عرض مشاركة واحدة
  #171  
قديم 11-12-2011, 03:55 PM
الصورة الرمزية الدكتور مؤمن
الدكتور مؤمن الدكتور مؤمن غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
مكان الإقامة: مصراوى
الجنس :
المشاركات: 895
الدولة : Egypt
افتراضي الحديث رقم 164


سلسلة الأحاديث الصحيحة ــ المجلد الأول

للشيخ الإمام المحدث
محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى

الحديث رقم 164

" كان صلى الله عليه وسلم في غزو تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر إلى أن يجمعها إلى العصر فيصليهما جميعاً , وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس عجل العصر إلى الظهر , وصلى الظهر والعصر جميعاً , ثم سار وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء , وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب " .

قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 263 :
أخرجه أبو داود ( 1220 ) والترمذي ( 2 / 438 ) والدارقطني ( 151 ) والبيهقي ( 3 / 163 ) وأحمد ( 5 / 241 - 242 ) كلهم من طريق قتيبة بن سعيد حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن # معاذ بن جبل # مرفوعاً . وقال أبو داود : " لم يرو هذا الحديث إلا قتيبة وحده " .
قلت : وهو ثقة ثبت فلا يضر تفرده لو صح , ولذلك قال الترمذي : " حديث حسن غريب تفرد به قتيبة , لا نعرف أحداً رواه عن الليث غيره " .
وقال في مكان آخر : " حديث حسن صحيح " .
قلت : وهذا هو الصواب . فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين وقد صححه ابن القيم وغيره , وأعله الحاكم وغيره بما لا يقدح كما بينته في " إرواء الغليل " ( 571 ) , وذكرت هناك متابعاً لقتيبة وشواهد لحديثه يقطع الواقف عليها بصحته .
ورواه مالك ( 1 / 143 / 2 ) من طريق أخرى عن أبي الطفيل به بلفظ : " أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك , فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر , والمغرب والعشاء , قال : فأخر الصلاة يوماً , ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعاً , ثم دخل , ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعاً " .
ومن طريق مالك أخرجه مسلم ( 7 / 60 ) وأبو داود ( 1206 ) والنسائي ( 1 / 98 ) والدارمي ( 1 / 356 ) والطحاوي ( 1 / 95 ) والبيهقي ( 3 / 162 ) وأحمد ( 5 / 237 ) , وفي رواية لمسلم ( 2 / 152 ) وغيره من طريق أخرى : " فقلت : ما حمله على ذلك ? قال : أراد ألا يحرج أمته " .
فقه الحديث
فيه مسائل :
1 - جواز الجمع بين الصلاتين في السفر ولو في غير عرفة ومزدلفة , وهو مذهب جمهور العلماء . خلافاً للحنفية , وقد تأولوه بالجمع الصوري أي بتأخير الظهر إلى قرب وقت العصر , وكذا المغرب مع العشاء , وقد رد عليهم الجمهور من وجوه :
أولاً : أنه خلاف الظاهر من الجمع .
ثانياً : أن الغرض من مشروعيته التيسير ورفع الحرج كما صرحت بذلك رواية مسلم , ومراعاة الجمع الصوري فيه الحرج كما لا يخفى .
ثالثاً : أن في بعض أحاديث الجمع ما يبطل دعواهم كحديث أنس ابن مالك بلفظ : " أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ثم يجمع بينهما " . رواه مسلم ( 2 / 151 ) وغيره .
رابعاً : ويبطله أيضاً جمع التقديم الذي صرح به حديث معاذ هذا " وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس عجل العصر إلى الظهر " . والأحاديث بهذا المعنى كثيرة كما سبقت الإشارة إلى ذلك .
2 - وأن الجمع كما يجوز تأخيراً , يجوز تقديماً , وبه قال الإمام الشافعي في " الأم " ( 1 / 67 ) وكذا أحمد وإسحاق كما قال الترمذي ( 2 / 441 ) .
3 - وأنه يجوز الجمع في حال نزوله كما يجوز إذا جد به السير , قال الإمام الشافعي في " الأم " بعد أن روى الحديث من طريق مالك : " وهذا وهو نازل غير سائر , لأن قوله " دخل " ثم خرج " لا يكون إلا وهو نازل فللمسافر أن يجمع نازلاً وسائراً " .
قلت : فلا يلتفت بعد هذا النص إلى قول ابن القيم رحمه الله في " الزاد " ( 1 / 189 ) : " ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم الجمع راكباً في سفره كما يفعله كثير من الناس , ولا الجمع حال نزوله أيضاً " .
وقد اغتر بكلامه هذا بعض إخواننا السلفيين في بعض الأقطار , فلذلك وجب التنبيه عليه .
ومن الغريب أن يخفى مثل هذا النص على ابن القيم رحمه الله مع وروده في الموطأ وصحيح مسلم وغيرهما من الأصول التي ذكرنا , ولكن لعل الغرابة تزول إذا تذكرنا أنه ألف هذا الكتاب " الزاد " في حالة بعده عن الكتب وهو مسافر , وهذا هو السبب في وجود كثير من الأخطاء الأخرى فيه , وقد بينت ما ظهر لي منها في " التعليقات الجياد على زاد المعاد " .
ومما يحمل على الاستغراب أيضاً أن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله صرح في بعض كتبه بخلاف ما قال ابن القيم رحمه الله , فكيف خفي عليه ذلك وهو أعرف الناس به وبأقواله ? قال شيخ الإسلام في " مجموعة الرسائل والمسائل " ( 2 / 26 - 27 ) بعد أن ساق الحديث : " الجمع على ثلاث درجات , أما إذا كان سائراً في وقت الأولى , فإنما ينزل في وقت الثانية , فهذا هو الجمع الذي ثبت في الصحيحين من حديث أنس وابن عمر , وهو نظير جمع مزدلفة , وأما إذا كان وقت الثانية سائراً أو راكباً فجمع في وقت الأولى , فهذا نظير الجمع بعرفة وقد روي ذلك في السنن ( يعني حديث معاذ هذا ) وأما إذا كان نازلاً في وقتهما جميعاً نزولاً مستمراً , فهذا ما علمت روي ما يستدل به عليه إلا حديث معاذ هذا , فإن ظاهره أنه كان نازلاً في خيمته في السفر , وأنه أخر الظهر ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعاً ثم دخل إلى بيته , ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعاً , فإن الدخول والخروج إنما يكون في المنزل , وأما السائر فلا يقال : دخل وخرج , بل نزل وركب .
وتبوك هي آخر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم , ولم يسافر بعدها إلا حجة الوداع , وما نقل أنه جمع فيها إلا بعرفة ومزدلفة . وأما بمنى فلم ينقل أحد أنه جمع هناك , بل نقلوا أنه كان يقصر الصلاة هناك , وهذا دليل على أنه كان يجمع أحياناً في السفر , وأحياناً لا يجمع , وهو الأغلب على أسفاره أنه لم يكن يجمع بينهما . وهذا يبين أن الجمع ليس من سنة السفر كالقصر , بل يفعل للحاجة سواء أكان في السفر أو في الحضر , فإنه قد جمع أيضاً في الحضر لئلا يحرج أمته .
فالمسافر إذا احتاج إلى الجمع جمع , سواء أكان ذلك لسيره وقت الثانية أو الأولى وشق النزول عليه , أو كان مع نزوله لحاجة أخرى مثل أن يحتاج إلى النوم والاستراحة وقت الظهر ووقت العشاء , فينزل وقت الظهر وهو تعبان سهران جائع يحتاج إلى راحة وأكل ونوم , فيؤخر الظهر إلى وقت العصر ثم يحتاج أن يقدم العشاء مع المغرب وينام بعد ذلك ليستيقظ نصف الليل لسفره , فهذا ونحوه يباح له الجمع . وأما النازل أياماً في قرية أو مصر وهو في ذلك المصر , فهذا وإن كان يقصر لأنه مسافر فلا يجمع , كما أنه لا يصلي على الراحلة ولا يصلي بالتيمم ولا يأكل الميتة . فهذه الأمور أبيحت للحاجة , ولا حاجة به إلى ذلك بخلاف القصر فإنه سنة صلاة السفر " .



يتبع
الحديث التالي إن شاء الله تعالى
__________________






رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.92 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.91%)]