عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 17-02-2019, 09:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,601
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطهارة
(12)


- (باب الإبعاد عند إرادة الحاجة) إلى (باب القول عند دخول الخلاء)
قوله: (وإنما لكل امرئ ما نوى) يعني أن الإنسان يحصل من الثواب والأجر على نيته؛ فإن العمل لا بد فيه من نية، والإنسان يحصل الأجر والثواب على حسب ما نواه.ثم إن هاتين الجملتين (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) قاعدتان عامتان، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعدهما مثالاً يوضح المقصود، وأن الأمر يتبع النية، وأنه متعلق ومرتبط بها، وذلك المثال هو الهجرة، فقال عليه الصلاة والسلام: (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله). أي: إذا كان قصده حسناً -وهو الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام من أجل أن يأتي بشعائر دينه، ومن أجل أن يحافظ على دينه، ومن أجل أن يتعلم الدين وأن يتفقه فيه- فهجرته إلى الله ورسوله.فإن قيل: الأصل في الشرط والجزاء أنهما يكونان متغايرين، فيقال: (من جد وجد، ومن زرع حصد)، فالجزاء غير الشرط، وهنا اتحد الجزاء مع الشرط، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله)! فالجواب أنّ الجزاء وإن كان هنا نفس الشرط إلّا أن الحكم يختلف باختلاف المتعلق، فقوله: (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله) أي: نية وقصداً، (فهجرته إلى الله ورسوله) أي: ثواباً وأجراً. فبهذا يختلف الشرط والجزاء، فالأول يتعلق بالنية والقصد، والثاني يتعلق بالثواب والأجر.فذكر النبي صلى الله عليه وسلم في صدر هذا التمثيل الشيء الذي فيه أجر وثواب، وهو كون الإنسان يريد بعمله وجه الله عز وجل والدار الآخرة.وأما إذا كانت الهجرة من أجل غرض دنيوي من تجارة أو زواج فقد قال فيها عليه الصلاة والسلام: (ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)، فلم يقل: فهجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها وإنما جاء بلفظ عام ليبين أن من هاجر لشيء فإن هجرته إلى ما هاجر إليه، فإذا كان من أمور الدنيا لتحصيل المال، أو تحصيل الزواج أو غير ذلك فهجرته إلى ما هاجر إليه، فأتى بالجواب بلفظ عام؛ لأن أغراض الناس ومقاصدهم في أعمالهم المتعلقة بالدنيا لا تنحصر، فجاء بالجواب بلفظ يشمل كل شيء يقصد به الإنسان شيئاً من الدنيا. وأيضاً ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المثال ليوضح به أن من يكون قصده حسناً فله الثواب والأجر، ومن كان قصده غير ذلك فهجرته إلى ما هاجر إليه.
الإبعاد عند إرادة الحاجة

شرح حديث عبد الرحمن بن أبي قراد: (خرجت مع رسول الله... وكان إذا أراد الحاجة أبعد)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [الإبعاد عند إرادة الحاجة.أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا أبو جعفر الخطمي عمير بن يزيد حدثني الحارث بن فضيل وعمارة بن خزيمة بن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي قراد رضي الله عنه أنه قال: (خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخلاء، وكان إذا أراد الحاجة أبعد) ].يقول الإمام النسائي رحمة الله عليه: الإبعاد عند إرادة قضاء الحاجة، وأورد تحت هذه الترجمة حديثين، أحدهما: حديث عبد الرحمن بن أبي قراد، والثاني: حديث المغيرة بن شعبة، وهذا أول باب يورد فيه النسائي أكثر من حديث؛ لأن الأبواب الماضية كانت الأحاديث فيها بعدد الأبواب، وفي هذا الباب ستتغير أرقام الأحاديث مع أرقام الأبواب بزيادة حديث في هذا الباب، وسبق أن أوضحت أن طريقة الإمام النسائي تشبه طريقة البخاري من حيث كثرة الأبواب, وإيراد الموضوعات والاستدلال بالأحاديث عليها، ولهذا كثرت عنده الأبواب؛ لأن كتابه يشبه كتاب البخاري من حيث إنه يجمع بين الرواية والدراية؛ الرواية في إيراد الأحاديث بأسانيدها ومتونها، والدراية بإيراد التراجم التي تورد تحتها الأحاديث, وهي مستنبطة من الأحاديث، والكتابان كل منهما كتاب رواية ودراية.والحديث الأول من الحديثين في هذا الباب: حديث عبد الرحمن بن أبي قراد قال: (خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخلاء، وكان إذا أراد الحاجة أبعد).(وكان إذا أراد الحاجة) يعني: أراد أن يقضي حاجته (أبعد)، يعني: ذهب بعيداً عن أعين الناس حتى لا يراه الناس، قيل: إن المفعول: نفسه، يعني: أبعد نفسه عن الناس، أو أبعد ما يخرج منه عن الناس، فيكون المفعول محذوفاً.وعبد الرحمن بن أبي قراد يقول: (خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخلاء) يعني: إلى مكان قضاء الحاجة، ثم وصف عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه إذا أراد الحاجة أبعد، يعني: هذا شأنه وهذا هديه عليه الصلاة والسلام: أنه كان إذا خرج لقضاء حاجته يذهب بعيداً عن أعين الناس حتى لا يراه الناس وهو يقضي حاجته، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.والخلاء يعبر به عن قضاء الحاجة، وعن موضع قضاء الحاجة، فيقال له: الخلاء؛ لأنه غالباً ما يذهب الناس إلى الخلاء، أي: الأماكن الخالية، فيعبر عن قضاء الحاجة بالخلاء؛ لأنه غالباً تقضى الحاجة في الخلاء في ذلك الزمان.وعبد الرحمن بن أبي قراد هذا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولكنه مقل من الحديث، يقال: إنه ليس له عند أصحاب الكتب إلا هذا الحديث، رواه النسائي, ورواه ابن ماجه ، فهم الذين رووا عنه من أصحاب الكتب الستة، وقد رووا عنه هذا الحديث الواحد، فهو مقل من الحديث.أما حديث المغيرة بن شعبة الذي سيأتي فهو عند جماعة من أصحاب الكتب الستة، وليس كهذا، وصاحبه المغيرة بن شعبة روى أحاديث كثيرة ، أما عبد الرحمن بن أبي قراد فلم يرو عنه إلا النسائي, وابن ماجه , وليس له عندهم إلا هذا الحديث الواحد.
تراجم رجال إسناد حديث عبد الرحمن بن أبي قراد: (خرجت مع رسول الله... وكان إذا أراد الحاجة أبعد)
قوله: [حدثنا عمرو بن علي].هو: الفلاس الذي سبق أن مر ذكره، وهو من النقاد المعروفين بنقد الحديث، وهو من رجال الكتب الستة.[عن يحيى بن سعيد].وهو: يحيى بن سعيد القطان ، وهذا أيضاً من الثقات الأثبات، ومن رجال الكتب الستة، وهو من أئمة الجرح والتعديل، وهو الذي سبق أن ذكرت أن الذهبي في كتابه: (من يعتمد قوله في الجرح والتعديل) ذكر اثنين وهما: عبد الرحمن بن مهدي , ويحيى بن سعيد القطان, فقال: هذان إذا جرحا شخصاً فهو لا يكاد يندمل جرحه، معناه: أن جرحهم مصيب، وأنهما أصابا الهدف فيما قالاه عن الرجل.فـيحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي إمامان من أئمة الجرح والتعديل، وهما من طبقة شيوخ أصحاب الكتب الستة، وهما من أئمة الجرح والتعديل.وعندنا عمرو بن علي الفلاس، ويحيى بن سعيد القطان وهما من أئمة الجرح والتعديل، وكل منهما روى عنه أصحاب الكتب الستة.[حدثنا أبو جعفر الخطمي عمير بن يزيد].الخطمي نسبة إلى بطن من الأنصار، ولهذا يقال له: الخطمي الأنصاري، فهو أنصاري خطمي، فالخطمي نسبة خاصة, والأنصاري نسبة عامة.قال عنه الحافظ : إنه صدوق، وروى عنه أصحاب السنن الأربعة: أبو داود , والترمذي , والنسائي , وابن ماجه ، وليس له رواية في الصحيحين. [حدثني الحارث بن فضيل وعمارة بن خزيمة]. الحارث بن فضيل هذا ثقة, روى عنه الإمام مسلم ، وأبو داود , والنسائي , وابن ماجه .وعمارة بن خزيمة بن ثابت روى عنه أصحاب السنن الأربعة، وهو ثقة، قال عنه الحافظ : إنه ثقة، وأما ذاك فهو مثله من رجال أصحاب السنن الأربعة، ولكن وصفه بأنه صدوق، يعني: أنه دون عمارة بن خزيمة بن ثابت.والحارث من رجال مسلم ، والثاني من رجال أصحاب السنن الأربعة، مثل الأول الذي هو أبو جعفر الخطمي .فالأول الذي هو: أبو جعفر الخطمي هو من رجال أصحاب السنن الأربعة، إلا أن هذا صدوق وذاك ثقة، وأبو جعفر الخطمي وصف بأنه صدوق وهو دون الثقة، وأما عمارة بن خزيمة بن ثابت فهذا وصف بأنه ثقة، وكل من الاثنين من رجال السنن الأربعة.
شرح حديث: (إن النبي كان إذا ذهب المذهب أبعد ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ذهب المذهب أبعد، قال: فذهب لحاجته وهو في بعض أسفاره، فقال: ائتني بوضوء فأتيته بوضوء، فتوضأ ومسح على الخفين).إسماعيل هو: ابن جعفر بن أبي كثير القارئ ].أورد النسائي حديث المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه، وفيه أنه قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ذهب المذهب أبعد)، يعني: إذا ذهب لقضاء حاجته، وقيل: إن المذهب يراد به: الخلاء، ونحوها من الألفاظ التي يراد بها مكان قضاء الحاجة، فإذا ذهب إلى المكان الذي تقضى فيه الحاجة أبعد، يعني: ذهب بعيداً عن أعين الناس.ثم إن المغيرة بن شعبة قال: (إنه ذهب لحاجته وقال: ائتني بوضوء، فلما قضى حاجته توضأ ومسح على خفيه عليه الصلاة والسلام)، ثم ذكر النسائي تعليقاً بعد ذكر الحديث بين فيه نسبة رجل في الإسناد ما جاء منسوباً، وهو: إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير القارئ ، فهذا لم ينسبه شيخه، وهو ما ذكر نسبه في الإسناد فقال: هو ابن فلان، وإنما لما فرغ من إيراد الحديث قال: هو فلان بن فلان، وهذه الكلمة يمكن أن تكون في الغالب من أحد تلاميذه؛ لأنه ذكر أنه فلان بن فلان، وهم ذكروا الذي قال هذا، وأحياناً يقولون: قال أبو عبد الرحمن ، فيحتمل أن تكون منه، ويحتمل أن تكون من بعض تلاميذه، وهذا أول موضع يعلق فيه النسائي عقب الفراغ من الحديث، وهو أحياناً يعلق ويعقب بتعليقات خفيفة قصيرة كهذا. وهو أول حديث يأتي مكرراً في باب من أبواب النسائي، أو في ترجمة من تراجم النسائي .وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير القارئ هو من رجال الكتب الستة، ومن الثقات.وحديث المغيرة بن شعبة هو مثل الحديث الأول، إلا أنه هنا قال: (كان إذا ذهب المذهب أبعد)، ثم أتى بعد ذلك بهذه القصة التي حصلت له مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أنه أمر بأن يأتيه بوضوء، يعني: الماء الذي يتوضأ به.وسبق أن ذكرت: أن الوضوء من الألفاظ التي تأتي مفتوحة الأول ومضمومة الأول، ولكل منهما معنى، فهي في حال الفتح اسم للماء الذي يتوضأ به، وفي الضم اسم للفعل الذي هو الوضوء، وهو أخذ الإنسان الماء ليغسل وجهه, ويغسل يديه، فهذا الفعل يقال له: وضوء -بالضم- وأما الماء الذي يعد للتوضؤ منه, يقال له: وضوء - بالفتح- وهذا له أمثلة تماثله، مثل: الطَّهور والطُّهور، والسَّحور والسُّحور، واللَّدود واللُّدود، والوَجور والوُجور، وألفاظ على هذا المنوال، فما كان بالفتح فهو اسم للشيء المستعمل، وما كان بالضم فهو اسم لطريقة الاستعمال، أو للفعل الذي هو الاستعمال.وهذا الحديث رواه غير النسائي، فقد رواه أبو داود وهو أول حديث في سننه، لكنه عنده مختصر، وليس مطولاً في ذكر قصة الخفين وكونه معه، وإنما بين أنه كان يبعد ويذهب بعيداً إذا أراد قضاء الحاجة، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.فحديث المغيرة هو أول حديث في سنن أبي داود, والترمذي , والنسائي , وابن ماجه.
تراجم رجال إسناد حديث: (إن النبي كان إذا ذهب المذهب أبعد ...)
قوله: [أخبرنا علي بن حجر].هو: السعدي ، وهو الذي سبق أن مر بنا ذكره، وهو من شيوخ الإمام مسلم ، ويروي عنه مسلم كثيراً، والبخاري , والنسائي , والترمذي .[عن محمد بن عمرو].هو: ابن حلحلة ، ويروي عنه إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير .[عن أبي سلمة].هو: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو الذي سبق أن مر بنا في أول حديث، وقلنا: إن بعض العلماء قال: إنه سابع الفقهاء السبعة على أحد الأقوال، وهو من رجال الجماعة.[عن المغيرة بن شعبة].المغيرة بن شعبة هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أميراً على البصرة وعلى الكوفة، وكان كذلك من الصحابة المشهورين، وكذلك أيضاً من الشجعان، وفيه صفات حميدة، رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
الرخصة في ترك الإبعاد عند إرادة الحاجة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [الرخصة في ترك ذلك.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عيسى بن يونس حدثنا الأعمش عن شقيق عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: (كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتهى إلى سباطة قوم، فبال قائماً، فتنحيت عنه، فدعاني، وكنت عند عقبيه حتى فرغ، ثم توضأ ومسح على خفيه) ]. ‏
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.63 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.49%)]