|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() إنّ هذا الدّين يسر نذير خليف عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي قال : ( إن الدّين يسر ، ولن يشاد الدّين إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا ابشروا ، استعينوا بالغدوة والروحة وشيءٍ من الدلجة ) رواه البخاري (177). وفي رواية له : ( سددوا وقاربوا اغدوا وروحوا ، وشيءٍ من الدلجة القصد القَصد تبلغوا ) (178). الشرح في حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الدين يسر ) يعني : الدين الذي بعث به الله محمد ، كما قال عز وجل ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) (البقرة:185) ، وقال تعالى: ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ) (المائدة:6) ، وقال تعالى : ( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج) (الحج:78) . فالنصوص كلها تدل على أن هذا الدين يسر ، وهو كذلك . فهذا الدين يسر ، يسر في أصل التشريع ، ويسر فيما إذا طرأ ما يوجب الحاجة إلى التيسير ، قال النبي عليه الصلاة والسلام لعمران بن حصين : ( صل قائماً ، فإن لم تستطع فقاعداً ، فإن لم تستطع فعلى جنب )(181) فالدين يسر . هذا هو دين الله تعالى ، يختصره النبي عليه الصلاة والسلام في هذه القاعدة الجليلة ، التي تبيِّن حقيقة الإسلام، وأنه دين يُسْرٍ وسهولة ، في كل شؤونه وتعاليمه وعقائده وعباداته وأخلاقه وأعماله ، لا يعرف التشدد ولا الغلوُّ ولا التنطع. وهو حكمٌ عام لا يستثني شيئاً . ثم قال النبي : ( ولن يشاد الدين أحدٌ إلا غلبه ) يعني : لن يطلب أحد التشدد في الدين إلا غُلب وهُزم ، يعني أنك إذا شددت الدين وطلبت الشدة ، فسوف يغلبك الدين ، وسوف تهلك ، كما قال النبي في الحديث: ( هلك المتنطعون ). ثم قال عليه الصلاة والسلام : ( فسددوا وقاربوا ابشروا ) ، أي افعل الشيء على وجه السداد والإصابة ، فإن لم يتيسر فقارب ، ولهذا قال : ( وقاربوا )، والواو هنا بمعنى ( أو ) ، يعني سددوا إن أمكن ، وإن لم يمكن فالمقاربة . ( وابشروا ) يعني ابشروا أنكم إذا سددتم أصبتم ، أو قاربتم ، فابشروا بالثواب الجزيل والخير والمعونة من الله عز وجل ، وهذا يستعمله النبي عليه الصلاة والسلام كثيراً يبشر أصحابه بما يسرهم . قال العلامة السعدي رحمه الله: "ويؤخذ من هذا أصلٌ نافعٌ ، دلّ عليه أيضاً قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن:16], وقوله صلّى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمرٍ فائتوا منه ما استطعتم"، والمسائل المبنية على هذا الأصل لا تنحصر، وفي حديث آخر: "يسِّرا ولا تُعَسرا، وبَشِّرا ولا تُنفرا". ويؤخذ من هذا الحديث العظيم عدة قواعد منها: القاعدة الأولى: التيسير الشامل للشريعة على وجه العموم. القاعدة الثانية: المشقة تجلب التيسير وقت حصولها. القاعدة الثالثة: إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم. فصلوات الله وسلامه على من أوتي جوامع الكلم ونوافعها". واعلم ـ أيها المستمع المبارك ـ أنه "ما أمرَ اللهُ بأمرٍ إلا وللشيطان فيه نزعتان: إما إلى تفريطٍ وإضاعة ، وإما إلى إفراطٍ وغلوّ ، ودينُ الله وسطٌ بين الجافي عنه والغالي فيه ، كالوادي بين جبلين ، والهدى بين ضلالتين ، والوسط بين طرفين ذميمين ، فكما أن الجافي عن الأمر مضيِّع له ؛ فالغالي فيه: مضيع له ، هذا بتقصيره عن الحد ، وهذا بتجاوزه الحد". ولكن التيسير في الدين ليس سبيلاً للتملص والتخفف من الأحكام الشرعية ، وأن الباحث عن التيسير في غير موضعه ، إنّما هو اتباع للهوى لا للهدى ، وقد قال الله عز وجل: ( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ) [القصص: 50] فلا يوجد خيار ثالث: إما الانقياد الشرع أو اتباع الهوى. اللهم ألهمنا الرشد في القول والعمل، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، والباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك يارب العالمين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |