مؤسسة تكوين الفكر العربي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         القيوم جل جلاله وتقدست أسماؤه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4489 - عددالزوار : 1034351 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4025 - عددالزوار : 552347 )           »          فتاوى الشيخ مصطفى العدوى من خلال صفحته على الفيس ***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1339 - عددالزوار : 193163 )           »          كتاب (مختصر كتاب إظهار الحق) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          إلى الشباب... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          شاب نشأ في عبادة الله... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          العلاقات التركية الصومالية وأثرها في القرن الإفريقي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          الغفلة .. السلاح الفتاك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          الهدي النبوي في التعامل مع حر الصيف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-05-2024, 12:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,863
الدولة : Egypt
افتراضي مؤسسة تكوين الفكر العربي

مؤسسة تكوين الفكر العربي (1)

باحثون لا يقرأون والنتيجة توابل في بردة كعب ومقدمة للموطأ لم يقرأها إلا البحيري!



كتبه/ عبد المنعم الشحات
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد خرجت علينا وسائل الإعلام بحملة إعلانية احتفالية؛ مفادها: أن مؤسسة اسمها: "تكوين الفكر العربي" قد أقامت حفلها السنوي، وخصَّصته لتكريم طه حسين -رحمه الله- تحت عنوان: "خمسون عامًا على رحيل طه حسين: أين نحن من التجديد اليوم؟".
ونحن نعلم أن العرب لم يخرجوا من دروب الصحراء فيصبحوا أمة فاعلة ملء السمع والبصر؛ إلا حينما أعزهم الله بالإسلام، كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "إنا كنا أذل قومٍ فأعزنا الله بهذا الدِّين، فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله"؛ قالها وهو في طريقه إلى فتح بيت المقدس واستلام المسجد الأقصى، الذي في بلاد فلسطين الحبيبة مسرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما أطبق على ذلك المؤرخون، وخالف في ذلك مؤخرًا الدكتور يوسف زيدان -كما سيأتي-، وليسمح لنا الدكتور يوسف زيدان ألا نعير مخالفته لما أطبق عليه العلماء والمؤرخون أي درجة اهتمام.
وبالتالي كنا نظن أن يختار منشئو هذه المؤسسة لمهمة "تكوين الفكر العربي" أعلامًا من المهتمين بالشريعة الإسلامية والثقافة الإسلامية، وممن امتلأت قلوبهم بحبِّ الحضارة الإسلامية، ففاض هذا الحب على أقلامهم وألسنتهم نشرًا لفضائلها على البشرية، أو -على أقل التقديرات- أن يختاروهم من رجال اللغة العربية والأدب العربي المدافعين عن قضايا الأمة العربية.
ولكن -يا للأسف- يمكنك أن تطالع اليوتيوب وتبحث عن فيديوهات يقرأ فيها يوسف زيدان، أو إبراهيم عيسى، أو إسلام بحيري آيات من القرآن؛ وستفاجأ بمستوى صادمٍ من عدم القدرة على تهجي ما هو مكتوب أمامهم، مع تغير تشكيل آواخر الكلمات بما يُحيل معنى كثير مما يقرأون! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
إذًا ما المدارس الفكرية التي ينتمي إليها باحثو مؤسسة "تكوين الفكر العربي"؟!
سوف نتناول بعض حصاد أفكارهم المر في مقالة قادمة -بإذن الله-، والتي منها:
- إنكار رحلة المعراج كما فعل إبراهيم عيسى.
- دعوى أن المسجد الأقصى المعظم في شريعتنا مسجد في الطائف، وليس المسجد الذي في فلسطين كما ادَّعى يوسف زيدان، فرد عليه إسلام البحيري: "بل هو الذي في فلسطين، ولكنه لا يمثِّل ولا واحد على الألف من مشكلتنا مع اليهود!".
- الطعن في صلاح الدين الأيوبي كما فعل يوسف زيدان.
- ترجمة شبهات المستشرقين حول السنة والشريعة كما يفعل إسلام البحيري.
وأسوأ من هذا كله: الدفاع عن إعادة طرح فلسفة وحدة الوجود، كما يفعل فراس سواح، ويوسف زيدان، وتحريف عقائد المسلمين -بل واليهود والنصارى- للخروج بادعاء أن الخلافات العقدية بينهم ليست كبيرة.
ومن الواضح جدًّا: أن يوسف زيدان، وفراس السواح هما كبيرا هذه المؤسسة، بل أفصحا عن أحلام تراودهما أن ينتزعا عمادة الفكر التغريبي في ثقافتنا العربية من طه حسين، حيث سأل الدكتور يوسف زيدان زميله فراس السواح: هل أنت أهم أم طه حسين أهم؟ فأجابه فراس: أنا وأنت أهم من طه حسين!
وهو من خذلان الله لهما؛ فبدآ المشروع بسخط من أنصار الشريعة الإسلامية، والثقافة العربية الأصيلة، وسخط من أنصار التغريب بعد ما تطاولا ووضعا أنفسهما في منزلة أبرز داعية للتغريب في الثقافة العربية رغم ادِّعاء عمادته لها؛ "طه حسين" -رحمه الله- (سوف نفرد مقالة -بإذن الله- نُبيِّن فيها توبة طه حسين وعودته إلى حضن الأمة؛ دفاعًا عن القرآن وعن إعجازه، وردًّا على المنصرين، بل ودفاعه عن دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب؛ أي: أنه مدح السلفية التي يراها أنصار التغريب عدوهم الأول، وهي كذلك -بفضل الله-، ونسأل الله أن تبقى كذلك -بفضله ورحمته-).
ولكن لعلي أكتفي في هذه المقالة بالتوقف عند قضية أولية، وهي:
هل يستحق هؤلاء القوم لقب باحث؟
وسوف أضرب لذلك مثالين في منتهى الوضوح: الأول: للدكتور يوسف زيدان كبير القوم، والمثال الثاني لأصغر القوم سنًّا -على الأقل فيما أعلم-، وهو: إسلام البحيري.
المثال الأول: يوسف زيدان وتوابل بردة كعب بن زهير بن أبي سلمى -رضي الله عنه-:
خرج علينا يوسف زيدان في إحدى حلقات صالونه الثقافي -وللمفارقة كانت مخصصة لبيان أهمية تعلم اللغة لفهم التراث-، وتعرَّض لشرح قصيدة كعب بن زهير بن أبي سلمى التي جاء بها بعد فتح مكة راغبًا في الإسلام، ومعتذرًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- عما كان منه من هجاء النبي -صلى الله عليه وسلم-، وجرى فيها على عادة قومه من البدء ببكاء الأطلال أو نحوها من الأغراض، فكانت البداية بهذا البيت:
بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتْبُولُ مـُتَيَّمٌ إِثـرَها لَم يُـجْـزَ مَـكـبـولُ
ومعنى البيت واضح: أن سعادًا قد فارقته فقلبه حزين من أجل هذا، ولكن الدكتور زيدان رأى أن "مَتبولُ" هنا معناها: "موضوع في التوابل!"، مصاحبًا قوله بتحريك راحة يده ذهابًا ومجيئًا -بصورة تشعرك أنه يُتبل شرائح لحم أو دجاج!-؛ مما حدا ببعض المتابعين أن يتساءل: هل أراد يوسف زيدان أن يقول أن "سعاد" -الحبيبة الافتراضية للشاعر- من آكلي لحوم البشر؟ فتبَّلت قلبه بالتوابل وأكلته؟!
لكن هذا لن يتماشى مع كون هذا التتبيل كان من جراء رحيلها، لا أنه فِعْلٌ لها!
ولو فتح يوسف زيدان أي شرح للقصيدة، أو حتى لو فتح معجمًا لوجد المعنى الذي أراده الشاعر أمامه، ولكنها روح الاستسهال الموجودة عند مَن انتزع لقب: "مثقف"؛ جعلته يُفسِّر اللفظ بأقرب معنى دارج له!
وبعيدًا عن التاريخ الذي صنعه بعضهم في ميادين بحث أخرى، فمن الواضح جدًّا أنه بمجرد الانضمام إلى جوقة الهجوم على التراث الإسلامي، فلن يحتاج الواحد منهم إلى أن يقرأ أو يبحث.
وإنما فقط يستثمرون أضواء الإعلام عبر بعض الوسائل الإعلامية الراغبة في تلميع كل هدم في تاريخنا، فيخرج أحدهم على المشاهِد، وقد راجع كل شيء: كالبدلة، ورابطة العنق، ومثبِّت الشعر، وبريق الحذاء، ولكنه لم يراجع ما ينوي أن يبثه على المشاهد!
ولا أتحدث هنا عن أسئلة مفخخة مفاجئة من مذيع ولا سائل عبر الهاتف، بل في صلب الموضوع الذي أعدَّه سلفًا، وجاء يحدثنا فيه.
وبالطبع أثارت "توابل" الدكتور زيدان حفيظة كثير من متابعيه؛ فردوا عليه، والقضية إلى هنا لغوية محضة، وليس فيها كلام فكري عما يسميه هؤلاء بالإسلام السياسي -وهو شفرة لكل شيء في الإسلام يريدون مهاجمته؛ سواء كان الحجاب، أو غض البصر، أو تشريعات الأسرة، أو حرمة الربا، أو خلافه-.
ومع هذا فقاموس هؤلاء المثقفين -ممن أتوا لتكوين فكرنا!- معروف، وهو: "أن منتقديهم من جماعات الإسلام السياسي أو من الإخوان، أو السلفية الغارقين في تقديس التراث…".
وإذا لزم الأمر فسيلجأون لقاموس "أبطال مسلسلات الأكشن وأغاني الراب" من أن المعترضين كلهم حشرات وفئران، إلخ (يمكن مراجعة ما دار بين يوسف زيدان ومنتقدي توابله على صفحات السوشيال ميديا).
المثال الثاني: مقدمة الموطأ التي لم يقرأها إلا إسلام البحيري:
من يستمع إلى ما يقدمه إسلام البحيري من نقض لما تلقته الأمة بالقبول من أحاديث وأحكام عبر أربعة عشر قرنًا من الزمان؛ يشعرك أنه يمارس دور مدرس الحضانة وهو يعلم الأطفال الصغار مبادئ التفكير! فهو يكتشف لهم أخطاءهم منفردًا، ثم يشمر عن ساعده في شرحها لهم، فنجده يدعي أنه اكتشف -مثلًا-: أن الأئمة الأربعة كلهم أسسوا مذاهبهم قبل تصنيف البخاري لصحيحه، وبالتالي فمنزلة البخاري ليست إلا منزلة وهمية صنعها مَن يدمنون تقديس البشر!
ولا شك أن طبقة تلاميذ هؤلاء الأئمة هم من أدركوا البخاري، وأثنوا عليه ورفعوا قدره؛ ومن ثَمَّ فمن العار ألا يكلف هذا الشخص نفسه "عناء البحث" عن إجابة على لسان هؤلاء عن سؤال: "لماذا عظَّموا البخاري، ومذاهبهم في غنى عنه؟!"؛ على الأقل باعتبارهم أناسًا عقلاء تتابعوا على هذا جيلًا بعد جيل.
وفي الواقع: إن جمع الحديث كان قبل البخاري بكثير، ولكن مشروع البخاري كان أنه انتخب الأحاديث الأصح سندًا، وقام عليها في الجملة فقه الفقهاء، ولذلك رتب كتابه على أبواب الفقه.
ولذلك اتفقت الأمة أن أصول كتب السنة ستة، وقد جاءت كلها مرتبة على أبواب الفقه، وكان من أساس التصنيف عند مصنفيها مراعاة استدلال الفقهاء بما يجمعونه؛ ولذلك نجد أن الترمذي كثيرًا ما يقول عبارة: "وعليه العمل عند أهل العلم".
المهم أنه في ثنايا مناقشته هذا الكلام في مناظرته الشهيرة في برنامج "ممكن"، أضاف البحيري: أن الإمام البخاري روى عن هشام بن عروة حديث زواج النبي -صلى الله عليه وسلم- من عائشة، وحديث السِّحْر. وأن الإمام مالك لم يروهما في "الموطأ" مع أنه لقي هشام بن عروة. فلما قيل له: وهل هذا يعني أن كل ما لم يروه مالك عن هشام بن عروة يكون مردودًا وإن رواه عنه غيره؟! قال: "نعم، هكذا قال الإمام مالك في مقدمة الموطأ!".
وحاول محاوره أن ينبهه إلى أن الإمام مالك لم يكتب مقدمة للموطأ فلم ينتبه إلا بعد عدة مرات، فقال: "ولكن الطاهر بن عاشور ذكره في التحرير والتنوير عن الإمام مالك في الموطأ!"، فتم تنبيهه مرة أخرى إلى أن الطاهر بن عاشور معاصر، و كتاب "التحرير والتنوير" له كتاب تفسير، ولا علاقة له بالموطأ! فقال: "ولكنه مطلع على مخطوطات في المذهب المالكي لم تنشر!".
طيب إذا كان الطاهر بن عاشور قد اطلع على مخطوطات، فهل كان منها مقدمة الموطأ؟ وإذا كان فأين اطلع إسلام البحيري عليها؟!
الخلاصة التي لا مناص منها: أن كل واحدٍ من هؤلاء يُحدثنا بما يترجمه عن آراء المستشرقين، دون أن يُكلِّف نفسه حتى أن يفتح كتابًا ليبدو الأمر كما لو كان قد قام بالبحث.
ولعل لسان حالهم يكون ترديدًا لقول الشيخ علي عبد الرزاق عن قوله في كتاب: "الإسلام وأصول الحكم": إن الإسلام مجرد علاقة روحية بين العبد وبين ربه: "إنها عبارة ألقاها الشيطان على لسانه".
فلا ندري كم عبارة ألقاها الشيطان على ألسنة وأقلام أقوام! ولكن يسهل رصدها، فهي تلك العبارات المصادمة لنصوص الكتاب والسُّنة، الدخيلة عما ارتضته الأمة عبر تاريخها، والتي متى طولب صاحبها أن يسند لنا عباراته استعان بالمراوغة والكذب، أو الإحالة على مخطوطات نما إلى علمه أن غيره قد اطلع عليها، ولكن في هذه الحالة سيبقى محتاجًا إلى تبرير علي عبد الرزاق: "الشيطان الذي يكتب بقلم أحدهم ما يكتب".
الخلاصة: أننا أمام أقوام تجرأوا على الطعن في كثير من الثوابت، مدعين أنهم وصلوا إلى هذا عبر أبحاث لم يقوموا بها أصلًا، وإنما يرددون إنتاج المستشرقين وفضائحهم العلمية من حيث الشكل، حتى بغض النظر عن النتائج!
وكنت أتمنى أن يُعامِلوا الأئمة الأربعة، والبخاري ومسلم -وقد بقيت الأمة تنهل من نتاجهم أربعة عشر قرنًا من الزمان- معاملة طه حسين، والذي فقط لما شبهوا أنفسهم به -ولعل الذي جرأهم على هذا أنهم سوف يرعون حيث رعى هو مسبقًا قبل توبته رحمه الله-، إذا بسرعة غضب الغاضبون، وبسرعة البرق تراجع هؤلاء الذين أبوا -حتى من سُجِن منهم- أن يتراجعوا عن الطعن في أئمتنا وثوابت ديننا؛ هذا من حيث الشكل.
وأما من حيث المضمون: فكلامهم مصادم في كثيرٍ منه لصريح الكتاب والسنة ولما أجمعت عليه الأئمة، ويتضمن سبًّا وطعنًا في الأئمة الأربعة، والبخاري ومسلم، وغيرهما من أئمة الحديث، أو إنكارًا للواقع الملموس الممتد جيلًا بعد جيل من كون المسجد الذي في القدس هو ثالث المساجد المفضَّلة في شرعنا.
وهي أطروحات تلتقي مع رغبات يهودية؛ فلا إسراء أصلًا كما ادَّعى إبراهيم عيسى، ولو كان؛ فهو لم يكن إلى القدس كما ادَّعى زيدان، ولو كان فهو لا يمثِّل شيئًا ذا بال كما ادَّعى البحيري! وعقائد المسلمين وعقائد اليهود والنصارى لا يوجد بينها اختلاف كبير كما يدعي فراس السواح! أو لو كانت من حيث الظاهر مختلفة؛ فالتفسير الباطني الغنوصي المنادي بوحدة الوجود يجعلهم متطابقين، ومِن ثَمَّ يطالبون بأن يُفسح المجال لهذا الكفر المبين المنكر لآكد عقائد المسلمين: (‌قُلْ ‌هُوَ ‌اللَّهُ أَحَدٌ . اللَّهُ الصَّمَدُ . لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) (الإخلاص).
مع استدعاء رمز تغريبي، وهو: الدكتور طه حسين تحت شعار: "تكوين الفكر العربي".
وكما ذكرنا أنهم لا يعلمون، أو يعلمون وينكرون أنه قد تاب وعاد للدفاع عن الإسلام وثوابته، وأدرك أن الخرافة الصوفية التي نَفَر من الإسلام بسببها دخيلة عليه، ومن ثَمَّ كرَّر النصيحة بأن تنهل كل الحركات الإصلاحية في العالم الإسلامي من منهج شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في محاربة الخرافة.
وهو ما سنتناوله تفصيلًا في مقالة قادمة -بإذن الله-.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-06-2024, 11:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,863
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مؤسسة تكوين الفكر العربي

مؤسسة تكوين الفكر العربي (2)

تكوين على خطى طه حسين أم خطى المستشرقين؟




كتبه/ عبد المنعم الشحات
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد سبق وأن أشرنا إلى أن مؤسسة "تكوين الفكر العربي" قد أقامت حفلها السنوي الأول أو بالأحرى حفل تدشينها وخصصته لتكريم طه حسين -رحمه الله- تحت عنوان: "خمسون عامًا على رحيل طه حسين: أين نحن من التجديد اليوم؟".
وطه حسين كان صاحب الصدمة الكبرى في تاريخ المسلمين المعاصر في كتابه: "في الشعر الجاهلي"، والتي تمثلت في أن يجرؤ رجل "فضلًا عن أن يكون أزهري المنشأ فيكتب تشكيكًا في القرآن ككل، أو في شيء ذكر في القرآن".
وطه حسين صاحب دعوة من أصرح الدعوات للتبعية للغرب في كتابه: "مستقبل الثقافة في مصر"، اضطر لكي يروج لها أن يزور التاريخ، فيدعي أن مصر عاشت تاريخها منبتة الصلة عن الشام والجزيرة العربية، وأنها كانت وثيقة الصلة باليونان، مدعيًا أن طريق التقدم لا يكون إلا بالارتماء في الثقافة الغربية الحديثة.
وطه حسين هو صاحب الدعوة إلى العبث باللغة العربية بصور متعددة، حتى إنه كان لا يعتبر الأديب أديبًا إلا إذا درس الأدب العربي على أيدي المستشرقين باعتبارهم أصحاب منهج علمي في دراسة الأدب العربي.
ويطول بنا المقام لو أردنا أن نتتبع سقطات وانحرافات طه حسين؛ إلا أنه من الثابت أنه تراجع في نقاط جوهرية من انحرافاته، وهو تراجع عن بعض وليس كل القضايا، ثم إنه في كثير من الأحيان انتقل من نقطة موغلة في السوء إلى نقطة لا تخلو منه ولكنها أهون شرًّا.
وهذا ما نتناوله في سلسلة مقالات بعنوان: "تراجعات طه حسين.. حقيقتها وإلى أي مدى وصلت والدروس المستفادة"، ولكن من الواضح أن "مؤسسة تكوين" يطالبون بإحياء فكر طه حسين في طبعته الأسوأ، وبالتالي يحق لنا أن نسألهم: أي طه حسين تريدون؟
هل هو طه حسين "في الشعر الجاهلي"؟ أم طه حسين "في الأدب الجاهلي"؟
ومن المعلوم أن الثاني كتبه ليتفادى النقاط التي كفَّره الأزهر بسببها في الأول، وبغض النظر عن هل يعتبر الثاني مقبولًا إسلاميًّا أم لا، فإن الكارثة أنهم يريدون أن يعودوا إلى الأول الذي انتفض الأزهر مكفِّرًا من يقول بهذا الكلام.
ولنا أن نسألهم: هل يريدون "طه حسين" الداعية إلى العبث باللغة وتهجينها باليونانية وباللهجات العامية واستعمال العامية؟ أم الذي يقرر أهمية الفصحى وضرورة الالتزام بها؟
وسوف تتضح لك الإجابة إذا تأملت الأمور التالية:
الأول: في مجلس أمناء مؤسسة تكوين "فراس سواح"، وهو ممن يزعم أن القرآن فيه أساطير، وقد قدمنا تكفير الأزهر لمن قال بهذا.
وللتوضيح: هم يدعون أنها وحي من عند الله، وليس أن النبي ? افتراها، ولكن يقولون: إن القرآن كلام أدبي والأدب تستعمل فيه الأساطير، فلا مانع من أن ينزل الوحي بها! لا سيما أن الأساطير كانت شائعة زمن الوحي.
وهو اعتذار سمج؛ فلا يخرج قولهم عن كونه وصف لله بأنه -تعالى- يخبرنا عن نبأ كذا وكذا، وهم يقولون: إن هذا النبأ كذب!
ومن هذا المنطلق كان تشكيك طه حسين في وجود إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- رغم ذكرهما في القرآن؛ ذكر هذا في كتاب: "في الشعر الجاهلي"، ثم حذفه من كتاب: "في الأدب الجاهلي".
الثاني: أن إسلام البحيري لما خرج مع الإعلامي عمرو أديب ليدافع عن مؤسسته، قال: إن كل المثقفين اتهموا بالإلحاد، وضرب مثالًا بـ"طه حسين" في كتابه: "في الشعر الجاهلي".
الثالث: أن أكبر رمزين في تلك المؤسسة تناولا حديثا يفهم منه أنهما وهما يحتفلان بمرور 50 عامًا على وفاة طه حسين يرون أنهما نهلا من المستشرقين كما نهل، وبالتالي فقد اعتبرا نفسيهما أهم منه.
أعلم أنهما اعتذرا بأن هذا كان مزاحًا، ولكن أعلم أن هذه المدارس تجيز أن تعيد تفسير النص بأدواتك أنت، ويرون أن النص ملك للمتلقي لا للمتكلم، وهو أمر عبثي لا يقدر أحد أن يقرره في أي نصوص لها صفة الإلزام.
ولكن الغرب اضطر أن يفعل هذا في نصوص كتبه التي يقدسها، وعاملها كما يعامل الأساطير، وكان هذا بالنسبة له خير من أن يكذبها، ثم علَّموا من ارتضى أن يجعلهم شيوخه أن يفعل هذا بالقرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه!
ونحن لن نفعل معهم ما فعلوه مع القرآن، ولن نقول لهم أنتم قلتم كلامًا ونحن نفسره، ولكننا في ذات الوقت سنفسر الكلام بما ظهر منه، ونحن نعلم أن الأصل الجد لا المزاح، وأن المزاح إنما يراد بقرائن قولية وحالية، ولما كان السؤال جادًّا من قبل يوسف زيدان لزميله فراس سواح "هل أنت أهم أم طه حسين؟" (والفيديو موجود لا يوجد أي لغة جسد تقول: إن هذا كان مزاحًا)، ثم كانت الإجابة أكثر جدية: "أنا وأنت أهم من طه حسين"؛ فنحن لن نقبل منهما هذا التأويل السمج.
وتطلُّعهم طموح طبيعي لأي أحد يقف في طابور النقل عن المستشرقين، وترجمة سمومهم والدفاع عنها؛ حتى إن إسلام بحيري قبل أشهر قليلة كان غاضبًا من ترتيبه في نادي "مترجمي كلام المستشرقين"، وحزين جدًّا أن شخصًا مثل يوسف زيدان يعد متقدمًا عليه مع أنه متورط في مدح شيخ الإسلام ابن تيمية!
وأما طه حسين فقد وصل إلى أقصى درجة، ولعله ذاق مرارتها، أو لعله ذاق حلاوة القرآن لما أصغى إليه في إذاعة القرآن، فمات وهو على ما يمكن أن نصفه بدايات طريق العودة؛ فلو أردتم أن تقتفوا أثره فطريق العودة الآن أيسر، وبحوث الرد على المستشرقين وتفنيد شبهاتهم حول السنة النبوية من الكثرة والوفرة بمكان، وبيان محاسن الشريعة "بل وعلى ألسنة بعض الكفار كذلك" كثيرة -بفضل الله-.
وأما إذا أبيتم... فأعلنوها صراحة: أنتم مؤسسة "ترجمة أفكار المستشرقين!".
ودعوني مرة أخرى أستعمل أسلوبكم في افتراض التحليلات واقعًا، ولن أشتط بعيدًا -كما تفعلون-، وسأقدِّم تحليلات لبعض الأمور الغامضة، كلها ستحل لو وصفنا مركزكم أنه مركز "ترجمة أفكار المستشرقين".
1- من صاحب الفكرة؟
إسلام بحيري -الذي كان منذ أشهر قليلة في تلاسن مع يوسف زيدان- يقول: إن المشاورات مستمرة منذ أربع سنوات! ولم يذكر لنا مثلًا من صاحب الفكرة الأولى؟
وماذا لو افترضنا أنه مركز استشراقي ما؟ تبدو فكرة منطقية وسلسة، وأكيد أن هذا المركز يستطيع أن يجمع بعض المختلفين، أو ربما يكون اختلافهم أصلًا راجع لمن يكون صاحب الحظوة في هذه الخطوة.
هل من تفسير آخر؟
2- من الممول؟
إسلام بحيري اعترف أنهم رجال أعمال مصريين وغير مصريين (من الأمور النادرة أن يوجد من يصرح بمخالفته للقانون صراحة وعلى الهواء! حيث يلزم المؤسسات كي تقبل تمويلًا من أجانب أن تحصل على موافقات وإجراءات كثيرة من هذا القبيل)، ورجال الأعمال هؤلاء إما أنهم مؤمنون بأفكار المستشرقين فموَّلوا من يترجم كتبهم، أو سيكون لهم منفعة ما مع المستشرقين.
ولا يوجد تفسير آخر لمن يريد أن يمول مجموعة هادمة لثوابت الأمة، يشهد بذلك الأفراد والمؤسسات؛ هذا حل لغز الممول.
3- لغز زجاجة البيرة:
كان كلام كل رموز مؤسسة "ترجمة أفكار المستشرقين" أنه لعلها تكون لسائح تواجد في ذات المطعم في ذات الوقت (طبعًا كان يمكن أن يكون تأويلًا قابلًا للتمرير لو أنهم كانوا كما يفعل الأصدقاء فحجزوا منضدتين متجاورتين في قاعة الطعام، وليس قاعة بأكملها!).
وإسلام البحيري لعله لاحظ ضعف هذا الجواب، فقال: لعلها لأحد الحاضرين للاحتفالية، فيكون أقرب احتمال أنها لصحفي من الجهة الاستشراقية التي افترضناها، وعنده الخمر لا بأس بها.
4- حللنا لغز من شربها، يتبقى لغز من تعمد وضعها في الكادر؟
(ويصعب أن نترك هذا للصدفة في شيء تكلف الملايين)، فسيكون الأقرب أنه مصور من المنظمة الاستشراقية، وكما عندنا "لا بد من العيش والملح" فإن المائدة لا تكون مائدة عند المستشرقين بدون بيرة، وحتى لا تغضب الجهة المانحة صُوَّرت لهم زجاجة البيرة.
وأما أن هذا سيغضب الجمهور فهي مفسدة يمكن احتمالها؛ لا سيما وأن البحيري أغضب الجمهور يوم سب البخاري، وزيدان أغضب الجمهور يوم سب صلاح الدين، وفاطمة ناعوت أغضبت الجمهور يوم سخرت من الأضحية؛ فالجمهور عند هؤلاء مرتبة ثانية أو ثالثة، والمهم أن تكون المؤسسة الاستشراقية راضية.
5- تبقى قضية أن يوسف زيدان قال: "أنا لا أشرب البيرة؛ لأنها بتوجع البطن!":
وهل يدل هذا أنها جرَّبها من قبل؟ حتى هذه ممكن نستعين بمبعوثي المنظمة الاستشراقية لتفسيرها.
ودعنا نفترض أن يكونَ شخص ماكرٌ منهم قال: أتدرون أننا نشرب البيرة، ونحن نحسدكم على شريعتكم التي حرمت عليكم الخبائث؟
وغالب الظن أنه لو حدث هذا، أنه يريد أن يختبر مَن سيأخذه الحنين إلى دينه فيخرج محدثًا بهذا الحوار، ولكنهم كلهم كانوا من النباهة بمكان أنه إذا ذَكَر مستشرق محاسن الشريعة، فالواجب عليهم أن يكتموا هذا ولا ينشروه، إلى أن جاءت لقطة الصورة فوجد يوسف زيدان أن هذه المعلومة جيدة يدافع بها عن نفسه.
مرة أخرى أقول: هذا افتراض، لكن يبدو افتراضًا سحريًّا يحل كل الألغاز، والقوم يفسرون الوحي بمثل هذه الطرق الافتراضية، فمن باب أولى جزمًا أنهم سيعطوننا الحق في تفسير ألغاز مؤسساتهم بطريقتهم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07-06-2024, 11:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,863
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مؤسسة تكوين الفكر العربي

مؤسسة تكوين الفكر العربي (3)

إبراهيم عيسى يواصل تكوين كتابه "أَسَد" الغابة في الطعن في السيرة والصحابة!



كتبه/ عبد المنعم الشحات
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد كانت المقالة الأولى في هذه السلسلة بعنوان: "باحثون لا يقرؤون.. والنتيجة توابل في بردة كعب ومقدمة للموطأ لم يقرأها إلا البحيري!".
وقد خلصنا من هذين الموقفين الكاشفين إلى تلك الخلاصة:
"الخلاصة التي لا مناص منها: أن كلَّ واحدٍ من هؤلاء يُحدثنا بما يترجمه عن آراء المستشرقين، دون أن يُكلِّف نفسه حتى أن يفتح كتابًا ليبدو الأمر كما لو كان قد قام بالبحث!
ولعل لسان حالهم يكون ترديدًا لقول الشيخ علي عبد الرازق عن قوله في كتاب: "الإسلام وأصول الحكم": إن الإسلام مجرد علاقة روحية بين العبد وبين ربه: "إنَّها عبارة ألْقاها الشيطان على لسانه!".
فلا ندري... كم عبارة ألقاها الشيطان على لسان وقلم أقوام، ولكن يسهل رصدها؛ فهي تلك العبارات المصادمة لنصوص الكتاب والسنة، الدخيلة عما ارتضته الأمة عبر تاريخها، والتي متى طولب صاحبها أن يسند لنا عباراته استعان بالمراوغة والكذب، أو الإحالة على مخطوطات نما إلى علمه أن غيره قد اطلع عليها، ولكن في هذه الحالة سيبقى محتاجًا إلى تبرير علي عبد الرازق: "الشيطان الذي يكتب بقلم أحدهم ما يكتب".
على أنه كانت هناك عشرات الأمثلة يختص منها الأستاذ "إبراهيم عيسى" بمواقف لا تقل دلالة عن موقفي: توابل يوسف زيدان، ومقدمة الموطأ التي لم يرها إلا إسلام البحيري!
وهي طريقة نُطْق إبراهيم عيسى لمرجع رئيسي -زعم أنه استقى منه كثيرًا من سمومه في أحد برامجه!-، وهو كتاب: "أُسْد -(بضم الهمزة)- الغابة في معرفة الصحابة" ، ولكن إبراهيم عيسى كان يقرأها أَسَد الغابة (بفتح الهمزة!).
وقد صحح له هذا النطق أحد المتصلين لما كان إبراهيم ضيفًا في برنامج عمرو أديب، وهو موجود على اليوتيوب، وبالطبع عنوان: "أَسَد الغابة" يأخذنا في طريق كتابات الأطفال، أو حكايات ألف ليلة وليلة، ولا أدري: لماذا ترك إبراهيم عيسى عالم الحيوان والقصص الأسطورية؛ لينصب نفسه باحثًا تاريخيًّا في التاريخ الإسلامي!
ومرة أخرى نحن أمام ظاهرة خطيرة:
-عندما يخطئ من يدعي البحث في اسم كتاب يزعم أنه مرجع رئيسي لبحثه؛ فهذا يعني أنه منتحل للبحث، وهذا يدفعنا أن نبحث نحن عن الباحث الأصلي (ولن نجد صعوبة في اكتشاف أن الباحث الرئيسي هم المستشرقون!).
-الأمر الأنكى: أنه ليس فقط منتحلًا للبحث، ولكنه حتى لم يكلِّف نفسه أن يتحقق منه ولو بمراجعة المصادر الأصلية!
- والأشد من هذه وتلك أنه حجب عنا صاحب البحث الأصلي؛ لأن القارئ إذا علم أن الباحث عدو لديننا وحضارتنا؛ فبلا شك سيكون الأصل في بحثه التهمة.
- والأخطر من هذا كله: أن كلام المستشرقين ليس بجديد، بل بدأ منذ عدة قرون، وسبقهم إليه بعض الزنادقة، وهو -على الأقل- منشور على نطاق واسع منذ بدايات القرن العشرين؛ أي: منذ قرن كامل كُتبت خلاله عشرات -إن لم يكن مئات- الردود على كل شبهة أثارها المستشرقون، فمن خيانة الأمانة أن يأتي أحد ليردد كلام المستشرقين ناسبًا إياه لنفسه باعتبار أنه نقد من داخل الصف الإسلامي، وأن يتعامى عن هذه الردود؛ فلا يعرِّج عليها، ولا يشير إلى حرف منها!
وبالتالي: لما نشرتْ لنا تكوين فيديو لإبراهيم عيسى بعنوان: "هل السيرة النبوية صحيحة؟"، كان يغلب على ظني مسبقًا أن الفيديو سيردد شبهات المستشرقين، وقد كان؛ إلا أنني لما تصفحت موقع تكوين فوجئت بمقالة بعنوان: "لغز ابن إسحاق: سيرة كاتب السيرة النبوية" لأحمد شوربجي، وهالني التطابق بين المقال والفيديو حتى يخيل لك أن إبراهيم عيسى قد خرج ليقرأ علينا مقالة زميله التكويني دونما إشارة، أو أن الثاني هو مَن فرَّغ حلقة إبراهيم عيسى ونسبها في مقالة لنفسه!
ويبدو أن الاحتمال الأول أقرب؛ لأن الفارق الوحيد تقريبًا في العنوان، وعنوان شوربجي أكثر مطابقة لأفكار المستشرقين؛ فهو يكرس لأمرين:
الأول: أن المصدر الوحيد لسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- هو سيرة ابن إسحاق. (حقيقة الأمر أن موقع هذا المصدر في أدبيات السيرة هو إكمال الرابط القصصي، وأما المواقف المؤثرة عقديًّا وفقهيًّا وأخلاقيًّا فموجودة فيما نزل من آيات تتعلق بوقائع السيرة، وبما اعتنى به أهل العلم فرووه بإسناد كتب أحاديث الأحكام في البخاري ومسلم، وكتب السنن والمسانيد، وغيرها من كتب السنة).
والثاني: أن ابن إسحاق اختلف العلماء فيه بين توثقيه وتوهينه، وأن قواعد علم المصطلح تقتضي تغليب جانب الجرح، وبالتالي نجد أن الكاتب اختار لمقالته عنوان: (سيرة كاتب السيرة النبوية)، فشوربجي أراد أن يكون عنوان مقاله أهدأ من مضمونه، على العكس من إبراهيم عيسى الذي جعل عنوان مقطع الفيديو الخاص به صادمًا إلى أقصى درجة، فطرح سؤال: (هل السيرة النبوية صحيحة؟!)، والسؤال بهل تكون إجابته: بنعم أو لا. ولا شك أن مجرد طرح هذا السؤال سوء أدب مع سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ إلا أن إبراهيم امتن علينا في نهاية كلامه باعتبار أن هناك مصدرًا وحيدًا صحيحًا للسيرة، وهو القرآن الكريم.
إذًا فطرح سؤال: (هل السيرة النبوية صحيحة؟) كان طرحًا ينم عن فقر في اللغة، أو عن سوء قصد؛ لأننا لو افترضنا أن إجابته صحيحة (وهي ليست كذلك قطعًا)، فكان يجب أن يوجِّه سؤاله للمصادر التي تَشكَّكَ فيها، وهي: سيرة ابن إسحاق -كما فعل زميله شوربجي-؛ إلا أنه أراد أن يجوِّد، فكانت النتيجة مزيدًا من التورط في الوحل كالمعتاد!
والخلاصة: أن ما كتبه شوربجي وقرأه إبراهيم كلام قديم قاله المستشرقون.
وقد فنَّده كثير من الكتاب في كتب كثيرة، منها: كتاب: "سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- والمستشرقون"، وكتاب: "السيرة النبوية وكيف حرَّفها المستشرقون"، ومنها: "المستشرقون ومصادر التشريع الإسلامي"، وبعض المؤلفات تخصصت في نقد طريقة تناول مستشرقين معينين للسيرة، مثل: "السيرة النبوية في فكر مونتجمري وات، وكارين أرمسترونج.. دراسة تحليلية تقويمية".
ومنها مَن توسَّع في بيان مصادر ابن إسحاق في السيرة؛ لبيان عور نظرة المستشرقين لسيرة ابن إسحاق، مثل كتاب: "مصادر سيرة ابن إسحاق"، ومنهم من لخَّص كل ذلك في مقدمة كتاب عن السيرة النبوية، مثل: مصطفى السباعي في مقدمة كتابه: "السيرة النبوية".
ومِن أجود مَن فعل هذا "محمد رجب بيومي" في كتاب: "السيرة النبوية عند الرواد المعاصرين"، وهو كتاب يترجم لأشهر مؤلفات السيرة في العصر الحديث، ويبيِّن أنه كان من أهم أغراض تأليف المعاصرين في السيرة الرد على المستشرقين، وقدَّم لهذا ببحثٍ وافٍ في بيان عور تناول المستشرقين لسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- (ربما يعيبه الترحيب بكل ناقد للمستشرقين، وإن كان في حقيقته متأثرًا بهم، ولكن هذا الأمر لا يؤثر على جودة بحثه ككل، وبالذات في قضية نقد منهج المستشرقين).
وأسأل الله أن ييسر لي تلخيص هذه الفوائد في مقالة واحدة؛ بيد أننا نلخصها هنا في نقاط محددة:
- المصدر الأول لسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- هو القرآن الكريم، وهنا قد يدعي مدعٍ: أن هذا هو كلام إبراهيم عيسى، ولكن ها هنا فارقان جوهريان:
الأول: أن إبراهيم عيسى يجوِّز تفسير القرآن بالرأي دون الرجوع إلى أسباب النزول، وإلى التفسير الأثري، وبالتالي فتقريبًا لا يمكن الجزم في هذا المنهج المعوج: أن أي آية من التي نزلت في بدر، وأُحُد، وصلح الحديبية، وغزوة الأحزاب، وخيانات اليهود؛ أنها تتعلق بهذه الوقائع. وقد رأينا كيف تلاعب "مفكرو تكوين!" بآية من أصرح الآيات، وهي قوله -تعالى-: (سُبْحَانَ الَّذِي ‌أَسْرَى ‌بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) (الإسراء: 1).
الثاني: أن هناك وقائع سيرة جاءت في السنة، لم ينزل بشأنها قرآن، وإبراهيم عيسى لأنه يطعن في السنة عمومًا، فالطبيعي ألا يذكرها كمرجع للسيرة.
- المصدر الثاني للسيرة هو ما صَحَّ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما ورد في البخاري ومسلم، والسنن الأربعة: النسائي وأبو داود والترمذي وابن ماجه، وما ورد في المسانيد: كمسند أحمد، ومسند عبد الرزاق، وهي أحاديث كثيرة سجَّلت المواقف المؤثرة في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
نعم لا نرى فيها الترابط القصصي، ولكن لا يكاد يخرج عنه موقف مؤثر عقديًّا أو فقهيًّا، أو أخلاقيًّا بالذات أخلاق الحرب في الإسلام، وأحكام المعاهدات والصلح والعهود.
تنبيه: سبب عدم اكتمال النسيج القصصي للسيرة في كتب السنة أن العرب أمة ديوانها الشعر، والحفظ عندها هو وسيلتها الأساسية لحفظ أخبارها، وجاءت رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم-، فعلَّم أصحابه القرآن والسنة، وحفظوا عنه أقواله وأفعاله وتقريراته، وشرعت الكتابة معضدة للحفظ، وفي أول الأمر لم يكن مأذونا إلا في كتابة القرآن، وأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- لبعض من يُؤمَن عليه اختلاط القرآن بالحديث أن يكتب مثل عبد الله بن عمر بن العاص -رضي الله عنهما-، وكان هذا الإذن إيذانًا: أن الأمة متى أمنت من هذا الاختلاط فيمكنها أن تشرع في كتاب الحديث، وقد كان؛ فبعد جمع المصحف فتح المجال لأن تخرج كتابة الحديث من طور كتابة كل راوٍ لنفسه لكي يُحدّث من صحفه بعد ذلك، إلى الكتابة التي يراد بها الانتشار لدى العامة، وفي جمع الحديث وكتابته كان الاهتمام:
- بالأحاديث التي لها تعلق بالتفسير.
- والتي لها تعلق بالعقيدة.
- تلاها التي لها تعلق بالفقه.
وهذا فيما يتعلق بخروج الأحاديث من طور الكتابة الفردية للرواة إلى طور الكتب المجموعة المعنية بأحاديث جانب معين من جوانب الدين.
وبالتالي فُرّقت وقائع السيرة بين كل كتب السنة هذه، ولأن الرابط القصصي يبقى في الناس ولا يخشى عليه الضياع تأخرت العناية به بعض الشيء.
- ومن الجدير بالذكر: أن الشيخ محمد الخضري -رحمه الله- كتب كتابه: "نور اليقين في سيرة خير المرسلين" معتمدًا فقط على القرآن، وما ورد في دواوين السنة دون الحاجة الى المصادر الأخرى؛ بيد أنه استفاد فقط من ترتيب ابن هشام، فخرج كتابًا رائعًا كافيًا، وما زال يدرس في كثير من المعاهد العلمية حتى الآن.
- والمصدر الثالث: ما جمعه بعض التابعين المعنيين بالسير حيث إنه وجدت رغبة عند عدد من أفاضل التابعين في المدينة حيث كانت كثير من وقائع السيرة، وما لم يقع في المدينة فكان جزمًا يصل إلى المدينة مكان إقامة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وهم أبان بن عثمان بن عفان، وعروة بن الزبير بن العوام، والزهري، ووهب بن منبه، وآخرون، ومرويات هؤلاء تعتبر مصدرًا ثالثًا للسيرة النبوية بجانبها القصصي وتفاصيلها الدقيقة.
- يزعم البعض: أن مرويات هؤلاء قد انتقلت إلى ابن إسحاق، وبالتالي قد ضاعت، وهذا من الجهل أو الخداع، فهؤلاء جمعوا عن آبائهم وعمن أدركوا من الصحابة أخبار المغازي وحدثوا بها تابعي التابعين، ومِن ثَمَّ تفرقت أحاديتهم بحسب سير الرواة بها، فوجدت في الصحيحين، وكتب السنن، وبقي القدر الأكبر منها في المسانيد، وهذا كله لا علاقة لابن إسحاق به، ولا علاقة لها بسيرة ابن إسحاق وإن كان ابن إسحاق قد أخذ عنهم، لكنه لم ينفرد بالأخذ عنهم.
والجدير بالذكر: أنه وجدت بحوث معاصرة تتبعتْ مرويات واحد أو أكثر ممن سمّينا من التابعين في دواوين كتب السنة، فخرجت بكتاب سيرة قارب سيرة ابن هشام، ومن هذه البحوث دراسة الدكتوراة التي أعدها الشيخ عادل عبد الغفور حول مرويات عروة بن الزبير، بخصوص سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكانت بإشراف الدكتور ربيع المدخلي (لا أظن أننا نحتاج هنا إلى التأكيد على أن كلًّا يُؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-).
- أما ابن إسحاق فسمت همته إلى تدوين كتاب ينقله عنه الرواة ككتاب (ينسخون نسخة منه كتابة، ثم يقرؤونه عليه أو يقرأه عليهم)، ومن هنا قيل: إنه أول كتاب في السيرة، وهذا الوصف صحيح بهذا المعنى الذي ذكرناه، ولكن من سوء فهم المستشرقين وسوء قصدهم؛ أنهم يعبِّرون عن هذا بأنه المصدر الوحيد لسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
الجواب عن شبهة ضعف ابن إسحاق في الحديث:
اختلف أهل العلم في ابن إسحاق بين مَن وثَّقه وبين من جَرَحه، ومن هنا وجد المستشرقون وعلى إثرهم كاتبي تكوين الفرصة السانحة للطعن عليه، ولكن هنا يدور سؤال أوَّلي لتكوين: هل تُقِرُّون بعلم مصطلح الحديث؟ وهل تقبلون ما قَبِلَه جهابذته، وترفضون ما رفضوه؟!
لا أظن أنهم يجرؤون أن يقولوا: نعم، وإلا ففيمَ الحرب على البخاري أمير المؤمنين في علم الحديث كما لقَّبته الأمة؟!
إذًا، فمِن المريب حقًّا: أن نجد فجأة استدلالًا بقواعد علم المصطلح لإسقاط ابن إسحاق، ومِن ثَمَّ إسقاط السيرة النبوية كلها!
ومع هذا، فما تذرعوا به مِن أن مَن اختلف فيه العلماء بين الجرح والتعديل، فالمقدم فيه الجرح مطلقًا ليس بصحيح؛ فربما جرح الجارحون الراوي بما لا يجرح؛ فقد جرحه هشام بن عروة بأنه يروي عن زوجته، فقال "متى لقيها ليروي عنها"؟ وهو أمر لا يعدو أن يكون شدة غيرة اعترت الرجل خشية أن يُظن امرأته تتساهل بلقاء الرواة مع أنها أكبر منه ومن ابن إسحاق، فلا شك أنه يحتمل أنه أخذ عنها قبل أن تتزوج.
وهذا يدل على أمور:
- أن في عصر الرواية الذهبي أدَّت المرأة دورها فيه.
- وأن الأمة لم تتعامل مع أحد على أنه معصوم، وقدّروا أن تأخذ فلان غيرة مفرطة على زوجته، أو غيرة من أقرانه.
والعجيب حقًّا: أن ينحاز إبراهيم عيسى، وهو من يتحدث عن تحرير المرأة (المنفلت إلى حدِّ زعمه أن جداتنا كن ترتدين المايوهات في الشواطئ!) إلى الجانب الذي يبدو أنه منطلق من غيرة مفرطة (فوق غيرة السلفيين التي يراها هو هوسًا!).
وأما طعن "مالك": فعلى جلالة الإمام مالك فقد وقف رجال الحديث في هذا الجرح الذي أمامه توثيق مفصل، ووجدوا أن الوشاة قد وشوا بين الرجلين فأسقطوا جرح مالك لابن إسحاق.
ومرة أخرى نرى الأمة تتعامل في كل موقف بما يستحقه دون تقديس لأحد.
وأما اتهامه بالتدليس فلا يسقطه لا هو ولا غيره، وإنما يقتضي التحوط، وهذا التحوط في روايات الأحكام، وأما الأخبار فتدليس ابن إسحاق (وكانت صورته دمج مرويات بعض الرواة على بعضهم بإسناد واحد مع الاختلاف بينهم في السياق)، فهو غير قادح في مرويات السير، أو إن شئنا الدقة لقلنا: الجانب القصصي في السير.
ولذلك قال الذهبي في بيان حال ابن إسحاق: "والذي تقرر عليه العمل: أن ابن إسحاق إليه المرجع في المغازي والأيام النبوية، مع أنه يشذ بأشياء، وأنه ليس بحجة في الحلال والحرام، نعم، ولا بالواهي، بل يستشهد به. وأما في أحاديث الأحكام فينحط حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن، إلا فيما شذ فيها فإنه يعد منكرًا".
وقد نقله الشوربجي في مقالته واندهش من حكم الذهبي، ولو أنه كان ينظر إلى الأمور بعين طالب العلم؛ لعلم أن كلام الذهبي موزون بموازين الذهب، بل أدق، والحمد لله رب العالمين.
يبقى طعن انفرد به إبراهيم عيسى، وهو: التشكيك في هل أسلم يسار جد محمد بن إسحق أم لا؟ مع الجزم بإسلام أبيه إسحاق.
ولا أدري: هل هذا إبراهيم عيسى المتغزل في البقرة وعابديها وهم على شركهم يستنكر على رجل أن يصير إماما في الدين؛ لأن جده كان نصرانيًّا، ولا يعلم: هل أسلم أم لا؟ (أظنه بهذا يستحق الإقالة من تكوين؛ فهو مخالف لما يدعون إليه، ولكن الكل يستباح في سبيل نصرة مذاهب المستشرقين!).
سيرة بن هشام (النسخة الأكثر تنقيحًا من سيرة ابن إسحاق):
- ثم جاء بعده ابن هشام والذي وصلت له السيرة من طريق البكائي تلميذ ابن إسحاق (وما يقال في ابن إسحاق يقال مثله في البكائي)، وقام ابن هشام بدراسة نقدية لسيرة ابن إسحاق، فاستبعد منها بعض الأشعار التي نسبها ابن إسحاق لأهل الجاهلية، ونقَّح بعض أوهامه، ومِن ثَمَّ صارت سيرة ابن هشام مقدَّمة جدًّا عند أهل العلم على كتاب ابن إسحاق نفسه، ولعل هذا أثَّر على عدد المخطوطات، حتى جاء عصرٌ فانقرضت فيه مخطوطات ابن إسحاق، ولكن مخطوطات سيرة ابن هشام من الكثرة بحيث يوجد منها في مكتبات مصر وحدها العشرات من النسخ، وفي مكتبات العالم الإسلامي المئات.
- ومن المهم: بيان أن سيرة ابن إسحاق بقيت نسخها موجودة حتى قرأها ابن جرير الطبري، وابن عبد البر، وضمنها كتبه، وكذلك الذهبي، وابن كثير، وذكر الشيخ محمد حميد الله أنه علم أنها كانت موجودة في مكتبات الهند حتى قبيل الاحتلال الإنجليزي لها، وبالتالي فالسيرة ثبتت عن طريق مرويات مصادر ابن إسحاق: كعروة بن الزبير، وأبان بن عثمان، فمروياتهم موجودة في دواوين السنة.
ثم من جهة ابن هشام "وهي النسخة المنقحة من سيرة ابن إسحاق"؛ حيث تصرف ابن هشام في سيرة ابن إسحاق بالحذف حينًا وبالزيادة حينًا، ولكن ابن هشام ضَمَّ سنده إلى ابن إسحاق فيما أثبته من سيرة ابن إسحاق، وساق بسنده المستقل ما زاده، فصارت سيرة ابن هشام مرجعًا مستقلًا مسندًا.
ولو أن تساؤلهم كان حول ماذا عسى أن يكون قد حذفه ابن هشام؟ فهذا سؤال من باب الرفاهية؛ لا سيما وقد بيَّن ابن هشام أنه حذف ما لا تعلُّق له بالسيرة، وحذف اشياء يجمل عدم ذكرها، ولكن تبقى في النهاية سيرة ابن هشام مرجعًا مسندًا لا يُحتاج في تحقيقه إلى شيء من سيرة ابن إسحاق، وأنه هو المرجع الذي أخذ منه مَن جاء بعده.
ثم من أجيال من العلماء اطلعوا على سيرة ابن إسحاق ذاتها (ثم وُجِدت قطع من مخطوطات ابن إسحاق، حققها الشيخ محمد حميد الله وطبعت، ولم يجدوا في الأجزاء التي وجدت فروقات تذكر عن سيرة ابن هشام).
- ادعى إبراهيم عيسى كذبًا أو جهلًا: أن سيرة ابن هشام لا يوجد منها سوى مخطوطتين، وأننا في مصر لم نرَ هذه المخطوطات، فحتى لو وجدت نسخة خطية وحيدة في مكتبة ما، يذهب المحققون فينسخونها ويطبعون عليها. وكل هذا ونحن نتحدث عن كتب موقعها في أدبيات السيرة إكمال الرابط القصصي، ولم نرَ من تكوين كلامًا على الأناجيل، وكل نسخها الأصلية مفقود والموجود مترجم عنها (وليس منقحًا منها مثلًا، كحال سيرة ابن هشام مع سيرة ابن إسحاق)، والنسخة اليونانية التي اعتبرت في النهاية أصلية أيضًا عدد نسخها الخطية محدود كذلك.
الترتيب المعاصر لكثير من كتب السيرة نقح الترتيب وراعى جميع المصادر:
- من أجل هذا نشأت رغبة لدى كثير من المعاصرين في إعادة كتابة السيرة؛ على أن تكون الصدارة للأدلة القرآنية، ثم لِمَا وَرَد في دواوين السنة المعتمدة، ثم إكمال التفاصيل القصصية من سيرة ابن هشام، مع تعضيد هذا بالمصادر الأخرى، وهي تشمل كتب الشمائل المحمدية، وكتب التاريخ العامة، وكتب تواريخ البلدان.
ومن أجود المشاريع في هذا الباب: كتاب: "الرحيق المختوم" للمباركفوري، وهو كتاب منذ أُلِّف وهو المعتمد في التدريس في كثير من المعاهد الرسمية، والتابعة للجمعيات الدعوية، ويوجد مثله الكثير من الكتب.
ويجب أن نعلم أن معركة الدفاع عن السيرة النبوية لا تقل أهمية عن الدفاع عن السنة النبوية، لكون السيرة بسياقها القصصي وترابط أحداثها تبقى في وجدان الكبير والصغير، ولذلك نجد أن كثيرًا من الأئمة الأعلام في كثير من ميادين العلم حرصوا على أن تكون لهم إسهاماتهم في جانب السيرة، فكتب فيها الطبري، وابن عبد البر، والذهبي، وابن كثير، وابن القيم، ومحمد بن عبد الوهاب، وغيرهم كثير عبر التاريخ.
نسأل الله أن يرد كيد الطاعنين إلى نحورهم، وأن يمسكنا بدينه حتى نلقاه عليه.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 15-06-2024, 10:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,863
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مؤسسة تكوين الفكر العربي

مؤسسة تكوين الفكر العربي (4)

صورة الإسلام كما تعرضه مؤسسة تكوين




كتبه/ عبد المنعم الشحات
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فبعد الهزيمة العسكرية الساحقة للرومان على أيدي المسلمين -رغم تفاوت العدد والعدة-، انسحب الرومان من الشام ومصر إلى أوروبا، فاقدي الأمل في السيطرة على مصر والشام اللتين كانتا سلال الغلال لأوروبا.
وعاشت أوروبا قرونًا من الرعب، والجيوش الإسلامية تدق مرة بعد أخرى أبواب القسطنطينية حتى أوشكوا أن يفتحوها أكثر من مرة، وكانت المفاجأة أن المسلمين انتهوا من فتح شمال إفريقيا، ومنها عبروا إلى أوروبا من جهة جنوبها الغربي، وأنشأوا حضارة الأندلس الغنَّاء.
فلم يجد الأوروبيون بدًّا من أن يستفيدوا من هذه الحضارة الفتية؛ فأرسلوا وفودهم إلى الأندلس للتعلم، ولكنهم كانوا يعودون منبهرين بكل ما رأوه في الأندلس، ولكن كان جانب الانبهار الأخطر بالنسبة للغرب هو العقيدة وفطريتها، وسلامتها مما يناقض العقل وبُعدها عن مسالك الوثنية، ومن هنا نشأت في القرن العاشر الميلادي أولى حركات الاستشراق، وهي حركة كان غرضها الأول التعلم الدنيوي من المسلمين؛ ولذلك كانت نبرتها هادئة، ولكنها أيضًا حاولت أن تقدِّم نقدًا دينيًّا لدين الإسلام، وهو لم يكن نقدًا بمقدار ما هو إثبات أن الإسلام كعقيدة وشريعة ومنهج ليس بأكثر تميزًا من "النصرانية".
أخذت هذه النزعة النقدية تنمو حتى بلغت أوجها في القرن الثاني عشر الميلادي وكتمهيد للحروب الصليبية، وفيه ارتفعت وتيرة الكذب إلى حدِّ الزعم أن المسلمين يعبدون محمدًا -صلى الله عليه وسلم-، وأن دينهم وثني محض، منقول من الوثنيين، مع بعض إضافات من كتب اليهود والنصارى!
ثم بعد انكسار الحملات الصليبية وسرقتها لكثير من المخطوطات في طريق عودتها ازداد شغف المستشرقين الأوروبيين بعلوم القرآن والحديث، والسيرة والفقه، ووقفوا كثيرًا عند علم مصطلح الحديث، وعلم أصول الفقه، وتوجهت كثيرٌ من دراستهم أيضًا إلى محاولات الزعم أن المسلمين لم يقدموا جديدًا في حفظ دينهم أكثر مما فعله النصارى؛ فدسُّوا الأكاذيب حول جمع القرآن وكتابته وقراءته، وحول جمع السنة من باب أولى، وهكذا...
ثم جاءت الثورة العالمانية في أوروبا كردِّ فعلٍ لما في كتبهم من مخالفة العقل، ومخالفته للعلم الحديث، ولوقوف كنيستهم حجر عثرة في طريق التقدم العلمي؛ فكانت العالمانية في موجتها الأولى محارِبة للدين تمامًا، متبنية للإلحاد فأنكرت وجود خالق للكون، ثم مالت للتصالح مع الدين بشروط، أهمها:
- تقرير كون العقل مقدمًا على الدين (مع التسليم بأنهما يتعارضان حتمًا في مواطن كثيرة).
- تقرير أن العلم يقدَّم على الدين؛ حتى شمل هذا علومًا ليست قطعية، بل واحتمال خطئها أكبر كبحث دنيوي مجرد، مثل: نظرية داروين.
- تقرير أن الدين لا يتضمن تشريعًا أو أن تشريعه ليس ملزمًا، وقد تداخلت مع تلك الموجات العالمانية حروب ضروس خاضتها أوروبا، بعضها داخلي كما كان في الحروب الداخلية في إنجلترا، وبينها وبين إيرلندا، وحروب المستعمرات الأمريكية مع إنجلترا، والحرب الأهلية الأمريكية، وبعضها كانت حروبًا أوروبية واسعة النطاق، وكان من آخرها الحربان العالميتان.
ومِن ثَمَّ بدأت أوروبا تتبنى خطابًا يجرم الانتصار للدين؛ ليس فقط بالحروب، بل الانتصار له بالدعوة إليه وبيان محاسنه.
وهذا ملخَّص لما فعلته أوروبا بدينها:
1- قام بولس بنشر النصرانية في بلاد أوروبا، ولكنه لما وجد إعراضًا من أوروبا الوثنية عن دعوته، أعاد صياغة قصة عيسى -عليه السلام- ليركبها مع أساطير الوثنيين القائلين بحلول الآلهة في البشر أو التحول من إنسان إلى إله، والعكس! ولهذا الاعتقاد جذور عميقة في الفكر اليوناني ثم الروماني.
2- فرض الإمبراطور قسطنطين هذا الدين بهذا التصور، ولم يكن هذا الأمر محل إجماع في البداية؛ فقد بقي مَن يدعو إلى دين عيسى -عليه السلام- كما هو على التوحيد، وكان منهم أريوس بالإسكندرية بمصر، وكان أتباعه بمصر والشام، وقد يكون هو المعنى بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لهرقل: (فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ) (متفق عليه)، ولكن هذه الطائفة قُتِلت عن بكرة أبيها.
3- بعد المعركة بين الدين من جهة، والعقل والعلم من جهة، استحدث الغرب في دينه عدة أمور، منها ما يلي:
4- عالجت الكنيسة الانقطاع بين كُتَّاب الأناجيل وبين عيسى -عليه السلام-، بدعوى أن الروح القدس كان يحل بكتبة الأناجيل، فهي وحي خاص لكتاب الأناجيل! ولكن بعد طوفان العالمانية ومناقشة حجج هذا القول، ولماذا اختيرت أربعة أناجيل من السبعين التي كانت منتشرة طالما أنها تكتب بوحي من الروح القدس؟ فضلًا عن التساؤل عن النص الموحَى: هل هو النص السرياني أم ماذا؟ ومدى عصمة الترجمة، إلى آخر هذه الأسئلة... في النهاية قبلت كل الكنائس الأوروبية تقريبًا بأن كتابهم المقدس لم يكن مقدَّسًا من جهة الرواية، وأنه زيد فيه ونقص، ومِن ثَمَّ فهو قابل للنقد من هذه الحيثية.
5- وفوق هذا: قُبِلت الدعوى بأن الله أنزل على أنبيائه في كتبهم المقدسة كتبًا احتوت على أساطير، كان الناس يروونها (وهي كاذبة)، فأعاد الله إنزالها على أنبيائه ورسله، ويبدو أن هذه كانت المخرج الوحيد لوجود بعض القصص التي ثبت يقينًا عدم صدقها؛ لمخالفتها للحس أو العلم، مثل: قصة أن يعقوب -عليه السلام- استطاع استيلاد غنم منقطة عن طريق ترقيش العشب المقدَّم لها.
6- وأما مسألة أن كتابهم المقدس لا يحتوي على تشريع، فقد احتمت الكنيسة بنصٍّ في الأناجيل منسوب لعيسى -عليه السلام- يقول فيه: "أعطِ ما لله لله، وما لقيصر لقيصر".
7- إلا أن العالمانيين لم يقنعوا بهذا حتى قرروا أن الكتاب المقدس كتاب تراثي رمزي؛ لكل جيل إعادة تشكيله تمامًا وَفْق علومهم وثقافتهم ليكونوا غير ملتزمين بتصديق أخباره، ولا تطبيق أحكامه، وبالتالي اعتبروا -مثلًا-: قصة خلق آدم -عليه السلام- قصة رمزية تمامًا، وبالتالي فالمصدر العلمي عندهم في خلق الإنسان هو نظرية داروين.
8- كانت الموجات العالمانية في بدايتها إلحادية، وبالتالي أيضًا تم إعادة تفسير النصوص التي تنادي بلعن مَن يخالف عقائدهم أنها نصوص رمزية وقرروا حق الاعتقاد، ومنه أيضا حق الإلحاد (تقدم بيان أن أوروبا في مرحلة تبنيها للنصرانية كانت تعادي الإسلام من منطلق ديني سياسي، ومن تخبطهم أنهم بعد العالمانية يعادون الإسلام من منطلق ديني نصراني، ومن منطلق عالماني، ومن منطلق سياسي).
9- مفكرو العالمانية -كما ذكرنا- بعضهم معادٍ للتدين جملة وتفصيلًا، وبعضهم منشغل جدًّا بالمشترك الديني كنوع من تقديم دين لمن يرغب في التدين بدين لا يسبب حروبًا، ولا يلزم بتصديق أخبار، ولا بطاعات، أو تشريعات. وهؤلاء ينشغلون بتجارب الصوفية باعتبارها نزعة فلسفية وجدت في كل الأمم، بل البصمة النصرانية الرهبانية واضحة فيها جدًّا فهي قريبة من تراث يملكونه، وإن كانوا قد تمردوا عليه!
وهم في ذلك يهتمون أكثر بالصوفية القائلين بوحدة الوجود؛ لأنها في النهاية فكرة إلحادية، ولا يوجد فيها تشريع، وهي فكرة يرى أصحابها أنها جوهر قابل لأن تلبسه قشرة أي دين في مرحلة المجاهدة التي يزعمون أن مَن يقوم بها سينكشف له أن الخلق والخالق شيء واحد؛ تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا، وبالتالي فوحدة الوجود هي أقصر الطرق لفكرة وحدة الأديان الشيطانية.
ثم جاءت موجة الاحتلال العسكري، وجاءنا الغرب بمطاعن المستشرقين الأولى جنبًا إلى جنب مع مطاعن العالمانية على دين الكنيسة، زاعمين أن هذه المطاعن تصدق على كل دين، وزاعمين في ذات الوقت أن الطريقة الوحيدة لتفادي هذه المطاعن هي ذات ما فعله الغرب في دينه، فاستغربوا عقولًا من عقول أبناء المسلمين، ووظَّفوهم في الترويج لباطلهم.
ومع بداية اكتشاف الأميركتين في القرن الخامس عشر الميلادي اشرأبت أعناق مفكري الغرب لتكوين غرب مهيمن مسيطر فكريًّا قبل أن يكون عسكريًّا، وبعد صعود نجم الولايات المتحدة الأمريكية ثم بعد انتهاء الحرب الباردة بينها وبين الاتحاد السوفيتي علت جدًّا وتيرة الدعوة الى العولمة، وهي باختصار (الأمركة) سياسيًّا واقتصاديًّا ودينيًّا.
وستجد أن كل الأديان قابلة لأن يصنع بها ما صنعه الغرب في دينه "ما عدا الإسلام"؛ ولذلك ما زال الغرب يُنشئ ويدعم ويساند مؤسسات كثيرة لنشر صورة جديدة من الإسلام بعد إدخال كل أنواع العبث التي أدخلوها على دينهم.
ومن هذه المؤسسات: "مؤسسة راند" على المستوى الدولي، ومؤسسة "مؤمنون بلا حدود" في الوطن العربي، وأخيرًا: الطبعة المصرية منها: "مؤسسة تكوين الفكر العربي"، ولكن هيهات هيهات... فالله (‌غَالِبٌ ‌عَلَى ‌أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (يوسف: 21).
الإسلام كما يعرضه الغرب:
كل ما تقدَّم من أباطيل يريد الغرب أن يصدر لنا وجودها في الإسلام لأسبابٍ، منها:
الأول: أن الغرب ما زال يشعر أنه تاريخيًّا أمة نصرانية، ولا يمكن التنصل من هذا، ومِن ثَمَّ لا يريد أن يعترف بأي تميز للإسلام على النصرانية.
الثاني: أن الغرب يريد منا أن نكون عالمانيين مثله؛ فلا بد من إثبات ذات الأسباب التي أدت لانتشار العالمانية عنده. والغرب يريد منا أن نكون عالمانيين من باب السيطرة الفكرية، ومن باب أنه يعرف ما لدين الإسلام من قوة؛ فإن كان هو قد اختار العالمانية فلا يمكن أن يتركك تنفرد بسبب قوة ومصدر وحدة؛ لا سيما إذا كان متى ترك المسلمون وشأنهم، وتعلُّم دينهم من مصادره؛ فسوف يزدادون تمسكًا به، ولن يجدوا فيه ما ينفِّرهم منه.
ويمكن أن يقال: إن في مرحلة ما قبل العلمانية كان الغرب يريد أن يمنع ويحصن أتباعه من الانبهار بالإسلام، فتركزت جهود المستشرقين على تثبيت أنواع من الكذب على الإسلام ليظهر أن فيه نفس عيوب النصرانية، بل أكثر! ثم في مرحلة العالمانية أبقوا هذه الشبهات وأضافوا إليها ليقرروا حاجتنا إلى العالمانية كما احتاجوا هم إليها.
أمثلة مِن فكر رموز مؤسسة تكوين:
1- بالنسبة لما تقدم طرحه من تنظير الغرب لقبول الإلحاد، فإن مركز تكوين يضم كتابًا يصرحون بإلحادهم (عامة ما يطرح في تكوين إلحاد بمعناه الشرعي من الميل والعدول عن الحق إلى الباطل، ولكن نعني هنا أنهم ينصرون الإلحاد بمعناه الاصطلاحي، وصورته الأكثر وضوحًا، وهي إنكار وجود خالق!).
2- أما وحدة الوجود فيدافع عن القائلين بها: يوسف زيدان، وفراس السواح!
3- وأما زمالة الأديان "بالذات اليهودية والنصرانية" مع الإسلام (وتجري محاولات للدمج بينهم -والعياذ بالله- تحت مسمَّى: الدين الإبراهيمي!)؛ فأمر يدندن حوله كثيرٌ منهم، بل بلغ السفه بإبراهيم عيسى أن يتغزل بالبقرة مطالبًا منا ألا نسخر من عبدة البقر!
4- وأما التشجيع على القول بأن القرآن كتاب رمزي، فيوسف زيدان، وفراس سواح شديدا الثناء على إخوان الصفا (وهي جماعة باطنية تعامل القرآن على أنه كتاب رمزي، وزيادة على هذا: أنها كتبت رسائلها بطريقة رمزية أيضًا؛ لتتلاشى أهمية استعمال اللغة تمامًا)، كما وصف يوسف زيدان صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله- بأنه أسوأ شخصية في التاريخ لقضائه على الدولة الباطنية المسماة زورًا: بالفاطمية! وكتب بعضهم قدحًا في صلاح الدين؛ لأمره بقتل السهروردي أحد القائلين بوحدة الوجود.
5- وأما التشكيك في الوحي أيضًا فيتبناه بعضهم، ومن ذلك: دعوى أن القرآن المكتوب ليس هو بعينه الذي نزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- (وهذا يردده محمد أركون، ويسميه أنسنة الوحي، ومؤسسة تكوين تنشر دراسات لتلاميذ محمد أركون!).
وجدير بالذكر: أن هذه الشبهة مجاب عنها بالتفصيل في كتب علوم القرآن.
وجدير بالذكر أيضًا: الإجماع على كفر من قال بهذا.
6- ومن ذلك: دعوى أن القرآن يحتوي على أساطير، كما يصرِّح بهذا فراس سواح "عضو مجلس أمناء مؤسسة تكوين"، وأيضًا لا يخفى الإجماع على كفر من قال بهذا.
هذا وقد ردَّده إسلام البحيري ضمنًا، حينما أعاد التمثيل بكتاب: "في الشعر الجاهلي" لطه حسين؛ رغم أن الأزهر كفَّره بسببه، ثم قام بسحبه -كما تقدم في مقالات سابقة-.
7- وكذلك دعوى أن القرآن تراث رمزي، وهذا يردده محمد أركون والجابري، وتلاميذهما من تكوين.
ويدندن حوله إسلام البحيري وإبراهيم عيسى.
7- دعوى تأخر تدوين السنة وتدخل الأهواء السياسية في هذا التدوين، وهو يكاد يكون من الأكاذيب التي يرددها كل مجلس أمناء تكوين.
8- التشكيك في ثبوت السيرة النبوية -وقد ناقشناه في مقالة سابقة-، وهو من الخطورة بمكان؛ لأن السيرة تمثِّل الرابطة التي تربط غير المشتغلين بالعلم الشرعي بنبيهم -صلى الله عليه وسلم-.
9- التشكيك في الصحابة وعدالتهم كما هو ديدن إبراهيم عيسى، وإسلام البحيري؛ فضلًا عن الشبهات المعتادة لإبراهيم عيسى وإسلام بحيري، ومنها:
- زعم تاريخية النص، وأن العمل به مؤقت بزمانه فقط.
- ادعاء أن العبرة بخصوص السبب.
- الطعن في أدوات التفسير.
- السنة.
- السيرة.
- الصحابة.
- علم الحديث.
- المحدثون.
- الفقهاء.
نسأل الله أن يرد شرورهم عن الأمة وتراثها وأبنائها.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15-06-2024, 10:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,863
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مؤسسة تكوين الفكر العربي

مؤسسة تكوين الفكر العربي (5)

بعد مائة عام من فشل الحملة الأولى.. تكوين تطلق الحملة الثانية ضد القرآن الكريم!




كتبه/ عبد المنعم الشحات
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد استعرضنا في المقالات السابقة بعض الانحرافات الفكرية لـ"مؤسسة تكوين"، وبعض هذه الانحرافات التي ينادون بها اعتدنا عليها، كالشبهات الموجَّهة إلى السنة النبوية؛ سواء الشبهات المتعلقة بحجيتها أو بتدوينها، أو بدلالتها، وغير ذلك مما يهرف به "إبراهيم عيسى"، و"إسلام البحيري!".
بل حتى افتراءات "يوسف زيدان" على "صلاح الدين" -رحمه الله-، وزعمه أن المسجد الأقصى في الطائف، تحولت إلى ما يشبه المقاطع الفكاهية، طبعًا جنبًا إلى جنب مع مقطعه الأشد إضحاكًا الذي يتحدث فيه عن "توابل بردة كعب" -رضي الله عنه-، والمقطع الذي دافع فيه عن المقطع الأول زاعمًا أن "بردة البوصيري" أيضًا لم تخلُ من التوابل!
فما الجديد في مؤسسة تكوين؟!
الجديد أن مجلس أمناء مؤسسة تكوين، يضم:
- "فراس سواح"، والذي يقدَّم على أنه متخصص في علم تاريخ الأديان!
- كما يضم "نايلة أبي نادر"، والتي ذَكَر موقع المؤسسة أنها حاصلة على الدكتوراة، وعنوان رسالتها كان: "خصوصية المنهج النقدي في الفكر العربي الإسلامي المعاصر من خلال محمد أركون، ومحمد عابد الجابري".
- كما يضم "ألفة يوسف" التي عرفها موقع المؤسسة بأنها باحثة في الإسلاميات، والتحليل النفسي، وقضايا الجندر.
وهؤلاء الباحثون الثلاثة أجانب عن مصر كجنسيات، ولكن ليس هذا هو المهم، وإنما المهم أنهم ينتمون إلى بلاد نجح فيها التغريبيون والعالمانيون أن يعبثوا باسم البحث العلمي في ثوابتٍ لم يقبل المجتمع المصري عبر تاريخه حتى مجرد طرحها على مائدة المناقشة:
- فقد تكلَّم رفاعة الطهطاوي عن الانبهار بالانحلال الأخلاقي في فرنسا: وإن كان قد أعقبه بتعقيب خافت أنه لا ينصح المسلمين به؛ فثار الجميع ضده "وعلى رأسهم الأزهر".
- و طرح "علي عبد الرزاق" دعوى: أن الاسلام لا يتضمن نظامًا للحكم؛ فثار ضده الجميع "وعلى رأسهم الأزهر".
- وردَّد الحداثيون شبهات كثيرة حول السنة: فتصدَّى لها العلامة "محب الدين الخطيب، والعلامة محمد رشيد رضا"، وغيرهما.
- ثم جمعها "أبو رية" في كتابه المظلم: "أضواء على السنة النبوية" الذي نشره في عام 1957م، وإن كانت الشبهات ذاتها كانت مطروحة في الصحافة المصرية والعربية منذ بدايات القرن العشرين، فلما نُشِر كتاب أبي رية؛ كلَّف الأزهر العلامة "محمد أبو شهبة" لكتابة رد عليه، فكتب كتابه القيم: "دفاع عن السنة النبوية"، وتولَّت مجلة الأزهر -وكان يرأس تحريرها حينها العلامة محب الدين الخطيب- نشر الكثير من الردود عليه.
وكل هذه المعارك تصدت لها الأمة، وبقي للمستشرقين وأذنابهم تلاميذ، ولدعاة الحق تلاميذ؛ حتى انتهى أمر الطعن في السنة في مصر إلى إبراهيم عيسى، والبحيري، وفي المقابل -بفضل الله تعالى- ما زال يوجد مَن يبدِّد ظلام هذه الشبهات.
ولكن المعركة الكبرى كانت في الطعن في القرآن ذاته! وهي معركة دارت رحاها في معظم البلاد العربية، وانتهت في بعض البلاد العربية إلى ما انتهت إليه معركة الطعن في السنة؛ أن المعركة مستمرة، فهناك مَن يرث الضلالة وينشر الطعن في القرآن، ومِن أبرزهم في العصور المتأخرة: محمد أركون، والجابري، وهناك بلا شك علماء وأدباء ومصلحون يردون ويفندون،
ولكن في مصر كانت القصة مختلفة -بفضل الله- حيث لم يقبل المجتمع المصري حتى وجود تلك الشبهة كشبهة، ولم يسمح أن تُكتب حتى في كتاب ملقى على رفٍّ في مكتبة نائية.

وإليك تفاصيل تلك المعركة:
- في مصر كانت الطعون في القرآن تأتي من المستشرقين أو من تلاميذهم الذين لم تعتبرهم الأمة جزءًا منها: كسلامة موسى، وغيره.
- ولكن الصدمة الكبرى حصلت لما جاءت عن طريق أحدِ مَن درسوا في الأزهر، وهو: "طه حسين"؛ الذي لمز عصمة القرآن في مواطن من كتابه: "في الشعر الجاهلي" الذى نشره عام 1926 كما تقدَّم في مقالة سابقة، ولكن الانتفاضة المصرية المتمثلة في قادة الفكر الإسلامي: كالشيخ محمد رشيد رضا، ومحب الدين الخطيب، والأزهر، وهيئة كبار علمائه، وشيخه، واللجنة الخاصة التي كوَّنها شيخه للرد على الكتاب، والحكومة والقصر، والنيابة العامة، والساسة، والوطنيين مثل: "محمد فريد وجدي"، والأدباء، وعلى رأسهم الأديب الألمعي: "مصطفى صادق الرافعي" الذي كشف عوار أدب طه حسين، وكشف عوار مدير الجامعة المصرية الذي مكَّنه من تدريس كتبه في الجامعة "أحمد لطفي السيد"، ودافع عن القرآن وعن بلاغته، وعن علومه، وبيَّن البُعد الشديد بين طه حسين وبين العربية، وأنه يحتاج مَن يترجم له من العربية إلى العربية!
وفى النهاية تراجع طه حسين عن كتابه، وجعل الطبعة الجديدة كتابًا مختلفًا بعنوان آخر، وهو: "في الأدب الجاهلي"، ويا للأسف طه حسين تراجع عن هذا، ولكنه في عام 1938 كتب كتابًا بعنوان: (مستقبل الثقافة في مصر) يؤصِّل للتغريب، وفي عام 1957 نال نصيبًا من الطعن الثاني، وهو تقديمه لكتاب صديقه "أبي رية": (أضواء على السنة النبوية)، والذي أصَّل فيه للطعن في السنة النبوية.
وقد قدَّمنا في مقالات خاصة عن تراجعات طه حسين: أن طه حسين "تحسن فكره" في آخر حياته فيما يتعلق بالقرآن، ولكنه من حيث السنة والسيرة بقي فيها على الشكوك التي أثارها صاحبه أبو رية، أو على كثير منها -على الأقل-.
المهم: أن المجتمع المصري لم يقبل حتى أن يوجد على رفٍّ من أرفف مكتباته، كتابًا يطعن في القرآن، ولم يقبل أن يطرح في صالون ثقافي ولو كان يضم بضعة نفر أي طعن في القرآن.
ثم جاء "نصر حامد أبو زيد" فلم يجرؤ أن يطعن في القرآن صراحة فصب هجومه على الإمام الشافعي -رفع الله قدره بمقدار ما تنبَّه مبكرًا لتلك الحرب فحَصَّنَّا منها بكتابه الماتع: "الرسالة"-، فجعل نصر حامد أبو زيد طعنه في القرآن مستترًا، وأظهره وكأنه نقد لكتاب: "الرسالة"، وفي صاحبه الإمام الشافعي!
وحقيقة طعنه كان في القرآن؛ فهو يريد أن يُعَامَل القرآن ككتاب تاريخي، وأن تُعَامَل نصوصه كتراث أدبي، وليست كنصِّ خطاب من عند الله ملزم لعباده، فزعم نصر حامد أبو زيد: أن من أصَّل أن القرآن خطاب، وأن له قواعد تفسير ملزمة، وأن السنة هي المصدر الرئيسي لتفسير القرآن وبيان مجمله، إلخ؛ فزعم أن كل هذه المعاني من اختراع الامام الشافعي!
ورغم هذا التترس والاستتار والتخفي؛ إلا أن القضاء المصري أصدر حكمه بردَّتِه؛ لأن كلامه في حقيقته طعن في القرآن.
والآن ماذا تريد تكوين؟!
هي لا تريد فقط أن تعيد نشر برامج إبراهيم عيسى وإسلام البحيري، فهي برامج فضائية؛ أي: أنها منشورة بأعلى وسيلة نشر، ومعهم كتيبة من كتائب العالمانيين يروعون كلَّ مَن يرد عليهم، ويتهمونه بالإرهاب، ويهددون القضاء ذاته متى حكم على أحد هؤلاء بما يستحقه من جرائم الطعن في الثوابت!
ولكن تكوين تريد فوق هذ الضلال: أن يوجد موقع إنترنت يُنشر عليه دراسات مقتبسة من فكر أركون الذي يقول بالأفكار الكفرية التالية:
- أنسنة الوحي أو الظاهرة القرآنية: فهو يزعم أن المصحف أُخِذ من الوحي المنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولكن مع زيادة ونقصان! وبالتالي فمن حق أي أحد أن يدعي في كل آية يستشكلها عقله المريض، أنها مما زاده كُتَّاب المصحف!
ومن المعلوم إجماع الأمة على ردة من اعتقد أن القرآن قد زيد فيه ونقص؛ وذلك أن الله -تعالى- يقول: (‌إِنَّا ‌نَحْنُ ‌نَزَّلْنَا ‌الذِّكْرَ ‌وَإِنَّا ‌لَهُ ‌لَحَافِظُونَ) (الحجر: 9).
- وفوق هذا: فقد أوجد أبوابًا أخرى للتكذيب بالقرآن، منها: زعمه أن الله -تعالى الله عما يقول علوًّا كبيرًا- حكى أساطير كاذبة بصيغة الخبر، فيما أوحى لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، وبالتالي فمن الممكن أن تكون قصة خلق آدم -مثلًا- أسطورة كاذبة، قصد بها دعوة الناس إلى الوحدة والاتحاد؛ لأن أباهم واحد، ولأن الناس في ذلك الزمان لم يكن لديهم استعداد لتقبل فكرة أنهم انحدروا من نسل قرد، فلما تقدَّم بهم العلم وعرفوا هذا، حينئذٍ اكتشفنا ان ما في الوحي أسطورة! (هذا إفكهم وضلالاهم -نعوذ بالله من هذا الكفر الواضح المستبين-، ولا شك أن كل إنسان سوي لا يمكنه أن يطمئن إلى أنه منحدر من نسل حيوان؛ فكيف بإنسان مؤمن يجزم بصدق ما أخبره الله به من أن أباه الأول كان مخلوقًا مكرَّمًا، خلقه الله في أحسن صورة؟!).
- وفوق هذا، فما زال عنده متسع للعبث بالقرآن أكثر حينما يزعم أن القرآن خطاب رمزي، يمكننا تفسيره بقواعدنا نحن، ونطوعه لأهوائنا نحن!
وهذه الطوام يشارك محمد أركون فيها فراس سواح، ربما باستثناء النقطة الأولى، ولكنه يدندن كثيرًا حول احتواء القرآن على أساطير، وحول رمزية القرآن!
وفوق هذا، هو مؤصل لفكرة تطور العقيدة من عبودية البشر، واتخاذ الأصنام رمزًا لزعماء القبائل، بل ويزعم أن البشرية اتفقت على إلهة أنثى يسميها عشتار! وفي مرحلة انتقالية من عبودية الأنثى الكبرى في العائلة إلى عبودية شيخ القبيلة الذكر.
الخلاصة: بعد مائة عام من سحب كتاب: "في الشعر الجاهلي" من الأسواق هربًا من غضبة مصر - حكومة وشعبًا، وأزهرًا، ومصلحين (قبل أن يتراجع صاحب الكتاب نفسه عن قناعة)-؛ جاء مؤسسو تكوين كالحية الرقطاء، يثيرون الكثير من الزوابع، ويلتقطون الصور مع زجاجة بيرة، ويختلط رجالهم بنسائهم على طريقة المراقص، ويصدمون العامة قبل الخاصة في التشكيك في سيرة محمد -صلى الله عليه وسلم- كما عرفوها!
ووسط كل هذه المعارك الخطيرة -والتي يجب علينا مواجهتها-: نجد أنهم -في خفية- قد فعلوا الجريمة الكبرى -والكثير عنها غافلون-، وهي: تدشين موقع إنترنت لهم، وهو موقع مصري، ويمكن الوصول إليه من داخل مصر، ويمكن أن يظهر لمن يجري بحثًا على الإنترنت على أي موضوع في القرآن أو السنة، أو السيرة، وفيه كلام لم تقبل مصر القصر، والعلماء، ومؤسسة الأزهر "ولا الشعب من باب أولى" أن توجد نسخة من كتاب ملقى على رفٍّ في مكتبة يتضمن "خمسة أسطر فيها طعن في القرآن العظيم".
فهل سنرى تحركًا مماثلًا ينسِف تكوين، ويغلق موقعها، ويُحَاكِم منشِئيها بتهمة الطعن في الثوابت، وبتهمة التمويل الخارجي الذي اعترفوا به جهارًا نهارًا؟!
وأختم هذه المقالة بديباجة التقرير الذي كتبته اللجنة التي ألَّفها شيخ الأزهر لدراسة كتاب: "في الشعر الجاهلي":
ديباجة تقرير لجنة الأزهر حول كتاب في الشعر الجاهلي:
"وموضوعه -الضمير عائد على كتاب في الشعر الجاهلي-: إنكار الشعر الجاهلي، وأنه منتحَل بعد الإسلام، لأسبابٍ زعمها. وقال: إنه بنى بحثه على التجرد من كل شيء حتى من دينه وقوميته عملًا بمذهب ديكارت الفرنسي! والكتاب كله مملوء بروح الإلحاد والزندقة، وفيه مغامز عديدة ضد الدين مبثوثة فيه، لا يجوز بحال أن تلقى إلى تلامذة لم يكن عندهم من المعلومات الدينية ما يتقون به هذا التضليل المفسِد لعقائدهم، والموجب للخلف والشقاق في الأمة، وإثارة فتنة عنيفة دينية ضد دين الدولة ودين الأمة.
وترى اللجنة:
أنه إذا لم تُكافَح هذه الروح الإلحادية في التعليم،
ويقتلع هذا الشر من أصله،
وتُطهَّر دور التعليم من (اللا دينية) التي يعمل بعض الأفراد على نشرها بتدبير وإحكام، تحت ستار حرية الرأي؛
اختل النظام،
وفَشَتِ الفوضى،
واضطرب حبل الأمن؛
لأن الدِّين هو أساس الطمأنينة والنظام".
اللهم قد بلغت... اللهم فاشهد.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 135.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 132.26 كيلو بايت... تم توفير 3.51 كيلو بايت...بمعدل (2.59%)]