|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() المؤمن بين الخوف والرجاء الشيخ فايز النوبى الإنسان المسلم الواعي الفاهم لدينه، يعيش حياة الوسطية والتوازن والاعتدال في كل أموره حتى في سلوكه وعبادته وصلته بربه عز وجل، يمتلئ قلبه حبا لخالقه ورغبة فيما عنده وخوفا من غضبه وأليم عقابه، وتسلك نفسه طريقاً معتدلاً بين الخوف والرجاء، فلا يظل في خوف دائم فتبقى حياته قلقة ونفسه بائسة يائسة، ولا في رجاء أبدا فيكون منه التفريط، ولكنه بين الخوف والرجاء، بين الرغبة والرهبة وهذا في الحقيقة منهج الأنبياء جميعاً، قال الله عز وجل ![]() يدعون ربهم رغبا ورهبا بين الخوف والرجاء، وهكذا تمضي وتسير حياة المسلم وليس على عينه عصابة وليس في قلبه غشاوة، إنه يمضي ويسير بهذه النفس التي تتجه لربها عزوجل الذى قال ![]() والخوف من الله تعالى ومن عقابه والطمع في رحمته ورجاء ثوابه نوع من أنواع العبادة لأنها من الأخلاق الربانية، ذكر ذلك وبينه شيخنا القرضاوي حفظه الله في كتابه (العبادة في الإسلام). والمسلم كما ذكرنا يجمع بين الأمرين، فلا يغلب جانب الخوف مثل الخوارج الذين يكفرون بالمعاصي، ويقولون بخلود صاحبها في النار، ولا يغلب جانب الرجاء فيكون مثل المرجئة، الذين يزهدون في الأعمال ولا يقيمون لها وزنا، ويقولون لا تضر مع الإيمان معصية وكلاهما خرج عن جادة الصواب والحق وعن عقيدة أهل السنة والجماعة. الاعتماد على الخوف وحده قنوط من رحمة الله (ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون) (إنه لاييأس من روح الله إلا القوم الكافرون). و الاعتماد على الرجاء وحده أمن من مكر الله (أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) والسنة الشريفة وضحت لنا أيضا أن المزج بين الأمرين هو سبيل النجاة ففي حديث أنس الذى رواه الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت، فقال: كيف تجدك؟ قال: أرجو الله يا رسول الله وإني أخاف ذنوبي، فقال صلى الله عليه وسلم :" لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وأمنه مما يخاف" . وقد وصف الله المؤمنين بعمل الصالحات مع خوفهم من ربهم، فقال عزوجل ![]() تقول عائشة رضي الله عنها: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال ![]() وقال الحسن البصري ![]() وذكر الإمام السبكي في طبقات الشافعية الكبرى :أن الأنبياء عليهم السلام يعلمون أنهم مأمونوا العواقب ومع ذلك هم أشد الناس خوفا من ربهم ،والإمام البخاري رحمه الله تعالى بوب في صحيحه (باب الرجاء مع الخوف )وقال ابن حجر في الفتح :أي استحباب ذلك فلا يقطع النظر في الرجاء عن الخوف ،ولا الخوف عن الرجاء ، لئلا يفضى إلى المكر في الأول ،وفي الثاني إلى القنوط ، وكل منهما مذموم والمقصود بالرجاء إن وقع منه تقصير أو ذنب فليحسن ظنه بالله ويرجو أن يمحو الله ذنبه، وكذا من فعل طاعة يرجو قبولها وأما من انهمك في المعصية راجيا عدم المؤاخذة بغير ندم ولا إقلاع، فهذا في غفلة وغرور وصدق القائل :من علامة السعادة أن تطيع وتخاف ألا تقبل، ومن علامة الشقاء أن تعصى وترجو أن تنجو ، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول :لو أعلم أن الله تقبل منى سجدة لكان فرحي بالموت أشد من فرح الأهل بقدوم الغائب، ذلك لقوله تعالى ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() وسلم علي رضي الله عنه من صلاة الفجر يوماً وقد علاه كآبة وهو يقلب يده ويقول ![]() فهؤلاء الأفاضل الأكارم كل منهم بشر بالجنة، وبالرغم من ذلك هكذا كان خوفهم من عذاب الله عز وجل والخوف والرجاء للمؤمن كالجناحين يطير بهما في سماء التعبد، ولابد من تحقيق التكافؤ والتوازن بينهما حتى تستقيم حياته في الدنيا ويفوز بالنعيم في الآخرة وحد الاعتدال كما قال أهل العلم أن تغلب كل جانب عند الحاجة إليه، فالمرء عند كثرة العصيان مع شدة الخوف يحتاج إلى تغليب الرجاء على الخوف أما العصيان مع الأمن فصاحبه بحاجة إلى تغليب الخوف على جانب الرجاء، وقال العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله: السلف استحبوا أن يقوي في الصحة جناح الخوف على جناح الرجاء وعند الخروج من الدنيا يقوي جناح الرجاء على جناح الخوف، وقال: هذه طريقة أبي سليمان وغيره وقال أيضا :ينبغي للقلب أن يغلب عليه الخوف فإذا غلب الرجاء فسد وقال أيضا رحمه الله : القلب في سيره إلى الله بمنزلة الطائر المحبة رأسه والخوف والرجاء جناحاه فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر، وقال غيره: اعتدال الرجاء والخوف وغلبة المحبة فالمحبة هى المركب ،والرجاء حاد والخوف سائق ،والله الموصل بمنه وكرمه، وقال العلامة القرضاوي حفظه الله ![]() ![]() والنفس في الحقيقة لا تستقيم ولا تعتدل إلا بخوف ورجاء، برغبة ورهبة والمؤمن حين يسأل ربه الجنة يسعى لها سعيها اللائق بها، ويرجو رحمة ربه، أما إذا كانت الأسباب غير موجودة ويسأل الجنة فهو حمق وغرور) وكان بعض السلف يقول: رجاؤك لرحمة من لا تطيعه من الخذلان والحمق وكان الحسن يقول: ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل وإن قوماً غرتهم الأماني ذهبوا ولا حسنة لهم، وقالوا: نحسن الظن بالله وكذبوا لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل. وكان أيضاً يقول: ادعى قوم محبة الله فابتلاهم الله بهذه الآية ![]() فالأماني شيء والرجاء شيء آخر (إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله). ومن الآيات التي تطمع العبد في سعة رحمته تعالى ![]() ![]() ![]() وقد أثنى الله على أهل الخشية، فقال سبحانه ![]() ولما قيل للشعبي: يا عالم قال :انما العالم من يخشى الله (إنما يخشى الله من عباده العلماء). وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم لما قيل: له قد دبّ الشيب في رأسك فقال ![]() فأنبياءالله دأبهم عبادة الله خوفا وطمعا، ولذا وجب الاقتداء بهم، يقول أحد السلف: من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، أي خارجي، ومن عبده بالرجاء وحده، فهو مرجئ، ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهومؤمن موحد. يقول ابن المبارك رحمه الله :جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة، وهو على ركبتيه وعيناه تهملان فقلت له :من أسوأ هذا الجمع حالا ؟فقال ![]() وقد أجمع أهل العلم على أن الرجاء لايصح إلا مع العمل، أما ترك العمل والتمادي في الذنوب اعتمادا على رحمة الله وحسن الظن به، فليس من الرجاء في شئ، بل هو سفه وجهل وغرور، فرحمة الله قريب من المحسنين ،لامن المفرطين المعاندين المصرين على المعاصي . والمسلم الواعى ينبغي أن يكون طبيب نفسه، إذا رأى منها رجاء فقط وهو مقيم على المعاصي، فليعدل عن هذا الطريق وليسلك طريق الخوف ،وإن رأى منها وسوسة وخوفا بلا موجب فليغلب جانب الرجاء ،حتى يستوي خوفه ورجاؤه . يقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم ![]() وأختم بقول أبي حفص النيسابوري ![]() نسأل الله العلي القدير أن يجعلنا من الراجين الخائفين . اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ونعوذبك من سخطك والنار واغفر لنا مامضى وأصلح لنا مابقي، وتوفنا وأنت راض عنا، وصلّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |