عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 09-10-2020, 09:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,080
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الأول -كتاب الصلاة
الحلقة (14)
صــــــــــ 105 الى صـــــــــــ112

[باب استقبال القبلة بالأذان]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
ولا أحب أن يكون المؤذن في شيء من أذانه إلا مستقبل القبلة لا تزول قدماه ولا وجهه عنها؛ لأنه إيذان بالصلاة وقد وجه الناس بالصلاة إلى القبلة فإن زال عن القبلة ببدنه كله، أو صرف وجهه في الأذان كله، أو بعضه كرهته له ولم ولا إعادة عليه وأحب أن يكون المؤذن على طهارة الصلاة فإن أذن جنبا، أو على غير وضوء كرهته له ولم يعد وكذلك آمره في الإقامة باستقبال القبلة وأن يكون طاهرا فإن كان في الحالين كلاهما غير طاهر كرهته له وهو في الإقامة أشد؛ لأنه يقيم فيصلي الناس وينصرف عنهم فيكون أقل ما صنع أن عرض نفسه للتهمة بالاستخفاف وأكره أذانه جنبا؛ لأنه يدخل المسجد ولم يؤذن له في دخوله إلا عابر سبيل والمؤذن غير عابر سبيل مجتاز ولو ابتدأ بالأذان طاهرا ثم انتقضت طهارته بنى على أذانه ولم يقطعه ثم تطهر إذا فرغ منه وسواء ما انتقضت به طهارته في أن يبني جنابة، أو غيرها فإن قطعه، ثم تطهر ثم رجع بنى على أذانه ولو استأنف كان أحب إلي.
[باب الكلام في أثناء الأذان]
باب الكلام في الأذان
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
وأحب المؤذن أن لا يتكلم حتى يفرغ من أذانه فإن تكلم بين ظهراني أذانه فلا يعيد ما أذن به قبل الكلام كان ذلك الكلام ما شاء
(قال الشافعي) :
وما كرهت له من الكلام في الأذان كنت له في الإقامة أكره وإن تكلم في الإقامة لم يعد الإقامة ولو كان بين كلامه في كل واحدة منهما سكات طويل أحببت له أن يستأنف وإن لم يفعل فليس ذلك عليه وكذلك لو سكت في كل واحدة منهما سكاتا طويلا أحببت له استئنافه ولم أوجب عليه الاستئناف ولو أذن بعض الأذان ثم نام، أو غلب على عقله ثم انتبه، أو رجع إليه عقله أحببت أن يستأنف تطاول ذلك، أو قصر وإن لم يفعل بنى على أذانه وكذلك لو أذن في بعض الأذان فذهب عقله ثم رجع أحببت أن يستأنف وإن بنى على أذانه كان له ذلك وإن كان الذي يؤذن غيره في شيء من هذه الحالات استأنف ولم يبن على أذانه قرب ذلك، أو بعد، فإن بنى على أذانه لم يجزه البناء عليه ولا يشبه هذا الصلاة يبني الإمام فيها على صلاة إمام قبله؛ لأنه يقوم في الصلاة فيتم ما عليه وهذا لا يعود فيتم الأذان بعد فراغه؛ ولأن ما ابتدأ من الصلاة كان أول صلاته ولا يكون بأول الأذان شيء غير التكبير، ثم التشهد ولو أذن بعض الأذان، أو كله، ثم ارتد أحببت أن لا يترك يعود لأذان ولا يصلى بأذانه ويؤم غيره فيه فيؤذن أذانا مستأنفا
[باب الرجل يؤذن ويقيم غيره]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
وإذا أذن الرجل أحببت أن يتولى الإقامة بشيء يروى فيه أن من أذن أقام وذلك والله تعالى أعلم أن المؤذن إذا عني بالأذان دون غيره فهو أولى بالإقامة وإذا أقام غيره لم يكن يمتنع من كراهية ذلك وإن أقام غيره أجزأه إن شاء الله تعالى.
[باب الأذان والإقامة للجمع بين الصلاتين والصلوات]
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد وغيره عن جعفر بن محمد عن أبيه «عن جابر بن عبد الله في حجة الإسلام قال فراح النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الموقف بعرفة فخطب الناس الخطبة الأولى ثم أذن بلال، ثم أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة الثانية ففرغ النبي - صلى الله عليه وسلم - من الخطبة وبلال من الأذان، ثم أقام بلال وصلى الظهر، ثم أقام وصلى العصر» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل، أو عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه. أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن «أبي سعيد الخدري قال حبسنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب بهوي من الليل حتى كفينا وذلك قول الله عز وجل {وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا} [الأحزاب: 25] فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالا فأمره فأقام الظهر فصلاها فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها ثم أقام العصر فصلاها كذلك، ثم أقام المغرب فصلاها كذلك، ثم أقام العشاء فصلاها كذلك أيضا قال وذلك قبل أن ينزل الله تعالى في صلاة الخوف {فرجالا أو ركبانا} [البقرة: 239] »
(قال الشافعي) :
وبهذا كله نأخذ، وفيه دلالة على أن كل من جمع بين صلاتين في وقت الأولى منهما أقام لكل واحدة منهما وأذن للأولى وفي الآخرة يقيم بلا أذان، وكذلك كل صلاة صلاها في غير وقتها كما وصفت
(قال الشافعي) :
وفي أن المؤذن لم يؤذن له - صلى الله عليه وسلم - حين جمع بالمزدلفة والخندق دليل على أن لو لم يجزئ المصلي أن يصلي إلا بأذان لم يدع النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأمر بالأذان وهو يمكنه (قال) : وموجود في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - إن كان هذا في الأذان وكان الأذان غير الصلاة أن يكون هذا في الإقامة هكذا؛ لأنها غير الصلاة وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة «فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا» ومن أدرك آخر الصلاة فقد فاته أن يحضر أذانا وإقامة ولم يؤذن لنفسه ولم يقم ولم أعلم مخالفا في أنه إذا جاء المسجد وقد خرج الإمام من الصلاة كان له أن يصلي بلا أذان ولا إقامة فإن ترك رجل الأذان والإقامة منفردا، أو في جماعة كرهت ذلك له وليست عليه إعادة ما صلى بلا أذان ولا إقامة وكذلك ما جمع بينه وفرق من الصلوات.
[باب اجتزاء المرء بأذان غيره وإقامته وإن لم يقم له]

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عمارة بن غزية عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن عمر بن الخطاب قال:
«سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يؤذن للمغرب فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ما قال فانتهى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الرجل وقد قامت الصلاة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: انزلوا فصلوا فصلى المغرب بإقامة ذلك العبد الأسود»
(قال الشافعي)
فبهذا نأخذ ونقول يصلي الرجل بأذان الرجل لم يؤذن له وبإقامته وأذانه وإن كان أعرابيا، أو أسود، أو عبدا، أو غير فقيه إذا أقام الأذان والإقامة وأحب أن يكون المؤذنون كلهم خيار الناس لإشرافهم على عوراتهم وأمانتهم على الوقت أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن يونس بن عبيد عن الحسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المؤذنون أمناء المسلمين على صلاتهم» وذكر معها غيرها واستحب الأذان لما جاء فيه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الأئمة ضمناء والمؤذنون أمناء فأرشد الله الأئمة وغفر للمؤذنين» .
[باب رفع الصوت بالأذان]
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه «أن أبا سعيد الخدري قال له إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك، أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك فإنه لا يسمع مدى صوتك جن ولا إنس إلا شهد لك يوم القيامة قال أبو سعيد سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -»
(قال الشافعي) :
فأحب رفع الصوت للمؤذن وأحب إذا اتخذ المؤذن أن يتخذ صيتا وأن يتحرى أن يكون حسن الصوت فإنه أحرى أن يسمع من لا يسمعه ضعيف الصوت وحسن الصوت أرق لسامعه والترغيب في رفع الصوت يدل على ترتيل الأذان؛ لأنه لا يقدر أحد على أن يبلغ غاية من صوته في كلام متتابع إلا مترسلا وذلك أنه إذا حذف ورفع انقطع فأحب ترتيل الأذان وتبينه بغير تمطيط ولا تغن في الكلام ولا عجلة وأحب في الإقامة أن تدرج إدراجا ويبينها مع الإدراج (قال) : وكيفما جاء بالأذان والإقامة أجزآ، غير أن الاحتياط ما وصفت
[باب الكلام في الأذان بما ليست فيه للناس منفعة]
باب الكلام في الأذان
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر قال:
«كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات ريح يقول ألا صلوا في الرحال»
(قال الشافعي) :
وأحب للإمام أن يأمر بهذا إذا فرغ المؤذن من أذانه وإن قاله في أذانه فلا بأس عليه وإذا تكلم بما يشبه هذا خلف الأذان من منافع الناس فلا بأس ولا أحب الكلام في الأذان بما ليست فيه للناس منفعة وإن تكلم لم يعد أذانا وكذلك إذا تكلم في الإقامة كرهته ولم يكن عليه إعادة إقامة.
[باب في القول مثل ما يقول المؤذن]
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن مجمع بن يحيى قال أخبرني أبو أمامة عن ابن شهاب أنه سمع معاوية يقول سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «إذا قال المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله قال أشهد أن لا إله إلا الله وإذا قال أشهد أن محمدا رسول الله قال وأنا، ثم سكت» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن طلحة بن يحيى عن عمه عيسى بن طلحة قال سمعت معاوية يحدث مثله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني عمرو بن يحيى المازني أن عيسى بن عمر أخبره عن عبد الله بن علقمة بن وقاص قال «إني لعند معاوية إذ أذن مؤذنه فقال معاوية كما قال مؤذنه حتى إذا قال حي على الصلاة قال لا حول ولا قوة إلا بالله ولما قال حي على الفلاح قال معاوية لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال بعد ذلك ما قال المؤذن، ثم قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك» . أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وبحديث معاوية نقول وهو يوافق حديث أبي سعيد الخدري وفيه تفسير ليس في حديث أبي سعيد
(قال الشافعي) :
فيجب لكل من كان خارجا من الصلاة من قارئ أو ذاكر أو صامت أو متحدث أن يقول كما يقول المؤذن، وفي حي على الصلاة حي على الفلاح لا حول ولا قوة إلا بالله ومن كان مصليا مكتوبة، أو نافلة فأحب إلي أن يمضي فيها وأحب إذا فرغ أن يقول ما أمرت من كان خارجا من الصلاة أن يقوله وإن قاله مصل لم يكن مفسدا للصلاة إن شاء الله تعالى والاختيار أن لا يقوله.
[باب جماع لبس المصلي]
(قال الشافعي) - رحمه الله تعالى
- قال الله عز وجل {خذوا زينتكم عند كل مسجد} [الأعراف: 31]
(قال الشافعي)
: فقيل - والله سبحانه وتعالى أعلم -:
إنه الثياب وهو يشبه ما قيل، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء» فدل على أن ليس لأحد أن يصلي إلا لابسا إذا قدر على ما يلبس وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغسل دم الحيض من الثوب، والطهارة إنما تكون في الصلاة فدل على أن على المرء لا يصلي إلا في ثوب طاهر وإذ أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتطهير المسجد من نجس؛ لأنه يصلى فيه وعليه فما يصلى فيه أولى أن يطهر وقد تأول بعض أهل العلم قول الله عز وجل وثيابك فطهر قال طهر ثيابك للصلاة وتأولها غيرهم على غير هذا المعنى والله تعالى أعلم
(قال) :
ولا يصلي الرجل والمرأة إلا متواريي العورة
(قال)
:
وكذلك إن صليا في ثوب غير طاهر أعادا فإن صليا وهما يقدران على مواراة عورتهما غير متواريي العورة أعادا علما حين صليا، أو لم يعلما في الوقت، أو غير الوقت، من أمرته بالإعادة أبدا أمرته بها بكل حال
(قال الشافعي) :
وكل ما وارى العورة غير نجس أجزأت الصلاة فيه
(قال الشافعي) :
وعورة الرجل ما دون سرته إلى ركبتيه ليس سرته ولا ركبتاه من عورته وعلى المرأة أن تغطي في الصلاة كل بدنها ما عدا كفها ووجهها ومن صلى وعليه ثوب نجس، أو يحمل شيئا نجسا أعاد الصلاة وإن صلى يحمل كلبا، أو خنزيرا أو خمرا أو دما أو شيئا من ميتة، أو جلد ميتة لم يدبغ أعاد الصلاة وسواء قليل ذلك، أو كثيره وإن صلى وهو يحمل حيا لا يؤكل لحمه غير كلب، أو خنزير لم يعد حية كان، أو غير حية وإن كان ميتة أعاد والثياب كلها على الطهارة حتى يعلم فيها نجاسة وإن كانت ثياب الصبيان الذين لا يتوقون النجاسة ولا يعرفونها، أو ثياب المشركين كلها، أو أزرهم وسراويلاتهم وقمصهم ليس منها شيء يعيد من صلى فيه الصلاة حتى يعلم أن فيه نجاسة وهكذا البسط والأرض على الطهارة حتى تعلم نجاسة وأحب إلي لو توقى ثياب المشركين كلها، ثم ما يلي سفلتهم منها مثل الأزر والسراويلات فإن قال قائل ما دل على ما وصفت
(قال الشافعي)
أخبرنا مالك بن أنس عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة الأنصاري «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي وهو حامل أمامة بنت أبي العاص»
(قال الشافعي) : وثوب أمامة ثوب صبي.
[باب كيفية لبس الثياب في الصلاة]
باب كيف لبس الثياب في الصلاة
(قال الشافعي) - رحمه الله تعالى
- أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء»
(قال الشافعي) :
فاحتمل قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء» أن يكون اختيارا واحتمل أن يكون لا يجزيه غيره فلما حكى جابر ما وصفت وحكت ميمونة «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصلي في ثوب واحد بعضه عليه وبعضه عليها» دل ذلك على أنه صلى فيما صلى فيه من ثوبها مؤتزرا به؛ لأنه لا يستره أبدا إلا مؤتزرا به إذا كان بعضه على غيره
(قال الشافعي) :
فعلمنا أن نهيه أن يصلى في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء اختيارا وأنه يجزي الرجل والمرأة كل واحد أن يصلي متواريي العورة، وعورة الرجل ما وصفت وكل المرأة عورة إلا كفيها ووجهها وظهر قدميها عورة فإذا انكشف من الرجل في صلاته شيء مما بين سرته وركبته ومن المرأة في صلاتها شيء من شعرها قل، أو كثر ومن جسدها سوى وجهها وكفيها وما يلي الكف من موضع مفصلها ولا يعدوه، علما أم لم يعلما أعادا الصلاة معا إلا أن يكون تنكشف بريح، أو سقطة، ثم يعاد مكانه لا لبث في ذلك فإن لبث بعدها قدر ما يمكنه إذا عاجله مكانه إعادته أعاد وكذلك هي
(قال) :
ويصلي الرجل في السراويل إذا وارى ما بين السرة والركبة، والإزار أستر وأحب منه
(قال) :
وأحب إلي أن لا يصلي إلا وعلى عاتقه شيء عمامة، أو غيرها ولو حبلا يضعه.
[باب الصلاة في القميص الواحد]
(قال الشافعي) - رحمه الله تعالى -
أخبرنا العطاف بن خالد المخزومي وعبد العزيز بن محمد الدراوردي عن موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة عن سلمة بن الأكوع قال «قلت: يا رسول الله إنا نكون في الصيد أفيصلي أحدنا في القميص الواحد؟
قال:
نعم وليزره ولو بشوكة ولو لم يجد إلا أن يخله بشوكة»

(قال الشافعي) :
وبهذا نقول وثياب القوم كانت صفاقا فإذا كان القميص صفيقا لا يشف عن لابسه صلى في القميص الواحد وزره، أو خله بشيء، أو ربطه لئلا يتجافى القميص فيرى من الجيب عورته، أو يراها غيره فإن صلى في قميص، أو ثوب معمول عمل القميص من جبة، أو غيرها غير مزرور أعاد الصلاة
(قال الشافعي) :
وهو يخالف الرجل يصلي متوشحا، التوشح مانع للعورة أن ترى ويخالف المرأة تصلي في الدرع والخمار والمقنعة، والخمار والمقنعة ساتران عورة الجيب فإن صلى الرجل في قميص غير مزرور وفوقه عمامة، أو رداء، أو إزار يضم موضع الجيب حتى يمنعه من أن ينكشف، أو ما دونه إلى العورة حتى لو انكشف لم تر عورته أجزأته صلاته وكذلك إن صلى حازما فوق عورته بحبل، أو خيط؛ لأن ذلك يضم القميص حتى يمنع عورة الجيب وإن كان القميص مزرورا ودون الجيب، أو حذاءه شق له عورة كعورة الجيب لم تجزه الصلاة فيه إلا كما تجزيه في الجيب وإن صلى في قميص فيه خرق على شيء من العورة وإن قل لم تجزه الصلاة وإن صلى في قميص يشف عنه لم تجزه الصلاة وإن صلى في قميص فيه خرق على غير العورة ليس بواسع ترى منه العورة أجزأته الصلاة وإن كانت العورة ترى منه لم تجزه الصلاة فيه وهكذا الخرق في الإزار يصلي فيه وأحب أن لا يصلي في القميص إلا وتحته إزار، أو سراويل، أو فوقه سترة فإن صلى في قميص واحد يصفه ولم يشف كرهت له ولا يتبين أن عليه إعادة الصلاة، والمرأة في ذلك أشد حالا من الرجل إذا صلت في درع وخمار يصفها الدرع وأحب إلي أن لا تصلي إلا في جلباب فوق ذلك وتجافيه عنها لئلا يصفها الدرع.
[باب ما يصلى عليه مما يلبس ويبسط]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نمرة والنمرة صوف فلا بأس أن يصلى في الصوف والشعر والوبر ويصلى عليه
(قال الشافعي) :
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أيما إهاب دبغ فقد طهر» فلا بأس أن يصلى في جلود الميتة والسباع وكل ذي روح إذا دبغ إلا الكلب والخنزير ويصلى في جلد كل ذكي يؤكل لحمه وإن لم يكن مدبوغا فأما ما لا يؤكل لحمه فذكاته وغير ذكاته سواء لا يطهره إلا الدباغ وجلد الذكي يحل أكله وإن كان غير مدبوغ
(قال) :
وما قطع من جلد ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه فهو ميتة لا يطهره إلا الدباغ، وأنهى الرجال عن ثياب الحرير فمن صلى فيها منهم لم يعد؛ لأنها ليست بنجسة وإنما تعبدوا بترك لبسها لا أنها نجسة؛ لأن أثمانها حلال وإن النساء يلبسنها ويصلين فيها وكذلك أنهاهم عن لبس الذهب خواتيم وغير خواتيم ولو لبسوه فصلوا فيه كانوا مسيئين باللبس عاصين إن كانوا علموا بالنهي ولم يكن عليهم إعادة صلاة؛ لأنه ليس من الأنجاس ألا ترى أن الأنجاس على الرجال والنساء سواء والنساء يصلين في الذهب.
[باب صلاة العراة]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
وإذا غرق القوم فخرجوا عراة كلهم، أو سلبوا في طريق ثيابهم، أو احترقت فيه فلم يجد أحد منهم ثوبا وهم رجال ونساء، صلوا فرادى وجماعة رجالا وحدهم، قياما يركعون ويسجدون ويقوم إمامهم وسطهم ويغض بعضهم عن بعض، وتنحى النساء فاستترن إن وجدن سترا عنهم فصلين جماعة أمتهن إحداهن وتقوم وسطهن ويغض بعضهم عن بعض، ويركعن ويسجدن، ويصلين قياما كما وصفت فإن كانوا في ضيق لا ستر بينهم من الأرض ولين وجوههن عن الرجال حتى إذا صلوا ولى الرجال وجوههم عنهن حتى يصلين كما وصفت وليس على واحد منهم إعادة إذا وجد ثوبا في وقت ولا غيره وإن كان مع أحدهم ثوب أمهم إن كان يحسن يقرأ فإن لم يكن يحسن يقرأ صلى وحده ثم أعار لمن بقي ثوبه وصلوا واحدا واحدا فإن امتنع من أن يعيرهم ثوبه فقد أساء وتجزيهم الصلاة وليس لهم مكابرته عليه وإن كان معه نساء فإن يعيره للنساء، أوجب عليه ويبدأ بهن فإذا فرغن أعار الرجال فإذا أعارهم إياه لم يسع واحدا منهم أن يصلي وانتظر صلاة غيره لا يصلي حتى يصلي لابسا فإن صلى وقد أعطاه إياه عريانا أعاد، خاف ذهاب الوقت، أو لم يخفه، وإن كان معهم، أو مع واحد منهم ثوب نجس لم يصل فيه وتجزيه الصلاة عريانا إذا كان ثوبه غير طاهر وإذا وجد ما يواري به عورته من ورق وشجر يخصفه عليه، أو جلد، أو غيره مما ليس بنجس لم يكن له أن يصلي بحال إلا متواري العورة وكذلك إن لم يجد إلا ما يواري ذكره ودبره لم يكن له أن يصلي حتى يواريهما معا وكذلك إن لم يجد إلا ما يواري أحدهما لم يكن له أن يصلي حتى يواري ما وجد إلى مواراته سبيلا وإذا كان ما يواري أحد فرجيه دون الآخر يواري الذكر دون الدبر؛ لأنه لا حائل دون الذكر يستره ودون الدبر حائل من أليتيه وكذلك المرأة في قبلها ودبرها وإذا كان هو وامرأته عريانين أحببت إن وجد ما يواريها به أن يواريها؛ لأن عورتها أعظم حرمة من عورته وإن استأثر بذلك دونها فقد أساء وتجزئها صلاتها وإن مس ذكره ليستره، أو مست فرجها لتستره أعادا الوضوء معا ولكن ليباشرا من وراء شيء لا يفضيان إليه:

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.59 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.84%)]