عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 23-02-2022, 08:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان


شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 161الى صــ 175
(10)
المجلد الاول
كتاب الصيام



فإن صام ثلاثين يوماً, وكان شهره تامّاً أو ناقصاً, أو صام تسعة وعشرين, وكان شهره ناقصاً؛ أجزأه.
وإن صام تسعة وعشرين من شهرين, وكان شهره تامّاً؛ فعليه صيام واحد.
فإن صام شهراً هلاليّاً ناقصاً؛ أجزأه عن الكامل في أحد الوجهين. قاله القاضي. وفي الآخر: لا يجزيه. قاله أبو محمد؛ لأنه قد وجب في ذمته ثلاثون يوماَ, فوجب أن يقضيها بعدتها كالمريض والمسافر إذا أفطرا.
ولو عين اليوم الذي يصومه أو الشهر أو العام, وغلط في وقته, مثل أن يكون عليه رمضان سنة ست, فينويه يقصد به سنة خمس, أو يكون عليه يوم الاثنين, فيقصد ما عليه يعتقده يوم الأحد ونحو ذلك؛ أجزأه؛ لأنه قصد الواجب, وإنما أخطأ في وقته.
* فصل:
وإذا رأى الهلال بعد زوال الشمس فهو لِلَّيلة المقبلة.

وعنه إن رئي قبل الزوال فكذلك في إحدى الروايات. اختارها الخرقي, وفي الأخرى هو لليلة ماضية, فإن كانت الرؤية أول الشهر أمسكوا وقضوا, وإن كانت آخر الشهر أفطروا وعيَّدوا, لأن وقت العيد باق, نقلها هارون بن عبد الله, وهذا اختيار أبي بكر وابن عقيل, وذكره أبو بكر عن ابن مسعود.
141 - وقد روي عن إبراهيم: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى عتبة بن فرقد: «إذا رأيتم الهلال في آخر النهار؛ فأتموا صومكم؛ فإنه لليلة المقبلة, وإذا رأيتموه في أول النهار؛ فأفطروا؛ فإنه لليلة الماضية». رواه

142 - وعن. . .؛ قال: «كتب عمر إلى سعد وإلى أهل جلولاء: أن إذا رأيتم الهلال في الصوم من آخر النهار؛ فلا تفطروا, وإذا رأيتموه في أول النهار؛ فأفطروا؛ فإنه كان بالأمس». ذكره سيف في الفتوح.
ولأنه. . . .
وفي الثالثة: إن رئي قبل الزوال في أول الشهر؛ فهو لليلة الماضية فيمسك ويقضي, وإن رئي كذلك في آخر الشهر؛ فهو للمقبلة, فيتم صومه احتياطاً للصوم في الطرفين. نقلها الأثرم والميموني.
ولفظ الأثرم: «رؤية الهلال قبل أو بعد في الصوم يصومون هو أحوط, وأما في الفطر؛ فلا يفطرون».
وهذا يقتضي أنه إذا رئي بعد الزوال في أول الشهر يكون للماضية.
ونقل عنه حرب أيضاً أنه إذا رئي قبل الزوال في آخر الشهر لا يفطرون.
143 - لما روى أبو وائل؛ قال: «كنا مع عتبة بن فرقد في أناس بالجبل, فرأينا هلال شوال نهاراً فأفطرنا, فكتب في ذلك إلى عمر بن الخطاب, فكتب عمر: الأهلة بعضها أعظم من بعض, فإذا أصبحتم صياماً؛ فلا تفطروا حتى تمسوا؛ إلا أن يشهد رجلان مسلمان؛ يشهد [أن] أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أن محمداً عبده ورسوله: أنهما أهلاه بالأمس عشيّاً». رواه إسحاق ابن راهويه وسعيد وغير [هما] بإسناد صحيح.
وقال أحمد في رواية عبد الله عن أبي وائل: «أتانا كتاب عمر ونحن بخانقين: أن الأهلة بعضها أعظم من بعض؛ فإذا رأيتم الهلال من أول النهار؛ فلا تفطروا, حتى يشهد شاهدان أنهما رأياه بالأمس».
144 - وعن القاسم بن عبد الرحمن: قال عبد الله: «إذا رأيتم الهلال نهارا؛ فلا تفطروا؛ فإنما مجراه في السماء, ولعله أن يكون قد أهلّ ساعتئذٍ, وإنما الفطر الغد من يوم يرى الهلال».

145 - وعن ابن عمر؛ قال: «لا تفطروا حتى تروه من حيث يُرى».
وقد تقدم عن أنس: أنهم رأوا الهلال عند صلاة الظهر أو قريبا منها, فقال: «أنا متم صومي إلى الليل». رواهن سعيد.
وعن ابن عباس. . . .
قال إسحاق: «قد صح عن عمر أن الأهلة بعضها أعظم من بعض ظهوراً, فإذا أصبحتم صياماً؛ فما لم يشهد مسلمان أنهما أهلاَّه بالأمس عشياً فلا تفطروا».
فهذا الحق إن شاء الله, وهو الذي نعتمد عليه, وهو أكثر في الروايات.
فهذه الآثار في آخر الشهر, ولأن صوم يوم الثلاثين قد دخلوا فيه, والهلال يجوز أن يكون هلال الليلة التي قبله وهلال الليلة التي بعده؛ فلا يجوز الفطر مع الشك؛ بخلاف ما إذا رئي في أول الشهر؛ فإنه يصام احتياطاً؛ كما يصام بقول واحد, ويصام مع الغيم, ولأن الهلال المرئي قبل الزوال يجوز أن يكون للماضية, ويجوز أن يكون للمستقبلة؛ كما يجوز أن يكون. . . .
ووجه الأول: ما علل به عمر رضي الله عنه من قوله: «إن الأهلة بعضها أعظم من بعض» , وما علل به ابن مسعود من قوله: «لعله أن يكون قد أهل ساعتئذٍ».
فإن هذا يعم أول الشهر وآخره, ولأن ما لا يكون هلالاً في آخر الشهر لا يكون هلالاً في [أوله]؛ كما لو رئي بعد الزوال, ولأن التفريق بين رؤيته قبل الزوال وبعده لا يستند إلى كتاب ولا سنة ولا عادة مطردة, ولأن رؤيته نهاراً بمنزلة رؤيته في الليل [كثيراً]؛ فإن ما يُرى نهاراً كبيراً, وما يرى كبيراً هو الذي يرى نهاراً, ولا يجوز الاستدلال بكبره على أنه ابن ليلتين؛ فلا يجوز الاستدلال بظهوره نهارا على انه ابن الليلة الماضية.

146 - لما روى طلحة بن أبي حدرد؛ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أشراط الساعة أن يروا الهلال يقولون: ابن ليلتين». رواه البخاري في «تاريخه».
147 - وعن أبي هريرة؛ قال: «من أشراط الساعة أن يُرى الهلال الليلة, فيقول القائل: إنه لابن ليلتين». رواه سعيد الأشج.
ولأن هلاله. . . .
فعلى هذا إذا رئي قبل الزوال يكون يوم شك فيكره صومه.
وإذا رأى الهلال ودام إلى مغيب الشفق؛ فهل يستبين بذلك أنه ابن ليلتين فيقضي اليوم الذي قبله؟. . . .
وإذا رأى آخر الليل, ثم أخبر مخبر في المستقبلة أنه رآه؛ علم كذبه.
* فصل:
وإذا رأى الهلال أهل بلد؛ لزم سائر البلدان الصوم, وإن لم يروه.

قال أصحابنا: سواء كان البلدين متقاربين لا يختلف مطالع الهلال فيهما أو متباعدين يختلف.
قال أحمد في رواية أبي طالب: إذا رأى أهل المصر الهلال, ولم نره نحن, ولم يكن سحابة في السماء, فصاموا أولئك وأفطرنا؛ نقضي يوماً, والنبي صلى الله عليه وسلم قَبِل أولئك الذين جاؤوه وقالوا رأيناه, ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم رآه.
148 - وذلك لما احتج به أحمد, وهو ما روى أبو عمير بن أنس؛ قال:أخبرني عمومة لي من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ قالوا: «غُمِّ علينا هلال شوال, فأصبحنا صياماً, فجاء ركب من آخر النهار, فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنهم رأوا الهلال بالأمس, فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطروا ثم يخرجوا لِعيدهم من الغد». رواه الخمسة إلا الترمذي, وقد تقدم عن ربعي بن حراش عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

فهؤلاء قوم قد رأوا الهلال في غير المدينة, وبينهم وبينها نحو من يومين؛ لأن شهادتهم كانت آخر النهار, والمطالع قد تختلف في الأمكنة المتقاربة, ولأن حكم البلدين في هذه الرؤية حكم البلد الواحد؛ بدليل انقضاء الأجل وحلول الدين وغير ذلك؛ فلذلك يجب أن يكون في باب الصوم, ولأنه لو لم يكن حكم البلاد في ذلك واحداً؛ لكان يجب أن يجد ما تختلف به المطالع بحدٍّ مضبوط, وليس في ذلك حد مضبوط؛ لأن رؤية الهلال قد تكون تارة لارتفاع المكان, وتارة لصفاء الهواء, وتارة لزوال المانع, وتارة لِحدَّةِ البصر, ثم ذلك أمر يحتاج إلى حساب, ونحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب, فوجب أن نجعل الرؤية واحدة.
فإن قيل: طلوع الهلال يختلف باختلاف الأمكنة, فوجب أن يكون لكل قوم حكم أنفسهم؛ كطلوع الشمس وغروبها.
قيل: طلوع الشمس وغروبها يتكرر في كل يوم, ويشق مراعاته, ويلحق المشقة في اعتبار طلوعه وغروبه؛ بخلاف الهلال, ولهذا يختلف ذلك بارتفاع المكان وانخفاضه, حتى يفطر من يكون في الوادي, وإن لم يفطر م نْ هو في أعلى الجبل, والهلال بخلافه. . . ولأنه مطالعه تختلف إما با. . . .
وقد قال ابن عبد البر في البلاد المتباعدة جدّاً. . . .
149 - فإن قيل: قد روى كريب مولى ابن عباس: «أن أم الفضل بعثته إلى معاوية بالشام. قال: فقدمت الشام, فقضيت حاجتي, واستهل عليَّ رمضان وأنا بالشام, فرأيت الهلال يوم الجمعة, ثم قدمت بالمدينة في آخر الشهر, فسألني عبد الله بن عباس, ثم ذكر الهلال, فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم, ورآه الناس, وصاموا, وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت, فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: أولا تكتفي برؤية معاوية؟ فقال: لا؛ هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم». رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه.
قيل: ابن عباس أخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن لا يفطروا في مثل هذه الواقعة, ولم يذكر لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد يكون ذلك لأن كريباً هو الذي أخبرهم بالرؤية المتقدمة وحده, وقد أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطروا بشهادة اثنين؛ لأنهم لو علموا بخبره؛ لأفطروا وليس فيه تعرض لقضاء ذلك اليوم, وشهادة الواحد إنما تقبل في الهلال إذا اقتضت الصوم أداءً أو قضاءً, فأما إذا اقتضت الفطر؛ فلا.
ويجوز أن يكون ذك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يصوموا لرؤيته ويفطروا لرؤيته, ولا يفطروا حتى يروه ويكملوا العدة؛ كما قد رواه ابن عباس وغيره مفسراً, فاعتقد ابن عباس أن أهل كل بلد يصومون حتى يروه أو يكملوا العدة وقد تقدم عنه صلى الله عليه وسلم ما يبين أنه قصد رؤية بعض الأمة في الجملة؛ لأن الخطاب لهم, وهذا عمل برؤية قوم في غير مصره.
يوضح ذلك. . . .
150 - فإن قيل: فقد روى ابن المظفر عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا اختلفت أعيادهم, فضحى أهل كل بلد خلاف هذا البلد, وأهل هذا البلد خلاف أهل هذا البلد». قال: «يا عائشة! عيد كل قوم يوم يعيدون».

قيل: قوله: «عيد كل قوم يوم يعيدون»؛ كقوله: «صومكم يوم تصومون, وفطركم يوم تفطرون, وأضحاكم يوم تضحون» , وذلك لا يمنع وقوع الخطأ في الهلال؛ فإنه قد يفطر الناس بعد الرؤية بيوم أو قبلها إذا شهد به شاهد, وإنما المقصود به أن الحكم مبني على ما ظهر, وأن العيد هو الاجتماع للصلاة والنسك؛ ففي أي يوم حصل هذا؛ فهو يوم عيد, واليوم الذي يخلو عن هذا ليس يوم عيد, وإن كان عاشر الشهر.
فيفيد هذا أن أهل مكة إذا اخطؤوا فوقفوا في الثامن أو العاشر؛ صح نسكهم, وأما سائر الأمصار إذا رأى الهلال أهل بلد, ولم يره الآخرون إلا بعد يوم؛ فأكثر ما فيه أنهم أخروا التضحية إلى ثاني النحر, وذلك جائز, والحديث لم يجئ إلا في عيد النحر, ثم لو عيد قوم اليوم, وآخرون غداً؛ لم يكن فيه إلا صوم يوم خطأ, وذلك لا محذور فيه؛ بخلاف الخطأ في فطر يوم؛ فإنه يوجب القضاء.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.54%)]