القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية - الصفحة 3 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4813 - عددالزوار : 1649882 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4374 - عددالزوار : 1093995 )           »          الحرم الأسري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »          معالم الموجة التشكيكية المعاصرة وسماتها وطبيعة التأثر بها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 86 )           »          بداية شوال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 78 )           »          مقاصد العيد.. وآدابه.... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 89 )           »          التكبير ليلة عيد الفطر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 67 )           »          عَوْد العِيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 77 )           »          الرجاء..أجلَُ منازل السالكين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 82 )           »          على رِسْلِكُمَا إنما هي صفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 104 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 13-02-2025, 02:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,589
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية

سلسلة الأعمال الخيرية- القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 19- ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب


نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية .
ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب(1)، قاعدة فقهية ذات صلة بالأعمال الخيرية والوقفية، وتعني: ما كان وسيلة إلى واجب ولا يمكن إيقاع هذا الواجب إلا بهذه الوسيلة فحكم هذه الوسيلة أنها واجبة.
وهذه القاعدة من القواعد العظيمة التي تبين أنَّ كل أسباب تحقيق الواجب والوصول إليه واجبة كوجوب الفرض الذي تؤدي إلى تحقيقه. ويشترط في هذا الواجب الذي جعلت الوسيلة واجبة له أن يكون هذا الواجب مقدورًا عليه، فلا واجب مع العجز. فما لا يتم الواجب المقدور إلا به فهو واجب، وكذلك ما لا يتم اجتناب المنهي عنه إلا به فهو منهي عنه .
ومن التطبيقات الخيرية والوقفية المتعلقة بهذه القاعدة:
ما لا يتم إيصال الزكاة إلى مستحقيها أو بعضهم إلا به فهو واجب من التعرف على الفقراء والمساكين ودعوتهم إلى أخذها أو نقلها وإيصالها إليهم، أو إعطائها لمن يوصلها إليهم مباشرة، وتوزيع زكاته بنفسه أفضل؛ لأنه يؤدي ركن دينه.
ما لا يتم معرفة مقدار الزكاة إلا به فهو واجب، من الحصر والتقدير للقيمة في عروض التجارة واستيعاب جميع ما هو معد للتجارة وحساب الزكاة في ذلك عند تمام الحول، وكل ذلك قد يحتاج إلى مدة وإلى موظفين ولاسيما في الشركات والمؤسسات الكبيرة. فهذا واجب لا تتم الزكاة إلا به.
إذا كان المسلم في بلد كافر أو بلد لا تباشر فيه الدولة أخذ زكاة الأموال الظاهرة وجب عليه جميع الجهود اللازمة لإيصال الزكاة إلى الفقراء والمساكين، ويجب على الدولة المسلمة الاهتمام بالزكاة أخذاً وصرفاً على الضوابط والآداب الشرعية في ذلك.
الأدوية النافعة التي ينبني عليها شفاء مرضى المسلمين بإذن الله تعالى يجب توفيرها؛ لأن ما لا يتم الحفاظ على الأرواح والأعضاء إلى به فهو واجب. وكذا توفير الأطباء الماهرين في التخصصات المتعددة؛ لأن في ذلك صحة الأبدان بإذن الله -تعالى- فهو الشافي لا شفاء إلا شفاؤه وبذل الأسباب مطلوب شرعاً مع التوكل على الله سبحانه وتعالى(2).

وكذلك تجهيز الموتى بالتغسيل، والتكفين، والصلاة، والحمل، والدفن، وتوابع ذلك، كلها واجبة؛ لأن دفن الميت واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وهو فرض كفاية إن قام به بعضنا سقط الإثم عن الآخرين.
وترك الوقف بلا ناظر إضاعة له، وكذلك جعل التنازع بين الأبناء أو غيرهم من غير حسم أمر النظارة تكون سبباً في إضاعة الوقف الذي سيؤدي حتماً إلى إضاعة المال. وإذا ظهر نزاع ودعوى في أحقية تولية الوقف بين الأبناء فنص أهل العلم على أن يولي القاضي ناظراً على الوقف لحين قطع النزاع وتوجيه توليه؛ لأن التولية على الوقف واجبة إذا لم تتم مصلحة قبض المال وصرفه إلا به، فإنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب(3).
ولا يتم إدارة الأموال المتصدق بها والمودعة في المؤسسات الخيرية، إلا بترتيب هيكلية إدارية تحفظ المال، وتُحسن توزيعه لأصحاب الحاجات التي حددها أهل الصدقة، فيكون الترتيب الإداري واجباً حتى لا تضيع الحقوق والواجبات.
والجمعيات الخيرية لا تكون قوية إلا إذا كانت ذات رصيد، ومال وفير، وهذا لايتأتى إلا باستثمار المال المتوفر لديها في مشاريع إنتاجية، وما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب(4).
الهوامش:
1 - الأشباه والنظائر للسبكي (2/88)
2 - انظر: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، للدكتور عبد المحسن الصويغ، موقع الألوكة، www.alukah.net/web/sowayegh/0/19191
3 - مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 31/86.
4- انظر هذه المعاني في تيسير التحرير ج 2/ 213، مغني المحتاج ج4 / 213، طرق استثمار الأموال – بحث للدكتور محمد عبد الله عربي – مجمع البحوث ص 130 وما بعدها .



اعداد: عيسى القدومي





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 13-02-2025, 02:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,589
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية

سلسلة الأعمال الخيرية- القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 20- التقديرات بابها التوقيف


نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع؛ الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية.
التقديرات بابها التوقيف(1)؛ وهذه القاعدة في مقادير العبادات كالزكاة والكفارات ونحوها؛ فما دام قد وُجِد لها تقدير شرعي فلا يجوز تغيير هذا التقدير، وقد يعبَّر عن القاعدة بلفظ: (الشيء) إذا ثبت مقدَّراً في الشرع؛ فلا يُعد أي تقدير آخر.
وقد يسوغ الزيادة أحياناً إذا زيدت بِعدها نفلاً.
ومن التطبيقات الخيرية المتعلقة بهذه القاعدة:
التقديرات في حساب كالزكاة، وتحديد الأنصبة في الزكاة توقيفي ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجوز لأحد مهما كان حاكماً أو محكوماً أن يغيره بزيادة أو نقص.
وكذلك الصاع في زكاة الفطر(2)، لا مجال للاجتهاد في تحديده، فهو ثابت شرعاً، ومعروف عرفاً.
تعيين الفقير، والفصل بين الغني والفقير، ليس بمقدر نصاً، ويرجع فيه إلى العادة والعرف، فمن عده الناس غنيا في العادة فهو غني، أو فقيراً في عرف مجتمعه فهو فقير؛ لأن التقديرات بابها التوقيف، ولا توقيف في هذا.
مقدار ما يعطى للفقير فيما لم يحدد الشرع مقداره، فذلك التقدير غير واجب، ويرجع فيه إلى اجتهاد أهل الشأن والاختصاص من النظار والمتولين لأمر توزيع الصدقة في الزيادة والنقصان.
مقدار الإطعام في الكفارة تقريبي، وليس حدّاً معروفاً، ولهذا قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: ما دام الشرع لم يقدر لنا، فإن ما يسمى إطعاماً يكون مجزئاً، حتى الغداء أو العشاء.
قال العلامة العثيمين في الشرح الممتع على زاد المستقنع والإطعام له كيفيتان:
الأولى: أن يصنع طعاماً يكفي عشرة مساكين غداء أو عشاءً ثم يدعوهم؛ وذلك لأن الله -تعالى -
أطلق فقال: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ}(المائدة: 89)، فإذا صنع طعاماً وتغدّوا، أو تعشوا فقد أطعمهم(3).
الثانية: التقدير، وقد قدَّرناه بنحو كيلو من الأرز لكل واحد، فيكون عشرة كيلوات للجميع، ويحسن في هذه الحال أن يجعل معه ما يؤدِّمه من لحم أو نحوه، ليتم الإطعام؛ لأن الله تعالى يقول: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ}.
الهوامش:
1- المغني: (1/580)، وانظر القواعد الفقهية في المغني: ص651.
2- مقدارها: صاع عن كل مسلم،والصاع المقصود هو صاع أهل المدينة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ضابط ما يكال، بمكيال أهل المدينة كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «المكيال على مكيال أهل المدينة والوزن، على وزن أهل مكة» أخرجه أبو داود والنسائي بسند صحيح. والصاع من المكيال، فوجب أن يكون بصاع أهل المدينة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .
3- الواجب إذا أخرجها طعاما، أن تكون من وسط طعامه، فلا يلزمه أن يخرجها من أفضل ما يأكل، ولا يجوز له أن يخرجها من الأقل بل من الوسط.
الـــوقــــف... أدوار وظـيفـيــة
يمتاز الوقف الإسلامي بأنه زاخر بحقائق مدادها نظام رباني، وتطبيق نبوي، وسنة متبعة في العهود الإسلامية؛ كثر خيرها، وتوافرت دررها منذ القرن الأول، وإلى يومنا الحاضر.
وقد شُرع الوقف لتحقيق غايات ومقاصد من شأنها حفظ ضرورات الحياة بما يُصلح الدين والدنيا، وبما يوفر الحياة الكريمة ومتطلباتها وضروراتها، وأخرج بمؤسساته ومشاريعه وتطبيقاته على مر العهود الإسلامية نماذج وروائع يقف أمامها القارئ وقفة تقدير وإعجاب.
حقائق الوقف الإسلامي حقائق مضيئة وإشراقات منيرة، ننتقيها لنحيي بها سنة الوقف التي سنها رسولنا صلى الله عليه وسلم ، وندفع بها الهمم والنفوس للبذل والعطاء، لاستئناف مسيرة الوقف الإسلامي من جديد، جمعناها وغايتنا نشر ثقافة الوقف، وإحياء سنتة، وترغيب المسلمين للإسهام في كل مجالاته ومساراته.
حقائق شهد بها أهل العلم والاختصاص، ووثقها الرحالة والمؤرخون من المسلمين وغيرهم، لتحفظ لنا الذاكرة والتاريخ، لتبقى مفعمة بالخير والعطاء، وتثير الفخر في النفوس لاستمرار المشاريع الوقفية.
في هذه الحلقات نظمنا بعضاّ منها في عقد درّته (الوقف الإسلامي ودوره الحضاري)، لحفظ كنوز الوقف وروائعه وإشراقاته وإبداعاته، ليبقى الوقف الإسلامي بتشريعاته وأحكامه وخصائصه ومخرجاته لبنة أساس في نهضة المجتمعات والأمم. وهذه الحلقة سنخصصها للحديث عن الوقف وأدواره الوظيفية:
1- الوقف الإسلامي نظام تقتضيه المصلحة؛ لما فيه من المنفعة للواقف باستمرار وصول الثواب إليه، ومن المنفعة للموقوف عليه بانتفاعه بالوقف، مع حفظه وعدم تمكينه من استهلاكه، أو امتلاكه لتنتفع منه الأجيال القادمة.
2- الوقف الإسلامي؛ لا تقتصر منفعته على الفقراء وحدهم، وإنما يمتد نفعه ليشمل كثيرًا من فئات المجتمع، وتتعدد مجالاته التي تخدم البشرية، لتحقيق التكافل والتعاضد بين الأمة، وليتوازن المجتمع ليهنأ الجميع بحياة هنيئة تحفظ كرامتهم، وترعى مصالحهم.
3- الوقف الإسلامي يوسع الآفاق في التفكير بحاجات الناس، وتوفير ما يساعد في تخفيف الأعباء، وتسهيل الحياة، وأوجد أركانًا جديدة تقدم حاجات أساسية للمجتمع في زمنهم.
4- الوقف الإسلامي بات يشكو من إهمال وجمود، وتعطيل كثير من خيراته ومنافعه، فكثرة المعتدين على أصوله، وضعف القوانين الكفيلة بحماية الوقف، ومؤسساته، وصرف إيراداته، وتسجيل مؤسساته وترميم عقاراته أدت إلى ضعفه.
5- الوقف الإسلامي في أمس الحاجة لتنشيط إعلامه، ورفع درجة الوعي المجتمعية بأهمية الوقف، ومؤسساته بما يتناسب مع المتطلبات المجتمعية الحديثة، وتنقية مفهوم الوقف من الشبهات، والمعوقات التي أدت إلى العزوف عنه.
6- الوقف الإسلامي تشريع إسلامي، بمؤسساته أتاح للجميع في المجتمع للمشاركة فيه، وفي تحديثه، والعمل على استمراره، ولا تكفي الدعوة إلى البذل والعطاء للمشاريع الوقفية إذا لم توفر للأموال الموقوفة الإطار المؤسسي المناسب الذي يعمل بإخلاص وإتقان على تنميتها وتوجيهها الوجهة الصحيحة.
7- الوقف الإسلامي قوة للمجتمع، يوفر الحاجات الأساسية إن عجزت الدولة عنها، ويرعى مجالات تصعب رعايتها من قبل أي قطاع آخر في الدولة، فهو يرفع من مكانة الفقير، ويقوي الضعيف، ويرعى الصغير، ويدرب ويؤهل اليتيم، ويعالج المريض، ويكفل الأرملة، ويحفظ المطلقة، ويخفف على الضرير، ويريح الشيخ الكبير، ويرعى ذوي العاهات.
8- الوقف الإسلامي يقدم فرصًا سانحة – كقطاع مستقل - للخصوصية التي تولد الإبداع والابتكار، وتطلق العقول وتنمي المشاريع التي تخدم المجتمع من مستشفيات غير ربحية وجامعات ومراكز أبحاث غير ربحية، واستثمارات ومجمعات ربحية يصرف من ريعها لقضاء حاجات تتطلبها المرحلة التي نعيش.
9- الوقف الإسلامي- بمؤسساته الفاعلة - قادر على ترشيد الصحوة الدينية والسياسية وتوجيههما، فمؤسساته ترى حاجات الناس، وتقدم العلاجات للناس، والدراسات لأصحاب القرار، وتقارير تكشف حالات الفساد في مؤسساتنا الحكومية، والتجارية.
10- الوقف الإسلامي وعى الاستعمار دوره فحاربه، وأضعفه في دولنا، وسن التشريعات، والقوانين لرعايته وتنميته في دولهم، حتى أضحى قطاعًا رئيسًا من قطاعات الدولة المعاصرة وفق المفهوم الإداري الحديث.



اعداد: عيسى القدومي





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #23  
قديم 13-02-2025, 05:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,589
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية

سلسلة الأعمال الخيرية- القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 21



كل أمين ادعى إيصال الأمانة إلى مستحقها قبل قوله

نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية.
كل أمين ادعى إيصال الأمانة إلى مستحقها قبل قوله(1)؛ وكل أمين فالقول قوله في الرد على من ائتمنه، يصدق فيما يدعيه، والوكيل المؤتمن على المال لا يلزمه الإشهاد عند دفع ما وكل في قبضه إلى موكله، فلو أنكر الموكل القبض فالقول قول الوكيل، وقد نص الفقهاء أيضا على أن الوكيل أمين ويده يد أمانة وأنه يقبل قوله في تسليم المال إلى موكله، فإن أنكر موكله التسليم فالقول قول الوكيل مع يمينه.
وقالوا : كل أمين ادعى إيصال الأمانة إلى مستحقها قبل قوله بيمينه، كالمودع إذا ادعى الرد والوكيل والناظر، وسواء كان ذلك في حياة مستحقها أم بعد موته، إلا في الوكيل بقبض الدين، إذا ادعى بعد موت الموكل أنه قبضه ودفعه له في حياته لم يقبل قوله، إلا ببينة (2).
يصدق قول الناظر فيما يدعيه من الصرف والإنفاق بلا بينة ولا يمين(3)، فيصدق قول الناظر ولا يكذب في صرف غلة الوقف على مستحقيها، إلا إذا ادعى عليه أحد المستحقين أو جلهم ومعهم بينة على ذلك، وللقاضي أن يستبين الأمر بطلب كشوفات الحساب الإجمالية والتفصيلية.
وإذا ادعى الناظر أمرا يكذبه الظاهر تزول أمانته وتظهر خيانته، كإدعائه بصرف غلة الوقف على عمارته، ولم يعمر، وهذا ظاهر للعيان.
وناظر الوقف مؤتمن على أصل ذلك الوقف وريعه، وكل من يعمل في المشروع الوقفي هو مؤتمن لذلك الأصل المحبوس. فالناظر للوقف هو خازن مؤتمن، مكلف برعاية ما أؤتمن به، فإن أدى هذه الأمانة موفرة كاملة، غير منقوصة أو مستغلة، مع طيب نفس ورضا وسرور منه، بهذا يكون هو أحد المتصدقين، أي له ثواب كالمتصدق؛ لأنه أعان صاحب المال على إيصال المال والصدقة إلى مستحقيها.
وتخوين الأمين من علامات الساعة، قال صلى الله عليه وسلم: «سَيأتي على الناسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فيها الكَاذِبُ، ويُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ، ويُؤْتَمَنُ فيها الخَائِنُ، ويُخَوَّنُ فيها الأَمِينُ، ويَنْطِقُ فيها الرُّوَيْبِضَةُ. قيل: وما الرُّوَيْبِضَةُ؟ قال: الرجلُ التَّافِهُ، يتكلَّمُ في أَمْرِ العَامَّةِ» (4).
ومن التطبيقات الخيرية والوقفية المتعلقة بهذه القاعدة:
يقبل قول القائمين على المؤسسات الخيرية، ولا يخونون جزافاً، إذا أقروا بأنهم أوصلوا المساعدات إلى مستحقيها.
والناظر للوقف يقبل قوله في توزيع ريع الوقف، واليمين على من ادعى عدم إيصالها وتوزيعها. يصدق الناظر الأمين إذا ادعى صرف ما في يده من غلة الوقف.
للقاضي أن يحاسب الناظر عن غلة السنة التي قبضها من أجور عقاراته ومحصول مزروعاته، وعما أنفقه منها في صالح الوقف ومهملته وعماراته وما صرفه على أصحاب الوظائف وعلى المستحقين؛ ولا يتصدر لمحاسبته من ليس أهلاً لذلك.
الأمين في الأمة والذي يعمل على حفظ الحقوق وقضاء حوائج الناس مُصان العرض، حتى لا يمتنع الخزنة الأمناء في حفظ الأمانة وأدائها .
والجابي الأمين كذلك يقبل قوله باليمين - إن اضطر إلى ذلك – فيما لا يكذبه الظاهر.
على العاملين في المؤسسات الخيرية والمكلفين بصرف المستحقات على أهل الحاجة أن يتبعوا النظم المحاسبية في إثبات الصرف براءة لذمتهم.
الهوامش:
1- الأشباه والنظائر لابن نجيم 275، المنثور في القواعد 3/111، والأشباه والنظائر لابن السبكي 1/361.
2- حاشية ابن عابدين 4/506، 507، والمبسوط 11/143 ط دار المعرفة.
3- انظر: قانون العدل والإنصاف للقضاء على مشكلات الأوقاف، ص 66 مادة 218، محمد قدري باشا، نقلا عن ( الدر المحتار ورد المحتار 558 ).
4- سلسلة الصحيحة للألباني،برقم 1887.



اعداد: عيسى القدومي





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #24  
قديم 14-02-2025, 11:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,589
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية

سلسلة الأعمال الخيرية- القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 22- الخطأ لا يستدام ولكن يُرجَع عنه


نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية.
الخطأ لا يستدام ولكن يُرجَع عنه(1)، قاعدة مفادها أن الخطأ إذا اكتُشف يجب الرجوع عنه ولا يجوز الاستمرار عليه؛ لأن المخطئ مرفوع عنه الإثم، ولكنه إذا عَرَف خطأه وأصر عليه واستمر ولم يرجع عنه، فلا يكون خطأً، بل يكون عمداً يؤاخذ عليه.
وأدلة هذه القاعدة قوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} (الأحزاب:5)، وقوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} (البقرة:286). ومن الأحاديث المشهورة في العذر بالخطأ قوله- صلى الله عليه وسلم -: «إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه» (2).
قال الحافظ ابن رجب في شرحه لهذا الحديث : «الناسي والمخطئ إنما عفي عنهما بمعنى رفع الإثم عنهما؛ لأن الإثم مرتب على المقاصد والنيات، والناسي والمخطئ لا قصد لهما فلا إثم عليهما، وأما رفع الأحكام عنهما فليس مراداً من هذه النصوص فيحتاج في ثبوتها ونفيها إلى دليل آخر »(3).
من أخطأ فحكم أو أفتى بغير علم واجتهاد فهو آثم عاص، يقول شيخ الإسلام – رحمه الله – «.. فمن كان خطؤه لتفريطه فيما يجب عليه من اتباع القرآن والإيمان مثلاً، أو لتعديه حدود الله بسلوك السبل التي نهى عنها، أو لاتباع هواه بغير هدى من الله، فهو الظالم لنفسه، وهو من أهل الوعيد، بخلاف المجتهد في طاعة الله ورسوله باطناً وظاهراً الذي يطلب الحق باجتهاده كما أمره الله ورسوله فهذا مغفور له خطؤه...»(4).
ومن التطبيقات الخيرية المتعلقة بهذه القاعدة:
بناءً على القاعدة أعلاه، فإذا تصرَّف القائم على الجمعية الخيرية باجتهاد ثم تبيَّن خطؤه فعليه الرجوع.
وإذا أخطأ العاملون في المؤسسة الخيرية في صرف المستحقات ، خلاف ما أمر المتبرع ، فعليهم الرجوع والتقيد برغبة المتبرع.
وإذا خُصص مشروع خيري لمنفعة ما، ولم يحقق المشروع تلك المنفعة لخطأ في دراسة الجدوى والتقديرات أو لتغير الظروف المحيطة به، فيعمل على تشغيل المشروع بما هو أنفع.
فعلى المؤسسات الخيرية أن تتدارك الخطأ إن وقع وتعمل على تصحيحه، وعمل الصواب حتى لا تضيع الأموال والحقوق للمستحقين.
الهوامش:
1- موسوعة القواعد الفقهية: (5/287).
2- صحيح ابن ماجة ، للألباني ، برقم 1677.
3 - جامع العلوم والحكم، حديث ( 39).
4- مجموع الفتاوى (35/103).



اعداد: عيسى القدومي





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 82.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 79.15 كيلو بايت... تم توفير 3.10 كيلو بايت...بمعدل (3.76%)]