عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 21-05-2013, 02:22 AM
الصورة الرمزية oummati2025
oummati2025 oummati2025 غير متصل
مشروع حراس الفضيلة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
مكان الإقامة: morocco
الجنس :
المشاركات: 877
الدولة : Morocco
افتراضي رد: عودة شادي- رواية جميلة أعجبتني

الحلقة التاسعة عشر - دماء فلسطينية :

محمود و زيد يجلسان و أماهما أوراق كثيرة و خرائط في المخبأ

زيد ينظر إلى محمود نظرة تقدير ) ما شاء الله يا أخ محمود . لقد وضعت خطة في غاية الروعة و الفاعلية. لقد اقتنعت بها كل الاقتناع و يبقى أن أنسق بيني و بين الفصائل الأخرى .
و كيف وضعك مع الفصائل الأخرى في غزة ؟

محمود : مشكلتنا الأساسية هي الفرقة فيما بيننا . و لكن أسأل الله عز وجل أن يؤلف بين قلوبنا و يوحد صفوفنا

زيد : آمين

محمود : أريدك يا أخ زيد في خدمة شخصية

زيد : ( باهتمام شديد )تحت أمرك

محمود : أنا أنتمي في الأساس إلى هنا إلى قانا

زيد : (بانبهار ) أنت من قانا !

محمود : نعم و لكني أحد ضحايا مذبحة قانا و قضيت عمري في غزة بعد أن فقدت ذاكرتي تماما و الآن أريد أن أعرف هل لي أهل باقون على قيد الحياة؟

زيد : ( متعجبا ) أنت ثاني شخص يطلب مني هذا و العجيب أن الطلب الآخر من العم عبد الرحمن من غزة

محمود : ( باندهاش ) معقول

زيد : و لقد أرسل إلي بملابس طفل صغير لأستدل بها

محمود بدهشة وارتباك ) هل لي أن أرى هذه الملابس؟

زيد : بالطبع ( ينهض و يسير قليلا حتى يصل إلى الباب , يفتحه و ينادي على أحد الرجال و يتحدث معه بصوت غير مسموع . يقف قليلا و يتناول شيئا من خلف الباب و يعود لمحمود و بيده الملابس. يمد يده بها إلى محمود )
هذه هي الملابس التي استلمتها

محمود : ( يتفحص الملابس ) هذه الملابس كنت أراها أسفل سرير أبي رحمه الله . هل من المعقول أن تكون لي و لم يخبرني بها ؟

زيد : هذه الملابس ستسهل علينا قليلا إيجاد الشخص المطلوب.فإذا افترضنا أن هذه الملابس ليست لك. ما هي معلوماتك حول أهلك أو مكانك؟

محمود : ( بحيرة ) ليست لدي أي معلومات و أنا لا أتذكر أي شيء

زيد : لو كان الأمر كذلك هل تعلم عدد الأطفال التي فقدت أعتقد بالمئات؟

محمود : ( بتوسل ) أرجوك يا زيد يجب أن تساعدني.

زيد : ( بإشفاق ) سأفعل كل ما بوسعي. لا تقلق. ( يبتسم و يصمت قليلا) إلى الآن لم أقم بواجب الضيافة نحوك. سأحضر لك الطعام لتأكل ( محمود كان يريد التحدث) أرجوك لا تتعذر بأي عذر يجب أن نكرمك

محمود : ( يبتسم ) حسنا


**********


التلفاز يعرض صوت أعيرة نارية في الشوارع و آثار دخان يتصاعد من المباني.ويظهر رجل ملثم يختبئ خلف جدار أحد البيوت ممسكا بسلاح آلي يطلق منه الرصاص . ثم تظهر بيوتا تتصاعد منها الدخان .

صوت التلفاز :وما زالت المناوشات القتالية بين الفصائل الفلسطينية مستمرة .وبلغ عدد القتلى ثلاثة و المصابين حوالي العشرين .و اجتمع القادة الفلسطينيين صباح اليوم و في نهاية الجلسة طالبوا بإنهاء القتال و شددوا بضرورة توحيد الصفوف . و كان الخلاف يدور حول تولي السلطة وأيهم أحق بالسلطة. وقد تحول الجدل السياسي إلى جدل مسلح يسقط على أثره أبرياء لا يريدون سوى السلام .
وكل يوم يمر تسيل معه الدماء الفلسطينية أنهارا إما بأيدي قوات الاحتلال أو بأيدي الفلسطينيين أنفسهم.
هذا الشعب يأمل أن تجف هذه الأنهار و يعم السلام عليهم و لو يوما واحد فقط.


حسام يقف بين أربعة رجال منهم وليد في المخبأ

حسام : ( بغضب شديد) ماذا يفعلون ؟ إنهم يفعلون ما يريدون الصهاينة . نحن نقتل بعضنا البعض .هل هناك عاقل يقول هذا؟ .أنحن نريد أن ندافع عن بلدنا أم نقاتل أنفسنا . ماذا يريدون من السلطة؟ . أحكم الجاهلية يبغون ؟ . أية سلطة يتقاتلون عليها ؟.أهي سلطة احتلال جديد تريد أن تسيطر على ما تبقى لنا من حرية ؟ أم زعامة فارغة لا تسد رمق أي فلسطيني؟. لا يجب السكوت على هذا . لا يجب أن نبقى هكذا لا نحرك ساكنا .

( يطرق الباب)

وليد : من؟

صوت محمود :محمود

( يفتح وليد الباب و يدخل محمود)

محمود : السلام عليكم يا رجال ؟ ما هذا الذي يحدث؟

( يرد الرجال السلام )

حسام : ( بأسف ) لقد اختلفوا على من يتولى السلطة ؟

محمود : أية سلطة يتحاربون عليها . نحن تحت وطأة احتلال غاشم و هم يتقاتلون على الفتات بدلا من أن نتكاتف للقيام بدولة ذات سيادة

حسام : كنت للتو أتحدث عن هذا . و لكن ماذا يمكننا أن نفعل ؟

محمود : ( يفكر ) يجب أن نجتمع مع أطراف النزاع لإيجاد حل يخرجنا من هذا المأزق . بالإضافة إلى أن خطتنا ستدمر تماما. سأتصل برجالنا في الطائفتين لمعرفة مزيدا من التفاصيل. ( يعود أدراجه متوجها إلى الباب ثم يتذكر شيئا فينظر إلى حسام ) حسام أحتاج أن أتحدث معك , بعد إذنكم يا إخواني

حسام : هيا بنا سأغادر معك. ( ينظر إلى الرجال ) أراكم فيما بعد يا رجال.

( حسام و محمود بصوت متداخل )السلام عليكم.


*********

سلوى تدخل من باب البيت فرحة جدا و تندفع مسرعة إلى الداخل

سلوى : أمي . أين أنت يا أمي؟

( تندفع سلوى اتجاه غرفة و تخرج أمها منها فيكادان يصطدمان و لكن تتمالك سلوى نفسها )

سلوى : لقد كرموني في الجامعة يا أمي و تقرر إعادة الاختبار , الذي لم أختبره , لي وحدي

أمها : ( بسعادة ) بالتوفيق يا بنيتي أنت تستحقين كل الخير

سلوى : كما أقاموا حفلا لتكريمي و قد أعطوني شهادة الطالبة المثالية

أمها : بوركت يا بنيتي و حفظك الله من كل مكروه

سلوى : لقد فاجئوني بذلك . و كم كانت مفاجأة رائعة

( تعلو صوت طرقات من الباب )

سلوى : ( بمرح ) سأفتح أنا ( تتوجه عند الباب و تقف خلفه ) من ؟

صوت : أنا زيد

سلوى : ( بسعادة تفتح الباب ) مرحبا يا زيد

زيد : ( يحمل في يده حقيبة بلاستيكية و يبتسم )كيف حالك يا سلوى؟

سلوى : الحمد لله بأتم صحة و عافية . تفضل بالدخول (يدخل البيت و تغلق سلوى الباب و تصدع بالصوت ) أمي زيد هنا . ( تنظر إلى زيد) تفضل .

زيد : شكرا

( يجلسان )

سلوى : أرى أن جرحك قد تماثل الشفاء

زيد : ( يبتسم ) هذا من فضل الله ثم بعون منك

سلوى : هذا واجبي نحو أخ عزيز

زيد : ( بخبث ) أخ فقط

سلوى : ( مبتسمة ) نعم فقط .( وتصمت قليلا ) حتى الآن

زيد يبتسم ) سأقبل بهذا مؤقتا

سلوى :أخبرني ما سبب هذه الزيارة المفاجئة؟

زيد : أولا أتيت لأقوم بتهنئتك على هذا الأداء الذي يستحق كل إشادة و الذي بالفعل كان فخرا لنا جميعا

سلوى : هذا من فضل الله و توفيقه

زيد : ثانية أريد منك خدمة ثانية و أنا و الله في أشد حالات الخجل لإثقالي عليك هكذا و لكنك للمرة الثانية خير من يقوم بهذا الأمر لأنك طبيبة البلدة و مرتادينك كثيرون و كذلك إنك لا تثيرين الريبة إذا قمت بهذا .

سلوى : تحت أمرك يا زيد

زيد : ( يخرج من الحقيبة ملابس الطفل الصغير ) هذه الملابس لطفل صغير وجد أثناء المذبحة ( يتغير وجه سلوى و عيناها قد أوشكت أن تخرج من محجريهما ) و قد طلب مني أحد الأصدقاء أن أبحث عن ذويه و ...

سلوى تصرخ سلوى و قد جحظت عيناها ) شااادي ( وما تلبث حتى ترتمي على الكرسي فاقدة للوعي و النطق )

زيد : ( وقد أصابه الهلع ) سلوى . سلوى ما بك ؟

(تخرج أم سلوى من الغرفة على إثر الصرخة )

أم سلوى : ( تركض) ماذا حدث ؟

زيد : ( وما زال مرتاعا ) لا أدري يا أماه كنت أتحدث معها و أريتها هذه الملابس لطفل مفقود كان يبحث عن أهله فإذا بها تصرخ و تفقد الوعي

أم سلوى : ( تلطم وجه سلوى بخفة و هي تكاد تبكي ) سلوى بنيتي . أفيقي يا سلوى

زيد : ( بارتباك ) هل لديك عطر أو بصل أو شيء نفاذ الرائحة؟

أم سلوى : (و بدأت الدموع تترقرق من عينيها تنهض راكضة إلى الداخل) سأحضره ( لا تستغرق إلا ثوان وتعود ببصلة تضعها تحت أنف سلوى ) أفيقي يا بنيتي

( يتأثر وجه سلوى ويتحرك وجهها ثم تفتح عينيها بالتدريج ثم تنظر إلى ما حولها لوهلة )

سلوى : ( بذعر ) أين شادي ؟ أين أخي ؟

أمها : رحمه الله يا بنيتي

سلوى : ( تنظر إلى زيد بعصبية) أين وجدت هذه الملابس ؟

زيد : ( بارتباك ) لقد أرسلت لي من غزة لأبحث عن أهل صاحبها

سلوى : ( وهي تبكي ) هذه لشادي

زيد و أم سلوى في كلمة واحدة : ماذا؟

سلوى : ( تنظر إليهم وهي تبكي ) هذه كانت ملابسه عندما رأيته آخر مرة .( تمسك بتلابيب زيد ) أنت تقول إنه في غزة.ما اسمه ؟أين يقطن ؟ أين يعمل ؟ أهو بخير ؟

زيد : ( يمسك ذراعيها ) هوني عليك .أنا ما زلت لا أعلم أي شيء و لكني سأخبرك في القريب العاجل .سأقوم ببعض الاتصالات ...

سلوى : ( تقاطعه و هي تنهض من كرسيها ) سأذهب إلى غزة ( تجد السعادة طريقها إلى وجهها) يجب أن أعثر على أخي.( تمسك بكتفي أمها ) هل تصديقين يا أمي لقد وجدت أخي

أم سلوى : ( و تنساب الدمع من عينيها ) اللهم لك الحمد الذي جزا صبرك خيرا

سلوى : ( بحماس ) سأجهز حقيبتي و سأغادر الآن ( وتهم بالمغادرة )

أم سلوى : هوني عليك يا بنيتي إلى أين ستذهبين و أنت لا تعلمين أحدا هناك ( و هي تمسك بذراعها برقة )

زيد : وكذا لا يمكنك أن تعبري الحدود بسهولة هكذا هناك إجراءات معقدة كثيرة

سلوى : (باندهاش) أمن الممكن أن أكون قد عثرت على أخي بعد هذا الفراق الطويل و لا أستطيع أن أصل إليه ( تجلس على ركبتيها على الأرض
واضعة يديها على عينيها و تجهش بالبكاء )

أم سلوى : ( تجلس بجوارها و تضمها بحنان و تذرف هي الأخرى الدمع ) لقد صبرتي سنينا فلن يكون صعبا أن تصبري أياما معدودات

سلوى : ( تنظر إلى أمها ثم تميل رأسها على صدر أمها)
__________________
أحيانا نحتاج وقفة من اللهاث المتسارع، لنعيد التصالح مع أنفسنا وإعادة حساباتنا في الحياة الدنيا، وتصحيح المسار والقناعات والمفاهيم لتناسب حقيقة الحياة ومآلها وما ينتظرنا من سعادة أو شقاء والعياذ بالله

أختكم: نزهة الفلاح
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.32 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.86%)]