الموضوع: الله جل جلاله
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 27-10-2020, 07:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,473
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الله جل جلاله

قُل للوليدِ بَكَى وأجْهَش بالبُكا

عند الولادةِ مَا الذي أَبْكَاكَا



وإذا تَرى الثعبانَ يَنْفُث سُمَّه

فاسْأَلْهُ مَن ذا بالسُّموم حَشَاكَا؟



واسْأَلْهُ كيف تَعيشُ يا ثعبانُ أو

تَحْيَا وهذا السُّمُّ يَمْلأُ فَاكَا



واسْأَلْ بُطونَ النَّحْلِ كيفَ تَقَاطَرَتْ

شَهدًا وقُل للشَّهْد مَن حَلَّاكَا



بل سائلِ اللَّبَنَ المُصَفَّى كان بَيْ

ن دَمٍ وفَرْثٍ مَا الذي صَفَّاكَا



قُلْ للهَواءِ تُحسُّه الأيدي ويَخْ

فَى عن عيون الناس من أَخْفَاكَا



سيُجِيبُ ما في الكونِ مِن آياتِه

عَجَبٌ عُجابٌ لو تَرَى عَيناكَ



يا أيُّها الإنسانُ مَهْلًا ما الَّذِي

بالله جَلَّ جلالُه أَغْرَاكَا









قام الخطيبُ المِصْقَع الشيخ عبدالحميد كشك على المِنبر يومًا - وهو الرجلُ الأعمى - قام وقد أخرج مِن جيبه سعفة نخل مكتوب عليها (الله) بالخط الكوفيِّ، ثم هتف في الناس وأبكاهم، قائلًا:





انظُرْ لتلك الشجرة

ذات الغُصُون النضِرة



مَن الذي أنْبَتَها

وزَانَها بالخُضْرة



ذاك هو اللهُ الذي

قُدرَتُه مُقْتَدِرة










خَلْقُ الله وبديعُ صُنعه من أعظم الأدلة على وجوده وإلهيته وإفراده بالعبادة.







وجود كلام الله تعالى بين أيدينا نقرؤه ونتدبَّره ونفهمه مِن أعظم الأدلة على وجود المتكلم وتعظيمه وإفراده بالعبادة؛



لأنه يستحيل كلامٌ بلا متكلِّم، وقولٌ بلا قائل، وقد عجز الخَلْقُ جميعًا أن يأتوا بمثله أو بعَشْر سورٍ مِن مثله، أو حتى سورة واحدة مِن مثله، ولا زال التحدِّي والإعجاز قائمًا، وقد كان العربُ وهم أفصح الأمم ومع شدة عداوتهم للإسلام، فإنهم عجزوا عن ذلك، وعَجْزُ غيرِهم أولى وأولى؛ ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 23]، وأنَّى لمخلوقٍ أن يأتيَ بِمِثْل كلام الخالق سبحانه؟!







وقد نَظَر العلماء فَوَجَدوا أن هذا القرآن مُعجِزٌ مِن جميع الوجوه! معجز في لفظه ونظمه ومعناه؛ بل أثبت القرآن الكريم أشياءَ لَم يعْرِفْها البشر إلا في العصر الحديث، وستظل كنوزُ القرآن ذاخرةً تُعجز البشر في كل عصر ومصر، خُذْ أمثلة قليلة على ذلك:



أثبت العلم الحديث أنك كلما ارتفعتَ إلى السماء قلَّ الأكسجين، ووجدتَ الاختناق وضيق التنفس، وهذا مذكورٌ في قول ربنا: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ﴾ [الأنعام: 125]، وهذا قبل أن يُخلَق مَن اكتشف هذه النظرية، وقبل أن يخلق أجداده وأجداد أجداده!







أثبت العلمُ الحديث أنَّ بين كل بَحرينِ حاجزًا مائيًّا يَفْصِل ماء كل بحر عن الآخر، وهذا الحاجز المائيُّ تختلف كثافتُه عن ماء البحرين، وهذا مذكورٌ في قول ربنا: ﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ ﴾ [الرحمن: 19 - 20]، وقوله تعالى: ﴿ أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [النمل: 61].







أثبت العلمُ الحديث أن مراكز الإحساس في الجسم هي الجلد فقط، وأنه متى اختُرق الجلد قَلَّ الإحساس جدًّا أو انعدم، وهذا مذكور في قول ربنا عن تبديل جلود الكافرين والفاسقين في النار حتى يستمرَّ الألم والعذاب؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ﴾ [النساء: 56].







قال الطبيعيون: كانت البشرية جميعًا حتى القرن التاسع يظنون أن النملَ حشرة لا تنطق، وأنها تتعامل مع أخواتها مِن النمل بالإشارة أو الإيحاء، لكن بعد ظُهور أجهزة التسجيل فوق السمعيَّة التي تُسجِّل الأصوات التي لا تسمعها الأذن تَبَيَّنَ لنا أن النمل يَنطِق ويتكلَّم ويُناقش ويُجادل ويقف ويفكِّر! نقول لهم: هذا اكتشاف عجيبٌ رائع، لكن الأعجب والأروع أن القرآن قد أخبر بذلك؛ قال تعالى: ﴿ وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [النمل: 17 - 18].







فهل كان عند محمد صلى الله عليه وسلم أجهزة فوق السمعية ليعرفَ بها أن النمل يتكلم؟![16].



وكلام الله تعالى مع كونه دليلًا واضحًا على وجوده واستحقاقه للعبودية، فإنه مع ذلك طريقٌ واضحٌ نصل به إلى الله، ومعرفته معرفة حقيقية؛ قال ابن القيم رحمه الله: "مِن الناس مَن يعرف الله بالجود والإفضال والإحسان، ومنهم مَن يعرفه بالعفو والحلم والتجاوز، ومنهم مَن يعرفه بالبطش والانتقام، ومنهم مَن يَعرِفه بالعلم والحكمة، ومنهم مَن يَعرفه بالعز والكبرياء، ومنهم مَن يَعرِفه بالرحمة والبر واللطف، ومنهم مَن يَعرِفه بالقهر والملك، ومنهم مَن يَعرفه بإجابة دعوته وإغاثة لهفته وقضاء حاجته، وأعلم هؤلاء معرفة مَن عرفه مِن كلامه، فإنه يعرف ربًّا قد اجتمعتْ له صفات الكمال ونُعوت الجلال، ونُزِّه عن المثال، وبرئ مِن النقائص والعيوب، له كل اسم حَسَن، وكل وصف كمال، فَعَّال لِمَا يريد، فوق كل شيء، ومع كل شيء، وقادر على كل شيء، أرحم الراحمين، وأقدر القادرين، وأحكم الحاكمين"[17].







فالقرآنُ كله حديثُ الله جل جلاله يُخاطب به الله الرجلَ والمرأة، والصبيَّ والطفل، وعالِم الذرَّة، ورائد الفضاء، وساكن الغابة، وساكن الصحراء، ورجل القرية، ورجل المدينة، وكلٌّ يأخذ منه ما يعرِّفه بالله عزَّ وجلَّ، فما أعظمَ أن نَتَعَرَّف على الله مِن خلال كلامه الذي يُخاطب أعماق الفطرة بالقصة والمَثَل، والترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، والآية والعِبْرة.



يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.11 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.44%)]