التأثير المذهل للقرآن على الكفار - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة والتنمية المستدامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          أنواع الاقتصاد حول العالم ومعايير تصنيفها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          فواصل للمواضيع . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 81 )           »          صورلأحاديث النبىﷺ تقربك من ربك وتعلمك دينك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 27 )           »          شرح حديث (اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، اللَّهُمَّ لاَ قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ، و (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          هل تصلَّى التراويح مفردة أم جماعة ؟ وهل ختم القرآن في رمضان بدعة ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          مراعاة حال الضعفاء من كبار السن ونحوهم في صلاة التراويح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الوصايا النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 10592 )           »          الفَرَحُ ما له وما عليه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم يوم أمس, 06:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,890
الدولة : Egypt
افتراضي التأثير المذهل للقرآن على الكفار

التَّأثيرُ المُذهلُ للقرآنِ الكريم على الكفار

أحمد بن عبدالله الحزيمي

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أمَّا بعدُ:
فاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَرَاقِبُوهُ؛ فَإِنَّ تَقْوَاهُ أَفْضَلُ مُكْتَسَبٍ، وَطَاعَتُهُ أَعْلَى نَسَبٍ، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
إذَا المرءُ لمْ يَلبسْ ثيابًا مِنَ التُّقى
تقَلَّبَ عُريانًا وإنْ كانَ كاسيَا
وخَيرُ لِبَاسِ المَرءِ طَاعةُ ربِّهِ
ولا خَيرَ في مَنْ باتَ للهِ عَاصيَا


أيهَا المؤمنونَ:
قالَ عُتبةُ بنُ ربيعةَ يومًا وهو جَالسٌ في نادِي قريشٍ والنبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالسٌ في المسجدِ وحْدَه: يا معشرَ قريشٍ، ألاَ أَقومُ إلى محمدٍ فأُكلِّمُهُ، وأعرِضُ عليه أُمورًا؛ لعلَّه يقبَلُ بعضَهَا، فنُعطِيَهُ أيَّها شَاءَ ويَكُفُّ عنَّا. فقالوا: بلى يا أبا الوَلِيدِ، فقُم إليه فكَلِّمْهُ.

فقامَ إليه عُتبةُ حتى جلَس إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالَ: يا ابنَ أخي، إنَّك مِنَّا حيثُ قد عَلِمْتَ من السَّعةِ في العَشيرةِ، والمكانِ في النَّسبِ، وإنَّك قد أَتيتَ قَومَكَ بأمرٍ عَظيمٍ فرَّقتَ بهِ جمَاعتَهُم وسَفَّهتَ بهِ أَحلامَهُم، وعِبْتَ بهِ آلهتَهُم ودِينَهُم، وكفَّرتَ بهِ مَن مَضى مِن آبائِهِم؛ فاسمعْ منِّي أَعرِضُ عليكَ أُمورًا تَنظرُ فيها؛ لعلكَ تَقبلُ منَّا بعضَها.

فقالَ صلَّى الله عليه وسلَّم: "قُلْ يا أبا الوليدِ أَسمَعْ".

قال: يا ابنَ أخِي، إنْ كُنْتَ إنَّمَا تُرِيدُ بِمَا جِئْتَ بِهِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ مَالًا جَمَعْنَا لَكَ مِنْ أَمْوَالِنَا حَتَّى تَكُونَ أَكْثَرَنَا مَالًا، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِهِ شَرَفًا سَوَّدْنَاكَ عَلَيْنَا، حَتَّى لَا نَقْطَعَ أَمْرًا دُونَكَ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِهِ مُلْكًا مَلَّكْنَاكَ عَلَيْنَا، وَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي يَأْتِيكَ رِئْيًا تَرَاهُ لَا تَسْتَطِيعُ رَدَّهُ عَنْ نَفْسِكَ، طَلَبْنَا لَكَ الطِّبَّ، وَبَذَلْنَا فِيهِ أَمْوَالَنَا حَتَّى نُبْرِئَكَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا غَلَبَ التَّابِعُ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُدَاوَى مِنْهُ.

حتى إذا فَرغَ عُتبةُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَمِعُ مِنْهُ، قَالَ: أَقَدْ فَرَغْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاسْمَعْ مِنِّي، قَالَ: أَفْعَلُ.

فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ﴿ حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ ﴾ [فصلت: 1-5]، ثُمَّ مَضَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا يَقْرَؤُهَا عَلَيْهِ. فَلَمَّا سَمِعَهَا مِنْهُ عُتْبَةُ، أَنْصَتَ لَهَا، وَأَلْقَى يَدَيْهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا يَسْمَعُ مِنْهُ، ثُمَّ انْتَهَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى السَّجْدَةِ مِنْهَا، فَسَجَدَ ثُمَّ قَالَ: قَدْ سَمِعْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ مَا سَمِعْتَ، فَأَنْتَ وَذَاكَ.

فَقَامَ عُتْبَةُ إلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ: نَحْلِفُ باللَّه لَقَدْ جَاءَكُمْ أَبُو الْوَلِيدِ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبَ بِهِ. فَلَمَّا جَلَسَ إلَيْهِمْ قَالُوا: مَا وَرَاءَكَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؟ قَالَ: وَرَائِي أَنِّي قَدْ سَمِعْتُ قَوْلًا وَاَللَّهِ مَا سَمِعْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، وَاَللَّهِ مَا هُوَ بِالشِّعْرِ، وَلَا بِالسِّحْرِ، وَلَا بِالْكِهَانَةِ، يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَطِيعُونِي وَاجْعَلُوهَا بِي، وَخَلُّوا بَيْنَ هَذَا الرَّجُلِ وَبَيْنَ مَا هُوَ فِيهِ فاعتزِلُوهُ، فوالله لَيَكُونَنَّ لِقَوْلِهِ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْهُ نَبَأٌ عَظِيمٌ، فَإِنْ تُصِبْهُ الْعَرَبُ فَقَدْ كُفِيتُمُوهُ بِغَيْرِكُمْ، وَإِنْ يَظْهَرْ عَلَى الْعَرَبِ فَمُلْكُهُ مُلْكُكُمْ، وَعِزُّهُ عِزُّكُمْ، وَكُنْتُمْ أَسْعَدَ النَّاسِ بِهِ، قَالُوا: سَحَرَكَ وَاَللَّهِ يَا أَبَا الْوَلِيدِ بِلِسَانِهِ، قَالَ: هَذَا رَأْيِي فِيهِ، فَاصْنَعُوا مَا بَدَا لَكُمْ". رواهُ ابنُ هِشامٍ وحسَّنه الألبانيُّ.

عبادَ اللهِ:
القرآنُ الكريمُ هو المعجزةُ الخَالدةُ لهذا الدِّينِ، وهو الكتابُ الحَكَمُ الذي أُنزِلَ على النبيِّ الكريمِ، وإذا كان الأنبياءُ السابقونَ - عليهمُ السلامُ- قد أُوتُوا مِنَ المُعجزاتِ مَا آمن عليهِ أَتباعَهُم في وَقتِهِم ثم انتهتْ هذه المعجزاتُ بموتِهِم وفَناءِ أَقوامِهِم، فإنَّ الذي أُوتِيَهُ محمدٌ صلى اللهُ عليه وسلمَ ظَلَّ وسَيظلُّ مُعجزَةً يُدرِكُهَا اللاحقونَ إلى قِيامِ السَّاعةِ.

والقرآنُ الكَريمُ كَلامُ اللهِ تعَالَى، ومَا دَامَ كذلكَ فإنه خَليقٌ أَن يَكونَ أَثرُهُ عَمِيقاً في النُّفوسِ.

أيها المؤمنونَ:
نَقلَتْ لنا كُتبُ التَّاريخِ والتَّفسيرِ والسِّيرةِ نَماذجَ كَثيرةً مِن تأثيرِ القرآنِ في نُفوسِ الكَافرينَ، ومِن ذلكَ مَا اشتَهَرَ عن صَناديدِ قُريشٍ (أَبو سُفيانَ وأبو جَهلٍ والأَخنَسُ بن شَرِيقٍ) أنهم خَرَجُوا لَيْلَةً لِيَسْتَمِعُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ فِي بَيْتِهِ، فَأَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَجْلِسًا يَسْتَمِعُ فِيهِ، وَكُلٌّ لَا يَعْلَمُ بِمَكَانِ صَاحِبِهِ، فَبَاتُوا يَسْتَمِعُونَ لَهُ، حَتَّى إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ تَفَرَّقُوا. فَجَمَعَهُمْ الطَّرِيقُ، فَتَلَاوَمُوا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ: لَا تَعُودُوا، فَلَوْ رَآكُمْ بَعْضُ سُفَهَائِكُمْ لَأَوْقَعْتُمْ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا، ثُمَّ انْصَرَفُوا. حَتَّى إذَا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ، عَادَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إلَى مَجْلِسِهِ، فَبَاتُوا يَسْتَمِعُونَ لَهُ، حَتَّى إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ تَفَرَّقُوا، فَجَمَعَهُمْ الطَّرِيقُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ مِثْلَ مَا قَالُوا أَوَّلَ مَرَّةٍ، ثُمَّ انْصَرَفُوا. حَتَّى إذَا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ أَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَجْلِسَهُ، فَبَاتُوا يَسْتَمِعُونَ لَهُ، حَتَّى إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ تَفَرَّقُوا، فَجَمَعَهُمْ الطَّرِيقُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ: لَا نَبْرَحُ حَتَّى نَتَعَاهَدَ أَلَا نَعُودَ: فَتَعَاهَدُوا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ تَفَرَّقُوا.

الطُّفَيْلُ بنُ عَمرٍو الدَّوسِيُّ حينما قَدِمَ مكةَ وعَرفتْ قُريشٌ مَكانَتَه حَذَّرتْهُ تَحذيراً شَديداً مِن سَماعِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتَّى بلغ بهِ الأمرُ إلى أَنْ حَشَا القُطنَ في أُذُنَيْهِ؛ لكي لا يَسمعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ الطُّفيلُ: " فَأَبَى اللَّهُ إلَّا أَنْ يُسْمِعَنِي بَعْضَ قَوْلِهِ. قَالَ: فَسَمِعْتُ كَلَامًا حَسَنًا. قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفسِي: وَاثكل أُمِّي، وَاَللَّهِ إنِّي لَرَجُلٌ لَبِيبٌ شَاعِرٌ مَا يَخْفَى عَلَيَّ الْحَسَنُ مِنْ الْقَبِيحِ، فَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَسْمَعَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ مَا يَقُولُ! فَإِنْ كَانَ الَّذِي يَأْتِي بَهْ حَسَنًا قَبِلْتُهُ، وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا تَرَكْتُهُ.... فَعَرَضَ عَلَيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْلَامَ، وَتَلَا عَلَيَّ الْقُرْآنَ، فَلَا وَاَللَّهِ مَا سَمِعْتُ قَوْلًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَلَا أَمْرًا أَعْدَلَ مِنْهُ. فَأَسْلَمْتُ وَشَهِدْتُ شَهَادَةَ الْحَقِّ.

وفي "صَحيحِ البُخاريِّ": عن جُبيرِ بِنِ مُطعِمِ بنِ عديٍّ رضي اللهُ عنه قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِالطُّورِ، فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ ﴾ [الطور: 35-37]، " قَالَ: كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ.

وفي رواية الطَّبرانيِّ: فأخذَنِي مِن قراءَتِهِ الكَربُ. وعِندَ أحمدَ: فَكَأَنَّمَا صُدِعَ قَلْبِي حِينَ سَمِعْتُ الْقُرْآنَ.

ومِنَ التأثيرِ العجيبِ لهذا القرآنِ العظيمِ مَا رَواهُ مُسلمٌ في "صَحيحِهِ"، عَنْ قُطْبَةَ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: صَلَّيْتُ وَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ: ﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾ [ق: 1]، حَتَّى قَرَأَ: ﴿ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ ﴾ [ق: 10] قَالَ: فَجَعَلْتُ أُرَدِّدُهَا وَلَا أَدْرِي مَا قَالَ!.

هذا التَّأثيرُ -عِبادَ اللهِ- هو الذي حَمَلَ قُريشاً علَى مَنعِ أبي بكرٍ الصِّديقِ مِنَ الصلاةِ والتلاوةِ في المسجدِ بفِناءِ دَارِهِ ليلاً, لِمَا كانَ لتلاوتِهِ وبكائِهِ في الصلاةِ مِنَ التَّأثيرِ الجاذبِ للإِسلامِ، وعلَّلُوا ذلكَ بأَنَّه يَفتِنُ عَليهِم نَساءَهُم وأَولادَهُم. كما في البُخاريِّ.

بارَك اللهُ لنَا في القرآنِ العظيمِ، وهدانا صِراطَه المُستقيمَ، أقولُ قولي هذا، وأستغفِرُ اللهَ تعالى لي ولكم.

الخطبةُ الثانيةُ
الحمدُ للهِ وكفَى، وسلامٌ علَى عبادهِ الذينَ اصطفَى، وأشهدُ أنْ لَا إلهَ لَا إلهَ وحدهُ لَا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدهُ ورسولهُ، أمَّا بعدُ:
فإنَّ اللهَ تعَالى أَودَعَ في هذَا القُرآنِ قَوةَ التَّأثيرِ التي تَجذِبُ الأَسماعَ والقُلوبَ، فتُؤثِّرُ علَى العقولِ والأَرواحِ والنُّفوسِ والجَوارحِ، قالَ الخَطَّابيُّ: "وقلتُ في إِعجازِ القرآنِ وجهًا آخرَ ذَهبَ عَنه النَّاسُ، فلا يكادُ يعرِفُهُ إلا الشَّاذُّ في آحادِهِم وهو: صَنيعُهُ بالقلوبِ وتَأثيرُهُ في النفوسِ؛ فإنكَ لا تَسمَعُ كلامًا غيرَ القرآنِ مَنظومًا ولا مَنثوراً إذا قَرَعَ السَّمعَ خَلصَ لَه إلى القَلبِ مِنَ اللَّذَّةِ والحلاوةِ في حَالٍ، ومِنَ الرَّوعةِ والمهابةِ في حالٍ أُخرَى مَا يَخلُصُ منهُ إليهِ" اهـ، قالَ تعَالَى: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ﴾ [الزمر: 23].

وقالَ القاضِي عِياضٌ - وهو يُعدِّدُ وُجوهَ إعجازِ القرآنِ-: "ومنها: الرَّوعةُ التي تَلحَقُ قُلوبَ سَامعِيهِ وأَسماعَهُم عندَ سَماعِهِ، والهَيبةُ التي تَعترِيهِمْ عندَ تِلاوتِهِ لقُوَّةِ حَالِهِ، وإِنافةِ (أيْ عُلوِّ) خَطرِهِ".

أسألُ اللهَ جل وعَلا أنْ يجعلَنَا وجميعَ المسلمينَ مِن أَهلِ القرآنِ الذينَ هُم أَهلُ اللهِ وخَاصَّتُه، وأن يجعلَه حُجةً وشَافعاً لنا ويُلبِسَنَا به الحُللَ ويَرفعَنَا به في الدرجاتِ العُلا مِنَ الجنةِ، وأن يَسلكُ بنا الطَريقَ المستقيمَ، ويجعلَنَا مِنَ السُّعداءِ، والفائزينَ في الدنيا والآخرةِ، إنه سميعٌ قَريبٌ مُجيبٌ.

صلُّوا.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.31 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.99%)]