|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() يا بنَ آدمَ، لا تكن أقلَّ فقهًا من السماوات والأرض والجبال! د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر الحمد لله؛ قال الله تعالى في محكم التنزيل: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ﴾ [مريم: 88 - 93]. قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآيات: لما قرر تعالى في هذه السورة الشريفة عبودية عيسى عليه السلام، وذكر خلقه من مريم بلا أبٍ - شرع في مقام الإنكار على من زعم أن له ولدًا، تعالى وتقدس وتنزه عن ذلك علوًّا كبيرًا؛ فقال: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ ﴾ [مريم: 88، 89]؛ أي: في قولكم هذا ﴿ شَيْئًا إِدًّا ﴾ [مريم: 89]، قال ابن عباس ومجاهد وقتادة ومالك: أي عظيمًا، ويُقال: (إدًّا) بكسر الهمزة وفتحشها، ومع مدها أيضًا؛ ثلاث لغات، أشهرها الأولى. وقوله: ﴿ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ﴾ [مريم: 90، 91]؛ أي: يكاد ذلك عند سماعهن هذه المقالة من فجَرة بني آدم؛ إعظامًا للرب وإجلالًا؛ لأنهم مخلوقات ومؤسسات على توحيده، وأنه لا إله إلا هو، وأنه لا شريك له ولا نظير له، ولا ولد له، ولا صاحبة له، ولا كُفء له، بل هو الأحد الصمد. وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحدُ قال ابن جرير: حدثني علي، حدثنا عبدالله، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس في قوله: ﴿ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ﴾ [مريم: 90، 91]، قال: إن الشرك فزِعت منه السماوات والأرض والجبال وجميع الخلائق، إلا الثَّقلان، وكادت أن تزول منه لعظمة الله، وكما لا ينفع مع الشرك إحسان المشرك، كذلك نرجو أن يغفر الله ذنوبَ الموحِّدين، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقِّنوا موتاكم شهادة أن لا إله إلا الله، فمن قالها عند موته، وجبت له الجنة، فقالوا: يا رسول الله، فمن قالها في صحَّته؟ قال: تلك أوجب وأوجب، ثم قال: والذي نفسي بيده، لو جيء بالسماوات والأرضين، وما فيهن وما بينهن، وما تحتهن، فوُضِعن في كفة الميزان، ووُضعت شهادة أن لا إله إلا الله في الكفة الأخرى، لرجحت بهن))؛ هكذا رواه ابن جرير، ويشهد له حديث البطاقة، والله أعلم. وقال الضحاك: ﴿ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ ﴾ [مريم: 90]؛ أي: يتشققن فَرَقًا من عظمة الله. وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم: ﴿ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ ﴾ [مريم: 90]؛ أي: غضبًا له عز وجل، ﴿ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴾ [مريم: 90]، قال ابن عباس: هدمًا، وقال سعيد بن جبير: هدًّا ينكسر بعضها على بعض متتابعاتٍ. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبدالله بن سويد المقبري، حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا مسعر، عن عون، عن عبدالله قال: إن الجبل لينادي الجبل باسمه: يا فلان، هل مر بك اليوم ذاكرٌ لله عز وجل؟ فيقول: نعم ويستبشر، قال عون: لَهي للخير أسمع، أفيسمعن الزور والباطل إذا قيل، ولا يسمعن غيره؟ ثم قرأ: ﴿ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ﴾ [مريم: 90، 91]. وقال ابن أبي حاتم أيضًا: حدثنا المنذر بن شاذان، حدثنا هوذة، حدثنا عوف، عن غالب بن عجرد، حدثني رجل من أهل الشام في مسجد مِنًى، قال: بلغني أن الله لما خلق الأرض وخلق ما فيها من الشجر، لم يكن في الأرض شجرة يأتيها بنو آدم إلا أصابوا منها منفعة - أو قال: كان لهم فيها منفعة - ولم تزل الأرض والشجر بذلك حتى تكلم فجرة بني آدم بتلك الكلمة العظيمة، قولهم: اتخذ الرحمن ولدًا، فلما تكلموا بها، اقشعرت الأرض، وشاك الشجر، وقال كعب الأحبار: غضِبت الملائكة، واستعرت جهنم حين قالوا ما قالوا. وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن أبي عبدالرحمن السلمي، عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا أحدَ أصبرُ على أذًى سمعه من الله؛ إنه يُشرك به ويُجعل له ولدًا، وهو يعافيهم ويدفع عنهم ويرزقهم))؛ [أخرجاه في الصحيحين]، وفي لفظ: ((إنهم يجعلون له ولدًا وهو يرزقهم ويعافيهم)). وقوله: ﴿ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴾ [مريم: 92]؛ أي: لا يصلح له ولا يليق به لجلاله وعظمته؛ لأنه لا كفء له من خلقه؛ لأن جميع الخلائق عبيد له؛ ولهذا قال: ﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ﴾ [مريم: 93، 94]؛ أي: قد علِم عددهم منذ خلقهم إلى يوم القيامة، ذَكَرهم وأُنثاهم، صغيرهم وكبيرهم، ﴿ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴾ [مريم: 95]؛ أي: لا ناصر له ولا مجير إلا الله وحده لا شريك له، فيحكم في خلقه بما يشاء، وهو العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة، ولا يظلم أحدًا؛ [انتهى من كلامه رحمه الله].
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |