عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 28-10-2020, 04:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي قتلت بخنجر الغفلة

قتلت بخنجر الغفلة

( قصة قصيرة )



د. أحمد أبو اليزيد

البارحة استيقظت على وخزٍ شديد في الضمير، انتفضت بسرعة لأتفقد ضميري العائد من رحلة الأنين، فوجدتُ الأمر جد خطير، ما الخطب، ما الأمر؟ لا أتلقى إلا آهات متقطعة تصدُرُ متلفحة ببكاء وشجون، آثَرْتُ ألا أثقل على ضميري المسكين، وتركته كي يستريح حتى الصباح، ومع إشراقة الشمس، ذهبتُ أتفقدُ ضميري فوجدتُه ما زال قابعًا بلا حراك، تركته وذهبت للعمل سريعًا؛ فاليوم يوم حافل بالبيع والشِّراء.

انطلقتُ مسرعًا بسيارتي ولم آبَهْ لإشارة المرور الحمراء، ولأن الطقس كان ممطرًا؛ لم أستطع أن أتفادى تلك البرك المائية، فتطايرَتْ مني عن غير قصدٍ على ثياب عامل النظافة، وتأثرتُ له، فقالت لي ذاتي: لا بأس، ما هو إلا عامل نظافة!

وفي العمل، استهللتُ عملي بتحيةٍ لرئيسي، ولم أنسَ تلك المجاملات الجميلة، فجأةً دخَل زميلي، ولَمَّا غادر ذكرتُ عن غير قصدٍ لرئيس العمل الخطأَ الفادح الذي وقَع فيه زميلي بالأمس.

بدأ العمل وكان يومًا محتدمًا، فاضطررتُ أن أعطي الموظف الحكومي قليلاً من المال حتى يسرع في عمله قليلاً، ومن حسن الحظ أننا فُزْنا في ذلك اليوم بالمناقصة، هذا فقط لأننا كنا الأفضل.

بعد العمل عدتُ سعيدًا بهذا النصر المبين الذي جاء تتويجًا لجهودي، إلا أن ما عكَّر صفو فرحتي وأحزنني أن زميلي أُجبِر على تركِ العمل بعد مناقشةٍ حادةٍ مع رئيس العمل، لستُ أدري ما السبب؟!

ولأني كنت سعيدًا بما أنجزَتْه يداي من عمل، أحببت أن أقضيَ وقتًا مع أصدقاء الماضي، فمررت على النادي، وكانت ليلةً حافلةً بالغناء والطَّرَب، عدتُ إلى منزلي، فتذكرت ضميري العزيز، تفقدتُه مرةً أخرى، فوجدتُه ما زال قابعًا بلا حراك.

ضميري الحبيب: رُدَّ علي، جاوبني، صمتٌ مُطبِق، مات ضميري الحي، مات النور الذي كنت أُبصِرُ به.

حملتُه ووضعته على السرير، فسقطت ورقة من جيبه، فتحتها... فإذا بها: قُتِلْتُ بخَنْجَرِ الغفلةِ.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.93 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.04%)]