أيها الداعي! اعزم مسألتك وعظم رغبتك - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1146 - عددالزوار : 130142 )           »          الصلاة مع المنفرد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الاكتفاء بقراءة سورة الإخلاص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أصول العقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الإسلام يبيح مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم وحمايتهم من أي اعتداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          تحريم الاعتماد على الأسباب وحدها مع أمر الشرع بفعلها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3097 - عددالزوار : 370064 )           »          وليس من الضروري كذلك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          مساواة صحيح البخاري بالقرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          محرومون من خيرات الحرمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 20-07-2025, 05:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,819
الدولة : Egypt
افتراضي أيها الداعي! اعزم مسألتك وعظم رغبتك

أيُّها الداعي! اعزمْ مسألتَك وعَظِّمْ رغبتَك

د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم

الحمدُ للهِ عظيمِ الثناءِ جزيلِ العطاءِ، عمَّ جودُه أهلَ الأرضِ والسماءِ، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريكَ له في الصفاتِ والأسماءِ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ وسلَّمَ عليه وعلى آلِه وصحبِه الأوفياءِ.

أما بعدُ. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

أيها المؤمنون!
ما شيءٌ أكرمُ على اللهِ من دعائه، كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ ‌شَيْءٌ ‌أَكْرَمَ عَلَى اللهِ مِنَ الدُّعَاءِ " رواه أحمدُ وحسَّنَه الألبانيُّ. ومن جزالةِ كرامتِه عليه أنِ استحيى من عبدِه إذا مدَّ إليه يديه ضارعاً بالسؤالِ أنْ يردَّهما بالخيبةِ والحرمانِ، يقولُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ ‌يَرُدَّهُمَا ‌صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ " رواه أبو داودَ وصحَّحَه ابنُ حبّانَ. ولما كان الدعاءُ بهذه المثابةِ والمُقامِ، وكان وصفُ اللهِ لنبيِّه نحوَ أمَّتِه بالحريصِ الرؤوفِ الرحيمِ؛ فقد أفاضَ -صلواتُ اللهِ عليه وسلامُه- في تعليمِ أمَّتِه بقولِه وفعلِه وحالِه كيف يسألون ربَّهم حوائجَهم الدينيةَ والدنيويةَ، وحَضِّهم عليه. وكان من أبرزِ ما يَعَهَدُ إليهم في تعليمِ الدعاءِ وطلبِ الحوائجِ من اللهِ أمران دائماً ما كان يقرِنُ بينهما؛ لتلازمِهما؛ عزمُ المسألةِ وتعظيمُ الرغبةِ؛ فكان يقولُ: " إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، وَلَكِنْ لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ، ‌وَلْيُعَظِّمِ ‌الرَّغْبَةَ؛ فَإِنَّ اللهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ " رواه مسلمٌ. وما ذِكْرُ طلبِ المغفرةِ في الحديثِ إلا مثالٌ سَيِّدٌ يدخلُ في معناه جميعُ أنواعِ المطالبِ؛ إذِ المغفرةُ أنفسُ ما يكونُ طَلَبُه؛ فهيَ غايةُ كلِّ مؤمنٍ، وهي جماعُ خيراتِ الدنيا والآخرةِ. فإذا كان العزمُ وإعظامُ الرغبةِ مأموراً به فيها على سبيل الوجوبِ؛ فما دونَها من أمورِ الدنيا بحصولِ أرزاقِها واستدفاعِ كروبِها وشرورِها من باب أولى.

عبادَ اللهِ!
إنَّ دعاءَ الله بالعزمِ في المسألةِ نفيٌ للترددِ فيها، أو تعليقِها، وقَطْعٌ باستجابةِ اللهِ لهذا الدعاءِ بنسبةِ مائةٍ بالمائةِ؛ إما بتعجيلِها في الدنيا، أو صرفِ الشرِّ بقدْرِها، أو ادخارِها أجراً عظيماً يومَ القيامةِ، كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو، لَيْسَ بِإِثْمٍ وَلَا بِقَطِيعَةِ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا "، قَالَ: إِذًا ‌نُكْثِرُ، قَالَ: "‌اللَّهُ ‌أَكْثَرُ" رواه أحمدُ وصحّحَه الحاكمُ والألبانيُّ. وذلك مَحْضُ كرمِ اللهِ وفضلِه، من غير استحقاقٍ من العبدِ. وانعقادُ اليقينِ بذلك الجزمِ من أعظمِ ما يكونُ به حضورُ القلبِ حالَ الدعاءِ، وذلك من أقوى أسبابِ إجابتِه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ ‌مُوقِنُونَ ‌بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ " رواه الترمذيُّ وحسَّنه الألبانيُّ. قال ابنُ عثيمينَ: " من الآدابِ التي فقْدُها سببٌ لمنعِ الإجابةِ أنْ يكونَ عندك شكٌّ في قبولِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- لدعائِك، أو في استجابةِ اللهِ لدعائِك، مِثْلَ أنْ تستعظمَ المدعوَّ به، تقولُ: هذا لا يحصلُ. هذا غلطٌ! هذا مما يمنعُ الإجابةَ؛ ولهذا نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن قولِ القائلِ: اللهمَّ اغفرْ لي إنْ شئتَ. وقال: «لِيعزمِ المسألةَ، ولِيُعَظَّمِ الرغبةَ؛ فإنَّ اللهَ لا يَتعاظمُ عليه شيءٌ أعطاه» ". وبذلك العزمِ والجزمِ يكونُ حسنُ الظنِّ باللهِ -جلَّ وعلا-، ومَن ظنَّ باللهِ خيراً كافأَه بخيرٍ مِن ظَنِّه، كما قال -تعالى- في الحديثِ القدسيِّ: " أَنَا ‌عِنْدَ ‌ظَنِّ ‌عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً " رواه البخاريُّ ومسلمٌ. والعزمُ في المسألةِ من أجلى ما يكونُ به إظهارُ العبدِ افتقارَه لربِّه وعدمِ استغنائه عنه، وحالُ الافتقارِ خيرُ أحوالِ العبدِ التي يحبُّ أنْ يراه اللهُ فيها. وذلك العزمُ لا ينافي تعليقَ السؤالِ بالخيرةِ الربانيِّة إنْ خفيَ على العبدِ عاقبةُ سؤالِه أو ظهورُ الخيرِ فيه، بل تلك الاستخارةُ عزمٌ على اختيارِ اللهِ لعبدِه ما يعلمُ أنه خيرٌ له في دينه ومعاشِه وعاقبةِ أمرِه.

أيها المؤمنون!
وحين يتملكُ اليقينُ قلبَ الداعي بإجابةِ اللهِ دعاءَه؛ فإن لسانَه ينطلقُ بالسؤالِ الذي يقودُه إعظامُ الرغبةِ " ‌وَلْيُعَظِّمِ ‌الرَّغْبَةَ ". بهذا الأمرِ النبويِّ الجازمِ يُعَلِّمُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أمَّتَه كيف تكون مطالبُهم عاليةً حين يسألون ربَّهم العطاءَ الذي يليقُ بخزائنِه الملآى وكرمِه العظيمِ إذ يطلبونَه برغبةٍ عظيمةٍ تَحْمِلُ على الإلحاحِ والتكرارِ وطلبِ العطايا الكِثارِ الكِبارِ عامةً كانت أو خاصةً، دنيويةً كانت أو دينيةً، كما قالت عائشةُ -رضيَ اللهُ عنها-: " إِذَا ‌تَمَنَّى ‌أَحَدُكُمْ؛ فَلْيُكْثِرْ؛ فَإِنَّمَا يَسْأَلُ رَبَّهُ ". ويقولُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللهَ ‌فَاسْأَلُوهُ ‌الْفِرْدَوْسَ؛ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، وفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ " رواه البخاريُّ. وماذا يمنعُ العبدَ من تعظيمِ رغبتِه والكريمُ -جلَّ وعلا- قد أخبرَ عن استيعابِ خزائنِه جميعَ مطالبِ عبادِه من إنسٍ وجنٍّ، وعدمِ نقصانِها بذلك العطاءِ بمثلٍ بليغٍ ينبغي لكلِّ داعٍ أنْ يجعلَه نصبَ عينيه حين يسألُ ربَّه، يقولُ تعالى في الحديثِ القدسيِّ: " يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا ‌يَنْقُصُ ‌الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ " رواه مسلمٌ. قال أهلُ العلمِ: " ينبغي للسائلِ إكثارُ المسألةِ، ‌ولا ‌يختصرُ، ‌ولا ‌يقتصرُ؛ فإنَّ خزائنَ الجودِ سحَّاءَ الليلَ والنهارَ -أي: دائمةً-؛ لا يُنقِصُها شيءٌ، ولا يُفنيها عطاءٌ وإنْ جلَّ وعَظُمَ؛ لأنَّ عطاءَه بين الكافِ والنونِ ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82]. بهذه الجزالةِ ينبغي أنْ يكونَ سؤالُ العبدِ ربَّه. وقد صوّرَ بعضُ أهلِ العلمِ عدمَ تعظيمِ الداعي مطالبَه بمن تعرّضَ لأحدِ ملوكِ الدنيا الأسخياءِ وتوصَّلَ إلى لقائه، فلما واجهه قال له الملكُ: سلني، فلما سألَه إذ به يسألُه فلسًا من نحاسٍ! فاستهجنَ الناسُ مَطلبَه، وخاطبتْه العقولُ بألسنةِ الأحوالِ: يا هذا! تسألُ مِن هذا الملكِ الواجدِ- وقد قال لك: اطلبْ مني، ودعاك إلى سؤالِه- هذا المقدارَ اللطيفَ؛ لقد أفصحتْ مسألتُك هذا عن تبخيلِ هذا الملكِ أو اختلالِ عقلِك. كيف وجميعُ الدنيا، وأضعافُها، وما يعطيه اللهُ في الجنةِ لعبدِه على سعتِها، وكثرةِ العطاءِ لا تبلغُ عند اللهِ مَبْلغَ الفِلسِ الحقيرِ عند هذا المَلِكِ السخيِّ الغنيِّ! وذلك لا يعني تركَ سؤالِ اللهِ الأمرَ اليسيرَ، بل ذلك من أبلغِ سِماتِ العبوديةِ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ‌لِيَسْأَلْ ‌أَحَدُكُمْ ‌رَبَّهُ حَاجَتَهُ كُلَّهَا حَتَّى شِسْعَ نَعْلِهِ إِذَا انْقَطَعَ " رواه البزَّارُ وحسَّنَه ابنُ حَجَرٍ، ولكنَّ محلَّ الذمِّ قَصْرُ الدعاءِ على مطالبِ الدنيا التي لا تَزِنُ عند اللهِ بجميعِ نعيمِها جناحَ بعوضةٍ دون التعرضِ لسؤالِ الآخرةِ، كما قال تعالى: ﴿ فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ﴾ [البقرة: 200].

الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ.
أما بعدُ: فاعلموا أنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ...

أيها المؤمنون!
بالعزمِ في الدعاءِ والجزمِ بإجابةِ اللهِ له وتعظيمِ الرغبةِ فيه واستسمانِ المطالبِ يتلذَّذُ الداعي بدعائه، ويذوقُ حلاوةَ مناجاةِ ربِّه والافتقارِ إليه والانكسارِ بين يديه ودوامِ إنزالِ الحوائجِ عنده، ويُكرَمُ بمعرفةٍ خاصةٍ نحوَ مولاه القديرِ والقربِ منه، ويَنعمُ بعزِّ الاستغناءِ عن الناسِ والإياسِ بما في أيديهم، وينقطعُ قلبُه عن التعلقِ بهم رجاءٍ أو خوفاً، وينفتحُ له بابُ رحابةٍ من الأملِ المشرقِ والفألِ الحسنِ لا تُغلِقُه الكروبُ والشدائدُ والأحزانُ والمخاوفُ وضيقُ فرصِ الواقعِ المشاهدِ، ولا تُضَيِّقُه، ويمدُّه ذلك الجزمُ وتعظيمُ الرغبةِ بزادٍ من الصبرِ عظيمٍ؛ فهو يتقلَّب غانماً في روضاتِ أجرِه العظيمِ وفاءً من اللهِ بغيرِ حسابٍ، مع ما ينعمُ به من ثمارِ الصبرِ العاجلةِ؛ ثباتاً على المبادئ، واتزاناً في المواقفِ، وأناةً تهدي إلى الرُّشدِ، وإمامةً في الخيرِ يقتدي بها المتقون. وما يزالُ عزمُ المسألةِ وإعظامُ الرغبةِ آخذاً بيدِ صاحبِها في سلَّمِ العبوديةِ حتى يوقفانِه على درجةِ الرضا عن اللهِ في كلِّ ما يقضيه، كما قال عمرُ بنُ عبدِالعزيزِ: "ما تركتْني هذه الدعواتُ ولي سرورٌ في غيرِ مواقعِ القضاءِ والقدَرِ: اللهمّ رضّني بقضائِكَ، وباركْ لي في قدرِكَ؛ حتى لا أحبّ تعجيلَ ما أخرتَ، ولا تأخيرَ ما عجلتَ".
بكلّ يقينٍ أسألُ اللهَ واثقًا
ومَن لي سوى ربِّي إلهاً ومُنْجيا
وكم خابَ ظنٌّ في البريّةِ وانطوى
وظنّي بمولايَ ما زال عاليا
إذا الليلُ أرخى بالهمومِ ستورَهُ
تبسّمَ صبحٌ بالبشائرِ باديا
فما خاب عبدٌ مدَّ كفَّ تضرُّعٍ
وأسبلَ دمعاً في اللياليَ خافيا
دعوتُك سرًّا والجراحُ شهودُها
فأقبلتَ بالفرجِ العظيمِ مُداوِيا





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 73.16 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 71.44 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.35%)]