أمنية الصحابة (رضي الله عنهم)... رفقة المصطفى (صلى الله عليه وسلم) في الجنة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 349 - عددالزوار : 6401 )           »          مصائد الهلاك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          روّض نفسك على تقبل عظيم الأقدار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          في دائرة علاقتنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          مفهوم العزّة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          عالم التسبيح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          من افتتن بالردود عوقب بالصدود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          مفاتيح خير الدنيا والآخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          عَلِّمْنِي دُعاءً أدْعُو به في صَلاتِي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          ومِن نَصرِ الله ورسوله والمؤمنين: توعيةُ المسلمين وتثبيتهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 05-12-2025, 05:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,189
الدولة : Egypt
افتراضي أمنية الصحابة (رضي الله عنهم)... رفقة المصطفى (صلى الله عليه وسلم) في الجنة

سلسلة بعنوان: كن رفيقَ النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة

أُمنية الصحابة رضي الله عنهم

...رفقة المصطفى صلى الله عليه وسلم في الجنة

د. محمد جمعة الحلبوسي

إن الحمد لله، نحمَده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
تَذَكَّر جَمِيلِي مُذ خلقتُكَ نُطْفَةً
وَلا تَنْسَ تَصْوِيرِي لشَخْصِكَ في الحَشا
وَكُنْ وَاثِقًا بِي في أُمُورِكَ كُلِّها
سأَكْفِيكَ مِنْهَا ما يُخافُ ويُخْتَشَى
وَسَلِّمْ إليَّ الأمرَ واعلَمْ بأنَّني
أُصَرِّفُ أحكَامِي وأَفعَلُ مَا أشا


وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، بلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، وجمع شمل الأمة على كلمة سواءٍ، يا سيدي يا رسول الله:
عَلَّمْتَنا سِرَّ الحَياةِ وَقُدْتَنا
لِلْخَيْرِ وَالتَّوْفِيقِ وَالبَرَكاتِ
جَنَّبْتَنا الزَّلَلَ الكَبيرَ وَصُنْتَنا
مِنْ شَهْوَةٍ تَطْغى وَمِنْ نَزَواتِ


فصلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله الطيبين، وصحبه الغرِّ الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:
فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها المسلم الحبيب: ما هي أغلى أمنية عندك؟ هل تريد أن تكون غنيًّا؟ هل تريد أن يكون عندك بيت واسع، وسيارة فاخرة، ووظيفة مرموقة، وزوجة صالحة؟ نعم، هذه أمنيات جميلة، ولا حرج أن نتمناها، لكنني اليوم لا أسألك عن أمنيات الدنيا، بل عن أعظم أمنية في الآخرة، لماذا كل واحد منا عنده طموح في الدنيا، وعزيمة على الوصول لهدفه، ويسهر الليالي من أجله، ويخطط له بالدقيقة والساعة، أما أمنيات الآخرة فضعيفة جدًّا في قلوبنا؟ لماذا؟

تخيل معي أيها المسلم، لو أن عندك بيتين: أحدهما يُقال لك ستسكنه ساعة واحدة، والآخر ستسكنه ثلاثًا وعشرين ساعة من يومك، أيهما ستعمِّر وتزيِّن وتحرص عليه؟ لا شكَّ أنك ستعتني بالذي تسكنه أكثر الوقت، لكننا في الحقيقة عمَّرنا هذه الدنيا التي لا نسكن فيها إلا ساعة، وخرَّبنا الآخرة التي هي دارنا الأبدية؛ ولذلك قال الله تعالى: ﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ﴾ [غافر: 39]، وقال تعالى في آية أخرى: ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [الأعلى: 16، 17].
النفس تبكي على الدنيا وقد علمَتْ
أن السلامة فيها ترك ما فيها
لا دارَ للمرء بعد الموت يسكنها
إلا التي كان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخيرٍ طاب مسكنه
وإن بناها بشرٍّ خاب بانيها


هذا صحابي من أصحاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، هذا الصحابي لم يكن من كبارِ القادة، ولا من أصحابِ الأموالِ والثروات، ولا من سادةِ قريش، لكنه كان يملكُ كنزًا لا يُقدَّر بثمن، كنزًا لا يُشترى بالذهبِ والفضة، كان يملكُ قلبًا مملوءًا بحبِّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ إنهُ العبدُ الصالح، الخادمُ الأمين، سيدنا ثَوبانُ النبويُّ رضي الله عنه[1]، ذاك الرجلُ الذي ما فارقَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في سفرٍ ولا حضر، في ليلٍ ولا نهار، خدمَهُ ببدنه، وأحبَّهُ بقلبه، وذابت نفسُه شوقًا إليه.

لقد كان سيدنا ثَوبانُ رضي الله عنه يرى في وجهِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم النورَ والهداية، وفي كلامه السَّكينةَ والطمأنينة، وفي قربه الجنةَ والرضوان.

وفي يومٍ من الأيام، دخل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم على صاحبه الأمين ثوبان رضي الله عنه، فإذا به جالسٌ في زاويةٍ من زوايا البيت، قد اغرورقت عيناه بالدموع، وانحدرت على وجنتيه أنهارُ الحزن والوجَل، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرة المحب المشفق، وقال له: ما الذي يبكيك يا ثوبان؟ أَمِن مرضٍ أصابك؟ أم من جوعٍ أنهكك؟ أم من همٍّ في الدنيا أقلقك؟

اسمعوا يا أحباب رسول الله، اسمعوا كيف اشتاقت النفوس إلى رؤياه صلى الله عليه وسلم، وكيف تلهَّفت الأرواح إلى طَلعته البهية، وكيف كانت القلوب تهفو لأن تراه ولو لحظةً واحدة، كان صلى الله عليه وسلم حبيبَ الفقراء، وأنيسَ المساكين، يحبُّهم ويجالسهم، يأكل معهم، ويشاركهم همومهم، ما استراح إلا إذا جلس بين أيديهم، وما اطمأنَّ إلا إذا خالط قلوبهم الطيبة الصافية، ورحِم الله أمير الشعراء أحمد شوقي، حين وصف النبي صلى الله عليه وسلم قائلًا:
لو أن إنسانًا تَخيَّرَ مِلَّةً
ما اختارَ إلا دينَك الفُقراءُ
المصلحون أصابعٌ جُمِعَتْ
يدًا أنتَ بل أنتَ اليدُ البيضاءُ


فقال ثوبان رضي الله عنه بصوتٍ تخنقه العبرات: يا رسول الله، ما بي مرضٌ ولا جوع، ولكني إذا لم أرَك اشتقت إليك، وتذكرت الآخرة، فعلمتُ أنَّك إن دخلتَ الجنة كنتَ في أعلى عليين، مع النبيين والمرسلين، وإن أنا دخلتها كنتُ في منزلةٍ دون منزلتك، فكيف أراك هناك؟ وكيف أهنأ بالجنة دون النظر إليك؟
الله أكبر! هذا هو الحب الصادق:
كلُّ القُلوبِ إلى الحبيبِ تَمِيْلُ
وَمعَيِ بِهذَا شاهدٌ وَدَلِيِلُ
أَمَّا الدَّلِيِلُ إذَا ذَكرتَ محمدًا
صارت دُمُوعَ العَارِفِيْنَ تسيلُ


هذا هو الحب الحقيقي ليس حبًّا تُردِّده الألسنة، بل حبٌّ يسكُن القلوب ويحرِّك الجوارح.

سيدنا ثوبان رضي الله عنه لم يقل: كيف أعيش بلا مال؟ ولم يقل: كيف أعيش بلا منصب ولا وظيفة؟ بل قال: كيف أعيش بلا رؤياك يا رسول الله؟

يا ألله! ما أصفى هذا القلب! وما أصدق تلك المحبة! إذا كان هذا حال سيدنا ثوبان صلى الله عليه وسلم، فكيف حالي وحالك؟ ماذا أقول؟ وماذا تقول أنت؟ هل تشتاق قلوبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما اشتاق ثوبان؟ أين ذاك القلب الذي كان إذا ذُكر الحبيب صلى الله عليه وسلم ارتجف شوقًا، واهتزَّ حبًّا، وانسكبت دموعه تعظيمًا؟

يا ألله! كم من القلوب اليومَ تسمع اسمه، ولا تتحرك! كم من الآذان تسمع الصلاة عليه، ولا تهمس بـ: اللهم صلِّ على سيدنا محمد! فأيُّ حبٍّ هذا؟ وأيُّ ادِّعاءٍ للمحبة بلا اتباعٍ ولا صلاةٍ عليه؟

قال ثوبان رضي الله عنه: يا رسول الله، ما بي مرضٌ ولا جوع، ولكني إذا لم أرَك اشتقت إليك، وتذكرت الآخرة، فعلمتُ أنَّك إن دخلتَ الجنة كنتَ في أعلى عليين، مع النبيين والمرسلين، وإن أنا دخلتها كنتُ في منزلةٍ دون منزلتك، فكيف أراك هناك؟ وكيف أهنأ بالجنة دون النظر إليك؟

وقبل أن ينطق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بكلمة، وقبل أن يجيبه عن سؤاله المفعم بالحب واللوعة، إذا بأمين السماء سيدنا جبريل عليه السلام ينزل يحمل رسالة من رب العزة جلَّ جلاله، رسالة ليست إلى سيدنا ثوبان وحده، بل إلى كل محبٍّ صادقٍ إلى قيام الساعة، تُبشِّره ببشارةٍ لا تنقضي: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69][2]، يا لها من بشارة! يا لها من كرامة!

هذه كانت أمنية الصحابة رضي الله عنهم؛ أن يعيشوا على حبِّ النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يموتوا على رجاء مرافقتِه في الجنة، لم تكن قلوبهم متعلقةً بقصورٍ ولا ذهبٍ ولا دنيا زائلة، بل كانت قلوبهم تهفو إلى وجه الحبيب صلى الله عليه وسلم، إلى مجلسه، إلى نَظْرَته، إلى جِواره في دار الخلد.

والسؤال الآن أيها الأحبة: هل نحمل في قلوبنا تلك الأمنية العظيمة التي حملها سيدنا ثوبان رضي الله عنه؟ هل نسأل الله في سجودنا أن نكون من رفقاء النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة؟ هل خطر في بالنا يومًا: كيف نصل إلى هذه المنزلة؟ وكيف نُزاحِم أصحاب سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم على الحوض؟

أبشِّركم أيها الأحبة؛ فإن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فتح هذا الباب لكل من جاء بعده، لكن بشَرطٍ واحدٍ؛ أن نعمل الأعمال التي تقرِّبنا منه يوم القيامة.

فيا تُرى، ما هي تلك الأعمال؟ ما الذي يجعلُك جليس النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الجنة، ورفيقه في دار الخلود؟ ما الذي يرفعك لتكون معه حيث لا فُراق بعد اليوم؟

في الخُطب القادمة – بإذن الله – سنسافر معًا في رحلةٍ نورانية، نقف عند كل عملٍ من تلك الأعمال، نسمع قصته، ونتأمل فضله، ثم نتعلم كيف نعيشه في واقعنا، حتى نُصبح من رفقاء النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة.

اللهم اجعلنا من رفقاء النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، واحشرنا في زمرته، واسقِنا من يده الشريفة شربةً لا نظمأ بعدها أبدًا، واجمعنا به كما جمعتنا في هذا المسجد على محبتك، بفضلك ومنِّك يا أرحم الراحمين.

[1] سبب تسميته بـ(ثوبان النبوي) فيعود إلى خدمته للنبي صلى الله عليه وسلم وملازمته له في حله وترحاله.

[2] ينظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: (5/ 271)






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 77.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 75.70 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.22%)]