عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 15-08-2020, 04:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,626
الدولة : Egypt
افتراضي إمام عدل وشاب نشأ في عبادة الله

إمام عدل وشاب نشأ في عبادة الله
الشيخ عبدالرحمن بن فهد الودعان الدوسري






عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عدل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلَّق في المساجد، ورجلانِ تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شِماله ما تُنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه))؛ متفق عليه[1].

يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: في اليوم العصيب الذي تقرب فيه الشمس من الخلائق، وحيث لا يوجد ما يستظل به الناس، فإن الله تعالى يكرم من استقام على دِينه، واتصف بصفات المقربين منه - المذكورة في هذا الحديث - بأن يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فحري بالمسلم أن يحرص على الاتصاف بما يمكن من هذه الصفات الفاضلة؛ لعله أن يكون ممن يختصه الله تعالى يوم القيامة بهذه الفضيلة العظيمة.

الفائدة الثانية: الإمام العادل له أثرٌ كبيرٌ في تنشئة أمته على الخير؛ فهو إذا أقام العدل بين الرعية أعانهم على طاعة الله تعالى، وكان لذلك أثرٌ في رغبتهم في الخير، والناس - كما قيل - على دِين ملوكهم[2]، فإذا استقام الولاة استقامت الرعية، وتأثروا بهم، وإذا فسد الرعاة فسدت الرعية، قالت امرأة لأبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية؟ قال: بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتُكم[3]،قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى -: لأن الناس على دِين ملوكهم؛ فمن حاد من الأئمة عن الحال، مالَ وأمال[4]،وقال العَيني - رحمه الله تعالى -: إذ باستقامتهم تقام الحدود، وتؤخذ الحقوق، ويوضع كل شيء في موضعه[5]؛ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لهرقل - لما كتب إليه يدعوه للإسلام -: ((فإن توليتَ، فإن عليك إثم الأريسيين))[6]، يعني: المزارعين؛ لأنه بذلك يصدهم عن الحق.

الفائدة الثالثة: العدل صفة حميدة، قد أمر الله تعالى بها في كل شيء؛ فقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]، وخصَّ من وَلِيَ شيئًا من أمر الناس فحكَم فيه أن يحكم بالعدل، فقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58]، ووعَد النبي صلى الله عليه وسلم من لزم العدل في ولايته أو بين أهله بفضل عظيم؛ فروى عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن المقسِطين عند الله على منابرَ من نور، عن يمين الرحمن عز وجل - وكلتا يديه يمين - الذين يعدِلون في حُكمهم، وأهليهم، وما وَلُوا))؛ رواه مسلم[7]، وأخص هؤلاء جميعًا مَن وَلِيَ الإمامة العظمى على المسلمين؛ فقد وعده النبي صلى الله عليه وسلم إذا عدل في حكمه أن يكون في ظل عرش الله تعالى، يوم لا ظل إلا ظله، ففيه حث على العدل بين الرعية، وترغيب في اجتناب الظلم.


[1] رواه البخاري في كتاب الزكاة، باب الصدقة باليمين 2/ 517 (1357)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة 2/ 715 (1031).

[2] ليس هذا حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما هو قول يقال، وحكمة تنقل؛ (ينظر: المقاصد الحسنة للسخاوي ص 441، والأسرار المرفوعة في الأحاديث الموضوعة 1/ 367).

[3] رواه البخاري في كتاب فضائل الصحابة، باب أيام الجاهلية 3/ 1393 (3622).


[4] فتح الباري 7/ 151.

[5] عمدة القاري 16/ 291.

[6] رواه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 1/ 3 (7)، ومسلم في كتاب الجهاد والسير، باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام 3/ 1396 (1773)، والأريسيون: المزارعون وعامة الناس، والمعنى أن عليه إثمهم؛ لأنهم يهتدون إذا اهتدى، ويَضلُّون إذا ضلَّ واختار طريق الكفر والغَواية.

[7] رواه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر 3/ 1458 (1827).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.21 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (3.30%)]