عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-10-2020, 10:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي أحكام المنتفع من جزء قد سمع

أحكام المنتفع من جزء قد سمع


حلقة اليسر








مقالة قرآنية










أحكام المنتفع من جزء قد سمع






الحمد لله مَولى المؤمنين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:

فللمؤمن قواعدُ ثابتة يرتكز عليها إيمانُه، ويصح بها إسلاُمه، ويصدُقُ مع الله إحسانه إن هو امتثَل.

وعليه يأتي المثل بقاعدة ثابتة يقف عليها المؤمن، بالانحياز للصف المتميز، والتجرُّدِ من كل عائق وجاذب، والارتباط في العروة الواحدة بالحبل الواحد.



فإما إيمانٌ أو لا إيمان، أما هما معًا، فلا يجتمعان! وشتان بينهما ﴿ لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [الحشر: 20]، فلا بد أن يتميز هؤلاء عن هؤلاء، بأن يكون المؤمنون لبعضهم أولياء، والكافرون بعضهم أولياء بعض، فلا يُوَادُّ مؤمن كافرًا، ومَن وادَّ الكفار فليس بمؤمن، كما أخبر سبحانه: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22]، فالإيمان بالله والنبيِّ وما أنزل إليه مستلزمٌ لعدم ولايتهم.



وقد نهى الله عن ذلك في آيات ومواضعَ عدة، فقال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ ﴾ [الممتحنة: 13].

يجيء هتافًا للذين آمنوا باسم الإيمان، وبالصفة التي تميِّزهم عن سائر الأقوام؛ إذ تصلهم بالله، وتفصلهم عن أعداء الله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [الممتحنة: 1].



ولأي شيء ذلك العداء؟

﴿ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ﴾ [الممتحنة: 1]، فإن انتفت علة العداوة - وهي الكفر - انتفت العداوةُ؛ ﴿ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الممتحنة: 7]؛ لتصير محبة وموالاة.



أما في غير ذلك، فهم أعداء للمؤمن، وعلى المؤمن أن يتخذهم كذلك، فلا يُكرِمهم إذ أهانهم الله، ولا يُعزهم إذ أذلَّهم الله؛ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ ﴾ [المجادلة: 20]، ولا يُدنيهم إذ أقصاهم الله ﴿ قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ﴾ [المجادلة: 14].

أما إذا سالَموا، فليس الإسلام براغبٍ في الخصومة؛ ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8]، فالنهي والتحذير ليس فيهم ﴿ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الممتحنة: 9].



هنا تنقسم البشرية لصفينِ اثنين لا يختلطان: كفرٌ، أو إيمان:

أما الكفر، فهو في اتخاذ الكافرين أولياء؛ كما صُوِّر لنا في حال المنافقين، فقال عز وجل: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [المجادلة: 14].

وأما الإيمان، فصورة أخرى باهرة، تربط أولَ الأمة بآخرها، وآخرَها بأولها، في تضامن وتكافل وتوادٍّ: ﴿ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].



فهنا تكون حقيقة الولاء، وذاك ميزان الإيمان في النفوس، فلا يخالِج المؤمنَ شكٌّ في أن الذين يحادُّون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم هم الأذلُّون، وأن الله ورسلَه هم الغالبون، وأن هذا هو الكائن، والذي لا بد أن يكون.

ولنا في البراءة من الكفار قدوة؛ ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [الممتحنة: 4]، فهو البراءة من القوم ومعبوداتهم، وهو الكفر بهم، والإيمانُ بالله وحده.




نسأل الله سلامة العقيدة وقوة الإيمان

والله المستعان


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.95 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.78%)]