عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 10-03-2006, 05:26 PM
الصورة الرمزية د / أحمد محمد باذيب
د / أحمد محمد باذيب د / أحمد محمد باذيب غير متصل
استاذ الباطنة والاورام المشارك بكلية الطب جامعة حضرموت
 
تاريخ التسجيل: Sep 2005
مكان الإقامة: اليمن
الجنس :
المشاركات: 2,037
الدولة : Yemen
افتراضي الحكم الشرعي في الختان

الحكم الشرعي في الختان
سألني سائل عن الختان وحكمه بالنسبة إلى الذكور والإناث، وعن وقته. وقال:إذا كان هذا الموضوع لا يمثل مشكلة في بعض البلاد الإسلامية التي تعيشون فيها، فإنه موضوع يتضمن مشكلات بالنسبة إلى بلاد إسلامية أخرى، ولاسيما في قارة أفريقيا.

ونظرت فوجدت أن هذا الموضوع يندرج في موقف الإسلام من الإنسان ورعايته له وعنايته به.

والحق أقول: إنني ما تأملت مرة في جزئية أو كلية مما دعا إليه الإسلام العظيم إلا ازددت إيماناً بأن هذا الدين وكتابه الكريم من عند الله تعالى، وأنه يستحيل على بشر مهما كان موهوباً وعبقرياً أن يأتي بهذا كله في إحكام وترابط ونفاذ كالذي نراه في هذا الدين.

إن الختان من خصال الفطرة السوية.. هذه الفطرة التى تقود صاحبها إلى التوحيد والانقياد لشرع اللة سبحانه. يقول رسول اللة r: " الفطرة خمس: الختان، والاستحداد ، ونتف الإبط، وقص الشارب، وتقليم الأظفار " (1) [ رواه البخاري ومسلم ] .



فلنبدأ بتعريف الختان لغة وشرعاً:

الختان- لغة-: مصدر ختن أي قطع. وهو اسم لفعل الخاتن ولموضع الختان كما
__________
(1) انظر " فتح البارك ": 10/340 و 11/ 88 طبع المطبعة السلفية بمصر، و" صحيح مسلم " برقم 257 في كتاب الطهارة باب خصال الفطرة.
في حديث عائشة الصحيح ترفعه إلى النبي r : " إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل) (2). وفي بعض الروايات ورد موقوفاً عليها، وله حكم المرفوع.


والختان- شرعاً-: هو إزالة قطعة من الجلد تغطي الحشفة. وبذلك يتلخص الجسم من مخبأ للأوساخ والجراثيم والفطريات، والنجاسة والرائحة الكريهة. وقد ثبت في عديد من الدراسات الطبية أن التهابات الجهاز البولي في الذكور، صغاراً وكباراً، تزداد نسبتها زيادة ملحوظة في غير المختونين (3) وأن عدوى الأمراض المنقولة جنسياً كالزهري والسيلان وعلى الخصوص مرض الإيدز تكون في غير المختونين أكبر بكثير منها في المختونين (3). هذا فضلاً عما هو معروف منذ زمن بعيد، من أن ختان الذكور يقلل من حدوث سرطان الجهاز التناسلي في الرجال، وسرطان عنق الرحم في زوجاتهم. ومن هنا وجدنا كثيراً من غير المسلمين في أوربا وأمريكا يقدمون على الختان، لما يحققه لهم من تلك المصالح.

ختان الذكور

حكم الختان بالنسبة للذكور مختلف فيه: فمنهم من قال: إنه واجب، ومنهم من قال: إنه مستحب .
______________
(2) انظر " صحيح مسلم " طبعة استانبول: 1/187 وابن ماجه برقم 608، وصحيح
الترمذي للألباني ا/ برقم 94 و95. هذا وليست في قوله r (الختانان) دليل على وجوب ختان الأنثى كما قال ذلك بعضهم ؛ لأن هذا من باب التغليب كقولهم (الأبوان) للأب والأم و (القمران) للشمس والقمر و (المروتان) للصفا والمروة ، ويعده النحاة من الملحق بالمثنى، وهو سماعي لا يقاس عليه [ انظر جامع الدروس العربية للغلاييني 2/9 ]وذهب بعضهم إلى جعل التغليب قياسياًعند وجود قرينة تدل على المراد بغير لبس [ انظر" النحو الوافي " لعباس حسن 1/74 ]
(3) _ D,H. S[ach et al: J. Amer. Med.. Ass., 267 (1992) 679-681.
- Linda Cook et al : Amer. J. Publ. Health : 84 ( 1994) 197 - 201.
- J. L. Mark: Sciece: 245(1989) 470- 471.
- S, Moses et al: lntl. J. Epidemiology: 19 (1990) 693-697.
-
وقد أورد العلماء القائلون بوجوبه عدداً من الأدلة تقضى بالوجوب: منها: قوله r: " اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم " (4) [ رواه البخاري ومسلم] .


وقد ذكر ابن حجر سبعة أدلة، ذكرنا واحداً، ونورد الأدلة الستة الباقية نقلاً عنه. وكان رحمه الله يورد بعدها تعقبات من تعقبها من أهل العلم:

الأول: أن القلفة تحبس النجاسة فتمنع صحة الصلاة، كمن أمسك نجاسة.

الثاني: ما أخرجه أحمد وأبو داود من حديث كليب أن النبي r قال له: " ألق عنك شعر الكفر واختتن " (5). وتعقب بأن الحديث ضعيف.

الثالث: جواز كشف العورة من المختون ، مع أن كشفها حرام، فلو لم يكن واجباً ما جاز الكشف .

الرابع: أنه قطع عضو- لا يستخلف- من الجسد، تعبداً، فيكون واجباً كقطع اليد في السرقة.
_______________
(4) انظر " فتح الباري ": 6/388 ، و" صحيح مسلم ": 4 برقم 0 237.
51) انظر " مسند أحمد ": 3/415، و" سنن أبو داوود ": 1/148 برقم 356، و" الكامل " لابن عدي: 1/223، و" السنن الكبرى ": 1/172 ، وسنده: عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج ، قال: أخبرت عن عثيم بن كليب عن أبيه عن جده أنه جاء إلى النبي r فقال: قد أسلمت. فقال له النبي...... والحديث ضعيف جداً لجهالة من أخبر ابن جريج ولجهالة عثيم وأبيه. قال ابن حجر في " تلخيص الحبير " 4/82: [ والطبراني وابن عدي والبيهقي من رواية جريج قال: أخبرت عن عثيم... وفيه انقطاع.،
وعثيم وأبوه مجهولان. قاله ابن القطان. وقال عبدان: هو عثيم بن كثير بن كليب والصحابي هو كليب، وإنما نسب عثيم في الإسناد إلى جده ].
وأورد ابن عدي هذا الحديث في ترجمة إبراهيم بن محمد بن أبى يحيى الأسلمي، وقال ابن عدي: عن مالك بن أنس يقول: إبراهيم بن أو يحيى كذاب. وهو الذي أخبر ابن جريج والألباني حسن الحديث لأن له شاهدين. انظر " إرواء الغليل " 1/ 120 برقم 79، وفي" صحيح سنن أر داوود ": 1/72 برقم 343، وفي " صحيح الجامع الصغير ": 1251. والله أعلم.


ويبدو أن أتباع إبراهيم عليه السلام اتبعوا هذا الأمر والتزموا به، ومنهم العرب قبل
الإسلام، الذين كانوا على بقية من دين إبراهيم أظهرها الحج.


قال أبو شامة: [ إن القلفة من المستقذرات عند العرب، وقد كثر ذم الأقلف- أي غير المختون ـ في أشعارهم، وكان للختان عندهم قدر، وله وليمة خاصة به، وأقر الإسلام ذلك ] (11).

والختان مما جرى عليه المسلمون وعملوا به، وتوارثوه كابراًعن كابر، بقضهم وقضيضهم، ولا يمكن أن يكون ذلك إلا في أمر واجب.

وقد لخص ابن حجر آراء العلماء في حكم الختان كما يأتي ؛ قال: [ ذهب إلى وجوب الختان.. الشافعي وجمهور أصحابه، وقال به من القدماء عطاء، حتى قال: لو أسلم الكبير لم يتم إسلامه حتى يختتن..
وعن أحمد وبعض المالكية: يجب..


وعن أبي حنيفة: واجب وليس بفرض 00 (12).

وذكر النووي أنه سنة عند مالك وكثير من العلماء (13).
وقال ابن القيم: [ اختلف الفقهاء في ذلك، فقال الشعبي، وربيعة، والأوزاعي، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، ومالك (14) وا الشافعي وأحمد: هو واجب. وشدد. فيه مالك حتى قال: من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته..
__________
(11) " فتح الباري " : 10 / 342.
(12) " فتح الباري ": 10 / 343.
(13) "المجموع":3/ 148.
(14) يبدو أنه روي عن الإمام مالك القولان، وإن كان المذهب على أنه سنة مؤكدة كم ذكر ذلك ابن جزي في " القوانين الفقهية ": ص 129؛ إذ قال: [ أما ختان الرجل فسنة مؤكدة عند مالك وأبى حنيفة كسائر خصال الفطرة التى ذكر معها وهى غير واجبة اتفاقاً ] .


ونقل كثير من الفقهاء عن مالك أنه سنة، حتى قال القاضي عياض: الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة، ولكن السنة عندهم يأثم بتركها، فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب (1)، وإلا فقد صرح مالك بأنه لا تقبل شهادة الأقلف، ولا تجوز إمامته.

وقال الحسن البصري وأبو حنيفة: لا يجب، بل هو سنة. وكذلك قال ابن أبي موسى من أصحاب أحمد: سنة مؤكدة ] (16).

وقال ابن قدامة في " المغني ": [ فأما الختان فواجب على الرجال ومكرمة في حق النساء، وليس بواجب عليهن، هذا قول كثير من أهل العلم، (17) ثم قال: [ وإن أسلم رجل كبير فخاف على نفسه من الختان سقط عنه، لأن الغسل والوضوء وغيرهما يسقط إذا خاف على نفسه منه، فهذا أولى ] (18).
والرأي الذي نرجحه أنه واجب على الذكور فقط للأدلة التى ذكرها المحبون وقد ذكرنا بعضها آنفاً، ولكن يسقط هذا الواجب على من أسلم وخاف على نفسه من فعله، وهو على أي حال ليس شرطاً في صحة إسلام المرء ولا في صحة عباداته. وقد ذكر كثير من العلماء أنه من شعائر الإسلام وخصائصه، فلو اجتمع أهل بلدة على تركه حاربهم الإمام كما لو تركوا الأذان (19).
_____________
(15) وهذا هو الذي يدعوه الحنفية واجبا .
(16) " تحفة المولود " : ص 162 .
(17) " المغني " : 1 / 70 .
(18) " المغني " : 1 / 71 .
(19) " حاشية أبي عابدين " : 5 / 478 ، وانظر " تحفة المودود " ، فقد ذكر ابن القيم في أكثر من موضع من الباب الذي أفرده للختان ، أن من شعائر الإسلام ( انظر الصفحات 165 ـ 166 ـ 168 ــ 171 ــ 174 ــ 177 من طبعة الشيخ عبد القادر الأرناؤوط ) ، ونقل كلام عدد من العلماء في ذلك .

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.54 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (2.73%)]