الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة - الصفحة 10 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         فضل صيام يوم عاشوراء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          حديث: كنا نعزِل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          لماذا تكثر الموقوفات عن ابن مسعود رضي الله عنه؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          تخريج حديث: صببت على النبي صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          كيف كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الحديث يا رسول الله، إن لي جارية وأنا أعزل عنها وأنا أكره أن تحمل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          ساعدي طفلك المعاق.. صلة جادة وحوار داعم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          أخــــــــــلاق إسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 6 - عددالزوار : 1437 )           »          الصالون الأدبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 2889 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى حراس الفضيلة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #91  
قديم 18-06-2024, 10:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة

الحكمة ضالة المؤمن (92)


- ولكن ليطمئن قلبي



في مقابلة صحفية أوضح د.عادل الزايد أن الاكتئاب هو الأكثر شيوعا في الكويت ثم القلق إضافة إلى الرهاب الاجتماعي والوسواس القهري، مشيرا إلى أن الانتحار يعد من أعراض الاكتئاب الشديد، وفي مقابلة أخرى أكد د. عبد الله الحمادي أن نسبة اضطرابات القلق في الكويت أعلى من النسب العالمية.
وهذه التأكيدات من أهل الاختصاص في مقابلات قريبة منذ عامين أو أقل، وهي نابعة من إحصائيات واستقراء للأوضاع في المجتمع الكويتي، تدل على وجود خطر صامت يهدد الناس من حيث لا يشعرون، ولا تحتاج إلى كبير جهد لترى التوتر الذي يعيشه كثير من الناس، فنظرة متأملة في شوارعنا المزدحمة يوميا، واستماع مدقق في أحاديث مجالسنا تدلك على وجود نسبة كبيرة من التوتر والقلق وخيبة الأمل الذي يعاني منه الكثير.
والقرآن الكريم يرشدنا إلى علاج القلق والتوتر، فيأمرنا بالتوكل على الله تعالى وحده فقال سبحانه: {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين}، فعن ابْن عَبَّاس أَنَّهُ رَكِبَ خَلْف رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَقَالَ لَهُ: «يَا غُلام إِنِّي مُعَلِّمُك كَلِمَات احْفَظْ اللَّه يَحْفَظْك احْفَظْ اللَّه تَجِدهُ تُجَاهك وَإِذَا سَأَلْت فَاسْأَلْ اللَّه وَإِذَا اِسْتَعَنْت فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّة لَوْ اِجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوك لَمْ يَنْفَعُوك إِلَّا بِشَيْءٍ كَتَبَهُ اللَّهُ لَك وَلَوْ اِجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوك لَمْ يَضُرُّوك إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّه عَلَيْك رُفِعَتْ الْأَقْلَام وَجَفَّتْ الصُّحُف».
ويرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى حسن الظن بالله تعالى كما قال صلى الله عليه وسلم : «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل»، وقال الله تعالى في الحديث القدسي: «أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيرا فله، وإن ظن شرا فله» أخرجه أحمد.
ويطالبنا بالتحلي بالسكينة والوقار والطمأنينة، والطمأنينة هي السكون، يقال: اطمأن الرجل اطمئنانا وطمأنينة أي: سكن.
قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} الرعد:28)، قال الطبري: وقوله: {وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ }، يقول: وتسكن قلوبهم وتستأنس بذكر الله، وقوله: {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} يقول: ألا بذكر الله تسكن وتستأنس قلوب المؤمنين.
ويبين الشيخ ابن سعدى رحمه الله أن الطمأنينة علامة المؤمنين، وهي تحصل بالذكر والقرآن فيقول: «ذكر تعالى علامة المؤمنين، فقال: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ}؛ أي: يزول قلقها واضطرابها، وتحضُرُها أفراحها ولذَّاتها. {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}؛ أي: حقيق بها وحريٌّ أن لا تطمئنَّ لشيءٍ سوى ذكره؛ فإنَّه لا شيء ألذ للقلوب ولا أشهى ولا أحلى من محبة خالقها والأنس به ومعرفته، وعلى قَدْرِ معرفتها باللّه ومحبَّتها له يكون ذِكْرُها له، هذا على القول بأنَّ ذكرَ اللّه ذِكْرُ العبد لربِّه من تسبيح وتهليل وتكبير وغير ذلك.
وقيل: إن المراد بذِكْر اللّه كتابُه الذي أنزله ذكرى للمؤمنين؛ فعلى هذا معنى طمأنينة القلب بذكر اللّه أنها حين تَعْرِفُ معاني القرآن وأحكامه تطمئنُّ لها؛ فإنَّها تدل على الحقِّ المبين المؤيَّد بالأدلة والبراهين، وبذلك تطمئنُّ القلوب؛ فإنَّها لا تطمئنُّ إلا باليقين والعلم، وذلك في كتاب اللّه مضمونٌ على أتمِّ الوجوه وأكملها، وأما ما سواه من الكتب التي لا ترجِعُ إليه؛ فلا تطمئنُّ بها، بل لا تزال قلقةً من تعارض الأدلَّة وتضادِّ الأحكام، {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (النساء:82)، وهذا إنما يعرفه من خَبَرَ كتابَ اللّه، وتدبَّره، وتدبَّر غيره من أنواع العلوم؛ فإنَّه يجد بينها وبينه فرقاً عظيماً».
وحرص إبراهيم عليه السلام على هذه الصفة الطيبة كما قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} (البقرة:260)، قال الطبري: معنى قوله: {ليطمئن قلبي} ليسكن ويهدأ باليقين الذي يستيقنه أو ليزداد يقينا أو إيمانا». وهو قول سعيد بن جبير والضحاك وقتادة والربيع و مجاهد وإبراهيم.
قال ابن سعدي: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} وذلك أنه بتوارد الأدلة اليقينية مما يزداد به الإيمان ويكمل به الإيقان ويسعى في نيله أولو العرفان».
وقد بشرنا ربنا تعالى بحسن العاقبة للأنفس المطمئنة فقال تعالى: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية}، قال الطبري: يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل الملائكة لأوليائه يوم القيامة: يا أيتها النفس المطمئنة، يعني بالمطمئنة: التي اطمأنت إلى وعد الله الذي وعد أهل الإيمان به في الدنيا من الكرامة في الآخرة فصدقت بذلك.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: المصدقة الموقنة بأن الله ربها، المسلمة لأمره فيما هو فاعل بها، وهو قول مجاهد.
قال الطاهر بن عاشور: «والمطمئنة: اسم فاعل من (اطمأن) إذا كان هادئا غير مضطرب ولا منزعج، فيجوز أن يكون من سكون النفس بالتصديق لما جاء به القرآن دون تردد ولا اضطراب بال فيكون ثناء على هذه النفس، ويجوز أن يكون من هدوء النفس بدون خوف ولا فتنة في الآخرة».
قال الشيخ ابن سعدي: {يا أيتها لنفس المطمئنة} إلى ذكر الله، الساكنة إلى حبه، التي قرت عينها بربها.
فعلى المسلم أن يحرص على طلب الطمأنينة والتحلي بالوقار، والبعد عن القلق والنزق والطيش والعجلة، فعباد الرحمن سيماهم السكينة والوقار قال تعالى:{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} (الفرقان:63)، قال ابن كثير: هذه صفات عباد الله المؤمنين {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} أي: بسكينة ووقار من غير جبرية ولا استكبار، كما قال: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} (الإسراء:37) فأما هؤلاء فإنهم يمشون من غير استكبار ولا مرح، ولا أشر ولا بطر، وليس المراد أنهم يمشون كالمرضى من التصانع تصنعا ورياء، فقد كان سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وكأنما الأرض تطوى له».
ما أحوجنا اليوم إلى سكينة الإيمان، وطمأنينة اليقين، ووقار الصالحين، ومنح أنفسنا حظها من الراحة والخلوة بالذكر، وتلاوة القرآن، والانفراد بالدعاء والمناجاة، والإقلال من الجري وراء الشهوات، والاستكثار من الملذات، والمنافسة مع الآخرين، والتزاحم بالأكتاف وراء كل وهم وسراب بالثراء العاجل، وكل عرض زائل، فما أهلك الناس إلا الدينار والدرهم، وقد أخرج مسلم عَنْ عَبْدِاللّهِ بْنِ عَمْرِو، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافاً، وَقَنَّعَهُ اللّهُ بِمَا آتَاهُ».
نسأل الله تعالى القناعة وغنى النفس وطمأنينة القلب.


اعداد: د.وليد خالد الربيع





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #92  
قديم 28-06-2024, 11:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة

الحكمــــة ضالـــة المؤمـــــن (93)


-يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب



ارتقى الإسلام بالفرد من الغرائز البهيمية المجردة إلى الصفات الإنسانية المكرمة بما شرعه الله تعالى من أحكام محكمة، وأخلاق رفيعة وآداب سنية كما قال تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم}، فغالب الحيوان لا يبالي أن يتواصل من أي أنثى من نوعه ولو كانت قريبة جدا له، إلا أن الإسلام أحاط المسلم بمحرمات من النساء، وجعل علاقته بهن قائمة على أساس الاحترام وقطع الرغبة فيهن.
لأنهن من محارمه كما قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا}(النساء:23).
ومن خلال الآية يمكن تقسيم المحرمات من النساء في الشريعة إلى ثلاثة أنواع:
1- محرمات بالنسب: كالأم، والبنت، والأخت، والعمة، والخالة، وبنات الأخ، وبنات الأخت.
2- محرمات بالصهر: كزوجة الابن، وزوجة الأب، وأم الزوجة، وبنت الزوجة المدخول بأمها.
3- محرمات بالرضاع.
والرضاع في الاصطلاح: هو وصول لبن الآدمية إلى جوف الآدمي بشروط مخصوصة.
وقد ورد في الرضاع نصوص شرعية عديدة تبين أحكامه وتقرر شروطه وضوابطه؛ منها الآية المتقدمة من سورة النساء، وعن ابن عباس قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم أريد على ابنة حمزة - أي: يتزوجها - فقال: «إنها لا تحل لي، إنها ابنة أخي من الرضاعة، ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» أخرجه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عندها وإنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة قالت عائشة: يارسول الله هذا رجل يستأذن في بيتك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أراه فلانا» - لعم حفصة من الرضاعة - فقالت عائشة: يا رسول الله لو كان فلان حيا - لعمها من الرضاعة - دخل عليّ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «نعم إن الرضاعة تحرم ما يحرم من الولادة».
وعن عائشة قالت أتاني عمي من الرضاعة أفلح أخو أبي القعيس يستأذن عليّ بعدما نزل الحجاب - وكان أبو القعيس أبا عائشة من الرضاعة- فقلت: والله لا آذن لأفلح حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أبا القعيس ليس هو الذي أرضعني ولكن أرضعتني امرأته، قالت عائشة فلما دخل رسول الله قلت: يا رسول الله إن أفلح أخا أبي القعيس جاءني يستأذن عليّ فكرهت أن آذن له حتى أستأذنك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ائذني له » وفي لفظ قال: «فليلج عليك عمك» قالت عائشة: إنما أرضعتني المرأة فقال: «إنه عمك فليلج عليك»، وفي لفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تحتجبي منه فإنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب».
ولخطورة أمر الرضاع فقد ذكر الفقهاء له شروطا عديدة حتى يتحقق وجوده وتثبت آثاره:
- الشرط الأول: أن تكون المرضعة امرأة، فلا يتحقق الرضاع بسبب لبن البهيمة.
- الشرط الثاني: أن يكون الرضاع في العامين الأولين من عمر الطفل، فلا يحرم رضاع الكبير وهو ما كان بعد الحولين، وهو مذهب جمهور الفقهاء وكبار الصحابة كعمر وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وغيرهم، وذلك لقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ }(البقرة:233)، وقوله صلى الله عليه وسلم : «لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام»، وكان رجل في سفر فولدت امرأته فاحتبس لبنها فجعل يمصه ويمجه فدخل حلقه، فأتى أبا موسى الأشعري فسأله فقال: حرمت عليك امرأتك، فأتى ابن مسعود فلم يحرم عليه امرأته وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يحرم من الرضاع إلا ما أنبت اللحم وأنشر العظم».
- الشرط الثالث: التيقن من وصول اللبن إلى جوف الطفل سواء أتم الرضاع عن طريق المصّ من الثدي، أو تم صب اللبن في إناء ثم سقيه للطفل وهو (الوجور)، أو عن طريق الأنف وهو (السعوط) أما إذا حصل شك في وصول اللبن إلى جوفه فلا يثبت التحريم.
- الشرط الرابع: أن يبلغ اللبن المقدار الذي ينشر المحرمية وهو خمس رضعات مشبعات وذلك لقول عائشة: «كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يتلى من القرآن».
ولابد أن تكون الرضعات متفرقات بحيث يفصل بينها زمن، وهو الأحوط وهو اختيار ابن القيم وابن سعدي وابن عثيمين فلو نقلته المرضع من ثدي لآخر فلا تعد هذه رضعة.
وإذا ثبت الرضاع بشروطه يترتب عليه مجموعة من الأحكام منها:
1- ثبوت الحرمة بالرضاع، فالرضاع يشترك مع النسب في حرمة النكاح، وجواز النظر، وإباحة الخلوة، وثبوت المحرمية، ويفترقان من حيث وجوب النفقة، وثبوت الميراث، وتحمل الدية، ووجوب صلة الرحم، قال النووي: «وأجمعت الأمة على ثبوتها بين الرضيع والمرضع وأنه يصير ابنا لها، يحرم عليه نكاحها أبدا، ويحل له النظر إليها والخلوة بها والمسافرة، ولا يترتب عليه أحكام الأمومة من كل وجه، فلا يتوارثان ولا يجب على واحد منهما نفقة الآخر، ولا ترد شهادته لها، ولا يعقل عنها (دفع الدية)، ولا يسقط القصاص عنها بقتله فهما كالأجنبيين في هذه الأحكام».
2-إذا كان للمرضع زوج فإنه يكون أبا لهذا الرضيع - ذكرا كان أم أنثى - لأنه صاحب اللبن قال ابن تيمية: «وصار الرجل الذي درّ اللبن بوطئه أبا لهذا المرتضع باتفاق الأئمة المشهورين» وهو مذهب الجمهورمن الصحابة والتابعين وذلك لحديث عائشة في قصة أفلح أخي أبي القعيس.
ولو كان لرجل امرأتان فأرضعت هذه طفلا وهذه طفلة كانا أخوين ولم يجز لأحدهما التزوج من الآخر باتفاق الأئمة الأربعة، وهذه المسألة سأل عنها ابن عباس فقال: «اللقاح واحد» يعني الرجل الذي وطئ المرأتين حتى درّ اللبن بسببه واحد.
3- تنتشر الحرمة بسبب الرضاع بين الرضيع وأصول المرضع وفروعها وحواشيها فجميع أقارب المرأة أقارب الرضيع من الرضاعة؛ فأولادها: إخوته.
وأولاد أولادها: أولاد إخوته. وآباؤها وأمهاتها: أجداده وجداته، وإخوانها وأخواتها: أخواله وخالاته، وكل ما سبق عليه حرام.
وأبناء إخوانها وأبناء أخواتها: أبناء أخواله وخالاته حلال عليها إن كان المرتضع أنثى.وبنات إخوانها وأخواتها: بنات أخواله وخالاته حلال عليه الزواج منهن إن كان المرتضع ذكرا. وهكذا بالنسبة لزوج المرأة في أصوله وفروعه وإخوانه وأخواته وأبنائهم وبناتهم.
4- الحرمة تنتاول الرضيع وأولاده فقط فهم بالنسبة للمرضعة وزوجها كأبنائهما الحقيقيين في الحرمة والمحرمية، أما إخوة المرتضع الحقيقيون أو من رضاع آخر فهم أجانب بالنسبة لهذه المرضعة وزوجها وأقاربهما، فيجوز لإخوة المرتضع الحقيقيين أن يتزوجوا من أبناء المرضعة سواء من هذا الزوج أوغيره الذين هم إخوة المرتضع بالرضاع، والعكس صحيح فيجوز لإخوة المرتضع من الرضاعة أن يتزوجوا من اخواته الحقيقيات حيث إن علاقة الرضاعة قاصرة على الرضيع وفروعه دون إخوته وبقية عائلته.
قال شيخ الإسلام: «لا فرق باتفاق المسلمين بين أولاد المرأة الذين رضعوا مع الطفل وبين من ولد لها قبل الرضاعة وبعد الرضاعة باتفاق المسلمين».
فهذه نبذة موجزة عما اشتملت عليه الكلمة النبوية الجامعة: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» مما استخرجه العلماء منها من شروط وآثار، نسأل الله العلم النافع والعمل الصالح.


اعداد: د.وليد خالد الربيع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #93  
قديم 30-06-2024, 05:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة

الحكمــــة ضالـــة المؤمـــــن (94)


أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا


يعجب المرء حين يتأمل أحوال الناس، فيجد بعضهم قد تمادى في ضلاله، وأوغل في عمايته، وغلا في جهالته، لا تجدي فيه النصيحة، ولا ينفع معه الوعظ، قد أعجب برأيه، وزين له سوء عمله، يظن أن ذلك من رجاحة العقل، وقوة الشخصية، وسداد الرأي، وما درى أن ذلك قد يكون عقوبة من الله تعالى على بعض سيئاته، ومجازاة له على سوء اعتقاده أو سوء عمله.
قال ابن القيم وهو يعدد بعض العقوبات التي يمكن أن يعاقب بها الله تعالى بعض عباده فذكر منها التزيين فقال: «وأما التزيين، فقال تعالى:{وكذلك زينا لكل أمة عملهم}، وقال: {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء}، وقال: {وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون}؛ فأضاف التزيين إليه منه سبحانه خلقا ومشيئة، وحذف فاعله تارة، ونسبهُ إلى سببه ومن أجراه على يده تارة.
وهذا التزيين منه سبحانه حَسَنٌ، إذ هو ابتلاء واختبار لعبيده ليتميز المطيع منهم من العاصي، والمؤمن من الكافر، كما قال تعالى:{إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا}.»
وبين رحمه الله أن التزيين قد يكون من الشيطان بإذن الله تعالى كما قال سبحانه عنه:{قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}.
قال ابن القيم: فتزيينه سبحانه للعبد عملَه السيئ عقوبة منه له على إعراضه عن توحيده وعبوديته، وإيثار سيء العمل على حسنه، فإنه لابد أن يعرّفَه سبحانه السيء من الحسن، فإذا آثر القبيح، واختاره وأحبه ورضيه لنفسه زيّنَه سبحانه له، وأعماه عن رؤية قبحه بعد أن رآه قبيحا، وكل ظالم وفاجر وفاسق لابد أن يريه الله تعالى ظلمه وفجوره وفسقه قبيحا، فإذا تمادى عليه ارتفعت رؤية قبحه من قلبه، فربما رآه حسنا عقوبة له، فإنه إنما يكشف له عن قبحه بالنور الذي في قلبه، وهو حجة الله عليه، فإذا تمادى في غيِّه وظلمه ذهب ذلك النور، فلم ير قبحه في ظلمات الجهل والفسوق والظلم.
ومع هذا فحجة الله قائمة عليه بالرسالة، وبالتعريف الأول، فتزيين الرب تعالى عدل، وعقوبته حكمة، وتزيين الشيطان إغواء وظلم، وهو السبب الخارج عن العبد، والسبب الداخل فيه حبه وبغضه وإعراضه، والرب سبحانه خالق الجميع، والجميع واقع بمشيئته وقدرته، ولو شاء لهدى خلقه أجمعين، والمعصوم من عصمه الله، والمخذول من خذله الله، {ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين}.
وهذا الصنف من الناس قد أشار إليه القرآن الكريم مبينا حاله، ومنبها على سبب ضلاله، ومحذرا من مشابهته وسوء عاقبته، فقال تعالى:{أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا}(فاطر:8)
قال الشيخ ابن سعدي: أفمن حسن له الشيطان أعماله السيئة من معاصي الله والكفر وعبادة ما دونه من الآلهة والأوثان فرآه حسنا جميلا, كمن هداه الله تعالى, فرأى الحسن حسنا والسيئ سيئا؟ فإن الله يضل من يشاء من عباده, ويهدي من يشاء, فلا تهلك نفسك حزنا على كفر هؤلاء الضالين, إن الله عليم بقبائحهم وسيجازيهم عليها أسوأ الجزاء.
قال الشيخ ابن عاشور: «لما جرى تحذير الناس من غرور الشيطان وإيقاظهم إلى عداوته للنوع الإنساني، وتقسيم الناس إلى فريقين: فريق انطلت عليه مكائد الشيطان واغتروا بغروره ولم يناصبوه العداء، وفريق أخذوا حذرهم منه واحترسوا من كيده وتجنبوا السير في مسالكه.
ففرع على جميع ما تقدم قوله:{ أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا} فأشير إلى أن وقوعه في هذه الحالة ناشئ من تزيين الشيطان له سوء عمله، فالمزين للأعمال السيئة هو الشيطان قال تعالى: {وزين لهم الشيطان أعمالهم} فرأوا أعمالهم السيئة حسنة، فعكفوا عليها ولم يقبلوا فيه نصيحة ناصح ، ولا رسالة مرسل » باختصار .
وقال تعالى:{أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله}(محمد:14)
قال الشيخ ابن سعدي: أي: «لا يستوي من هو على بصيرة من أمر دينه، علما وعملا قد علم الحق واتبعه، ورجا ما وعده الله لأهل الحق، كمن هو أعمى القلب، قد رفض الحق وأضله، واتبع هواه بغير هدى من الله، ومع ذلك يرى أن ما هو عليه من الحق، فما أبعد الفرق بين الفريقين، وما أعظم التفاوت بين الطائفتين، أهل الحق وأهل الغي.
وقال تعالى:{كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون}(يونس:12)، قال الإمام الطبري: يقول:كما زين لهذا الإنسان الذي وصفنا صفته ، استمراره على كفره بعد كشف الله عنه ما كان فيه من الضر،كذلك زين للذين أسرفوا في الكذب على الله وعلى أنبيائه، فتجاوزوا في القول فيهم إلى غير ما أذن الله لهم به، ما كانوا يعملون من معاصي الله والشرك به.
وأخبر تعالى في أكثر من موضع أن الكافرين وقعوا في سوء أعمالهم وفساد عقائدهم واتباعهم للشيطان فقال تعالى:{زين للذين كفروا الحياة الدنيا}(البقرة:212)، وقال تعالى:{بل زين للذين كفروا مكرهم}(الرعد:33)،وقال تعالى:{كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون}(الأنعام:122)قال الشيخ ابن سعدي: «فلم يزل الشيطان يحسن لهم أعمالهم، ويزينها في قلوبهم، حتى استحسنوها ورأوها حقا. وصار ذلك عقيدة في قلوبهم، وصفة راسخة ملازمة لهم، فلذلك رضوا بما هم عليه من الشر والقبائح. وهؤلاء الذين في الظلمات يعمهون،وفي باطلهم يترددون، غير متساوين».
وقال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور: التزيين: جعل الشيء زينا أو الاحتجاج لكونه زينا؛ لأن التفعيل يأتي للجعل ويأتي للنسبة كالتعليم وكالتفسيق والتزكية ، والزين شدة الحسن .
وحذف فاعل التزيين؛ لأن المزين لهم أمور كثيرة: منها خلق بعض الأشياء حسنة بديعة كمحاسن الذوات والمناظر، ومنها إلقاء حسن بعض الأشياء في نفوسهم وهي غير حسنة كقتل النفس، ومنها إعراضهم عمن يدعوهم إلى الإقبال على الأمور النافعة حتى انحصرت هممهم في التوغل من المحاسن الظاهرة التي تحتها العار لو كان باديا، ومنها ارتياضهم على الانكباب على اللذات دون الفكر في المصالح، إلى غير ذلك من أمور يصلح كل منها أن يعد فاعلا للتزيين حقيقة أو عرفا ، فلأجل ذلك طوي ذكر هذا الفاعل تجنبا للإطالة .مختصرا
- ثم بين رحمه الله تعالى أن المراد من ذكر التزيين للكفار ذمهم والتحذير من خلقهم، ثم قال: وقد استقريت مواقع التزيين المذموم فحصرتها في ثلاثة أنواع :
- الأول: ما ليس بزين أصلا لا ذاتا ولا صفة؛ لأن جميعه ذم وأذى، ولكنه زين للناس بأوهام وخواطر شيطانية وتخييلات شعرية كالخمر . الثاني: ما هو زين حقيقة لكن له عواقب تجعله ضرا وأذى كالزنا. الثالث: ما هو زين لكنه يحف به ما يصيره ذميما كنجدة الظالم.
وقد بين لنا سبحانه سبيل النجاة من تزيين الشيطان وأتباعه وذلك بالإيمان بالله تعالى وإخلاص الدين له؛ اعتقادا وقولا وعملا، ظاهرا وباطنا فقال تعالى عن محاورة الشيطان لربه:{قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين. إلا عبادك منهم المخلصين. قال هذا صراط علي مستقيم. إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين}
قال الطبري: وعنى بقوله: {لأزينن لهم في الأرض} لأحسنن لهم معاصيك، ولأحببنها إليهم في الأرض{ولأغوينهم أجمعين} يقول: ولأضلنهم عن سبيل الرشاد {إلا عبادك منهم المخلصين} يقول: إلا من أخلصته بتوفيقك فهديته، فإن ذلك ممن لا سلطان لي عليه ولا طاقة لي به.
وقال البغوي: {إلا عبادك منهم المخلصين} المؤمنين الذين أخلصوا لك الطاعة والتوحيد، ومن فتح اللام، أي : من أخلصته بتوحيدك واصطفيته .
نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص والاتباع، ويحفظنا من الشيطان وتزيينه والدنيا وزخرفها.


اعداد: د.وليد خالد الربيع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #94  
قديم 09-07-2024, 05:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة

الحكمة ضالة المؤمن (95)


- ولينوا بأيدي إخوانكم



صلاة الجماعة مظهر من مظاهر العبودية لله تعالى، وصورة جميلة من صور تآخي المسلمين وترابطهم؛ حيث يجتمعون خمس مرات كل يوم وليلة لأداء فريضة الصلاة، وينتظمون في صفوف متراصة تتحد حركاتهم خلف إمام واحد، وتتجه أجسادهم إلى قبلة واحدة، وتتعلق قلوبهم بإله واحد، فهو موقف عظيم وصورة مؤثرة لمن اعتبرها وتفكر فيها.
وينغص على تلك الصورة الجميلة أحيانا تصرفات بعض المسلمين، فالمرء يعاني أحيانا من صنفين من المصلين، الأول: المفرط في أحكام تسوية الصفوف جهلا أو تجاهلا، والثاني: الفظ الغليظ الذي يريد تطبيق السنة ولكن بصورة منفرة وطريقة مزعجة.
والمتأمل فيما ورد من الحث على تسوية الصفوف ترغيبا وترهيبا، يجد العلم والحلم، فيرى التوجيه النبوي الرفيق، والتطبيق العملي الأنيق؛ حيث يتجلى الحرص على تطبيق السنة بكل دقة، مع البعد عن إيذاء المصلين بدنيا ونفسيا، والتشويش عليهم بعدم المبالاة أو بالغلظة والفظاظة.
فعن ابن عمر أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال: «أقيموا الصلاة، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله». أخرجه أبو داود
فقوله: «أقيموا الصفوف» أي: عدلوها وسووها، وقوله: «وحاذوا بين المناكب» أي: اجعلوا بعضها حذاء بعض بحيث يكون منكب كل واحد من المصلين موازيا لمنكب الآخر ومسامتا له فتكون المناكب والأعناق والأقدام على سمت واحد، وقوله: «وسدوا الخلل» أي: الفرجة في الصفوف وقوله: «ولينوا» أي: كونوا لينين هينين منقادين، وقوله: «بأيدي إخوانكم» أي: إذا أخذوا بها ليقدموكم أو يؤخروكم، حتى يستوي الصف لتنالوا فضل المعاونة على البر والتقوى، قال أبو داود: «ومعنى «ولينوا بأيدي إخوانكم»: إذا جاء رجل إلى الصف فذهب يدخل فيه فينبغي أن يلين له كل رجل منكبيه حتى يدخل في الصف».
وقوله: «ولا تذروا» أي: لا تتركوا «فرجات الشيطان» أي: الجني والإنسي، وقوله: «ومن وصل صفا» أي: بالحضور فيه وسد الخلل منه «وصله الله» أي: برحمته «ومن قطعه» أي: بالغيبة ، أو بعدم السد ، أو بوضع شيء مانع «قطعه الله» أي: من رحمته الشاملة وعنايته الكاملة، وفيه تهديد شديد ووعيد بليغ.
وأثنى النبي صلى الله عليه وسلم على الهيّن اللّين في تسوية الصفوف فقال: «خياركم ألينكم مناكب في الصلاة، وما من خطوة أعظم أجرا من خطوة مشاها رجل إلى فرجة في الصف فسدها».
قال الخطابي: معنى لين المنكب: لزوم السكينة في الصلاة والطمأنينة فيها؛ لا يلتفت ولا يحاك بمنكبه منكب صاحبه، وقد يكون فيه وجه آخر وهو: أن لا يمتنع على من يريد الدخول بين الصفوف ليسد الخلل أو لضيق المكان، بل يمكنه من ذلك، ولا يدفعه بمنكبه لتتراص الصفوف، ويتكاتف الجموع».
ولأهمية الأمر فقد عدّ النبي صلى الله عليه وسلم تسوية الصفوف من مكملات الصلاة، فعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «سووا صفوفكم، فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة».
فتسوية الصفوف اعتدال القائمين بها على سمت واحد، وقد يراد بتسويتها أيضا سد الفرج فيها ، بناء على التسوية المعنوية، ولا خلاف في أن تسويتها بالمعنى الأول والثاني أمر مطلوب .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرص على تطبيق الصحابة لهذه السنة بنفسه فيتفقد صفوفهم قبل الصلاة كما قال البراء: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي ناحية الصف ويسوي بين صدور القوم ومناكبهم ويقول: «لا تختلفوا فتختلف قلوبكم إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول» رواه أبو داود وابن خزيمة في صحيحه وصححه الألباني.
وقال النعمان بن بشير: «كَانَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يُسَوِّي صُفُوفَنَا حَتَّى كَأَنَّمَا يُسَوِّي بِهَا الْقِدَاحَ, حَتَّى إذَا رَأَى أَنْ قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ, ثُمَّ خَرَجَ يَوْمًا فَقَامَ, حَتَّى إذَا كَادَ أَنْ يُكَبِّرَ, فَرَأَى رَجُلاً بَادِياً صَدْرُهُ, فَقَالَ: «عِبَادَ اللَّهِ, لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ».
قال النووي: قيل: معناه يمسخها ويحولها عن صورها لقوله صلى الله عليه وسلم : «يجعل الله تعالى صورته صورة حمار»، وقيل: يغير صفاتها، والأظهر - والله أعلم - أن معناه يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلاف القلوب، كما يقال تغير وجه فلان عليَّ أي ظهر لي من وجهه كراهة لي وتغير قلبه علي؛ لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم، واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن.
وانظر إلى حرص الصحابة الكرام على حسن الامتثال لأمره صلى الله عليه وسلم ، فعن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أقيموا صفوفكم فإني أراكم من وراء ظهري»، وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه، وفي السنن قال النعمان: «فلقد رأيت الرجل منا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وكعبه بكعبه».
قال ابن حجر: «وأفاد هذا التصريح أن الفعل المذكور كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبهذا يتم الاحتجاج به على بيان المراد بإقامة الصف وتسويته».
وأختم بنصيحة لمن يؤذي المصلين بمزاحمتهم في الصفوف المقدمة، ويتسبب بإضاعة خشوعهم لمضايقته لهم في الصف، أو يجر المصلي إلى جنبه بفظاظة وغلظة، أو يوسع لنفسه مكانا في الصف ولو ضيق على الآخرين، أهمس في أذنه قائلا: إذا أردت فضل الصف المقدم فاحرص على الحضور مبكرا، لأن التبكير مستحب، والتأخر مذموم فقد قال صلى الله عليه وسلم : «ولا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمْ اللَّهُ». أي: لا يزال قوم يعتادون التأخر عن الصف الأول، أو عن الصفوف الأولى حتى يعاقبهم الله تعالى فيؤخرهم.
وقال الشيخ ابن عثيمين: «يخشى على الإنسان إذا عود نفسه التأخر في العبادة أن يبتلى بأن يؤخره الله عز وجل في جميع مواطن الخير».
وإذا أردت فضل الصف المقدم - وهو أمر مستحب - فلا تقع في الحرام أو المكروه لتحقيق ذلك المستحب، فإيذاء الناس ممنوع شرعا كما قال صلى الله عليه وسلم : «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تؤذوا المسلمين»، وقال أيضا: «والله يكره أذى المؤمن».
قال الشيخ ابن عثيمين: «إيذاء المسلمين محرم، وأنواع الأذى كثيرة منها أن يؤذي جاره ، ومنها أن يؤذي صاحبه، ومنها أن يؤذي من كان في عمل من الأعمال - وإن لم يكن بينهم صداقة - بالمضايقة وما أشبه ذلك، وكل هذا حرام، والواجب على المسلم الحذر منه».
وأي أذى أكثر من مضايقة المصلي حتى لا يخشع في صلاته ويظل يحصي الدقائق والثواني حتى يحرر نفسه من ذلك الضيق والأذى الذي سببه ذلك المتأخر ممن يريد أن ينال فضل المبكر.
فالمسلم يوازن بين الأمور، ويرجح ما كان أفضل وأقرب إلى الله دون تضييع حقوق الله تعالى ولا إيذاء الخلق، وسبيل ذلك بالتعلم والتفقه في الدين، وترك الأنانية، ومراعاة الآخرين، وبالله التوفيق.

اعداد: د.وليد خالد الربيع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #95  
قديم 09-08-2024, 10:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة

الحكمــــة ضالـــة المؤمـــــن (96)


- كل بدعة ضلالة



لفظ (البدعة) من الألفاظ الشرعية التي وردت في النصوص الشرعية على وجه الذم لها والتحذير منها، مثلها في ذلك مثل لفظ (الكفر) و(الشرك) و(الفسق) و(النفاق) و(الظلم)، ولما كان واجب المسلم امتثال مقتضى النصوص الشرعية والانقياد لما دلت عليه من التكاليف الدينية؛ فعلا وتركا، ظاهرا وباطنا، علما وعملا، كانت دراسة البدع ومعرفة حقيقتها وأنواعها وقواعدها من أهم المطالب التي ينبغي لطلبة العلم والدعاة إلى الله تعالى العناية بها؛ لأن اجتناب البدع والتحذير منها متوقف على معرفتها والعلم بأنواعها ومراتبها، فالعلم قبل القول والعمل، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وقد عرّف شيخ الإسلام ابن تيمية (البدعة) بأنها ما خالفت الكتاب والسنة أو إجماع سلف الأمة من الاعتقادات والعبادات.
وذهب ابن رجب الحنبلي إلى أن المراد بالبدعة: ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، وأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعا وإن كان بدعة لغة.
وعرفها الشاطبي بقوله: «عبارة عن طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه».
دلت الأدلة الكثيرة على خطورة البدع وشناعة آثارها على المباشر لها خاصة، وعلى الدين والمجتمع عامة، ومن هذه الأدلة:
1- قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}(المائدة: 3)، قال الإمام مالك: «من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة، لأن الله يقول: {اليوم أكملت لكم دينكم} فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا». وقال الشاطبي: «إن المستحسن للبدع يلزمه -عادة- أن يكون الشرع عنده لم يكمل بعد؛ فلا يكون لقوله تعالى: { اليوم أكملت لكم دينكم} معنى يعتبر عنده».
2- قال الله تعالى: {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(الأنعام: 153)، فعن مجاهد في قوله: { ولا تتبعوا السبل} قال: «البدع والشبهات».
3- وقال تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}(آل عمران: 106)، قال ابن عباس: «تبيض وجوه أهل السنة، وتسود وجوه أهل البدعة».
وأما من السنة المطهرة:
1- فقد أخرج الشيخان عن عائشة أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ» وفي لفظ مسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ». قال ابن حجر: «هذا الحديث معدود من أصول الإسلام وقاعدة من قواعد الدين»، وقال الشاطبي: «وهذا الحديث عدّه العلماء ثلث الإسلام؛ لأنه جمع وجوه المخالفة لأمره عليه السلام ويستوي في ذلك ما كان بدعة أو معصية».
2- وأخرج مسلم عن جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، كأنه منذر جيش، يقول: صبحكم ومساكم، ويقول: «فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة». قال ابن حجر: «والمراد بقوله: «كل بدعة ضلالة» ما أحدث ولا دليل له من الشرع بطريق خاص ولا عام».
3- وعن العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور! فإن كل بدعة ضلالة» أخرجه أبو داود والترمذي.
قال ابن حجر: «وقوله: «كل بدعة ضلالة» قاعدة شرعية كلية بمفهومها ومنطوقها، أما بمنطوقها فكأن يقال: حكم كذا بدعة، وكل بدعة ضلالة، فلا تكون من الشرع؛ لأن الشرع كله هدى».
4- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته». رواه الطبراني في الكبير، وصححه الألباني.
وقد جاءت الآثار عن الصحابة والتابعين تحذر من البدعة وخطورتها:
1- عن عمر أنه خطب الناس فقال: «أيها الناس قد سنّت لكم السنن وفرضت الفرائض وتركتم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يمينا وشمالا» وصفق بإحدى يديه على الأخرى.
2- عن ابن مسعود قال: «اتبعوا آثارنا ولا تبتدعوا فقد كفيتم»، وقال: «أيها الناس لا تبتدعوا ولا تنطعوا ولا تعمقوا وعليكم بالعتيق خذوا ما تعرفون ودعوا ما تنكرون».
3- وعن ابن عمر قال: «كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة».
4- وقال رجل لابن عباس: أوصني. فقال: «عليك بتقوى الله والاستقامة اتبع ولا تبتدع»، وقال: «ما يأتي على الناس من عام إلا أحدثوا فيه بدعة وأماتوا سنة حتى تحيا البدع وتموت السنن».
5- وقال سفيان الثوري: «البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها».
6- وعن الحسن قال: «صاحب البدعة لا يزداد اجتهادا صياما وصلاة إلا ازداد من الله بعدا».
قال ابن مسعود: «إياكم وما يحدث الناس من البدع! فإن الدين لا يذهب من القلوب بمرة، ولكن الشيطان يحدث له بدعا حتى يخرج الإيمان من قلبه»، وقال ابن القيم: «أصل كل شر يعود إلى البدع».
وخطورة الابتداع ترجع لأمور كثيرة منها: أن المبتدع معاند للشرع ومشاق له: قال الشاطبي: «لأن الشارع قد عيّن لمطالب العبد طرقا خاصة على وجوه خاصة وقصر الخلق عليها بالأمر والنهي والوعد والوعيد، وأخبر أن الخير فيها، وأن الشر في تعديها إلى غير ذلك؛ لأن الله يعلم ونحن لا نعلم، وأنه إنما أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين،فالمبتدع رادّ لهذا كله، فإنه يزعم أن ثمّ طرقا أخرى، فليس ما حصره الشارع بمحصورولا ما عينه بمتعين، كأن الشارع يعلم ونحن أيضا نعلم، بل ربما يفهم من استدراكه الطرق على الشارع أنه علم ما لم يعلمه الشارع، وهذا إن كان مقصودا للمبتدع فهو كفر بالشريعة والشارع، وإن كان غير مقصود فهو ضلال مبين».
فعلى المسلم أن يعتقد أن الشريعة كاملة، ولم يمت النبي صلى الله عليه وسلم حتى بيّن جميع الدين أصوله وفروعه كما قال صلى الله عليه وسلم : «تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك»، فيجتهد في طلب أحكامها وفهمها وامتثالها، وهي أبواب كثيرة وآداب عديدة، فهو أولى وأجدر من الاجتهاد في البدع والمحدثات المذمومة شرعا، وبالله التوفيق.


اعداد: د.وليد خالد الربيع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #96  
قديم 21-08-2024, 02:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة

الحكمــــة ضالـــة المؤمـــــن(97)

- الدعاء هو العبادة (1-2)



العبودية معنى عظيم، ومفهوم كبير، أساسها الانقياد لله تعالى وحده حبا وخوفا ورجاء، ومظاهرها متعددة وصورها متنوعة، يجمعها التذلل لله تعالى وإظهار الافتقار إليه، والاعتماد عليه سبحانه وتعالى.
والدعاء من أبرز مظاهر العبودية؛ إذ تتجلى فيه الرغبة والرهبة، والمحبة والإخلاص، والخوف والرجاء، لذا أمر الله تعالى عباده المؤمنين بالدعاء وحثهم على الاستكثار منه فقال سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}(غافر: 60).
قال ابن كثير: «هذا من فضله -تبارك وتعالى- وكرمه أنه ندب عباده إلى دعائه، وتكفل لهم بالإجابة»، كما كان سفيان الثوري يقول: «يا من أحب عباده إليه من سأله فأكثر سؤاله، ويا من أبغض عباده إليه من لم يسأله، وليس كذلك غيرك يا رب».
وأخرج الإمام أحمد عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الدعاء هو العبادة» ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}(غافر: 60).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من لم يدع الله يغضب عليه»،؛ لأن كل الخلق مفتقرون إلى الله تعالى، محتاجون إلى فضله وإنعامه، فعدم السؤال يدل على الاستغناء عن فضل الله تعالى، وهو أمر لا يليق بالعبد الفقير الضعيف، فمن فعله استحق الغضب.
ويوضح الراغب الأصفهاني إطلاقات لفظ الدعاء في القرآن فيقول: «والدعاء يطلق بمعنى النداء، كقوله تعالى: {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ}(الإسراء: 52). ويطلق بمعنى التسمية، تقول: دعوت ابني زيدا أي: سميته، قال تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}(النور: 63)، حثا على تعظيمه، فلا يقال: يا محمد. والدعاء بمعنى السؤال، تقول: دعوت الله تعالى، أي: سألته، قال تعالى: {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ}(البقرة: 69). والدعاء إلى الشيء بمعنى الحث على قصده، كقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ}(يونس: 25). ويطلق الدعاء بمعنى القول، كقوله تعالى: {فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا}(الأعراف: 5)، أي: قولهم. والدعاء بمعنى العبادة، قال تعالى: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا}(الأنعام: 71).
وفي السنة يطلق الدعاء على أمور منها: الدعاء بمعنى النداء كقوله صلى الله عليه وسلم : «تداعت عليكم الأمم»، والدعاء بمعنى الإدعاء في النسب، كقوله: «ليس من رجل ادعى إلى غير أبيه» وهل ينتسب الإنسان لغير أبيه؟ والدعاء بمعنى السؤال كقوله صلى الله عليه وسلم : «أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفات: لا إله إلا الله...» الحديث. وأما الدعاء في الاصطلاح: فهو الرغبة إلى الله عز وجل بالسؤال والتضرع في تحقيق المطلوب.
كما قال الطيبي: «هو إظهار غاية التذلل والافتقار إلى الله والاستكانة له». وقال الخطابي: «حقيقة الدعاء استدعاء العبد من ربه العناية واستمداده إياه المعونة، وحقيقته إظهار الافتقار إليه، والبراءة من الحول والقوة التي له، وهو سمة العبودية وإظهار الذلة البشرية، وفيه معنى الثناء على الله، وإضافة الجود والكرم إليه».
أنواع الدعاء: قال العلامة عبد الرحمن السعدي -رحمه الله-: «كل ماورد في القرآن من الأمر بالدعاء والنهي عن دعاء غير الله، والثناء على الداعين- يتناول دعاء المسألة، ودعاء العبادة.
وهذه قاعدة نافعة، فإن أكثر الناس إنما يتبادر لهم من لفظ الدعاء والدعوة: دعاء المسألة فقط، ولا يظنون دخول جميع العبادات في الدعاء.
ويدل على عموم ذلك: قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (غافر: 60)، أي: أستجب طلبكم، وأتقبل عملكم ثم قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}(غافر: 60)، فسمى ذلك عبادة، وذلك لأن الداعي دعاء المسألة يطلب مسؤوله بلسان المقال، والعابد يطلب من ربه القبول والثواب، ومغفرة ذنوبه بلسان الحال.
فلو سألت أي عابد مؤمن: ما قصدك بصلاتك وصيامك وحجك وأدائك لحقوق الله وحق الخلق؟ لكان قلب المؤمن ناطقاً قبل أن يجيبك لسانه -: بأن قصدي من ذلك رضى ربي ونيل ثوابه والسلامة من عقابه، ولهذا كانت النية شرطاً لصحة الأعمال وقبولها، وإثمارها الثمرة الطيبة في الدنيا والآخرة».
فالدعاء نوعان: دعاء المسألة ودعاء العبادة:
أما دعاء المسألة فهو: طلب ما ينفع الداعي، وطلب كشف ما يضره ودفعه، فإذا توجه العبد بسؤاله ودعائه إلى الله وحده: كمن يقول: اللهم ارحمني واغفرلي، فهذا من العبادة لله والتوحيد،
وأما إذا سأل غير الله ما لا يقدر عليه إلا الله، كأن يطلب من ميت أو غائب؛ أن يطعمه، أو ينصره، أو يغيثه، أو يشفي مرضه، فهذا شرك أكبر.

وأما سؤال غير الله فيما يقدر عليه المسؤول: كأن يطلب من حي قادر حاضر أن يطعمه، أو يعينه فهذا جائز. قال ابن سعدي : ومن هذا قوله سبحانه في قصة موسى عليه السلام {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}(القصص: 15).
وأما دعاء العبادة فهو: التقرب إلى الله بجميع أنواع العبادة، الظاهرة والباطنة، من الأقوال والأعمال، والنيات والتروك، التي تملأ القلوب بعظمة الله وجلاله؛ لأن المتعبد لله طالب بلسان مقاله ولسان حاله ربَّه قبول تلك العبادة، والإثابة عليها؛ فهي العبادة بمعناها الشامل،ومن أعظم ما يدخل فيها ذكر الله، وحمده، والثناء عليه-عز وجل- بما هو أهله.
فضل الدعاء: القيام بالدعاء أداء لعبادة عظيمة، وامتثال لأمر الله تعالى وطاعة لرسوله الكريم، ومع ذلك فله فضل عظيم من ذلك:
1- أن الدعاء أكرم شيء عند الله تعالى، كما قال صلى الله عليه وسلم : «ليس شيء أكرم على الله من الدعاء» أخرجه الترمذي، قال الشراح: «أي: ليس شيء أفضل عند الله،لأن فيه إظهارالفقر والعجز والتذلل والاعتراف بقوة الله وقدرته».
2- أن الدعاء يرد القدر بإذن الله، قال صلى الله عليه وسلم : «لا يزيد في العمر إلا البر، ولا يرد القدر إلا الدعاء، وإن الرجل يحرم الرزق بخطيئة يعملها» أخرجه ابن ماجه، وقال صلى الله عليه وسلم : «لن ينفع حذر من قدر، ولكن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم بالدعاء عباد الله» أخرجه أحمد.
قال ابن القيم: «والدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء؛ يدافعه ويعالجه، ويمنع نزوله ويرفعه، أو يخففه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن، وله مع البلاء ثلاثة مقامات:
أحدها: أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه. الثاني: أن يكون أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء؛ فيصاب به العبد، ولكن قد يخففه، وإن كان ضعيفا.الثالث: أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه. وقد روى الحاكم من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة».
ويبين ابن القيم دلالة الحديث وعدم معارضته للقدر السابق فيقول: «إن هذا المقدور قدر بأسباب، ومن أسبابه الدعاء، فلم يقدر مجردا عن سببه، ولكن قدر سببه، فمتى أتى العبد بالسبب وقع المقدور، ومتى لم يأت بالسبب انتفى المقدور، وهذا كما قدر الشبع والري بالأكل والشرب، وقدر الولد بالوطء، وقدر حصول الزرع بالبذر، وقدر خروج نفس الحيوان بذبحه، وكذلك قدر دخول الجنة بالأعمال ودخول النار بالأعمال.
وحينئذ فالدعاء من أقوى الأسباب، فإذا قدر وقوع المدعو به بالدعاء لم يصح أن يقال: لا فائدة في الدعاء. كما لا يقال: لا فائدة في الأكل والشرب وجميع الحركات والأعمال، وليس شيء من الأسباب أنفع من الدعاء، ولا أبلغ في حصول المطلوب، ولما كان الصحابة - رضي الله عنهم - أعلم الأمة بالله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وأفقههم في دينه؛ كانوا أقوم بهذا السبب وشروطه وآدابه من غيرهم، وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يستنصر به - أي بالدعاء - على عدوه، وكان الدعاء أعظم جنديه، وكان يقول للصحابة: لستم تنصرون بكثرة، وإنما تنصرون من السماء. وكان يقول: إني لا أحمل هم الإجابة، ولكن هم الدعاء، فإذا ألهمتم الدعاء، فإن الإجابة معه».


اعداد: د.وليد خالد الربيع





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #97  
قديم 26-08-2024, 05:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة

الحكمــــة ضالـــة المؤمـــــن (98)

– الدعاء هو العبادة (2-2)



الدعاء له شروط وآداب حتى يكون صحيحا حريا بالإجابة، وقد ذكر العلماء هذه الشروط أخذا من النصوص الشرعية والقواعد الكلية، فمن هذه الشروط:

1- ألا يدعوَ إلا الله عز وجل، قال الله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}(البينة: 5)، وقال صلى الله عليه وسلم لابن عباس: «إذا سألت فأسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله» رواه الترمذي، والدعاء هو العبادة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فالإخلاص شرط لقبوله.

2- تجنب الاستعجال، فإنه من آفات الدعاء التي تمنع قبول الدعاء، وفي الحديث: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول: دعوت فلم يستجب لي». متفق عليه، وفي لفظ مسلم: «لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يتعجل. قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء».
3- أن لا يكون في الدعاء إثم ولا قطيعة كما في الحديث السابق: «يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم».
4- حسن الظن بالله قال صلى الله عليه وسلم : «يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي». متفق عليه ويوضحه حديث أبي هريرة فيقول النبي[: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة» رواه الترمذي وحسنه الألباني .
5- حضور القلب كما قال صلى الله عليه وسلم : «واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب لاه» رواه الترمذي وحسنه الألباني.
-6 إطابة المأكل قال سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}(المائدة: 27)، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم : «أن من موانع إجابة الدعاء أكل الحرام؛ ففي الحديث المشهور ذكر صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذيَ بالحرام فأني يستجاب لذلك»؟ رواه مسلم .
قال ابن القيم: «وكذلك أكل الحرام يبطل قوته – يعني الدعاء – ويضعفها».
-7 تجنب الاعتداء في الدعاء فإنه -سبحانه وتعالى- لا يحب الاعتداء في الدعاء قال سبحانه: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}(الأعراف: 55)، ومن الاعتداء أن يسأل ما لا يحل له كمنازل الأنبياء ، أو يسأل شيئا محرما.
وأما آداب الدعاء فهي عديدة منها:
1- أن يسأل اللهَ تعالى بأسمائه الحسنى، قال الله تعالى{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }(الأعراف: 180).
2- الثناء على الله تعالى قبل الدعاء بما هو أهله، فعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «عَجِلْتَ أَيُّهَا الْمُصَلِّي، إِذَا صَلَّيْتَ فَقَعَدْتَ فَاحْمَدْ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَصَلِّ عَلَيَّ، ثُمَّ ادْعُهُ» رواه الترمذي وفي رواية له: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ثُمَّ لْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ لْيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ»، قَالَ : ثُمَّ صَلَّى رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «أَيُّهَا الْمُصَلِّي، ادْعُ تُجَبْ».
3- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «كل دعاء محجوب حتى تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم » رواه الطبراني في «الأوسط» وصححه الشيخ الألباني.
4- استقبال القبلة، فعن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: «اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي ، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الإِسْلامِ لا تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ» الحديث أخرجه مسلم.
قال النووي: «فِيهِ اِسْتِحْبَاب اِسْتِقْبَال الْقِبْلَة فِي الدُّعَاء ، وَرَفْع الْيَدَيْنِ فِيهِ».
5- رفع اليدين، فعَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا». رواه أبو داود، وصححه الشيخ الألباني.
ويكون باطن الكف إلى السماء على صفة الطالب المتذلل الفقير، فعن مَالِكِ بْنَ يَسَارٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا سَأَلْتُمْ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ وَلا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا». رواه أبو داود صححه الشيخ الألباني.
وهل يضم يديه عند رفعهما أو يجعل بينهما فرجة ؟ نص الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في «الشرح الممتع» أنها تكون مضمومة. ونص كلامه: «وأما التفريج والمباعدة بينهما فلا أعلم له أصلا لا في السنة ولا في كلام العلماء».
6- الجزم فيه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ، فَإِنَّ اللهَ لا مُكْرِهَ لَهُ» متفق عليه.
7 - التضرع والخشوع والرغبة والرهبة، قال الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}(الأعراف: 55) وقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}(الأنبياء: 90).
8- الدعاء ثلاثاً، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه في حديث طويل أنه قَالَ: وَكَانَ - أي النبي صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَعَا دَعَا ثَلاثًا، وَإِذَا سأَلَ سَأَلَ ثَلاثًا».
9- إخفاء الدعاء وعدم الجهر به، قال الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}(الأعراف: 55)، وقال الله تعالى عن عبده زكريا عليه السلام :{إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا}(مريم: 3). قال ابن مفلح: «يكره رفع الصوت بالدعاء مطلقا، قال المروزي سمعت أبا عبد الله - يعني الإمام أحمد - يقول: ينبغي أن يسرَّ دعاءه لقوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلً}(الإسراء:110) قال: هذا الدعاء».
وعلى المسلم أن يحذر أمورا منها الدعاء على الأهل والمال والنفس، فعن جابرقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يُسأل فيها عطاء فيستجيب لكم» رواه مسلم.
ومنها تكلّف السجع في الدعاء، قال ابن عباس رضي الله عنهما: «وانظر السجع من الدعاء فاجتنبه، فإني عهدت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفعلون إلا ذلك». يعني لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب - أخرجه البخاري.
فهذه بعض شروط وآداب الدعاء، نسأل الله تعالى أن يوفقنا للدعاء ولا يحرمنا الإجابة، إنه سميع مجيب.


اعداد: د.وليد خالد الربيع





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #98  
قديم 16-09-2024, 10:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة

الحكمــــة ضالـــة المؤمـــــن(99)

- المسجد بيت كل تقي



يشغل المسجد مكانا كبيرا في حياة المسلمين، ولهذا تهفو أرواحهم له كلما خرجوا منه حتى يعودوا إليه، ويحرص المغتربون في بلاد غير المسلمين على بناء المساجد أو تخصيص الأماكن المناسبة واتخاذها مساجد لتكون المحضن الرباني لإقامة الشعائر، والحفاظ على هويتهم الإسلامية من الضياع والذوبان؛ كبارا وصغارا؛ رجالا ونساء.
فالمسجد مؤسسة كبيرة في المجتمع المسلم، لها وظائف عديدة، ولهذا كان من أول الأعمال التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة هو بناء المسجد ليكون نواة المجتمع، ومنه تنطلق كل أنشطة المسلمين.
والمسجد في الشرع له إطلاقان:
- الإطلاق العام: وهو أن المسجد كل موضع طاهر من الأرض لقوله صلى الله عليه وسلم : «وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا»، وهذا من خصائص الأمة الإسلامية.
- الإطلاق الخاص: وهو أن المسجد هو المكان المهيأ للصلوات الخمس، وبذلك فهو يختلف عن المصلى المعد في الصحراء لصلاة العيد والاستسقاء.
وقد وردت نصوص عديدة في الحث على بناء المساجد وصيانتها: قال الله تعالى:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}(النور: 36)، قال الزركشي:«أي تبنى»، وقال ابن عباس: «المساجد بيوت الله، تضيء لأهل السماء كما تضيء النجوم لأهل الأرض».
وقال عز وجل: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ}(التوبة: 18).
وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «مَنْ بَنَى للهِ مَسْجِدًا مِنْ مَالِهِ، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ». أخرجه ابن ماجه وصححه الألباني .
وعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ بَنَى للهِ مَسْجِدًا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ». أخرجه التِّرْمِذِي.
وهذا الأجر يحصل ولو كان مقدار البناء صغيرا أو كان نصيب الفرد من مجموع البناء يسيرا، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ لِبَيْضِهَا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا في الْجَنَّةِ». أخرجه أحمد، ومفحص القطاة: الموضع الذي تزيل عنه التراب لتضع بيضها فيه، قال الشوكاني: «والتنكير في مسجد للشيوع؛ فيدخل فيه الكبير والصغير».
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب»، وعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ:« أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَتَّخِذَ الْمَسَاجِدَ فِي دِيَارِنَا وَأَمَرَنَا أَنْ نُنَظِّفَهَا» أخرجهما أحمد.
ولما بال الأعرابي في المسجد أمر صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء ـ أي دلو ـ فأهريق عليه وقال للأعرابي: «إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، وإنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن». أخرجه مسلم.
عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي، حَتَّى الْقَذَاةِ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي، فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، أَوْ آيَةٍ، أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا». أخرجه أبو داود والتِّرْمِذِيّ.
وعدّ البصاق في المسجد خطيئة فقال صلى الله عليه وسلم : «البزاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها».أخرجه البخاري.
عَنْ أَبِي ذَرٍّأن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «عُرِضَتْ عَلَىَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي، حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا، الأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ، وَوَجَدْتُ فِي مَسَاوِئِ أَعْمَالِهَا، النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لاَ تُدْفَنُ». أخرجه مسلم.
وروى سعيد بن منصور عن أبي عبيدة بن الجراح أنه تنخم في المسجد ليلة فنسي أن يدفنها حتى رجع إلى منزله، فأخذ شعلة من نار ثم جاء فطلبها حتى دفنها، ثم قال: الحمد لله الذي لم يكتب عليَّ خطيئة الليلة.
وقد رغب الشرع في لزوم المساجد وعمارتها بالطاعات، فقال صلى الله عليه وسلم : «أحب البلاد إلى الله ـ أي المواضع ـ مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها» أخرجه مسلم.
وعن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المسجد بيت كل تقي، وتكفل الله لمن كان المسجد بيته بالروح والرحمة، والجواز على الصراط إلى رضوان الله إلى الجنة» أخرجه الطبراني وصححه الألباني.
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما توطن رجل المساجد للصلاة والذكر، إلا تبشبش الله تعالى إليه، كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم» أخرجه ابن ماجه.
وقال صلى الله عليه وسلم : «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: - فذكر منهم - ورجل قلبه معلق في المساجد».
وعمار المساجد هم جيران الله تبارك وتعالى فعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله لينادي يوم القيامة: أين جيراني؟ أين جيراني؟ قال: فتقول الملائكة: ربنا ومن ينبغي أن يجاورك؟ فيقول: أين عمار المساجد؟». (السلسلة الصحيحة 6/512 رقم 2728).
و ضمن الله تعالى لمن عَمَرَ مساجد الله إن عاشوا رُزِقوا وكُفوا، وإن ماتوا أدخلهم الله الجنة، فعن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ثلاثة كلهم ضامن على الله إن عاش رزق وكفي، وإن مات أدخله الله الجنة: من دخل بيته فسلَم, فهو ضامن على الله، ومن خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله، ومن خرج في سبيل الله فهو ضامن على الله».
والمسجد مرفق مهم في حياة المسلمين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وكانت مواضع الأئمة، ومجامع الأمة(المساجد)، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أسس مسجده المبارك على التقوى، ففيه الصلاة والقراءة والذكر، وتعليم العلم والخطب، وفيه السياسة وعقد الألوية والرايات، تأمير الأمراء وتعريف العرفاء، وفيه يجتمع المسلمون عنده لما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم».
وللمسجد وظيفة دينية وتربوية، فهو مكان العبادة كصلاة الجمعة والجماعة كما قال تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ}(البقرة: 43)، وهم الجماعة، وقال عن يوم الجمعة:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}(الجمعة: 9)، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحضور صلاة الجماعة فقال: «من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر»، وهمّ بتحريق بيوت المتخلفين عن صلاة الجمعة والجماعة لما للصلاة من أهمية كبرى في حياة المسلم.
وللمسجد وظيفة علمية ثقافية، فهو مكان العلم والتعليم، فالمسجد كان أول مدرسة لتعليم الكبار والصغار؛ حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه أصول الدين وفروعه في خطب الجمعة والعيد والاستسقاء والكسوف والخسوف، قال ابن مسعود: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الناس كل خميس، فجعل لهم أياما معلومة لبعض المواعظ.
وكان يسهر أحيانا معهم في طلب العلم في المسجد، فعن ابن عمر قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء في آخر حياته، فلما سلم قام فقال: «أرأيتكم ليلتكم هذه فإن رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحدا» أخرجه البخاري.
وحث الناس على الذهاب للمسجد للتعلم فقال: «من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرا أو يعلمه كان له كأجر حاج تاما حجته»، وقال: «من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يعلمه فهو بمنزلة الماجهدين في سبيل الله» أخرجه ابن ماجه.
وللمسجد وظيفة اجتماعية، فهو مكان يجتمع فيه المسلمون خمس مرات في اليوم، يتعارفون، ويتآلفون، ويقومون بحق بعضهم بعضا من عيادة المريض وإجابة الدعوة واتباع الجنائز ومساعدة المحتاج.
ولهذ فإن السعي إلى المسجد قربة عظيمة قال صلى الله عليه وسلم : «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط».
والمكث في المساجد من الأعمال المحببة إلى الله تعالى، فعن عبدالله بن عمرو قال: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب، فرجع من رجع، وعقب من عقب، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعًا قد حفزه النفس، وقد حسر عن ركبتيه، فقال: «أبشروا، هذا ربكم قد فتح بابًا من أبواب السماء يباهي بكم الملائكة، يقول: انظروا إلى عبادي قد قضوا فريضة، وهم ينتظرون أخرى».
فعلى المسلم أن يحرص على عمارة المساجد بالصلاة والدعاء والذكر وطلب العلم، ولا يتركها مهجورة، فهي خير البقاع وأحبها إلى الله تعالى، وهي أولى من بقية المجالس الدنيوية، والأسواق الملهية، والسعيد من وفقه الله تعالى للطاعة وثبته عليها.


اعداد: د.وليد خالد الربيع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 146.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 141.72 كيلو بايت... تم توفير 4.93 كيلو بايت...بمعدل (3.36%)]