مختصر أحكام صلاة المسافر - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13085 - عددالزوار : 347444 )           »          معركة شذونة.. وادي لكة.. وادي برباط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 95 )           »          أخــــــــــلاق إسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 475 )           »          إضاءات سلفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 2489 )           »          من أساليب التربية في القرآن الكريم ، أسلوب الحكيم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 136 )           »          موقظة في تعريف عقد البيع في الفقه الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 82 )           »          الوجيز في أحكام التداولات المالية المعاصرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 106 )           »          حكم التورق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 75 )           »          حكم التلفيق بين أقوال المذاهب الفقهية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 115 )           »          فائدة في كفارة اليمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 138 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم اليوم, 01:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,207
الدولة : Egypt
افتراضي مختصر أحكام صلاة المسافر

مختصر أحكام صلاة المُسافر

عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
أقول وبالله التوفيق:
من الأحكام التي تتعلق بالسفر وصلاة المُسافر ما يلي:
معنى السفر:
السفر في اللُّغة: هو قطع المسافة، وأصله مأخوذ من الإسفار؛ أي: الخُروج والظُّهور والبُروز، ومنه: أسفر الصبح: إذا لمع، وسُمِّي بذلك لأن الإنسان يُسْفِر بذلك عن نفسه، فبدلًا من أن يكون مكنونًا في بيته أصبح ظاهرًا بيِّنًا بارزًا.

وقيل: لأنه يُسْفِر عن أخلاق الرجال؛ أي: يُظهر أحوالها ويُوضِّحها ويُبيِّنها لا سيما إذا طالت مُدة السفر.

فإن كثيرًا من الناس لا تعرف أخلاقه ولا حُسْن سيرته إلا إذا سافرت معه، فكم من إنسان تراه كل يوم وتُشاهده ولا تعرف عن أخلاقه ومُعاملاته شيئًا، فإذا سافرت معه سفرًا طويلًا تتبين لك أخلاقُه ومُعاملاتُه لا سيما فيما سبق من الزمان.

واصطلاحًا: هو مُفارقة محل الإقامة على وجه السفر.
المُسافر له أحكام تتعلق بالصلاة، وأحكام تتعلق بغير الصلاة يبحثها العُلماء رحمهم الله في مواضعها فيما يتعلق بأحكام الوضوء والتيمُّم والمسح على الخُفَّين يبحثونها في كتاب الطهارة وما يتعلق بأحكام السفر المُتعلقة بالصلاة يبحثونها في كتاب الصلاة، وكذلك ما يتعلق بأحكام المُعاملات يُبحَث في مواضعه وهكذا.

نوع السفر الذي تتعلق به أحكامه:
السفر ينقسم إلى خمسة أقسام:
1- سفر مُحرَّم: وهو أن يُسافر لفعل ما حَرَّمه الله أو حَرَّمه رسوله صلى الله عليه وسلم مثل: من يُسافر للتجارة في المُحرَّمات، ومثل قطع الطريق، وسفر المرأة بدون مَحْرَم.

2- سفر مكروه: مثل سفر الإنسان وحده بدون رُفْقة إلا في أمر لا بُدَّ منه.

3- سفر مُباح: مثل السفر للنزهة أو التجارة المُباحة.

4- سفر مُستحبّ: مثل السفر لنفل الحج أو العُمرة ونحو ذلك.

5- سفر واجب: مثل السفر لفريضة الحج.

لا خِلاف بين العُلماء أن السفر الواجب أو السفر المُستحبّ أو السفر المُباح هو الذي تتعلق به أحكامه.

أما السفر المُحرَّم فالقول الراجح أنه كغيره من أنواع السفر؛ وذلك لأن الأدلة في ذلك جاءت عامَّةً لم تُفرِّق بين مُسافر ومُسافر، فوجب العمل بعُموم النُّصوص وإطلاقها.

ولأنه لم يُنقل قَطُّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خصَّ سفرًا دون سفر مع علمه بأنواع السفر، ولو كان هذا مما يختص بنوع من السفر لكان بيان هذا من الواجبات، ولو ثبت بيانه لنقلته الأُمَّة.

وعليه فلا تُشترط إباحة السفر لجواز الترخص برُخْصه على القول الراجح.

حد السفر الذي تتعلق به أحكامه:
القول الراجح أن السفر لا حدَّ له من حيث المسافة سواء طالت المسافة أم قصرت، طال الوقت أم قصر؛ وإنما يُرجع فيه إلى العُرْف العام، والغالب عند الناس، فما سَمَّاه العُرْف سفرًا فهو سفر؛ لأنه لم يَرِدْ عن النبي صلى الله عليه وسلم تقييدُ السفر بمسافة، وليس هناك حقيقةٌ لُغويةٌ تُقيِّده.

وعليه فإن السفر الذي تتعلق به أحكامه هو ما عدَّه الناس في عُرْفهم أنه سفر؛ لأن التحديد يحتاج إلى توقيف وليس لما صار إليه المُحددون حُجة، وأقوال الصحابة في ذلك مُتعارضة، ولا حُجة فيها مع الاختلاف، ولأن التقدير مُخالف لظاهر القُرآن ولسُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز المصير إليه برأي مُجرَّد.

والتوقيف معناه الاقتصار على النص من الشارع، والله عز وجل يعلم أن المُسلمين يُسافرون في الليل والنهار، ولم يَرِدْ حرفٌ واحدٌ يقول إن تحديد السفر مسافته كذا وكذا، ولم يتكلم أحد من الصحابة بطلب التحديد في السفر مع أنهم في الأشياء المُجملة يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن تفسيرها وبيانها، فلما لم يسألوا عُلِم أن الأمر عندهم واضح، وأن هذا معنى لُغوي يُرجع فيه إلى ما تقتضيه اللُّغة.

ولأن التنصيص على الشيء بصيغة لا تدل إلا على مُجرد الوقوع لا يستلزم عدم شرع غيره، كما لا يستلزم نفي الحُكْم عن غيره، وذلك أن ما ورد من تحديد بعض المسافات في بعض الأحاديث والآثار إنما يدل على وقوعها فقط، ولا ينفي جواز القصر في أقل من المسافة المذكورة في كل حديث أو أثر.

ولأن تحديد السفر بمسافة مُعينة يستلزم تكليف الناس بمعرفة مسافات الطُّرُق التي يسلكونها، وهذا فيه مشقة على كثير من الناس لا سيَّما الطُّرق التي لم تُطْرَق من قبل، أو لا تعرف مسافتها، فيقع الناس في الحرج والاضطراب، وقد يسلك الإنسان طريقًا عُرِفت مسافتُه، وقد يسلك غيره.

حالات السفر من حيث المُدة والمسافة:
لا تخلو حالات السفر من حيث المُدة والمسافة من أربع؛ هي:
1- مُدة طويلة في مسافة طويلة، فهذا سفر لا إشكال فيه.

2- مُدة قصيرة في مسافة قصيرة، فهذا ليس بسفر.

3- مُدة طويلة في مسافة قصيرة، فهذا سفر؛ لأن أهل مكة خرجوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عرفات، وهي قريبة منهم، وإلى مِنى، ومع ذلك ترخَّصوا، فالمسافة عندهم قصيرة لكن المُدة طويلة وهم خرجوا ولا يرجعون إلا في الغد، فترخَّصوا بالجَمْع والقَصْر في عرفات ومِنى.

4- مُدة قصيرة في مسافة طويلة، فهذا سفر؛ لأن الناس يتأهَّبون له، ولأن الترخص في السفر لا يُنظر فيه إلى المشقة؛ لأنها غير مُنضبطة؛ وإنما هو مُعلق بوجود السفر، فالسير في الجو مُعتبر بمساحته من البر، فلو قطع المسافة في ساعة أو أقل جاز له أن يقصر.

إذا شكَّ الإنسان في السفر، هل هذا يُسمَّى سفرًا عُرْفًا أم لا؟ فهو بذلك شاكٌّ، هل هو مُقيم أو مُسافر؟

وبُناءً على هذا، الأحوط أن يُتِمَّ؛ لأن الأصل في الإنسان أنه مُقيم، والسفر مشكوك فيه، فيُتِم حتى يتحقق أنه مُسافر؛ للقاعدة الشرعية (اليقين لا يزول بالشكِّ).

رُخص السفر التي تتعلق بالصلاة:
السفر كغيره من الأُمور الأُخرى التي شرعها الله سُبحانه وتعالى لمصلحة عباده، وقد رخص لهم في هذا السفر رخصًا كثيرة توسيعًا ورفقًا بهم، ومن هذه الرُّخص التي تتعلَّق بالصلاة ما يلي:
1- قصر الصلاة الرباعية (الظُّهر والعصر والعشاء):
قصر الصلاة الرباعية في السفر رُخْصة مشروعة، ودليل ذلك ما ثبت في كتاب الله وسُنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم وآثار الصحابة، وأجمعت عليه الأُمة؛ حيث إنه لم يُحفَظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلَّى أربعًا في سفر قط؛ بل ثبت عنه أنه في كل أسفاره الطويلة والقصيرة كان يُصلِّي ركعتين قَصْرًا.

أما الصلاة الثُّلاثية فلا تُقصر بالإجماع؛ لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وللقاعدة المهمة؛ وهي: كما أن الفعل سُنة فالتَّرْك مع وجود سبب الفعل سُنَّة.

ولأنها لو قُصرت لفات المقصود منها وهي الوترية، ولأنها لا يُمكن أن تُقصر على سبيل النصف؛ إذ ليس هناك صلاة تكون ركعة ونصفًا.

وكذلك الصلاة الثنائية لا تُقصر أيضًا؛ لأنها لو قصرت لكانت وِتْرًا ففات المقصود، وهذا التعليل هو بيان لوجه الحِكْمة، وإلا فالأصل هو اتباع النص؛ لأن ركعات الصلاة من الأُمور التي لا تبلغها العُقول؛ ولكننا نقول: هذا من باب ذكر المُناسبة؛ وهي: لماذا لم يُشرع القصر إلا في الرُّباعيات؟

القول الراجح أن القصر في السفر سُنَّة مُستحبة وليس بواجب، فلو أتَمَّ المُسافر لم يأثم، ولا يُوصَف بأن عمله مكروه؛ لأنه لا يلزم من تَرْك السُّنة الوقوع في المكروه؛ ولهذا لو أن الإنسان لم يرفع يديه في الصلاة عند الرُّكوع لم يفعل مكروهًا.

وهذه قاعدة: أنه لا يلزم من ترك المُستحب الوقوع في المكروه.

ولأن الصحابة رضي الله عنهم أتَمُّوا خلف عثمان بن عفان رضي الله عنه حينما صلَّى في مِنى، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان في أول خلافته إلى ست أو ثماني سنين كان يُصلِّي ركعتين، ثم صار في آخر خلافته يُصلِّي أربعًا، وكان الصحابة يُصلُّون خلفه مع إنكارهم عليه حتى إن ابن مسعود لما بلغه أنه صَلَّى أربعًا استرجع قائلًا: (إنا لله وإنا إليه راجعون)، فلو كان القصر واجبًا لم يُتابِعْه الصحابة رضي الله عنهم؛ لأنه إذا كان واجبًا فإن الإتمام معصية لله، ولا يُمكن أن يُتابع الصحابة رضي الله عنهم عثمان فيما يرونه معصية لله عز وجل.

القول الراجح أن العِلَّة في القصر ليست المشقة؛ وإنما العِلَّة في القصر هي السفر، فيجوز القصر في الصلاة الرباعية بأي وسيلة يستخدمها المُسافر طيرانًا كانت أو قطارًا أو سيارة ونحو ذلك.

لا يجوز القصر للمُقيم؛ حيث إن بعض العامة يجهل ذلك، فيظن أنه يجوز القصر مع الجمع فيُصلِّي الظُّهر ركعتين، والعصر ركعتين، وهذا خطأ؛ لأن القصر خاصٌّ بالمُسافر فقط.

للقاعدة: كل من جاز له القصر جاز له الجمع ولا عكس.

القول الراجح أنه لا ينبغي لمُسافر أن يُتِم الصلاة في سفره وهو يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ما أتَمَّ صلاة في سفر وكذا أصحابه رضوان الله عليهم؛ بل يلتزم بفعل القصر؛ لأنه هو الأفضل.

ولأن القصر في السفر من رخص الله، والله يُحب أن تُؤتَى رُخَصُه كما تُؤتَى عزائمُه، وفيه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لكن إن أتَمَّ جاز له ذلك؛ لكنه خلاف الأولى.

ومن المسائل التي تتعلق بصلاة المُسافر من حيث القصر والإتمام ما يلي:
مسألة 1: من سافر وفي أثناء سفره ذكر أنه لم يُصلِّ الظُّهر في الحضر فإنه يُصلِّي أربعًا، وهذا بالإجماع؛ لأن القضاء يحكي الأداء، والواجب في القضاء أن يكون على هيئة الأداء، ولأن هذه الصلاة لزمته تامة، فوجب عليه فعلُها تامَّةً.

وكذلك لو وصل إلى بلده ثم ذكر أنه لم يُصلِّ الظُّهْر في السفر جاز له أن يُصلِّي الظُّهر ركعتين قصرًا؛ أي: لا يلزمه الإتمام على القول الراجح؛ لأن هذه الصلاة تعَلَّقَت في ذمته على أنها قصر والقضاء يحكي الأداء كما سبق، فالذي فاته إنما هو ركعتان لا أربع فلم يفته من الصلاة أربع ركعات، وإنما فاته ركعتان، والقضاء إنما يكون للشيء الفائت.

والخُلاصة: أن هذه المسألة لها أربع صُور:
1- أن يذكر صلاة سفر في سفر فإنه يقصر.
2- أن يذكر صلاة حضر في حضر فهذا يُتِمُّ.
3- أن يذكر صلاة سفر في حضر فإنه يقصر على القول الراجح.
4- أن يذكر صلاة حضر في سفر فإنه يُتِمُّ على القول الراجح.

مسألة 2: إذا ائتمَّ المُسافر بمُقيم سواء كان هذا الائتمام من أول الصلاة أو في أثنائها فإنه يُتِم لوجوب المُتابعة في الائتمام، وهذا باتفاق العُلماء.

سُئل ابن عباس رضي الله عنهما: ما بال الرجل المُسافر يُصلِّي ركعتين ومع الإمام أربعًا؟ فقال: (تلك هي السُّنة).

ولأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يُصلُّون خلف عُثمان بن عفان رضي الله عنه وهم في سفر في مِنى أربعًا.

فإذا أدرك المُسافر من صلاة الإمام المُقيم ركعةً كاملةً فأكثر في الصلاة الرباعية، وجب عليه أن يأتي بثلاث، وإن أدرك ركعتين أتى بركعتين، وإن أدرك ثلاثًا أتى بركعة، وهذا باتفاق العُلماء.

وإن أدرك معه أقل من ركعة كمن أدركه في التشهُّد قبل السلام أتى بأربع؛ أي: يلزمه الإتمام على القول الراجح؛ لعُموم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بوجوب إتمام ما سبق من الصلاة إذا فات منها شيء مع الإمام.

مع التنبيه أنه في هذه الصُّورة لا يُدرك الجماعة على القول الراجح؛ أي: أنه لا يُدرك أجر صلاة الجماعة إذا دخل مع الإمام في التشهُّد الأخير؛ لأن إدراك الجماعة يحصل بإدراك ركعة كاملة.

وبِناءً على ذلك فالمشروع إذا جاء والإمام في التشهُّد الأخير أنه لا يدخل معه إذا كان يغلب على الظن حُضور جماعة أُخرى، فإن كان لا يرجو ذلك دخل معه وأتَمَّ صلاته؛ ولكنه بذلك لا يكون مُدركًا لصلاة الجماعة مع الإمام.

مسألة 3: من ائتمَّ بمن يشكُّ فيه هل هو مُسافر أو مُقيم؟ هل يُتِم أم يقصر؟ وهذا إنما يكون في محل يكثر فيه المُسافرون؛ كالمطارات ومحطات القطار ونحو ذلك.

القول الراجح في هذه المسألة لا يخلو من أمرين:
الأول: أن تكون هناك قرينة على أن الإمام مُسافر فهنا يقصر، كما لو صلَّى بهم من يرى عليه آثار السفر كحمله لعفش ونحو ذلك.

الثاني: إذا لم يكن هناك قرينة تدل على وضع الإمام هل هو مُسافر أم لا، فهنا يلزمه الإتمام؛ لأن من شرط القصر أن ينويه نيةً جازمةً لا تردُّد فيها.

لكن لو قال: إن أتمَّ الإمام أتمَمْتُ معه، وإن قصر قصرت، فلا بأس بذلك وإن كان مُعلقًا؛ لأن هذا التعليق يُطابق الواقع.

وليس هذا من باب الشك بل هو من باب تعليق الفعل بأسبابه، فسبب القصر قصر الإمام، وسبب الإتمام إتمامُه.

مسألة 4: القول الراجح أن المُسافر إذا ائتم بمُقيم ثم ذكر أنه على غير وضوء أو فسدت صلاة المُسافر بحَدَث ثم ذهب ليتوضأ ثم رجع فوجدهم قد صلَّوا لا يلزمه الإتمام؛ لأن الصلاة لم تنعقد أصلًا، ولأنه بفسادها زالت التبعية، فيجوز له أن يُصلِّيَها مقصورةً.

مسألة 5: القول الراجح أن المُسافر إذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام في البلد الذي سافر إليه أو أقام لحاجة وظن أنها لا تنقضي إلا بعد الأربعة يجوز له أن يقصر الصلاة، ويترخص برُخص السفر ما لم ينوِ الاستيطان أو الإقامة المُطلقة.

وهذه المسألة من مسائل الخِلاف التي كثرت فيها الأقوال، فزادت على عشرين قولًا لأهل العِلْم، وسبب ذلك أنه ليس فيها دليل فاصل يقطع النزاع؛ فلهذا اضطربت فيها أقوال العُلماء.

والراجح أن ظاهر ما دل عليه الدليل في الكتاب والسُّنة هو أن المُسافر مُسافر سواء نوى إقامة أكثر من أربعة أيام أو دونها؛ وذلك لعُموم الأدلة الدالة على ثُبوت رُخص السفر للمُسافر بدون تحديد، فلم يُحدد الله في كتابه ولا رسوله صلى الله عليه وسلم المُدة التي ينقطع بها حُكْم السفر، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أقام مُددًا مُختلفة يقصر فيها، فأقام في تبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة، وأقام في مكة عام الفتح تسعة عشر يومًا يقصر الصلاة، وأقام في مكة عام حجة الوداع عشرة أيام يقصر الصلاة.

وعلى هذا فإن القول الراجح أن المُسافر مُسافر ما لم ينوِ واحدًا من أمرين:
1- الاستيطان.
2- الإقامة المُطلقة.

والفرق: أن المُستوطن نوى أن يتخذ هذا البلد وطنًا له والإقامة المُطلقة أنه يأتي لهذا البلد فينوي الإقامة مُطلقًا بدون أن يُقيدها بزمن أو بعمل لكن نيته أنه مُقيم؛ لأن البلد أعجبه إما بكثرة العِلم وإما بقُوة التجارة أو لأنه إنسان مُوظف تابع للحُكومة كالسُّفراء مثلًا، فهؤلاء حُكمهم حُكم المُستوطنين من وجوب الصوم وإتمام الصلاة ونحو ذلك، ولا يجوز لهم القصر ولا الجمع ولا غيرهما من رُخَص السفر؛ لأن الأصل في هذا عدم السفر؛ لأنهم نووا الإقامة المُطلقة فانقطع حُكم السفر في حقِّهم.

أما من قيد الإقامة بعمل ينتهي أو بزمن ينتهي فهذا مُسافر ولا تتخلَّف أحكام السفر عنه.

وعليه فتحديد السفر بالمسافة قول مرجوح؛ لأن التحديد توقيف؛ أي: أنه حَدٌّ من حُدود الله يحتاج إلى دليل، فأي إنسان يُحدد شيئًا أطلقه الشارع فعليه الدليل، وأي إنسان يُخصِّص شيئًا عمَّمَه الشارع فعليه الدليل؛ لأن التقييد زيادة شرط، والتخصيص إخراج شيء من نُصوص الشارع، فلا يحل لأحد أن يُضيف إلى ما أطلقه الشارع شرطًا يُقيده.

مسألة 6: القول الراجح أن من لم ينوِ الإقامة المُطلقة ولكنه نوى إقامة ينتظر بها زوال المانع، أو أقام لقضاء حاجة بلا نية إقامة يجوز له القصر، ولو بقي زمنًا طويلًا؛ لأنه إنما نوى الإقامة من أجل هذه الحاجة ولم ينوِ إقامة مُطلقة؛ كمن سافر للعلاج ولا يدري متى ينتهي فإنه يُشرع له القصر حتى لو غلب على ظنِّه أنه سيطول؛ لأن بقاءه من أجل الحاجة فقط.

فما دام الحامل له على الإقامة هي الحاجة فلا فرق بين أن يُحدد أو لا يُحدد، فهو مُقيم لشيء ينتظره، متى انتهى منه رجع إلى بلده.

وقد ثبت عن ابن عُمر رضي الله عنهما أنه أقام في أذربيجان ستة أشهر يُصلِّي ركعتين وقد حال الثلج بينه وبين الدخول.

وأقام أنس رضي الله عنه بالشام يقصر الصلاة سنتين، وأقام عبد الرحمن بن سَمُرة ببعض بلاد فارس سنتين فكان لا يزيد على ركعتين.

وأقام الصحابة رضي الله عنهم برام هرمز تسعة أشهر يقصرون الصلاة.

وهناك فرق بين شخص ينوي الإقامة المُطلقة وشخص آخر ينوي الإقامة المُقيدة، فالذي ينوي الإقامة المُقيدة لا يُعد مُستوطنًا، والذي ينوي الإقامة المُطلقة يُعد مُستوطنًا.

فالإقامة المُطلقة: أن ينوي أنه مُقيم ما لم يُوجد سبب يقتضي مُغادرته، ومن ذلك سُفراء الدول، فلا شك أن الأصل أن إقامتهم مُطلقة لا يرتحلون إلا إذا أُمِروا بذلك، وعلى هذا فيلزمهم الإتمام، ويلزمهم الصوم في رمضان، ولا يزيدون عن يوم وليلة في مسح الخُفَّين؛ لأن إقامتهم مُطلقة، فهم في حُكم المُستوطنين، وكذلك أيضًا الذين يُسافرون إلى بلد يرتزقون فيه، هؤلاء إقامتهم مُطلقة؛ لأنهم يقولون سنبقى ما دام رزقنا مُستمرًّا.

والإقامة المُقيدة: تارة تُقيد بزمن، وتارة تُقيد بعمل، والقول الراجح أنه يقصر الصلاة فيها.

والخُلاصة في هذه المسألة والتي قبلها أن المُسافرين على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن ينووا الإقامة المُطلقة، فهؤلاء حُكمهم حُكم المُستوطنين فلا يترخصون برُخص السفر كما تقدم.

القسم الثاني: أن ينووا إقامة لغرض مُعين مُقيدة بزمن ومتى انتهى غرضهم عادوا إلى أوطانهم تقدم أن القول الراجح أن هؤلاء لهم حُكم المُسافرين.

القسم الثالث: أن ينووا إقامة لغرض مُعين غير مُقيد بزمن ومتى انتهى غرضهم عادوا إلى أوطانهم كمن قدم لمُراجعة دائرة حُكومية أو لبيع سلعة أو شرائها، فهؤلاء حُكمهم حُكم المُسافرين.

مسألة 7: القول الراجح أن المُسافر يلزمه الصلاة في جماعة في المسجد إذا كان يسمع النداء فلا يجوز له التخَلُّف عنها لوجوبها في حقِّه على القول الراجح، أما إن صلَّى مُنفردًا لعارض حصل له، فيجوز له قصر الرباعية.

مسألة 8: قائد السفينة أو الطائرة أو السيارة أو القطار ومن سفره مُستمر طول الزمن يجوز له أن يأخذ برُخص السفر؛ كالقصر والجمع والفِطر في نهار رمضان والمسح على الخُفَّين ثلاثة أيام بلياليها حتى يرجعوا إلى محل إقامتهم.

فإذا قال قائل: هؤلاء دائمًا في سفر متى يصومون إذا أفطروا في شهر رمضان؟
نقول: يُمكن أن يصوموا في سفرهم في أيام الشتاء؛ لأنها أيام قصيرة وباردة، فالصوم فيها لا يشق كذلك، لو قدموا إلى بلدهم في رمضان فإنه يلزمهم الصوم ما داموا في بلدهم.

فائدة:
يُستحب للإمام المُسافر إذا صلَّى بمُقيمين أن يقول لهم عقب تسليمه: (أتِمُّوا صلاتَكم؛ فإنا قوم سَفْرٌ)؛ لثُبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.

2- الجمع بين الصلاتين المُجموعتين:
يُشرع للمُسافر سواء كان سائرًا أم نازلًا الجمع بين الصلاتين "جمع تقديم أو جمع تأخير"؛ لأنه رُخصة من رُخص السفر، فلم يُعتبر فيه وجود السير كسائر رُخصه إلا أن الأفضل للنازل عدم الجمع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع بمِنى وقد كان نازلًا.

أي إن المُسافر إذا جدَّ به السير فالسُّنة له القصر والجمع، وإذا نزل في بلد أو مكان فيجمع على حسب الحاجة كما جمع النبي صلى الله عليه وسلم في تبوك، ولا يجمع عند عدمها، كما اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم على القصر دون الجمع في مِنى.

لا خِلاف أن الجمع في حق المُسافر السائر مُستحبّ؛ لثُبوت السُّنة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ومُداومته على هذا الفعل، فثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يجمع بين المغرب والعشاء إذا جدَّ به السير يعني إذا كان سائرًا.

أما في حق النازل فالقول الراجح أنه جائز وليس بمُستحب؛ أي: إن جمع فلا بأس، وإن ترك فهو أفضل؛ لأن المشهور من فعله صلى الله عليه وسلم أنه كان يُصلي الصلاة في وقتها كما صَحَّ ذلك في حَجته في صلاته في مِنى، فإنه كان نازلًا في مِنى وكان يُصلِّي الصلوات في وقتها ولا يجمع.

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه جمع بين الظُّهرين في عرفة وهو نازل ليُدرك الناس صلاة الجماعة على إمام واحد؛ لأن الناس بعد الصلاة سوف يتفرَّقون في مواقفهم في عرفة ويكون جمعهم بعد ذلك صعبًا وشاقًّا، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يجمع بين الظُّهر والعصر مع أنه نازل من أجل حُصول الجماعة على إمام واحد.

ونظير ذلك أن الناس يجمعون بين المغرب والعشاء في المطر من أجل تحصيل الجماعة؛ وإلا فبإمكانهم أن يُصلُّوا الصلاة في وقتها في بُيوتهم؛ لأنهم معذورون بالوحل.

وجمع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو نازل.

وجمع صلى الله عليه وسلم بين الظُّهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، في المدينة من غير خوف ولا مطر، ولأن الجمع للمطر ونحوه جائز، فجوازه للسفر من باب أوْلَى.

وترك الجمع أفضل في حق المسافر النازل إذا لم يشق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها.

من شُروط صحة جمع التقديم للمُسافر دوام السفر؛ لأن الجمع ينقطع بزوال سببه.

من شُروط صحة جمع التأخير للمُسافر استمرار السفر لحين دُخول وقت الثانية، فإن زال السفر قبل دُخول وقت الثانية لزمه أن يأتي بالأُولى في وقتها ثم يُؤخِّر الثانية لحين دُخول وقتها.

وقد سبق ذكر بعض المسائل التي تتعلَّق بالجمع بين الصلاتين لمن يُباح له ذلك من أهل الأعذار فليُرجع إليها.

3- صلاة النافلة على الراحلة أو وسيلة النقل إلى جهة سيره:
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يُصلي النافلة على راحلته في السفر، وكان يستقبل القبلة بناقته، ثم يُكبر تكبيرةَ الإحرام، ثم يُصلِّي حيث توجَّهت به، ويُومئ برأسه في رُكوعه وسُجوده؛ أي: إن شرط الاتجاه وشرط القيام سقط في هذه الحالة.

وعليه: فيجوز للمُسافر أن يتطوَّع على ظهر راحلته في أي اتجاه سواء كانت طائرة أو سيارة أو قطارًا أو سفينة أو حيوانًا أو غير ذلك من وسائل النقل، ويُومئ في رُكوعه وسُجوده، ويجعل إيماءه في سُجوده أخفض من إيمائه في رُكوعه.

ويُستحب له استقبال القِبلة إذا تمَكَّن من استقبالها عند افتتاح الصلاة.

4- ترك السُّنَن الرواتب:
كان من هَدْي النبي صلى الله عليه وسلم في سفره الاقتصار على الفرض ولم ينقل أو يُحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يُصلِّي السُّنن الرواتب لا قبل الفرائض ولا بعدها؛ لكن يُستثنى من ذلك راتبة الفجر وسُنة الوتر؛ فإنه لم يكن يَدَعُهما حَضَرًا ولا سَفَرًا.

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلَّى صلاة الضُّحى في السفر، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم التطوع المُطلق في السفر؛ وعليه فيشرع للمُسافر أن يُصلِّي ركعتي الفجر وصلاة الوتر وصلاة الضُّحى وصلاة القيام وكل صلاة ذات سبب والنفل المُطلق.

ومنه نعلم خطأ ما يدور على بعض الألسُن من أن السُّنة في السفر ترك السُّنة، وهذا قول مُخالف للسُّنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والصحيح في ذلك تقييدها بالسُّنة الراتبة المعروفة قبل وبعد صلاة الظُّهر وبعد صلاة المغرب والعشاء.

حُكم من سافر من أجل أن يترخَّص برُخص السفر:
لا يجوز السفر من أجل الترخُّص برُخْصه ويُعاقب المُسافر بنقيض قصده؛ أي: لا يُشرع له الترخُّص، فكل من أراد التحايل على إسقاط الواجب أو فعل المُحرَّم عُوقِب بنقيض قصده، فلا يسقط عنه الواجب ولا يحل له المُحرَّم.

متى يُباح للمُسافر أن يترخَّص برُخص السفر؟
القول الراجح أن المُسافر لا يجوز له أن يترخَّص برُخص السفر إلا إذا جاوز؛ أي: فارق عامر إقامته، وهذا شرط ابتداء، ومن ذلك القصر؛ أي: لا يجوز له أن يقصر إلا إذا فارق عامر قريته.

والمراد بالمُفارقة هنا المُفارقة بالبدن لا بالبصر؛ أي أن يتجاوز البُيوت ولو بقدر ذراع، فمتى خرج من مسافة البُيوت ولو بمقدار ذراع فإنه يُعتبر مُفارقًا.

والعِبْرة في ذلك بالمكان العامر من البلدة؛ لأنه قد يكون هناك بُيوت قديمة في أطراف البلد هُجرت وتُركت ولم تُسكن، فهذه لا عِبرة بها؛ بل العِبرة بالعامر من البلدة، فإذا قُدر أن هذه البلدة كانت معمورة كلها، ثم نزح أهلها إلى جانب آخر وهجرت البُيوت من هذا الجانب، فلم يبق فيها سكان فالعِبْرة بالعامر، فإن كان في البلدة بُيوت عامرة ثم بُيوت خربة ثم بُيوت عامرة فالعِبرة بمُفارقة البُيوت العامرة الثانية وإن كان يتخللها بُيوت غير عامرة.

والمُراد بالبلدة هنا البلدة التي يسكنها، فلو فُرِض أن هناك بلدتين مُتجاورتين ولو لم يكن بينهما إلا ذراع أو أقل فإن العِبرة بمُفارقة قريته هو وإن لم يُفارق القرية الثانية المُلاصقة أو المُجاورة.

فالخُلاصة أنه لا يجوز للمُسافر أن يقصر الصلاة ما دام في بلدته سواء كان عازمًا على السفر أو كان مُرتحلًا أو راكبًا يمشي بين البُيوت؛ أي لا يقصر حتى يخرج؛ وذلك لأن الله أباح القصر لمن ضرب في الأرض وقبل خُروجه من بلده لا يكون ضاربًا في الأرض ولا مُسافرًا، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقصر إلا إذا خرج وارتحل.

ولأن لفظ السفر معناه أن يُسفر الإنسان؛ أي: يبرز ويخرج إلى الصحراء، فإذا لم يبرز إلى الصحراء التي ينكشف فيها من بين المساكن لم يكن مُسافرًا.

وعليه فإن السفر هو مُفارقة محل الإقامة، وهذا يقتضي أن من كان في محل إقامته فإنه ليس مُسافرًا.

الحالات التي يجب على المُسافر فيها إتمام الصلاة:
هناك صُور وحالات تُستثنى من جواز القصر في السفر؛ منها:
1- إذا ائتمَّ المُسافر بمُقيم يلزمه الإتمام.

2- إذا ائتم بمن يشكُّ فيه هل هو مُسافر أو مُقيم فإذا دخل في الصلاة خلف إمام ولا يدري أهو مُسافر أم مقيم؟ كأن يكون في المطار ونحوه فإنه يلزمه الإتمام؛ لأن القصر لا بُدَّ له من نية جازمة أما مع التردُّد فإنه يتم.

3- إذا ذكر صلاة حضر في السفر كرجل مُسافر وفي أثناء سفره تذكَّر أنه صلَّى الظُّهر في بلده بغير وضوء أو تذكَّر صلاة فائتة في الحضر وجب عليه قضاؤها تامَّة؛ لأنها لزمته تامة، فيجب عليه قضاؤها تامة؛ وذلك لأن القضاء يحكي الأداء.

4- إذا أحرم المُسافر بصلاة يلزمه إتمامها إذا فسدت وأعادها كأن يُصلِّي المُسافر خلف مُقيم فيلزمه في هذه الحالة الإتمام، فإذا فسدت هذه الصلاة وجب عليه إعادتها تامة؛ لأنها إعادة لصلاة واجبة الإتمام.

5- إذا نوى المُسافر الإقامة المُطلقة أو الاستيطان؛ أي: إذا نوى المُسافر الإقامة المُطلقة في البلد الذي سافر إليه دون أن يُقيد ذلك بزمن مُعين أو عمل مُعين، وكذلك إذا نوى اتخاذ هذا البلد وطنًا له فإنه يلزمه إتمام الصلاة؛ لأنه قد انقطع حُكم السفر في حقِّه، فإذا قيد السفر بزمن مُعين ينتهي أو عمل ينقضي فإنه مُسافر يقصر الصلاة.

صِفة صلاة المُقيم خلف المُسافر:
صِفة صلاة المُقيم خلف المُسافر لها حالتان:
الحالة الأُولى: إذا صلَّى خلفه صلاة رباعية فإنه يُتِم صلاته بعد سلام الإمام.

الحالة الثانية: إذا صلى خلفه صلاة المغرب أو الفجر فإنه يتابعه في جميع صلاته ويُصلِّي مثله.

صِفة صلاة الفريضة في وسائل المُواصلات:
صلاة الفريضة في وسائل المُواصلات؛ كالسفينة والطائرة والسيارة والقِطار لا تخلو من أمرين:
الأمر الأول: أن يتمكَّن المُصلِّي من أن يأتي بشُروط الصلاة وأركانها وواجباتها كاملة كأن تكون الوسيلة واسعة أو يستطع النزول منها كالسيارة، فهذا صلاته صحيحة ولا إشكال في ذلك.

الأمر الثاني: إذا كان المُصلِّي لا يتمكَّن من الصلاة إلا بإسقاط شيء من شُروطها أو أركانها، فهذا لا يخلو من أمور:
الأمر الأول: أن يعلم أو يغلب على ظَنِّه أنه سيصل قبل خُروج وقت الصلاة، فهذا يُشرع له أن يُؤخِّر الصلاة حتى يصل ليتمَكَّن من أن يأتي بها تامة؛ لأن استدراك الشروط والأركان واجب، وفعل الصلاة في أول وقتها مُستحبّ، والواجب مُقدم على المُستحبّ.

ويُشرع له أيضًا بعد خُروجه من عامر بلده قبل أن يركب الوسيلة أن يقصر الصلاة ويجمع بين الصلاتين التي يُشرع جمعهما جمع تقديم إذا أدركه وقت الأُولى منهما فيُصلي صلاة الظُّهر مثلًا ثم يُصلي صلاة العصر بعدها وهكذا صلاة المغرب ثم صلاة العشاء.

الأمر الثاني: في حالة إذا تحرَّكت به الوسيلة قبل دُخول وقت الصلاة الأُولى التي تجمع إلى غيرها ويعلم أو يغلب على ظَنِّه أنه سيصل قبل خُروج وقت الصلاة الثانية كما لو تحرَّكت به قبل دُخول وقت الظُّهر مثلًا، فإنه ينوي تأخيرها إلى وقت الثانية، ويجمع بينها وبين صلاة العصر بعد وصوله جمع تأخير مع القصر.

الأمر الثالث: في حالة إذا تحرَّكت به الوسيلة وأدركه وقت صلاة لا يجوز جمعها مع ما بعدها مثل الفجر أو العصر ويعلم أو يغلب على ظنِّه أنه سيخرج وقتها، لزمه أن يُصلِّيَها في الوسيلة التي يركبها ولا يُؤخِّرها عن وقتها.

فيأتي بما يُمكنه من الشروط والأركان فإن استطاع الاستقبال استقبل وإن لم يستطع الاستقبال فإنه يسقط عنه، وإن استطاع أن يُصلِّي قائمًا صلَّى قائمًا فإن لم يستطع صلَّى قاعدًا... إلخ.

ما يفعله المُسافر إذا عاد إلى بلده:
يُسَنُّ للمُسافر إذا عاد إلى بلده أن يبدأ بالمسجد فيُصلي فيه ركعتين؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم ينصرف إلى أهله.

حُكم المُسافر إذا وصل إلى البلد التي يُريدها:
إذا وصل المُسافر إلى البلد الذي يُريده أتَمَّ خلف الإمام المُقيم، فإن لم يُدرك الصلاة معه فالسُّنَّة له القصر.

أخي الحبيب، أكتفي بهذا القدر وأسأل الله عز وجل أن يكون هذا البيان شافيًا كافيًا في توضيح المراد، وأسأله سُبحانه أن يرزقنا التوفيق والصواب في القول والعمل، وما كان من صواب فمن الله، وما كان من خطأ أو زلل فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريئان، والله الموفِّق، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 75.86 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 74.19 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.21%)]