به، ولنا في ذلك أمثلة عديدة في العراق واليمن ولبنان وغيرها من البلدان التي شهدت انهيارات
ضخمة في قيمة عملتها.
لكن كل هذا في كفة ومصير الاتحاد الأمريكي، على وجه الخصوص في كفة أخرى. فما الذي يمكن أن
يحدث إذا ما ذهبت الأزمة بالولايات المتحدة الأمريكية؟ هل ستتفكك أمريكا؟ أم ستنكفئ كدولة عظمى في
أحسن الأحوال؟
يرى الروس من جهتهم وغيرهم أن عصر الهيمنة الأمريكية وّلى إلى غير رجعة، وأن العالم مقدم على
نظام متعدد القوى لكنهم غير واضحين بشأن الموقف من النظام الرأسمالي ذاته فيما إذا كان من الممكن
استمراره على نفس الوتيرة أم أنه بحاجة إلى إصلاح أو إلغاء على طريقة تدخل الدولة مثلا. أما الصينيون
فيراقبون الموقف من الأزمة وكأنها على تخومهم فقط ولن تمسهم رغم خشيتهم من انهيارات الاستثمارات
الرأسمالية التي تعشش في بلادهم بشكل هستيري. فكيف سيعوض الصينيون خسارتهم إذا ما انهارت الرساميل
والاستثمارات الأجنبية؟ وأين سيجدون من يشتري سلعهم الرخيصة التي خلقت اقتصادا عالميا ثالثا لن يعود
بمتناول الفقراء الذين لم يعد لديهم ما ينفقونه حتى على أرخص السلع وأقلها جودة؟ وفيما يتصل باليابانيين فهم
يدركون أنهم في قلب العاصفة، وها هم يضخون مليارات الدولارات لتأمين سيولة كافية في السوق من شأنها
أن تشعر العامة والخاصة منهم بالأمان ولو لبعض الوقت. أليس مجرد ضخ هذه المليارات يعني أن الخوف
35
يتملكهم من شتى الاتجاهات سواء على اقتصادهم أو على استثماراتهم في الولايات المتحدة؟ وعلى الصعيد
الأوروبي فثمة خطر محدق دفع الاتحاد الأوروبي إلى تخصيص قمة للنظر في الأزمة وتداعياتها التي بدأت
تضرب بشكل مباشر أنظمتها المالية خاصة في بلجيكا وبريطانيا.
إذن العالم في حرب. ويا لها من مفارقة! فما من حرب عالمية فتاكة إلا وكانت الرأسمالية مصدرها والغرب
مسرحا لها. لكن مركز الحرب هذه المرة ومصدرها هي أمريكا وليس ألمانيا ولا اليابان ولا بريطانيا أو
فرنسا. وهاتان الأخيرتان لم تعودا سيدتا العالم، أما ألمانيا واليابان فقد أخرجتا من حيز التهديد العسكري
لغيرهما. فهل ستخرج الولايات المتحدة؟
بالتأكيد ليست الولايات المتحدة فوق الانهيار، ومن يعتقد بأنها محصنة أو معصومة فهو يعيش في كوكب
آخر وخارج التاريخ والزمن والسنن. ولا شك أن الفرق بين انهيارها والاتحاد السوفيتي كبير. ولنبدأ بضبط
سمات الأخيرة. فالاتحاد السوفياتي كان دولة عظمى لها مركز ضخم تدور في فلكه بقية الدول، فكان من
السهل أن ترث روسيا هذه الدولة بدعم عالمي واعتراف غير منقوص ولا حتى محل جدل. وبالتالي أمكن
استيعاب الاتحاد السوفييتي عسكريا واقتصاديا بسلاسة ورّقة منقطعة النظير في إطار النظام الدولي القائم بكل
ما يشتمل عليه من مؤسسات وعلاقات قوة.
أما فيما يتعلق بالولايات المتحدة فالموقف مختلف بشكل جذري. فإذا ما استوعب العالم انهيار أمريكا فقد
تظل قوة عظمى منكفئة على نفسها دون أن يكون لها تأثيرا عالميا كبيرا. لكنها أقرب إلى التفكك من التوحد.
فهي ليست مركزا للاتحاد الذي نشأ أصلا بالقوة والحروب فيما أسمي بالعالم الجديد. بمعنى أن الولايات
المتحدة تشبه إسرائيل من حيث النشأة إلى حد كبير، فهي دولة لقيطة ليس لها تاريخ ولا حضارة متصلة ولا
تعبر عن قومية أو عرق معين ولا تتمتع بأي أمان جغرافي كما هو الحال بالنسبة للاتحاد السوفيتي حيث مثلت
روسيا عمقه الجغرافي والحضاري الآمن منذ فجر التاريخ. وكل ما لديها هو الرأسمال وقيم السوق، ولما ينهار
السوق فمن الطبيعي أن تنهار قيمه ومؤسساته وبناه وكل منظومات العلاقات المرتبطة به.
كما أن الاتحاد الأمريكي مكون حتى هذه اللحظة من ولايات تشبه الدول المستقلة، وإذا ما ظهرت بوادر
الانهيار في الاتحاد فستكون ولاياته قابلة للتفكك أكثر مما هي قابلة للتوحد، إذ قد تعمد كل ولاية إلى النجاة
بنفسها، أو قد تغريها ذات القيم الرأسمالية بالانحياز إلى مبدأ الربح والخسارة في تقرير مصيرها. وحتى هذه
الولايات ليست محصنة من التفكك ذاته الذي يتهدد الاتحاد.
الغريب أن أغلب كتاب العالم يتحدثون عن انهيار اقتصادي أمريكي، وقلما يتحدثون عن تداعيات مثل هذا
الانهيار، وكأن الولايات المتحدة هي بريطانيا أو اليابان أو الصين! والحقيقة أن الخوف ليس من الانهيار بقدر
ما هو في تداعياته وآثاره، وقد لا يسمح العالم في تفكك أمريكا، لكن إذا ما تفككت فمن الذي سيرثها؟
36
إننا نطرح السؤال في ضوء الهيمنة والنفوذ الأمريكيين خارج الاتحاد وخارج القارة. فثمة جيوش جرارة
في شتى بقاع الأرض ابتداء من القوى العسكرية المدمرة ومرورا بالجواسيس والساسة وقوى الضغط وانتهاء
بالمرتزقة والمرتهنين بمصير البلاد، وثمة اقتصاد أمريكي في الخارج، ولأنه لا وجود لوريث شرعي فسيكون
حتما ثمة طامعين بالوراثة، وثمة ديمغرافيا أمريكية، وثمة .... فما هي مرجعية هؤلاء إذا ما دبت الفوضى
في الاتحاد أو شارف على التفكك أو تفكك فعلا؟ وكيف سيتصرفون؟ وبأي أمر سيأتمرون؟ وكيف ستتعامل
القوى العالمية مع التفكك الأمريكي؟ وما هو مصير إسرائيل؟ هل ستصمد؟ أو تبحث عمن يتبناها؟ أم ستتفكك؟
لا شك أن البشرية إزاء كارثة، والفائز من يحسن القراءة، أما أولئك الذين يصرون على دفن رؤوسهم في
الرمال مراهنين على مرور العاصفة فقد لا سيستطيعون رفعها ثانية لأن كمية الرمال قد تكون كافية لدفنهم
إلى الأبد.
http://www.almoraqeb.net/main/mobile...show-id-30.htm
  #7  
قديم 11-12-2009, 02:08 AM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,416
الدولة : Morocco
افتراضي رد: أمة في خطر

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

بارك الله فيك أخي رياض123

نقل موفق وشرح دقيق.

جزاك الله خيرا ونفع بك.

في حفظ الله.
  #8  
قديم 30-12-2009, 09:29 PM
رياض123 رياض123 غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
مكان الإقامة: ........
الجنس :
المشاركات: 1,868
افتراضي رد: أمة في خطر


وفيك بارك الله اخي

  #9  
قديم 31-12-2009, 09:16 PM
الصورة الرمزية شبل المسجد
شبل المسجد شبل المسجد غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
مكان الإقامة: فلسطــــــــ غزة الصمود ــــــــــــــــين
الجنس :
المشاركات: 818
الدولة : Palestine
افتراضي رد: أمة في خطر

لا حول ولا قوة إلا بالله
اللهم سخر لهذه الأمة قائداً
يعيد لهذه الأمة مجدها التليد
وكرامتها المسلوبة
اللهم آمين
مشكور أخي رياض 123
وبارك الله فيك
وجزاك الله فيك
__________________


سر على بركة الله شيخنا
لا يضرك أذى المنافقين والمتخاذلين
  #10  
قديم 14-09-2010, 04:11 AM
الصورة الرمزية غراس الجنه
غراس الجنه غراس الجنه غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: May 2010
مكان الإقامة: الدولة الإسلامية في العراق والشام
الجنس :
المشاركات: 4,283
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أمة في خطر

جزاكم الله خيرا....
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 171.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 166.11 كيلو بايت... تم توفير 5.62 كيلو بايت...بمعدل (3.27%)]