عرض مشاركة واحدة
  #197  
قديم 30-09-2022, 11:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام


فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية.
سُورَةُ النساء
المجلد الخامس
الحلقة( 197)

من صــ 321 الى صـ 330


الوجه الثالث: أن الجنس المبيح للدم لا فرق بين قليله وكثيره وغليظه وخفيفه في كونه مبيحا للدم سواء كان قولا أو فعلا كالردة والزنا والمحاربة ونحو ذلك وهذا هو قياس الأصول فمن زعم أن من الأقوال أو الأفعال ما يبيح الدم إذا كثر ولا يبيحه مع القلة فقد خرج عن قياس الأصول وليس له ذلك إلا بنص يكون أصلا بنفسه ولا نص يدل على إباحة القتل في الكثير دون القليل وما ذهب إليه المنازع من جواز قتل من كثر منه القتل بالمثقل والفاحشة في الدبر دون القبل إنما هو حكاية مذهب والكلام في الجميع واحد ثم إنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رضخ رأس يهودي بين حجرين لأنه فعل ذلك بجارية من الأنصار فقد قتل من قتل بالمثقل قودا مع أنه لم يتكرر منه وقال في الذي يعمل عمل قوم لوط: " اقتلوا الفاعل والمفعول به " ولم يعتبر التكرر وكذلك أصحابه من بعده قتلوا فاعل ذلك إما رجما أو حرقا أو غير ذلك مع عدم التكرر.
وإذا كانت الأصول المنصوصة أو المجمع عليها مستوية في إباحة الدم بين المرة الواحدة والمرات المتعددة كان الفرق بينهما في إباحة الدم إثبات حكم بلا أصل ولا نضير له بل على خلاف الأصول الكلية وذلك غير جائز.
يوضح ذلك: أن ما ينقض الإيمان من الأقوال يستوي فيه واحده وكثيره وإن لم يصرح بالكفر كما لو كفر بآية واحدة أو بفريضة ظاهرة أو بسب الرسول مرة واحدة فإنه كما لو صرح بتكذيب الرسول وكذلك ما ينقض الإيمان من الأقوال لو صرح به وقال: "قد نقضت العهد وبرئت من ذمتك" انتقض عهده بذلك وإن لم يكرره فكذلك ما يستلزم ذلك من السب والطعن في الدين ونحو ذلك لا يحتاج إلى تكرير.

الوجه الرابع: أنه إذا أكثر من هذه الأقوال والأفعال فإما أن يقتل لأن جنسها مبيح للدم أو لأن المبيح قدر مخصوص فإن كان الأول فهو المطلوب وإن كان الثاني فما حد ذلك المقدار المبيح للدم؟ وليس لأحد أن يحد في ذلك حدا إلا بنص أو إجماع أو قياس عند من يرى القياس في المقدرات والثلاثة منفية في مثل هذا فإنه ليس في الأصول قول أو فعل يبيح الدم منه عدد مخصوص فلا يبيحه أقل منه ولا ينتقض هذا بالإقرار في الزنا فإنه لا يثبت إلا بأربع مرات عند من يقول به أو القتل بالقسامة فإنه لا يثبت إلا بعد خمسين يمينا عند من يرى القود بها أو رجم الملاعنة فإنه لا يثبت إلا بعد أن يشهد الزوج أربع مرات عند من يرى أنها ترجم بشهادة الزوج إذا نكلت لأن المبيح للدم ليس هو الإقرار ولا الأيمان وإنما المبيح فعل الزنا أو فعل القتل وإنما الإقرار والأيمان حجة ودليل على ثبوت ذلك ونحن لم ننازع في أن الحجج الشرعية لها نصب محدودة وإنما قلنا: "إن نفس القول أو العمل المبيح للدم لا نصاب له في الشرع وإنما الحكم معلق بجنسه".

الوجه الخامس: أن القتل عند كثرة هذه الأشياء إما أن يكون حدا يجب فعله أو تعزيزا يرجع إلى رأي الإمام فإن كان الأول فلا بد من تحديد موجبه ولا حد له إلا تعليقه بالجنس إذ القول بما سوى ذلك تحكم وإن كان الثاني فليس في الأصول تعزير بالقتل فلا يجوز إثباته إلا بدليل يخصه والعمومات الواردة في ذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث " تدل على ذلك أيضا.
الوجه الثاني من الاستدلال به: أن النفر الخمسة الذين قتلوه من المسلمين: محمد بن مسلمة وأبا نائلة وعباد بن بشر والحارث بن أوس وأبا عبس بن جبر قد أذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتالوه ويخدعوه بكلام يظهرون به أنهم قد آمنوه ووافقوه ثم يقتلوه ومن المعلوم أن من أظهر لكافر أمانا لم يجز قتله بعد ذلك لأجل الكفر بل لو اعتقد الكافر الحربي أن المسلم آمنه وكلمه على ذلك صار مستأمنا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه عمرو بن الحمق: "من آمن رجل على دمه وماله ثم قتله فأنا منه بريء وإن كان المقتول كافرا " رواه الإمام أحمد وابن ماجه.
وعن سليمان بن صرد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا آمنك الرجل على دمه فلا تقتله " رواه ابن ماجه.
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الأمان قيد الفتك لا يفتك مؤمن " رواه أبو داود وغيره.
وقد زعم الخطابي أنهم إنما فتكوا به لأنه كان قد خلع الأمان ونقض العهد قبل هذا وزعم أن مثل هذا جائز في الكافر الذي لا عهد له كما جاز البيات والإغارة عليهم في أوقات الغرة لكن يقال: هذا الكلام الذي كلموه به صار مستأمنا وأدنى أحواله أن يكون له شبهة أمان ومثل ذلك لا يجوز قتله بمجرد الكفر فإن الأمان يعصم دم الحربي ويصير مستأمنا بأقل من هذا كما هو معروف في مواضعه وإنما قتلوه لأجل هجائه وأذاه لله ورسوله ومن حل قتله بهذا الوجه لم يعصم دمه بأمان ولا عهد كما لو آمن المسلم من وجب قتله لأجل قطع الطريق ومحاربة الله ورسوله والسعي في الأرض بالفساد الموجب للقتل أو آمن من وجب قتله لأجل زناه أو آمن من وجب قتله لأجل الردة أو لأجل ترك أركان الإسلام ونحو ذلك ولا يجوز أن يعقد له عقد عهد سواء كان عقد أمان أو عقد هدنة أو عقد ذمة لأن قتله حد من الحدود وليس قتله لمجرد كونه كافرا حربيا كما سيأتي وأما الإغارة والبيات فليس هناك قول أو فعل صاروا به آمنين ولا اعتقدوا أنهم قد أومنوا بخلاف قصة كعب بن الأشرف فثبت أن أذى الله ورسوله بالهجاء ونحوه لا يحقن معه الدم بالأمان فأن لا يحقن معه بالذمة المؤبدة والهدنة المؤقتة بطريق الأولى فإن الأمان يجوز عقده لكل كافر ويعقده كل مسلم ولا يشرط على المستأمن شيء من الشروط والذمة لا يعقدها إلا الإمام أو نائبه ولا يعقد إلا بشروط كثيرة تشترط على أهل الذمة:

من التزام الصغار ونحوه وقد كان عرضت لبعض السفهاء شبهة في قتل ابن الأشرف فظن أن دم مثل هذا يعصم بذمة متقدمة أو بظاهر أمان وذلك نظير الشبهة التي عرضت لبعض الفقهاء حتى ظن أن العهد لا ينتقض بذلك فروى ابن وهب: أخبرني سفيان بن عيينة عن عمر بن سعيد أخي سفيان بنى سعيد الثوري عن أبيه عن عباية قال: ذكر قتل ابن الأشرف عند معاوية فقال ابن يامين: كان قتله غدرا فقال محمد بن مسلمة: يا معاوية أيغدر عندك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا تنكر؟ والله لا يظلني وإياك سقف بيت أبدا ولا يخلوا لي دم هذا إلا قتلته.

وقال الواقدي: حدثني إبراهيم بن جعفر عن أبيه قال: قال مروان بن الحكم وهو على المدينة وعنده ابن يامين النظري: كيف كان قتل ابن الأشرف؟ قال ابن يامين: كان غدرا ومحمد بن مسلمة جالس شيخ كبير فقال: يا مروان أيغدر رسول الله صلى الله عليه وسلم عندك؟ والله ما قتلناه إلا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لا يؤويني وإياك سقف بيت إلا المسجد وأما أنت يا ابن يامين فالله علي إن أفلت وقدرت عليك وفي يدي سيف إلا ضربت به رأسك فكان ابن يامين لا ينزل من بني قريظة حتى يبعث له رسولا ينظر محمد بن مسلمة فإن كان في بعض ضياعه نزل فقضى حاجته ثم صدر وإلا لم ينزل فبينا محمد في جنازة وابن يامين في البقيع فرأى محمد يغشى عليه جرائد يظنه لا يراه فعاجله فقام إليه الناس فقالوا: يا أبا عبد الرحمن ما تصنع؟ نحن نكفيك فقام إليه فلم يزل بضربه به جريدة جريدة حتى كسر ذلك الجريد على وجهه ورأسه حتى لم يترك به مصحا ثم أرسله ولا طباخ به ثم قال: والله لو قدرت على السيف لضربتك به.
فإن قيل: فإذا كان هو وبنو النضير قبيلته موادعين فما معنى ما ذكره ابن إسحاق قال: حدثني مولى لزيد بن ثابت حدثتني ابنة محيصة عن أبيها محيصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه" فوثب محيصة بن مسعود على ابن سنينة رجل من تجار يهود كان يلابسهم ويبايعهم فقتله وكان حويصة بن مسعود إذا ذاك لم يسلم وكان أسن من محيصة فلما قتله جعل حويصة يضربه ويقول: أي عدو الله قتلته؟ أما والله لرب شحم في بطنك من ماله فوالله إن كان لأول إسلام حويصة فقال محيصة: فقلت له: والله لقد أمرني بقتله من لو أمرني بقتلك لضربت عنقك فقال حويصة: والله إن دينا بلغ منك هذا لعجب.
وقال الواقدي بالأسانيد المتقدمة: قالوا: فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليلة التي قتل فيها ابن الأشرف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه " فخافت يهود فلم يطلع عظيم من عظمائهم ولم ينطلقوا وخافوا أن يبيتوا كما بيت ابن الأشرف وذكر قتل ابن سنينة إلى أن قال: وفزعت يهود ومن معها من المشركين وساق القصة كما تقدم عنه.

فإن هذا يدل على أنهم لم يكونوا موادعين وإلا لما أمر بقتل من صودف منهم ويدل هذا على أن العهد الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين اليهود كان بعد قتل بن الأشرف وحينئذ فلا يكون ابن الأشرف معاهدا.
قلنا: إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل من ظفر به منهم لأن كعب بن الأشرف كان من ساداتهم وقد تقدم أنه قال: ما عندكم؟ يعني في النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: عداوته ما حيينا وكانوا مقيمين خارج المدينة فعظم عليهم قتله وكان مما يهيجهم على المحاربة وإظهار نقض العهد نقض العهد انتصارهم للمقتول وذبهم عنه واما من قر فهو مقيم على عهده المتقدم لأنه لم يظهر العداوة ولهذا لم يحاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحاربهم حتى أظهروا عداوته بعد ذلك وأما هذا الكتاب فهو شيء ذكره الواقدي وحده.

وقد ذكر هو أيضا أن قتل ابن الأشرف في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأن غزوة بني قنيقاع كانت قبل ذلك في شوال سنة اثنتين بعد بدر بنحو شهر.
وذكر أن الكتاب الذي وادع فيه النبي صلى الله عليه وسلم اليهود كلها كان لما قدم المدينة قبل بدر وعلى هذا فيكون هذا كتابا ثانيا خاصا لبني النضير تجدد فيه العهد الذي بينه وبينهم غير الكتاب الأول الذي كتبه بينه وبين جميع اليهود لأجل ما كانوا قد أرادوا من إظهار العداوة.
وقد تقدم أن ابن الأشرف كان معاهدا وتقدم أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب الكتاب لما قدم المدينة في أوائل الأمر والقصة تدل على ذلك وإلا لما جاء اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم وشكوا إليه قتل صاحبهم ولو كانوا محاربين لم يستنكروا قتله وكلهم ذكر أن قتل ابن الأشرف كان بعد بدر وأن معاهدة النبي صلى الله عليه وسلم كانت قبل بدر كما ذكره الواقدي.
قال ابن إسحاق: "وكان فيما بين ذلك من غزو النبي صلى الله عليه وسلم أمر بني قينقاع يعني فيما بين بدر وغزوة الفرع من العام المقبل في جمادى الأولى وقد ذكر أن بني قينقاع هم أول من حارب ونقض العهد".
(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا (58)
قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى -:
قوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا (58) ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا (59)}.
قال العلماء: نزلت الآية الأولى في ولاة الأمور؛ عليهم أن يؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل ونزلت الثانية في الرعية من الجيوش وغيرهم؛ عليهم أن يطيعوا أولي الأمر الفاعلين لذلك في قسمهم وحكمهم ومغازيهم وغير ذلك؛ إلا أن يأمروا بمعصية الله فإذا أمروا بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ فإن تنازعوا في شيء ردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وإن لم تفعل ولاة الأمر ذلك أطيعوا فيما يأمرون به من طاعة الله ورسوله؛ لأن ذلك من طاعة الله ورسوله وأديت حقوقهم إليهم كما أمر الله ورسوله. قال تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}. وإذا كانت الآية قد أوجبت أداء الأمانات إلى أهلها والحكم بالعدل: فهذان جماع السياسة العادلة والولاية الصالحة.
فصل:
أما أداء الأمانات ففيه نوعان:
أحدهما الولايات: وهو كان سبب نزول الآية. فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة وتسلم مفاتيح الكعبة من بني شيبة طلبها منه العباس. ليجمع له بين سقاية الحاج وسدانة البيت فأنزل الله هذه الآية فدفع مفاتيح الكعبة إلى بني شيبة. فيجب على ولي الأمر أن يولي على كل عمل من أعمال المسلمين أصلح من يجده لذلك العمل قال النبي صلى الله عليه وسلم {من ولي من أمر المسلمين شيئا فولى رجلا وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله}. وفي رواية: {من ولى رجلا على عصابة وهو يجد في تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله وخان المؤمنين} رواه الحاكم في صحيحه. وروى بعضهم أنه من قول عمر: لابن عمر روي ذلك عنه. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه " من ولي من أمر المسلمين شيئا فولى رجلا لمودة أو قرابة بينهما فقد خان الله ورسوله والمسلمين ".
وهذا واجب عليه. فيجب عليه البحث عن المستحقين للولايات من نوابه على الأمصار؛ من الأمراء الذين هم نواب ذي السلطان والقضاة ونحوهم ومن أمراء الأجناد ومقدمي العساكر الصغار والكبار وولاة الأموال: من الوزراء والكتاب والشادين والسعاة على الخراج والصدقات وغير ذلك من الأموال التي للمسلمين. وعلى كل واحد من هؤلاء أن يستنيب ويستعمل أصلح من يجده؛ وينتهي ذلك إلى أئمة الصلاة والمؤذنين والمقرئين والمعلمين وأمراء الحاج والبرد والعيون الذين هم القصاد وخزان الأموال وحراس الحصون والحدادين الذين هم البوابون على الحصون والمدائن ونقباء العساكر الكبار والصغار وعرفاء القبائل والأسواق ورؤساء القرى الذين هم " الدهاقين ".
فيجب على كل من ولي شيئا من أمر المسلمين من هؤلاء وغيرهم أن يستعمل فيما تحت يده في كل موضع أصلح من يقدر عليه ولا يقدم الرجل لكونه طلب الولاية أو سبق في الطلب؛بل يكون ذلك سببا للمنع؛ فإن في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم {أن قوما دخلوا عليه فسألوه ولاية؛ فقال: إنا لا نولي أمرنا هذا من طلبه}. {وقال لعبد الرحمن بن سمرة: يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها؛ وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها} أخرجاه في الصحيحين وقال صلى الله عليه وسلم {من طلب القضاء واستعان عليه وكل إليه ومن لم يطلب القضاء ولم يستعن عليه؛ أنزل الله عليه ملكا يسدده}. رواه أهل السنن.

فإن عدل عن الأحق الأصلح إلى غيره لأجل قرابة بينهما أو ولاء عتاقة أو صداقة أو مرافقة في بلد أو مذهب أو طريقة أو جنس: كالعربية والفارسية والتركية والرومية؛ أو لرشوة يأخذها منه من مال أو منفعة؛ أو غير ذلك من الأسباب أو لضغن في قلبه على الأحق أو عداوة بينهما؛ فقد خان الله ورسوله والمؤمنين ودخل فيما نهي عنه في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون} ثم قال: {واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم}.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.97 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (1.80%)]