عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 20-02-2020, 03:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام

مختصر الكلام على بلوغ المرام(9)
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك

(باب التيمم) من بلوغ المرم





باب التـيمم


117- عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: ((أُعْطِيتُ خَمْساً، لمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ قَبْلي: نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسيرَةَ شَهْرٍ، وجُعِلَتْ ليَ الأرضُ مَسْجِداً وطَهُوراً، فأَيُّمَا رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ الصلاةُ فَلْيُصَلِّ))، وذكرَ الحديثَ.


118- وفي حديثِ حُذَيْفةَ - رضي الله عنه -، عنْدَ مسلم ((وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُوراً، إذا لمْ نجدِ المَاءَ)).

119- وعن علي - رضي الله عنه - عِنْدَ أحْمد: ((وَجُعلَ التُّرابُ لي طَهُوراً)).

التيمم في اللغة: القصد، وفي الشرع: مسح الوجه واليدين بشيء من الصعيد. والأصل فيه قوله تعالى:﴿ وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ﴾[النساء: الآية:43].

والحديث دليل على أن التراب يرفع الحدث كالماء، وعلى جواز التيمم بجميع أجزاء الأرض لقوله: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل)) وفي رواية أبي أمامة: ((فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فلم يجد ماء وجد الأرض طهوراً ومسجدا)) وفي لفظ: ((فعنده طهوره ومسجده)) (قوله في حديث حذيفة: وجعلت تربتها لنا طهوراً إذا لم نجد الماء) وفي حديث علي: (وجعل التراب لي طهورا) قال في سبل السلام: هذا دليل من قال إنه لا يجزي إلا التراب، وقد أجيب بأن التنصيص على بعض أفراد العام لا يكون مخصصاً مع أنه من العمل بمفهوم اللقب، ولا يقوله جمهور أئمة الأصول انتهى. وتمام الحديث: ((وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة)).

120- وعن عمّار بنُ ياسرٍ - رضي الله عنهما - قالَ: ((بَعَثَني النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حاجةٍ. فأَجْنَبْتُ، فلم أجدِ الماءَ، فَتَمَرَّغتُ في الصَّعيدِ كما تَتَمرَّغُ الدَّابَةُ، ثمَّ أَتَيْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فذَكَرْتُ لهُ ذلكَ. فقالَ: ((إنّما يكْفيك أن تَقُولَ بيَدَيْكَ هكذا)): ثمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الأرضَ ضَرْبَةً واحِدةً، ثم مسَحَ الشِّمَال على اليمينِ، وظَاهرَ كَفّيْهِ وَوَجْهَهُ)). متفقٌ عليه، واللفظ لمسلم، وفي رواية للبخاريِّ: ((وضَرَبَ بكَفّيْهِ الأرضَ، وَنَفَخَ فيهمَا، ثمَّ مَسَحَ بهمَا وَجْهَهُ وكَفّيْهِ)).

استعمل عمار القياس في التراب على الماء فأبان له - صلى الله عليه وسلم - الكيفية المشروعة وأنه يكفي ضربة واحدة للوجه والكفين، وبه قال جمهور العلماء.

121- وعن ابن عُمَرَ - رضي الله عنهما - قالَ: قال رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: ((التّيَمُمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ للْوَجْهِ، وضَرْبَةٌ للْيَدَيْنِ إلى المرْفَقَيْنِ)). رواه الدارقطنيُّ، وصَحّحَ الأئمةُ وقْفَهُ.

قال في سبل السلام: العمدة حديث عمار، وبه جزم البخاري في صحيحه فقال: باب التيمم للوجه والكفين.

122- وعن أبي هُريرة - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: ((الصَّعيدُ وَضُوءُ المُسلم، وإن لم يجد الماءَ عشْرَ سنين. فإذا وَجَدَ الماءَ فلْيَتّقِ الله ولْيُمِسَّهُ بشرتَهُ)). رواه البزَّارُ وصححه ابن القطان، ولكن صوب الدارقطني إرساله.

123- وللترمذي عن أبي ذر نحوه، وصححه.

فيه دليل على أن التيمم يقوم مقام الماء، ويرفع الجنابة رفعاً مؤقتاً إلى حال وجدان الماء.

124- وعنْ أبي سعيدٍ الْخُدْري - رضي الله عنه - قالَ: ((خرَجَ رجُلانِ في سَفَرٍ، فَحَضَرتِ الصَّلاةُ -وليسَ مَعهُمَا ماءٌ- فتَيمّما صَعيداً طَيِّباً، فصَلّيا، ثمَّ وَجَدَا الماءَ في الوقْتِ. فأعادَ أحَدُهُمَا الصلاة والوُضُوءَ، ولمْ يُعِدِ الآخَرُ، ثمَّ أتَيَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرا ذلك لـهُ، فقالَ للذي لمْ يُعِدْ: ((أصَبْتَ السُّنّةَ وأجْزأَتْكَ صلاتُكَ)) وقالَ لِلآخَرِ: ((لَكَ الأجْرُ مَرَّتَيْنِ)). رواه أبو داود والنسائي.

الحديث دليل على أنه لا تجب الإعادة على من صلى بالتيمم ثم وجد الماء في الوقت بعد الفراغ من الصلاة.

125- وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قولـه عزَّ وجلَّ: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ ﴾ [المائدة: 6] قال: ((إذا كانتْ بالرَّجُل الجراحَةُ في سبيلِ الله والقرُوحُ، فيُجنِبُ، فيخافُ أن يموت إن اغتسل، تيمَّم)). روَاهُ الدارقطني مَوْقُوفاً، ورَفَعَهُ البَزَّارُ، وصححه ابن خزيمة والحاكم.

فيه دليل على شرعية التيمم إن خاف الموت أو الضرر، والتنصيص في كلام ابن عباس على الجراحة والقروح إنما هو مجرد مثال، وإلا فكل مرض كذلك كما هو ظاهر الآية.

126- وعن عليٍّ - رضي الله عنه - قالَ: ((انْكَسَرَتْ إحدى زَنْديَّ فسألْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فأمَرَ أنْ أمْسحَ على الجبائر)). رواهُ ابنُ ماجَه بسَنَدٍ واهٍ جداً.

127- وعن جابرٍ - رضي الله عنه - ـ في الرَّجُلِ الذي شُجَّ، فاغْتَسل فمات ـ ((إنَّمَا كان يَكفيهِ أن يتيمّمَ، ويَعْصِبَ على جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثمَّ يَمْسَحُ علَيْهَا ويغْسِلُ سَائِرَ جَسَدِهِ)) رواه أبو داود بسَنَدٍ فيه ضعفٍ، فيهِ اختلافٌ على رواته.

هذا الحديث والذي قبله قد تعاضدا على وجوب المسح على الجبائر بالماء، قال الموفق: لا يشترط تقدم الطهارة على شدّ الجبيرة في إحدى الروايتين لأن المسح عليها جائز دفعاً للمشقة، ونزعها يشق انتهى.

قلت: ولا يحتاج مع مسحها إلى تيمم إذا شدها على طهارة، وإن شدها على غير طهارة مسح وتيمم احتياطاً ليخرج من الخلاف.

128- وعن ابْنِ عباسٍ - رضي الله عنهما - قالَ: ((مِنَ السُّنّةِ أنْ لا يُصَلِّيَ الرَّجُلُ بالتّيَمُّم إلا صلاةً واحدةً، ثمَّ يتَيَمّمُ للصلاة الأخْرَى)). رواهُ الدارقطني بإسنادٍ ضعيفٍ جدًّا.

قال في سبل السلام: وفي الباب عن علي - رضي الله عنه - حديثان ضعيفان، والأصل أنه تعالى قد جعل التراب قائماً مقام الماء وقد علم أنه لا يجب الوضوء إلا من الحدث فالتيمم مثله، انتهى، وقال علاء الدين المقدسي في اختيارات شيخ الاسلام ابن تيمية: والتيمم يرفع الحدث، وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد واختارها أبوبكر محمد الجوزي، وفي الفتاوى المصرية: التيمم لوقت كل صلاة إلى أن يدخل وقت الصلاة الأخرى كمذهب مالك وأحمد في المشهور عنه، وهو أعدل الأقوال انتهى، والله أعلم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.80 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.80%)]