|
الحدث واخبار المسلمين في العالم قسم يعرض آخر الاخبار المحلية والعالمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() يعيش العالم الإسلامي اليوم مرحلة من أسوأ مراحله التاريخية، إن لم تكن أسوأ ما مرّ به في تاريخه كله، فالأزمات الماضية لم تكن تصيب الأمة كلها في وقت واحد في كل بقاع الأرض كما هو الحال في هذه المرة، ولم يكن الذل والهوان والضياع يشمل الأمة الإسلامية كلها كما يشملها في هذه المرة. وإذا كانت نكبة الأندلس – مثلاً - تعتبر أسوأ ما مرّ بالمسلمين في القرون الماضية، فنكبة فلسطين أسوأ، فحينما كان ظلُّ المسلمين يتقلّص عن الأندلس كانت الدولة العثمانية تقتحم القسطنطينية وتجعل منها عاصمة الخلافة الإسلامية، ثم تتوغل بجيوشها في أوربا حتى تصل إلى فيينا. أما نكبة فلسطين فإنها تحدث وظلُّ المسلمين منحسر في كل أرض، والمذابح لا تكف عنهم في كل مكان،في العراق, في الفلبين، في الحبشة، في أرتيريا، في تشاد في الصومال، في نيجريا، في الهند، في أفغانستان، في الشيشان، والمؤامرات تُحاك للإسلام والمسلمين على نطاق القوى الدولية كلها مجتمعة، والعالم الإسلامي يفتت ثم يعود ثم فيفتت، وتقوم المحاولة لإقامة دول لغير المسلمين في الأرض الإسلامية تقتطع في كل مرة جزءاً من أرض الإسلام، وتستعبد من يبقى فيها من المسلمين، والدعاة المسلمون يقتلون ويعذبون أبشع تعذيب في التاريخ على يد حكومات تناوئ الدعوة الإسلامية، وترفض أن تحكم المسلمين بشريعة الله، هذا هو الوضع السيئ الذي يعيشه العالم الإسلامي اليوم بغير شبيه له في التاريخ. لكن: ماذا بعد أن وصلت الأمور إلى هذه الصورة؟!. هل ستستمر الأمة على هذا الضعف المهين والذل المرير؟!. والجواب على هذا السؤال: إن الله جل جلاله قد تكفّل بإخراج الصحوة الإسلامية إلى الوجود (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) [سورة يوسف، الآية :22] فهي قدر الله الغالب، الذي ستخرج به هذه الأمة – بإذن الله - من حالة الضياع التي تكتنفها، إلى الاستقامة على الطريق، والقيام بدور جديد في حياتها، تنقذ به نفسها مما وقعت فيه من الهوان والذل، والشتات والتيه، وتطلق في الوقت ذاته بصيصاً من النور للبشرية الحائرة لعلها تهتدي إلى الطريق. ورغم أنّ طريق الصحوة ذاتها مملوء بالعقبات، والعثرات، والوحوش الضارية التي تتلقف السائرين فيه لتفتك بهم، فبقدر من الله ماضٍ، فالصحوة إلى غايتها – بإذن الله - لا يقف في طريقها شيء، قال الله جل جلاله: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ). [سورة الأنفال، الآية: 59]. ومع صدق وعد الله تظلّ الأمة بحاجة - جد والله ماسة - لأن تتعرف على عثرات الطريق وعقباته لكيلا تتعثر، كما لابد أن تعرف طبيعة هذه الوحوش، وطبيعة المعركة وميادينها، والعدة التي تكفل النصر على أعداء الله، فإنّ أولئك الأعداء يتربصون بالأمة، فقد قال سبحانه: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ). [سورة البقرة، الآية:120]. وقال أيضاً: (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ). [سورة البقرة، الآية: 217]. ومن هذا المنطلق، فينبغي أولاً أن تدرك الأمة جيداً أنّ المعركة هي معركة الأمة جميعاً مع أعدائها جميعاً، فحيثما كان الأعداء، وحيثما كان الإسلام فالخصومة قائمة أصلاً، ومقتضى ذلك أن نعلم أن النصر لن يتم والأعداء ينفردون بجماعات منعزلة هنا وهناك، ولكنه - بتوفيق الله - يتم حين تصبح المعركة باسم الأمة جميعاً وحين تحمل الأمة حقيقة الإسلام لا صورته. وينبغي أن تدرك الأمة جيدا أن المعركة ليست بين فريق وفريق، أو بين شعب ضد شعب آخر، إنما هي معركة بين عقيدة وعقيدة، وبين منهجين متضادين!. لقد أدرك أعداؤنا أن سر قوة المسلمين وانتصارهم يكمن في تمسكهم بإسلامهم، واعتزازهم بدينهم واعتصامهم بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ، ولذا حاولوا جاهدين تغييب الإسلام عن المعركة، فقد جاء في صحيفة من صحف اليهود مقالا جاء فيه : "إنّ على وسائل إعلامنا أن لا تنسى حقيقة مهمة، هي جزء من إستراتيجية إسرائيل في حربها مع العرب، وهي أننا قد نجحنا بجهودنا وجهود أصدقائنا في إبعاد الإسلام عن معركتنا مع العرب طوال الثلاثين عاماً، ويجب أن يبقى الإسلام بعيداً عن المعركة إلى الأبد، ولذا يجب ألا نغفل لحظة واحدة عن تنفيذ خطتنا في منع استيقاظ الروح الإسلامية بأيّ شكل وبأي أسلوب". ولم يدخر الأعداء جهداً في إثارة الشعارات القومية والوطنية، فعندما كان هتافنا (أمجاد يا عرب أمجاد) لم تنصرنا أمجاد العرب، لأن مجد العرب ولد يوم ولد محمد صلى الله عليه وسلم، فلولا مبعث محمد عليه الصلاة والسلام لم يكن للعرب إلا المعلقات، والمعارك بين القبائل، وتلك أمورٌ لم تبنِ مجداً، ولا خلدت ذكراً، فلم تسمع بها روما ولا مدائن كسرى، لكنها سمعت بمحمد وأصحاب محمد لما جاء بالإسلام، الذي جعلهم سادة الأرض وأساتذة الدنيا. وأمر ثالث ينبغي أن تدركه الأمة جيداً، وهو أن دول الكفر تواجه الإسلام اليوم وهي في قمة حضارتها المادية، وقمة افتتانها بتلك الحضارة، والمسلمون في درجة شديدة من التخلف في هذا المجال، ومقتضى ذلك أن يواجه المسلمون تلك الحضارة بمثل ما واجه المسلمون الأوائل الحضارة الفارسية والرومية وهما في أوج تمكنهما المادي. لقد تمت المواجهة الأولى بين الإسلام وأهل الجاهلية والمسلمون يكادون يكونون مجردين من أدوات الحضارة المادية وتنظيماتها، بينما الدولتان العظيمتان يومئذ في قمة من قمم الحضارة المادية والتنظيمية لم يكن قد بلغها أحد قبلهم في ذلك التاريخ، ومع ذلكم انتصر الإسلام، وبحسب السنن الجارية، لا بسنة خارقة - وإن كانت هذه وتلك جميعا تتم بقدر من الله - فمن سنن الله الجارية أن ينتفش الباطل في غيبة الحق، فإذا جاء الحق زهق الباطل: (وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً). [سورة الإسراء، الآية: 81]. ومن سنن الله الجارية أن يتدافع الحق والباطل ليتم إنقاذ الأرض من الفساد: (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ). [سورة البقرة، الآية: 251]. ولن يكون شيء من هذا نزهة جميلة، فالطريق وعر ومحفوف بالمخاوف، يسقط فيه شهيد تلو شهيد: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ). [سورة آل عمران، الآية: 139- 142]. وفي النهاية ينصر الله جنده ويمكن لهم في الأرض حسب وعده سبحانه: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً). [سورة النور، الآية: 55]. وبطبيعة الحال فنحن لا نعلم كيف يكون التمكين، ولكنا نستشف من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بعض الملامح لهذا التمكين، فاليهود اليوم هم المسيطرون في الأرض وهم الذين يرسمون سياسة العالم، وهم الذين يخططون ضد الإسلام والمسلمين بالتعاون الوثيق مع الصليبية، وبصفة خاصة في المنطقة المحيطة بإسرائيل. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر يا مسلم؛ يا عبد الله، هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله". [أخرجه مسلم]. واليهود يعرفون هذا الحديث ويؤمنون به فقد ورد في آخره: "إلا الغرقد فهو من شجر اليهود". وهم يجتهدون في غرس اليوم شجر الغرقد حول بيوتهم في فلسطين إيماناً منهم بصحة الحديث. فهناك معركة حاسمة بين المسلمين واليهود، وسيستظل المسلمون فيها براية لا إله إلا الله، لا بالعروبة، ولا بالقومية، ولا بالتراب الوطني! وسينتصر المسلمون فيها نصرا حاسماً بتقدير الله، ويكون هذا من الأحداث المهمّة التي ستغيّر وجه التاريخ. ومن وحي النبوة يقول الرسول عليه الصلاة والسلام وهو يستعرض التاريخ المقبل للأمة الإسلامية: "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إن شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا جبريا فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت". [رواه أحمد عن حذيفة بن اليمان]. فمن ذلك نستشفُّ أنّ هناك فترة مقبلة في حياة المسلمين، يستظلون فيها بخلافة راشدة على منهاج النبوة، وتزول فيها الغربة التي يعانيها الإسلام اليوم، وتعود فيها الأمة إلى التمكين. ولكن متى تكون هذه الفترة تحديداً؟!. والجواب: هذا غيبٌ، لا يستطيع بشر أن يتكهن به!. إنما نقول فقط: إنها بشائر على الطريق، فإن علم الله في قلوب هذه الأمة إخلاصها وتجرّدها وصدق إيمانها وصلابة عودها، فسيقوّم لها طريقها، ويعينها على أداء مهمتها، وإلا فسيبدّلها: (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ). [سورة محمد، الآية: 38]. |
#2
|
||||
|
||||
![]() السلام عليكم ورحمة الله اخى مطلق موضوع جميل وملفت وهذه مداخلتى ووجهة نظرى قراتهاا من احدى المصادر (من أخوات طريق الإسلام) "إِذَا جَاء نَصْرُاللَّه وَالْفَتْحُ (1)وَرَأَيْت النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا(3)" [سورة النصر] الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ليس ثمة ما يسيء ويحزن إلا أن ترى الواقع المؤسف للمسلمين والآلام تتقاذفهم يوماً بعد يوم، وحين الخوض في مثل هذه المَعْمَعَات ينتاب الإنسان المحب لدينه وأمته حزن يكاد يفيض كلما تراءت له الأحداث؛ ومع ذلك فلا يزال هناك أمل يطل من بعيد يعلن وفي وضح من النهار أن النصر للإسلام وأن المستقبل لهذا الدين مهما ادْلَهَمَّت خطوب واسْتَأْسَدت فئران. كم من فِطَرٍ انتكست، وكم من أمَم ذلَّت لمصادمتها مع الدين الحق والفطرة الحقيقية؛ وإلا كيف أغرق فرعون وهو من هو في ادعاء الألوهية، وكيف خسف بقارون والمال والجاه تحت سيطرته وسيادته؛ فهل فكّر عاقل أين هم من زمننا هذا؟! وهكذا مضت سنة من الله في الأرض أن الدين لله، وأن العاقبة للمتقين. وتمضي السنة الربانية، ويخلف الرسول عدول ثقات حملوا هم الرسالة، وبلّغوا الأمانة؛ فليس لها ثمّ إلا الصحب الكرام، وتتوالى تباشير النصر؛ ويريد الله لدينه أن يمضي، ولِحَمَلة الرسالة أن يُمْتحنوا. ومن هنا يعكس المسلم دوره ورسالته الحقيقية، وأما اللاَّهي والسادِر في ملذات الشهوة ووحْل الغَيّ فلا أقل من أن يعيش صغيراً ويموت حقيراً. وهانحن نرى اليوم ما يؤكّد أن الإسلام هو الرسالة العالمية، فأعداد الذين يدخلون في دين الله أفواجاً من الأديان الأخرى يفوق الوصف، ويَذْهَل له أهل الديانات أنفسهم... فما السر العجيب في هذا الدين يا ترى؟! ليس هناك ثمة سر؛ ولكن صِدْق هذه الرسالة لأنها من عند الله يؤهلها لأن تبقى وتمضي إلى قيام الساعة؛ ولو كره الكافرون؛ وأَزْبَد الملحدون. الإسلام دين ودنيا، ومنهج حياة، وتواصل أخروي، فهل جمعت أفكار وأطروحات ما جمعته رسالة السماء؟ أجزم بأن لا والله والحق أوضح مما أؤكد، فهل يعِي المسلم دوره في الحياة، ويعِي رسالته، والأمانة التي تبرأت منها السماوات والأرض والجبال وحملها هذا الظالم لنفسه؟ فليس من فِكَاك بغير عمل واتباع. (1) لقد كانت هذه الخصائص في هذا الدين.. خصائص الشمول والواقعية والهيمنة.. هي التي تعبت منها الصليبية العالمية في هجومها على (الأمة المسلمة) في (الوطن الإسلامي). كما أنها هي التي تعبت منها الصهيونية العالمية كذلك، منذ عهد بعيد! وبعد أن أفلحت تلك الجهود الجبارة؛ ونالت انتصارها الحاسم على يد (أتاتورك)-البطل!!!- في إلغاء الخلافة الإسلامية؛ وفصل الدين عن الدولة؛ وإعلانها دولة (علمانية) خالصة. عقب محاولات ضخمة بذلت في شتى أقطار (الأمة المسلمة) في (الوطن الإسلامي) التي وقعت في قبضة الاستعمار قبل ذلك، لزحزحة الشريعة الإسلامية عن أن تكون هي (المصدر الوحيد) للتشريع؛ والاستمداد من التشريع الأوروبي؛ وحصر الشريعة في ذلك الركن الضيق المسدود: ركن ما سموه (الأحوال الشخصية)! بعد أن أفلحت تلك الجهود الضخمة، ونالت انتصارها الحاسم على يد (البطل!!!) أتاتورك.. تحولت إذن إلى الخطوة التالية - أو الموقعة التالية- ممثلة في الجهود النهائية، التي تبذل الآن في شتى أنحاء (الوطن الإسلامي) - او بتعبير أدق الذي كان إسلامياً- لكف هذا الدين عن الوجود أصلاً؛ وتنحيته حتى عن مكان العقيدة، وإحلال تصورات وضعية أخرى مكانه؛ تنبثق منها مفاهيم وقيم، وأنظمة وأوضاع، تملأ فراغ (العقيدة)! وتسمى مثلها.. عقيدة.. ولكننا نعلم كذلك أن هذا الدين أضخم حقيقة، وأصلب عوداً، وأعمق جذوراً، من أن تفلح في معالجته تلك الجهود كلها، ولا هذه الضربات الوحشية كذلك. كما أننا نعلم أن حاجة البشرية إلى هذا المنهج أكبر من حقد الحاقدين على هذا الدين؛ وهي تتردى بسرعة مخيفة في هاوية الدمار السحيقة؛ ويتنادى الواعون منها بصيحة الخطر، ويتلمسون لها طريق النجاة.. ولا نجاة إلا بالرجوع إلى الله.. وإلى منهجه القويم للحياة. (2) إننا نميل إلى شيء يعفينا من العمل, والتفكير في المشكلات خاصة: إذا ادلهمت الأحداث واحلولك الظلام، وحينئذ يحس الإنسان أنه يجب أن ينتظر وافداً من خارجه يجلو الله تعالى به عنه المحنة والغمة. وهذه لاشك: آية العجز، والفتور، وضعف الهمة؛ فنحن لسنا مطالبين بأن نجلس ننتظر مجيء المهدي، أو مجيء عيسى ابن مريم عليه السلام. لاشك أننا نؤمن بنزول عيسى، والأحاديث فيه متواترة، ودلالة القرآن عليه ظاهرة. وكذلك نؤمن بخروج المهدي في آخر الزمان والأحاديث فيه كثيرة، صرح جماعة من العلماء أيضاً بأنها: متواترة، لكن ليس في النصوص الشرعية ما يدل على أننا نتعبد بانتظار هذا أو ذاك؛ بل هذا مهرب نفسي لطيف نلوذ به، ونلبي به رغبة في نفوسنا تدعو إلى تجنب دراسة المشكلات والتفكير في حلها, وتعليقها على أمر من الخارج. نحن متعبدون بدراسة أمورنا دراسة صحيحة، والنظر في واقعنا نظراً سليماً، والبحث عن مخرج، وبذل الوسع، وترك ماسوى ذلك لله عز وجل, فهو الذي يحكم في أمر الغيب بما يشاء... بل أقول:حتى هؤلاء الموعود بهم: كالمسيح عيسى بن مريم عليه السلام والمهدي ليسوا ينزلون على أمة منهكة, متهالكة, متآكلة؛ بل ينزلون على أمة يجدر بها أن يقودها مثلهم... وكما أن الله عز وجل ذكر في كتابه أنه: يولي بعض الظالمين بعضاً؛ فكذلك هو يولي بعض الصالحين بعضاً؛ فمتى كانت الأمة فيها صلاح وخير، وقوة وجدارة؛ قيض الله لها من يحكمها ممن يكون مهدياً، ولو لم يكن هو المهدي المنصوص عليه في الأحاديث, لكن يكون مهتدياً بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم. سؤال يطرح نفسه: هل يدرس المسلمون أحوال الماضي؛ لأن المستقبل يولد من رحم الماضي؛ فهل نحن ندرس أحداث الماضي دراسة صحيحة؟ العقد الماضي مثلاً: أين الدراسات التي تحدثت عن مكتسبات الإسلام فيه، أو خسائر الأمة الإسلامية… عن الخطأ والصواب… عن الصحيح من غيره؟ أين الدراسات التي تقوّم أعمال المسلمين خلال العقود الماضية، وتحاول أن تضع النقاط على الحروف؛ لتبين ما هو خطأ يجب أن يصحح، وما هو صواب يجب أن يستمر؟ في الواقع لا يزال المسلمون تسيرهم عواطف تحركهم نحو أحداث الحاضر بدون وعي؛ فهم يغرقون بمشكلات الحاضر؛ فلا يفكرون في جذورها لإزالتها، ولا يفكرون في حلولها المستقبلية، وهذا مثال: إنسان يصيبه مرض فيبحث عما يسكنه, ولايفكر في أسباب هذا المرض, إنما يفكر في لحظته الحاضرة. مما يزيد من الاضطراب في نظرة المسلمين إلى مستقبلهم، وواقعهم، وماضيهم أمور: أولاً: عدم تحديد الأهداف بدقة: وهذه مشكلة يعانيها المسلم على المستوى الفردي, و الجماعي؛ ففي تصور كثير من الدعاة إلى الله عز وجل أن الهدف يتلخص فيما يسمونه: بالحل العسكري، حركة جهاد تقوم هنا، أو هناك لمجاهدة الكافرين، ثم بعد ذلك تقوم دولة الإسلام، وتبدأ ببسط سلطانها وهيمنتها على الأرض. ولاشك أن الجهاد: ذروة سنام الإسلام، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ] (رواه البخاري، وأحمد). ولا شك أيضاً: أن الجهاد شريعة ماضية إلى قيام الساعة، لا يمنعه فجور الفجار، ولا ظلم الظالمين… لكن الإسلام دين مهيمن على كل شيء، والجهاد يجب أن يكون في جميع الاتجاهات, وفي كل ميدان… في مجال التخصصات العلمية: يجب أن يكون هناك جهاد التخصصات الشرعية، فالعلماء والفقهاء الشرعيون هم الكواكب الذين تسير الأمة على هديهم، وتقتبس من نورهم, ويوم تغيب هذه النجوم؛ فإن الأمة تتيه في صحراء لا هادي لها، ولا دليل فيها؛ ولذلك فإن التخصص في مجال الدراسات الشرعية من ضمن الأهداف التي يجب أن تضعها الأمة في قائمة الأولويات؛ فينبعث من بين شباب الأمة، والصحوة طائفة: (لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (122 سورة التوبة)... التخصصات العلمية الأخرى: الطب, الهندسة، العلوم، الاقتصاد؛ كل هذه تحتاجها الأمة, وتحتاج إلى متخصصين فيها.. تحتاج الدعوة إلى كوكبة من المتخصصين يصدقون ما يقوله العالم الشرعي؛ فإذا قال العالم الشرعي: الكلام والحكم كذا وكذا؛ قال له الطبيب: صدقت، وقال له المهندس: صدقت، وقال له الاقتصادي: صدقت، وقال له المتخصص في كل مجال: صدقت... حتى ليقول العلماني, عدو الإسلام حين يرى أن الأصوات تنادت عليه من كل مكان تؤيد، وتصدق ما قاله عالم الشرع ـ كما قال أبوجهل ـ : هذا أمر قضي بليل... ومن خلال وجود هؤلاء المتخصصين الذين نذروا أنفسهم في كل ميدان، واعتبروا أنفسهم مصدقين لكلمة الشرع؛ نستطيع أن نغير هذا الواقع تغييراً عملياً، فإذا قال عالم الشرع كلمته في تحريم الاختلاط مثلاً، أو تحريم التبرج، السفور؛ وجدنا أنه ينبري كوكبة من الأطباء ـ مثلاً ـ ليقوموا عملياً بفصل تطبيب الرجال عن تطبيب النساء، فهذه كوكبة من الأطباء أفلحت ونجحت في إقامة مستشفى خاص بالنساء، طاقم المستشفى من ألفه إلى يائه: طاقم نسائي، ويثبت للناس عملياً أن هذا ممكن، وليس مستحيلاً... قل مثل ذلك في مجال الاقتصاد مثلاً: كم يتحدث العالم عن الربا وخطره، وضرر إقامه الاقتصاد عليه، وخطر التفاوت الكبير بين الطبقات في توزيع الثروة، ووجوب العدل، وتحريم الظلم... إلى غير ذلك, لكن يبقى الواقع في بعض الأحيان، أو في بعض المجالات بعيداً عن ذلك. فيبقى دور المتخصص في الاقتصاد، وأن يبين من خلال الدراسات، والتقارير الواقعية المبنية على أوضاع العالم الغربي، والبنوك الألاعيب الاقتصادية. فيؤكد صدق ما قاله هذا العالم في واقع الناس، وأنه لابد أن نقيم اقتصادنا على الأسس الإسلامية، وأن نخلصه من لوثة الربا التي ما كانت في شيء إلا أفسدته. طاقات مهدرة: ومما يتعلق أيضاً بقضية التخصص: نجد أن كثيراً من الشباب المتدين أرادوا أن يحطموا خرافة الصراع بين العلم والدين التي كانت موجودة في أوروبا؛ فدخلوا كليات: الطب, الهندسة, التكنولوجيا، الحاسب الآلي... ولكننا بعد ذلك نتساءل: هل نجحنا فعلاً في إقناع الناس بالقضاء على هذه الأسطورة أم فشلنا؟ فوجدنا أننا بعد ذلك نهرب من بعض المجالات، تحت عقدة الخوف من الفشل، أو الشعور بأننا نسير في طريق مسدود، أو أننا يجب أن نتجه اتجاهاً آخر؟ والسؤال الذي يطرح نفسه: هذه التخصصات الكثيرة في بلاد المسلمين ماذا فعلوا لأمة الإسلام؟ ماذا فعلوا للدعوة؟ من المؤسف أن تجد كثيراً من هؤلاء كالأطباء مثلاً - كما تقول الإحصائيات: أنه ما بين ثلاثين إلى خمسين بالمائة (30 – 50 % ) من هؤلاء يعيشون في بلاد الغرب، ومعنى ذلك: أن جهودهم، وتخصصاتهم وإبداعهم يصب في خدمة:حفظ صحة وعافية الكفار، وأن الأمة الإسلامية قد خسرت هذه الطاقات الهائلة الجبارة المتخصصة هذا جانب فيما يتعلق بالتخصصات العلمية. كذلك مما يدخل في هذا الجانب: أن بعض الدول تحتفل منذ سنوات بمرور عشرات السنين على نهاية آخر أمي في تلك الدولة، وفي بعض الدول الإسلامية لا تزال نسبة الأمية فيها تصل أحيانا إلى ثمانين بالمائة( 80% ) و نحن ماذا فعلنا لمحو أمية المسلمين: أمية الحرف يعني: القراءة والكتابة، أو أمية الفكر, والعلم... محو أمية الناس في عقائدهم بحيث يتعلمون مبادئ العقيدة الإسلامية الصحيحة... أمية الناس في معرفة الأحكام الشرعية التي لابد لهم منها... أمية الناس في تعليمهم مبادئ التفكير الصحيح. ماالذي يمنع أن ينبري مجموعة من الدعاة, فيذهبوا لتعليم المسلمين مبادئ القراءة، والكتابة, وقصار السور... مبادئ العقيدة الإسلامية في أي مكان من الأرض، ونعتبر أننا بذلك قدمنا خدمة جليلة للدعوة الإسلامية؟ وفي جميع التخصصات: لابد من الإحسان، والنجاح حتى نضمن للإسلام أرضية خصبة تسير الأحداث بقوة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:[ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَملَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أنْ يتقنه] (رواه البيهقي، وغيره، وسنده حسن) يتقنه ليس فقط من أجل الصنعة،بل يتقنه لوجه الله، وليس فقط من أجل أن يأخذ الناس عنه انطباعاً خيّراً، أو حتى لا ينفض من حوله المشترون، أو الرواد بل هذا الهدف يأتي تبعاً لأنه المؤمن الداعية يتعامل مع الله تعالى حين يقوم بصناعة، أو تخصص أياً كان هذا التخصص حتى لو كان تخصصاً دنيوياً... ونحن نتداول كلمة منقولة عن مالك رضي الله عنه تقول: "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها" ولابد هذه القناعة إلى برنامج علمي، وعملي مفصل من خلال الجهود، والتخصصات السابقة. كيف ننصر الله عز وجل؟ ليس معنى نصر الله هو فقط: أن ننصر الله في معركة حربية لا، ننصر الله؛ بأن نحقق الإسلام في جميع نواحي الحياة: في المجال الفردي، وعلى مستوى الأمة. فإذا فعلنا ذلك كله، وحققنا الإسلام أخيراً في مجال الحرب، فخضنا الحر؛ ينصرنا الله؛ لأننا نصرناه في كافة المجالات, فهذا المجال الأخير، وهو مجال القتال نحتاج فيه إلى عون الله، و نصره؛ لأننا مهما بذلنا لن نكون على مستوى قوة عدونا، فحينئذً ينصرنا الله عز وجل ولذلك قال: [ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) ] (سورة الحج). لقد تثبت الأحداث أحياناً: أن الله تعالى لو منحنا نصراً رخيصاً بسبب حرب، أو قتال ما استطعنا أن نقوم بتكاليف هذا النصر، و تبعاته, و ننصر الله عز وجل بعد ما مكننا، فنقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، ونأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر. وألا نتوقع أننا سنحصل للإسلام على نصر هين، رخيص يتحقق من خلاله معركة نخوضها، ثم نستلم الراية، ونبدأ الفتح, فهذا تصور فيه قرب، و بساطة، و لا يتناسب مع خط سير الأحداث. (3)
__________________
[CENTER] كبرنا وأصبح لنا أصدقاء لا يجمعنا بهم شئ يرحلون بلا ودآع . ولا نعلم سـ يعودون أم لا ! واستراح الشوق منى وانزوى قلبى وحيداً خلف جدران التمني واستكان الحب فى الاعماق نبضاً غاب عني ما هقيت السعادة .. خيالا في خيال كن الحياه ... رافق الجميع .. ولا تتمسك . باحـــد . |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |