عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19-10-2019, 03:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي معركة شقحب (2 رمضان سنة 702 هـ)

معركة شقحب (2 رمضان سنة 702 هـ)
د. محمد منير الجنباز








قائد المعركة من المسلمين: السلطان الناصر محمد بن قلاوون.
قائد التتار: قطلو شاه نائب الملك قازان، ومعه جوبان.

سببها: الطمع المستمرُّ للتتار في بلاد الشام، وكان الناس في الشام في خوف منهم ورعب، فقد سمِعوا أنهم عبَروا الفرات وتوجَّهوا للشام في سنة 701هـ، فانقلبَت المدن بعضُها على بعض، والناس يَبغون الفرارَ، ومنهم مَن أرسل أهله إلى مصر، وغَلَت الأرزاق، ونودي للالتحاق بالجيش واقتراب وصول التتار.

وقد قام شيخ الإسلام ابنُ تيميَّة بدورٍ كبير في الحشد لهذه المعركة، وبث روح الحماس في الجند والناس، فقد اجتمع بالنائب في دمشق، وشجَّعه على الصمود ولقاء العدو، وأن الشعب كله من ورائه، كما اجتمع بابنِ مهنا أمير العرب الذي أبلى في موقعة حمص بلاءً حسنًا، وشجَّعه على الانضمام لجيش المسلمين والوقوف إلى جانبهم، وكان قبل ذلك في مصر فاجتمع بالسلطان والأمراء، وطلب منهم القدومَ إلى الشام لدفع التتار.

وأصبَحَت مِنْطَقةُ دمشق مِنْطَقةَ تجمُّعٍ للأجناد، فكل حاكم مدينة رحل بجنده إليها؛ كأمير حلب، وحماة، وحمص، والتقى بهم أيضًا ابنُ تيميَّة، وأرسل سلطان مصر قِسمًا من الجيش مع القائد بيبرس الجاشنكير، واجتمع مع جيوش الشام بظاهر دمشق.

واقترب جيش التتار، والناس في ترقُّب وغليان، وكلهم لهفة لوصول السلطان ببقية الجيش، ثم تكامَل جيش المسلمين، وعسكر في جنوب شرقي دمشق، ووصل جيش التتار يزحف نحو دمشق، لا يُرى أوَّله من آخره، فطاف بدمشق التي غلَّقت الأبواب فلم يقف لأخذها؛ وإنما اتجه نحو الجيش الإسلامي، فإذا ربح المعركة فلن تستعصي عليه دمشق.

والتقى الجمعان عصرَ السبت في الثاني من رمضان سنة 702هـ قُرب شَقْحَب[1]، ودارت معركة رهيبة، وركَّز التتار على ميمنة المسلمين فحطَّموها، واستشهد أناس كثيرون بينهم قادة، وصمدت الميسرة والقلب، ثم اندفعوا نحو التتار فوقعت الهزيمة في صفوفهم، وهم لا يَلْوُون على شيء.

وحال الليل بين الفريقين، وارتفع التتار تحت جنح الظلام مع "جوبان" إلى تل هناك، وعندما أسفر الصبحُ شاهد التتار كثرةَ المسلمين فانحدروا من التل يبتدرون الهروب، فأخذتهم سيوف المسلمين، وكانت مقتلة عظيمة منهم، وتشردوا في كل اتجاه، وتَبِعهم جندُ المسلمين إلى الصحراء حتى "القريتين"، ومَن شرد منهم وصل إلى الفرات، وكان النهر في ازدياد؛ لأن الفصل ربيع، فغرِق مَن أراد العبور.. وهكذا تفرَّقوا بين مقتول في المعركة، وهالك غرقًا أو في الصحراء، ولم تَقُم لهم بعدها قائمة، فقد مات ملكهم "قازان" ألَمًا وحسرة عند سماعه بهذه الهزيمة المُنكَرة.


وقد كان لمشاركة الإمام ابن تيميَّة رحمه الله في هذه المعركة أثرٌ كبير في النصر، ومعه تلاميذه وأنصاره، وقد أرسل نائب السلطان في دمشق جمال الدين أقوشي رسالةً من أرض المعركة بعد تمام النصر، يُطمئن فيها أهلَ دمشق الذين كانوا في وجلٍ وخوف، لكنهم ما انقطعوا طيلة هذه الأيام من الدعاء والابتهال إلى الله بنصر المسلمين خصوصًا في يوم الجمعة أول رمضان، إلى أن وردتهم رسالة تنبئهم بالنصر، فاستقرَّت أحوال الناس في دمشق بعد سماعهم هذه الرسالة، وحمدوا الله على هذا النصر المبين.


[1] شقحب: قرب بلدة الكسوة اليوم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.05 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.42 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.68%)]