عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 25-02-2020, 04:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,484
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تعريف الاجتهاد لغة واصطلاحا











فإن أراد بترك الاجتهاد فيه فيكون الحد غير مانع؛ لأنه يندرج فيه كل ما يجتهد فيه من أصول الديانات، وقيم المتلفات، وأروش الجنايات، ونحو ذلك، وإن أريد بترك العمل فيكون الحد غير جامع؛ لأنه لم يتناول على هذا إلا الواجبات؛ لأن الحكم الذي يلحق فيه اللوم الشرعي بترك العمل به هو الواجب دون غيره، فلا يلحق اللوم بترك المحرمات، والمكروهات، والمندوبات، والمباحات[120].












رابعًا: أما من قال: بحكم، أو قال: بالحكم، فيمكن أن يتوجه عليه بعض الاعتراضات السابقة، وهي:





الاعتراض الأول: أن التقييد بذلك غير مانع من دخول الاجتهاد في العقائد والأصول، وهي ليست من الاجتهاد المعرف.





وقد يجاب عن ذلك بأن هذا مفهوم من التعريف؛ لأن الحكم هنا هو الحكم باصطلاح الأصوليين.





ولكن هذا فيه اعتماد على المفهوم، والأولى في التعاريف الوضوح والبيان، لا سيما وأن ذلك المفهوم مما يخفى.





الاعتراض الثاني: أنه يندرج في التعريف ما أخذ من الأدلة مباشرة.





الاعتراض الثالث: أنه يتوجه عليه اندراج الاجتهاد في مثل قيم المتلفات، وأروش الجنايات، وجهة القبلة، ونحو ذلك، وذلك ليس من الاجتهاد في العرف.





ويمكن الجواب عنه بأن بعض الأصوليين يرى اندراجها في مسمى الاجتهاد العام، والشَّاطبي ممن يرى ذلك، وحينئذ يكون تعريفه للاجتهاد ليس بمعناه الخاص عرفًا.












ومما سبق يمكن أن نلخص ما يمكن أن يعترض به على تعريف الشَّاطبي بما يلي:





أولًا: أنه لم يذكر في التعريف من يقوم بعملية الاجتهاد.





وذكر فيما سبق ما يمكن أن يجاب به عن هذا الاعتراض، وهو أن الشَّاطبي حذف ذلك؛ لأن مفهوم التعريف وسياقه يدل عليه، ونعني بذلك أن من قام بعملية الاجتهاد واستوفى شروطه في أي مسألة فقهية فقد اجتهد، ولا يشترط كونه مجتهدًا مطلقًا.












ثانيًا: أنه عمم الحكم ولم يقيده؛ ولذا يدخل في التعريف الاجتهاد في الأحكام العقلية والحسية والعرفية، وأحكام العقائد وأصول الفقه، والاجتهاد في مثل قيم المتلفات، وأروش الجنايات، وجهة القبلة، ونحو ذلك، مما لا يسمى اجتهادًا عرفًا.





وذكر أنه يمكن الجواب بأن الحكم المذكور في التعريف المراد به الحكم في عرف الأصوليين، وهو: خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع، وأما اندراج قيم المتلفات، ونحو ذلك، فيمكن أن يجاب عنه بأن الشَّاطبي يعرف الاجتهاد الشرعي بالعرف العام، وهو ممن يرى جواز إطلاق الاجتهاد على تحقيق المناط العام[121].












ثالثًا: أنه أدخل في الاجتهاد ما أخذ من الأدلة مباشرة.





رابعًا: أنه أدخل فيه اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم، واجتهاد المقلد والعامي.





ويمكن أن يجاب عن هذا الاعتراض بأن الشَّاطبي يرى جواز اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهو ممن يرى دخوله في المعرف.





أما العامي فيمكن أن يقال بأن الشَّاطبي يعرف هنا الاجتهاد بمعناه العام، أما إن كان المراد هنا تعريف الاجتهاد بمعناه الخاص في عرف الأصوليين، فيمكن أن يقال: إن مفهوم التعريف يفيد ذلك، وإن كان الأنسب هو إيضاح ذلك، وعدم الاكتفاء بالمفهوم في التعريف، إلا أن يكون واضحًا تمام الوضوح.





خامسًا: ومما يمكن أن يعترض به على تعريف الشَّاطبي ما اعترض به بعضهم على تعريف ابن الحاجب بأنه لم يذكر الوسيلة الموصلة إلى معرفة الحكم، وهي الدليل؛ لأن الأدلة هي مجال علم الأصول ودعامة المجتهدين، من حيث إن الأدلة هي التي يستقي منها المجتهد الأحكام؛ ولذا كان الأولى زيادة: مِن دليل تفصيلي، في التعريف[122].





وقد يجاب عن ذلك بأن هذا مفهوم من السياق، ومن قول ابن الحاجب: بحكم شرعي، وقول الشَّاطبي: بالحكم؛ لأن الحكم الشرعي لا ينتج من دليل إجمالي.












التعريف المختار:





وبعد هذا فأرى أن التعريف المختار للاجتهاد الفقهي هو:





استفراغ الوسع المعتبر لدرك حكم شرعي فروعي بالاستنباط.





فقولي: استفراغ الوسع: كالجنس في التعريف، فيشمل استفراغ الفقيه أو غير الفقيه وسعه، وهو مخرج للاجتهاد الناقص الذي لم يستفرغ فيه صاحبه تمام وسعه.





وقولي: المعتبر: يشمل كل اجتهاد استوفى شرطه، كاجتهاد من اتصف بصفة الاجتهاد في غالب أحكام الشرع، أو اتصف بصفة الاجتهاد في أحكام معينة من أحكام الشرع، وهو مخرج للاجتهاد غير المعتبر، كاجتهاد العامي والمقلد.





وقولي: لدرك: يشمل الإدراك القطعي والظني، وهو شامل لإدراك الذوات، والصفات، والأفعال، والأحكام.





وقولي: حكم: مخرج لإدراك غيره، كالذوات، والصفات، والأفعال.





وقولي: شرعي: مخرج للأحكام العقلية، والحسية، والعرفية.





وقولي: فروعي: مخرج لأحكام العقائد، وأصول الفقه، وغيرها.





وقولي: بالاستنباط: مخرج لأخذ الأحكام من النصوص مباشرة، أو بحفظ المسائل أو استعلامها من المعنى، أو بالكشف عنها من الكتب.





وهو شامل لاستنباط الفروع القياسية من الأحكام، أو استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة الدالة عليها.












[1] الإحكام 1/ 5.




[2] نهاية السول 1/ 5.




[3] انظر لكلمة "جهد" عند أهل اللغة: المجمل 141 الصحاح 2/ 402 تهذيب اللغة 6/ 37 المحيط في اللغة 3/ 369 مفردات ألفاظ القرآن 208 النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 319 التكملة والذيل والصلة 2/ 215 أساس البلاغة 67 لسان العرب 2/ 395 المصباح المنير 112 القاموس المحيط 351 تاج العروس 4/ 407 المعجم الوسيط 142 كلها مادة: "جهد".




[4] البيت للشماخ، نسبه له ابن فارس في معجم مقاييس اللغة 1/ 487 والأزهري في تهذيب اللغة 6/ 38 وابن منظور في لسان العرب 2/ 396 والزبيدي في تاج العروس 4/ 407 كلها مادة: "جهد"، ومنهم من روى البيت:

تُضْحي وقد ضمنت ضراتها غرفًا بالفاء ♦♦♦ من ناصع اللون حلو الطعم مجهود




[5] معجم مقاييس اللغة 1/ 486 مادة: "جهد".




[6] رواه البخاري في صحيحه كتاب القدر باب من تعوذ بالله من درك الشقاء وسوء القضاء 4/ 273/ 6616 ومسلم في صحيحه كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره 17/ 26/ 2707.




[7] انظر: التكملة والذيل والصلة 2/ 216 تاج العروس 4/ 407 والنهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 320.




[8] رواه البخاري في صحيحه كتاب أحاديث الأنبياء باب حديث أبرص وأعمى وأقرع في بني إسرائيل 2/ 176/ 3464 ومسلم في صحيحه كتاب الزهد والرقائق 18/ 77/ 2964.




[9] انظر: لسان العرب 2/ 396 والنهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 320.




[10] انظر: لسان العرب 2/ 397، والحديث: رواه أبو داود في سننه كتاب الأقضية باب اجتهاد الرأي في القضاء 4/ 18 - 19/ 3592 - 3593 والترمذي في جامعه كتاب الأحكام باب ما جاء في القاضي كيف يقضي 3/ 607/ 1327 - 1328 وأحمد في مسنده 5/ 230، 236، 242 والطيالسي في مسنده - كما في ترتيبه منحة المعبود - كتاب القضاء والدعاوى والبينات باب آداب القضاء والقاضي وكيف يقضي 1/ 286/ 1452 وعبد بن حميد في المنتخب 1/ 169/ 124 والدارمي في مقدمة سننه باب الفتيا وما فيه من الشدة 1/ 72 وابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله باب اجتهاد الرأي على الأصول عند عدم النصوص في حين نزول النازلة 2/ 55 - 56 والبيهقي في السنن الكبرى كتاب آداب القاضي باب ما يقضي به القاضي ويفتي به المفتي، فإنه غير جائز له أن يقلد أحدًا من أهل دهره، ولا أن يحكم أو يفتي بالاستحسان 10/ 114 والطحاوي في شرح مشكل الآثار باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القضاة مَن منهم في النار ومن منهم في الجنة 9/ 212/ 3582 - 3583 والخطيب في الفقيه والمتفقه باب القول في الاحتجاج لصحيح القياس ولزوم العمل به 1/ 397، 470 - 472/ 413، 511 - 515 وابن حزم في الإحكام الباب الخامس والثلاثون في الاستحسان والاستنباط في الرأي وإبطال ذلك 2/ 203 - 204 والجورقاني في الأباطيل والمناكير كتاب العلم باب الرأي والقياس 1/ 105/ 101 وابن الجوزي في العلل المتناهية حديث في كيفية الحكم والفتيا 2/ 758/ 1264 كلهم عن معاذ رضي الله عنه، وقال عنه البخاري في التاريخ الكبير 2/ 277: "لا يصح"، وقال الترمذي: "هذا حديث لا نعرفه إلا مِن هذا الوجه، وليس إسناده عندي بمتصل"، وصحح الدارقطني كونه مرسلًا، وقال ابن حزم في الإحكام 2/ 211: "لا يحل الاحتجاج به؛ لسقوطه"، وضعفه عبدالحق وابن القطان وابن طاهر - وله جزء في تضعيفه - وابن الجوزي والجورقاني - وله كلام مطول عليه - والعراقي والعقيلي والسبكي وابن حجر وابن الملقن، ونقل الاتفاق على ضعفه، وأقر ابنُ كثيرٍ البخاريَّ على تضعيفه، وضعفه الألباني وأطال الكلام عليه، وخالف هؤلاء آخرون فصححوه، ومنهم الجصاص والباقلاني والجويني والغزالي وابن العربي وإسماعيل البغدادي وابن تيمية وابن القيم، وذكر الخطيب البغدادي أن شهرته تغني عن إسناده، وأشار الزركشي إلى تقويته بشاهد، واضطرب في الحديث الذهبي، والكلام على هذا الحديث ونقل كلام أهل العلم عليه يطول، وانظر لما سبق: الضعفاء الكبير 1/ 215 التلخيص الحبير 4/ 201 السلسلة الضعيفة 2/ 273 تحفة الطالب 151 عارضة الأحوذي 6/ 72 سير أعلام النبلاء 18/ 472 إعلام الموقعين 1/ 154 مقدمة في أصول التفسير 94 - 95 المعتبر 63 - 71 الابتهاج بتخريج أحاديث المنهاج 210.




[11] القَرا: الظهر، وقيل: وسط الظَّهْر، والرهيش من الإبل: المهزولة، وقيل: الضعيفة، وقيل: قليلة لحم الظَّهر، وهو تشبيه بالرهيش الذي هو النصل؛ انظر: لسان العرب 11/ 146 مادة: "قرا"، ومنه 5/ 342 مادة: "رهش"، والبيت لرؤبة بن العجاج التميمي، نسبه له الزمخشري في أساس البلاغة 67 مادة جهد، وابن منظور في لسان العرب 5/ 342 مادة: "رهش".




[12] وهي بالفتح قراءةٌ شاذة، قرأ بها الأعرج وعطاء ومجاهد، انظر: القراءات الشاذة لابن خالويه 54 وذكرها الشوكاني قراءة شاذة دون نسبة في فتح القدير 2/ 385.




[13] رواه أبو داود في سننه كتاب الزكاة باب في الرخصة في ذلك - يعني أن يخرج الرجل من ماله - 2/ 312/ 1677 وأحمد في مسنده 2/ 258 وابن خزيمة في صحيحه كتاب الزكاة جماع أبواب صدقة التطوع باب ذكر الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما فضَّل صدقة المقل إذا كان فاضلًا عما يعول لا إذا تصدق على الأباعد وترك من يعول جياعًا عراة؛ إذ النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر ببَدْء مَن يعول 4/ 99/ 2444 وابن حبان في صحيحه كتاب الزكاة باب صدقة التطوع 8/ 134/ 3346 والحاكم في مستدركه كتاب الزكاة 1/ 414 والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الزكاة باب ما ورد في جهد المقل 4/ 180 عن أبي هريرة - رضي الله عنه - وصحَّحه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وقال: "صحيح على شرط مسلم"، ولم يتعقبه الذهبي، وصححه الألباني في إرواء الغليل 3/ 317.




[14] انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 320.




[15] سبق تخريجه ص 81.




[16] انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 319 - 320.




[17] انظر: التكملة والذيل والصلة 2/ 216 تاج العروس 4/ 408.




[18] رواه البخاري في صحيحه كتاب الغسل باب إذا التقى الختانان 1/ 86/ 291 ومسلم في صحيحه كتاب الحيض باب نسخ الماء ووجوب الغسل بالتقاء الختانين 3/ 34/ 348 عن أبي هريرة رضي الله عنه.




[19] انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 320.




[20] تاج العروس 4/ 408.




[21] البيت ذكر ولم ينسب لأحد في التكملة والذيل والصلة 2/ 216 ولسان العرب 2/ 396 وتهذيب اللغة 6/ 39 وتاج العروس 4/ 408 كلها مادة: "جهد".




[22] معجم مقاييس اللغة 1/ 486.




[23] المحصول 6/ 6.




[24] روضة الناظر 2/ 345.




[25] الإحكام 4/ 162.




[26] البلبل مع شرح مختصر الروضة 3/ 575.




[27] شرح العضد 2/ 289.




[28] نهاية السول 4/ 524.




[29] التعريفات 23.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 42.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 42.05 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.47%)]