محمود : مشكلتنا الأساسية هي الفرقة فيما بيننا . و لكن أسأل الله عز وجل أن يؤلف بين قلوبنا و يوحد صفوفنا
زيد : آمين
محمود : أريدك يا أخ زيد في خدمة شخصية
زيد : ( باهتمام شديد )تحت أمرك
محمود : أنا أنتمي في الأساس إلى هنا إلى قانا
زيد : (بانبهار ) أنت من قانا !
محمود : نعم و لكني أحد ضحايا مذبحة قانا و قضيت عمري في غزة بعد أن فقدت ذاكرتي تماما و الآن أريد أن أعرف هل لي أهل باقون على قيد الحياة؟
زيد : ( متعجبا ) أنت ثاني شخص يطلب مني هذا و العجيب أن الطلب الآخر من العم عبد الرحمن من غزة
محمود : ( باندهاش ) معقول
زيد : و لقد أرسل إلي بملابس طفل صغير لأستدل بها
محمود
بدهشة وارتباك ) هل لي أن أرى هذه الملابس؟
زيد : بالطبع ( ينهض و يسير قليلا حتى يصل إلى الباب , يفتحه و ينادي على أحد الرجال و يتحدث معه بصوت غير مسموع . يقف قليلا و يتناول شيئا من خلف الباب و يعود لمحمود و بيده الملابس. يمد يده بها إلى محمود )
هذه هي الملابس التي استلمتها
محمود : ( يتفحص الملابس ) هذه الملابس كنت أراها أسفل سرير أبي رحمه الله . هل من المعقول أن تكون لي و لم يخبرني بها ؟
زيد : هذه الملابس ستسهل علينا قليلا إيجاد الشخص المطلوب.فإذا افترضنا أن هذه الملابس ليست لك. ما هي معلوماتك حول أهلك أو مكانك؟
محمود : ( بحيرة ) ليست لدي أي معلومات و أنا لا أتذكر أي شيء
زيد : لو كان الأمر كذلك هل تعلم عدد الأطفال التي فقدت أعتقد بالمئات؟
محمود : ( بتوسل ) أرجوك يا زيد يجب أن تساعدني.
زيد : ( بإشفاق ) سأفعل كل ما بوسعي. لا تقلق. ( يبتسم و يصمت قليلا) إلى الآن لم أقم بواجب الضيافة نحوك. سأحضر لك الطعام لتأكل ( محمود كان يريد التحدث) أرجوك لا تتعذر بأي عذر يجب أن نكرمك
محمود : ( يبتسم ) حسنا
سلوى تدخل من باب البيت فرحة جدا و تندفع مسرعة إلى الداخل
سلوى : أمي . أين أنت يا أمي؟
( تندفع سلوى اتجاه غرفة و تخرج أمها منها فيكادان يصطدمان و لكن تتمالك سلوى نفسها )
سلوى : لقد كرموني في الجامعة يا أمي و تقرر إعادة الاختبار , الذي لم أختبره , لي وحدي
أمها : ( بسعادة ) بالتوفيق يا بنيتي أنت تستحقين كل الخير
سلوى : كما أقاموا حفلا لتكريمي و قد أعطوني شهادة الطالبة المثالية
أمها : بوركت يا بنيتي و حفظك الله من كل مكروه
سلوى : لقد فاجئوني بذلك . و كم كانت مفاجأة رائعة
( تعلو صوت طرقات من الباب )
سلوى : ( بمرح ) سأفتح أنا ( تتوجه عند الباب و تقف خلفه ) من ؟
صوت : أنا زيد
سلوى : ( بسعادة تفتح الباب ) مرحبا يا زيد
زيد : ( يحمل في يده حقيبة بلاستيكية و يبتسم )كيف حالك يا سلوى؟
سلوى : الحمد لله بأتم صحة و عافية . تفضل بالدخول (يدخل البيت و تغلق سلوى الباب و تصدع بالصوت ) أمي زيد هنا . ( تنظر إلى زيد) تفضل .
زيد : شكرا
( يجلسان )
سلوى : أرى أن جرحك قد تماثل الشفاء
زيد : ( يبتسم ) هذا من فضل الله ثم بعون منك
سلوى : هذا واجبي نحو أخ عزيز
زيد : ( بخبث ) أخ فقط
سلوى : ( مبتسمة ) نعم فقط .( وتصمت قليلا ) حتى الآن
زيد
يبتسم ) سأقبل بهذا مؤقتا
سلوى :أخبرني ما سبب هذه الزيارة المفاجئة؟
زيد : أولا أتيت لأقوم بتهنئتك على هذا الأداء الذي يستحق كل إشادة و الذي بالفعل كان فخرا لنا جميعا
سلوى : هذا من فضل الله و توفيقه
زيد : ثانية أريد منك خدمة ثانية و أنا و الله في أشد حالات الخجل لإثقالي عليك هكذا و لكنك للمرة الثانية خير من يقوم بهذا الأمر لأنك طبيبة البلدة و مرتادينك كثيرون و كذلك إنك لا تثيرين الريبة إذا قمت بهذا .
سلوى : تحت أمرك يا زيد
زيد : ( يخرج من الحقيبة ملابس الطفل الصغير ) هذه الملابس لطفل صغير وجد أثناء المذبحة ( يتغير وجه سلوى و عيناها قد أوشكت أن تخرج من محجريهما ) و قد طلب مني أحد الأصدقاء أن أبحث عن ذويه و ...
سلوى
تصرخ سلوى و قد جحظت عيناها ) شااادي ( وما تلبث حتى ترتمي على الكرسي فاقدة للوعي و النطق )
زيد : ( وقد أصابه الهلع ) سلوى . سلوى ما بك ؟
(تخرج أم سلوى من الغرفة على إثر الصرخة )
أم سلوى : ( تركض) ماذا حدث ؟
زيد : ( وما زال مرتاعا ) لا أدري يا أماه كنت أتحدث معها و أريتها هذه الملابس لطفل مفقود كان يبحث عن أهله فإذا بها تصرخ و تفقد الوعي
أم سلوى : ( تلطم وجه سلوى بخفة و هي تكاد تبكي ) سلوى بنيتي . أفيقي يا سلوى
زيد : ( بارتباك ) هل لديك عطر أو بصل أو شيء نفاذ الرائحة؟
أم سلوى : (و بدأت الدموع تترقرق من عينيها تنهض راكضة إلى الداخل) سأحضره ( لا تستغرق إلا ثوان وتعود ببصلة تضعها تحت أنف سلوى ) أفيقي يا بنيتي
( يتأثر وجه سلوى ويتحرك وجهها ثم تفتح عينيها بالتدريج ثم تنظر إلى ما حولها لوهلة )
سلوى : ( بذعر ) أين شادي ؟ أين أخي ؟
أمها : رحمه الله يا بنيتي
سلوى : ( تنظر إلى زيد بعصبية) أين وجدت هذه الملابس ؟
زيد : ( بارتباك ) لقد أرسلت لي من غزة لأبحث عن أهل صاحبها
سلوى : ( وهي تبكي ) هذه لشادي
زيد و أم سلوى في كلمة واحدة : ماذا؟
سلوى : ( تنظر إليهم وهي تبكي ) هذه كانت ملابسه عندما رأيته آخر مرة .( تمسك بتلابيب زيد ) أنت تقول إنه في غزة.ما اسمه ؟أين يقطن ؟ أين يعمل ؟ أهو بخير ؟
زيد : ( يمسك ذراعيها ) هوني عليك .أنا ما زلت لا أعلم أي شيء و لكني سأخبرك في القريب العاجل .سأقوم ببعض الاتصالات ...
سلوى : ( تقاطعه و هي تنهض من كرسيها ) سأذهب إلى غزة ( تجد السعادة طريقها إلى وجهها) يجب أن أعثر على أخي.( تمسك بكتفي أمها ) هل تصديقين يا أمي لقد وجدت أخي
أم سلوى : ( و تنساب الدمع من عينيها ) اللهم لك الحمد الذي جزا صبرك خيرا
سلوى : ( بحماس ) سأجهز حقيبتي و سأغادر الآن ( وتهم بالمغادرة )
أم سلوى : هوني عليك يا بنيتي إلى أين ستذهبين و أنت لا تعلمين أحدا هناك ( و هي تمسك بذراعها برقة )
زيد : وكذا لا يمكنك أن تعبري الحدود بسهولة هكذا هناك إجراءات معقدة كثيرة
سلوى : (باندهاش) أمن الممكن أن أكون قد عثرت على أخي بعد هذا الفراق الطويل و لا أستطيع أن أصل إليه ( تجلس على ركبتيها على الأرض
واضعة يديها على عينيها و تجهش بالبكاء )
أم سلوى : ( تجلس بجوارها و تضمها بحنان و تذرف هي الأخرى الدمع ) لقد صبرتي سنينا فلن يكون صعبا أن تصبري أياما معدودات
سلوى : ( تنظر إلى أمها ثم تميل رأسها على صدر أمها)