شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         السنة وحي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 145 )           »          وقفة مع النفس.. إمكانية التغيير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 88 )           »          بين الخوف والرجاء.. لئلا يتكل رجل ولا ييأس رجل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 156 )           »          الوفاء بالوعد وإخلاف الوعيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 129 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13074 - عددالزوار : 345878 )           »          مكاسب الصحابة الكرام: نموذج في الكسب الحلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 109 )           »          رسول السلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 125 )           »          أسطورة تغيير الجنس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 147 )           »          كنز من كنوز الجنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 145 )           »          قواعد نبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 26 - عددالزوار : 4883 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-08-2024, 08:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,116
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي

‌‌اشتراط الشراء بذمة الشريكين في شركة الوجوه
قال رحمه الله: [أن يشتريا في ذمتيهما بجاهيهما فما ربحا فبينهما]: (أن يشتريا في ذمتيهما بجاهيهما): إذاً: الشرط الأول: أن يشتريا في ذمتيهما.
الذمة -كما قلنا- وصف اعتباري؛ لأنه ليس من قبيل المحسوسات، إنما هو من المعنويات، فهو لا يُرى ولا يُلمس، وإنما هو من المعنويات، فتقول: في ذمتي لك ألف ريال، والذمة لا نراها، وليست بشيء محسوس، وإنما هو وصف اعتباري مقدرٌ قيامُه بالإنسان قيامَ الأوصاف المحسوسة في موصوفاتها، فتقول: في ذمتي ألف، عليك ألف في ذمتك، هذا كله وصف اعتباري.
إذا قلنا: في ذمتنا، أي: ذمة الشريكين، فخرج من الشركة ما لو اتفقت مع شخص على أن تشتري على ذمة الشركة، فلو أنك اتفقت معي على أن نشتري بذمتنا والربح بيننا مناصفةً فذهبت أثناء الشركة واشتريت ثلاجة لبيتك؛ لكن على ذمتك، فلا تدخل في الشركة.
إذاً: لابد في الشركة أن يشترى الشيء على ذمة الشريكين، أما لو اشتُرِي على ذمة أحدهما لم يدخل في الشركة، ولا تقع الشراكة إلا إذا وقع الشيء أو اشتُرِي على ذمة الشركة وقلنا: (في ذمتيهما)، الظرفية هنا: قد تكون الذمم متساوية، كأن تقول: أي شيء تشتريه فإني ألتزم بنصف قيمته، وأي شيء أشتريه تلتزم بنصف قيمته، فذمته لك وذمتك له مناصفةً، أو -كما ذكرنا- تكون مختلفة، أحدهما يلتزم بالثلثين والآخر يلتزم بالثلث أحدهما يلتزم بثلاثة أرباع، والآخر يلتزم بالربع، تقول له: أنا طاقتي في حدود الربع، فإذا خسرت الشركة أستطيع أن ألتزم بالربع، ولا أستطيع أن أتحمل أكثر من الربع، لعدم وجود المال والسيولة عندي، أو أنت تنظر إلى حاله، فترى أنه فقير فتقول: لا أريد أن أغرر بك، وأحملك المسئولية؛ ولكن يمكن أن تتحمل معي الربع، ونحو ذلك من الأمور التي يتفق فيها الطرفان على اختلاف الذمة.
إذاً: (في ذمتيهما): ذمة الشريكين، إما متساوية إن اتفقا على المساواة، وإما متفاوتة على حسب الاتفاق
‌‌صور الشراكة بالجاه
قال: [في ذمتيهما بجاهيهما]: (بجاهيهما): الجاه -كما ذكرنا- السمعة، ويقع هذا على صورتين: الصورة الأولى: أن يؤخذ من الشخص المال أو العَرَض بجاه أحدهما، على أنه في ذمة الشريكين.
والصورة الثانية: أن يؤخذ بجاه الشريكين على ذمتيهما.
مثال الأول: تقول: نتفق الآن على أن ما يُشْتَرى على ذمتينا، فقلتَ له: نريد أن نشتري سيارات، ووجدنا السيارات الطيبة التي لها سوق عند زيد من الناس يعرفك ولا يعرفني.
إذاً: حينئذٍ الجاه الذي سيُعطى لقاءه المال، إنما هو جاه أحد الشريكين دون الآخر.
فقوله: (بجاهيهما): يشمل ما إذا كانا معاً في تقبُّل السلع، أو كان أحدهما دون الآخر، فلو أن صاحب المعرض يعرفك ولا يعرفني فاشتريتَ السيارة على ذمتي وذمتك، فجاهك في السيارة كلها من ناحية البذل؛ لكن ذمتك في السيارة على الأصل في نصفها.
مثلاً إذا كانت قيمة السيارة مائة ألف، وصاحب المعرض لا يعرف إلا أحد الشريكين، فإذا كان لا يعرف إلا أحد الشريكين، فلا يمكن أن ندخل جاهين، وإنما سندخل جاهاً واحداً، فاشترى السيارة بمائة ألف، فنقول: هذه السيارة اشتُريت بجاه أحدهما؛ ولكنها بذمة الطرفين، فتكون الذمة الأولى -وهي التي لصاحب الجاه الذي أعطيت السيارة له- في الخمسين ألفاً التي هي نصف قيمة السيارة أصلاً، فيتحملها الخمسين بالأصل، ويتحمل الخمسين الثانية كفالةً، فهو أصيل عن نفسه بجاهه، وكفيل عن صاحبه؛ لكن صاحب المعرض من حيث الأصل سيطالب من يعرفه، ولا يطالب من لا يعرفه، إلا إذا اتفقا في العقد عليهما معاً ويكون حينئذٍ كافلاً له، فهو مديون من وجه، وكفيل من وجه آخر.
إذاً: (بجاهيهما): تشمل الصورة الأولى: أن يكون المال المدفوع والعَرَض المدفوع بجاه أحدهما مثلاً: جاءا يشتريان عمارة، فقال له: يا فلان! جاهي وجاهك على أن نشتري في الأراضي، وأي شيء تشتريه أو أشتريه فبيننا مناصفةً والربح بيننا مناصفةً، فجاءا إلى عمارة، ووجدا أن هذه العمارة تباع بمليون، ومن المصلحة أن يشتريا هذه العمارة ثم يبيعانها بأكثر، فأخذا هذه العمارة دَيناً على الطرفين، فإذا أخذها أحدهما وهو معروف من صاحب العمارة دون الآخر، فإن قال له في العقد: أنا وفلان شركاء، سنأخذ منك هذه العمارة بمليون، فحينئذٍ معناه أن صاحب العمارة اتفق مع الطرفين؛ لكن يقول له صاحب العمارة: أنا لا أعرف صاحبك، هل تكفله؟ فيقول: أكفله؛ لأننا شركاء، فحينئذٍ يكون أصيلاً عن نفسه كفيلاً عن صاحبه.
ففي أي عقد من عقود شركة الوجوه أحدهما أصيل عن نفسه كفيل عن الآخر، وإذا كان يعرفهما معاً فقد اشتُري المال بجاهيهما.
وكلاهما في هذه الحالة المال بينهما كفالةً وغُرْماً، وحينئذٍ يبتاعان ويكون بينهما الربح على حسب الاتفاق.
(بجاهيهما): يمكن أن تقول: بجاهيهما، الباء للسببية، أي: بسبب جاهيهما؛ لأن الباء من معانيها: السببية، كقوله تعالى: {فَكُلَّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} [العنكبوت:40]، أي: بسبب ذنبه، وقد تكون للتعليل، والمراد بها التعليل، وهو قريب من المعنى الأول
‌‌الربح بين الشريكين على ما شرطا
قال: [فما ربحا فبينهما]: (فما ربحا): أي: إذا أخذت العين بالجاه وعلى الذمة، وبيعت بفضل وربح، فإنها بينهما على ما اتفقا عليه، إن كانت مناصفةً فمناصفة، وإن كانت أثلاثاً فأثلاثاً.
لكن مثل ما ذكرنا في شركة المضاربة نذكر في شركة الوجوه، أنك لا تقسم ربح شركة الوجوه إلا بعد رد الدين لصاحبه، فإذا بيعت العمارة بمليونين، وقد اشتريت بمليون، لا تقسم المليون الثانية إلا بعد رد الدين كاملاً لصاحبه، لاحتمال -مثلاً- أن يحصل مماطلة أو يحصل ضرر على أحد الشريكين.
فلذلك يرد المال، والربح الزائد وهو المليون يقسم بينهما.
وهكذا بالنسبة لتصفية رأس المال، لو أنهما -مثلاً- اشتريا العمارة بمليون، وهذه العمارة حينما اشترياها بمليون أجراها سنةً كاملة، فالمعلوم أنهما اشتريا العمارة نسيئةً وديناً، وخُذْها قاعدة: في شركة الوجوه لا يباع بالنقد غالباً، إنما يباع بالدين؛ ولذلك دخلت الذمة؛ لأن عقدها قائم على الدين، فإذا اشتريا أرضاً أو عمارةً أو سيارةً غالباً يشتريان إلى أجل، بعد سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات على حسب ما يريانه من المصلحة للشركة، فإذا اتفقا على شراء العمارة بمليونين، وتسدد بعد سنتين، فخلال السنتين اشتريا العمارة وقاما بتأجير العمارة خلال السنتين، ثم بيعت بعد السنتين، فأجرت خلال السنتين بمليون، وبيعت بعد السنتين برأس مالها المليون، فتُرَد المليون إلى صاحب العمارة، ثم تقسم المليون الفاضلة على ما اتفقا عليه؛ لكن لا تقسم إلا بعد دفع الحقوق، فلو كان على العمارة حقوق من فواتير كهرباء وماء كلفت قرابة مائتي ألف، فإنها تكون من الربح، ويُخصم من المليون مائتي ألف للفواتير، ولو أن هذه العمارة أجر أشخاص لتنظيفها ورعايتها ونحو ذلك، فإننا ندفع قيمة أجرتهم من الربح، فإذا تم تصفية الحقوق الواجبة على الشريكين ورد رأس المال إلى أصحابه فبعد ذلك يقسم الربح، مثل ما ذكرنا في المضاربة، وعلى هذا فيمكن جعل المناسبة بين شركة الوجوه والمضاربة من ناحية التنضيض، يعني: لا يكون القسم ولا يكون تمييز الربح وإعطاء كل ذي حق حقه من الربح إلا بعد رد رأس المال وأيضاً معرفة الحقوق الواجبة على الشركة وسدادها والوفاء بها.
قال رحمه الله: [وكل واحد منهما وكيلُ صاحبه وكفيل عنه بالثمن]: كل واحد منهما وكيل عن صاحبه وكفيل عنه بالثمن، بأي شيء يشترى؟ فكل منهما يشتري أصالةً عن نفسه، ووكالةً عن صاحبه، وهو كفيل يغرم عن صاحبه.
كفيل في حالة ما إذا أعطاه صاحب المال الذي لا يعرف صاحبه، فإن الشريك يكون كافلاً لصاحبه، وكذلك لو أخذ الآخر مالاً بجاهه، فهو وكيل في الأخذ عن صاحبه، وكفيل له إذا لم يسدد.
قال: [والملك: بينهما على ما شرطاه]: أي: يكون أرباعاً أو أثلاثاً أو مناصفة، ًً على ما اتفقا عليه
‌‌الخسارة في شركة الوجوه
قال رحمه الله: [والوضيعة: على قدر ملكيهما]: كشركة العنان، مثلاً: لو أنهما دخلا في الشركة وحصل الاتفاق على أن يُقسم المال، دخلا بالأثلاث، فكان الربح أثلاثاً، فالوضيعة تكون أثلاثاً.
مثال ذلك: لو أنهما اشتريا سيارةً وقيمةُ السيارة ثلاثون ألفاً واتفقا على أن عشرين ألفاً وهي الثلثان على دَين، وعشرة آلاف على عمل، فتلفت هذه السيارة، بحيث لا تباع بأي شيء، فحينئذٍ تكون خسارة، وصاحب السيارة يطالبهما معاً بثلاثين ألفاً، فالوضيعة والخسارة تكون حينئذٍ أثلاثاً، يغرم صاحب الثلثين ثلثي القيمة، ويغرم الآخر الثلث، وهكذا لو كانت الوضيعة في نفس رأس المال، تنقصه عن التمام والكمال.
قال: [والربح: على ما اشترطاه]: بعض العلماء يقول: الربح يُرَد إلى رأس المال، كما ذكرناه في شركة العنان، وبعضهم يقول: الربح بينهما على ما اشترطاه؛ لأنه ربما كان أحدهما أقوى جاهاً من الآخر، وربما كان أحدهما أكثر عملاً من الآخر، وفي هذا القول نظر؛ لأن من ناحية الأقوى والأشبه -كما ذكرنا-: ارتباط الوضيعة والربح برأس المال
‌‌الأسئلة
‌‌حكم بيع ما لا تملك

‌‌السؤال
وقع إشكال عندي في شركة الوجوه مع الحديث: (لا تبِع ما ليس عندك)، إذ إن من الممكن إذا طُلِبت مني سلعة ليست عندي أن أذهب إلى التاجر وآخذها بوجهي فوراً ثم أبيعها!


‌‌الجواب
باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه.
أما بعد: فإذا جاء طالب العلم يستشكل شيئاً فينبغي أن يحسن فهم النصوص والأحاديث ثم يطبقها على الإشكال الذي عنده، يعني: لا تستشكل شيئاً إلا بعد معرفة الضوابط والأصول.
الحديث يقول: (لا تبِع ما ليس عندك)، وهو حديث صحيح من حديث حكيم بن حزام حينما ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يأتيه الرجل وليس عنده المتاع، فيتفق معه، ثم يذهب ويشتريه ويبيعه، فقال له: (لا تبِع ما ليس عندك)، وهو حديث صحيح صححه غير واحد من العلماء.
لكن شركة الوجوه من حيث الأصل: الطرفان لم يبيعا ولم يتفقا مع أي شخص آخر، ثم أنت تقول: إنه قد يقع الإشكال بين الحديث وبين الشركة؛ لكن الذي ذكرتَه في السؤال: (أذهب وآخذ وأبيع).
أي: طُلِبت مني سلعة ليست عندي فأذهب إلى التاجر فآخذها بوجهي فوراً وأبيعها على الشخص.
فهذا لا يقع في شركة الوجوه فقط، بل يقع في كل شيء.
لكن شركة الوجوه قلنا: إن الشخص يتفق مع الطرف الثاني على أن يشتري شيئاً لم يبِعه لأحد، وعقد الشركة يقع بين الطرفين على شراء الأعيان على ذمتهما، ومسألة البيع على الطرف الثاني لم تأتِ، وليس لها علاقة، والآن نتكلم عن طرفين يتفقان على عقدٍ معين لشراء الأشياء على ذمتهما، وأنت تقول: الحديث يعارض عقد الشركة؛ لأن قولك: يعارض شركة الوجوه، أو يُشكل في شركة الوجوه غير مُحَرَّر، وينبغي أن يكون الاعتراض بالحديث على العقد نفسه.
وجود السؤال هذا خير وبركة؛ لأن طالب العلم دائماً لا يرتقي إلى الكمالات والضبط إلا بالتنبيه.
وأقول وأكرر: ينبغي على طالب العلم أن يتنبه للأحاديث والنصوص، وبخاصة الآيات والأحاديث، فلا تحمِّل النص أكثر مما يحتمل، ولا تصرفه عن وجهه، النص يقول: (لا تبِع ما ليس عندك) نص واضح، وهو فيمن يتفق مع شخص على بيعه ما لم يملكه بعد، كأن تتفق مع شخص على أن يبيعك سيارته بتسعة آلاف، فيأتيك شخص آخر ويقول لك: اشترِ لي سيارة من نوع كذا بعشرة آلاف وقيمتها تسعة آلاف، فتأخذ ربح الألف وأنت لم تقبض السيارة ولم تضمنها، فهذا بيعٌ لما لم تملك، وربح لما لم يضمن، هذا واضح ليس فيه أي إشكال.
والخطأ أنك إذا جئت تقول: يُشكل الحديث على شركة كذا، معناه: تأخذ معنى الحديث وتأخذ عقد شركة الوجوه.
فما علاقة عقد شركة الوجوه مع قوله: (لا تبِع ما ليس عندك)؟ ليست هناك علاقة، فعقد شركة الوجوه: يتفق الطرفان على شراء الأعيان بذمتهما، على أن الربح بينهما على ما اتفقا عليه.
ما علاقة هذا بقوله: (لا تبِع ما ليس عندك)؟ ليست هناك أي علاقة.
ولو أن الطرفين أثناء الشركة اتفقا مع الناس على السلع وتبايعا، ثم ذهبا واشتريا، فهذا أمر يرجع إلى عقد البيع، أما تصرف الشريكين فقد تصرفا ببيع ما لم يملكا، يعني: لا يظن السائل أن عقد شركة الوجوه يسلتزم بيع ما ليس عنده؛ لأن عقد شركة الوجوه لا يحصل إلا بعد الملكية والقبض، وهذا قررناه وبيَّناه، بل حتى قلنا: لا يقسم الشريكان إلا بعد تصفية رأس المال.
إذاً: عقد الشركة ليس فيه إشكال؛ لكن لو أن الشريكين تبايعا مع الناس قبل أن يملكا السلعة، فهذا لا يختص بشركة الوجوه، ويمكن أن يقع في شركة العنان، ويقع في شركة المفاوضة، ويقع حتى في المضاربة.
وحينئذٍ لا تقول: يشكل عليَّ (بيع ما ليس عنده) مع شركة الوجوه؛ لأنه من الممكن أن يقول قائل: يُشكل عليَّ أن شركة الوجوه قد تفضي إلى الربا؛ لأنه من الممكن أن يتفق الطرفان، ويصرفا المال صرفاً ربوياً، فلا نقول: إن هذا الربا يُشكل على عقد الشركة.
إذاً: من ناحية الاعتراض، فليس هناك تعارض بين عقد شركة الوجوه وبين بيع الإنسان ما لا يملك؛ لكن قد تقع بعض صور البيع من الشركة؛ سواء من أحد الشريكين أو من الشريكين معاً على صورة بيع ما لا يملك، بل ربما وقع عقد الشريكين مع طرف آخر على وجه محظور، كالبيع بطريقة الربا، أو أن يتبايعا بيع غرر، أو أن يبيعا بيع غش وتدليس، فهذا لا يؤثر في عقد الشركة، بل هو عارض بتصرف أحد الشريكين على غير الوجه المعروف؛ لكنه لا يؤثر في أصل عقد الشركة، ويؤثر في نفس الصفقة، لكن إذا جئت تعترض، فشرط الاعتراض أن يكون مؤثراً في نفس عقد الشركة.
يعني: لو اتفق الطرفان على شركة الوجوه وذهبا واتفقا مع الناس -مثلاً- على بيع سيارة، وقالا للمشتري: نؤمِّن لك هذه السيارة بمائة ألف، والسيارة قيمتها ثمانون ألفاً، ثم ذهبا واشتريا بجاهيهما سيارةً بثمانين ألفاً وباعاها بمائة ألف.
نقول حينئذٍ: عقد البيع باطل وليس عقدَ الشركة.
وحينئذٍ من ناحية أصولية منطقية: إذا ورد الاعتراض على آحاد الصور التي هي ليست مركبة من صورة العقد، ولا يستلزمها أصلُ العقد، ولا من مقتضياته ولوازمه التي لا يمكن أن تنفك عنه، فحينئذٍ يكون الاعتراض على التصرف وليس على أصل العقد.
وهذا أمر ينبغي لطالب العلم أن يتنبه له، وهو أن الاعتراض على التصرف وليس على أصل العقد، ومن الممكن أن أي شركة تقع بين الطرفين يتصرف أحد الطرفين تصرفاً خاطئاً فنقول: الخطأ في التصرف وليس في عقد الشركة؛ لأنها ليست من لوازم الشركة، ولا من حقيقة عقد الشركة، فليس من حقيقة عقد الشركة أنه قائم على بيع الإنسان ما لا يملك، وليس من لوازمه أن يبيع أحد الشريكين ما لا يملكه ويأخذ ربح ما لا يضمن.
وأكدتُ في هذه القضية بأن الاعتراضات والإشكالات يستفيد منها طلاب العلم كثيراً، بل إن علم الأصول من حيث هو إذا جئت تنظر إلى كلام العلماء ومطولاتهم فيه تجد أن الغرض منها تمرين الذهن، ورياضة الفَهم على كيفية فَهم الاعتراضات ورد الإشكالات، والجواب عنها.
ولذلك نقول: ينبغي على طالب العلم إذا اعترض أن يحرر الاعتراض، خاصة إذا كان الاعتراض فيه مصادمة نص أو آية أو حديث أو إجماع؛ لأنهم يقولون: إن الشخص إذا كان نصف عالم ربما هلك، والهلاك بنصف العلم يعني: يكون عنده نصف تصوُّر، فيستعجل الفَهم، فيُحدث الاعتراضات والإشكالات على نفسه؛ لكن لو حرر الأمور وثبت على رسوخ في العلم، لم يبقَ له إشكال.
ونسأل الله العظيم أن يلهمنا السداد والرشاد.
والله تعالى أعلم

‌‌حكم المقاسمة قبل انتهاء عقد المضاربة


‌‌السؤال
في المضاربة غالباً ما يأتي إلي صاحب المال ويقترض ويقول: اخصم هذا من الربح، ولا أدري هل سأربح أم أخسر، فما الحكم؟


‌‌الجواب
هذه المسألة مفرَّعة على مسألة القَسم قبل نهاية المضاربة، وذكرنا هذه المسألة وبينا أن الأشبه والأقوى عدم جواز ذلك، وأنه لا يكون للعامل مطالبة إلا بعد الانتهاء من المضاربة تماماً، وبينا وجه ذلك.
وبناءً على هذا فعند من يقول بالجواز: يشترط أن يرضى رب المال، فإذا قال له: اخصم هذا من المال، أو من الربح، واعترض رب المال، فمن حقه أن يعترض، وليس من حق العامل أن يأخذ؛ لأن مقتضى العقد بينهما على ذلك، والله تعالى أعلم
‌‌حكم قسمة التركة قبل الوفاة

‌‌السؤال
هل يجوز للمسلم أن يقسم تركته قبل وفاته؟ وما توجيهكم في هذا الفعل؟ هل من الأفضل فعله أم تركه؟


‌‌الجواب
هذا الفعل رخص فيه غير واحد من العلماء رحمهم الله، وقالوا: لو أن شخصاً قام بتوزيع تركته قبل موته، وأعطى ورثتَه حقوقهم، قالوا: لا بأس بذلك، خاصةً إذا كان قريباً من الموت.
وقال بعض مشايخنا رحمة الله عليهم: إن هذا الأمر فيه شيء من التغرير؛ لأنه ربما طرأ الوارث الذي يكون مستحقاً ويتعذر للميت أو للشخص أن يوفي له حقه؛ كما في حال القسمة لو قسم في أول محرم من العام الماضي، وأعطى كل ذي حق حقه، على أن يرى أنه يعدل بينهم، فأعطاهم على مقتضى قسمته، ثم طرأ وارث في هذه السنة، لا يمكن أن يسترد المال؛ لأن المال قُبض وأُخذ، فإن قلنا: إنه يأخذ حكم الهبات؛ لأنهم يفرعونها ويقولون: كما لو وهبهم وأعطاهم في حال حياته، أليس من حق الوالد أن يعطي ابنه هذا عشرة وهذا عشرة ويعطي أبناءه بالقسمة وبالعدل؟ نقول: بلى، من حقه ذلك.
قالوا: إذا كان من حقه أن يهب فمن حقه أن يقسم، وتكون القسمة أشبه بالهبة.
قالوا في هذه الحالة: لو أنه أعطاهم ثم طرأ وارث بعد ذلك لم يملك أن يأخذ؛ لأن الهبة تُملك بالقبض، وهؤلاء قد قبضوا ما وُهبوا، وبناءً على ذلك: تستقر ملكيتهم للموهوب.
وإذا قال لهم: ردوه.
فقد رجع في هبته، وقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم الرجوع في الهبة، وقال: (ليس لنا مَثَل السَّوء: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه) كما في الصحيح.
فقالوا: في هذه الحالة لا يمكن، وهذا هو الذي تطمئن إليه النفس، فعلى المسلم أن يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الناس بذلك، صحيحٌ أنه عليه الصلاة والسلام لا يُوْرَث ولا يُوَرِّث: (نحن معاشرُ الأنبياء لا نُوْرَث، ما تركناه صدقةً)؛ لكنه لم يأمر الناس ولم يدلهم على هذا، ولو كان هذا من سنته لدل عليه، فليس من هديه وسنته عليه الصلاة والسلام القسمة في حال الحياة.
وأيضاً لما كانت المواريث قد تولى الله قسمتها من فوق سبع سماوات، ولم يَكِلْها إلى مَلَك مقرب ولا إلى نبي مرسل؛ فالواجب الوقوف عند الشرع.
وأنبه على مسألة وهي: أن بعض الناس يتكلف بعض الأمور ويستعجلها قبل أوانها، وليس هناك احتياط، ولا صيانة للحقوق، ولا أداء لها أتم ولا أكمل مما بينه الله في كتابه وعلى لسان وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا تحاول أن تفعل هذا الشيء وتقول: هذا أفضل أو هذا أكمل حتى لا يختلفوا من بعدي وحتى لا يتنازعوا، فاترك الأمر لله، واترك الأمر لقسمة الله عزَّ وجلَّ، فإنك لو فعلت هذا لربما حصل أمر لا تُحمد عقباه، ومن أوجه ما يُعترض به على هذا أنه لربما قسم ماله في أول السنة، وكان له ابن ذكر، فأعطى ابنه الذكر -مثلاً- خمسين ألفاً، ثم شاء الله عزَّ وجلَّ أن هذا الابن الذكر توفي قبل أبيه، فهو يعطيه على أنه سيرثه، والواقع أنه جاء وقت الإرث وليس بمستحِق من الإرث شيئاً، فحينئذٍ أعطى من لا يستحق في الإرث من حيث الأصل، والخمسون ألفاً لربما أخذها الابن وأضاعها في أموره، ولا يمكن تداركها.
وقد يقول قائل: إنها ستئول ميراثاً للبقية.
نقول: لكن الإرث من الابن ليس كالإرث من الأب، والنصيب يختلف، فنصيب الأخت مع أخيها ليس كنصيبها كبنت، فالأمر يحتاج إلى شيء من التأني والروية، واتباع هدي السلف الصالح رضي الله عنهم ورحمهم أجمعين، ولا نجاوز هذه الحدود، فلا يقسم الرجل تركته قبل موته بل يوقف على الشرع، فإذا توفي ترك ورثته لحكم الله عزَّ وجلَّ.
وهذا هو الذي تطمئن إليه النفس.
وكان بعض مشايخنا رحمة الله عليه يعترض ويقول: ربما أعطى أحد أبنائه أرضاً على أنها بمائة ألف، وبعد يوم أصبحت قيمتها عشرة آلاف ريال؛ لأنكم تعرفون قسمة المواريث قد يكون فيها نوع من الغرر، فيقدر العمارة بمائة ألف، ويقول: أنت نصيبك من التركة مائة ألف، إذاً: تستحق العمارة الفلانية فيأخذها، ثم مباشرة ينزل ويكسد سوقها، أو عند قسمة الإرث تكون إحدى الأعيان قيمتها أكثر من الأخرى، فكل هذا فيه غرر ومخاطرة.
فينبغي ترك القسمة -كما ذكرنا- لقسمة الله عزَّ وجلَّ، وهذا هو الأفضل والأكمل، والله تعالى أعلم
‌‌حكم من أكل من وجه حرام بذريعة الاضطرار

‌‌السؤال
بعض الناس إذا اضطر واحتاج مد يده إلى ما حرم الله، فما نصيحتكم؟ وبماذا يتصبر من ابتلي بالدين أو الفقر؟


‌‌الجواب
اشتمل هذا السؤال على جانبين: الجانب الأول: اعتداء حدود الله، وغشيان محارمه، بأكل المال الذي حرمه على المسلم.
وأما الجانب الثاني: فهو الدَّين الذي لا شك ولا مرية في عظيم بلائه إذا ابتُلي به العبد، فهو هم الليل وذل النهار، نسأل الله العظيم أن يعيذنا منه.
فأما بالنسبة للمسلم فعليه أن يعلم أن الحلال أكثر من الحرام، وأنه ما من عبد يستغني بحلال الله إلا أغناه، وما من عبد يستغني بالله إلا كفاه، فانْعَم وطِبْ نفساً بما أحل الله لك، وإياك إياك والحرام! فإن الحرام كثيره قليل، وعظيمه حقير، وجليله يسير.
فعليك أن تعلم أن الحرام عواقبه وخيمة، فإن أضحك يوماً أبكى أياماً، والحرام يقود إلى الآثام، فكم من لقمة حرام قذفها العبد في جوفه، سلط الله شؤمَها وبلاءها على لسانه وجوارحه وأركانه! فمن أكل مال اليتامى فلربما ختم الله على قلبه، فأصبح قاسي القلب يتهاوى في الدركات والسيئات حتى يأخذه الله أخذ عزيز مقتدر، ومن استغنى بالحرام وأصبح يطلبه آناء الليل وآناء النهار استزله الشيطان وأخذه إلى ما هو أعظم وأشد حتى لا يبالي الله به في أي أودية الدنيا هلك.
واعتبر! فإن السعيد من وُعِظ بغيره.
فكم من أقوام جمعوا أموالهم من الحرام فتمتعوا وضحكوا ولَهُوا وأصابوا لذة عاجلة، فساءت خواتمهم وساءت عواقبهم وما ماتوا إلا وقد رأوا بأم أعينهم ما تتقرح العيون برؤيته! وكم من رجل جمع الحرام وجمع المال من حله ومن حرمته، ولم يبالِ بما يُدخِله على أهله وولده، فأصبحت آثار الآثام وطُعمة الحرام تظهر في أهله وولده يوماً فيوماً وشيئاً فشيئاً حتى تمرد عليه أبناؤه، وتمردت عليه أزواجه، وأصبحوا أعداءً له، حتى آذَوه في المال الذي جمعه من أجلهم! وكم تسمع من القصص ومن الأحداث ما فيه عبرة لكل معتبر! فإن الله تعالى يقول: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} [إبراهيم:42]، فالله سبحانه وتعالى ليس بغافل، وإنما يملي للظالم.
فالواجب على المسلم أن يستغني بالله، وثِقْ ثقةً تامة أنك إن استغنيت بالله جلَّ جلالُه فإن الله يسد فقرك، ويقضي دينك.
فما من عبد نزلت به حاجة، فأنزلها بالله عزَّ وجلَّ، ووجه وجهه للحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، ووجه قلبه للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً يدعوه ويرجوه، إلا فتح الله له أبواب الفرج من حيث لا يحتسب: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق:4]، ومن يتقِ الله يجعل له من كل هم فرجاً ويجعل له من كل ضيق مخرجاً.
فإياك إياك! أن تسوء ظنونُك بالله إلى درجة تعتدي فيها على حدود الله ومحارمه، ولكن استغنِ بالله يغنك، وقل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك، قد وعدك الله إن دعوته صادقاً من قلبك، أن يفتح لك أبواب الفرج وأن ييسر لك.
وأما الأمر الثاني: وهو أمر الدَّين، فالواجب على المسلم ألَّا يحمل نفسه فوق طاقته، وألَّا يريق ماء وجهه فيحملها من الديون ما لا تحتمل، ولا ينبغي له أن يغرر بأموال الناس، ومن أخذ الديون من الناس والله يعلم من قلبه أنه يريد سدادها وأنه مهتم بقضائها، يسر الله له السداد، ولو دهمه الأجل ونزل به الموت قبل أن يسددها قال بعض العلماء: فإن الله يتحمل عنه الحقوق في الآخرة، وفسروا ذلك في قوله عليه الصلاة والسلام: (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله).
فالواجب على المسلم أن يتقي الدين ما أمكنه، ولذلك استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من غلبة الدين، ومن قهر الرجال، وإذا أراد المسلم أن يجتنب الدين، فعليه أن يتدبر في أمره، وأن ينظر في حاله، وأن يرضى بالقليل، فمن رضي بالقليل جعل الله قليله كثيراً، فلا قليل مع البركة، ولا كثير إذا نزعت منه البركة.
اللهم بارك لنا في أموالنا، وبارك لنا في أمورنا وأحوالنا، وزدنا من بركاتك ورحماتك وخيراتك يا أرحم الراحمين! اللهم لا تحجب عنا عظيم فضلك وإحسانك بسوء ما يكون منا.
{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:23].
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبيه وآله وصحبه

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 13 ( الأعضاء 0 والزوار 13)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 106.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 104.43 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (1.61%)]