إضاءات سلفية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كتاب (الوصايا المنبرية شرح أربعين حديثاً من الوصايا النبوية ) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الغنائم المحققة للمطلوب في الدنيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          {قد أفلح من زكاها} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          كلمة التوحيد في الكتاب والسنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 13 )           »          شرح حديث: من حجَّ هـذا البيت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          حديث: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          مناجاة.. وثناء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          كيف نتوب كما ينبغي؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          آثار مواسم الطاعات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          الظلم في الميراث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-06-2024, 12:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,764
الدولة : Egypt
افتراضي إضاءات سلفية

إضاءات سلفية
(1) الاتــبـــــــــــــــاع




قال تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} (غافر: 7) وعن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه - قال: خطّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطّا، ثمّ قال: «هذا سبيل الله» ثمّ خطّ خطوطا عن يمينه وعن شماله، ثمّ قال: «هذه سبل متفرّقة على كلّ سبيل منها شيطان يدعو إليه»، ثمّ قرأ: {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (الآنعام: 153)، رواه أحمد وصححه الألباني.
قال الإمام أحمد- رحمه الله تعالى-: الاتّباع هو أن يتّبع الرّجل ما جاء عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه، ثمّ هو -من بعد- في التّابعين مخيّر.
وقال ابن عبد البرّ- رحمه الله تعالى-: الاتّباع ما ثبت عليه الحجّة، وهو اتّباع كلّ من أوجب عليك الدّليل اتّباع قوله. فالرّسول صلى الله عليه وسلم هو المثل الأعلى في اتّباع ما أمر به.
وعن أميّة بن عبد الله بن خالد بن أسيد أنّه قال لعبد الله بن عمر: إنّا نجد صلاة الحضر وصلاة الخوف في القرآن، ولا نجد صلاة السّفر في القرآن، فقال له ابن عمر: «ابن أخي إنّ الله- عزّ وجلّ- بعث إلينا محمّدا صلى الله عليه وسلم ولا نعلم شيئا، فإنّما نفعل كما رأينا محمّدا صلى الله عليه وسلم يفعل».
وقال عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه -: «من كان منكم مستنّا فليستنّ بمن قد مات، إنّ الحيّ لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمّد كانوا أفضل هذه الأمّة: أبرّها قلوبا وأعمقها علما، وأقلّها تكلّفا. اختارهم الله لصحبة نبيّه ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتّبعوهم على أثرهم وسيرتهم فإنّهم كانوا على الهدى المستقيم».
(2) الاجتماع
قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران: 102 - 104).
وعن أبي هريرة- رضي الله عنه - عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «سبعة يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه: الإمام العادل، وشابّ نشأ في عبادة ربّه، ورجل قلبه معلّق في المساجد، ورجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إنّي أخاف الله، ورجل تصدّق أخفى حتّى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه» متفق عليه. ولا يختلف معنى الاجتماع في الشّرع عن المعنى الّذي يفيده في أصل اللّغة. وهو أن يلتقي المسلمون وينضمّ بعضهم إلى بعض ولا يتفرّقوا، أمّا الأمر الّذي يجتمعون حوله فهو كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم .
وعن ابن مسعود- رضي الله عنه - أنّه كان يخطب ويقول: «يا أيّها النّاس، عليكم بالطّاعة والجماعة، فإنّهما حبل الله الّذي أمر به».
ومن أقوال الشّعراء:
تأبى الرّماح إذا اجتمعن تكسّرا
وإذا افترقن تكسّرت أحادا
وقال ابن حجر- رحمه الله- في المحافظة على الجماعة «في الفجر والعشاء خاصّة»:
«انتظام الألفة بين المتجاورين في طرفي النّهار، وليختموا النّهار بالاجتماع على الطّاعة ويفتتحوه كذلك».
(3) الاحتساب
قال ابن الأثير: الاحتساب في الأعمال الصّالحة وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتّسليم والصّبر، أو باستعمال أنواع البرّ والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلبا للثّواب المرجوّ منها.
قال الله سبحانه: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (البقرة: 156، 157).
وعن أبي مسعود البدريّ- رضي الله عنه - عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ المسلم إذا أنفق على أهله نفقة، وهو يحتسبها، كانت له صدقة» رواه مسلم.
وعن صهيب- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «عجبا لأمر المؤمن إنّ أمره كلّه خير، وليس ذلك لأحد إلّا للمؤمن! إن أصابته سرّاء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرا له.
قال خبيب- رضي الله عنه - عند ما أراد قتله بنو الحارث بن عامر بن نوفل:
فلست أبالي حين أقتل مسلما
على أيّ جنب كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ
يبارك على أوصال شلو ممزّع
وعن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه - قال: كأنّي أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيّا من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدّم عن وجهه ويقول: «ربّ اغفر لقومي فإنّهم لا يعلمون».
والاحتساب ثلاثة أنواع هي:
1- احتساب الأجر من الله تعالى عند الصّبر على المكاره، ولاسيما فقد الأبناء إذا كانوا كبارا.
2- احتساب الأجر من الله تعالى عند عمل الطّاعات يبتغى به وجهه الكريم، كما في صوم رمضان إيمانا واحتسابا، وكذا في سائر الطّاعات.
3- احتساب المولى- عزّ وجلّ- ناصرا ومعينا للعبد عند تعرّضه لأنواع الابتلاء، من نحو: منع عطاء أو خوف وقوع ضرر، ومعنى الاحتساب في هذا النّوع الثّالث الاكتفاء بالمولى- عزّ وجلّ- ناصرا ومعينا والرّضا بما قسمه للعبد إن قليلا وإن كثيرا.
(4) الإحسان
الإحسان يشمل الفرد والمجتمع والدّولة والحياة بأسرها؛ وأنّه لن تقوم تربية راشدة إلّا إذا غرسنا معنى الإحسان في النّفوس على أنّه من محابّ الله تعالى، وقد تضمّن الإحسان النّوايا والمقاصد والعبادات، كما تناول الأقوال والأفعال، ليس هذا فحسب وإنّما شمل أيضا الإحسان إلى المخلوقات كافّة من حيوان وجماد ونبات.
قال الله عز وجل: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (البقرة: 112) وعن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه - أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أسلم العبد فحسن إسلامه يكفّر الله عنه كلّ سيّئة كان زلفها -أي اقترفها وفعلها- وكان بعد ذلك القصاص: الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والسّيّئة بمثلها، إلّا أن يتجاوز الله عنها» متفق عليه.
وعن الحسن قال: «ليس الإيمان بالتّحلّي ولا بالتّمنّي، ولكن ما وقر في القلوب وصدّقته الأعمال، من قال حسنا، وعمل غير صالح، ردّه الله عليه».
قال الشّاعر:
أحسن إلى النّاس تستعبد قلوبهم
فطا لما استعبد الإنسان إحسان
قال ابن القيّم- رحمه الله-: الإحسان من منازل إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، وهذه المنزلة هي لبّ الإيمان وروحه وكماله، وهي جامعة لما عداها من المنازل، فجميعها منطوية فيها، وممّا يشهد لهذه المنزلة قوله تعالى: {هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ} (الرحمن: 60)؛ إذ الإحسان جامع لجميع أبواب الحقائق، وهو أن تعبد الله كأنّك تراه، والإحسان الأوّل في الآية الكريمة هو:- كما قال ابن عبّاس والمفسرون- هو قول لا إله إلّا الله، والإحسان الثّاني هو: الجنّة، والمعنى: هل جزاء من قال لا إله إلّا الله وعمل بما جاء به محمّد صلى الله عليه وسلم إلّا الجنّة؟



اعداد: وليد دويدار





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20-06-2024, 09:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,764
الدولة : Egypt
افتراضي رد: إضاءات سلفية

إضاءات سلفية (2)

الإخـــــــــــــاء









قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (الحشر: 10).



وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا». قال ابن حجر في قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ يعني في التّوادّ وشمول الدّعوة.

وقد آخى النّبيّ صلى الله عليه وسلم بين الأعلى والأدنى ليرتفق الأدنى بالأعلى ويستعين الأعلى بالأدنى. وبهذا تظهر مؤاخاته صلى الله عليه وسلم لعليّ؛ لأنّه هو الّذي كان يقوم به من عهد الصّبا من قبل البعثة واستمرّ. وكذا مؤاخاة حمزة وزيد بن حارثة؛ لأنّ زيدا مولاهم. وقال الكفويّ: الأخ: كلّ من جمعك وإيّاه صلب أو بطن. والأخوة تستعمل في النّسب والمشابهة والمشاركة في شيء.

فإذا ما تمّت المؤاخاة ترتّب على ذلك حقوق وواجبات تجاه الإخوان، وذلك كالإغضاء عن الهفوات، والنّصح لهم والتّناصح، ووجوب زيارتهم، ومودّتهم، وغير ذلك من أمور من شأنها إشاعة الألفة والتّآلف بين الإخوان، وذلك كلّه بهدف تحقيق التّماسك الاجتماعيّ المطلوب بما يعين على تحقيق أهداف رسالة الإسلام.

قال بشّار بن برد:

إذا كنت في كلّ الأمور معاتبا




صديقك لم تلق الّذي لا تعاتبه



فعش واحدا أو صل أخاك فإنّه

مقارف ذنب مرّة ومجانبه

إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى

ظمئت وأيّ النّاس تصفو مشاربه

(6) الابتهال

قال ابن الأثير- رحمه الله: «الابتهال: التّضرّع والمبالغة في المسألة». فالابتهال أن تمدّ يديك إلى الله بالدّعاء مخلصا متضرّعا. روى مسلم في صحيحه عن أنس- رضي الله عنه - قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الدّعاء، حتّى يرى بياض إبطيه». وهكذا كان ابتهاله.

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمَسْأَلَةُ أَنْ تَرْفَعَ يَدَيْكَ حَذْوَ مَنْكِبَيْكَ، أَوْ نَحْوَهُمَا، وَالِاسْتِغْفَارُ أَنْ تُشِيرَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ، وَالِابْتِهَالُ أَنْ تَمُدَّ يَدَيْكَ جَمِيعًا» رواه أبو داود وصححه الألباني.

وفي ابتهال النبي (روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عزّ وجلّ- في إبراهيم: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ ۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (إبراهيم: 36)، وقال عيسى عليه السّلام: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(المائدة: 118) فرفع يديه وقال: «اللهمّ! أمّتي أمّتي» وبكى، فقال الله عزّ وجلّ: «يا جبريل! اذهب إلى محمّد- وربّك أعلم- فسله ما يبكيك؟» فأتاه جبريل عليه الصّلاة والسّلام فسأله. فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال. وهو أعلم، فقال الله: «يا جبريل، اذهب إلى محمّد فقل: «إنّا سنرضيك في أمّتك ولا نسوؤك».

والمباهلة ترجع إلى هذا المعنى؛ فإنّ المتباهلين يدعو كلّ واحد منهما على صاحبه، قال تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ-فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} (آل عمران: 59 - 61).

والبهل: اللّعن. وفي حديث أبي بكر موقوفاً: «من ولي من أمور النّاس شيئا فلم يعطهم كتاب الله فعليه بهلة الله» أي: فعليه لعنة الله.

(7) الحياء

قال الله تعالى: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (القصص: 25). وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ» متفق عليه. قال بعضهم: كيف جعل الحياء وهو غريزة شعبة من الإيمان وهو اكتساب؟ والجواب في ذلك: أنّ المستحيي ينقطع بالحياء عن المعاصي، فصار كالإيمان الّذي يقطع عنها، ويحول بين المؤمن وبينها.

وقال ابن الأثير في هذا الحديث: وإنّما جعله بعض الإيمان؛ لأنّ الإيمان ينقسم إلى: ائتمار بما أمر الله به، وانتهاء عمّا نهى الله عنه، فإذا حصل الانتهاء بالحياء كان بعض الإيمان.

نْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : اسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الحَيَاءِ. قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللهِ حَقَّ الحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُرِ الْمَوْتَ وَالبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنَ اللهِ حَقَّ الحَيَاءِ. رواه الترمذي وحسّنه الألباني.

قال عمر- رضي الله عنه -: «من قلّ حياؤه قلّ ورعه، ومن قلّ ورعه مات قلبه».

وقال ابن مسعود- رضي الله عنه -: «من لا يستحيي من النّاس لا يستحيي من الله».

قال الشّاعر:

إذا لم تخش عاقبة اللّيالي

ولم تستحي فاصنع ما تشاء

فلا والله ما في العيش خير

ولا الدّنيا إذا ذهب الحياء

يعيش المرء ما استحيا بخير

ويبقى العود ما بقي اللّحاء

(8) التوبة

قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً} (الفرقان: 68 - 71).

قال الرّاغب: التّوبة في الشّرع: ترك الذّنب لقبحه والنّدم على ما فرط منه والعزيمة على ترك المعاودة، وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال بالإعادة. وقال الجرجانيّ: التّوبة هي الرّجوع إلى الله بحلّ عقدة الإصرار عن القلب، ثمّ القيام بكلّ حقوق الرّبّ.

قال النّوويّ- رحمه الله تعالى-: التّوبة واجبة من كلّ ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلّق بحقّ آدميّ فلها شروط ثلاثة وهي:

1- أن يقلع عن المعصية.

2- أن يندم على فعلها.

3- أن يعزم على أن لا يعود إليها أبدا. فإن فقد أحد الثّلاثة لم تصحّ توبته.

ويزاد شرط رابع إذا كان الذّنب يتعلّق بحقّ آدميّ: أن يبرأ من حقّ صاحبه؛ فإن كان مالا أو نحوه ردّه إليه، وإن كان حدّ قذف مكّنه منه أو طلب عفوه، وإن كان غيبة استحلّه منها، هذا إذا لم يترتّب على ذلك مفسدة أعظم. ويجب أن يتوب من جميع الذّنوب، فإن تاب من بعضها صحّت توبته من ذلك الذّنب.

قال ابن القيّم- رحمه الله تعالى-: التّوبة هي حقيقة دين الإسلام، والدّين كلّه داخل في مسمّى التّوبة وبهذا استحقّ التائب أن يكون حبيب الله. فإنّ الله يحبّ التّوّابين ويحبّ المتطهّرين. عن أبي موسى الأشعريّ- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنّ الله- عزّ وجلّ- يبسط يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل، حتّى تطلع الشّمس من مغربها» رواه مسلم.






اعداد: وليد دويدار








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم يوم أمس, 11:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,764
الدولة : Egypt
افتراضي رد: إضاءات سلفية

إضاءات سلفية (3) التواضـــــــــع





قال تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (لقمان: 18)، وعن أبي هريرة- رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلّا عزّا، وما تواضع أحد لله إلّا رفعه الله» رواه مسلم. فالتواضع: هو تعظيم من فوقه لفضله، وقيل: التّواضع هو: الاستسلام للحقّ وترك الاعتراض في الحكم.

وذكر ابن القيم رحمه الله أن التواضع المحمود على نوعين:
النوع الأول: تواضع العبد عند أمر الله امتثالا، وعند نهيه اجتنابا؛ فإنّ النّفس لطلب الرّاحة تتلكأ في أمره فيبدو منها نوع إباء وشرود هربا من العبوديّة، وتثبت عند نهيه طلبا للظّفر بما منع منه، فإذا وضع العبد نفسه لأمر الله ونهيه فقد تواضع للعبوديّة.
والنّوع الثّاني: تواضع لعظمة الرّبّ وجلاله وخضوعه لعزّته وكبريائه فكلّما شمخت نفسه ذكر عظمة الرّبّ تعالى وتفرّده بذلك وغضبه الشّديد على من نازعه ذلك فتواضعت إليه نفسه، وانكسر لعظمة الله قلبه، واطمأنّ لهيبته، وأخبت لسلطانه، فهذا غاية التّواضع، وهو يستلزم الأوّل من غير عكس، والمتواضع حقيقة من رزق الأمرين معا.
وعن جرير بن عبد الله- رضي الله عنه أنّه قال له سلمان- رضي الله عنه -: «يا جرير تواضع لله. فإنّ من تواضع لله في الدّنيا رفعه الله يوم القيامة»، وسئل الحسن البصريّ عن التّواضع. فقال: «التّواضع أن تخرج من منزلك ولا تلقى مسلما إلّا رأيت له عليك فضلا».
وروى البخاري في صحيحه عن عائشة- رضي الله عنها- وقد سئلت عمّا كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يصنع في أهله قالت: كان في مهنة أهله فإذا حضرت الصّلاة قام إلى الصّلاة. وعن عبد الله بن أبي أوفى- رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الذّكر، ويقلّ اللّغو، ويطيل الصّلاة، ويقصر الخطبة، ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له الحاجة. رواه النسائي وصححه الألباني.
(10) الصوم
قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (البقرة: 185).
وعن أبي أمامة الباهليّ- رضي الله عنه - أنّه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أيّ العمل أفضل؟ قال: «عليك بالصّوم فإنّه لا عدل له» أي: لا نظير له ولا مثيل. رواه النسائي وصححه الألباني.
والصوم هو الإمساك عن الأكل والشّرب والجماع وسائر المفطرات يوما كاملا بنيّة الصّيام من طلوع الفجر الصّادق إلى غروب الشّمس.
وعن سهل بن سعد- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنّ في الجنّة بابا يقال له الرّيّان، يدخل منه الصّائمون يوم القيامة، لا يدخل معهم أحد غيرهم، يقال: أين الصّائمون؟ فيدخلون منه، فإذا دخل آخرهم أغلق، فلم يدخل منه أحد» متفق عليه.
وقال جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما-: «إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب، والمآثم، ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك، ولا تجعل يوم صيامك وفطرك سواء».
فالصائم موعود بالجنة ومبشّر بها، والصوم طهارة للنفس يورث الخشية، ويثمر المراقبة من الله عز وجل، كما أن فيه ناحية صحيّة؛ فالمعدة بيت الداء والجوع رأس الدواء.
وعن عائشة- رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتّى نقول لا يفطر، ويفطر حتّى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قطّ إلّا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان» متفق عليه.



اعداد: وليد دويدار






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 78.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 75.50 كيلو بايت... تم توفير 2.59 كيلو بايت...بمعدل (3.32%)]