عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 15-02-2022, 08:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان



شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 40الى صــ 55
(2)
كتاب الصيام




فإذا جمع بين هذا كله؛ كبر ثلاثاً, ثم هلل ثلاثاً, ثم قال: هلال خير ورشد؛ ثلاثاً, ثم قال: هلال خير ورشد؛ ثلاثاً, ثم قال آمنت بالذي خلقك فسواك فعدلك؛ ثلاثاً, ثم قال: الحمد لله الذي جاء بشهر كذا وذهب بشهر كذا, اللهم! أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام.
29 - وأما رمضان؛ فقد روي عن أبي جناب الكلبي؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا رمضان قد جاء؛ فقولوا: اللهم! سلمه لنا وسلمنا له في يسر وعافية وتقبله منا». رواه عباد بن يعقوب الأسدي.
30 - وعن يحيى بن أبي كثير؛ قال: «كان من دعائهم: اللهم! سلمني لرمضان, وسلم لي رمضان, وتسلمه مني متقبلاً». رواه محمد بن كثير عن الأوزاعي عنه.
31 - وعن أبي جعفر الباقر؛ قال: «كان إذا أهل رمضان؛ قال: اللهم أهله علينا بالسلامة, والإسلام, ودفع الأسقام, والعون على الصلاة والصيام, والرزق الواسع, والعفو والعافية, اللهم! سلمه لنا وسلمنا له». رواه عباد بن يعقوب.

* الفصل الثاني:
أنه يجب على كل مسلم عاقل بالغ قادر- فيدخل في هذا المقيم والمسافر, والصحيح والمريض, والطاهر والحائض, والمغمى عليه - فإن هؤلاء كلهم يجب عليهم الصوم في ذِمَمِهم, بحيث يخاطبون بالصوم ليعتقدوا الوجوب في الذمة, والعزم على الفعل, إما أداءً وإما قضاءً, ثم منهم من يخاطب بالفعل في نفس الشهر أداءً, وهو الصحيح المقيم؛ إلا الحائض والنفساء, ومنهم من يخاطب بالقضاء فقط, وهو الحائض والنفساء والمريض الذي لا يقدر على الصوم أداء وقد يقدر عليه قضاء, ومنهم من يخير بين الأمرين, وهو المسافر والمريض الذي يمكنه الصوم بمشقة شديدة من غير خوف التلف.
* الفصل الثالث:
أنه لا يجب على الكافر, بمعنى أنه لا يخاطب بفعله, ولا يجب عليه قضاؤه إذا أسلم, وسواء كان أصليّاً أو مرتداً في أظهر الروايتين, وقد تقدمت فروع ذلك في الصلاة.
ولا يصح من الكافر ابتداءً ولا دواماً؛ فلو ارتد في أثناء يوم؛ بطل صومه؛ لأن الصوم عبادة, والكفر ينافي العبادة, ولأنها عبادة؛ فبطلت بالردة كالصلاة,وطرده الإحرام والطهارة, ويتخرج؛ فعلى هذا إذا عاد إلى الإِسلام؛ فإنه يجب عليه القضاء في المشهور, وإن عاد إلى الإسلام في أثناء النهار؛ فهو أولى بوجوب القضاء.
فأما إن قلنا: إن الإِسلام في بعض النهار لا يوجب الإِمساك والقضاء, وقلنا: إنه يقضي ما تركه قبل الردة. . . .
وقال ابن أبي موسى: من ارتد عن الإِسلام؛ أفطر وحبط عمله؛ فإن عاد إلى الإِسلام في بقية رمضان؛ صام ما بقي, وهل يلزمه قضاء ما أفطر منه بعد الردة أم لا؟ على روايتين:
* الفصل الرابع:
أنه لا يجب على المجنون في المشهور من المذهب, نص عليها في رواية الأثرم, وفرق بينه وبين المغمى عليه, وعليها أصحابنا, حتى من أوجبه على الصبي, وروي عن حنبل أنه يقضيه إذا أفاق كالحائض.
والقضاء هنا أوجه من قضاء الصلاة؛ لأن ما أسقط أداء الصلاة في الغالب فإنه يسقط قضاءها؛ بخلاف الصوم؛ فإنه يقضى مع الحيض والسفر والمرض وغير ذلك, وإن لم يجب الأداء مع هذه الأسباب, ولأن إيجاب القضاء عليه لا مشقة فيه هنا بخلاف إيجاب قضاء الصلاة, ولأن الصوم قد لا يتكرر مثله في حال الإِفاقة فيفضي إلى تركه بالكلية بخلاف الصلاة, وذلك لأنه زوال عقل, فلم يمنع وجوب القضاء كالإِغماء والسُّكر.
فعلى هذه الرواية يجب عليه القضاء, سواء كان الجنون طارئاَ عليه بعد البلوغ أو مستداماً من حين البلوغ, وسواء استغرق الشهر أو بعضه؛ فأما إن توالت عليه رمضانات في حال الجنون؛ فعلى ما ذكره القاضي إنما يقضي الرمضان الذي أفاق بعده؛ فأما ما قبل ذلك الرمضان؛ فلا يقضيه؛ لأن أحسن أحواله أن يكون كالحائض, والحائض لا بد أن يتخلل بين الرمضانين زمن لقضائها, وكلام غيره يصام, وهو ظاهر كلامه في هذه الرواية؛ لأنه عذر توالى في عدة رمضانات, فلم يسقط القضاء كالمرض والسفر.

32 - ووجه الأول أن قوله: «رفع القلم عن المجنون حتى يفيق»:يقتضي الرفع عنه مطلقاً, وإيجاب القضاء يحتاج إلى دليل, وليس في الشرع ما يوجب القضاء على المجنون من نص ولا قياس؛ إذ لا نص في المسألة.
والفرق بينه وبين الحائض والمغمى عليه ظاهر؛ فإن الحائض من أهل التكليف حين انعقاد سبب الوجوب, وهو استهلال الشهر, فثبت الوجوب في ذمتها كما يجب غيره من الفرائض, والمجنون ليس من أهل التكليف؛ فلا يصح الإيجاب عليه.
ولا فرق في ذلك بين الجنون المطبق والذي يعرض أحياناً؛ فإنه لا يجب عليه الصوم إلا في حال الإِفاقة.
وهل يصح منه الصوم بنية وليه له كالصبي وكما في الإِحرام؟ على وجه.
* مسألة:
فإن نوى الصوم وجُنَّ في بعض اليوم؛ لم يبطل صومه إذا أفاق في جزء منه, وجمهور أصحابنا - كابن عقيل وأبي الخطاب فيما ذكره القاضي -[أنه] كالإغماء, وقال جدي رحمه الله: يبطل صومه.
فأما الصرع - وهو الخنق الذي يعرض وقتاً ثم يزول -؛ فينبغي أن يلحق بالإغماء والغشي؛ لأنه يزيل الإِحساس من السمع والبصر والشم والذوق, فيُغطى, فيزول العقل تبعاً لذلك؛ بخلاف الجنون؛ فإنه يزيل العقل خاصة, فيلحقه بالبهائم.
* فصل:
فأما من زال عقله بغير جنون من إغماء أو غيره؛ فإنه يجب عليه الصوم بغير خلاف في المذهب, ويصح صومه إذا نواه في وقت تصح فيه النية وأفاق بعض النهار, سواء أفاق في أحد الطرفين أو في الوسط.
فأما إن أغمي عليه جميع النهار؛ لم يصح صومه. ولو نام جميع النهار؛ صح صومه. هذا هو المنصوص المشهور في المذهب, وإن كان سكراناً أو مبنجاً أو زال عقله بشرب دواء, وذلك لأن الإِغماء مرض من الأمراض, فلم يمنع صحة الصوم كسائر الأمراض, وإنما اشترطنا أن يفيق في جزء من النهار؛ لأن الصوم لا بد فيه من الإِمساك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه في صفة الصائم:33 - «يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي».
والإِمساك لا يكون إلا مع حضور العقل, ولم يشترط وجود الإِمساك في جميع النهار, بل اكتفينا بوجوده في بعضه؛ لأنه دخل في عموم قوله: «يدع طعامه وشهوته من أجلي».
فعلى هذا: إن نوى الصوم من الليل, ثم أغمي عليه في أثناء النهار, واتصل أياماً؛ صح له صوم الأول دون ما بعده؛ لفوات الإِفاقة فيه والنية.
قال ابن أبي موسى: وقال بعض أصحابنا: ويجيء على قولنا: يجزيه نية لجميع الشهر: أنه إذا صح له صوم الأول؛ صح له ما بعده.
كأن صاحب هذا القول شبه جعل إفاقة واحدة كافية في جميع الشهر كما أن نية واحدة تكفي على هذه الرواية.
نعم لو أغمي عليه أياماً, فأفاق في أثناء النهار؛ فإنه هنا يجزيه ذلك الصوم على قولنا: إنه يصح [أن] يكفي لجميع الشهر نية واحدة.

* الفصل الخامس:
أنه لا يجب على الصبي حتى يبلغ في إحدى الروايتين. قال في رواية حنبل: إذا احتلم في بعض الشهر؛ لا يقضي, ويصوم فيما يستقبل.
واليهودي والنصراني إذا أسلما يصومان ما بقي ولا يقضيان ما مضى إنما وجبت الأحكام عليهما بعدما أسلما.
وقال في رواية المرُّوذي: إذا حاضت في بعض الشهر؛ تصوم الباقي, وقال في رواية ابن إبراهيم: تصوم إذا حاضت, فإن أجهدها؛ فلتفطر ولتقض.
وقال في رواية حرب: وقال له: غلام احتلم لثلاثة عشرة, فقيل له: صم, فقال: لا أقدر. قال: إذا احتلم الصائم لا يترك. قلت: فالجارية. قال إذا حاضت.
وعنه أنه يلزمه الصوم إذا أطاقه, حتى لو أطاق بعضه في أثناء الشهر؛ لزمه صوم ما يستقبله, ولو تبين له في أثناء النهار, وأنه يطيق صوم ذلك اليوم؛ كان بمنزلة إسلام الكافر. وهذا اختيار أبي بكر.
قال في رواية أبي داوود: يؤمر الغلام بالصوم إذا أطاقه.
وقال في رواية المروذي في غلام ابن اثني عشر سنة لم يحتلم: أرى عليه الصيام, فإن لم يصم يضرب على الصوم والصلاة.
وقد تأولها القاضي فقال: وذكر ابن أبي موسى هذه الرواية إذا أطاق صيام ثلاثة أيام تباعاً لا يضر يصبر فيه أخذ بصيام رمضان, فيكون صوم ثلاثة أيام متتابعة تفسير للطاقة المذكورة في الرواية الأخرى.
34 - لأن أحمد رضي الله عنه قال في رواية عبد الله. قال: ورواه ابن جريج, قال: أخبرت عن محمد بن عبد الرحمن بن لبيبة عن أبيه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صام الغلام ثلاثة أيام متتابعة؛ فقد وجب عليه صيام شهر رمضان». قال أبو عبد الله: يؤمر الصبي بالصيام إذا أطاق.
فهذا يبين أنه أخذ بالحديث في تفسير الطاقة.
35 - وروى عبد الرزاق في «كتابه» , عن ابن جريج, عن محمد ابن عبد الرحمن بن لبيبة, عن أبيه, عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صام الغلام ثلاثة أيام متتابعة؛ فقد وجب عليه صيام رمضان».
وبكل حال؛ فإنه يؤمر به إذا أطاقه, ويضرب عليه ليعتاده, هكذا ذكر جماعة من أصحابنا, منهم أبو الخطاب, وعليه تأول القاضي قول أحمد بالضرب.

وقال ابن عقيل: هل يلزمه الصوم ويضرب عليه؟ على روايتين.
فعلى هذا لا يضرب على ترك الصوم قبل الوجوب, وإن ضرب على الصلاة, بناء على أن رواية المروذي فيمن وجب عليه.
ويصح صومه إذا بلغ حد التمييز كما تصح منه الصلاة.
فأما قبل ذلك؛ فهل يصوم وليه. . .؟
وعلى هذا فقال الخرقي وغيره: إذا كان للغلام عشر سنين, وأطاق الصيام؛ أخذ به.
فجعل السن الذي يضرب عليه عشر سنين مع الطاقة قياساً على الصلاة, لكن تعتبر هنا الطاقة؛ بخلاف الصلاة؛ فإنه لا مشقة فيها.
وقد قال في رواية المروذي: ابن اثنتي عشرة سنة. وأطلق بعضهم الطاقة.
* الفصل السادس:
أنه لا يجب الصوم إلا على القادر؛ لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] , وقوله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].
فإن كان عاجزاً عنه في وقته قادراً عليه بعد خروج الوقت كالمريض والحامل؛ فإنه يجب عليه القضاء كما سيأتي.
وإن كان عاجزاً في الوقت وبعد الوقت - وهو الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة-؛ فإنهما يفطران ويطعمان كما سيأتي إن شاء الله.
وإن كان به عطاش أو شبق. . . .
وإذا أفاق من إغمائه في أثناء اليوم؛ فهو كما لو أفاق المجنون. ذكره ابن عقيل.
وينبغي. . . .
* فصل:
فإن صار من أهل الوجوب في أثاء النهار, مثل أن يسلم الكافر أو يفيق مجنون أو يبلغ صبي أو يطيق, ولم يكن نوى الصوم؛ ففيه روايتان ذكرهما أبو بكر والقاضي وغيرهما:
إحداهما: أنه يجب عليه أن يمسك بقية يومه ويقضيه, سواء كان قد أكل أو لم يكن, نص عليه في الكافر في رواية صالح وابن منصور غي اليهودي والنصراني يسلمان؛ [قال:] يكُفَّان عن الطعام ويقضيان ذلك اليوم.
والثانية: لا يجب عليه إمساك ولا قضاء.
قال في رواية حنبل في اليهودي والنصراني إذا أسلما والصبي يحتلم؛ [قال:] «يصومان ما بقي ولا يقضيان ما مضى إنما وجبت الأحكام بعد الإِسلام».
36 - لأن الإِسلام يَجُبُّ ما قبله من الفطر؛ ف يجب عليه أداءً ولا قضاءً.
وإيجاب بعض يوم لا يصح؛ لأن أقل الصوم الصحيح يوم, ولأن مَنْ جاز له الأكل أول النهار ظاهراً وباطناً؛ جاز له الأكل كما لو دام به المانع.
37 - والأولى اختيار القاضي وأصحابه؛ لما روي عن الرُّبَيِّع بنت معوذ قالت: «أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قُرى الأنصار التي حول المدينة: من كان أصبح صائماً؛ فليتم صومه, ومن كان أصبح مفطراً؛ فليتم بقية يومه, فكنا بعد ذلك نصومه ونصوِّم صبياننا الصغار منهم [إن شاء الله] , ونذهب إلى المسجد, فنجعل لهم اللعبة من العهن, فإذا بكى أحدهم من الطعام؛ أعطيناها إياه عند الإِفطار». أخرجاه.
38 - وعن عبد الرحمن بن مسلمة عن عمه: أن أسلم أتت النبي صلى الله عليه وسلم, فقال: «صمتم يومكم هذا؟». قالوا: لا. قال: «فأتموا بقية يومكم واقضوه».
رواه أبو داوود.

فابتداء الأمر به في أثناء النهار إيجاب له في أثناء النهار, وقد أمر بالإِمساك والقضاء؛ لأنه طرأ عليه في بعض نهار رمضان ما لو كان موجوداً في ابتداء النهار لوجب عليه الصوم, فيجب أن يؤمر بالإِمساك والقضاء, كما لو أكل في أول النهار, أو نوى الفطر فلا يعتقد أنه آخر شعبان, ثم علم في أثناء النهار أن ذلك اليوم كان أول رمضان؛ فإن هذا يجب عليه القضاء رواية واحدة.
وكذلك الإِمساك يجب رواية واحدة فيما ذكر عامة أصحابنا, حتى القاضي وأكثر أصحابه قالوا: «بلا خلف في المذهب» , وهو منصوص أحمد في غير موضع, وخرَّج أبو الخطاب فيه روايتين.
ولو افطر متعمداً؛ وجب عليه الإِمساك والقضاء بغير خلاف.
ولو نسى أن ذلك اليوم من رمضان, فلم ينو صومه, ثم ذكر في أثناء النهار. . . .
ولو أكل يعتقد الليل, ثم تبين أنه كان نهاراً؛ أمسك بقية يومه, ولم يجزه عن فرضه, فيقضيه بعد خروج الشهر, ولأن إدراك بعض وقت العبادة كإدراك جميعها في الإيجاب, ولهذا نقول: لو طهرت الحائض قبل طلوع الفجر بمقدار تكبيرة؛ لزمها قضاء العشاءين, فإذا أدرك من اليوم بعضه؛ فقد أدرك بعض وقت العبادة.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.91 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.37%)]