فقه الْحَج - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ماذا يأكل المسلمون حول العالم؟ استكشف سفرة عيد الأضحى من مصر إلى كينيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          طريقة عمل الفتة بخطوات سريعة.. الطبق الرسمى على سفرة عيد الأضحى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          مقاصد الحج (ليشهدوا منافع لهم) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          آللَّهِ ما أَجْلَسَكُمْ إلَّا ذَاكَ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          أحكام وفضائل يوم النحر وأيام التشريق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          أحكام الأضحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          الحوار آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          خطبة الأضحى 1445 هـ: الكلمة مغنم أو مغرم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          خطبة عيد الأضحى: { ولا تتبعوا خطوات الشيطان } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 83 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-05-2024, 02:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,519
الدولة : Egypt
افتراضي فقه الْحَج

فقه الْحَج (1)

(التعريف – الحكم – الشروط - الأركان)

عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت

الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:
فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

عباد الله، الْحَجُّ من شعائر الإسلام مثله مثل الصلاة والصيام، والزكاة والأذان، وغيرها، وقبل الْحَجِّ لا بد من معرفة أحكامه، خاصةً لمن عزم على أداء هذه الفريضة، ومن ليس له عزيمة، فيكفيه أنه يتفقَّه في أحكام الدين؛ عساه أن يبلغ ما سمعه، أو يحفِّزه لأداء هذا المنسِك، فينتفع بفقه الْحَج، والقصد أن نعبُدَ الله عز وجل على بيِّنةٍ وعِلْمٍ، وسنشرع بحول الله في تبسيط فقه الْحَج عن طريق السؤال والجواب، مقتصرين على ما تدعو الحاجة إليه كثيرًا، أو يكثر السؤال عنه، ومن أراد الاستزادة، فعليه بالكتب التي تتناول أحكام الْحَج – إن كان يحسن القراءة والفهم – وإلا فعليه التوجه بالسؤال لأهل العلم؛ قال تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، ونشرع بحَولِ الله في المقصود.

السؤال الأول: ما معنى الْحَجِّ؟ هو في اللغة: القصد، وفي الشرع: القصد إلى البيت الحرام بمكة في وقت الْحَج لأداء مناسكه، وأشهر الْحَج هي: شوال، وذو القَعدة، وذو الْحِجَّة.

السؤال الثاني: ما حكم الْحَج؟ الْحَج ركن من أركان الإسلام التي لا يتم إلا بها؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((بُنِيَ الإسلام على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان))[1]، ولكن للأسف يحدث أن تجد أناسًا من كبار السن ولم يحُجُّوا بعدُ، ومنهم من كان غنيًّا صحيحًا ولم يحدِّث نفسه بالْحَجِّ، ولم يقُم بالمشاركة في قرعة الْحَجِّ ولو مرةً واحدةً؛ لتَبْرَأَ ذِمته، وتكون له حُجَّة عند ربه، ومنهم من يبني الدُّور، ويتطاول في البنيان، وينشغل بمشاريع الدنيا الفانية، وله هِمَّة عجيبة في ذلك، لكن لا همة له تدفعه لاستكمال شعيرة وركن من أركان الإسلام، والعجب أن تجد من يبرر تركه للحج بتأويلات باطلة لا مستند لها، سوى اتباع الهوى، وترك أوامر الرحمن، فيبرر تارةً أنه صغير، أو أنه ما يزال متلبسًا ببعض المعاصي التي لا يستطيع مفارقتها بعد الْحَج، وسيترك الْحَج إلى حين كبره، وما درى هذا المسكين أن الموت قد يعجَل إليه، أو أن مرضًا قد يُقْعِده، أو أن قرعةً لن تكون من نصيبه، أو أن فقرًا قد يحل به بعد الغِنى، وما أكثر ما رأينا من هؤلاء! ومنهم من يترك الْحَج بدعوى تفضيل إنفاق الأموال التي سيحج بها على الفقراء والمساكين، ويقولون جهلًا: الْحَجُّ أمام بيتك، فهل حَجَّ النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة؟ ولماذا سافر إلى مكة؟ وهل أمام بيتك كعبة وصفا ومروة لتسعى بينهما؟ وهل في بلادك عرفةُ لتقف بها ومرمى لترمي جمراتك؟ ولماذا أقمت نفسك مشرِّعًا ومبدِّلًا لحدود الله؟ ألَا بئس الفَهمُ وبئس التأويل، ومنهم من يترك الْحَج بدعوى أن أمواله تذهب لجهات معينة، فهل أنت تنفق أموالك خالصةً لوجه الله أم لجهة معينة؟ وهل نترك هذه الشعيرة ونعطلها لهذا السبب؟ أمَا علِمَ هؤلاء أن القائمين على الحرمين يبذلون من الجهود لخدمة ضيوف الرحمن ما الله به عليم؟ فلا يحق لأحدٍ الخلطُ بين عبادات الناس وأمور أخرى.

لهؤلاء جميعًا نقول: الْحَجُّ واجب على الفور لمن توفَّرت فيه الشروط - وهو مذهب المالكية - فليبادروا قبل فوات الأوان؛ قال تعالى: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 196]، وقال: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة: 148]، وهو واجبٌ مرةً واحدةً في العمر، وما زاد على ذلك فهو تطوُّع؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس، إن الله عز وجل قد فَرَضَ عليكم الْحَجَّ فحُجُّوا، فقال رجل: أكلَّ عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت: نعم، لَوَجَبَتْ، ولَما استطعتم، ثم قال: ذَرُوني ما تركتُكم؛ فإنما هَلَكَ من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتُكم بشيء، فأتُوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء، فدَعُوه))[2].

فاللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحْسَنَه، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم على عبده المصطفى وآله وصحبه، ومَن لآثارهم اقتفى؛ أما بعد:
فإذا كان الْحَجُّ واجبًا، يأتي السؤال الثالث: ما هي شروط الْحَج؟ الشرط الأول: الإسلام؛ فلا يجب ولا يصح الْحَج من كافر، الشرط الثاني: العقل؛ فلا يجب على المجنون ولا يصح إن وقع منه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((رُفِعَ القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبَر، وعن المجنون حتى يَعْقِلَ أو يُفيق))[3]، الشرط الثالث: البلوغ؛ ويُعرَف البلوغ بعلاماته أو بوصول سن البلوغ – وإن لم تظهر العلامات - فمن بلغ، يجب عليه الْحَج، وبهذا الشرط نُخرِج الأطفال؛ فالْحَجُّ لا يجب عليهم، وإذا حجَّ به وليُّه فهو تطوع، فإذا بلغ تجِب عليه حِجَّةُ الإسلام، وينوب عنه وليه فيما لا يقدر عليه كرمي الجمرات، ولوليه الأجر إذا صحبه؛ عن كريب رضي الله عنه، ((أن امرأةً رفعت صبيًّا، فقالت: يا رسول الله، ألهذا حَجٌّ؟ قال: نعم، ولك أجر))[4]، الشرط الرابع: الحرية؛ فلا يجب على العبد أو الأسير، فإذا حُرِّر العبد أو أُطلق سراح الأسير، وجب عليه الْحَج، الشرط الخامس: الاستطاعة؛ لقوله تعالى: ﴿ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ [آل عمران: 97]، والاستطاعة نسبية فالناس تتفاوت فيها، وتشمل القدرة المالية والبدنية، فمن قدر بماله وبدنه، لزِمه الْحَجُّ، ومن عجز بماله وبدنه، سقط عنه، ومن قدر ببدنه وعجز بماله، سقط عنه، ومن قدر بماله وعجز ببدنه عجزًا دائمًا، يمكنه أن يُنيب عنه في أقوال بعض المذاهب، ومن أقْصَتْه القرعة سقط عنه، ولا مناص من المشاركة كل عام، والمرأة إذا لم تجد مَحْرَمًا، أو كانت في عِدَّةٍ من وفاة زوجها، سقط عنها، وقيل إذا وجدت الرفقة المأمونة، جاز لها الْحَجُّ، ومن له عقد عمل، يطلب الإذن والترخيص من رب العمل؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1]، ويدخل في القدرة المالية أن يترك لعياله نفقتَهم إلى حين رجوعه، والمرأة لا تطيع زوجها إذا منعها عن حج الفريضة إذا وجدت مَحْرَمًا، وليس له منعُها.

السؤال الرابع: ما هي أركان الْحَجِّ؟ للحج أركان لا يتم إلا بها؛ وهي: الركن الأول: الإحرام؛ وهو نية الدخول في النُّسُك بقول أو فعل يتعلقان به، سواء أحْرَمَ الحاجُّ بالْحَج وحده وهو الإفراد، أو بالعمرة والْحَج في نسك واحد وهو القِران، أو أحرم بالعمرة، ثم يُحِل منها، ثم يُحرِم بالْحَج، ويسمى بالتمتع، وهو أكثر ما يفعل الناس اليوم، وسنرى صفته في الخطبة الموالية بحول الله، الركن الثاني: طواف الإفاضة؛ وهو التعبُّد لله بالدوران حول الكعبة بصفة مخصوصة، الركن الثالث: السعي بين الصفا والمروة؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ﴾ [البقرة: 158]، الركن الرابع: الوقوف بعرفة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((الْحَجُّ عرفة، فمن جاء قبل صلاة الفجر، ليلةَ جَمْعٍ، فقد تم حَجُّه))[5]، ومن فاته عرفة، فقد فاته الْحَج، لكن من وقع له عارض فوقف قبل أن يطلع الفجر الثاني من يوم النحر، فقد أدرك الوقوف.

فاللهم أرِنا الحقَّ حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، آمين.

(تتمة الدعاء).

[1] رواه مسلم، برقم: 16.

[2] رواه أحمد، برقم: 10607.

[3] رواه النسائي، برقم: 3432.

[4] رواه مسلم، برقم: 1336.

[5] رواه ابن ماجه، برقم: 3015.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23-05-2024, 02:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,519
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الْحَج

فقه الحج (2)

(صفة حج التمتع)

عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت

الخطبةالأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. أعاذني الله وإياكم من النار.

عباد الله، رأينا في الخطبة الماضية: تعريف الحج، وحكمه وشروطه وأركانه، وخلصنا إلى أنه يجب المبادرة بالحج لمن توفرت فيه الشروط وانتفت الموانع، ورأينا أن غالبية الناس اليوم يدخلون بالعمرة أولًا، ثم يحلون منها، فيحرمون ثانية بالحج؛ لأنها صفة ميسرة، وترفع عنهم الكثير من الحرج، وتُسمى بحج التمتع، وهذه الصفة موضوع خطبتنا اليوم.

السؤال الخامس: ما صفة حج التمتع؟
إذا وصل الحاجُّ إلى الميقات المكاني اغتسل وتطَهَّر وتطيَّب على البدن دون اللباس- والتطيُّب للرجال دون النساء- ثم يلبس لباس الإحرام؛ وهو عبارة عن إزار ورداء، ويستحب أن يكونا أبيضين نظيفين، أما المرأة فتلبس لباسها المعتاد في غير زينة، وتتجنب لبس النقاب والقُفَّازين، وهذه الأمور متعذرة لمن قصد مكة مباشرةً عبر الطائرة، فيفعل هذا في بيته، ويلبس فوق الإحرام لباسه، فإذا حاذى الميقات (ولكل بلد ميقاته، ويحرم المغاربة من الجحفة، وتبعد عن مكة: 186 كلم) - وربابنة الطائرة يعلمونهم بذلك – فينزع الرجال ثيابهم إلا ثوب الإحرام، ويهلُّون بالعمرة. وإذا قاموا بزيارة المدينة أولًا؛ فإن الميقات المكاني هو أبيار علي (يبعد عن المدينة 13 كلم، وعن مكة 408 كلم) فيفعلون فيه ما سبق معنا.

ويصلي الحاجُّ ركعتي الوضوء أو بعد فريضة- إن حضرت- ثم يهلُّ بعدها بالعمرة قائلًا: "لبيك اللهم عمرةً"، ويسن للمريض والخائف من عدم إتمام حجه أن يشترط قائلًا: "اللهمَّ محلي حيث حبستني"، وفائدة هذا الاشتراط أنه ليس عليه شيء من ذبح وهدي إذا لم يتمكن من إتمام حجه، ثم يشرع في التلبية بمفرده جاهرًا بها، قائلًا: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك"[1]، أما المرأة فتلبي سرًّا.

ومعنى لبيك: إقامة على طاعتك وإجابة لدعواتك، ولفظه لفظ المثنى، ومعناه الكثرة.

ومن فاتته سنن الإحرام فاتته الفضيلة، وحجُّه صحيح؛ وإنما الركن هو نية الدخول في النُّسُك لا ينبغي أن يفوته، فالأعمال بالنيات.

فإذا دخل مكة وترك متاعه في الفندق خرج للطواف [2]؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الحج: 29]، محترمًا آداب المسجد، فإذا رأى الكعبة قطع التلبية، فيبدأ طوافه عند الحجر الأسود مقبلًا ومستلمًا إياه- إذا كان بالإمكان -فإن لم يستطع التقبيل استلمه وقَبَّل يده، فإن لم يستطع أشار إليه بيده دون تقبيل، يفعل ذلك في كل شوط، مضطبعًا- أي كاشفًا عاتقه الأيمن- قائلًا: بسم الله والله أكبر. ويطوف سبعة أشواط، يرمل فيها- أي يسرع الخطى- في الأشواط الثلاثة الأولى، ويستلم الركن اليماني دون تقبيله، ولا تقبيل اليد، ولا تكبير ولا تشرع الإشارة إليه، داعيًا بما يشاء، مكثرًا من ذكر ربه وحمده أو قارئًا للقرآن، قائلًا بين الركنين اليماني والحجر الأسود:﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201]، ويغطي كتفه بعد انتهاء الطواف، ثم ينطلق إلى مقام إبراهيم ويقرأ: ﴿ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ﴾ [البقرة: 125]، فيصلي ركعتين فيه، فإن لم يجد مكانًا صلَّى في أي مكان، يقرأ فيهما بسورة الكافرون والإخلاص، ثم يذهب لشرب ماء زمزم في أي مكان وجده، ويصب على رأسه ويدعو بما شاء، فهو كما قال صلى الله عليه وسلم: "إنها مباركة، وهي طعام طعم، وشفاء سقم"[3].

ثم يتوجه إلى المسعى للسعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "اسعوا، فإن الله عز وجل كتب عليكم السعي"[4]، قائلًا في بداية كل شوط: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 158]، وقل: نبدأ بما بدأ الله به، واستقبل القبلة مكبِّرًا وموحِّدًا وداعيًا، تفعل ذلك على الصفا وعلى المروة، قائلًا:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده"[5]. ويسرع الرجال بين العلمين الأخضرين، ثم يذهب لحلق رأسه أو تقصيره، فإن كان الحج قريبًا فالتقصير أفضل لترك الحلق للحج، والمرأة تجمع شعرها وتأخذ منه قدر رأس الأصبع في بيتها لا أمام الناس، وبهذا تنتهي العمرة وحصل التحلل، وأبيح له كل ما حرم عليه بالإحرام.

فاللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.


الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم على عبده المصطفى، وآله وصحبه، ومن لآثارهم اقتفى، أما بعد:
فإذا كان يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، أحرم الحاج بالحج قائلًا: لبيك اللهم حجةً، فيتوجه إلى مِنى قبل زوال الشمس أو بعد الزوال، فيصلي فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر مقصرًا الرباعية من غير جَمْع، وفي اليوم التاسع يتوجَّه إلى عرفة للوقوف بها إلى زوال الشمس، وعرفة كلها موقف، ويصلي فيها الظهر والعصر جَمْعًا وقَصْرًا، ويتفرغ للذكر والدعاء في هذا اليوم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير"[6].

ويتجنب اللغو والخصام، وليحرص الحاجُّ كل الحرص ألا يفوته الوقوف بعرفة، فإذا تأكَّد غروب الشمس أفاض إلى المزدلفة، وحال وصوله صلى بها المغرب والعشاء جَمْعًا وقَصْرًا جَمْع تأخير، فيبيت بها إلى أن يصلي الفجر ثم يقف عند المشعر الحرام؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ ﴾ [البقرة: 198]، ومزدلفة كلها موقف. ثم يأخذ الحصى من أي مكان لرمي الجمرة الكبرى، وفي اليوم العاشر يوم النحر يقوم بأربعة أشياء بالترتيب:
الأول: يرمي جمرة العقبة بسبع حصوات قائلًا مع كل حصاة: الله أكبر. ويبدأ الرمي من طلوع الشمس إلى غروبها.

الثاني: ينحر هَدْيَه[7].

الثالث: يحلق رأسه أو يقصر، والحلق أفضل، وبالنحر أو الحلق يكون قد تحلَّل التحلُّل الأول، فيباح له كل شيء إلا النساء.

الرابع: يطوف طواف الإفاضة، وهذا الطواف ليس فيه اضطباع ولا رمل، ثم يسعى لحجه بعد الطواف، ولا حرج عليه إذا لم يحترم هذا الترتيب، فإذا طاف وسعى حل له كل شيء حتى النساء.

وفي أيام التشريق الثلاثة يرمي الجمرات الثلاث كل يوم: الصغرى، ثم الوسطى، ثم الكبرى، يبدأ الرمي من زوال الشمس إلى غروبها، كل واحدة بسبع حصيات، يكبر مع كل واحدة، ويكثر من الدعاء مستقبِلًا القبلة، رافعًا يديه، وبعد رمي الكبرى لا يقف ولا يدعو. وبهذا تم حجُّه، وما دام في مكة يحرص على الصلوات الخمس في المسجد الحرام، مُكثِرًا من ذكر ربه، قال تعالى: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ﴾ [البقرة: 200]، فإذا أراد العودة إلى بلده طاف طواف الوداع.

فاللهم ارزقنا الحج إلى بيتك الحرام، آمين. (تتمة الدعاء).

[1] رواه البخاري، رقم: 1549. ومسلم، رقم: 1184.

[2] بالنسبة للمتمتع يندرج طواف القدوم في طواف العمرة.

[3] رواه أبو داود الطيالسي في مسنده، رقم: 459.

[4] رواه ابن خزيمة في صحيحه، رقم: 2764.

[5] رواه مسلم، برقم: 1218.

[6] رواه الترمذي، رقم: 3585.

[7] وهناك الآن جهات موكلة بهذا الأمر.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29-05-2024, 01:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,519
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الْحَج

فقه الحج (3)

مسائل متفرقة

عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت

الخطبةالأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. أعاذني الله وإياكم من النار.

عباد الله، رأينا في الخطبة الماضية صفة حج التمتع، وهي المعمول بها لدى غالبية الحجاج؛ لأنها صفة ميسرة، وترفع عنهم الكثير من الحرج، ونختم فقه الحج ببعض المسائل التي يكثر السؤال عنها.

السؤال السادس: كيف أجعل من حجِّي حجًّا مبرورًا؟
قال صلى الله عليه وسلم: "والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"؛ [رواه مسلم 1349]، ولكي يكون الحج مبرورًا لا بد من الآتي:
أولًا: الإخلاصفيه، وذلك بأن تقصد في حجك الله والدار الآخرة، وتقصد طاعته بأداء ما أوجب عليك بلا رياء ولا سمعة.

ثانيًا: الحرص على النفقة الحلال؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، مع الاقتصاد فيها وتجنب الإسراف.

ثالثًا: الحرص على أداء الأعمال المطلوبة في الحج، وهذا لا يكون إلا بالتفقه فيها أو سؤال أهل العلم.

رابعًا: الإكثار من القربات ونوافل العبادات؛ كالصدقة والذكر والدعاء والصلاة وغيرها.

خامسًا: الحرص على نفع المسلمين وإرشادهم إلى ما ينفعهم وتعليم الجاهل منهم.

سادسًا: استقامة الأحوال بعد الحج، فيكون حال الحاج بعده أفضل من حاله قبله.

السؤال السابع: ما يمنع وما لا يمنع حال الإحرام؟
يمنع: لبس المخيط؛ أي: المفصل على أعضاء الإنسان، وليس الذي فيه خياطة، ويمنع حلق الشعر أو تقصيره أو إزالته من الرأس أو الجسم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ﴾ [البقرة: 196]، ويمنع تغطية الرأس بما يمسه، أو قلم الأظافر أو قطع شيء من جسمه إلا لضرورة طبية، ويحرم عليه صيد البر دون صيد البحر؛ لقوله تعالى: ﴿ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا ﴾ [المائدة: 96]، ويمنع قطع الشجر أو حرقه أو قطع نبات غير يابس أو أخذ لقطة إلا بنية التعريف بها، ويحرم الجماع أو المباشرة أو عقد النكاح لنفسه أو لغيره، ويحرم الفسوق والجدال؛ لقوله تعالى: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [البقرة: 197]، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ينكح المحرم، ولا ينكح، ولا يخطب"؛ [رواه مسلم 1409].

فإذا عرفنا هذه الممنوعات يأتي السؤال التالي.

السؤال الثامن: ماذا يجب على من فعل محظورًا من محظورات الإحرام؟
عليه الفدية؛ لقوله تعالى: ﴿ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴾ [البقرة: 196]، فيختار بين صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، لكن إذا لم يتعمدها الإنسان ووقعت منه على سبيل الخطأ، أو النسيان أو الإكراه، فإنه لا حرج عليه فيها؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 5]، وقال سبحانه: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286].

وفي خصوص الصيد وهو من محظورات الإحرام، قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ ﴾ [المائدة: 95]، فقيد (متعمدًا) يفيد أن من قتله غير متعمد ليس عليه جزاء؛ ولكن يجب على الناسي إذا تذكر، أو الجاهل إذا علم، أن يتخلى عن المحظور فورًا.

السؤال التاسع: ما الذي يجوز حال الإحرام؟
يجوز: لبس الساعة والخاتم والنظارات والحزام، واتقاء الشمس بالمظلة، وسماعات الأذن، ويجوز أخذ حافظة النقود والأغراض الشخصية، وركوب وسائل النقل، ووضع الضمادات الطبية.

السؤال العاشر: هل تطوف الحائض لعذر؟
الأصل في الطواف الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر، ويحرم طواف الحائض لغير عذر، لكن إذا كانت مع رفقة لا ينتظرونها، جاز طوافها مع أخذ كل الاحتياطات اللازمة لتجنب تلويث المسجد، قياسًا على المصلي العاجز عن الطهارة، فإنه يصلي على حاله.

فاللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم على عبده المصطفى، وآله وصحبه، ومن لآثارهم اقتفى، أما بعد:
السؤال الحادي عشر: ماذا لو حضرت الصلاة وأنا في طواف؟
الموالاة تشترط في الطواف كالصلاة، فإذا أقيمت الصلاة قطع الطواف بنية استئنافه بعد الصلاة، فأشبه النفل مع حضور الفرض.

السؤال الثاني عشر: ماذا يجب على من لم يجد الهدي؟
يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى بلده؛ لقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ﴾ [البقرة: 196].

السؤال الثالث عشر: هل يمكن رمي الجمرات قبل الزوال؟
الأصل في رمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق من زوال الشمس إلى غروبها، لكن إذا كان هناك زحام شديد يمكن الرمي قبل الزوال لمقصد التخفيف على الحجاج من مشقة الزحام، والتيسير على المستعجل إذا أراد اللحاق بركبه. وأما جمرة العقبة يوم العيد فوقتها من طلوع الشمس إلى غروبها.

السؤال الرابع عشر: هل يجوز للمحرم تمشيط شعره؟
الأصل أنه لا دليل يمنع، ولكنلا ينبغي له ذلك؛ لأن الذي ينبغي للمحرم أن يكون أشعث أغبر، ولا حرج عليه أن يغسله، أما تمشيطه فإنه عرضة لتساقط الشعر، ولكن إذا سقط شعر بدون قصد إما لحك رأسه أو لفركه وما أشبه ذلك؛ فإنه لا حرج عليه في هذا؛ لأنه لم يتعمد إزالته.

السؤال الخامس عشر: ماذا يجب على من ترك واجبًا من واجبات الحج كمن ترك الإحرام من الميقات، أو لم يبت بمزدلفة وغيرها؟
من ترك واجبًا ولو جهلًا أو نسيانًا، فعليه هدي؛ أي: ذبح ذبيحة توزع على فقراء الحرم، وإن ترك أكثر من واجب تعدَّد عليه الهدي بتعدُّد الواجبات المتروكة، وإن عجز عن الهدي، فإنه يصوم عشرة أيام عن كل هَدْي.

السؤال السادس عشر: هل يقرأ من كتب الأدعية في الطواف والسعي وغيرها من المناسك؟
يكفي من الأدعية ما يعرفه الإنسان ويفقه معناها، أما إذا أخذ كتابًا أو مطوفًا يلقنه ما لا يدري عنه، فإن ذلك لا ينفعه، وكثير من الناس يتبعون المطوف بما يقول وهم لا يدرون معنى ما يقول، أو يأخذون كتيبات يقرؤونها ولا يفقهون معناها، وفيها لكل شوط دعاء معين، وهذا من البدع التي لا يجوز للمسلم أن يستعملها؛ لأنها ضلالة، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يوقت لأمته دعاءً لكل شوط.

فاللهم أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، آمين. (تتمة الدعاء).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 83.81 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 81.22 كيلو بايت... تم توفير 2.60 كيلو بايت...بمعدل (3.10%)]