عرض مشاركة واحدة
  #113  
قديم 16-09-2020, 04:59 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثانى
[كتاب اليمين]
صـــــ 90 الى صــــــــ
100
الحلقة (89)

[مبحث اليمين على الأكل والشرب]
سنذكر في هذا المبحث وما بعده جملة من المسائل المبنية على الأصول المتقدمة، وقد تكون بعض هذه المسائل أصلاً لغيرها، وقد يكون بعضها مبنياً على أصل آخر، وفي هذه المسائل تفصيل المذاهب(1) .

(1) المالكية - قالوا: إذا حلف لا يأكل هذا الرغيف فأكل لقمة منه فإنه يحنث ولو قال: لا آكل هذا الرغيف كله على المشهور، وهذا إذا لم يكن له نية ولا بساط لليمين وإلا فيعمل بها كل تقدم، أما إذا حلف ليأكلن هذا الرغيف فإنه يحنث إذا لم يأكله كله، فلو أكل لقمة منه لم يجزه ولو لم يقل كله، وبالجملة فإن إذا حلف على ترك شيء له أجزاء فإنه يحنث بفعل كل جزء منها سواء قال: كلها أو بعضها على المشهور ما لم ينو ذلك، وإذا حلف على فعل شيء له أجزاء فإنه يحنث بترك جزء منها ما لم ينو أو تقوم قرينة على ما يريد وإذا حلف لا يتعشى فإنه لا يحنث إذا أكل في آخر الليل "السحور" ما لم ينو ترك الأكل في الليلة كلها؛ وإذا حلف لا يأكل لحماً فإنه يحنث بأكل لحم السمك والطير، إلا إذا نوى أو كان ليمينه بساط، وإذا حلف لا يأكل بيضاً يحنث إذا أكل بيض السمك والطير "البطارخ" ولو بيض التمساح أو الترسة. وإذا حلف لا يأكل عسلاً فإنه يحنث بأكل العسل الناشيء من الفواكه الرطبة كالبلح والتين ما لم يقيد بأن يريد لحم النعم وبيض الدجاج وعسل القصب أو يكون ليمينه بساط، أو كان العرف على غير ذلك كما تقدم، والعرف الآن يخص اللحم بلحم النعم، والبيض ببيض الدجاج، والعسل بعسل القصب وعسل النحل والسكر، فلا يحنث على عرفنا الآن، إلا إذا أكل من هذه الأشياء بخصوصها، كما إذا حلف لا يأكل خبزاً فأكل شعرية أو مكرونة أو كعكاً فإنه لا يحنث على عرفنا الآن، لأنها لا تسمى خبزاً في عرفنا، وكذا لا يحنث إذا حلف لا يأكل شعرية أو كعكاً أو نحوهما من الأشياء الخاصة ثم أكل خبزاً فإنه لا يحنث.
وإذا حلف لا يأكل لحم غنم فإنه يحنث بأكل لحم الضأن والمعز، وإذا حلف لا يأكل لحم دجاجة يحنث بأكل لحم الدجاجة والديك، وإذا حلف لا يأكل سمناً فإنه يحنث إذا أكل شيئاً عمل بالسمن كالكعك والطعام، سواء وجد طعم السمن في فمه أو لا على المشهور، كما إذا حلف لا يأكل زعفراناً فإنه يحنث بأكله مطبوخاً في شيء ولو استهلك فيه، أما إذا حلف لا يأكل خلاً أو ليموناً أو نارنجا أو نحو ذلك فإنه لا يحنث بأكلها مطبوخة في طعام مستهلكة فيه.
أما إذا قال: لا آكل من هذا الخل أو من هذا النارنج مثلاً فإنه يحنث بأكله مطبوخاً مستهلكاً، وإذا حلف لا يأكل لحماً فإنه يحنث بأكل الشحم لأنه جزء اللحم، أما إذا حلف لا يأكل شحماً فإنه لا يحنث إذا أكل لحماً، لأن اللحم ليس جزء الشحم، ولأن الله حرم على بني إسرائيل الشحم فلم يتناول الشحم اللحم فلم يحرم عليهم أكله.
وإذا حلف لا يأكل من هذا الطلع "هو أول أطوار ثمر النخل" فإنه يحنث بأكل بلحه رطباً كان أو يابساً أو عجوة، كما يحنث بأكل كل شيء ينشأ منه كالعسل ونحوه وكذا إذا حلف لا يأكل من هذا القمح فإنه يحنث بالأكل منه ومن كل ما يتفرع عنه كالدقيق "والرشدة"، "والعصيدة" "والشعرية" والكعك ونحو ذلك. وكذا إذا حلف لا يأكل من هذا اللبن فإنه يحنث بأكل كل ما يتفرع عنه كالزبد والسمن والجبن، فإذا قال: لا آكل من طلع هذه النخلة حنث بأكل كل فرع ينشأ من طلعها، متقدماً كان أو متأخراً كما إذا قال: لا آكل من لبن هذه الجاموسة، أما إذا قال: لا آكل هذا الطلع بحذف "من" فلم يقل من هذا ففيه خلاف. فبعضهم يقول: إنه لا يحنث بأكل فرعه، وبعضهم يقول: يحنث. والذي يقول: يحنث يشترط أن يكون الفرع قريباً من الأصل جداً ومحل كونه يحنث بأكل الفرع من هذه الأشياء إذا لم تكن له نية أو ليمينه بساط وإلا عمل بهما كما تقدم، وإذا حلف لا يأكل طلعاً أو لا يأكل الطلع ولم يأت بكلمة هذا فإنه لا يحنث بأكل ما يتفرع عنه من بلح أو عسل أو نحو ذلك، وكذا إذا حلف لا يأكل اللبن أو لبناً فإنه لا يحنث بأكل ما يتفرع عنهما، إلا في خمس أمور فإنه يحنث فيها لقرب شبهها بالأصل:
الأول: إذا حلف لا يأكل زبيباً أو الزبيب فإنه يحنث إذا شرب نبيذه.
الثاني: إذا حلف لا يأكل لحماً أو اللحم فإنه يحنث بشرب مرقها.
الثالث: إذا حلف لا يأكل لحماً أو اللحم فإنه يحنث بأكل الشحم كما تقدم.
الرابع: إذا حلف لا يأكل قمحاً أو القمح فإنه يحنث إذا أكل خبز القمح.
الخامس: إذا حلف لا يأكل عنباً أو العنب فإنه يحنث إذا شرب عصيره كالزبيب بل هو أقرب.
فيحنث في الأمور الخمسة بتناول الفرع وغن لم يأت بمن أو هذا في الحلف على الأصل، وإذا حلف لا يأكل الحنطة فإنه يحنث بأكل القمح الذي ينبت منها، سواء أتى بكلمة من واسم الإشارة أو لم يأت بشيء منهما، أو أتى بأحدهما أو سقط الآخر، وسواء ذكرها معرفة أو منكرة، وكذا يحنث إذا باع شيئاً منها واشترى بثمنه حباً آخر، وإنما يحنث بذلك إذا نوى بيمينه أن يقطع منه له من غيره عليه بأن قال له آخر: لولا أنا أطعمك الحنطة لكنت تموت جوعاً فحلف بأن لا يأكلها لينقطع ذلك المن، أما إذا حلف لا يأكلها لرداءة فيها فإنه لا يحنث بأكل ما أنبتته ولا يأكل الحب الذي يشتري بثمنها، وكذا إذا حلف لا يأكلها لسوء صنعة الطعام فإنه لا يحنث بأكلها إذا صنعت له خبزاً جيداً مثلاً. وإذا حلف لا يأكل فشرب لبناً ونحوه مما يغذي فإنه يحنث إن قصد التضييق على نفسه بتجويعها، أما إن قصد الأكل فقط فإنه لا يحنث بالشرب كما لا يحنث إذا حلف لا آكل فشرب ماء زمزم إلا إذا قصد تجويع نفسه فإنه يحنث بشربه بنية الشبع.
وإذا حلف لا يأكل كذا أو لا يشرب، فذاق الطعام أو الماء بلسانه ولم يصل الطعام أو الماء إلى جوفه لا يحنث، أما إذا وصل إلى جوفه فإنه يحنث، وإذا حلف لا يأكل من طعام فلان فمات فلان المحلوف عليه فإنه لا يحنث بالأكل من ماله بعد موته إن كان قد حلف لمنعه عليه كما إذا قال له: لولاي لما وجدت من يطعمك فحلف بأن لا يأكل من طعامه قطعاً لذلك اليمين، وكذلك لا يحنث بالأكل منه بعد موته وإن كان حلف لسبب جمع المال من معاملات فاسدة، فإن المال يزول عنه خبثه بإرثه، أما إن حلف لا يأكل طعام لغير هذين السببين فإنه لا يحنث إذا أكل منه بعد موته بشرطين:
الأول: أن يكون مالخ خالياً من الدين، فإن كان مديناً وأكل منه قبل وفاء الدين وقبل قسمه بين مسحقيه فإنه يحنث، أما إذا أكل منه بعد وفاء الدين ولو قبل قسمته فإنه لا يحنث.
الثاني: أن لا يكون قد أوصى بشيء من ماله معلوم غير معين يحتاج في إخراجه إلى بيع التركة كما إذا أوصى بمائة دينار مثلاً لا يمكن إخراجها إلا ببيع التركة، فإنه إذا أكل منه في هذه الحالة يحنث أما إذا أوصى بمعين كهذا المنزل مثلاً أو أوصى بشائع لا يحتاج في إخراجه إلى بيع التركة كما إذا أوصى بربع ماله مثلاً فإنه لا يحنث بالأكل منه في هذه الحالة.
الحنفية - قالوا: إذا حلف لا يأكل شيئاً فإن كان ذلك الشيء مما يؤكل كالطعام والفاكهة فإنه يحنث إذا أوصله إلى جوفه، سواء مضغه أو لم يمضغه، ذاقه، أو لم يذقه. فإذا حلف لا يأكل بيضة حنث ببلعها مقشرة كانت أو غير مقشرة. أما إذا مضغه ولم يبتلعه في جوفه فإنه لا يحنث بذلك، وإن حلف لا يأكل شيئاً مما يشرب كاللبن ونحوه من المائعات فإنه لا يحنث بشربه وحده، فإذا قال: والله لا آكل اللبن فشربه وحده أو صب عليه مائعاً آخر كالشاي واللبن فإنه لا يحنث. أما إذا فت فيه الخبز أو وضع فيه التمر ونحوهما مما يؤكل فإنه يحنث.
وإذا حلف لا يأكل سمناً فأكل طعاماً فيه سمن فإنه لا يحنث إلا إذا كان السمن ظاهراً فيه بحيث لو عصر ينعصر. أما إذا لم يكن كذلك فإنه لا يحنث ولو وجد طعمه في فمه.
وكذلك إذا حلف لا يأكل لبناً فطبخ فيه أرزاً فإنه لا يحنث بأكله إلا إذا كان بحيث لو عصر ينعصر منه اللبن، ومثله سائر المائعات كالخل والعسل، فإنه إذا حلف لا يأكل شيئاً منها فإنه لا يحنث بشربها وحدها. وإذا أكلها مع غيرها فإن استهلكت فيه على الوجه المتقدم بحيث إذا عصر لم ينعصر فلا يحنث، وإلا حنث.
وإذا حلف لا يأكل عنباً فإنه لا يحنث بمصه لأن المص ليس بأكل. وكذا إذا حلف لا يشرب عنباً فإنه لا يحنث بمصه لأن المص ليس بشرب، وكذا إذا حلف لا يأكل رماناً وامتصه ورمى تفله فإنه لا يحنث، وإنما لم يسم هذا شراباً لأن الشرب يتناول المائع وقت إدخاله الفم. أما هذا فقد أدخل الفم جامداً، فلو عصر الفاكهة ثم أدخلها في فيه بعد عصرها فإنه يحنث إذا حلف أن لا يشربها ولو امتصها مصاً، وإذا حلف لا يأكل عنباً فعصره وأكل قشره فإنه يحنث لأن القشر يؤكل ولا يخرجه عصره عن كونه مأكولاً. وإذا حلف لا يأكل هذا السكر فإنه لا يحنث بمصه إلا إذا كان مصر السكر يعد أكلاً في العرف. وإذا حلف لا يذوق هذا الشيء فأكله يحنث إذا مضغه وتحلل منه شيء يستلزم ذوقه، أما إذا ابتلعه ولم يتحلل منه شيء يذاق فإنه لا يحنث، وإذا حلف لا يأكل هذا الشيء فذاقه فإنه لا يحنث لما علمت من أن الأكل إيصال الطعام إلى الجوف. والذوق هو مجرد معرفة طعم الشيء بالفم، وإذا حلف لا يأكل من هذه النخلة فإنه يحنث بالأكل من ثمرها وجمارها ومن كل ما يخرج منها إذا لم يتغير بصنعة جديدة كالعصير إذا أضاف إليه خبزاً أو شيئاً يؤكل فإنه يحنث بأكله على هذا الوجه. لأن العصير لم يطرأ عليه صنعة جديدة، وكذلك يحنث بالعسل الذي يسيل من الرطب لأنه من غير صنعة جديدة، أما إذا طبخ التمر فتغير بالطبخ فإنه لا يحنث بأكله، وكذلك النبيذ والخل والورق بعد طبخه ونحو ذلك مما يحتاج إلى صنعة جديدة فإنه لا يحنث بأكله. وإذا حلف لا يأكل من هذه الشجرة وليس لها ثمر يحنث إذا أكل من شيء يشرى بثمنها.
أما إذا حلف لا يأكل من هذه الشاة فأكل من سمنها أو لبنها فإنه لا يحنث. وكذا إذا حلف لا يأكل العنب فأكل زبيبه أو عصيره فإنه لا يحنث. وإذا حلف لا يأكل هذا الدقيق فإنه يحنث بأكل خبزه. والضابط في ذلك أنه إذا حلف على شيء تؤكل عينه ينصرف يمينه إلى ذلك الشيء والى ما يتولد منه، كما إذا حلف لا يأكل الشاة فإن عينها تؤكل فتنصرف يمينه إليها لا إلى لبنها وسمنها، وإذا حلف على شيء لا تؤكل عينه كالنخلة فإنها لا تؤكل ينصرف يمينه إلى ما يتفرع عنها بشرط أن لا يتغير بصنعة جديدة، وإذا لم يكن له فرع ينصرف يمينه إلى ثمنه، وإذا أكل من عين ما لا يؤكل كما إذا ابتلع شيئاً من أجزاء النخلة ففيه خلاف: فبعضهم يقول: إنه لا يحنث إذا نوى ذلك، وبعضهم يقول: يحنث مطلقاً لأن الحقيقة متعذرة فيجب تركها والعمل بالمجاز كما تقدم.
وإذا حلف لا يأكل من هذه الشجرة فقطع فرعاً منها ووصلة بشجرة أخرى "طعمة" فلا يخلو: إما أن تكون الشجرتان من نوع واحد أو من نوعين مختلفين، فإن كانتا من نوع واحد فإنه لا يحنث بالأكل من ثمر فرع الشجرة المحلوف عليها. لأنه أصبح فرعاً من الشجرة الأخرى في العرف. وإن كانتا من نوعين مختلفين كشجرة تفاح وكمثرى ثم حلف لا يأكل من شجرة التفاح وسمى التفاح ووصل فرعاً منه بشجرة الكمثرى فإنه لا يحنث إذا أكل من ثمر الفرع المسمى، أما إذا لم يسم التفاح بأن قال: لا آكل من هذه الشجرة فإنه لا يحنث بالأكل من ذلك الفرع المأخوذ من شجرة التفاح لشجر الكمثرى. لأنه أصبح من الشجرة الثانية في العرف. وإذا حلف لا يأكل لبناً فصار جبناً فإنه لا يحنث بالأكل منه بعد ذلك. وكذلك لا يحنث بأكله إذا صار رائباً لا يحنث إذا حلف لا يأكل من هذا العنب فصار زبيباً فأكل منه بعد ذلك. وأيضاً إذا حلف لا يأكل عنباً بالتنكير فأكل زبيباً فإنه لا يحنث، كما إذا حلف أن يأكل زبيباً فأكل عنباً وكذا إذا حلف لا يأكل من هذه البيضة فأكل من فراريجها فإنه لا يحنث. وإذا حلف لا يذوق من هذا الخمر فصار خلاً فتعاطاه فإنه لا يحنث. أو لا يأكل من زهرة هذه الشجرة فأكل بعد أن صارت لوزاً أو مشمشاً فإنه لا يحنث. وكذا إذا حلف لا يأكل من هذا البسر "اليابس من البلح" فإنه لا يحنث إذا كلم شيخاً أو أكل كبشاً لأن الكبش لا يسمى حملاً، والصغير لا يسمى شيخاً بخلاف ما إذا قال: والله لا أكلم هذا الصبي أو لا آكل من هذا الحمل بالتعريف، فإنه يحنث إذا كلمه شيخاً أو أكله كبشاً. وقد تقدم في مبحث أصول اليمين الضابط المعتبر في هذا وأمثلته.
وإذا حلف لا يأكل رطباً فأكل ما كان معظمه رطباً وطرفه غير رطب فإنه يحنث. وكذا إذا حلف لا يأكل بسراً فأكل ما كان طرفه رطباً فقط فإنه يحنث، وفي عكس المسألتين خلاف فإذا حلف لا يأكل رطباً فأكل ما كان طرفه رطباً وباقيه بسراً فقيل: يحنث وقيل لا يحنث. وكذا إذا حلف لا يأكل بسراً فأكل ما كان طرفه بسراً وباقيه رطباً.
وإذا حلف لا يشتري رطباً فاشترى عرجوناً فيه رطب ويابس واليابس أكثر فإنه لا يحنث.
وإذا حلف لا يأكل لحماً فإنه لا يحنث بأكل السمك إلا إذا نواه وكان العرف يسميه لحماً وكذلك لا يحنث بأكل المرق إلا إذا نواه أو وجد فيه طعم اللحم فإنه يحنث؛ ويشمل اللحم لحم الإبل والبقر والجاموس والغنم والطيور، سواء أكان مطبوخاً أم مشوياً أم قديداً، ولا يحنث بالنيء على الأظهر. كما إذا حلف لا يأكل لحماً فأكل لحم خنزير أو لحم إنسان فإنه لا يحنث لأنهما لا يؤكلان عرفاً، وإن كان اسم اللحم يطلق على النيء وعلى لحم الخنزير وعلى لحم الإنسان عرفاً ولكن لفظ أكل لا ينصرف إليهما في العرف فلا يحنث بهما، ولا يشمل اللحم الكرش والكبد والطحال إلا إذا كانت تسمى لحماً فلا يحنث بشرائهما. وإذا حلف لا يأكل لحماً فإنه يحنث بالأكل منهما على الأصح، لأنه في الأول لا يقال: اشتري لحماً في العرف بل اشتري رأساً وأكارع وفي الثاني يقال في العرف: إنه أكل لحماً لأن الرأس تشمل اللحم وغيره.
وإذا حلف لا يأكل لحم بقر لا يحنث بأكل لحم الجاموس على الصحيح. وكذا إذا حلف لا يأكل لحم شاة فأكل لحم عنز فإنه لا يحنث، وإذا حلف لا يأكل شحماً "دهناً" فإنه يحنث بشحم البطن والأمعاء اتفاقاً. أما الشحم الذي على اللحم "وهو اللحم السمين" فإنه لا يحنث بأكله على الأظهر. وكذا لا يحنث بأكل الألية "اللية" لأنها لا تسمى شحماً كما لا تسمى لحماً، فإذا حلف لا يأكل لحماً لا يحنث بالأكل منها. وكذا إذا حلف لا يشتري لحماً فإنه لا يحنث بشرائها وإذا حلف لا يأكل حنطة ففي المسألة ثلاث صور. أحدها من يقول هذه الحنطة ويشير لصبرة من القمح فإنه لا يحنث إلا إذا أكلها بليلة أو مقلاة بالنار؛ أما إذا أكل دقيقها أو سويقها أو خبزها أو أكلها نيئة فإنه لا يحنث إلا إذا نواه فإنه يحنث بالنية. ثانيها أن يقول: هذه بدون لفظ حنطة فإنه يحنث بالأكل من عينها ولو نيئة كما يحنث بالأكل من خبزها، لأن الإشارة إذا وجدت بدون تسمية تعتبر فيها ذات المشار إليه، سواء بقيت على حالها أو حدث لها اسم آخر.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 37.25 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.66%)]