|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() كيف أتعامل مع ولدي المعاق؟ عدنان بن سلمان الدريويش إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد: فأوصيكم - أيها المؤمنون - ونفسي بتقوى الله؛ فهي العصمة من البلايا، والمَنَعة من الرزايا؛ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]. يا عباد الله: مرحلة الشباب هي مرحلة التحول وبناء الشخصية لكل شاب وفتاة، فيها يطوِّر الشاب مهاراتِه وعاداتِه، وعلاقاتِه الاجتماعية والعاطفية والنفسية مع الآخرين، إلا أن هناك عواملَ تمر على الشاب تؤثر في صحته النفسية، وتجعله يبتعد عن أقرانه وأنشطته وهواياته؛ كالحوادث المرورية، والكوارث الطبيعية، أو الأمراض المزمنة، أو قسوة الآباء والمجتمع، مما يجعله قعيدَ البيت معاقًا ذهنيًّا أو حركيًّا. أيها المسلمون، الإعاقة تعني الإصابة بقصور كلي أو جزئي بشكل دائم، أو لفترة طويلة من العمر، في إحدى القدرات الجسمية أو الحسية، أو العقلية أو التواصلية، أو التعليمية أو النفسية، وتتسبب في عدم إمكانية تلبية متطلبات الحياة العادية من قِبل الشخص المُعاق، واعتماده على غيره في تلبيتها، أو احتياجه لأداة خاصة تتطلب تدريبًا أو تأهيلًا خاصًّا لحسن استخدامها. يا عباد الله، إن وجود طفل أو شاب معاق داخل الأسرة يسبب لها مشاكلَ وضغوطًا نفسية، تؤثر في وظائفهم وعلاقاتهم، وحالاتهم الاقتصادية والتعليمية، وهنا حثَّ الإسلام الأسرةَ على الصبر في مواجهة المتاعب، واحتساب الأجر عند الله، وإحسان المعاملة للمعاقين؛ قال تعالى: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة))؛ [رواه الترمذي]. يقول أحد الآباء: عندي ابن معاق عقليًّا، عمره 13 سنة، حركته كثيرة في البيت بشكل غير طبيعي، يكسر ويخرب، ويضرب إخوانه وأخواته، ويتعرى أمامهم، أنا ووالدته محرومان من كل متع الحياة بسبب أننا لا نستطيع تركه وحده، وعند زيارتنا للأقارب نعيش في قلق وتوتر بسببه، أرشدوني، ماذا أعمل؟ أيها المسلمون، علينا أن ندرك أن التدخل المبكر في علاج الإعاقة للشاب له أهمية كبرى في تأهيله والتعامل معه، وفي تخفيف آثار الإعاقة على الأسرة وعلى الشاب نفسه، وأقول لكل أسرة ابتلاها الله بطفل أو شابٍّ معاق: أولًا: إن مظاهر البلوغ عند هذه الفئة هي نفسها عند غيرهم من الأصحَّاء، إلا أن الواجب على الأسرة أن تهتم أكثر في التربية والتوجيه؛ لتلبية احتياجاتهم النفسية والعاطفية والاجتماعية. ثانيًا: بعض الشباب المعاقين لا يميزون بين السلوك المرغوب والممنوع، وعندهم قابلية للانقياد من قِبل الآخرين؛ لذا على الأسرة أن تحذرهم وتنبِّههم من ضِعاف النفوس في استغلالهم عاطفيًّا، أو جسديًّا، أو جنسيًّا. ثالثًا: التعرف على نقاط القوة عند الشاب المعاق، ثم تطوير مهاراته وتدريبه على الاعتماد على نفسه في الجوانب التي يستطيع أداءها؛ لأن كثيرًا منهم يعاني من مشكلة العجز والنقص، والشعور بعدم الأمن، وعدم الإنجاز. رابعًا: الحوار معه بطريقة إيجابية مع مدح مهاراته، والابتعاد تمامًا عن التذمر والشفقة عليه، والخوف من مستقبله. خامسًا: تقوية علاقاته الاجتماعية في الأسرة وخارجها، حتى يشعر أنه مرغوبٌ فيه، ومقبول من الآخرين. سادسًا: إتاحة المجال له بمساعدة ومساندة الأسرة والآخرين؛ كحلِّ الواجبات المدرسية، أو تعليم اللغة، أو المسائل الرياضية، أو تحفيظ القرآن ومدارسته. سابعًا: التعرف على نوع الإعاقة التي يعاني منها الشاب، مع الاستعانة بالمتخصصين، واستشارتهم في آلية التعامل معه. ثامنًا: تدريبه على تقبُّل الإعاقة التي يعاني منها، وعدم الخجل منها، وأن يتعامل مع الآخرين بحسب قدراته، وألَّا يكلف نفسه ما لا يُطيق. نفعني الله وإياكم بهديِ نبيِّه، وبسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين والمسلمات، من كل خطيئة وإثمٍ، فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إن ربي لَغفور رحيم. الخطبة الثانية الحمد لله، خلق فسوَّى، وقدَّر فهدى، وصلى الله وسلم على نبي الرحمة والهدى، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾ [النساء: 1]؛ أما بعد عباد الله:فإذا رزق الله أحدكم ولدًا معاقًا، عليه أن يذكِّره بالآيات والأحاديث التي تتحدث عن الابتلاء، وما للصابرين من أجر كبير عند الله، مع ذكر بعض قصص السلف الصالح والمبدعين والمنجزين من أصحاب الإعاقات، وعليه أن يكون صبورًا معه، مع منحه مساحةً للحديث والتعبير عن مشاعره، وتذكر أنك السند له بعد الله حتى يتجاوز مشاكل الإعاقة. أيها المسلمون، علينا ألَّا نتسرع في تقديم المساعدة؛ حتى نتأكد من عجزه عن أداء مهمته، وعلينا ألَّا نتخذ قرارات عنه دون استشارته، وأن نعطيَه الفرصة ليعتمد على نفسه؛ ليشعر بقيمة الإنجاز. وأخيرًا: الشاب المعاق يحتاج منا أن نهيئ له المكان الذي يعيش فيه بما يتلاءم مع نوع إعاقته، وتوفير الأدوات التي تساعده في إنجاز مهامِّه، وأن نفكر قبل أن نتكلم معه، ودائمًا تخيل نفسك مكانه، وتجنَّب استخدام بعض الألفاظ والحركات التي تجرح مشاعره، التي تذكِّره دومًا بالإعاقة. هذا، وصلُّوا وسلِّموا - عباد الله - على نبيكم؛ استجابة لأمر ربكم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلم على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم. اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، واخذل أعداءك أعداء الدين، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، وألِّف بين قلوبهم، واجمع على الحق كلمتهم، ربنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا ووالدينا عذاب القبر والنار. عباد الله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]؛ فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |