عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 15-03-2024, 11:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,996
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان


فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ32 الى صــ33
(6)


الصيام في السفر
مسألة : قال : وإذا سافر ما يقصر فيه الصلاة فلا يفطر حتى يترك البيوت وراء ظهره
وجملة ذلك أن للمسافر أن يفطر في رمضان وغيره بدلالة الكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب فقول الله تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } وأما السنة ف [ قول النبي صلى الله عليه و سلم إن الله وضع عن المسافر الصوم ] رواه النسائي و الترمذي وقال حديث حسن في أخبار كثيرة سواه وأجمع المسلمون على إباحة الفطر للمسافر في الجملة وإنما يباح الفطر في السفر الطويل الذي يبيح القصر وقد ذكرنا قدره في الصلاة ثم لا يخلو المسافر من ثلاثة أ
حوال
أحدها : أن يدخل عليه شهر رمضان في السفر فلا نعلم بين أهل خلافا في إباحة الفطر له


الثاني : أن يسافر في أثناء الشهر ليلا فله الفطر في صبيحة الليلة التي يخرج فيها وما بعدها في قول عامة أهل العلم وقال عبيدة السلماني وأبو مجلز وسويد بن غفلة : لا يفطر من سافر بعد دخول الشهر لقول الله تعالى { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وهذا قد شهده
ولنا قول الله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } وروى ابن عباس قال : [ خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم عام الفتح في شهر رمضان فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر وأفطر الناس ] متفق عليه ولأنه مسافر فأبي
ع له الفطر كما لو سافر قبل الشهر والآية تناولت الأمر بالصوم لمن شهد الشهر كله وهذا لم يشهده كله


الثالث : أن يسافر في أثناء يوم من رمضان فحكمه في اليوم الثاني كمن سافر ليلا وفي إباحة فطر اليوم الذي سافر فيه عن أحمد روايتان : أحدهما له أن يفطر وهو قول عمرو بن شرحبيل والشعبي وإسحاق وداود وابن المنذر لما روى عبيد بن جبير قال : ركبت مع أبي بصرة الغفاري سفينة من الفسطاط في شهر رمضان فدفع ثم قرب غداءه فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة ثم قال اقترب فقلت ألست ترى البيوت ؟ قال أبو بصرة : أترغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ فأكل رواه أبو داود ولأن السفر معنى لو جد ليلا واستمر في النهار لأباح الفطر فإذا وجد في أثنائه أباحه كالمرض ولأنه أحد الأمرين المنصوص عليهما في إباحة الفطر بهما فأباحه في أثناء النهار كالآخر والرواية الثانية لا يباح له فطر ذلك اليوم وهو قول مكحول والزهري ويحيى الأنصاري ومالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي لأن الصوم عبادة تختلف بالسفر والحضر فإذا اجتمعا فيه غلب حكم الحضر كالصلاة والأول أصح للخبر ولأن الصوم يفارق الصلاة فإن الصلاة يلزم إتمامها بنيته بخلاف الصوم


إذا ثبت هذا فإنه لا يباح له الفطر حتى يختلف البيوت وراء ظهره يعني أنه يجاوزها ويخرج من بين بنيانها وقال الحسن يفطر في بيته إن شاء يوم يريد أن يخرج وروي نحوه عن عطاء قال ابن عبد البر : قول الحسن قول شاذ وليس الفطر لأحد في الحضر في نظر ولا أثر وقد روي عن الحسن خلافه وقد روى محمد بن كعب قال : أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد السفر وقد رحلت له راحلته ولبس ثياب
السفر فدعا بطعام فأكل فقلت له سنة ؟ فقال سنة ؟ فقال سنة ثم ركب قال الترمذي : هذا حديث حسن
ولنا قول الله تعالى : { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وهذا شاهد ولا يوصف بكونه مسافرا حتى يخرج من البلد ومهما كان في البلد فله أحكام الحاضرين ولذلك لا يقصر الصلاة فأما أنس فيحتمل أنه قد كان برز من البلد خارجا منه فأتاه محمد بن كعب في منزله ذلك


فصل : وإن نوى المسافر الصوم في سفره ثم بدا له أن يفطر فله ذلك واختلف قول الشافعي فيه فقال مرة لا يجوز له الفطر وقال مرة أخرى إن صح حديث الكديد لم أر به بأسا أن يفطر وقال مالك : إن أفطر فعليه والكفارة لأنه أفطر في صوم رمضان فلزمه ذلك كما لو كان حاضرا
ولنا حديث ابن عباس وهو حديث صحيح متفق عليه وروى جابر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج عام الفتح فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس معه فقيل له إن الناس قد شق عليهم الصيام وإن الناس ينظرون ما فعلت فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون فأمطر بعضهم وصام بعضهم فبلغ أن ناسا صاموا فقال : أولئك العصاة رواه مسلم وهذا نص صريح لا يعرج على من خالفه إذا ثبت هذا فإن له أن يفطر بما شاء من أكل وشرب وغيرهما إلا الجماع هل له أن يفطر به أم لا ؟ فإن أفطر بالجماع ففي الكفارة روايتان : الصحيح منهما أنه لا كفارة عل
يه وهو مذهب الشافعي


والثانية : يلزمه كفارة لأنه أفطر بجماع فلزمته كفارة كالحاضر
ولنا أنه صوم لا يجب المضي فيه فلم تجب الكفارة بالجماع فيه كالتطوع وفارق الحاضر الصحيح فإنه يجب عليه المضي في الصوم وإن كان مريضا يباح له الفطر فهو كالمسافر ولأنه يفطر بنية الفطر فيقع الجماع بعد حصول
الفطر فأشبه ما لو أكل ثم جامع ومتى أفطر المسافر فله فعل جميع ما ينافي الصوم من الأكل والشرب والجماع وغيره لأن حرمتها بالصوم فتزول بزواله كما لو زال بمجيء الليل
فصل : وليس للمسافر أن يصوم في رمضان عن غيره كالنذر والقضاء لأن الفطر أبيح رخصة وتخفيفا عنه فإذا لم يرد التخفيف عن نفسه لزمه أن يأتي بالأصل فإن نوى صوما غير رمضان لم يصح صومه لا عن رمضان ولا عما نواه ه
ذا الصحيح في المذهب وهو قول أكثر العلماء وقال أبو حنيفة : يقع ما نواه إذا كان واجبا لأنه زمن أبيح له فطره فكان له صومه عن واجب عليه كغيره شهر رمضان
ولنا أنه أبيح له الفطر للعذر فلم يجز له أن يصومه عن غير رمضان كالمريض وبهذا ينتقض ما ذكروه وينقض أيضا بصوم التطوع فإنهم سلموه قال صالح : قيل لأبي من صام شهر رمضان وه ينوي به تطوعا يجزئه ؟ قال : أو يفعل هذا مسلم ؟




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.80 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.07%)]