المريض والمعصية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         يقظة الضمير المؤمن وموت قلب الفاجر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 43 - عددالزوار : 10488 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 42 - عددالزوار : 9692 )           »          استقلال مالي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          أخلاق عالية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الانتقام للنفس منقصة، ولله كمال وإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          البشريات العشر الثالثة للتائبين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          العالم المؤرخ المحقق جوزف فون هَمَر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الإسلام في أفريقيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 307 )           »          الدعاء والذكر عند قراءة القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 594 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 16-03-2009, 12:19 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,882
الدولة : Egypt
افتراضي المريض والمعصية

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


المريض والمعصية


ذهبت يوماً لزيارة أحد المرضى .. قد أصيب بمرض خطير ..

كان المرض متمكناً منه .. وقد ضعف جسمه .. ورق عظمه .. وذبل جلده ..

وكان بعض الأصحاب قد أخبرني أن الطبيب أسرَّ إليه بأن نهايته تبدو قريبة .. والعلم عند الله وحده ..

أقبلت أمشي بهدوء إلى غرفته .. وأنا أنتظر أن يستقبلني صوت قراءة القرآن .. وأن أرى سجادة الصلاة مفروشة .. وأن أراه منكسراً مقبلاً على الله ..

طرقت الباب .. فأذن لي بالدخول .. وهو لا يدري من أنا ..

دخلت إلى غرفته .. هدوء قاتل .. ونور خافت ..

كانت الغرفة أشبه بالمقبرة .. المرآة قد غطيت بملاءة بيضاء .. حتى لا يرى نفسه وينتبه لتساقط شعره فيذكر مرضه ..

رآني فتهيأ للجلوس على سريره ..

كان عنده مجموعة من أصدقائه .. أكبر همهم أن ينسوه مرضه ..

يظنون أن أكبر خدمة يقدمونها إليه .. أن يضحكوه .. نعم .. يضحكوه .. ويضحكوه فقط ..
كان الشاب يضحك فعلاً .. أو يتظاهر بالضحك .. لا أدري !!

وقد نسي أن صحيفة عمله تطوى في كل لحظة .. وأن أكثر أجهزة جسمه قد تعطل عن العمل .. وأنه في أي لحظة يمكن أن يموت ..

عندما جلست .. قام أحدهم إلى التلفاز وخفض من صوت الأغنية ..

أحسست أنهم يشعرون بأني ثقيل .. أفسدت عليهم سهرتهم ..

لا حول ولا قوة إلا بالله .. ما أقسى هذه القلوب ..

جعلت أتلفت في أنحاء الغرفة .. تمنيت أن أرى مصحفاً .. سجادة صلاة .. مسجلاً وأشرطة قرآن .. لكني مع الأسف الشديد .. لم ألحظ من ذلك شيئاً ..

كل ما هنالك مجلات ..

إحداها على غلافها صورة ملكة جمال فرنسا ..

وأخرى على غلافها صورة أحد المطربين .. أذكر أني رأيت صورته يوماً في إحدى الجرائد .. ومجلة ثالثة عن الرياضة والشباب .. ورابعة ..

وكلها بجانبه .. ويبدو من أوراقها أنه قد تصفحها مراراً ..


في الحقيقة .. كدت أبكي وأنا أنظر إليه .. بل كنت أدافع دمعة ترقرقت في عيني مراراً ..

أصحابه حاولوا جاهدين أن يشركوني في الضحك .. كنت أجاملهم وأتبسم ..

جعل أحد أصحابه يتذكر موقفاً طريفاً .. سمع أنه وقع لي في محاضرة .. أو خلال لقاء تلفزيوني .. ليضحكه .. ويضحكني .. كان المسكين يظن نفسه خفيف الظل فجعل يطرح الكلام والتعليقات السخيفة على الآخرين .. في الحقيقة كان ثقيل الدم جداً .. لا تكاد تحتمله وهو ساكت .. فكيف إذا تكلم ..

كنت أنظر إليه متكلفاً التبسم وأقول في نفسي .. آآآآه مااااا أصبرهم عليه ..

لم أحتمل مجلسهم .. واستأذنت خارجاً ..

مشيت في ممر المستشفى خطوات .. فلما كدت أن أبلغ الباب .. قلت في نفسي .. لا يجوز أن أذهب حتى أصدقه النصح .. فلعل لقائي هذا يكون الأخير .. وكان ظني صحيحاً فقد صار اللقاء الأخير ..

رجعت إليه .. طرقت الباب ودخلت .. استأذنت أصحابه أن يدعوني معه برهة ..

خرجوا وأغلقوا الباب بهدوء .. بقيت أنا وياسر .. أحدّ بصره إليَّ .. أظن أنه عرف ما سأقول ..

قلت له بكل صراحة : ياسر .. لا وقت للمجاملة ..

تعلم أنك من أحب الناس إليّ .. وما زرتك وتركت أشغالي إلا شوقاً إليك ..

سمعت بمرضك ففجعت .. وأظن أن حزني عليك لا يقل عن حزنك على نفسك .. ولئن كنت تبكي على نفسك دمعاً .. فإني أبكي عليك دماً ..

خفض رأسه .. وبكى .. فخنقتني العبرة ..


قلت : ياسر .. دخلت عليك وأنا أعرفك .. ظننت أني سأراك على سجادتك .. أو بين يدي مصحفك .. فإذا أنت كرجل موعود بالخلود ..

ياسر .. قد أخبرك الطبيب باستفحال مرضك .. وأن أيامك في الدنيا قد تكون معدودة .. ولا أدري هل تصلي معنا الجمعة القادمة .. أم نصلي عليك ..

ازداد بكاؤه ..

ياسر .. حريٌّ بمن تطوى صحيفة عمله .. وتعد عليه أنفاس حياته .. - ومن يدري لعل كلانا كذلك - .. حريٌ به أن يتقرب إلى ربه بما يستطيع .. فضلاً عن ترك المحرمات ..
وإذا كان الصحيح المعافى مأمور بحب الله وطاعته .. فكيف بالمريض السقيم ..
ياسر .. أين ما كنت أحدثك به من قبل .. حول الدعاء والاستغفار .. والذكر ..
ياسر .. أين رقة قلبك .. ولطف تعبدك الذي عرفته فيك ..
ياسر .. أين الشجاعة والبطولة التي عهدتك عليها .. أين قولك يوماً : لا بد للمرء أن يبصق في وجه الشيطان ولا يلتفت إلى وسوسته ..
كيف تبعد عن الله في شدة حاجتك إليه !!

ازداد بكاؤه .. واسيته بكلمات ثناء ..


ثم خرجت من عنده .. وبعد ثلاثة أيام صلينا عليه .. رحمه الله ورفع درجته .. آمين ..



كان هذا من كتاب


عاشِقٌ ..


في غرفة العمليات !!



د.محمد بن عبد الرحمن العريفي

منقول
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 123.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 121.38 كيلو بايت... تم توفير 1.68 كيلو بايت...بمعدل (1.36%)]