حكم تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الصبر على الدعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          حصر الواقع ! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          حديث عجيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          فمِنكَ وحدَك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          علة حديث: (من غسَّل واغتسل) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          معنى أن الله - عز وجل - يصلي عليك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          غباء الأذكياء!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          نواقض الإسلام العشرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          كم ركعة تصل في اليوم تطوُّعاً ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم يوم أمس, 11:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,703
الدولة : Egypt
افتراضي حكم تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام

حكم تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام

د. ضياء الدين عبدالله الصالح

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فإن تقسيم التوحيد إلى أقسام تعريفية هو تقسيم اصطلاحي علمي؛ لتسهيل فهم الغاية التي من أجلها خُلقت الخلائق؛ وهي توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة من خلال معرفة تفصيلاته، والعمل بمقتضاها، وهو تقسيم استقرائي مستمدٌّ من النصوص الشرعية من آيات القرآن الكريم، والسنة النبوية، وأقوال السلف الصالح من القرون الأولى المفضَّلة؛ بنص الحديث النبوي المتفق عليه: ((خير أُمتي قرني، ثم الذي يلونهم، ثم الذين يلونهم...)).

وكما هو مقرر في القاعدة المعروفة عند الفقهاء والأصوليين: (لا مشاحَّة في الاصطلاح)، والتي تعني أنه لا ينبغي الخلاف على التسميات أو المصطلحات، إذا كان المعنى المراد واضحًا ومفهومًا؛ أي إذا حصل الاتفاق على جوهر الشيء، فلا يهم الخلاف في اللفظ أو التسمية، كاختلافهم في مصطلح المضاربة؛ فقهاء الحجاز والجزيرة العربية يسمون المضاربة بالقراض، بينما سمَّاها فقهاء العراق والأمصار الأخرى بالمضاربة، ولا يسمونه قراضًا أبدًا.

والقراض مأخوذ من القرض؛ وهو ما يفعله الرجل ليُجازى عليه من خير أو شر، فلما كان صاحب المال والعامل فيه متفقَين جميعًا، يقصد كل واحد منهما إلى منفعة صاحبه لينفعه هو، اشتُق له من معناه اسمٌ؛ وهو القراض والمقارضة؛ لأنه مفاعلة من اثنين، بينما غيرهم من الفقهاء يسمونه: مضاربة، وكتاب المضاربة؛ أخذوا ذلك من قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾ [النساء: 101]، وقوله تعالى: ﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [المزمل: 20].

فالخلاف لفظيٌّ فقط، ولا يمَس جوهر المعنى أو الحكم، بل يتعلق بتسمية الشيء أو طريقة التعبير عنه، وقد اتفق الفريقان على الحكم الشرعيِّ للمضاربة، ولكنهم اختلفوا في تسمية مصطلح هذا الحكم، فيمكن عندها القول "لا مشاحة في الاصطلاح"، ومعنى "لا مشاحة": لا جدال ولا مِراء، ولا تنازُعَ ولا خلاف.

ومعلوم أن العلماء أجمعوا على معنى التوحيد بأنواعه ولا خلاف بينهم فيه، وأنه لا يُشرَك بالله شيءٌ في عبادته وربوبيته، وأسمائه وصفاته، فالجميع متفقون على أن التوحيد يشمل كل ما ذُكر، فلا تنازع حينئذٍ ولا إنكار لهذه المصطلحات المتفق على معناها، فسمِّها ما تراه أنت من مصطلح شرعي مقبول يتفق مع معانيها.

وهذه التقسيمات اصطلاحية لا مانع منها، بشرط ألَّا يحصل من ذلك مفسدة، كما لو أخرج من معاني التوحيد بعضَ ما يدخل فيه، أو أدخل فيها ما ليس منه.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في مدارج السالكين [3/236]: "والاصطلاحات لا مشاحَّة فيها إذا لم تتضمن مفسدةً".

وللعلماء قديمًا وحديثًا - جزاهم الله خيرًا - تقسيمات للأحكام الشرعية، وهذا التقسيم إنما هو للتيسير وتسهيل الفهم للنصوص والأحكام الشرعية، وخصوصًا مع تأخر الزمان، وضعف المعرفة باللغة العربية، واختلاط اللسان العربي بالأعجمي.

فرأى هؤلاء العلماء الأجلَّاء أن وضعَ قواعدَ ومسائلَ وتقسيماتٍ لتسهيل وتيسير الفهم لا مشاحة فيه، بل ذلك من الأمور المستحسنة؛ لِما يترتب عليه من تقريب العلم للمسلمين؛ فهذا الإمام الهمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى واضعُ علم الأصول في الفقه الإسلامي، وقد لاقت تقسيماته قبولًا حسنًا، وعليه درج الأصوليون مع إضافات وتعقب على ما ذكره، ويُعد كذلك أول من تصدى لتدوين أصول علم الحديث ومصطلحه ومباحثه في كتابه "الرسالة"؛ حيث تناول فيه مسائلَ مهمة تتعلق بعلم المصطلح، ووضع بذلك اللَّبِنات الأولى لهذا العلم.

وكذلك الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله تعالى، أول من دوَّن الفقه، ووضع أبوابه وتقسيماته، حتى بات الوصول إلى أحكام المسائل الفقهية يسيرًا ومنظمًا؛ ولهذا قال الإمام الشافعي: "الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة".

وهكذا جميع العلوم الشرعية كعلم التجويد وتقسيماته وترتيباته، وعلوم القرآن، وعلوم مصطلح الحديث وتقسيماته، وغيرها، ومنها علم التوحيد وتقسيماته.

فقد ذكر بعض العلماء من السلف - جزاهم الله خيرًا - أن التوحيد من خلال تتبُّع النصوص الشرعية ينقسم إلى قسمين:
توحيد المعرفة والإثبات: وهو يشمل الإيمان بوجود الله، والإيمان بربوبيته، والإيمان بأسمائه وصفاته، وتوحيد القصد والطلب: وهو يشمل الإيمان بألوهية الله تعالى.

وأشهر هذه التقسيمات التي تجمع هذه المعاني هي: تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أنواع:
1- توحيد الربوبية: وهو توحيد الله بأفعاله سبحانه أو: "إفراد الله سبحانه وتعالى بالخَلْقِ، والملك، والتدبير".

2- توحيد الأسماء والصفات: وهو الإيمان بكل ما ورد في الكتاب والسُّنة الثابتة من أسماء الله وصفاته، التي وصف الله بها نفسه، أو وصفه بها رسوله صلى الله عليه وآله وسلم على الحقيقة، ويتضمن إثبات نعوت الكمال لله بإثبات أسمائه الحسنى، وما تتضمنه من صفاته بلا كيف ولا تشبيه، ولا تمثيل ولا تعطيل.

3- توحيد الألوهية: وهو توحيد الله بأفعال العباد التي أمرهم بها، فتُصرَف جميع أنواع العبادة لله وحده لا شريك له؛ مثل: الدعاء والخوف، والتوكل والاستعانة والاستعاذة، وغير ذلك.

قال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في [أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن 3/17] وباختصار:
وقد دلَّ استقراء القرآن العظيم على أن توحيد الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: توحيده في ربوبيته، وهذا النوع من التوحيد جُبلت عليه فِطَرُ العقلاء؛ قال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ [الزخرف: 87]؛ الآية، وقال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 31]... وهذا النوع من التوحيد لا ينفع إلا بإخلاص العبادة لله تعالى؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾ [يوسف: 106]، والآيات الدالة على ذلك كثيرة جدًّا.

الثاني: توحيده جل وعلا في عبادته، وضابط هذا النوع من التوحيد هو تحقيق معنى «لا إله إلا الله»، وهي متركبة من نفي وإثبات، فمعنى النفي منها: خلع جميع أنواع المعبودات غير الله كائنةً ما كانت، في جميع أنواع العبادات كائنةً ما كانت، ومعنى الإثبات منها: إفراد الله جل وعلا وحده بجميع أنواع العبادات بإخلاص، على الوجه الذي شرعه على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام، وأكثر آيات القرآن في هذا النوع من التوحيد، وهو الذي فيه المعارك بين الرسل وأُممهم؛ قال تعالى: ﴿ أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ﴾ [ص: 5].

ومن الآيات الدالة على هذا النوع من التوحيد قوله تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾ [محمد: 19]، وقوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36]، وقوله: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25]، وقوله: ﴿ وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ﴾ [الزخرف: 45]، وقوله: ﴿ قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [الأنبياء: 108]، والآيات في هذا النوع من التوحيد كثيرة.

النوع الثالث: توحيده جل وعلا في أسمائه وصفاته، وهذا النوع من التوحيد ينبني على أصلين:
الأول: تنزيه الله جل وعلا عن مشابهة المخلوقين في صفاتهم؛ كما قال تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].

والثاني: الإيمان بما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، على الوجه اللائق بكماله وجلاله؛ كما قال بعد قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، مع قطع الطمع عن إدراك كيفية الاتصاف؛ قال تعالى: ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴾ [طه: 110].


والخلاصة:
فمما سبق تبين لنا أنه لا إشكال ولا مانع ولا محذور من هذا التقسيم الاصطلاحي للتوحيد، ولا علاقة له بزمان أو عصر أو جماعة معينة، إنما الاصطلاح يُقبَل أو يُرد حسب موافقته للأصول والقواعد، والضوابط والنصوص الشرعية.

وهذا التقسيم استقرائي للتعليم والتفهيم، وإيضاح المعاني، وله أصل في الكتاب العزيز والسنة الشريفة، وفَهم السلف للنصوص، ولم يخرق هذا التقسيم إجماع قطعي، ولم يتعارض مع قاعدة متفق عليها، فلا داعيَ للنزاع والخلاف، والإنكار والتشويه، وإطلاق الاتهام، وإرباك أفهام المسلمين لعقيدتهم، في وقت أحوج ما نكون فيه إلى الوحدة والتماسك، ورص الصفوف؛ لمواجهة ما يحيط بالأمة من أخطار وتربُّص الأعداء.

فالواجب هو: اعتقاد مضمون هذه التقسيمات ومعناها، والعمل بمقتضاها، ولا مشاحَّة في الاصطلاح ما دام المعتقد صحيحًا، والفهم دقيقًا واقعيًّا متفقًا عليه بين علماء الأمة، والله تعالى أعلم.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.89 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.11%)]